Monday, June 4, 2012

إلى أمريكا الراعية الماسية لـ الوفاق

سوسن الشاعر
لا ندري حقيقة مدى إدراك الجانب الأمريكي لتركيبة “الوفاق” وتعقيداتها منذ بداية دعمكم لها، أم إنكم تكتشفون تلك التعقيدات الآن فقط؟
فتلك التعقيدات التي يعاني منها الصف الأمامي الجالس مقابلكم ستحول دون دعوتكم ومحاولتكم لعب دور الوسيط معها، وستقف حائلاً أمام أي مخرج أو حل تجدونه لها، وما لم تتعاملوا مع تلك التعقيدات بواقعية فإنكم إنما تضيِّعون وقتكم ووقتنا.
فهناك تعقيدات أيديولوجية بالدرجة الأولى هي التي تحول بين قرار من تجتمعون معهم تحت مسمى (المجتمع المدني) وبين قراركم، “الوفاق” عبارة عن ائتلاف من عدة عمامات أكبرها عمامة عيسى قاسم. فهو صاحب الكلمة العليا والنهائية على بقية العمائم التي تصغر في حضرته. ويأتي موقع الأفندية بعد العمائم الصغيرة بصف طويل، فأصغر عمامة -وهي الأمين العام لجمعية الوفاق- تقول إنها خادمة لعيسى قاسم، فقيسوا على أهمية من اصطف أمامكم، واحكموا بعد ذلك على جدوى اجتماعكم إن كان ذي مغزى أم لا. إنه اجتماع بلا طائل يندرج تحت باب ما تسمونه (بلا بلا بلا)، فالقرار عند صاحب العمامة، وصاحب العمامة وكيل شرعي لخامنئي، والقرار النهائي عند صاحب التوكيل. وحين يقولون لكم سنعود للأمانة العامة فهم في واقع الحال يعودون للعمامة العامة لأخذ رأيها النهائي. هذه ليست تخرصات ولا شماعة تؤخر أو تعوق أو تعقد مساعيكم للحوار، صدقوني نحن نتمنى لكم التوفيق إنما البحرين كلها والعالم العربي والأوروبي والوفود الأمريكية، بما فيها فيلتمان الذي حضر العام الماضي، يعرف أن كل من اجتمعتم معهم لا يزيدون عن كونهم أصفاراً على الشمال. فيا عم سام بلا مجتمع مدني بلا بطيخ، أنتم أول من يعرف أن كل من حضر معكم الاجتماع إن تكلمت العمامة فكلهم يأكلون...!!
من تعتقدون أن له الرأي الأول و الأخير في رفض الحوار أيام الدوار؟ من تعتقدون رفض ورقة ولي العهد في 13 مارس العام الماضي؟ من تعتقدون رفض الخروج من الدوار؟ من تعتقدون رفض وساطات كل الذين حاولوا قبلكم؟ إنه وحده صاحب القرار والبقية خدم له.. قالوها بلسانهم. ليس بينهم رجل يحمل مسؤولية الخروج من المأزق الذي أوقعهم فيه صاحب العمامة، أو يملك الجرأة لأخذ زمام المبادرة، ليس بين الذين جلستم معهم واحد صاحب قرار.
ألا تعتقدون أن هناك من حاول منهم أن يخرج عن النص؛ نعم وجد ونحن نشفق عليه لأنه ترك وحده وتخلى عنه رفاقه يصارع أمواج اللطم التي اصطدم بها، هناك مجموعة أفندية بينهم مساكين حاولوا أيام الدوار ويحاولون الآن، لكن هيهات، فكلما حاول أحد منهم التنصل من صاحب العمامة ونصح الجماعة بالخروج من عباءته ألب صاحب العمامة عليه الجموع وبكى لهم على المنبر، وقال ما أنا إلا خادم لكم و.. و.. و.. و..، فينقلب الموقف لصالحه، و(لعن خير أبو) من حاول أن يجد للجماعة مخرجاً بعيداً عن عمامة السيد، فيكفر ويعزل ويقصي ويهدد فيتوب ويعود للحضن الدافئ يبوس القدم ويبدي الندم. إنها لعبة يتقنها منذ زمن ولا يستطيع أحد الخروج عن أصول اللعبة التي يحددها هو (أكثر الذين يستحقون الشفقة هم السيدات وأصحاب البدل، فهم صفر ما بعد الصفر الأول) بلا قيمة، حتى (مس ببيت) لها القدرة على الخيار أكثر منهم! أقول هذا القول مع احترامي لشخوصهم، ولكنني أتحدث عن جانب محدد وهو القرار النهائي فيما يتعلق بالأوضاع بالعنف بالحوار بالمصالحة، الجواب النهائي لا يملكونه كلهم.
خلاصة القول ما لم يدن صاحب العمامة العنف بصريح العبارة فلن تجد رجلاً واحداً منهم يجرؤ على إدانة الإرهاب والتبرؤ من العنف، وأتحداهم أن يخالفوه بكلمة، الإرهاب ورقته التي يريد أن يحاور بها وبدونها لا ورقة لديه، فإن كافأتم الإرهاب في وطنكم وتحاورتم معه فسنكافئه نحن في وطننا.
الإشكالية الثانية عند صاحب العمامة الذي لم يخرج من الدراز تتعلق بذلك العالم الافتراضي الذي يعيشه، ويجبر الجموع على الدخول معه في فقاعته، فصاحب العمامة يعتقد جازماً أنه لا أحد في البحرين غير جماعته وما عداهم شكليات وهوامش، ليست هناك طوائف أخرى، ليست هناك قوى سياسية أخرى، ليس هناك أصحاب مصالح آخرين، لذلك لن تجد منهم رجلاً واحداً يجرؤ على الدعوة للمصالحة أو الجلوس على طاولة الحوار مع مكونات الشعب البحريني الأخرى، ليس بينهم رجل يملك جرأة الاعتراف بالآخر إلى أن يعترف السيد بهم ويأذن لهم، فكلهم يقولون لكم سنعود (للأمانة) وهي كلمة السر التي يقصدون بها سنعود للعمامة.
أأزيدكم من الشعر بيتاً.. صاحب العمامة رهن بمعتقدات أيديولوجية غاية في التعقيد يصعب عليكم فهمها ولا نحن نفهمها، معتقدات أيديولوجية لها تأثير كبير على قراراته، فهي التي تحدد له من هو مؤمن ومن هو غير مؤمن، ووفقاً لهذا التصنيف سيترتب موقع القرار وكيفيته. فليس هناك مبادئ عامة تنطبق على الجميع؛ بل البشر درجات بمن فيها أنتم، ولكل درجة قيم ومبادئ خاصة بهم، كما إن هناك نظرية خاصة (بالمخلص) هي الأخرى تنعكس سلباً أو إيجاباً على القرارات المعاصرة والخاصة بكل تفاصيلنا اليومية، بما فيها الحوار وإدانة العنف وتمرير قانون الأحوال الشخصية وتمكين المرأة وتمكين الليبراليين، وكذلك العلاقة معكم ومع أسطولكم مستقبلاً وغيرها من الأمور والترتيبات، وكل من اجتمعتم معهم لا يستطيع رجل (مشورب) فيهم أن يقول يمين إذا قال صاحب العمامة يسار.
الخلاصة أنكم اجتمعتم مع جماعة هزلية (ببيت) فيما يتعلق بالقرار، مرهونة للعالم الذي يعيش في فقاعته ومصمم على المضي قدماً وفقاً لمعتقداته الدينية حتى لو أدى ذلك لانتحار جماعي، أنتم تجتمعون مع واجهة للمرجعيات الدينية الراديكالية ولا يغرنكم كل بدلاتهم ونسائهم، فهم جميعاً لا يملكون من أمرهم شيئاً، فلا تضحكون على أنفسكم أو علينا بقولكم إنكم تجتمعون مع (المجتمع المدني)... هههههه مجتمع مدني!!!

قراءة سياسية في حكم محاكمة القرن

عبيدلي العبيدلي
تناقلت وسائل الإعلام حكم المحكمة القاضي “بالسجن المؤبد على الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي لإدانتهما بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع في قتل آخرين في إشارة إلى مقتل متظاهرين أثناء الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك العام الماضي”. وأشار القاضي إلى أن الحكم على مبارك صدر “في ضوء ما أسند إليه فى قرار الاتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع في قتل آخرين، وأدانت المحكمة العادلي بنفس الاتهام”. وقضت المحكمة ببراءة “معاوني العادلي الستة الذين حوكموا في نفس القضية بتهم تتصل بقتل 850 محتجاً أثناء الانتفاضة التي أصيب خلالها أكثر من ستة آلاف محتج. وقال القاضي عن براءتهم “ارتأت المحكمة... أنه إذ لم يتم ضبط جميع مرتكبي جرائم القتل والشروع فيه أثناء الأحداث أو حتى بعدها فلا يوجد قطع أو يقين في اتهام هؤلاء”. بشكل مواز لردة فعل أقارب ضحايا حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، التي طغى عليها الإحباط، حيث كان من المتوقع أن يكون الحكم على من في قفص الاتهام بمن فيهم نجلي الرئيس أشد مما نطق به القاضي، تنادى المواطنون بشكل عفوي للتجمع في ميدان التحرير، كنوع من التعبير السياسي المحتج على ذلك الحكم، وتبعتها القوى السياسية إلى هناك كي يعلن البعض منها، الدعوة إلى “الاعتصام بميدان التحرير إلى أن يتم تحقيق مطالب الثوار بإعادة محاكمة مبارك ونظامه، وعزل شفيق، وتشكيل مجلس رئاسي مدني وإلغاء الانتخابات الرئاسية”. وبدأت الصورة في ذلك الميدان تستعيد الكثير من هيئتها السياسية التي كانت عليها عندما نادت، وقادت إلى الإطاحة بحكم مبارك الذي كرس الفردية وعزز مؤسسة الفساد في مصر على امتداد ما يربو من أربعين سنة من حكمه الفردي. لا شك أن هناك تداعيات قانونية وقضائية ستبرز خلال الأيام القليلة القادمة، البعض منها سيأتي من أعوان الرئيس وبقايا مناصريه، ممن استفادوا من حكمه، تقول بعدالة الحكم وصوابه، في حين سيحاول المعارضون له (حكم مبارك) والمتضررين منه أن يطعنوا في حكم المحكمة ويفندوه. لكن الأهم من هذا وذاك، هو القراءة السياسية لذلك الحكم، والتداعيات التي ستتولد عنه، وتفرض نفسها على مسار حركة الساحة المصرية خلال الأسبوعين القادمين، وهي الفترة التي تفصل الشارع السياسي المصري عن بدء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية، التي يتنافس فيها مرشحان: أحدهما ممثل تيار الإخوان المسلمين محمد مرسي، والثاني، هو آخر رئيس وزراء مصري في العهد السباق على الثورة وهو أحمد شفيق. سياسياً، يمد حكم محكمة ما أصبحت تعرف بمحاكمة القرن، المتابع لخارطة الأوضاع التي أدت إلى إقصاء مبارك، والقادمة التي سوف تتخلق بعد النطق بالحكم عليه بمجموعة من الحقائق التي يمكن تلخيص الأهم منها في النقاط التالية: 1. إن نجاح ثورة 25 يناير 2011 المصرية، في الإطاحة برأس النظام القائم، لا يعني أنها أزالت قواعد الهرم السياسي الذي يرتكز عليه. فبدون الحاجة للتشكيك في نزاهة المحكمة، أو الطعن فيما انتهت إليه المحاكمة، ينبغي الاعتراف سياسياً، أن النظام السابق، ما يزال يحتفظ ببعض المواقع التي تساعده على التأثير على مجرى العدالة في مصر، وأن بين يديه بعض الأوراق التي لم يجرد منها تمكنه من الاستفادة منها عندما تبرز الحاجة القصوى لها. 2. إن توقيت تاريخ انعقاد محكمة النطق بالحكم، بغض النظر عن مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه، كان ذكياً من الناحية السياسية، حيث حاول الاستفادة من انشغال الشارع المصري بمعارك الانتخابات، واستحواذها على اهتمامات ذلك الشارع، كي يمرر الحكم الذي آلت إليه مداولات الوصول إليه. لاشك أن ردود الفعل ستكون أكثر انفعالاً، فيما لو أتت في ظروف سياسية مغايرة، وفي وقت مختلف. 3. إن درجة الشخصنة التي وصل إليها نظام مبارك، أوصلت المعارضة أيضاً إلى شخصنة مطالبها، فحصرتها في الإطاحة بــ “مبارك”، وهو أمر من الخطأ لومها عليه، لكن نتيجته أنها أفسحت أمام مراكز القوى الأخرى من إعادة تنظيم صفوفها، والعودة للمواجهة من جديد، لكن بلبوس مختلفة. يعزز من صحة مثل هذا القول، عودة المرشح الرئاسي أحمد شفيق، وهو من فلول النظام السابق، إلى حلبة الميدان، ونجاحه في الوصول، دون سائر المرشحين الآخرين، باستثناء محمد مرسي، إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وبفارق بسيط عن مرسي. هذا كله، وبالربط بينه وبين ما آلت إليه الأوضاع في ميدان التحرير، يفتح الباب أمام سيناريوهات للمستقبل السياسي المصري يمكن تحديد الأكثر احتمالاً منها في النقاط التالية: 1. تأجيل الانتخابات الرئاسية، دون إلغاء نتائج الجولة الأولى، بمعنى استمرار التنافس بين المرشحين اللذين انتهت إليهما تلك الجولة، مع ارتفاع نسبة حظ مرسي في النجاح نظراً لتأليب المعارضة الشارع المصري ضد خصمه أحمد شفيق، مستخدمة قرار المحكمة للتحذير من احتمالات عودة فلول النظام السابق، والتلويح أيضاً، باحتمال نيل مبارك حكماً بالعفو، فيما لو أصبح شفيق الرئيس القادم لمصر. وقد لوحت استفتاءات الرأي العام التي أجرتها بعض المحطات الفضائية بمثل هذه التحذيرات. لكن تجدر الإشارة إلى أن التأجيل لا يمكن أن يصل إلى درجة الإلغاء، أو حتى إلغاء نتائج الدورة الأولى، كما قد تتمنى بعض الجهات. 2. زيادة شعبية تيار الإخوان المسلمين في الشارع السياسي، الأمر الذي يبيح لهم، ليس إضعاف شفيق فحسب، وإنما تقليص حضور القوى السياسية الأخرى المنافسة لهم، وإزالة تلك الأشد معارضة للبرامج التي بدؤوا يدعون لها، ويروجون لتنفيذها بعد الفوز بمنصب الرئيس. وبالتالي باتت تلك القوى الأخرى، مطالبة ببذل جهود مضاعفة لم تكن ضمن حساباتها السياسية، فيما لو أن الأمور لم تتأثر بما قالت به المحكمة، إن هي أرادت أن يكون لها كلمة مؤثرة في مسار الحياة السياسية المصرية القادمة، التي ستعقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. 3. بروز تكتل سياسي مصري جديد، يستمد مبرراته من حكم المحكمة، ويتزود بطاقة الحركة الذاتية من التحذير من عودة النظام السابق. هذا التيار ستمده مخاوفه الثنائية الأبعاد من وصول أي من المرشحين إلى كرسي الرئاسة، إلى تجييش الشارع المصري، ليس من أجل تغيير نتيجة الانتخابات، إذ لم يعد في الوسع إعادة عقارب الساعة للوراء، لكن في سبيل الحد من نفوذ أي من التيارين: الإخوان، أو فلول النظام، الذي سيفوز في تلك الجولة الثانية. درس في غاية الأهمية ينبغي استخلاصه من التجربة المصرية الغنية بدروسها، وهو أن شخصنة المطالب التي ترفعها المعارضة، توصلها، في كثير من الأحيان، كما شاهدنا في التجربة المصرية، إلى شخصنة الصراع، وكذلك شخصنة نتائجه، وهي مسألة ليس هناك من معارضة تتمناها، طالما أنها تدعي النضال الخروج من حيز شرنقة الفردية الضيق، إلى فضاء الفراشة الرحب

المعارضة.. نحن ضد شروط المعارضة البايخة

فريد أحمد حسن
الأسبوع الماضي انتشر كلام عن حوار متوقع بين الحكومة والوفاق ومن معها من جمعيات سياسية مرخصة وعن وسيط بين الطرفين، تلاه تصريحات هنا وهناك ملخصها أن الدخول إلى الحوار سيكون دون شروط، ثم تصريحات مضادة من الجهات التي وجدت نفسها خارج الحسبة رغم أنها في كل الأحوال طرف لا يمكن أن يكتمل الحوار من دونه. ما تم تناقله من كلام رغم كل شيء ورغم تحفظ البعض عليه واختلاف في التفاصيل بث في النفوس الأمل بأنه لايزال هناك متسعاً للعقل كي يتحرك وينقل الناس إلى حيث بوابة الخروج من هذه الأزمة التي لا تستحقها البحرين، والتي تسببت في تقسيم النفوس التي ظلت متصافية زمناً طويلاً فصاروا ميمنة وميسرة لكن دون قلب، لينبري من “المعارضة” نفسها من يصرخ عبر السوسة الإيرانية (فضائية العالم) أن من يقول بقبول حوار دون شروط ينبغي الوقوف ضده وعدم السماح له بالدخول في حوار كهذا لأنه لا بد من شروط، وأن الشروط كثيرة أهمها إعادة الأوضاع في البلاد كما كانت قبل الرابع عشر من فبراير 2011 وهو ما يغلق الباب أمام حتى فكرة الحوار ويمنع من ثم الدخول فيه. انقسام “المعارضة” هكذا يضر بها قبل أن يضر بالبلاد، فهي تبدو مفككة وتعاني من اختلافات تضعفها أو بالأحرى تزيدها ضعفاً ويظهرها بمظهر السياسي غير المحنك ويظهرها على هيئة أنها لا تمتلك رؤية سياسية، وإلا لما حصل مثل هذا “التلاسن” فيما بينها وبالتالي فهي منقسمة على نفسها. هذه الحال التي صارت فيها المعارضة فأكدت أنها على قسمين (ناعم وخشن)، وأن خلافاً واختلافاً بينهما في الرؤية كبير يبشر بسهولة ضربها وتفتيتها ولكنه في المقابل يفتح الباب على مصراعيه لاستنفار الخشنة منها وطلب المزيد من الدعم من الجهات الداعمة لها وإن على غير استحياء هذه المرة، وهذا يعني أن معركة كسر عظم مقبلة نتيجتها تسجيل البحرين في قائمة الدول التي لا تعرف الاستقرار. إن كانت “المعارضة” الناعمة والمتمثلة في الجمعيات الخمس بقيادة الوفاق جادة في توجهها نحو الحوار فإن عليها أولاً أن تحسم موقفها من أولئك الرافضين لأي حوار ممن يستترون في رفضهم تحت مظلة الشروط غير الواقعية، وعليها ثانياً أن تحسم وضعها مع الجمعيات السياسية الأخرى التي لا يكتمل الحوار المنشود من دونها، خصوصاً بعدما صارت طرفاً مشاركاً لا مراقباً كما كانت في فترات سابقة، ثم عليها ثالثاً أن تبدي حسن النوايا وتستجيب لأي طلبات تؤدي إلى الدخول في الحوار وعدم اعتبار تلك الطلبات شروطاً، حيث الاستمرار في الحلقة نفسها لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، وهذه الرسالة موجهة أيضاً إلى الأطراف الأخرى المندرجة تحت عنوان المعارضة الناعمة. أما أولئك الذين إن لم يجدوا ما يرفضونه أو يحتجون عليه رفضوا أنفسهم واحتجوا عليها فلا بد من إيقافهم عند حدهم من قبل المشتغلين في المعارضة قبل الحكومة، لأنهم يفسدون كل خطوة يمكن أن تقوم بها الأطراف المعتدلة والحكومة، خصوصاً وأنهم بعيدون عن العمل السياسي الحقيقي ويفتقدون لمثل هذه التجربة والخبرة التي يمكن أن تؤهلهم للتفاعل مع هكذا مشاريع. إن كانت المعارضة الناعمة والمتمثلة في الجمعيات السياسية جادة بالفعل في توجهها فإن عليها أن تعلن موقفها من تلك المعارضة التي ربما يفرحها أن يطلق عليها لفظة “خشن”، تماماً مثلما أن عليها أن تتوافق مع الجمعيات السياسية الأخرى التي لا يمكن تجاوزها حين الإقبال على أي حوار مع الحكومة. إن كانت النوايا صادقة فلتجلس “المعارضة” مع الحكومة دون شروط وليسجلوا أسماءهم في سجل التاريخ.

النـــــــــيروز الأســــــــــــــود

إسحاق يعقوب الشيخ
التردي في السياسة يؤدي إلى تردي في الاقتصاد.. وتردي الاقتصاد يؤدي إلى تردي الاوضاع المعيشية في المجتمع وذلك حال السياسة الخرقاء التي تضطلع بها الجمهورية الاسلامية الايرانية في الداخل والخارج .. والتي ادت إلى اوضاع مزرية في تكاليف المعيشة للمواطن الايراني.. المسحوق بين سندان تكاليف المعيشة ومطرقة القمع السياسي .. وقد علقت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» على تلك الاوضاع المزرية في لقمة العيش والحياة الصعبة التي يعيشها الانسان الايراني، مشيرة إلى جولة الرئيس محمود احمدي نجاد الاخيرة عندما صرخ في وجهه عجوز ايراني قائلا: «نجاد انا جائع .. انا جائع» كما صرخت امرأة ايرانية وقالت «لدي مشاكل» وفق ما تنقله لنا الكاتبة المصرية «مرفت الحطيم» عن صحيفة لوس انجلوس تايمز، واضافت الصحيفة ان هناك تحركات تزيد من استياء الايرانيين خاصة ان الحكومة تعاني من ضائقة مالية منذ فترة طويلة مما اثر على دعم الوقود والسلع الاساسية». ولا يمكن تصور تفاقم الوضع الاقتصادي الذي يشكل عبئا حقيقيا في المجتمع الايراني خارج عقوبات الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي على البنك المركزي الايراني وصناعة النفط جراء البرنامج الايراني النووي الذي يشكل هذا الاختناق السياسي في المنطقة العربية والخليجية بشكل خاص.. وتذكر الصحيفة «إلى ان رجال اعمال واصحاب المحال التجارية الايرانيين يصفون السنة الفارسية الجديدة بالربيع الاسود، لانها تتميز ببطء العمل ومن المتوقع ان يستمر الربيع الاسود «نيروز» ليكون اكثر قتامة حتى نهاية يونيو، ونقلت الصحيفة عن «ماجد» 40 عاما يمتلك محلا للتنظيف الجاف في غرب طهران قوله: «العمل محكوم عليه بالفشل هذا العام، انه اكثر ركودا وسوادا مما كان متوقعا» وقالت الصحيفة ان «ماجد» مثل كثير من الآخرين الذين يخشون من ذكر اسمهم كاملا خوفا من الانتقام»اما» حسن الذي يمتلك متجرا صغيرا لبيع ادوات المطبخ المستوردة فانه يقضي اوقاته في مشاهدة المسلسلات الدينية وتبادل اخبار كرة القدم والاخبار المحلية مع اصحاب المحال الاخرى، ونادرا ما يتم مقاطعته من قبل احد العملاء الذي يتجول في المتجر للمشاهدة فقط وقال «حسن» 45 عاما «يتناقص عدد زبائني باستمرار، الناس يريدون توفير المال لشراء السلع الاساسية فقط: وليس فقط رجال الاعمال هم الذين يعانون من الوضع الاقتصادي في ايران حيث انضم بعض رجال الدين والحكومة للتعاطف مع المواطنين حيث ان هناك مخاوف من ان الوضع يمكن ان يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.. ولا امل في تحسن الاوضاع الاقتصادية ورفع غائلة الاوضاع المعيشية الصعبة التي يجابهها الايرانيون.. وسياسة احمدي نجاد ومن معه من الوزراء والنواب وضباط الرتب العسكرية العالية الذين يكرسون سياسة اطماع الامبراطورية الفارسية في المنطقة ويحلمون باعادة مجدها في الهيمنة والسيطرة.. وتجييش ميديا الظلام والطائفية في المنطقة وتخصيص مليارات الدولارات لرشوة الاحزاب السياسية والجمعيات والمؤسسات الاهلية في نشر الفتنة الطائفية وزعزعة الاوضاع وضرب الوحدة الوطنية واشعال روح الكراهية المذهبية في الاوساط الدينية وشق المجتمع!! ان هذه السياسة النيوخمينية في التهديد واثارة القلاقل في المنطقة وبذل الاموال الطائلة على المرتزقة وذوي الضمائر المهزوزة لن تزيد الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في الجمهورية الاسلامية الايرانية الا ترديا وانحطاطا.. فالانحطاط السياسي يؤدي بالضرورة إلى الانحطاط الاقتصادي من واقع الجدل في العلاقة بين الاقتصاد والسياسة في كونهما واجهتين لعملة واحدة!

حربهم الإعلامية انقلاب السحر على الساحر

سعيد الحمد
يا سبحان الله هم واتباعهم وأتباع أتباعهم بدؤوا قبل عام وثلاثة شهور حربهم الاعلامية الشعواء ضدنا نحن أصحاب الرأي الآخر المخالف لنهجهم وضد بلادهم صاحبة مشروع الاصلاح. وفي تزامن ممنهج بين حربهم الاعلامية الضارية وبين انقلاب دوارهم راحت الماكينات الاعلامية الاجنبية وفي المقدمة منها الماكينات الاعلامية لنظام الولي الفقيه الموزعة من طهران حتى بيروت مرورا ببغداد وبعض العواصم العربية كانت البحرين فيها ضحية تتنازعها وتتقاسمها تلك الماكينات الاعلامية ومنها ماكينات اعلام الاجانب المحتلين والاستعماريين القدماء الذين امتصوا دماء الشعوب العربية ذات يوم وأصبحوا اصدقاء صدوقين واقرب المقربين للانقلابيين. وبعد ان استعادت البحرين شيئا من عافيتها وتماسك شباب شبكات التواصل الاجتماعي وبدأت الصحافة الوطنية متمثلة في كتيبة اصحاب الاعمدة اليومية والاسبوعية مضافا اليها التخطيط والتكتيك الاعلامي الجديد في اذاعة وتلفزيون البحرين للدفاع عن الوطن وتبيان الحقائق وكشف الوقائع والملابسات وفضح الخفايا والخبايا في عرض دفاعي محكم وعبر سياسة النفس الطويل في كل زاوية وموقع ومكان مما احرج الجماعة واتباعها واتباع اتباعها امام العالم الذي وقع في البداية ضحية اكاذيبهم وافتراءاتهم وفبركاتهم وسيناريوهاتهم. وعندما بدأ الاعلام الوطني يتصدى لهم بقوة قوية وبمنطق الحقائق والوثائق والارقام بدؤوا يتهادون ويصعقون ثم بدؤوا يضيقون اشد الضيق من الرأي الآخر لتسقط أسطورة ديمقراطيتهم الزائفة وذلك عندما بدؤوا يرفعون الشكوى إثر الشكوى المكذوبة ضد الميديا والاقلام والاصوات والمواقع الوطنية الاخرى والاعلام عموما الذي أحرجهم بنشر الحقائق على الارض وكشف الوقائع بالادلة والبراهين والافلام المسجلة والموثقة لأعمالهم ولخطاباتهم وهو ما كشف اللعبة الاعلامية التي لعبوا بها يوما فانقلبت ضدهم الان وقد حصحص الحق وظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود امام الناس. لقد غاب عن الجماعة وعن اتباعها واتباع اتباعها أن الميديا والساحة الاعلامية ليست حكراً عليهم في زمن التواصل وسرعة نقل المعلومة وغرهم واغواهم ما حدث في الايام الاولى من انقلابهم الاسود حين اخذونا على حين غرة وعندما استعدنا انفاسنا من هول الصدمة البغيضة وبدأنا مثلهم نستخدم المساحة الاعلامية المحلية والاقليمية والعربية والعالمية بشكل جيد ونشط تدعمنا الحقائق والوقائع وعندما ضاق عليهم الفضاء الاعلامي بما وسع وبما توفر لهم من امكانيات هائلة تدعمها القوى الاجنبية والعاصمة الايرانية لم يجدوا سوى الشكاية والوشاية بالرأي الآخر وبأصحاب الطروحات المغايرة ناسين او متناسين ان حرية التعبير ليست حكراً على جماعتهم وعلى التابعين لهم واتباع التابعين منهم. ولعل المشكل الكبير والمأزق الخطير الذي وقعت فيه الجماعة واتباعها واتباع التابعين انهم اعتمدوا اسلوب غوبلز وزير الاعلام النازي في اعادة انتاج لنظريته الاعلامية البائدة ونفخوا فيها بتوجيه من اعلام يقوم على ايديولوجية عنصرية لا فكاك لها من ان تسير على نهج الاعلام العنصري النازي ونعني به هنا شبكات الاعلام الايراني العنصري. وهو المأزق الخطير الذي انزلقت فيه الجماعة واتباعها واتباع التابعين لها حيث لم يتبينوا أننا في عصر يختلف عن عصر غوبلز حيث مساحات الميديا آنذاك ضيقة وحيث الجدران تفصل العوالم والبحار والفيافي والقفار على عكس عصرنا الذي سقطت فيه المسافات وتقلصت الفواصل حدّ الانعدام فسقط رهان اعلام الكذب الذي اعتمدوه ولم يتبق لهم، وقد ضاقت بهم السبل سوى «التبجبج» وفبركت أسباب للشكاوى ونسج الوشايات ضد الاعلام الحر الآخر وقد استعاد صوته ومكانته وبدأ العالم يسمع له. باختصار الجماعة واتباعها واتباع التابعين لها يعيشون ويعانون من حالة ارتباك اعلامي شديد بعد ان استنفدوا اللعب على حبل الكذب دون ان يتذكروا ان حبل الكذب قصير.

نواب.. لــزوم ما يلزم

خليل يوسف
كأن المشهد البرلماني ينقصه ان ينبري بعض النواب مبدين انزعاجهم واستياءهم واعتراضهم على رسم كاريكاتوري في صحيفة محلية انتقد اداءهم وتباكوا على ما أسماه أحدهم «هيبتهم المهدورة..!!» قد نفهم زعل هؤلاء النواب، مع ملاحظة ان تفهم الزعل لا يعني قبوله، ولكن ماليس مفهوما ولا مقبولا ان تتفتق قريحة بعض النواب بالمطالبة بـ»موقف قوي تجاه هذه الاساءات».. وفي تصريح لافت لا يخلو من دلالة قال احدهم:»لا يعقل ان نواجه هذه الاهانات والاساءة من الجميع، الحكومة والصحافة والناس دون ان يكون لنا موقف من ذلك»..!! تلك ردة فعل أقل ما يقال عنها بانها عجيبة ومخجلة ومحزنة في آن واحد، فالمرء ليعجب حين يجد ان هناك ممن يفترض انهم يمثلون الشعب يظنون – رغم ان بعض الظن إثم- بانهم فوق مستوى النقد، وانه لا ينبغي ان تتناولهم الألسنة والاقلام الا بالثناء والمديح والشكر العميق، ويتحول العجب الى حيرة حين يصرف هؤلاء النواب النظر عن سؤال انفسهم: لماذا ينتقدنا الناس؟ ولماذا تهدر هيبتنا؟ ولماذا تهاجمنا الصحافة؟ ولماذا اداؤنا لا يعجب احد؟ هذا هو بيت القصيد، وهذه هي الاسئلة الملحة التي لابد ان ينشغل بها النواب..! المشهد البرلماني برمته زاخر بما يحتاج الى تقويم واعادة نظر وتنقية من شوائب تزيدها ممارسات نواب كثر ولا تنقصها بأنها تزهق روح التجربة البرلمانية وتفرغ القيم الديمقراطية ان وجدت من أي مضمون.. ربما على اساس ذلك يسعنا ان نجتهد وان نصنف النواب الى انواع، هو تصنيف نحسب اننا نطالعه على صحائف الواقع، والعطلة البرلمانية الراهنة قد تكون فرصة لمثل هذا التصنيف، سعيا وراء تقييم وتقويم أداء النواب لعلهم يصلون الى قناعة بان شيئا ما يجب ان يتغير. هناك نائب ألفناه يضرم النار في الكلمات، وآخر يستعمل اللكمات، ونائب يظن انه مشروع وزير، ونائب تاجر مناسبات، وآخر نجح في ان يكون موظف علاقات عامة نجده مشغولا ومنشغلا بالاشادات والنفاق السياسي العلني، ونائب صاحب غرض واهواء وغاياته سهلة التسمية والتعداد، واذا تكلم او هدد او لوّح بسؤال او استجواب يعرف بعض المسؤولين بانه يتكلم لانه يريد كذا وكذا. هناك ايضا نائب يوظف حاجات الناس ورغباتهم المعيشية اليومية في مشاريع وحسابات مغرقة في الذاتية، ونائب يظن انه حقق المجد ودخل التاريخ لانه اصبح نائبا، ونائب استطاع ان يوظف أزمات البلاد في خدمة طموحات شخصية لا تعرف ارتواء وهناك نائب متلبد الاحساس وآخر يستجدى الخدمات الصغيرة على حساب الامور الكبيرة. القائمة طويلة، هناك نائب يعزف على كل وتر، يقابله نائب زئبقي يجيد امساك العصا من الوسط، ونائب اجتراري يحلو له اجترار النصوص والمقولات الجاهزة، ونائب يظن انه نجم مجتمع ويريد ان تكون الاضواء دائما مسلطة عليه، يسمى «النائب الشو»، لا يهمه الا ان يشغل مساحات في الصحف، وجد من يستأجره ليقوم بمهمة تسويقه وتلميعه وكتابة التصريحات باسمه، هناك ايضا النائب المراوغ يجيد المراوغة مثلما يجيد اللاعبون المراوغة في ملاعب الكرة، وهناك نائب قبيلة او طائفة او فئة او تيار او جمعية، ونائب لا تجد امامه الا ان تقول «وبعدين» او «احنا رايحين وين» ونائب يجعلنا نستسلم للتشاؤم، ونائب يمارس كل شيء باستثناء مهمته الحقيقية في التشريع والرقابة، ونائب يبحث عن اي انجاز في اي مجال، وان كان انجازا وهميا لا يقدم ولا يؤخر ونائب يجعلنا نترحم على أيام لم يكن فيها برلمان..!!. قلنا القائمة طويلة، ربما اطول مما تظنون، فهناك نائب تعود ان يثير الضجيج ويستثير المشاعر، ونائب يكتفي بما يرد اليه من تعليمات ويوقع على ما يعرض عليه من بيانات ويكتفي بدور الكومبارس، وآخر تعود ان يسرق انجازات الآخرين وعندما يتناهى الى سمعه عن مشروع او اجراء تعتزم الحكومة تنفيذه او اتخاذه يستبق بالتصريح عنه حتى يوهم الناس ان الحكومة استجابت له، او ان المشروع من بنات افكاره. القائمة تشمل انواعا اخرى من النواب، فهناك نائب لا احد يهتم بأمره حتى ممن انتخبوه، ونائب «يجعلك تموت من الضحك»، ونائب يهوى اللعب في الكواليس، واي لعب، ونائب يشعرنا بانه «واصل» واحيانا وصولي، وآخر يظن بانه من النخبة البرلمانية يصر على احتكار الواجهات وان يكون له حضور في مختلف المحافل والمناسبات ونائب استاذ في دبلوماسية الكواليس وفي التسويات، ونائب لا تجد امامه الا ان تقول «اركد»، ونائب تراه يضيف الى واقعنا متاعب، ويشعرك بانه جزء من مشكلة وليس جزء من اي حل، ونائب ديمقراطي ولكن على طريقته، يتكلم عن الديمقراطية ولا يمارسها، وهناك النائب الظرف الذي هو نتيجة لاجواء استفاد منها، او فتوى لم يجد امامها الناخب اي جدوى لشعارات مثل صوتك امانة او ما شابه، القائمة تشمل نائب الرغبات الذي لا ينفك ان يقدم اقتراحا برغبة تلو اقتراح وكأنه حصر دور النائب في هذه المهمة، ويقابله نائب لا تعرف هل هو حقا نائب ام عضو مجلس بلدي وآخر يمارس الفساد عندما يتوسط لينجز معاملة او يمرر مصلحة لحسيب او قريب او ناخب ليسترضيه على حساب الآخرين وحقوقهم، وآخر يحاول ان يكون نائبا ونائبا هو بحق نائب. باختصار انهم حقا صورة حية لبلد بكامله، فهل سيزعل علينا اصحاب السعادة النواب ام انهم سيجهدون لعمل لزوم ما يلزم لتصحيح ادائهم البرلماني والعودة الى العمل البرلماني الحقيقي في دورتهم البرلمانية المقبلة.

هل يمتلك.. اسحقووووه.. شجاعة إعلان الندم

طارق العامر
سؤالى هذا موجَّه في المقام الأول إلى أية الله «اسحقووووه» ومن ثم الوفاق وأنصارها، ولا أنتظر جوابًا بل – كالعادة- شتائم قاذعة، طالت حتى أفراد أسرتي ومذهبي، وهو تصرف هجين لا يليق بمن يدَّعي انه من أنصار اهل البيت، ويتخلق بخلقهم، حتى لو أصابه من كلامي حرقة الآه في الجوف، فالاختبار الحقيقي هنا يحدد مقدار التمسك بالفضيلة، وحسن التربية، التى جبل عليها من تشرب ونهل من معين مدرسة «سيدي شباب اهل الجنة»، ولهؤلاء ممن بلتنا بهم ديموقراطيتنا اقول: ما عليكم وقولوا ما شئتم في مسبتي فسكوتي عن اللئيم جواب، وكالعادة سأشكوهم إلى الله، وأدعوه أن يقتص لي منهم يوم القيامة، وسأكتفي!! لكن يبقى أن يصل السؤال إلى أية الله «اسحقووووه» لعله فى ساعة صفا يحكم فيها بقايا ضميره، والسؤال: هل يمكن أن تتجرد من أنانيتك ومكاسبك الشخصية وتنتصر لدينك على مذهبك، فتدين اعمال الحرق والتخريب واستهداف عناصر الأمن بالمولوتوف، كما طالب به المجتمع الدولي وعلى رأسهم واشنطن ولندن؟ نحن اليوم لا نبحث عن الحب والتآخي وفن التعايش، بل عن كيفية وسبل التعايش مع الوفاقيين، فمقدار الألم والجرح وما نشاهده ونسمعه كل يوم، لا يترك لأي مواطن شريف فرصة البحث بجرأة عن ذلك الحب القديم او الحديث عن الود المفقود، والكل على دراية تامة بأننا وصلنا إلى هذا المستوى من العلاقة بفعل اعمال الغدر والخيانة، وبمُقَل الأعين، وصدقني يا صديقي، حتى اعتذار الوفاق اليوم قد لا يكون كافيا لشفاء كل هذه الجروح!! رتابة المشهد وحدته اليوم، وما تصاحبه من اقاويل عن حوار او وساطة، تدفعني الى الاعتذار عن عدم القبول بأي تسوية خارج نطاق مراعاة المكون الأخر «صمام الأمان»، فهناك تغيراتٌ مهمةٌ طرأت على مزاج الشارع السني، يجب أن يستوعبها الجميع وعلى رأسهم الدولة، فالخلاف لم يعد بين الوفاق والسلطة، او بين الوفاق و»ال خليفة» الكرام، والأذى لم يطل بحجمه احدا، اكثر مما وقع على اهل الفاتح، والضرر لم يتجاوز سنيا ويصطدم بشيعي، بل فاجأ الاول وصدمه وأحدث به جروحا لن يداويها الزمن، والتآمر كان على الكل، ولو كان الانقلاب – لاقدر الله – نجح، لشاهدنا المشانق مرفوعة من المحرق الى الرفاع، فجمهورية ولاية الفقيه لم يكن هدفها إسقاط النظام فقط، بل إسقاط عروبة دولة وشعب في احضان بني صفيون، ومن يجهل ذلك فعليه اعادة قراءة تاريخ الصفويين!! ومع كل تقليبة بالريموت على قناة «العالم» سيتأكد لك حقيقة هذا الحقد وشكل هذه المؤامرة وسيتضح كيف جمعت الوفاق قوى الشر في الداخل والخارج، وكيف تحالفت مع الشيطان الايراني المعمعم، وحشدت قوتها وأموالها، وكيف دفعت بشرذمتها الغوغائية، لممارسة صنوف الارهاب، وأبشع اشكال طغيان الشارع، ضد كل من هو متمسك بالشرعية الدستورية، وعروبة البحرين، ووقف ضد حلم ولاية الفقيه، سواء كان سنيا او شيعيا. ولذلك أقول، وقبل الشروع في الترتيب لأي حوار، ولضمان حوار «ذي مغزى»، حتما ولابد، استبعاد شخوص بعينها من الجلوس على طاولة الحوار، ثبت باليقين وبشهادة الشهود، بأنها ساهمت وحرضت وشجعت وشاركت في المحاولة الانقلابية، ولا مانع بالمرة من تقديمهم للحاكمة بتهمة الخيانة العظمى والحكم عليهم، ومن ثم يجب على المشاركين من جمعيات التحالف «خمسة زائد واحد باليد»، ان كانوا يملكون الرأي قبل شجاعة الشجعان، إدانة اعمال العنف والحرق والتخريب واستهداف رجال الشرطة، وكل المدانين فيها، والمحرضين عليها، وعلى رأسهم المتهمون الـ 21 في القضية الانقلابية، وذلك حتى نضمن عدم عودتهم لصناعة الفوضى، لو أرادوا، واعمال العنف، لو قرروا، وحتى تكون البلد قادرة على التصافي ومن ثم التعافي سريعا، والمضى نحو الخروج من هذه الأزمة الراهنة. كلام الخيرين مر، عارف ولكنها الحقيقة، وعارف أنها قد تدفع البعض الى ارسال المزيد من باقات الشتائم الوضيعة لشخصنا المتواضع، ولكن لا يهم، فهي الحقيقة التي يجب أن يكون معلوما للجميع، حتى نبعد الخطر تماما عن البحرين ومستقبلها، فلا يمكن لكل من لعق جبال الصبر طوال سنة ونصف ووقف وهو يشاهد صنوف الشدة والأذى تطال وطنه واهله ومصدر رزقه على يد عصابة الوفاق، ان يقبل بغير مشاهدة دموع الندم وهي تسقي عيون كل الخونة، فالندم توبة، ولذلك خلق الله الندم.

المشاركون في قناة العالم

محمد الأحمد
بعد أن أصبح الأمر فاضحاً إلى أبعد الحدود، اضطرت قناة العالـم الإيرانية إلى إدخال الشخصيات الوطنية ضمن مداخلاتها الإخبارية اليومية بعد أن كانت مقصورة على موظفين ومقررات يومية ووجوه لا تتكرر.. لقد تكسرت صخرة الطائفية والعمالة والانحياز أمام صخرة المهنية، ذلك لأن المصداقية هي رأس مال أية وسيلة إعلامية، إن فقدتها فلا تصلح حتى لأن تُبل ويشرب ماؤها.. لقد أصبحت هذه القناة قناة غير مرغوب فيها في البلدان العربية نظراً للدور التآمري الذي تقوم به وفق أجندة الولي الفقيه في المنطقة، ففي الوقت الذي تغض الطرف فيه عن جرائم النظام السوري والإبادات الجماعية، تفرد القناة حيزاً كبيراً لبلد مثل مملكة البحرين الصغير بمساحته والكبير بشعبه.. وتكاد لبنان هي الدولة الوحيدة التي تمارس فيها هذه القناة عملها برعاية ودعم من حزب الله «إكذوبة الصمود». لقد نشرت صحيفة الشرق تحقيقاً مع عدد من الذين كانوا قد عملوا مع قناة العالم، وكشفت بعض الوثائق، وأكد التحقيق أن القناة تأخذ توجيهات التغطية السورية عن طريق المخابرات السورية الأسدية بشكل مباشر!.. ومؤخراً قامت مصر بإغلاق مكتب القناة الذي فتحته خلسة، عوضاً عن الدول العربية التي تمنع هذه القناة من ممارسة نشاطها التآمري على أراضيها. إنني أدعو الشخصيات الوطنية لعدم الانزلاق والمشاركة في أية فقرات من الفقرات الإخبارية لقناة العالم لعدم السماح لها بعد افتضاحها أن تخرج بصورة تحاول فيها أن تعدل من نهجها وتقول إن هناك رأياً آخر يتحدث من خلالها.. إن هؤلاء الذين يخرجون على قناة العالم ينفعون القناة ويضرون بلدهم، لأنكم مهما حاولتكم فإن الأجندة لن تتغير وستستمر في ضرب البحرين واستهداف المصالح الخليجية والعربية.

سوريا.. الحل السياسي أم الحرب الأهلية

عبدالله الأيوبي
على مدى أكثر من خمسة عشر شهرا وآلة القتل في سوريا لم تتوقف عن حصدها عشرات المواطنين المدنيين والعسكريين، بل تصاعدت هذه الأعمال في الآونة الأخيرة وتحولت إلى مجازر جماعية حقيقية كما حدث في بلدة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد بمن فيهم أطفال ونساء وشيوخ، فهذه التطورات المأساوية في سوريا دفعت بالعديد من المراقبين وزعماء عدد من الدول إلى التحذير الجدي من انزلاق البلاد في أتون حرب أهلية ستكون لها تداعيات خطرة على المنطقة برمتها وفي المقدمة من ذلك لبنان الذي تجمعه بسوريا ـ رسميا وأهليا ـ علاقات خاصة، وأجمعوا على أن المخرج الوحيد أمام المأزق السوري هو التمسك بإنجاح خطة المبعوث الأممي كوفي عنان والتمسك بالحل السياسي وليس الأمني أو العسكري.
في اعتقادي أن التمسك بمطلب إسقاط النظام في سوريا يمثل العقبة الكأداء أمام ايجاد حل سياسي للأزمة السورية، فالنظام وبرغم الضغوط الدولية الاقتصادية والسياسية فهو حتى الآن متماسك ومدعوم من الجيش السوري الذي يعتبر من الجيوش القوية في المنطقة، وبالتالي فإن المعارضة لا يمكن لها مهما تدفقت عليها الأٍسلحة والأموال من الخارج فإنها ستبقى بعيدة كل البعد عن تحقيق خلل حقيقي في ميزان القوى بين الجانبين، ثم ان عناد المعارضة، مدعوما من أطراف لها مصلحة في زعزعة الاستقرار في سوريا والمنطقة، من شأنه أن يقود إلى المزيد من سفك الدماء وتساقط الشهداء من المدنيين بنيران القوات السورية والمعارضة أيضا.
فأخطر ما يواجه الشعب السوري الشقيق الآن ليس الصدامات المسلحة اليومية بين الجيش وقوى الأمن السورية من جهة والمعارضة المسلحة المدعومة من الخارج من جهة أخرى، وإنما النتائج التي سوف تتمخض جراء استمرار هذه الصدامات، أي تحولها إلى حرب أهلية شاملة، فهذه النتائج ليست مستبعدة الحدوث في ظل التصاعد الخطر في أعمال العنف ودخول قوى إرهابية متطرفة، مثل تنظيم القاعدة، إلى ساحة الصراع وقيامها بتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المؤسسات المدنية والأماكن العامة كالأسواق، مثل هذه النتائج الوخيمة ليست في مصلحة أي مواطن سوري ينشد الإصلاح والتطوير السياسي لبلده، بل هي في مصلحة أعداء الشعب السوري.
فلا خيار أمام السوريين سوى الجلوس حول طاولة المفاوضات ومناقشة شأنهم الداخلي وتحديد طبيعة النظام السياسي الذي يختارونه بعيدا عن أي املاءات أو وصايا خارجية، فالأطراف الخارجية التي تتظاهر في دعمها المطالب العادلة للشعب السوري، سواء تركيا أم الغرب أم غيرهما، ليسوا صادقين في ذلك، فهناك شعوب كثيرة محرومة من الحرية والديمقراطية اللتين يتحدث عنهما الغرب، لم نسمع أصواتا غربية تطالب بدعمها، فتركيا التي تبدو «حريصة» على مصلحة الشعب السوري، هي نفسها تقمع وتصادر الحقوق القومية المشروعة للأكراد الأتراك، فهذه الأطراف لن تحقق للشعب السوري الشقيق مطالبه المشروعة، بل الشعب نفسه هو صاحب المصلحة الحقيقية في نيلها.
فتدمير الوطن السوري ـ على غرار ما حصل للعراق بعد جريمة الغزو الأمريكي لهذا البلد في شهر مارس من عام ٢٠٠٣ـ من شأنه أن يلحق أضرارا فادحة وجسيمة بجميع مكونات الشعب السوري العرقية ودعائمه الاقتصادية والاجتماعية حتى السياسية، فتفجر نزاعات مسلحة بين هذه المكونات ليس مستبعدا في ظل تطور وتصاعد أحداث العنف من قبل مختلف الأطراف الفاعلة على الساحة السورية، فهو سيقود إلى هذا التدمير حتى لو لم يحدث تدخل عسكري من قبل القوى الداعمة للمعارضة السورية، ذلك أن الحرب الأهلية وحدها كفيلة بتدمير الوطن السوري تدميرا شاملا، ومن شأنها أن تطيل أمد الصراع بين هذه المكونات.
المطلوب من عقلاء الشعب السوري، في النظام وفي المعارضة، أن يضعوا مصلحة وطنهم وشعبهم فوق كل الاعتبارات السياسية، وأن يتحركوا بجدية وحزم من أجل انقاذ وطنهم من الهوة السحيقة التي تعد له في مطابخ صنع السياسات التدميرية في الخارج، فهذه المطابخ لا تنتج على الإطلاق زادا يفيد الشعوب بشيء، بل على العكس من ذلك تقدم السموم المعسولة على أطباق من ذهب لإغراء الشعوب المتعطشة للحرية والعدالة والديمقراطية، وهو بالضبط ما حصل للعراق مثلا، حيث قادت أمريكا وحلفاؤها الدوليون والإقليميون غزوا مدمرا لايزال الشعب العراقي بمكوناته كافة، يعاني اثاره ويدفع أثمانه إلى أجل غير منظور.

قفزتان ونموذجٌ يحترق

عبدالله خليفة
في مشهد ذبح الشعب السوري يتماثل موقفا روسيا وإيران، في مفارقةٍ تاريخية ظاهرية لكنها تعبر عن حقيقة موضوعية.
رأسماليتا دولة استغلاليتان شموليتان عنيفتان كل منهما انطلق من موقع أيديولوجي مختلف تماماً ظاهرياً، تدافعان عن نمط النظام الذي أسستاه وهو ينهار تحت ضربات الشعب الثائر.
القومية الروسية المُمركزة المحاطة بشعوب وأديان كثيرة تتغلغل فيها لم يعد التمركز القومي القيصري بقادرٍ على السيطرة على الهيكل العظمي لهذه القومية المهيمنة.
القومية الروسية في بنائها للتحالف الأممي مع الشعوب الفقيرة المضطهدة شكلت تلاحماً أممياً وتعاوناً، لكن هذا الشكل تم عبر هيمنة رأس مال دولة روسي، الذي كان يبني رأسمالية محصنة بالأيدلولوجيا (الماركسية)، التي تم نزع عقلها النقدي الموضوعي وحُنطت، فلم تعدْ قادرةً على تطوير الأممية البروليتارية من مواقع الندية، بل من مواقع رأسماليةِ دولٍ تحفرُ استغلالَها في القوميات والشعوب العائشة في الإمبراطورية الروسية ذات العباءة المشتركة المتجهة للتمزق.
القومية الروسية ليست على غرار القوميات الغربية التي أتيح لها النمو خلال قرون في أسلوب الإنتاج الرأسمالي، فقد نزلت هذه القومية بآلتها العسكرية البشرية الضخمة وبجسم علاقاتها الاجتماعية المحافظة، كصخرةٍ هائلة على المدن الحديثة، وراحت تتحرك جغرافياً لمقاربة الحداثة، فتغير العاصمةَ والأزياءَ وتدرس وتنشر اللغة الألمانية، وتخفف من أوساخ العبودية ببطء شديد، فيما الأمم الغربية تتقدم بسرعة وتكتسحُ العالمَ وتتغلغل في أمنا روسيا ذاتها، فكان القيصرُ الروسي هو مدار الحركة والذي يغير العاصمة من مكان إلى آخر ويصدر مراسيم إزالة العبودية أو مراسيم السلطة السوفيتية، والطبقة الوسطى مدار قيادة النهضة لم تنشىء منصاتٍ كبيرةً لإطلاق الحداثة.
الدولة تغيرُ أصباغَها وقياداتها وكلماتها وأيديولوجياتها، فتقيمُ الشيوعيةَ الحربية ثم اقتصاد النيب (السوق)ثم التجميع الزراعي الرهيب لكن تظل السلطة المطلقة ورموزها يتبدلون ويتحدثون لكن بين أيديهم أزرة المصانع والصواريخ.
في إزاحة الجمهوريات السوفيتية والمعسكر الاشتراكي وصداع حركة التحرر الوطني خفتتْ من ضياعِ الفوائض الاقتصادية الناتجة من قطاعات عامة متآكلة فساداً وجموداً اقتصادياً وتقنياً، ووجهتها للاقتصاد، دون قدرة على تغيير نوعي على الطريقة اليابانية، فظهر القطاعُ الخاص، وجاءت البرجوازيةُ الملعونة واقتصاد السوق، التي ساهمت في تغيير الجمود والركود دون أن تقدر على تحويل المجتمع ديمقراطياً بشكل شامل، لأن القيصر مازال موجوداً، ورأسمالية الدولة الشمولية لاتزال تهيمنُ على أغلبية الاقتصاد، وتغيير ذلك حسب طرق البرجوازية السوداء الحاكمة يعني التفكك الكبير لروسيا الاتحادية وقيام الجمهوريات الإسلامية في الجنوب وانفصالها.
صارت تجارة السلاح والتغلغل في رأسماليات دولة شمولية كليبيا وسوريا وإيران في المنطقة هو أحد الحلول، وهذه الدول كذلك معادية للرأسمالية الحرة، وتقيم بناءات شبيهة بروسيا.
لكن فجأة وبأشكال رهيبة شعبية قامت جماهير عربية (متخلفة) بما عجزت عنه نضالاتُ روسيا الكبرى، أي بمقاربة الغرب الديمقراطي ولكنها لاتزال في تلعثمها السياسي لم تصلْ للغةٍ سياسيةٍ منطوقة بوضوح.
إيران قامت بنفس الثورة التي تبدو للأمام وهي قفزة للوراء، رأسمالية دولة اختصرها العسكر بسرعة، المقاربةُ مع الحداثةِ عبر التقنياتِ والجسمُ من القرون الوسطى ويتقدم هذا الجسم على المسرح الدولي بأزياء العباءات واللحى والتظاهر بالشعبية المفرطة والزهد ويندفع سيلٌ من الأساطير.
ذات القومية المأزومة المحاطة المتداخلة بقوميات أخرى والمتصارعة معها دون حلول للبيت الشعبي المشترك هو ذات مأزق القومية الفارسية الحادة في تطورها السريع على مسرح السياسة السائدة، وقد تلقفت آخر إنجازات التدهور الروسي، وهو التوسع الإمبراطوري العقائدي لكن عبر مذهبية دينية وعدم القدرة على التصنيع المتطور الذي يحتاج إلى التنافس الداخلي في السوق وعدم وجود دولة مهيمنة عليه، وكلتاهما تشترك كذلك في تجميد تطور الفكرة المذهبية، وتركيبها على رأسمالية الدولة، وإنتاج رأسمالية خاصة سوداء من بين الأحشاء الداخلية للأجهزة.
مثلت سوريا عقدة للدولتين المصدرتين للسلاح والأفكار التي فات زمانها المعبأة شعبياً والمتوترة دينياً والمنغلقة عن التفتح الديمقراطي، فهي الحليف المفقود الذي يؤدي إلى خسائر اقتصادية وسياسية كبيرة، ويغدو نموذج الدولة على الطراز الروسي والإيراني والصيني محل تساؤل من شعوبها ومن بقية الشعوب، ويبدو تحلل سوريا كأنه كذلك انتقال للنار الاجتماعية الثورية لبيوت الزجاج الشمولية لدول آسيوية عدة.
إنه التاريخ يتحرك والشعوب تريد التنوع وازدهار العيش والصراع ضد أشكال الاستغلال كافة كذلك، وهذا لا يكون سوى بحكومات منتخبة وبرلمانات وصحافة حرة وسوق لا تسيطر عليها فئات معينة أو حزب.
وكلما لم تَشحن هذه الدول عجلاتها بالزيت الديمقراطي مواصلةً مراكمة الصدأ، ورفض التنوع والتعاون الديمقراطي بين القطاعين العام والخاص، وتعاون الشعوب في دولة قومية أو متنوعة القوميات، فإنها تعرض نفسها وشعوبها لمخاطر جسيمة تبدو حرائق سوريا نموذجاً خطيراً في حالات تكراره.

التخريب لديهم ممنوع ولدينا مسألة فيها نظر

عبد المنعم ابراهيم
بدأت في بريطانيا منذ يومين الاحتفالات الكبرى باليوبيل الماسي للملكة اليزابيث الثانية بمناسبة مرور ستين عاماً على حكمها للعرش البريطاني.. ستون عاماً ولم يقل لها أحد (طولتي في الحكم) أو (تنازلي عن العرش لغيرك)! لأن البريطانيين يحترمون التقاليد في المملكة, ويضعون تقديراً كبيراً للملكة اليزابيث والعائلة الحاكمة.
وهي ذاتها بريطانيا التي لا يختلف فيها حزب المحافظين أو حزب العمال (وأيهما كان في الحكم أو في المعارضة) حين يتعلق الأمر بالأمن والاستقرار, وحين تعرضت بريطانيا لموجات عنف وتخريب مؤخراً راح النواب يحاسبون وزارة الداخلية, لأنها تأخرت في إجراءاتها الحازمة ضد المخربين, واضطرت السلطات الأمنية بعدها إلى نشر صور المخربين في اللوحات الإعلانية الكبيرة في الشوارع للقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.
وكذلك الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتردد فيها السلطات الأمنية وقوات الشرطة في إخلاء المتنزهات والشوارع و«الباركات» من المتظاهرين الذين ينتمون إلى حركة (احتلوا وول ستريت), ونزع خيامهم, واستخدام (القوة) ضد من يمتنع عن المثول أمام القوانين ويرفض الانسحاب.
بينما هنا في البحرين لايزال المخرّبون يعيثون في الأرض فساداً, وبالأمس أعلنت وزارة الداخلية ضبط ٨ آلاف قنبلة مولوتوف مجهزة للاستخدام منذ شهر يناير حتى الآن, ومع ذلك ترفض بعض الجمعيات السياسية وعلى رأسها (الوفاق) استنكار أعمال العنف والتخريب, إن لم تكن متورطة فيها (بالباطن)! بينما الزعامات الروحية والدينية لهذه الجمعيات السياسية تحرّض الناس على (سحق رجال الشرطة), لأنهم يحمون المواطنين ويحافظون على أمن الوطن.
والغريب ألا احد في بريطانيا أو أمريكا استنكر على السلطات الأمنية هناك حينما تحركت لملاحقة المتظاهرين والمعتصمين من حركة (احتلوا وول ستريت)! ولا جمعيات سياسية أو حقوقية أو إنسانية نددت بذلك.. لكن حينما يتعلق الأمر بالبحرين تجد مسئولين أمريكان وبريطانيين يطالبون الدولة في البحرين بضبط النفس أو عدم استخدام القوة في مواجهة المخربين!
هذه الازدواجية في مواقف بعض الدول الغربية تجاه ما يحدث في البحرين جعلت كثير من المواطنين البحرينيين, بل الخليجيين عموماً, يفقدون الثقة والمصداقية في الحكومات الغربية وينظرون إليها بالشك والريبة.

اللعبة الأمريكية.. تمكين الوفاق مجددا

فوزية رشيد
بعد أن سقطت «الوفاق» تماما على المستوى الشعبي، بل على مستوى جزء كبير من الطائفة التي تنتمي إليها، وبعد ان انكشفت ألاعيبها وخفاياها وأجندتها كافة للدول العربية بل للعالم، وبعد ان أصبح هناك اتجاه شعبي غالب لإلغاء مسئوليها وقادتها، الذين اسهموا في صناعة الأزمة من الحياة السياسية البحرينية، ومطالبة الشيعة «باستبدال تلك الوجوه بوجوه شيعية أخرى وطنية» مع مراجعة الدولة أيضا لأسس تشكيل كل الاحزاب السياسية في البحرين، وتطبيق قانون الجمعيات على من خالفه، بل تشريع قوانين تمنع مستقبلا أي جمعية من القيام بما قامت به «الوفاق» والمعارضة الراديكالية بشكل عام من خروق كبيرة أضرت بأمن الوطن ومصالحه العليا وثوابته الوطنية وباقتصاده وتنميته، بعد كل هذا وغيره كثير مما بات راسخا في الوعي الشعبي البحريني ولدى المكونات كافة، من رفض للوفاق وتنصلها من مسئوليتها وعدم القيام بأي واجب والتزام تجاه الوطن، وانكشاف ارتباطها بالخارج سواء كان ايرانيا أو أمريكيا أو غيرهما، وتبني الانقلاب على الدستور وعلى الميثاق عبر العنف والارهاب، بعد كل ذلك تأتي «الوفاق» اليوم وبدفع أمريكي لتسوق نفسها من دون حياء بأنها وحدها المعارضة وباعتبارها المتحدث باسم الشعب لتطلب حوارا مع الدولة وتريده أن يكون ثنائيا ان أمكن كما في السابق، وفي هذا يدفع الجانب الأمريكي الوسيط لتمكين الوفاق مجددا، وتنشيط خلاياها في مرافق الدولة كلها وفي مؤسساتها الدستورية والمدنية، لكأن الادارة الأمريكية تحولت فجأة إلى شيخ قبيلة أو كبير قوم يريد أن يجمع بين رأسين بالحلال «ويا دار ما دخلك شر»، والخشية أن تقبل الدولة باللعبة الأمريكية الجديدة.
ولكن الدار دخلها شر كبير، وأكبر الشرور هو خيانة أصحاب الدار، و«الوفاق» تعرف جيدا أن (دورها الوظيفي في البحرين) ومهما طال الزمن هو إدارة الانقلاب على الدولة وعلى الدستور وعلى الميثاق وعلى المواطنين ككل بوجهين يكمل أحدهما الآخر: الأول: (الادارة السياسية)، والثاني: استغلال الشيعة أنفسهم كحطب لإشعال نار (إدارة الارهاب في البحرين)، ويعتقد السيد (أوباما) وهو في ذروة انشغاله بالانتخابات الرئاسية القادمة ان تهدئة النيران مؤقتا، وتلميع «الوفاق» للدولة مجددا، كفيلان اليوم بأداء المطلوب استعدادا للجولة القادمة ودائما تحت مسمى الديمقراطية والاصلاح.
من أجل هذا غير مستغرب أن يسيل اليوم مجددا اللعاب الأمريكي بمعسول الكلام مرة، وبالتهديد المبطن مرة أخرى، في اسلوب التعامل مع الدولة البحرينية وقادتها، فأمريكا قد قامت بالدور الأول «معسول الكلام» وإطراء الديمقراطية والاصلاح في البحرين قبل عشر سنوات حتى تنفتح الأبواب أمام المعارضة الراديكالية لممارسة فحوى (الديمقراطية الفوضوية) وصولا إلى الدوار، وسحب الاسطول الأمريكي من مكانه في الخليج لاعطاء الفرصة للحليف الجديد «الايراني» فرصة الانقضاض على البحرين حتى كشف الله السر والستر والخبايا وبانت العورات، وفشل مخطط الانقلاب، واليوم لا بأس مجددا بلبس القناع القديم ولعب دور الحليف الصديق والصدوق، والنصح مرة والضغط عبر المنظمات دائما (من أجل إعادة تسويق المعارضة الراديكالية المرفوضة شعبيا) إلى ساحة الحوار المنفرد مع الدولة مع الابقاء على ذات الوجوه الوفاقية اللاعبة والمرفوضة جملة وتفصيلا من مكونات الشعب، فبعد فشل الانقلاب يصبح هذا هو الحل الأمريكي ـ الوفاقي الذي يضمن تقوية الوفاق مجددا والرهان عليها ايضا مرة اخرى كحصان أمريكي ـ ايراني مزدوج أو كعميل مزدوج حسب رواية أخرى رغم أن المطلوب شعبيا وبشكل لا ممالأة فيه، هو «حل جمعية الوفاق» أو تجميدها بعد كل ما ارتكبته في حق الوطن وكغطاء شرعي للانقلابيين، وحصار قادتها ونيلهم العقاب كما يستحقون.
ومن ثم ان تقوم «الطائفة الشيعية» بابراز وجوه وطنية حقيقية، لا تضع الحزب فوق الوطن، ولا تضع المرجعية فوق كل شيء، ولا يكون ولاؤها لغير البحرين، ولا تمارس كل أنواع الكذب والتشويه والإساءة إلى بلدها، ولا تكون صدى للصوت الايراني المريض بالاحلام والاوهام، ولا تستقوي على بلدها بالدول الأجنبية، أي (معارضة شيعية وطنية صحيحة) تطالب بالمطالب كغيرها مقرونة بأدائها لواجبها الوطني ومسؤولياتها تجاه شعب متعدد الأطياف والمكونات، وتجاه نمو وتطوير الوطن.
البحرين ليست بحاجة إلى (الديمقراطية الفوضوية) تحديدا التي تريد الولايات المتحدة إلباس بلادنا بعباءتها، ولا تحتاج إلى فئة تدعي كونها معارضة، فيما هي تمارس الانقلاب على الدستور وعلى الدولة بإدارة العنف والارهاب.
وعلى السيد (أوباما) ان يدرك ان الحوار في أجواء الخيانة المستمرة وأجواء العنف والارهاب وبعلم أمريكا بذلك هو حوار غير مطلوب لأنه يمثل مكافأة للخونة، ولأن أوباما يدرك ذلك جيدا، فإن إدارته تضغط من أجله، فيما الشعب البحريني بغالبية مكوناته الذي أدى دورا بطوليا في إفشال المخطط الكارثي الذي اراد استنساخ النموذج العراقي الذي سيبقى وصمة عار في الجبين الأمريكي، هذا الشعب يريد «إسقاط الوفاق» كآلية عمل لا تنطبق عليها صفات العمل السياسي الحر والوطني، لأن عملها مرتبط بالمرجعية الديكتاتورية التي تريد فرض أجندتها العميلة لإيران على البحرين وشعبها.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية تريد الديمقراطية والاصلاح كما تدعي للبحرين، فعليها ان تكف عن دعم المعارضة الشيعية الراديكالية، وعن التدخل الضاغط على شؤون البحرين الداخلية، وان تدع المنجزات الاصلاحية تتنفس شيئا من الهواء النظيف، بعيدا عن استراتيجيتها ومخططاتها وتحالفاتها السرية مع «الوفاق» أو مع إيران ومن تحت الطاولة، كما في العراق، فالأمور باتت واضحة تماما، ولا نعتقد أن الولايات المتحدة بحجم ما تملكه من قنوات استخباراتية واستراتيجية تجهل ما يحدث في البحرين، فأنتم تعوقون ديمقراطيتنا وإصلاحنا ومنجزاتنا بدعمكم السخي لمثل هذه الجماعات الراديكالية، وشعبنا يعي ذلك جيدا، وخاصة أنكم تلعبون مرة على هذه الراديكالية الشيعية ومرة أخرى تعملون على «صناعة التذمر في البحرين» في الأوساط السنية، وبعدها تريدون تصديق أنكم دعاة ديمقراطية وإصلاح وان البحرين حليف أساس.. لماذا؟ هل لتسهيل مخططاتكم فيها، وتسهيل التلاعب بمصير شعبها من خلال حصانكم الطروادي «الوفاق»؟
والسؤال الأهم: ما موقف الدولة من كل ذلك.

شبيح في مهب الريح

محمد مبارك جمعة
النظام السوري بدأ يطبق وعوده السابقة، من خلال تصدير الأزمة إلى لبنان، والزج بالطرفين السني والعلوي هناك إلى الاقتتال، اعتقاداً منه بأن من شأن ذلك أن يخفف من هول المصيبة التي تحاصره من كل جانب، وأيضاً كي يدفع الجيش اللبناني إلى التواجد على الحدود من أجل قطع أي خط إمداد لثوار سوريا، طبعاً تحت غطاء فض الاشتباك بين المقتتلين في طرابلس.
لماذا يرسل النظام السوري شيئاً من شظايا أزمته إلى لبنان، رغم أنه يعد المتنفس المالي الوحيد له؟ الجواب نجده في التظاهرات العارمة والحالة الثورية المتفجرة التي انطلقت الآن من دمشق وحلب، وصاحبتها حركة إضراب لفت أشهر الأسواق التجارية الدمشقية، من بعد مجزرة الحولة، في إشارة إلى أن التجار الحلبيين والدمشقيين قد انضموا إلى قطار الثورة وبدأوا يدعمون الثوار بالموقف والمال، ليقضوا بذلك مضجع النظام الخائف من ضيق الدائرة، وليلقموا من تحدثوا عن عدم دخول دمشق وحلب في الثورة حجراً، وعلى رأسهم حسنين هيكل الذي ناصر نظام الأسد بطريقة التنظير المعتادة التي يقول فيها أنا أعرف وهو لا يعرف.
سحب الدول الغربية سفراءها من دمشق، وطرد سفراء نظام الأسد، وانضمام تركيا فعلياٌّ الى هذا الحراك الذي زاد عزلة النظام عن باقي دول العالم، هو أيضاً من أسباب قيام نظام الأسد بمحاولة فتح جبهة في لبنان، لإحداث قلق وتشتيت الجهود الدولية المنصبة على الوضع في سوريا.
كوفي عنان، المبعوث العربي الدولي لسوريا من أجل تنفيذ المبادرة العربية، قال مؤخراً إن المعارضة السورية تخطت حاجز الخوف، ومن المستحيل أن تتوقف من دون إيجاد حل. أما الجيش الحر، فإنه بات يحقق انتصارات ميدانية فعلية، لا يصلنا منها سوى الشيء القليل.
إلقاء الجيش الحر القبض على عدد من منتسبي «حزب الله» في سوريا، وهم من دون شك ذهبوا لنصرة الأسد ضد شعبه، استمراراً لأجندة الحزب الداعمة لقتل السوريين، من بينهم ضباط مخابرات وعمليات، وحالة الهوس التي أصابت «نصر الله» بعد ذلك، ودفعته إلى التهديد والوعيد تارة، وإلى السلم و«الحب» تارة أخرى، هي أيضاً من أسباب صب جام الغضب والانتقام على اللبنانيين في طرابلس.
جميع هذه العوامل وغيرها الكثير، جعلت الأسد أقرب ما يكون إلى شبيح في مهب الريح، يريد أن ينتصر على شعبه بفوهات المدافع، ويريد نقل أزمته إلى الدول المجاورة، وكلما حاول فعل ذلك عصفت به الريح أكثر.

ليس صراعا بين الشيعة والسنة

السيد زهره
قبل فترة, نظم مركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الاسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون الأمريكية حلقة نقاشية حول الطائفية في المنطقة, حاضر فيها الباحث ولي نصر, أستاذ العلاقات الدولية الأمريكي.
ولي نصر هو صاحب نظرية ما اسماه «الصحوة الشيعية» في المنطقة التي روج لها على نطاق واسع في امريكا بعد غزو واحتلال العراق, وهو في مقدمة المحللين والباحثين الذين قادوا الدعوة في السنوات الماضية الى ان تتحالف امريكا مع القوى الشيعية في المنطقة باعتبار ان هذه مصلحة استراتيجية امريكية.
وفي محاضرته الاخيرة اعاد تكرار نفس مواقفه المعروفة هذه, واعتبر ان الصراع بين السنة والشيعة هو الصراع الأساسي في المنطقة اليوم, وانه سوف يتصاعد في المستقبل, وتحدث عما اسماه «حربا باردة» جديدة بين الشيعة والسنة ستشهدها المنطقة.
مثل هذه الأفكار لا يتبناها هو وحده. مثل هذه الأفكار حول الصراع بين الشيعة والسنة في المنطقة يتبناها محللون وباحثون كثيرون في الغرب. وفي الفترة الماضية, قرأت عددا كبيرا من الابحاث والتحليلات كلها تتحدث عن هذه القضية تحديدا. كلها تتحدث عن الصراع بين الشيعة والسنة في المنطقة العربية, وعن ابعاده واسبابه ومستقبله وهكذا. وهي في مجملها تعتبر الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة هو الصراع الاكبر في المنطقة اليوم.
وفي نفس هذا السياق, قرات في الفترة الماضية عددا كبيرا ايضا من التحليلات تتحدث عن البحرين تحديدا من المنظور ذاته. أي تتحدث عن الصراع بين الشيعة والسنة في البحرين وتسهب في تقديم أبعاده المختلفة من وجهة نظر كتاب هذه التحليلات بالطبع.
هذه القضية بحاجة الى توضيح .
بغض النظر عن آراء الغربيين في هذا الشأن, يجب ان تكون هذه القضية بأبعادها وحدودها الحقيقية واضحة بالنسبة لنا هنا في البحرين وفي المنطقة العربية كلها.
حقيقة الأمر ان هذا الطرح للقضية, وهذا الحديث عن الصراع بين الشيعة والسنة كصراع ديني طائفي واعتباره الصراع الاساسي في المنطقة الآن وفي المستقبل, هو حديث خاطئ جملة وتفصيلا. هو ليس خاطئا وحسب. هو طرح مغرض يحمل في طياته نوايا خبيثة, ويعبر عن تخطيط استراتيجي شرير, كما سأوضح لاحقا.
الأمر هنا باختصار ان ما تشهده المنطقة ليس صراعا طائفيا دينيا بين الشيعة والسنة. الذي تشهده المنطقة هو صراع سياسي حول اجندات سياسية, اطرافه قوى اقليمية ودولية, وقوى محلية ايضا.
وكما كتبت مرارا من قبل, هناك قوتان هما المسئولان اساسا عن اطلاق هذا الصراع السياسي, وعن محاولة تصويره على انه في جوهره صراع طائفي ديني بين الشيعة والسنة في المنطقة.
القوة الاولى, هي ايران بمشروعها العنصري التوسعي في المنطقة الذي تخطط له منذ سنوات طويلة, والتي تتخيل انه عبر هذا المشروع من الممكن ان تفرض هيمنتها السياسية في المنطقة وتتحكم في مقدراتها.
ايران تعتبر ان الشيعة في المنطقة احد اكبر اوراقها الرابحة في سعيها لتنفيذ مشروعها هذا. وايران تعبتر ان القوى الشيعية المنظمة في المنطقة احد اكبر ادوات تنفيذ مشروعها.
بعبارة اخرى, الحديث عن صراع طائفي بين الشيعة والسنة في المنطقة هو بالنسبة الى ايران يوفر مناخا وظروفا مواتية لها لتنفيذ مخططاتها الاستراتيجية.
والقوة الثانية, هي امريكا. لنلاحظ ان امريكا هي التي لعبت دورا رئيسيا في اطلاق الفتنة الطائفية في المنطقة بما فعلته في العراق بعد الغزو والاحتلال, وبفرضها وعن تخطيط وعمد مسبق نظاما سياسيا يقوم على اسس طائفية بحتة.
والحادث ان المخططين الاستراتيجيين في امريكا اكتشفوا قبل سنوات طويلة ان الصراع الديني الطائفي في المنطقة هو احد المداخل الكبرى لتحقيق الاهداف الاستراتيجية الامريكية.
بعبارة اخرى, يعتبر المخططون الامريكيون ان تأجيج هذا الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة هو في حد ذاته مصلحة استراتيجية امريكية.
وبين ايران وامريكا, هناك قوى محلية في الدول العربية هي قوى طائفية لديها اجندات سياسية من مصلحتها ايضا ان يتكرس هذا الاعتقاد العام بوجود صراع طائفي شيعي سني.
وهذه القوى الطائفية المحلية بالاضافة الى اجنداتها الخاصة, هي في نفس الوقت اشبه بقطع شطرنج تحركها ايران او امريكا او قوى اجنبية اخرى في اطار الحسابات والخطط السياسية لهذه القوى الاجنبية.
اذن, القضية كما ذكرت ان دولنا ومجتمعاتنا العربية لا تشهد صرعا بين الشيعة والسنة على اسس طائفية دينية. دولنا ومجتمعاتنا تشهد صراعا حول اجندات ومخططات سياسية.
الوعي بهذه الحقيقة له اهمية كبرى اليوم, وتترتب عليه مواقف محددة يحجب ان نتبناها في دولنا.
الطرح السائد في الغرب اليوم والذي يروج لأن الصراع في المنطقة العربية اليوم وفي منطقة الخليج بالذات هو صراع طائفي بين الشيعة والسنة سوف يستمر ويتفاقم, وقلت ان هذا طرح خاطئ وخطير, فالصراع هو سياسي حول اجندات سياسية دولية واقليمية ومحلية ايضا.
لكن الخطورة في هذا الطرح ومن الالحاح الدائم عليه انه هو بحد ذاته يفجر عداءات وصراعات طائفية ويفاقمها ويكرسها.
وهذا امر مقصود.
نعني ان قوى مثل امريكا ومثل ايران لأنها تعتبر ان الخلافات والصراعات الطائفية بين الشيعة والسنة في المنطقة اداة اساسية لتحقيق اهدافها وغاياتها السياسية ومخططاتها, فانها تسعى عن عمد الى تكريس هذا الاعتقاد في الوعي العام بان الصراع في اصله طائفي مستحكم, وتسعى الى اثارة الفتنة الطائفية فعلا.
ولهذه القوى اساليب كثيرة معروفة لمفاقمة الخلافات الطائفية ولاثارة الفتن. هي تفعل ذلك عبر التحريض الاعلامي والسياسي, وعبر التآمر الفعلي والتحريض المباشر لاثارة الفتنة الطائفية.
نريد ان نقول ان الخطورة في هذا الطرح ومن الالحاح عليه ومن الانسياق وراءه انه يمكن ان يحوِّل الصراع السياسي الى صراع طائفي بالفعل.
وهذا هو الذي يفسر هذه المفارقة التاريخية التي نعيشها.
نعني ان السنة والشيعة في دول مثل البحرين او العراق وفي المنطقة عموما تعايشوا معا لحقب طويلة من التاريخ في وئام ومن دون أي صراعات كبرى مفتوحة. لكن فجأة وجدنا الخلافات الطائفية تحتدم وتشتد والفتنة الطائفية تطل براسها.
ولنتأمل سريعا الوضع في البحرين, فهو مثال حي لما نقول.
الذي حدث في البحرين منذ الأحداث التي تفجرت في مطلع العام الماضي, هو صراع سياسي حول اجندات سياسية وليست طائفية.
هو صراع بين قوى سياسية طائفية مرتبطة بالخارج حاولت ان تفرض على الدولة والمجتمع اجندة سياسية طائفية محددة, وبين الدولة واغلبية قوى المجتمع ترفض هذه الاجندة ولديها اجندة مختلفة للدولة وللسياسات العامة.
هو اذن صراع سياسي.
لكن الذي حدث للأسف الشديد هو ان هذا الصراع السياسي تحول بالفعل الى خلاف طائفي حاد, نشهد اليوم تجلياته المؤسفة في ذلك الانقسام الطائفي الحاد الذي يشهده المجتمع, وفي هذا الاحتقان الحاد بين ابناء المجتمع من السنة والشيعة على النحو الذي نعرف جميعا ابعاده اليوم.
كما سبق وقلت, الوعي بهذه الحقيقة امر في غاية الأهمية.. الوعي بأن القضية قضية صراع سياسي وليست الطائفية ولا ينبغي لها ان تكون قضية صراع طائفي بين الشيعة والسنة, ومن الخطورة بمكان طرحها على هذا النحو.
والوعي بهذه الحقيقة يترتب عليه الكثير من الأمور التي يجب ان تحكم اداء الدولة وكل قوى المجتمع بلا استثناء وعلى كل المستويات, سواء في خطابها العام, او في مواقفها وحركتها الفعلية.
الوعي بهذه الحقيقة يعني اولا وقبل كل شيء, ان يحرص الكل بلا استثناء على ان يظل الخلاف او الصراع القائم في المجتمع في حدوده السياسية.
بمعنى ان من حق الكل ان يدافع عن مواقفه السياسية او ان يرفض مواقف سياسية معينة, لكن من دون ان ينجر احد الى محاولة الباس هذا الصراع ثوبا دينيا طائفيا.
بعبارة اخرى, يجب ابعاد العلاقات بين ابناء المجتمع وروابطهم ايا كانت طوائفهم عن هذا الصراع السياسي. وليس من المقبول هنا ان تزعم أي قوة سياسية ايا كانت انها تتحدث باسم طائفة باسرها او تعبر عنها.
ويعني هذا انه في الوقت الذي من حق الكل فيه ان يختلف او يتصارع حول مواقف سياسية, فان الكل يجب ان يحرص في نفس الوقت على القيام بواجبه بشكل جاد ومخلص في محاولة انهاء الانقسام الذي يشهده المجتمع, والعمل على اعادة اللحمة الوطنية الى ابناء المجتمع.
ويعني هذا بدوره, من بين ما يعني, ان الكل في المجتمع بلا استثناء يجب ان يتوقف نهائيا وفورا عن أي تحريض طائفي, وعن أي خطاب او سلوك يمكن ان يروج للكراهية الطائفية, او يسهم في تأجيج المشاعر والمواقف الطائفية.
يبقى ان هناك حقيقة كبرى يجب ان يكون الكل على وعي بها, وان يتصرف على اساس هذا الوعي.
نعني حقيقة ان الخلاف او الصراع السياسي في المجتمع من السهل في نهاية المطاف احتواؤه وحسمه, والتوصل الى تسوية بخصوصه.
لكن الصراع الطائفي لو تفاقم لا سمح الله وتكرس في المجتمع, فستكون هذه هي الكارثة الوطنية الكبرى التي سيكون احتواؤها من اصعب الأمور.

ما هذا يا مصر

بثينة خليفة قاسم
ما حدث في مصر عقب النطق بالحكم على الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العدلي قبل يومين هو شيء لا يليق بمصر ولا بثورتها، فالقضاء قال كلمته وحكم بالمؤبد على الرئيس ووزير داخليته وهو أشد حكم يمكن تخيله في ظل ما عرف عن ملابسات هذه القضية؟
لماذا دفع الإخوان المسلمون شبابهم للخروج إلى الميدان مرة أخرى في الوقت الذي كانت تتجه فيه البلاد نحو الاستقرار، خاصة أن أسبوعين فقط يفصلان بيننا وبين تنصيب الرئيس الجديد؟
ولماذا خرج مرشح الإخوان محمد مرسي وأطلق تصريحاته غير المسؤولة التي هيجت الشارع وحرضت شباب الإخوان على الخروج إلى التحرير من جديد؟ هل يليق برجل يستعد للجلوس على كرسي الرئاسة أن يقوم بإهانة قضاء بلده وتشكيك الناس في أحكامه؟ كيف يعلن أنه سيعيد المحاكمة بأدلة جديدة بعد أن يصبح رئيسا؟ إذا كانت لديه أدلة أخرى فلماذا لا يقدمها للقضاء في الوقت الحالي؟
كان الأجدر برجل يستعد لتولي المنصب الأرفع في أكبر دولة عربية أن يكون حريصا على تهدئة المنفعلين الذين لا يدركون نتائج التشكيك في أحكام القضاء ولا يفهمون كيف يحكم القاضي، كان عليه أن يخرج ويتصرف كرجل دولة، ويقول لأتباعه أن القاضي يحكم بالجزم واليقين ولا يحكم بالظن والتخمين.
كان على مرشح الإخوان المسلمين أن يقدم المثل والقدوة ويضع مصر بين عينه ويقدم مصلحتها واستقرارها على المزايدات الانتخابية.
إذا سقطت مصر في الفوضى بعد هذه الحادثة، فلن يغفر الله لمن يتاجرون بدماء الشهداء ويسرقون الثورة ويوظفون كل شيء لخدمة أهدافهم الانتخابية مهما كان هذا على حساب استقرار بلادهم.
لن يرحم التاريخ الانتهازيين الذين لا تهمهم مصر ولا المصريين ولا ينشغلون بشيء سوى الانقضاض على الحكم قبل أن يصحو الشعب ويراجع نفسه.
لقد تابعنا على شريط الأخبار كيف رحبت منظمة العفو الدولية بهذا الحكم وكيف وصفت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحكم بأنه يستوفي شروط المحاكمة العادلة، فلماذا خرج الثوار إلى التحرير مرة أخرى؟ إنني شخصيا أشعر بقلق شديد على مستقبل الأوضاع في مصر، لأن الذين حشدوا الشباب ضد حكم قضائي يستطيعون بشكل أيسر أن يحشدوه ضد نتائج انتخابات الرئاسة مهما كانت نزيهة.
فإذا كان القضاء الذي هو الملاذ الأخير قد أسيء إليه، فلن يثق الشعب في أي شيء آخر وسوف تسود شريعة الغاب.
لماذا تريدون تشويه الصورة التي عرفها العالم عن الثورة المصرية وعن التعامل الحضاري مع الرئيس المخلوع ومنحه محاكمة عادلة امام القاضي الطبيعي؟

الإخوان والسيطرة على مصر

أسامة الماجد
تباينت ردود أفعال الشارع العربي في محاكمة الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك الذي حكم عليه بالسجن المؤبد مع وزير الداخلية.. ولم تحتشد الأمة العربية لقضية من قضاياها خلال الفترة الأخيرة مثلما احتشدت يوم محاكمة مبارك ومتابعة آخر تطورات الوضع في مصر الحبيبة.. مصر العروبة والشموخ. فالإنسان العربي يدرك وبلا أي نقاش أن استقرار مصر وعودة سريان الدم في شرايينها هو الأهم، وهو فوق الخلافات والمنازعات والمساومات.
شخصيا ككاتب وصحافي غير مقتنع في بعض جوانب ما أطلق عليه الربيع العربي، فهذا الربيع أشبه بالأزهار المعلقة على أبواب خلفها هوة عميقة لا قرار لها. ومهما يكن من أمر فإن المنعطف الجديد الذي تطل منه الثورة في مصر يحتاج إلى التدقيق والتوعية، كما ينبغي ثانيا أن نحذر من المزايدة، في مجال الادعاءات.. فإذا كان المصريون اليوم على أبواب الحرية “كما يقول البعض” وتجربة جديدة في طريقها إلى التحقق، فليس معنى هذا أن يرخي بعض الزعماء هنالك العنان لخيالهم ويسبقوا التجربة وحدودها، للانغلاق ضمن حرفية او لفظة ثورية هجرها أصحابها أنفسهم!
ولعل اغرب ظواهر الموجة الجديدة في مصر، والتي تدل أيما دلالة على انعدام الحس بتطورات الواقع العربي من جهة، والفقر بالثقافة الايديلوجية من جهة أخرى، هو محاولة البعض ان يحشر تلك الموجة تحت عنوان اصطلاحي، ليفسرها بمختصراته الايديلوجية، وبدلا من ان ننظر إلى انتصارات الشعب المصري “لغاية الآن على الأقل” ونتخذها دليلا على صحة طريقها، فإن هذا البعض يعكس الآية تماما، ويجد ان هذه الانتصارات من صنع يديه، وهم بطبيعة الحال الإخوان المسلمين الذين سيعتبر وصولهم إلى سدة الحكم في مصر أكبر نكبة في تاريخها!.
فالإخوان المسلمون يعتبرون أعداء ليس للنظام السابق فحسب، إنما أعداء للثورة، فهاهم خرجوا في ميدان التحرير وأحدثوا فوضى عارمة بعد النطق بالحكم، مطالبين بإعدام مبارك وبمحاكمة ثورية، وكل ذلك لأنهم يحيطون أنفسهم بهالة من القداسة، فهم يستخدمون هذا السلاح ويعتمدون عليه طوال تاريخهم وذلك من اجل السيطرة على مصر، لكن هذه المحاولات باتت مكشوفة عند المصريين الذين ينشدون التغيير بعيدا عن الإخوان.
والأمر الآخر الذي ينبغي الالتفات إليه هو أن بعض المراقبين السياسيين يرون في فوز أحمد شفيق بكرسي الرئاسة في مصر خنق لثورة 25 يناير باعتباره من بقايا النظام السابق، ومن المؤكد أنه سيعيد محاكمة مبارك أو على أقل تقدير سيفرج عنه بأي طريقة كانت، وإذا ما تحقق ذلك وفاز شفيق، ستدخل مصر في دوامة جديدة، مع العلم أن هناك عددا كبيرا من المصريين لم يخرجوا أصلا في تلك الثورة، فالإحصائيات تشير الى أن حوالي مليوني مواطن خرج مناصرا للثورة والإطاحة بنظام مبارك، بينما بقى حوالي 60 إلى 70 مليونا خارج نطاق الضوء.
على المواطن المصري اليوم أن يثبت انتصاره في هذه المعركة، انتصاره على القديم الجامد والسائر في طريق الاندثار “جماعة الإخوان المسلمين” وهو حقيقة انتصار الواقع الموضوعي على شطحات المتخلفين الحذرة، حقيقة انتصاره، وحتمية انتصاره إذا ما أخذ بالكلمة التي تخرج عن حيز كونها كلمة مجردة، لتصبح قوة مادية تحرك وتثير، وتفعل فعل الزلزال.
قناة العالم والزملاء
لا ندري أي مرض أصاب قناة الحرس الثوري الإيراني “العالم” هذه الأيام، فبعد أن انتهت قائمة أسماء العملاء والخونة الذين استخدمتهم للإساءة إلى البحرين منذ العام الماضي، تحولت بقدرة قادر إلى بعض زملاء المهنة من الشرفاء والوطنيين لتستضيفهم في بعض المداخلات، وكأنها تقول.. ها أنا أقدم الرأي والرأي الآخر!
مساكين أنتم... إلعبوا غيرها... فالجري وراء الشرفاء وتقبيل أرجلهم من أجل الظفر بدقائق على الهواء لن يغير في الواقع شيئا... تعسا لكم وتعسا للعقلية الصفوية الحاقدة التي تفعل كل ما هو مقبول وغير مقبول من أجل مشروع الخميني المقبور.

يريدون تدمير سوريا

أحمد سند البنعلي
في أحد الجوامع وقف الخطيب يدعو “للشعب السوري” ويدعو على النظام هناك ثم ختم دعاءه أخيرا بدعوة المصلين للتبرع ليس من أجل المحتاجين في سوريا حاليا والذين هم كثر بل في الأساس لتزويد بعضهم بالسلاح والذخائر في مناقضة لما يدعو له الشعب السوري وجبهة التنسيق هناك بجعل الثورة السورية ثورة سليمة من جميع الجوانب.
إيران من جهتها ومعها النظام التابع لها في العراق ومن في معيته من ميلشيات طائفية وعلى الجانب الآخر هناك حزب الله في لبنان، جميعهم يقدموا ما لديهم لدعم النظام السوري ماليا ولوجستيا في وجه المواطن تحت حجة المقاومة التي لم نر حقيقتها حتى الآن من النظام السوري والتي أضحت بمثابة الشماعة التي يعلق عليها النظام في سوريا وغير سوريا أخطاءه وانتهاكه لحقوق المواطن لديه.
وروسيا ومعها الصين وكوبا بالأساس يقفون جميعا ضد أي قرار يتعلق بتضييق الخناق على النظام السوري بحجة وجود عصابات مسلحة يقاتلها ذلك النظام وهي السبب في المجازر التي تحدث بحق المواطن في سوريا متناسين الآلاف من الضحايا الذين سقطوا ومازالوا يسقطون على يد الجيش السوري.
الدول العربية أعلنت عجزها ولجأت إلى الأمم المتحدة بعد أن تخبطت جامعتها العربية في معالجة ما يحدث في سوريا منذ بدايته وتركت الأمر بيد أفراد منها يقررون ما لا يمكن أن يكون حلا للقضية بل يفرشون الأرض لتمهيدها للتدخل الأجنبي كما فعلوا مع ليبيا قبل ذلك ولم تحاول الجامعة استخدام الزخم الشعبي الذي ساد الأرض العربية للضغط على النظام العربي من اجل الشعب السوري بل سارت كعادتها في كنف ذلك النظام دون أي تغيير في مسارها الطويل منذ إنشائها قبل أكثر من ستة عقود من الزمن.
لقد سرقوا جميعهم الثورة وحولوها من ثورة شعبية إلى فتنة طائفية تماما كما يريد لها النظام في سوريا، فإيران والعراق ومن معهم وقفوا دون كلل مع النظام السوري ليس من منطلق المقاومة وتعزيزها كما يدعون ولكن من أجل الطائفة ومنع وصول طائفة الأغلبية السنية إلى سدة الحكم على حساب الطائفة العلوية التي هيمنت عليه طويلا وكتمت أنفاس الشعب هناك، وبعض الدول العربية وقفت مع الثورة ليس حبا في الثورة والشعب السوري المنهك بل ضد الهلال الشيعي الذي رسمته إيران وخططت له منذ نجاح ثورتها عام 1979، ودخلت منظمات المجتمع المدني وبالذات في دول الخليج العربي على الخط وغذت الفتنة بتحويلها علنا إلى صراع طائفي معطية الحجة للنظام السوري في دعواه محاربة الطائفية والخوف من تحول سوريا إلى حرب شعبية قائمة على الفرقة الطائفية أو تحويلها إلى محطة للإرهاب كما يدعي.
الخاسر الأكبر من كل ذلك هو الشعب السوري الذي بدأ ثورة شعبية سلمية حقيقية من أجل الكرامة والحرية وقدم الآلاف من الشهداء حتى الآن وواجه المجازر الواحدة تلو الأخرى من حي بابا عمرو وحتى الحولة مؤخرا وصبر في مواجهة القوة العسكرية للنظام السوري التي تحولت من مواجهة العدو الصهيوني إلى قتل المواطن السوري وأخيرا تأتي قوى طائفية لتسرق ماهية الثورة وتتحول بها من عمل ثوري شعبي من أجل الإنسان إلى فتنة طائفية مقيتة تقتل الإنسان وتشوه صورته وهو بالضبط ما يريده النظام هناك ليطول بقاءه.
ارفعوا أيديكم عن سوريا والشعب السوري وإن أردتم مساعدتهم فقدموا لهم الدعم الذي يساعدهم على مواصلة الصمود ويقوي من عزيمتهم في محاربة الظلم الواقع عليهم فالشعوب لا تنتصر بالسلاح فإرادتها اقوى من كل سلاح ووحدتها أهم من الذخائر والرصاص الذي يقدم لها ولكنه يخترق أجسام مواطنيها.
القائمون على قيادة العمل الجبهوي في سوريا لم يطلبوا السلاح حين شاءت الصدف أن نتحدث مع بعضهم بل كان طلبهم الأساسي هو الدعم الذي يعينهم على تيسير حياة المواطن السوري وجعله قادرا على مواصلة الصمود، هذا ما يريدون وليس الرصاص.

الطريق إلى الثورة الجديدة

عبدالله الكعبي
يقال إن المصريين في طريقهم إلى إعلان ثورة جديدة إما لتعديل مسار ثورتهم الأخيرة أو لنسف ما جاءت به الثورة من مبادئ ثبت فشلها بعد عام واحد فقط من الإطاحة بنظام حسني مبارك.
المصريون ومنذ يومهم الأول بعد الإطاحة بحسني مبارك لم يستقروا على رأي يمكن أن يعطي انطباعاً حقيقياً على صدق توجهاتهم التي كان من المفترض أن ترسم لهم طريق الحياة الجديدة التي تلي عصر مبارك ونظامه. فالاحتجاجات التي تفهمها الجميع في بادئ الأمر لم تعد اليوم مستساغة خصوصاً بعد أن أصبحت العنوان الأبرز لهذه الثورة التي بالرغم من نجاحها وفي زمن قياسي إلا أنها لم تؤطر بسياسات ولا بأهداف يمكن العمل على تحقيقها في ظل الدولة الجديدة في مصر والتي كان من المفترض أن يكون عمادها العمل والبناء بجانب العدل والمساواة اللذان فقدا في عصر الدولة القديمة.
التذمر والاحتجاج الذي يتلوه اعتصام ومواجهات وسقوط قتلى وجرحى وضياع الأمن والكساد الكبير الذي أصاب الاقتصاد المصري هو أبرز ما جناه المصريون من ثورتهم التي لم تستطع حتى اللحظة أن تعوضهم عن الحرمان الذي عاشوه طوال السنوات الماضية التي استحوذت فيها ثلة من الناس على مقدرات الأمة بكاملها وحرمتها الثروات والخيرات.
المناداة بثورة جديدة يثبت للعالم أن المصريين لم يكونوا على علم بثورتهم الأولى لذا فإنهم سيخرجون من جديد للانقلاب على ما تم حتى الآن وسيكونون في طريقهم إلى إعلان ثورة ثالثة ورابعة إذا لم يعجبهم ما تم في ثوراتهم السابقة وهم بذلك يتشبهون بالعسكر الأفارقة الذين لا يلبث أحدهم في الحكم بضع شهور حتى يتفاجأ بانقلاب جديد يطيح به وهكذا دواليك حتى أصبح الناس تحت رحمة الانقلابات العسكرية التي أدخلت هذه الدول في نفق الحروب التي حصدت الأرواح بجانب الفقر الذي تسببت فيه عجلة التنمية المعطوبة.
الحكم الذي يراه المصريون غير مقبول والصادر بحق مبارك ونجليه بجانب عدم قبولهم بمرشحي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، هي مؤشرات مبدئية على الضياع الذي تعيشه الأمة المصرية التي أضاعت خط سيرها ولم تعد قادرة على تعديل مسارها سواءً قامت بثورة جديدة أم صبرت على ما جاءها من وراء ثورة يناير 2011.
الأيادي التي تلعب بالشارع المصري كثيرة جداً وهي ذات قدرة عجيبة على تغيير مسار الأحداث بحيث تبدو الأمور طبيعية وغير مشكوك فيها. كما أن إسهام المصريين في ما وصلت إليه الأمور في بلدهم لا يمكن إنكاره أو تجاهله. فمرسي وشفيق اللذان سيخوضان جولة الإعادة وصلوا إلى هذه الجولة بأصوات المصريين أنفسهم، وفشل مرشح الثورة في تخطي الجولة الأولى كان نتيجة فشل الثورة في إقناع الجميع بهذا المرشح أو بالبرنامج الذي وضعه أو بعموم الأهداف التي جاءت بها والتي لم تتحول بالرغم من مضي أكثر من عام إلى برامج عمل تعطي المصريين أملاً في حياة مختلفة عن حياة النظام السابق. لذا فإن تحرك الأمور إلى الأسوأ أصبح أمراً مرجحاً إن لم توضع خطط عملية لوقف هذا الانهيار الذي أصبح ينذر بنتائج أسوأ بكثير من نتائج بقاء حسني مبارك في السلطة.
اعتقد أن الثورة الحقيقية التي يجب أن يقوم بها المصريون الآن هي الثورة على أوضاعهم الحالية التي باتت مطية في يد غيرهم للوصول إلى الأهداف التي لا تخدم المصريين وإنما تزيدهم تأخراً وتخلفاً وعزلة وتذهب بكل الجهود التي بذلت أدراج الرياح.
سواءً اتفقنا مع ثورة يناير أو اختلفنا معها، فإن المنطق يحتم على الجميع العمل للحفاظ على ما تحقق واعتبار أن مشوار التغيير والتعديل طويل وليس كما ظنه البعض في بادئ الأمر أنه مجرد الانتقال من نظام حكم إلى آخر من دون أن يكون هناك تبعات لهذا الانتقال.
الحفاظ على مصر وتاريخها الطويل واستعادة دورها الريادي هو ما يجب أن يوضع في الاعتبار لتفويت كل الفرص على المتربصين بهذا الكيان العملاق وكل من يعمل الآن على هدمه وتفتيته.