Saturday, May 5, 2012
استفزازات إيران تسرّع خيار الاتحاد
الدور الإيراني في الأزمات العربية
جاردنر وحسين
أما الموضوع الآخر وهو المقال الذي كتبه زميل الدراسات الشرق أوسطية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إيد حسين. وكان مقالا رائعا بيّن فيه الكثير من أوجه الحقيقة في البحرين. يقول حسين إنه «مرارا وتكرارا وفي اجتماعات مع قادة المعارضة الشيعية تكرر اسما واحدا بصورة دائمة وهو آية الله عيسى قاسم، الزعيم الروحي للوفاق، الذي يمتد نفوذه عبر حركة المعارضة الشيعية». ويضيف «إن خطب قاسم المتعلم في إيران هي في الغالب ضد أمريكا وضد الديمقراطية ومؤيدة لإيران بشدة. وعندما واجهت حركة الخضر الإيرانية الملالي في طهران اتهم آية الله قاسم الغرب بمحاولة تقسيم دولة آمنة وإظهار الكراهية ضد الاسلام».
ويقول حسين (وهذا هو الجزء الذي يظهر مقدارا كبيرا من البحث والمعرفة) أنه (أي آية الله عيسى قاسم) «أيضا لا يقبل آراء الشيعة المختلفة عن آرائه في بلده. وشرح لي ثلاثة من أعضاء البرلمان البحريني من الشيعة عواقب أن يجرؤ المرء على تحدي آية الله قاسم. فعندما قرروا عدم الانصياع لمطالبات الوفاق بمقاطعة الانتخابات في أكتوبر طالبت المساجد التابعة للوفاق الناس بمهاجمتهم وقد تم رمي قنابل حارقة على منازلهم وتمت مضايقة أبنائهم في الطرقات. لقد عاشوا في خوف من أجل حياتهم، وهم ليسوا وحدهم في ذلك».
ويضيف حسين راويا قصة أحد رجال الأمن الشيعة، في سترة تحدثت بالعربية مع رجل شرطة شيعي وقد قال لي «أنا بحريني قبل أن أكون شيعيا ويجب أن نعيش كبحرينيين ونعمل ما هو صحيح من أجل وطننا وألا يتم التحكم بنا من قبل رجال الدين الإيرانيين». ومثل السنة البحرينيين شعر رجل الشرطة هذا أن الملكية لم تكن تعطيه الأدوات للرد على المتظاهرين. واشتكى أن الدولة لم تزودهم بالأسلحة مما جعلهم تحت رحمة مثيري الشغب الذين يحملون الأسهم المحلية الصنع والقنابل الحارقة. ويقول الشرطي لحسين «في العام الماضي أخطأ رفاقي في الجيش ووحدات الاستجواب بتعذيب المتظاهرين، ولكن ماذا عن الهجمات علينا الآن؟ كيف نحمي أنفسنا؟».
ويؤكد حسين أنه في خضم هذا كله «لم يطالب آية الله قاسم أنصاره بالتوقف عن العنف ضد الشرطة والحكومة وقادة الشيعة الذين لا ينصاعون لأوامره. وبالمقابل فقد طلب من عضو مجلس النواب جواد حسين والقادة السياسيين ورجال الدين الشيعة الآخرين أن يحضروا إلى مسجده خلال صلاة الجمعة ويتوبوا علنا لخيانتهم المجتمع».
وبهذا فسر ايد حسين أساليب حزب الدعوة الذي أسّسه آية الله قاسم في البحرين قبل عقود طويلة ومازالوا يسيرون على هذا النهج. ولكن هناك رجال ونساء في هذا البلد يأبون أن يكونوا إمّعة في يد من خانوا المجتمع وتسببوا في دماره ودمار اقتصاده وساهموا جل إسهام في تفتيته وتمزيق العائلات وتشويه صورة الشرفاء منهم واستهدافهم. أعرف رجالا واجهوا القنابل الحارقة واستهداف أبنائهم وبناتهم منذ التسعينيات لأنهم لم يتفقوا مع نهج الغوغاء. وهناك آخرون طالبوهم بأن يستقيلوا من مناصبهم خلال الأزمة التي مرت ولكنهم أبوا ليس حبا في المنصب ولكن حبا في الوطن وعندما تم تهديدهم بالتبرؤ منهم حتى من قبل أقرب المقربين إليهم قالوا لهم افعلوا ما شئتم. هذه كلها قصص حقيقية. بعض هؤلاء أخذ حقه فأعطِي الشيء البسيط لولائه وبعضهم لا تعرف عنهم الدولة شيئا. هؤلاء هم الرجال الحقيقيون وهؤلاء هم من نصروا المجتمع ولم يخونوه. وإن من خانه هو من يركب المنابر ويمسك أبناءه عن الشارع خوفا عليهم من الأذى.
لصوص الثورات العربية: أمريكا
وبصراحة، هذا كلام سخيف لا اساس له من الصحة.
إن اردنا الدقة اكثر، فان الذين يرددون هذا الكلام سواء من الكتاب العرب او في الغرب، يستندون في هذا الى معلومات هي بحد ذاتها صحيحة، لكن النتيجة التي يتوصلون اليها خاطئة.
أما المعلومات الصحيحة، فهي ان امريكا لها اتباع من «النشطاء» في عديد من الدول العربية. والصحيح ايضا ان مؤسسات ومعاهد امريكية مشبوهة نظمت دورات تدريبية لهؤلاء في انحاء متفرقة من العالم قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية في دول مثل تونس ومصر. دربتهم على اساليب الاحتجاج، وكيفية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الاحتجاجات.. وهكذا. والصحيح كذلك ان امريكا تمول انشطة هؤلاء وقوى اخرى تابعة لها في عدة دول عربية.
مثل هذه المعلومات صحيحة ومعروفة وليست سرية. وحتى هؤلاء الذين دربتهم واحتضنتهم امريكا في دول مثل مصر والبحرين معروفون بالاسم.
لكن ليس صحيحا على الاطلاق ان يقال استنادا الى هذه المعلومات ان امريكا هي التي «صنعت» ما سمي الربيع العربي.
أولا، بشكل عام التابعون والعملاء لأمريكا او غيرها، لا يفجرون ثورات ولم يكن مخططا لهم اصلا ان يكونوا ثوارا. هؤلاء مهمتهم الاساسية هي التخريب وفقا للأجندة الامريكية في كل بلد.
وثانيا، من السخف ان يقال مثلا ان العشرة ملايين مصري الذين خرجوا الى الشوارع ايام الثورة المصرية حركهم عملاء لأمريكا. هذه اهانة للثورة.
وثالثا، الثابت ان امريكا نفسها فوجئت كما فوجئ العالم باندلاع هذه الثورات ناهيك عن نجاحها. وبدليل ان الادارة الامريكية ظلت فترة في حالة مصر وتونس مثلا لا تعرف أي موقف تتخذ بالضبط من هذه الثورات.
الذي يجب الانتباه اليه هنا هو ان الامريكان انفسهم هم الذين يقفون وراء مقولة ان الثورات صناعة امريكية، وهم الذين يروجون لها، وذلك بهدف اظهار امريكا كما لو كانت هي التي تتحكم في كل كبيرة وصغيرة في الدول العربية وان المقادير العربية بيدها.
الصحف الامريكية الكبرى هي التي روجت لهذا الكلام. وكبار المسئولين الامريكيين هم الذين حاولوا التلميح الى ذلك. ولنتأمل مثلا ما قالته وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون.
في نوفمبر ٢٠١١، ألقت كلينتون خطابا طويلا جدا في المعهد الديمقراطي الامريكي المشبوه، قالت في بدايته: «عندما كانت الشوارع العربية هادئة، كان المعهد الديمقراطي الأمريكي موجودا على الارض، يبني علاقات ويدعم الاصوات التي سوف تحول بعد ذلك الشتاء العربي الطويل الى ربيع عربي جديد».
كيلنتون تريد ان تقول ان عملاء المعهد الديمقراطي في الدول العربية هم الذين صنعوا الربيع العربي ووراءهم امريكا. كلام سخيف وليس له أي معنى.
كلام كلينتون وحرص الامريكيين على ترديد هذه المقولة هو في حد ذاته اكبر محاولة لسرقة الثورة العربية ونسبة الفضل فيها الى الامريكان زورا وبهتانا.
وبعيدا عن هذا، يبقى ان اخطر محاولات امريكا لسرقة الثورات العربية والمناخ الذي اوجدته في المنطقة تتمثل في امرين:
الأول: سعيها لتخريب هذه الثورات وخصوصا في دولة مثل مصر وحرفها عن مسارها ومحاولة دفع التطورات بما يخدم مصالح وتصورات امريكا الاستراتيجية، وبما يحقق هدف الحيلولة دون بناء دولة قوية ديمقراطية فعلا.
الحديث يطول هنا لكن اساليبهم معروفة، عبر عملائهم، وعبر الضغط والابتزاز للسلطات الرسمية. وقد كشف تقرير اللجنة المصرية للتحقيق في عمل المنظمات الامريكية المشبوهة معلومات كثيرة خطيرة في هذا الصدد سبق وكتبنا عنها ولسنا بحاجة الى اعادة التذكير بها.
والثاني: محاولة استغلال الاوضاع الحالية في المنطقة منذ اندلاع الاحتجاجات في الدول العربية لتنفيذ مخطط تخريبي هنا في البحرين وفي دول الخليج العربية عموما.
وكما سبق أن تحدثنا وكتبنا مرارا، هذا هو المعنى الوحيد لإصرار الامريكان على احتضان القوى الطائفية التخريبية في البحرين، والدفاع عن مشروعها سياسيا واعلاميا.
وفي كل الاحوال، سواء في دول مثل مصر او هنا في دول الخليج العربية، فان احد المهام الكبرى المطروحة هي الانتباه الى المخططات التخريبية الأمريكية، واتخاذ مواقف حازمة في مواجهتها.
أزمة البحرين والدفع إلى الخلف
عبدالله الكعبي
البحرين لم تكتشف أن ما يجري على ساحتها ليس شأناً محلياً خالصاً إلا بعد أن فات الأوان وبعد أن دخلت الأزمة فصولا جديدة لم يكن اللحاق بها ممكناً في ظل التصعيد الذي كان مخططاً له ولم يكن عفوياً بالمرة ولم يكن ردة فعل كما كان يصوره البعض أو يعتقده البعض الآخر. فمواقع الاحتلال التي أمسكت بمفاصل مهمة كانت مدروسة مثلها مثل بقية الفعاليات التي كان يعلن عنها مسبقاً وفق جدول زمني يراعي كل الجوانب المطلوبة للتصعيد والمشاركات الواسعة من القطاعات التي تم تسييسها مسبقاً برهنت على أن ما تمر به البحرين تتداخل فيه أياد كثيرة اتفقت منذ زمن على القيام بما قامت به والتي اتضح أنها اليوم أكبر حجماً مما نعتقد عند بداية الأحداث أو حتى عند إعلان حالة السلامة الوطنية.
ما مرت به البحرين عبر أكثر من عام من أحداث دراماتيكية أوضح للجميع عمق الأزمة البحرينية التي كان من المفترض علاجها بشكل مغاير عن ما تم أو ما يتم حالياً وهو الأمر الذي سيدفع بها إلى مستويات غير مسبوقة من التأزم قد لا تستطيع البحرين تخطيه بإمكانياتها المحدودة نظراً لحجم التحالف الذي عمل ضدها والذي كشف في الآونة الأخيرة عن عمق حقيقي لهذه الأزمة لا ينتهي عند أعتاب التدخل الإقليمي وإنما يتناهى إلى آفاق أممية غير محدودة قد تفاجئنا بتدخلات جديدة من قبل دول لم يحن وقت الإعلان عنها حتى الآن تنفيذاً للعبة تبادل الأدوار الذي أصبح من سمات الأزمات العالمية.
لجنة تقصي الحقائق التي تزعمها بسيوني لم تكن سوى لجنة جاءت لإعادة الوضع إلى ما كان عليه أيام الأزمة وتفويت فرصة الحل على البحرين التي لاحت في الشهرين اللذين سبقا عملها. فهي لجنة عملت في اتجاه تغليب مصالح الخارج على الداخل وصبغ أزمة البحرين بالصبغة العالمية عندما نجحت في تلوين المشهد البحريني بألوان المنظمات الحقوقية والإنسانية والدولية وإعطاء بعد إضافي كان الخارجون على القانون في حاجة ماسة له بعد أن انكشف أمرهم وسقطت أقنعتهم بالرغم من سماكتها وقدرتها الكبيرة على التشكل والتلون، وبرهنت على أن ما جرى ليس سوى شأن داخلي لا علاقة لأحد به عندما لم تشر من بعيد ولا من قريب إلى جهات خارجية أو دعم من أي نوع كان من المفترض فضحه وتبيانه للعالم الذي كان عليه أن يصدق ما جاء في التقرير ويكذب كل المشاهد التي عايشها المواطن البحريني طوال أيام الأزمة وحتى يومنا هذا.
الدافعون باتجاه تفعيل القانون وفرض سلطة الدولة وإعادة الهيبة لها لم يعد بإمكانهم طرح المزيد من الحجج التي استهلكت على مدار أيام الأزمة من دون أن تثمر عن نتيجة إيجابية، في المقابل أصبح المناوئون للحلول السلمية أكثر قدرة على استمالة الشارع الذي بدأ يتحرك تجاه العنف الصريح سواء كان هذا العنف دعماً لعمليات التخريب المستمرة من فبراير 2011 أو التي بدأت تستدرج إلى الساحة للرد على بعض الأعمال التي خرجت عن إطارها المعلن إلى ما هو أكبر منه عندما توسعت عملياتها وطالت كل شيء وحذرت من المزيد على اعتبار أن كل شيء يتحرك على هذه الأرض يمكن أن يكون هدفاً لها.
الاستعراض الممل الذي تقوم به الأجهزة الأمنية في عرض ما ضبطت من أسلحة ومتفجرات أو الإعلان عن عدم قانونية المسيرات التي تدعوا لها جهات التأزيم لم تعد تستهوي الشارع الذي أصبحت مطالبه أكبر من هذه الإعلانات الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فالوضع في البحرين أصبح عالمياً بمعنى الكلمة وبات يوحي باستحالة القدرة على التعامل معه من قبل الدولة التي إن استمرت على ما هي عليه من إجراءات فإنها ستطمع فيها كل الجهات حتى التي لا تعمل حالياً وتكتفي بالتفرج أو بعدم إدانة ما يجري على الأرض.
حجم الأسلحة المضبوطة ونوعيتها وقدرة أصحابها على استخدامها بهذه الحرفية وعدم خوفهم من ظهورهم على الملأ مكشوفي الوجوه وحصولهم على دعم من دول كبرى من مثل الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان بدأتا بجانب تسخير سفاراتهما في المملكة للعمل جنباً إلى جنب مع المخربين والإرهابيين، تشجيع مواطنيها على الانخراط في تلك الأعمال التي جاءوا خصيصاً من أجلها حيث لا يمكن التستر إلى مالا نهاية على الأعداد التي بدأت تتزايد من هؤلاء الغوغاء والمرتزقة الذين يتحصنون بجنسياتهم ضد القانون ويقدمون خدمات جليلة لمخربي الداخل بحمايتهم من القانون الداخلي وأيضاً الإسهام بصورة أكبر في تشويه صورة البحرين خارجياً التي بالرغم من صغر حجمها وعدم شرعية ما يجري فيها إلا انها باتت أهم وأخطر من وجهة نظر الإعلام العالمي الموجه مما يجري في سوريا التي يقتل فيها الآلاف يومياً أو غيرها من الأزمات في مختلف دول العالم.
إذا كانت البحرين لم تع حجم أزمتها إلا بعد فوات الأوان ولم يدر في خلدها أن هذا العدد من الدول يقف في الصف الآخر في مواجهتها، فإن على دول مجلس التعاون أن تعي خطورة ما يجري في البحرين وانعكاساته على المنطقة التي باتت تقف على خط النار بدرجة أكبر بكثير من أي وقت مضى حيث لم تصل أوضاعنا لهذه الدرجة من الخطورة في أيام الحرب العراقية الإيرانية ولا في أزمة احتلال الكويت ولا حتى عندما قررت الولايات المتحدة غزو العراق بعد حصاره الطويل.
القمة التشاورية الخليجية المقررة في مايو يجب أن تكون في حجم الحدث وأن تؤكد على ما ذهب إليه خادم الحرمين الشريفين عندما اقترح الوحدة بين دول المنظومة الخليجية التي لم يعد بالإمكان تأجيل اتحادها أو إعطاء هذه الخطوة مزيد من الوقت للتفكير لأن الخطوات في الاتجاه الآخر أسرع بكثير من عملية التفكير الذهنية البطيئة التي لم توصل دول المجلس حتى الآن إلى قرار يمكن أن يولد على إثره الاتحاد المطلوب ليس على مستوى الدول والأنظمة فقط وإنما على مستوى الشعوب التي ستدفع ثمن إهدار هذه الفرصة إن لم تتحقق في القمة التشاورية.
صيغة الاتحاد ليست مهمة ولا حتى شكله وإنما المهم أن يكون هناك اتحاد عاجل يكون قادراً على التصدي لتبعات ومخاطر تلك الأزمة العالمية التي بدأت في البحرين ولكن لا يعلم أين ستنتهي.
الدور المشبوه لإيران في الخلاف المصري السعودي
الخاسر الأكبر من هذا الخلاف هو الشعب المصري الذي سيتضرر اقتصاده في حالة قطع العلاقات مع السعودية لا سمح الله فالمملكة العربية السعودية تعتبر ثاني أكبر مستثمر في الجمهورية المصرية، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل عام، وتعتبر المستثمر الأول في بعض القطاعات الداعمة للاقتصاد المصري، وفي مقدمتها القطاع السياحي الذي تغطي السعودية ما نسبته 70 % من الاستثمارات فيه. كما سيؤثر هذا الخلاف بشكل كبير على أوضاع العمالة المصرية في المملكة، وعليه ستتأثر الحوالات الخارجية للعمالة المصرية في السعودية، المقدرة بنحو مليوني عامل، بالاضافة الى التأثير على معدلات التبادل التجاري. كما أنه قد يؤثر في تعهد المملكة أخيرا بدعم مالية مصر بـ2.7 مليار دولار. مما يتيح المجال لايران ان تتدخل بشكل سافر في مصر ومحاولتها سد مكان المملكة العربية السعودية فتحقق أهم أهدافها المتمثل في نشر الثورة الخمينية في مصر واعادة أمجاد الدولة الفاطمية العبيدية. فهل من عاقل يعي من المستفيد من هذا الخلاف؟
الأرقام التي لا تدونها الحروب
العلاقات السعودية المصرية ومهـرِّب المخدرات
عندما يذكر الشيطان اسم الله
سلفي أصلي وسلفي تايواني
العلاقة السعودية المصرية.. نسيجها أقوى من محاولات تمزيقه
العنف في حلب مؤشّر لاتساع "ثوري" زيادة المراقبين تمهّد لمناطق آمنة
روزانا بومنصف
سلّط رد الفعل العنفي الذي قام به النظام السوري على طلاب جامعة حلب واعلانه اقفال الجامعة الضوء على مجموعة عوامل وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية قد يكون ابرزها ان هناك نشاطا ثوريا على الارض في حلب حاول النظام التغطية عليه بكل وسائله مما عمم الانطباع ان دمشق وحلب بقيتا بعيدتين عن التحركات الشعبية. والعامل الاخر هو ان وضع النظام يزداد صعوبة يوما بعد يوم مع انتشار المراقبين ولو ان خطة كوفي انان تراعي شروطه الى حد بعيد وتمهله في تطبيق ما التزمه لجهة وقف العنف وسحب الآليات والاسلحة الثقيلة. فهذه المراعاة تنطلق من واقع ادراك ان النظام لن يوقف العنف كليا وسيبقي على استنفار جيشه لان ايقاف العنف سيؤدي حكما الى تعميم التظاهرات وزيادتها مما يطيح النظام كليا في الشارع في حين ان كل جهده منصب منذ سنة وشهرين على منع التظاهرات الضخمة علما ان انان وفق ما تقول هذه المصادر مقتنع بان النظام لن يتنازل ايا تكن طبيعة التظاهرات وحجمها وهو تخطى هذه المرحلة بكثير. لكن مواجهته المتظاهرين تعني في المقابل استمرار تحميل افشال خطة انان ومسؤولية عدم نجاحها جنبا الى جنب مع المعارضة ومن دون تحميل هذه الاخيرة وحدها المسؤولية.
تقول هذه المصادر ان التعامل مع خطة انان وإعطاءها الفرصة الكافية لاثبات قدرتها على احراز بعض التقدم يساعد في نضوج المواقف لا سيما منها الروسية والصينية. وبحسب هذه المصادر فان الصين وان كانت اعلنت اخيرا تطابق موقفها مع روسيا في موضوع دعم خطة انان فانها تظهر حساسيتها لمصالحها مع السوق العربية وحاجتها الى اسواق المنطقة اكثر بكثير مما تظهره روسيا التي تضاءلت مصالحها الاقتصادية فيها الى حد كبير. في حين ان الموقف الروسي ينتظر الاقتناع كليا بان النزف السوري سيجعل استمرار دعم النظام ورقة مكلفة وان الروس يطمحون الى الاقرار الاميركي بدورهم في الحل بما يمكنهم من التفاوض مع الولايات المتحدة الاميركية على اثمان غير سوريا كما يهمهم اعادة تحديد علاقاتهم الدولية انطلاقا من الازمة السورية. وهذا الانطباع لا ترتكز اليه رؤية المصادر الديبلوماسية الغربية المعنية بل تشاركها فيه ايضا مصادر رسمية عربية على بعض الاقتناع من ان الدول العربية تبدو وكأنها استقالت من مهمتها في متابعة الوضع السوري وبذل ما يمكنها لمعالجته بعدما سلمت الامور لانان. اذ تعتبر هذه الاخيرة ان مهمتها تتركز على المساعدة في توحيد المعارضة وهي مهمة تكتنفها صعوبات كبيرة وتحتاج الى وقت تتم الاستفادة منه من خلال خطة انان خصوصا ان المرحلة الماضية أظهرت معارضة لا تمتلك النضوج السياسي اللازم او القدرة على التنسيق وهي تحتاج الى بعض الوقت للنضوج في بلورة المرحلة المقبلة.
وتنفي هذه المصادر الانطباعات السائدة من ان تطور الوضع في سوريا بات متروكا لحاله وان خطة انان هي طريقة هروب للدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية لانشغالها بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل. لكن قد لا يكون حكيما القول بان الرئيس السوري انتهى وكذلك النظام كونه يتعارض مع قرار دولي بدعم خطة انان في الدرجة الاولى. وعدم وجود ارادة بالتوجه الى حرب ضد النظام بحيث يدفع الى التنحي او الرحيل او اي نوع من انواع التدخل المباشر لا يعني وفق ما تقول هذه المصادر ان المسألة السورية متروكة. ما يصح قوله ان لا قرار لحسم هذا الموضوع سريعا وهذا امر مفروغ منه. لكن هناك رهانا حقيقيا اولا على ان تؤدي خطة انان الى المزيد من تدويل الوضع السوري وليس الى التخفيف منه او الى التخلي عن الخطة الدولية. فعلى رغم المشكلات التي يطرحها توفير المراقبين فان هذا العدد الى تزايد وهو لن يتوقف عند حدود 300 مراقب وفق ما هو مقرر حتى الان بل ان يزداد في المرحلة المقبلة لكي يصل ربما الى آلاف المراقبين وربما اكثر. وهذا الامر يؤدي من حيث شاء النظام او لم يشأ الى ارساء مناطق امنية تتطور الى ان تكون عمليا مناطق آمنة للسوريين. ويشهد رغبة السوريين في وجود مراقبين بينهم في حمص او سواها من المدن على الرغبة في ان يساهم المراقبون في اقامة مناطق آمنة تؤمن لهم الحماية مما يساهم في فقدان النظام سيطرته اكثر فاكثر. وهذا رهان على تطور الامور في اتجاه التغيير تدريجا خصوصا ان لا اجوبة في الواقع لا لدى الاميركيين ولا لدى سواهم عن طبيعة النظام البديل من النظام الحالي. يضاف الى ذلك انه وعلى رغم استئثار الوضع السوري بأولوية مطلقة الا ان هناك عوامل مقيدة قد يكون اهمها المرحلة الصعبة التي تمر فيها مصر بنوع خاص والتي تتفاوت التقديرات فيها بين مخاوف من ضياع وتفكك وبين احتمالات التحدي التي تحملها المرحلة المقبلة وفقا لطبيعة من سيحكم مصر. اذ لن يكون ممكنا المساهمة في تسريع الامور في سوريا ولو ان نتائجها المبدئية باتت شبه محسومة على صعيد عدم تمكن النظام في الاستمرار من دون اخذ اعتبارات اخرى في المنطقة او محاولة عزل الموضوع السوري عما عداه. وهو ما يعزز العامل الآخر المتصل بتنسيق مواقف كل الدول المعنية كل وفق مصالحها بما يؤجل الامور ويعطي خطة انان الفرصة حتى نضوج الظروف المناسبة.