تقول الوفاق ومعها عيسى قاسم مرجعيتها الفقهية؛ إن الحوار يكون بين صاحب ''رأي'' وصاحب قرار، ذلك صحيح حين يكون الموضوع الذي يتحاوران حوله حصراً عليهما، أما والوطن به عدة مكونات (مواطنون وحكم) فالحوار أولاً: يكون بين كل الأطراف التي سيلقى عليها تبعات مخرجات ذلك الحوار، فإن اتفقت الأطراف على أمر ما فعلى الجميع الالتزام بما توافقوا عليه بما فيهم الحكم. ثانياً: قد تكون لدى الوفاق أولويات إصلاحية؛ لكن ليس بالضرورة أن تكون تلك الأولويات لدى بقية أطراف الوطن، فلا تحدد الوفاق أولويات المجتمع الإصلاحية نيابة عنهم ولا تدعي أنها تحتكر منصب متحدثهم الرسمي. الحوار سيعقد بين البحرينيين أولاً من أجل إيجاد توافق بينهم على الأولويات، فإن توافقوا عليها لابد أن يتوافقوا على آلية إصلاحها، ومن ثم سترفع للجهات المختصة من أجل التنفيذ، فالشعب هو سيد قراره وكل الآخرين جهات منفذة، وهذا ما سيلزم به البحرينيون الجهات التنفيذية -بما فيها الحكم- كجهة إصدار مراسيم أو السلطة التشريعية كجهة تشريع أو الحكومة كسلطة تنفيذية، وهذا ما تعهد به جلالة الملك أمام العالم أجمع وتعهد به سمو ولي العهد وما تعهد به كل البحرينيين. إنما أَتفق مع الوفاق حول نقطتين لابد من حسمهما قبل بدء الحوار: النقطة الأولى: هي سؤال: ماذا لو لم تتوافق مكونات المجتمع البحريني على بعض الأمور؟ هذه النقطة لابد أن تكون واضحة للخطوات التي تليها، وهناك العديد من الخيارات إنما لابد من الاتفاق على أنها كلها خيارات سلمية حقيقية، لا سلمية ''ورود'' الوفاق الكاذبة، إذ قبل أن نبدأ الحوار لابد أن نتفق أنه في حال اختلفنا ولم نتفق أن خياراتنا لابد أن تكون مشروعة وسلمية حتى يجلس الجميع بلا تهديد من طرف لآخر، وبلا ورقة ضغط من طرف على آخر. النقطة الثانية: والتي أَتفق فيها مع الوفاق هي ضرورة تهيئة الأجواء قبل بدء الحوار، وهنا نتوقف قليلاً أمام مرئيات الوفاق لتهيئة الأجواء لارتباطها ارتباطاً وثيقاً بالسؤال الأول؛ ما هي خياراتنا في حال الاختلاف؟ فالوفاق تطالب بإطلاق سجناء (الرأي) لتهيئة الأجواء، وهذه أول عقبات تهيئة الأجواء، ليس المطالبة بإطلاق سراحهم بل توصيفهم هو العقبة الكأداء. فإن ظلت الوفاق تصف ما حدث في شهري فبراير ومارس على أنه كان مجرد تعبير مشروع عن الرأي ؛ فإن ذلك يعني أنها ستحسم الخلاف وعدم التوافق بوسيلتها (المشروعة) التي تدعيها وستستمر بما تصفه هي ''حرية رأي''!. إن لم تكف الوفاق عن الكذب حول توصيف ما حدث، وما لم تكف عن استخدام ورقة الضغط الخارجي بالكذب، لتفرض أمراً واقعاً على البحرينيين، فإنها لا تخدم ولا تهيئ الأجواء للحوار. فإن شئتم تهيئة الأجواء فليتوقف كذبكم عند وسائل الإعلام الأجنبية وعند المنظمات الحقوقية الدولية، فتلك الوسائل والمنظمات أصبحت تبني مواقفها ضد البحرين بناء على معلومات تصلها ممن وصفتهم تلك المنظمات ''بالمصادر الموثوقة''، وهي أنتم الذين تكذبون عليها وقلتم لها إن البحرين تسجن الناس بسبب آرائهم السياسية. أوجه سؤالي للمتحدث باسم الوفاق الذي قال للمنظمات ولوسائل الإعلام إن البحرين تسجن الناس عقاباً لهم على آرائهم؛ لِم أنت خارج السجن إلى الآن؟ لماذا لم تحاكم أنت وكثيرون ممن وقفوا على المنصة في الدوار وصرحوا بآرائهم السياسية؟! ألا يضع ذلك علامة استفهام حول بقائك خارج السجن؟ هي واحدة من اثنتين؛ إما أن البحرين لا تسجن أصحاب الرأي، وفي هذه الحالة أنت كاذب وعليك الاعتذار والكف عن الكذب تهيئة للأجواء، وإما أنك صادق والبحرين تسجنهم لكنك خارج السجن لأن هناك أمراً غريباً يتعلق ببقائك خارج السجن، وعادة ما يكون ذلك، لأن السلطة عقدت صفقة معك أخفيتها أنت عن أصدقائك المسجونين، هذان هما الاحتمالان الوحيدان فلا ثالث لهما؛ إما أنك متفق مع السلطة على تصعيد الخطاب حتى تلمع نفسك في الشارع فقط لزوم التوازنات، في حين أن زملاءك يقبعون في السجن، وإما أن البحرين لا تحاكم الناس على آرائهم والمحاكمات ليست على الآراء إنما على ممارسات مجرّمة وفق القانون، اختر واحدة؛ إما أنك خائن لرفقاء دربك أو أن المحاكمين ليسوا سجناء رأي! ثانياً: الكذب حول ما حدث في فبراير ومارس لا يعني سوى تبريره واحتمال العودة له، فهل ما حدث كان مجرد رأي؟ ألم يُقتل وتُقطع أطراف ويُروع طلبة ويتم اختطاف وتُقيد حرية مقيمين ورجال شرطة وتُستخدم أسلحة وتُحتل مبانٍ حكومية ومستشفى؟ هل كان ذلك رأياً؟ الم تمارسوا الإرهاب المخيف؟ دعكم من توصيف الإعلام البحريني، ارجع لتوصيف (أعمامك) الذين تستشهد بآرائهم وحدهم، ألم تصف القائم بأعمال السفارة الأمريكية الوضع بأنه كان ''مخيفاً''؟ ما المخيف إذاً؟ هل (آراؤكم) كانت مخيفة أم ممارساتكم هي المخيفة؟ هل كنتم تعبرون عن آرائكم فقط ومع ذلك خافت الأخت؟ قبل أن يدخل الأطراف للحوار لابد من حسم هذا التوصيف، حتى نجيب عن السؤال الذي اتفقنا عليه جميعاً بداية وهو ما الذي سيحدث فيما لو اختلفنا؟. نأتي الآن لطلبكم الثاني من أجل تهيئة الأجواء وهو إسكات الإعلام، هل عرفتم الآن لماذا تريدون إسكات إعلامنا قبل الحوار؟ حتى يبقى كذبكم وحدكم هو السائد داخل وخارج البحرين. فإن شئتم تهيئة الأجواء للحوار لنتفق على؛ أولاً: توصيف ما حدث، فهل القتل دهساً وتقطيع اللسان وأطراف الأيادي والحرق والخطف والتخريب والتدمير وقطع الطرقات واحتلال المستشفيات والجامعات والمباني الحكومية ومراكز الشرطة وحيازة السلاح وإعلان الجمهوريات وسرقة واستخدام الأدوية والمواد الكيماوية تعبير مشروع عن الرأي؟ وهل ستكون خياراتكم في حال الاختلاف؟ هل القصائد التي تنال من العرض والشرف والدين ستكون وسيلة تفخرون بها وترفعون قبعاتكم لقائلها؟ نريد إجابة عن هذه الأسئلة التي تحدد لنا معاييركم للتعبير السلمي قبل بدء الحوار، لنتفق على أرضية تهيئة حوار ومثل ما لكم حقوق لابد أن يكون عليكم التزامات
سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011
سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011