Thursday, April 19, 2012

شرفاء الوطن الهدف والأولويات

 
 
{ لابد من وجود (مشروع وطني) يعمل الجميع عليه حكومة وشعبا، لمواجهة المستجدات والمتغيرات والتهديدات والمخاطر، التي ضيعت حتى الآن سمات أصيلة في مجتمعات عربية كبيرة، ويراد بها جر هذا البلد الذي كان مضرب المثل في أمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وتعايش الأديان والمذاهب فيه، يراد اليوم جر بلدنا إلى ذات سكة الفوضى، وحيث مسيخ العصر الدجال، يلعب بكل ما أوتي من دهاء وقوة وخبرة استعمارية طويلة على الأخلاقيات ليجعل اللاأخلاقي هو السائد، وعلى الانسانية ليجعل اللاإنساني هو السائد، وعلى ردود الفعل المنفلتة للشعوب، ليجعل من غضبها نارا تحرق الوطن، قبل ان تحرق أي شيء آخر، وليلعب على الطائفية وعلى العرقية، وعلى كل ما يفرق ولا يجمع، فهي جميعا وغيرها الكثير، وقود النار التي يحرق بها البشر والأوطان، ثم كما قرأنا عن المسيخ الدجال في آخر الأزمان، يصور للناس الجحيم جنة والجنة جحيما، ليفتتن الكثير من البشر به، وهو ما يفعله دجال العصر اليوم، حيث هو يفتن الناس بالكلمات والشعارات، ويلعب على أحلامهم، فيندفعون خلفه معتقدين ان ارضه هي أرض الأحلام، وانه سيحقق الخير لهم، فاذا بالنتيجة خراب ودمار وفوضى، وقتل وحرق وجنون، وتراجع عن الأخلاقيات وعن المبادئ الإنسانية، لأنهم ببساطة حين سمحوا له بأن يلعب بعقولهم وبوعيهم وبأخلاقياتهم، سمحوا له بالنتيجة ان يحولهم إلى «مسوخ»لا هدف لها ولا غاية الا العنف والتخريب وتجاوز كل المحرمات، وهو ما حذرنا القرآن الكريم منه. }
هذا ما يفعله اليوم بعض ابناء الأوطان، الذين تدربوا على يد المعاهد والأكاديميات والمراكز الصهيونية، ولا نستثني منهم أحدا سواء في المنطقة العربية أو غيرها.
{ ولهذا فان اليوم أهل الفاتح، ومن نصبوا أنفسهم قيادات لهم سياسية أو دينية أو مجتمعية أخرى، ومن يقود منابر توجيه الرأي والوعي سواء كانت منابر تقليدية أو منابر حديثة، كوسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية، فهم جميعا مدعوون وبقوة إلى فرز ما يحدث حولهم، وما يحدث في وطنهم البحرين، وما يراد لخليجهم العربي، الحيوي والاستراتيجي، من مآلات ونهايات حزينة هم في خير منها اليوم، ووسيلة من يخطط ويستهدف أمران يخرج عنهما الكثير من الفرعيات والهوامش وهما:
الأول: الأفكار.
والثاني: البشر كأدوات مستهدفين بتلك الأفكار. }
المعركة اليوم والحرب الراهنة على المنطقة العربية وعلى الخليج العربي ومنه البحرين، هي (معركة فكرية) بالدرجة الأولى، وحرب على الانسان وجذوره الوطنية والقومية وأخلاقياته ومبادئه الانسانية، فان تم تجريده من كل ذلك وسقط الانسان ووعيه في خضم الحرب القائمة، اصبح مجرد أداة لتنفيذ المخططات والمشاريع التدميرية ضد وطنه وضد شعبه وضد أمته وضد هويته، وزاده أو أدواته في كل ذلك بعض الشعارات والأفكار حول الحرية والديمقراطية وغيرهما، وهي لتعمية العقول والقلوب.
فماذا نستفيد من حريات وغيرها، حين يُلقي المستعمر الجديد شراكه علينا وعلى أوطاننا، ونتحول إلى ادوات لتنفيذ مخططاته، والسؤال الجوهري: هل نكون بعدها فعلا أحرارا؟ هل سنكون ديمقراطيين ونحن كقطع الشطرنج يتم تحريكها؟ هل سيتحقق المنشود من التغيير؟
{ هنا يأتي دور الهدف ودور الأولويات على أرضية الوعي الحقيقي بكل ما يحيط بنا وما يراد لنا والغايات التدميرية التي يسوقوننا نحوها تحت غطاء الشعارات البراقة.
وفي هذا فان الهدف الذي يجب على كل شبابنا الوطني أو الموالي لوطنه عن صدق، ان ينتبه جيدا للفخاخ المنصوبة له في كل مكان، فلا الفئة التي تسمي نفسها المعارضة وتحتكر هذه الصفة لنفسها، هي معارضة حقيقية كالمعتاد، بمعنى انها تعمل من اجل الوطن والشعب ونهضتهما ورقيهما، والا ما كنا رأينا منها كل ما هو نقيض لذلك، بل ما هو تدميري وتقسيمي وطائفي، ولا هي عروبية محافظة على هوية هذا الوطن وانتمائه وجذوره وتاريخه وحضارته، والا كان قد نطق قادتها كأبسط مثال: ان الخليج عربي، ولا هي ديمقراطية فمرجعيتها الدينية واستبداد تلك المرجعية ودعوتها إلى السحق والكراهية للآخر تؤكد ديكتاتوريتها وتسلطها وليس شيئا آخر، أما الشعارات التي ترفعها، فهي كذر الرماد في العيون، وحق يراد به باطل، لذلك فكل من يتقرب من ضفة (الوفاق) أو اتباعها، ومن يرفع معها شعاراتها أو بعضها فليدرك انه قد دخل (الفخ المحلي). }
بالمقابل فان فخاخ الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، هي كثيرة ومتنوعة بل باذخة في عطاياها ودعمها على المستويات كافة لكل جماعة أو أفراد أو مكونات في الشعب تقبل الدخول في لعبتها، والتدرب عليها، لتتحول إلى دمى متحركة في يدها، وهي تظن انها مع التدرب قد تحولت إلى جماعات حقوقية وديمقراطية وإلى نشطاء مستقلين وإلى إمكانيات مفتوحة للتغيير، حسب رغبتها هي كجماعات فيما هي تتحرك حسب رغبة الدولة أو الدول التي تتلاعب بها عبر منظماتها ومراكزها واكاديمياتها المشبوهة، المأمورة بأوامر الرؤوس المدبرة التي تدير اللعبة كلها.
هذه هي الحقيقة الخطرة، وهذه هي أصول اللعبة بين القوى الداخلية التي تسعى إلى تغيير نوعي مطلوب من دون غيره، وبين القوى الخارجية التي تحركها لتعبث بأوطانها، فما هو هنا دور أهل الفاتح والشرفاء في كل ذلك؟
وما هو هدفهم؟ وما هي أولوياتهم؟
{ حين تحرّك أهل الفاتح في فبراير ومارس ٢٠١١، ونُصب أعينهم هدف واحد لا ثاني له، وهو حماية الوطن من عبث من تُسمي نفسها المعارضة (الوفاق + الأتباع + الجمعيات غير المرخصة وغير القانونية) فإنني أستغرب اليوم أن لدى البعض منهم، أفكارا يبدو أن هذا الهدف الأساسي الجامع لكل الشعب من الشرفاء المخلصين قد تراجع، أو كأنه لم يعد الهدف الأساسي، فأصبح هؤلاء يشتتون وعي الشرفاء في اتجاهات فرعية على الرغم من أن التهديدات والمخاطر مستمرة وبقوة أكبر، وإن تراجع مظهرها (المحلي) المباشر بعد فشل الحراك الانقلابي الطائفي في فبراير - مارس ٢٠١١، وتعطله بصيغة (مؤقتة) يسعى أصحابها بكل الطرائق إلى إعادة هذا الوطن إلى سكته، وعبر أعمال عنف وتخريب وإرهاب ممنهج، وتصاعد في آليات الخطاب الديني المنبري والخطاب السياسي والإعلامي والحقوقي المفبركة والخادعة، واستقواء أكبر بالخارج وتنويع في مصادره ودوله وصولاً إلى روسيا وغيرها، فهل تراجع هؤلاء عن مخططهم أو نياتهم؟ وهل تراجع المخطط الأساس في الخارج الذي يغذيهم ويدعمهم ويمولهم ويدربهم؟
لماذا إذاً شعور بعض الشرفاء بالطمأنينة؟ ولماذا التراجع عن الهدف الأساس الذي هو حماية البحرين والدفاع عنها؟ }
وإذا كان الدفاع عن البحرين هو أعلى سلم الأولويات وحيث من المفترض أن المسافة بينه كهدف أول وبين ما يليه من أهداف هي مسافة كبيرة، فلماذا طرح شعارات لا تفيد ترسيخ المهمة الأولى، بل تبعد الشرفاء عن تلك المهمة، حين ترديد ما يفيد أن هناك اختراقا ما قد حدث في وعي بعض أهل الفاتح، فأصبحت مهمتهم الأولى هي خلخلة العلاقة بين أبناء أهل الفاتح وبين النظام الشرعي، بل انجر هذا البعض نحو فلسفة من تُسمي نفسها المعارضة، حيث الانجرار وراء التطاول على رأس القيادة السياسية وجسدها، ومن حيث اكتساب البعض الآخر تدريجيا لغة التخريب على أرضية ردات الفعل المنفلتة، بل انساق البعض وراء شعارات مطلبية غير متوافقة زمنيا وجوهرا مع المصلحة الوطنية، فهذا البعض انساق بدوره وراء فكرة التغيير حسبما يريده المخطط الخارجي، لتنفتح بعدها أبواب الصراع مشرعة لطلاب السلطة والساعين إليها، فهذا يريدها شعبية طائفية، وذاك يريدها في اتجاه آخر، لتجد بعدها الدولة الكبرى أن خيوط اللعبة عادت بقوة إلى أصابعها، فتلعب على غايات الفوضى والاقتتال الطائفي كما لم تلعب قط.
{ إن الهدف الأساسي الذي أخرج أهل الفاتح إلى ساحة الجامع الذي تسموا باسمه، بسبب تأثيره التاريخي في حماية البحرين وتعديل الميزان وتوازن القوى الداخلية، يجب ألا يغيب عن كل الأذهان لحظة واحدة.
ومن هذا الهدف الأساس وهو الدفاع عن البحرين تتفرع الأولويات وتتفرع أساليب العمل على خريطة الطريق التي يجب العمل وفقها شعبيا ورسميا لحماية الوعي الوطني من أي اختراق غير مرغوب وغير مطلوب لأنه اختراق خارجي لتوجيه الوعي المحلي في اتجاه خريطته هو وأهدافه هو بالضرورة.
ومن أولويات خريطة الطريق هذه للدفاع عن البحرين هي مواجهة من تختطف صفة المعارضة لنفسها، وكشف حقيقتها على الملأ الخارجي عربيا ودوليا، وفرز سلوكاتها الإرهابية عن غطاء الشعارات المطلبية الخادعة، مثلما توضيح الصورة حول توزيع الأدوار بين (الوفاق وأتباعها) وبين (الجمعيات غير المرخصة) وبين الغاية التي توحدهم معاً، وهي إسقاط النظام الشرعي، واستبدال جمهورية أو نظام طائفي موالٍ لجمهورية الولي الفقيه الأم به، أي العودة ألف عام إلى الوراء، فهل هذه مهمة إصلاحية أو ديمقراطية مثلاً؟
× مواجهة هؤلاء في الداخل وإضعافهم بكل الوسائل هما تخليص للشعب البحريني بكل مكوناته، حتى للطائفة الشيعية نفسها، من مستقبل معتم ينتظرهم لن يختلف عن وضع (شيعة الأحواز العرب) وعن وضع المواطن الإيراني أيا كان مذهبه أو عرقه وعن وضع السلانة في جمهورية النفاق الطائفية، وحيث لا يوجد مسجد واحد لهم في طهران.
يجب تركيز كل الجهد والقوى الشريفة والوطنية لإفشال مخططات الفئة الباغية على بقية الشعب، لسلب هذا الوطن من أمنه وسلامة مواطنيه وإسقاط الدولة والنظام والقانون والدستور لإرجاعه إلى الوراء، أن يتوحدوا ليشكلوا قواماً متماسكاً لـ(معارضة وطنية) تعرف لماذا هي تحافظ على شرعية نظامها، ولماذا تتمسك به، مثلما تعرف كيف تدافع عن وطنها، وتعرف معهما كيف تُسدد ضرباتها إلى فئة انقلابية طائفية، أضرت ليس بالوطن وبقية المكونات الأساسية، وإنما أضرت بالدرجة الأولى بالطائفة التي تنتمي إليها، ولذلك تجب التفرقة، وكما نقول دائماً، بين القيادات الانقلابية في كل المجالات، والصفوف المختبئة التي تتدرج خلفها، صف أول وثانٍ وثالث وهكذا، وأن إضعاف هؤلاء لا يعني إضعاف الطائفة كلها بل يعني إنقاذا للطائفة من أسباب الضرر التي أوقعتها القيادات الانقلابية عليها، فواحد من أكثر الأوهام التي زرعتها القيادات الانقلابية في روع سواء الدولة أو غالبية الشعب أو العالم، أنها هي والطائفة شيء واحد، وأنها هي والشعب البحريني شيء واحد.
هذا واحد من أخطر شعارات الحرب النفسية التي مارستها على الجميع، ولذلك أوهمت الداخل والخارج أيضاً بـ (أنها وحدها من يُمثل المعارضة) وأنها وحدها من يمثل الطائفة، وأنها وحدها من يمثل الشعب. ولذلك فإن أولى الأولويات لتحقيق هدف الدفاع عن البحرين هي إضعاف هذه القيادة الانقلابية، وفضحها، وكشفها، وكشف زيفها وعبثها بكل المكونات، ثم حصارها حتى القضاء عليها لاحقاً فلا يعود بيدها العبث بالبحرين وبأهلها لتحقيق أجندة إما إيرانية وإما غيرها.
× حين يتم إضعاف الأدوات المحلية التي تقود حراك العبث بأمن هذا البلد وشعبه، فإنه يعني أيضاً إضعافا للاعبين الخارجيين الذين يعتمدون في لعبتهم على هذه الدمى تحت شعارات كاذبة أنهم المعارضة وأن مطالبهم ديمقراطية وإصلاحية، وأنهم ينشدون العدالة، ولن نسرد هنا ما سلكته هذه الفئة، وما ارتكبته من أفعال إجرامية في حق الوطن، فهي أصبحت معروفة للجميع وهي كلها نقيض ما تدعيه المنظمات الدولية عن الوفاق وأتباعها، فإذا كانت الأولوية أيضاً للدفاع عن البحرين هي مواجهة المخططات الخارجية فإنها حتماً لن تنجح ما لم يتم تفكيك وإضعاف ومواجهة من تدرب لينفذ تلك المخططات في بلده.
واجهوا بقوة وبوعي وبإدراك كامل، وبتضافر بين جهود الدولة وجهود أهل الفاتح وكل الشرفاء، هذا الخطر الداخلي الملعوب عليه خارجيا، ومع هذه المواجهة لا تخلطوا أبداً بين هؤلاء وبين الطائفة، كما تم الإيهام في الحرب النفسية، لأن إضعاف هؤلاء هو تقوية للطائفة وإعادة إليها دورها الوطني الحقيقي وتخليص لها لتعود إلى حضن الأم البحرين.
}
هناك كما قلنا من أوهم الدولة وشعبنا بأن مواجهة القيادات والصفوف الأمامية في كل المجالات السياسية والإعلامية والحقوقية، التي قادت ولاتزال تقود أبجديات الحراك الانقلابي الطائفي، على الرغم من فشله، وإفلاس أصحابه، بأن مواجهة هؤلاء أمر مستحيل، لأنه يعني مواجهة نصف الشعب كما يقولون. وهذا في نظرنا كلام خادع أو مغلوط، وسواء من يطلقه يقول ذلك بوعي أو بلا وعي، فإنه يعني كأن لا حل مع هؤلاء أبداً.
{ الحل هو فصلهم كفئة مهما كانت عن الطائفة أولاً، وفصل وعيهم عن وعي الطائفة ثانياً، لأنهم مجرد تيار واحد في طائفة بأكملها، هو «تيار الولي الفقيه» الذي تسيّد اليوم لأسباب مختلفة داخلية وخارجية على وعي الطائفة وأصبح يقودها ولكن من يقودهم هم ليسوا كل الطائفة الشيعية، وثانياً من دخل في الحراك الانقلابي بقيادة هذا التيار (الولي الفقيه) يخلطون بين المذهب وبين هذا التيار من جهة، ولا يدركون حقيقة عواقب هذا الخلط من جهة ثانية، ولا عواقب الانقياد لأصحاب هذا التيار بزعامات دينية وسياسية من جهة ثالثة وأنه وبال عليهم الآن ومستقبلاً. }
ولهذا فحين تواجه الدولة هؤلاء، أو يواجههم شرفاء الوطن، فيجب الخروج أولا من وهم، أنهم بالفعل يمثلون حقيقة كل الطائفة وكل وعيها، فحتى أولئك الصغار والأطفال الذين يستغلونهم في التخريب والعنف والإرهاب هم مجرد أدوات مدفوعي الأجر، حينها فإن الدولة والشرفاء يواجهون من خرّب وعي نصف هذا الشعب، وكاد أن يجور على النصف الآخر. حتى لو ظهرت صفوف خلفية أخرى للقيادات فيجب أن يكون الحكم في مواجهتهم جميعاً هو ذات الحكَم في مواجهة الصف الأول أي المصلحتين الوطنية والشعبية، والسلامة الوطنية والأهلية، وأمن واستقرار البحرين، وكل ذلك يتم عبر القانون والقضاء وعبر الحصار الشعبي لهؤلاء.
{ إذاً نعود مجدداً للحكَم الأصلي الذي هو القانون والقضاء المستمدان من الميثاق والدستور، فإذا انزاحت (الوفاق) عن طريق الوطن فمهمة الشعب والطائفة الشيعية أن يُخرجوا إلى الأرض من يمثلهم كجمعية وكمعارضة وطنية تضاف إلى معارضة أهل الفاتح أي موالية للوطن أولاً وأخيراً، ومحافظة على مصالحه ومصالح بقية مكوناته، ومراعية للقانون والمؤسسات ومبادئ الميثاق والدستور اللذين هما أساس المشروع الإصلاحي برمته، وعاملة وفق الديمقراطية المتدرجة والإصلاح الذي يخطو خطوات ثابتة لم تخطها دول عربية كثيرة، وغير متجاهلة لهوية البحرين ولا لانتمائها إلى العمق الخليجي الاستراتيجي، وهذا ما لا تفعله «الوفاق وأتباعها» اليوم وما لا تفعله الجمعيات غير المرخصة، لأنها معاً وباختصار تخرب كل ما سبق، وتعبث بمصير وطن وشعب وترهنهما مباشرة أو غير مباشرة لأطماع إقليمية ودولية خارجية، وعلى الطائفة الشيعية وشرفائها مواجهة هذه الإشكالية بتشكيل جمعية سياسية وطنية بديلة عن (الوفاق). }
إذاً لا (الوفاق) ولا أتباعها ولا بقية الجمعيات ذات البضعة الأفراد، لا بديل لهم في البحرين، بل هناك بديل وطني لهم جميعاً ومن خلاله يجب إبعادهم عن الساحة السياسية، لأنهم باختصار أخلوا بكل قوانين اللعب فيها، وهذا ما يجب أن يعيه شرفاء هذا الوطن وأن تعيه الدولة أيضا وأن يعيه شرفاء الطائفة الشيعية، وأن يكفوا معاً عن التصرف كأن (الوفاق) وذيولها قدر لا خلاص منه ولا بديل عنه ولا فكاك منه، وأنها وحدها الطائفة والشعب.
ولهذا حين نقول شرفاء هذا الوطن، فنقصد الشرفاء من كل المكونات، الذين يجب أن يدركوا أن إحدى أهم أولوياتهم للدفاع عن البحرين كهدف أساسي، هو مواجهة وحصار من يعبث بالبحرين، وأيا كان مسماه، وأول المواجهة سحب صفة (المعارضة) عن هؤلاء بكل الإمكانيات الفكرية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، التي تملكها الدولة ويملكها الشرفاء، وجعلها معركة أساسية لكسب الحرب النهائية عليهم، ويجب كشفهم أمام العالم (بأنهم ليسوا معارضة) لأنهم ببساطة أخلوا بكل قيم ومبادئ المعارضة الوطنية والإصلاحية التي تسعى إلى خير الوطن ونهضة شعبه.
هؤلاء مجرد أدوات يحركها الخارج ويجب على الدولة مواجهتهم بالقانون والدستور والمحاسبة والعقاب، وإحراج الدول الكبرى ومنظماتها بالمنطق القوي الذي يفيد في تفنيد حقيقة هذه الفئة التي تسمي نفسها معارضة. وبذلك يتم إضعاف المخططَين الداخلي والخارجي المرتبطَين ببعضهما بعضا، اللذين يغذيان بعضهما بعضا، ويبتزان الدولة، ويتلاعبان بمصير وطننا وشعبنا وأجيال المستقبل.
{ لا مصالحة مع الإرهاب أو العنف أو مع من يتبناهما أو يدعمهما أو يدافع عنهما. بهذا تسترد الدولة سيادتها وهيبتها، ومع الاتحاد الخليجي القادم تسترد أدواتها الأقوى في مواجهة القوى الخارجية العابثة بأمن الخليج عبر البوابة البحرينية.
الحرب مكشوفة وأدواتها مفضوحة، وهي (حرب مصيرية) بكل معنى الكلمة، لأنها اليوم وصلت إلى العظم، وإلى الاعتداء حتى على هوية بلداننا ومحاولة إلحاقها بالطامع الإيراني وأجندة الغربي الذي يريد كلاهما إقامة إمبراطوريته على حساب سلامة أوطاننا وشعوبنا. }
وهذا ما يجب أن يعمل عليه الشرفاء في هذا الوطن ودعم الدولة وتوجيهها نحوه، لأنها النصيحة الصادقة والمخلصة، للدفاع عن البحرين كهدف جوهري لا ثاني له، وبعدها تأتي الأولويات الأخرى مثل مكافحة الفساد المالي والإداري والقضايا الوطنية المختلفة، التي هي في جانبها الإصلاحي والمعيشي قضايا ذات ديمومة، بمعنى لا يمكن الانتهاء منها، مع رغبات أي شعب في التطور الدائم، ولا ننكر في هذا أن يتزامن العمل على كل القضايا الوطنية والشعبية، فهذه سنة الحياة حتى في خضم وجود التهديدات والمخاطر وقضية الدفاع عن البحرين، ولكن الذي نقصده هو عدم ضياع الوعي الوطني في التفاصيل ونسيان العمل الدؤوب على الهدف الأساسي الذي من دونه يضيع بلدنا، ومثلما عاش الوطن متآلفا متحابا، بعيدا عن أدوات العبث به، لابد أن يستعيد عافيته لا من خلال التسامح مع من يعبث ويدمر ويخرّب، وإنما من خلال الحسم في المواجهة وإبعاد وإضعاف من يعمل في تلك الاتجاهات أو يدافع عنها، واستعادة الطائفة الشيعية هويتها الوطنية التي ضربها من يدعي بأنه يمثلها.
حينها بالإمكان أن يعود الوطن إلى طبيعته، بعد أن يُجري عملية استئصال للغدد والخلايا السرطانية، التي تعمل ليل نهار للقضاء عليه، وإلحاقه بجغرافية السيناريوهات الحاقدة والمتآمرة، التي وصلت اليوم إلى حد محاولة اللعب على وعي بقية المكونات لإنجاح مخططها الانقلابي الغادر، الذي سيعيد هذا الوطن الناهض إلى الوراء ألف سنة.

فوزية رشيد
 
المصدر: