Tuesday, May 8, 2012

رسالة أخيرة إلى شباب التغيير في الخليج قبل خروجنا للثورة المنتظرة

حمد بن عبدالعزيز العتيق

معلومات خطيرة تخص الشاب والشابة الخليجيين الثائرين تنشر لأول مرة .. اقرأها بالكامل قبل أن تندم على عدم قراءتها
 
بسم الله الرحمن الرحيم
من رجل عاش كثيراً من حياته خارج أرضه، وطاف قارات الأرض باحثاً عن الحقيقة والتغيير وناشراً لها.
الى كل شاب وشابة عاقلين ينشدون الحقيقة والتغيير.
الى كل شجاع وشجاعة لا يهابون الردى، ولا يخشون العدى. الى كنز الحاضر وأمل المستقبل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: كثير منا يرى حال الخليج الذي لا يحتاج الى برهان، فهل سنقف كالأحجار الجامدة الجوفاء؟! الى متى السلبية والسعي وراء الترهات والشهوات التي خدرت الشباب عن دورهم العظيم؟ لماذا لا نعلنها صريحة مدوية:…. الى التغيير؟! ان الشباب من حولنا غيروا الخارطة بل غيروا العالم كما يقال.فهل سنفعل مثل ما فعلوا؟! هيا لنحسبها جيداً ثم لنتوكل على الله فهو خير معين ولا خوف ولا وجل فالله معنا.
أولاً: معلوم عند كل مطلع ان الخليج يحوي طوائف متعددة، يعيشون تحت كنف حكوماتهم، تعاملهم بالعدل، وتمنعهم من ظلم بعض، ومعلوم لكل عارف بما يدور حولنا: ان بعض الطوائف ولاؤهم الديني يوجب عليهم تبعية أخرى، ولا يخفى على أحد منا المطامع الايرانية الفارسية، في البلاد الاسلامية والعربية عموماً وفي خليجنا خصوصاً، ولقد حاولوا مرات عدة للنيل من الخليج وأهله، كما في مظاهراتهم الغوغائية في مكة أيام الحج التي راح ضحيتها الكثير، وفي محاولتهم التفجير في الحجاج، التي كشفتها أجهزة الأمن السعودية قبل وقوعها، ودعم الحوثيين للاعتداء على السعودية، والوقوف مع الفوضى في البحرين، واحتلال الجزر الاماراتية وغيرها، واكتشاف الخلايا النائمة في الكويت.
يا شباب الخليج تصوروا اختلال الأمن في بلادنا بسبب المظاهرات كما حدث في مصر وتونس وليبيا، هل يظن عاقل ان ايران التي نفخت في تلك الفتن كلها وأضرمتها مع قوة دولنا الخليجية وثباتها، ستقف مكتوفة الأيدي عند ضعفنا وتفرقنا - لا قدر الله-؟!.
تنبهوا يا أهل الخليج ماذا يخطط لكم عن طريق أناس مغرر بهم أو مدفوع لهم.
من منا يحب أو يرضى ان تكون بلاد الخليج كبلاد الرافدين؟! فبعد ان كانت الطوائف هناك تعيش متجاورة بجوار يفرضه النظام، تسلط بعضهم على بعض في دمائهم وأموالهم وأعراضهم!!
ثانياً: بلادنا تضم طائفة عظيمة من قبائلنا العربية الأصيلة والعريقة، ومعلوم ان قبائلنا هذه تتميز بالشدة والأنفة والشجاعة والكرم والنخوة والمروءة، ويغلب على بعضنا الحمية والعصبية القبلية، ولنا في (الانتخابات) أكبر شاهد على مدى تجذر العصبية القبلية عند بعض الطبقة المتعلمة فضلاً عمن دونهم، حتى ان كثيراً منا يصرح بذلك ويفاخر به، بل نتذكر الأيام الخوالي قبل استتباب الأمن في الخليج، ليفخر بعضنا على بعض بانتصاراته، أو يعير بعضنا بعضاً على خسارته، ولنا موروث شعبي وهو (شعر الرد) يذكي العصبية القبلية ويزيدها اضطراماً.
لذلك صار من المألوف ان تجد منا من يقف مع الظالم على المظلوم لأن الظالم من قبيلته والمظلوم من خارجها، حتى بين طلابنا في المدارس، بل حتى في المرحلة الابتدائية.
ثم زد فوق ذلك كله: ان كثيراً من أبنائنا في هذه القبائل بسبب طبيعة العيش في البادية والبرية، محتاج الى اقتناء السلاح واستخدامه، والمهارة في ذلك، فلو تصورنا ان الأمن في الخليج قد اختل بسبب المظاهرات كما في البلاد الأخرى، ما الذي نظن أنه سيحدث؟! اذا كان بعض الطائشين لا يتورع أحياناً عن قتل أو جرح ابن عمه القريب لسبب تافه مع وجود الأمن وسيادة النظام، فماذا سيحل بنا لو تزعزع النظام وانفلت الأمن مع وجود تلك العصبيات والنعرات.
فهل منا من يحب ان يعود الرعب والقتل والنهب في الخليج والجزيرة كما كان ذلك هو السائد قبل الدول الخليجية الحديثة، حتى ان المار في تلك الحقبة الغابرة اذا أراد الحج لا يمكنه الوصول الا بدفع المكوس لكل قبيلة يمر بها ليكون في جوارها وليسلم من سفهائها وغيرهم، ثم يجوز الى القبيلة التي تليها لتأخذ منه كما أخذت الأولى؟!

ثالثاً: بلادنا الخليجية بسبب ما منّ الله به عليها من خيرات صارت مأوى لكثير من الجاليات والأقليات والعمالة الوافدة، وكثير من هؤلاء من جنس بني آدم الذين يقع في قلوبهم الحسد لمن هو فوقهم في المال والجاه، ومنهم من قد يكون وقع عليه ظلم من بعض الناس أو من بعض المسؤولين بقصد أو بغير قصد، فصار هذا المظلوم يتمنى الساعة التي يشفي بها غليله ممن حسده، أو ممن سبق ان ظلمه.
بل وصل الحال في بعض بلادنا الخليجية ان صار المواطنون أقلية، وصار الوافدون هم الأكثرية!.
وليس معنى كلامي هذا ان هذه الجاليات الوافدة جميعاً بهذا الوصف، كلا والله! بل منهم من هو خير منا علماً وعملاً وتقوى وعبادة، لأن التفضيل عند الله بالتقوى، لكن كلامي منصب فقط على السفهاء الذي ينتظرون أوقات الفتن ليستفيدوا منها بقدر الامكان، وليفرغوا جام حقدهم وحسدهم على الخليج وأهله.
رابعاً: خوارج العصر (القاعدة) أتباع ابن لادن الذين أبغضهم أكثر الناس، حتى تبرأ منهم من كان يدافع عنهم في يوم من الأيام ولم نعد نسمع الا الذم والتحذير منهم.
هذه الشرذمة ينشطون في بعض البلاد الاسلامية والعربية دون بعض، فما القاسم المشترك للبلاد التي ينتشر فيه أتباع ابن لادن والقاعدة؟! انه شيء واحد: ضعف الأمن أو ذهابه، ولنا في العراق وأفغانستان واليمن والصومال، أظهر مثال، فكلما ضعف الأمن ظهروا، والعكس بالعكس، فمن منا يا شباب البلاد يحب ظهور الخوارج وأتباع ابن لادن فيها، بعد ان كسرهم الله، فهل يرضى عاقل ان يختل الأمن بسببه ليعود سرطان القاعدة؟!
خامساً: ان أعداء الخليج قاطبة في الشرق أو الغرب، انما يقتاتون على ضعف العرب والمسلمين، فكلما ضعف العرب والمسلمون ازدادت قوة اليهود وازداد استغلال الشرق والغرب للعرب والمسلمين، وكلما قوي العرب والمسلمون لم يستطع الأعداء في الشرق أو الغرب ان يصلوا الى ما كانوا يصلون اليه حين ضعفنا، واشتد فزع اليهود.
فأكبر المستفيدين من ضعف وتفكك العرب والمسلمين هم الغرب وأمريكا، كما ان أمن اسرائيل يقتضي ان تكون الدول المحيطة والمجاورة لإسرائيل دولاً ضعيفة متفككة أو مضطربة، لذلك تجدهم يشجعون الثورات، ويرون ان ايقافها بالقوة في البلاد العربية والاسلامية ضد الحكام مناف لحقوق الانسان، مع ان الغرب وأمريكا يقمعون الثورات بالقوة في البلاد التي يسيطرون عليها، كما يفعلون في العراق وأفغانستان، وكما يباركون ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين مما يبكي العدو قبل الصديق.
بل حتى في الداخل: لما قامت ثورة السود بسبب الحكم الجائر الذي كان في مصلحة أحد البيض وكان فيه ظلم واضح على أحد السود، خرج السود ثائرين لم يتوقفوا عن ثورتهم الا بالقوة ونزول الجيش الأمريكي في تلك المدينة.
ولا شك ان بلادنا الخليجية من أكبر البلاد الاسلامية، وأعظمها تأثيراً في المنطقة، وهذا مما لا يحبه ولا يرضاه الغرب، لذلك سيكونون أول المدافعين عن الثورات في بلادنا، حتى اذا ضعفت دولتنا أو تزعزعت سيجدون الذريعة للتدخل المباشر في هذه البلاد بحجة حماية مصالحهم ورعاياهم، أو محاربة القاعدة، أو شبهة الأسلحة الكيميائية، وغير ذلك من الحجج التي لن يجد الأعداء صعوبة في تلفيقها كما فعلوا في البلاد المجاورة بلا حياء ولا خجل.
ثم سيقومون - بعد هذه المسرحية التي يؤدي أدوارها بعض الأغبياء والحمقى- بتسليمها لوكيلهم كما فعلوا في كثير من البلاد، ولكي يتحقق الحلم العظيم بإسقاط هذه الدول الغنية وتفتيتها الى دويلات صغيرة كما فعلوا في السودان، وحينها يخسر الجميع: الثائرون والمثار عليهم دينهم ودنياهم.
قال بعض المفكرين عن الثورات الحديثة:
(يقول اللبراليون فعلها: دعاة الحرية والليبرالية والديموقراطية والتعددية..
والاسلاميون يقولون: فعلها من يخرج على الطاغوت الذي حرق الحجاب وأهان الشريعة وحكم بغير ما أنزل الله..
واليساريون يقولون: فعلها الجائعون من طلبة الرغيف والعيش...
وفي النهاية سوف تثبت الأيام ان الذي فعلها، هي قوى خفية تريد ان تمرر أجنداتها الخفية في العالم الاسلامي) ا.هـ.
ومن جميل جميل ما قرأت ما قاله ذلك الانسان الذي رضع من لبان الاشتراكية والرأسمالية في مقالته المعنونة تحت اسم: «من الثورة الى الانقلاب ومن الانقلاب الى الثورة»... بتاريخ 2011/1/23 م.
(من الملاحظ أنه في معظم الثورات التي عرفها تاريخ البشرية، تتجه الأمور الى الفوضى والفراغ السياسي، أو لنقل عدم الاستقرار السياسي أول الأمر، ثم لا تلبث الأمور ان تتجه نحو الانقلاب، سواء كان عسكرياً أو غير ذلك، وهو انقلاب يعد بتحقيق الجنة على الأرض، ويرفع شعار الظرف الطارئ، وأنه مجرد اجراء مؤقت لا تلبث الأمور ان تتجه بعده نحو اعادة السلطة الى الشعب صانع الثورة، بعد فترة تعديل مسار الأمور، ولكن الانقلابيين في النهاية يستمرئون السلطة، فإدمان السلطة ولذتها تفوق أي ادمان وكل لذة أخرى، ويبقون في السلطة حتى يزالون بانقلاب آخر أو ثورة شعبية جديدة.
فالثورة الشعبية الفرنسية عام 1789، انتهت في مرحلتها الثالثة «1794 – 1799» الى قيام الضابط نامليار بونابرت بانقلاب عسكري قضى على الجمهورية، وأعاد النظام الامبراطوري والدكتاتورية الى فرنسا، فكان وكأنما الثورة لم تقم، على الرغم من ان نامليار نشر أفكار الثورة الفرنسية في مختلف أصقاع أوروبا، وكان جزءاً من «مكر التاريخ» الذي تحدث عنه فيلسوف الألمان الأشهر فريدريك هيغل.
وفي فبراير من عام 1917، قامت في روسيا ثورة شعبية ضد القيصرية، ظاهراً احتجاجاً على الحرب المشاركة فيها روسيا والتي أكلت أبناء الطبقات الدنيا، فكان فرار الجنود من الجبهة الى المدن، وخروج الناس الى الشوارع، ليسقط القيصر في النهاية، ومن ثم يُعدم هو وأسرته على يد البلاشفة «الحزب الشيوعي الروسي لاحقاً» في النهاية.لقد كانت الثورة احتجاجاً على الحرب ظاهراً، ولكنها في التحليل الأخير كانت ثورة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الروسية، التي كان فيها الفلاحون مجرد أقنان «عبيد الأرض»، وكان الفساد ينخر القصر والمستفيدين منه، وما كان التذمر من الحرب الا الشرارة التي فجرت الأوضاع. المهم، في أكتوبر من نفس العام، أو في نوفمبر حسب التقويم الروسي، استغل البلاشفة بقيادة لينين الأوضاع المتردية في روسيا بعد ثورة فبراير الشعبية، سواء الأوضاع الاقتصادية أو ضعف الحكومة المؤقتة بقيادة كيرنسكي في ضبط الأمور، فقاموا بالانقلاب على حكومة كيرنسكي المؤقتة، ومن يومها تحولت روسيا الى الديكتاتورية حتى سقطت في النهاية في تسعينات القرن الماضي وعن طريق ثورة شعبية جديدة، كانت برستوريكا غورباتشوف وثورات أوروبا الشرقية هي شرارتها.
وفي عام 1979، قامت في ايران ثورة شعبية ضد دكتاتورية الشاه وانتهاكات حقوق الانسان وفساد القصر الملكي والحاشية، وكان شعارها القضاء على الدكتاتورية والفساد واعادة كرامة الانسان، وانتهى الأمر بإيران الى ديكتاتورية دينية هي أقسى من ديكتاتورية الشاه الدنيوية، ولكن ها هو الشعب الايراني يستعد لجولة أخرى من الثورة تعيد الأمور الى نصابها، وذلك كما حدث في فرنسا وروسيا، ففي النهاية لا يصح الا الصحيح.
وفي يوليو من عام 1952، قام الجيش المصري بانقلاب عسكري على الملكية في مصر، احتجاجاً على فساد القصر، والتبعية للاستعمار، والهزيمة المذلة في فلسطين نتيجة الأسلحة الفاسدة، كما كان مطروحاً، وكان الضباط الأحرار يقولون ان الانقلاب ليس الا اجراء مؤقتا لا تلبث ان ترجع بعده السلطة الى الشعب بعد فترة وجيزة، ولكن العسكر عضوا على السلطة بالنواجذ ولم يتركوها.
وهو ذاته ما حدث في العراق ولكن بسيناريو مختلف، بحيث ان الدكتاتورية في العراق لم تنته الا بتدخل خارجي، ولكن النتيجة كانت أسوأ من الدكتاتورية ذاتها، حيث برزت الطائفية وكل تناقضات المجتمع العراقي التي كان يحجبها عنف الدكتاتورية، فلما زال الرماد اشتعلت نيران لم يخلقها الغازي ولكنه كشف الغطاء عنها ليس الا.
وفي الجزائر قامت ثورة ضد الاستعمار كلفت الجزائر مليون شهيد، حسب ما قيل لنا، وانتصرت الثورة التي وعدت الجماهير بالحرية والازدهار والانعتاق من الرق، فاذا الثورة في النهاية تنقلب على نفسها، وتتحول الى دكتاتورية تلو أخرى، وانقلاب تلو آخر، والشعب، الذي ضحى بكل غال ونفيس من أجل الثورة، هو الضحية في النهاية) ا.هـ.
سادساً: هل بلادنا كالبلاد التي قامت فيها الثورات وسقطت فيها الحكومات؟؟ ان الذين يسعون للمظاهرات والثورات في الخليج حاولوا - ولا زالوا- ان يصوروا للناس أنه لا فرق بين الخليج بشيوخه وأمرائه وملوكه، وبين ليبيا وديكتاتوره، فهل صدقوا فيما قالوا؟ لننظر في الواقع ثم لنحكم بأنفسنا:


  1. في بلادنا الخليجية يظهر المسلم والمسلمة شعائر الدين، ولله الحمد، والحجاب والستر ظاهر على نسائنا. وفي بلاد الثورات تطمس معالم الدين فيحارب المصلون، ويمنع الحجاب.
  2. في بلادنا الخليجية شيوخنا وملوكنا وأمراؤنا من أحلم الحكام وأكرمهم، ونرى فيهم الحب والرحمة بشعوبهم، والشعوب الخليجية في الغالب تبادلهم نفس الشعور الا من شذ منهم. وفي كثير من بلاد الثورات لا نرى الا التعسف والقمع والمطاردة والاذلال للشعوب، بل المحاكمات التي تنتهي للمشانق.
  3. في بلادنا الخليجية يدعو الداعية الى الله بلا خوف ولا وجل، وذلك بالتي هي أحسن للتي هي أقوم. وفي بلاد الثورات تمنع الدعوة الى الله بل وربما منع المصلون والعياذ بالله.
  4. في بلادنا الخليجية يحترم كل من تفوق وبرع في جميع المجالات ويُعرف له قدره، ويُدعم ويكافأ. وفي بلاد الثورات يهاجر العلماء من بلادهم، أو يَلزمون بيوتهم على خوف من حاكمهم ان يفتنهم.
  5. في بلادنا الخليجية يأتينا الناس من كل حدبٍ وصوب ليعملوا في بيوتنا خدماً، وليأكلوا من خيرات بلادنا التي أفاضها الله علينا. وأما في بلاد الثورات فقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت حتى هاجروا من بلادهم ليجدوا لقمة عيشهم.

وفي بلاد الثورات تمنع الدعوة الى الله بل وربما منع المصلون والعياذ بالله.
4- في بلادنا الخليجية يحترم كل من تفوق وبرع في جميع المجالات ويُعرف له قدره، ويُدعم ويكافأ.
وفي بلاد الثورات يهاجر العلماء من بلادهم، أو يَلزمون بيوتهم على خوف من حاكمهم ان يفتنهم.
5- في بلادنا الخليجية يأتينا الناس من كل حدبٍ وصوب ليعملوا في بيوتنا خدماً، وليأكلوا من خيرات بلادنا التي أفاضها الله علينا.


(هل يستويان مثلاً؟!) لا وجه للمقارنة لا في أمر الدين ولا في أمر الدنيا، فضلاً عن ان يكونا متساويين فالله حسيب كل مخادع وماكر يريد ان يصور للمغفلين والحمقى ان بلادنا كالبلاد التي قامت فيها الثورات والانقلابات، حتى يجعلوهم لسذاجتهم وحماقتهم حطباً يوقدون بهم الثورة، فهم ما بين مقتول أو جريح أو فقير وعلى أحسن تقدير (خرج من المولد بلا حمص) كما يقال في المثل الدارج.
وأما السياسيون المحرضون على الفتنة فان الفتنة تقوم وتنتهي، ولم تُمس لهم ولأهلهم شعرة.
ثم يتبرؤون من الفتنة وممن وقع فيها كما فعل كثير منهم مع الارهابين، كانوا يحرضونهم فلما أوقعوهم وورطوهم، ولم ينجحوا في تلك الفتنة، تبرأوا منهم والعياذ بالله، فإياكم يا شباب الخليج ان تكونوا ممن قال الله عنهم: (ألم تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار) ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال أنني أنفي وجود النقص أو الخطأ بقصد أو بغير قصد، كلا.
بل هذا موجود حتى في الأزمان الفاضلة.
لكن مقصودي: ان وجود النقص أو الخطأ أو الظلم لا يجوز ان يستخدم لنفي الخير والصلاح الكثير الذي عندنا، والسعي في ذهابه من حيث لا نشعر.
بل الواجب ان ينظر الانسان بعين العدل والانصاف الذي أمرنا الله به.

الموضات الفكرية

بدر سليمان العامر
التقليعات الفكرية كتقليعات اللباس والأزياء، تفتن الناس فترة من الزمن ثم يرفضونها أو يملونها، أو تظهر موضة أقوى ليركبوها، وخاصة الشباب، وهكذا يقضون حياتهم، لا أرضا قطعوا ولا ظهرا أبقوا
كانت هناك هزة فكرية قوية لكثير من الشباب الذين كانوا يعيشون في كنف الصحوة الإسلامية، تلك الهزة جاءت نتيجة لعدة أسباب، لعل من أهم تلك الأسباب: الصراعات التي وجدت بين عدة تيارات داخل العمل الإسلامي والدعوي، ثم جاء الانفتاح الثقافي الذي سبق بوقت قليل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فظهرت عدة موجات فكرية أو موضات وصرخات ركبها الكثير من الشباب، وسببت انشقاقاً وانفصاماً حاداً في المشهد العلمي والدعوي، وكانت أولى تلك الموجات الفكرية: (العقلانية) التي أخذت جدلاً طويلاً، واعتمدت في حركتها الفكرية على مقررات الفكر العربي العقلاني النهضوي، وخاصة فكر محمد عابد الجابري، وأركون، وفهمي جدعان وغيرهم من المفكرين العروبيين، ولكنها سرعان ما تلاشت لتظهر بعدها فكرة (التنوير) الذي حملها مجموعة من الشباب الخارجين من عباءة الجماعات الإسلامية، وخاصة الإخوانية منها، فكانت الفكرة "التنويرية" هي مزيج بين الفكرة الإخوانية وأفكار حركة النهضة العربية، ممزوجة بأفكار بعض المفكرين المحدثين أمثال محمد سليم العوا، ويوسف القرضاوي وغيرهما من الدعاة الإسلاميين.
أعقب فكرة التنوير- التي كان جزء من همها الفكري والثقافي نقد الدعوة السلفية وتقديم رؤى جديدة تتعلق بالسياسة والمجتمع المدني مع صلتها بخيط رفيع بالطرح الإسلامي – الفكرة "الليبرالية" التي تشترك مع سابقتها بنقد الدعوة السلفية وتبني الفكرة "الغربية الحضارية" بشكل صريح، إلا أنها لا تعتمد على خلفية إسلامية، بل هي حركة تفاصل الدعوة والفكرة الإسلامية، وإن كان بعض أتباعها يقررون عدم تعارض أفكارهم بالفكرة الإسلامية، ولربما كان ذلك من تأثير البيئة والتصاقها بالطرح الإسلامي وطبيعة المجتمع السعودي، وتأسيس النظام السياسي الأساسي على الشريعة الإسلامية والتي لا تسمح بالمصادمة الصريحة للتعاليم الإسلامية.
وقبل "الثورات العربية" تقارب الفكر التنويري مع الفكر القومي والليبرالي بحيث لا تستطيع التمييز بين طرح هؤلاء وهؤلاء إلا بمعرفتك فقط بتاريخية وسيرة الأشخاص، ثم لما جاءت الثورات العربية امتزجت هذه الأفكار حتى أصبح التفريق سهلاً، بل وصل الحال ببعض التنويريين إلى المبالغة في طرح بعض الرؤى السياسية التي كان بعض الليبراليين يخجلون من التصريح بها، وخاصة فيما يتعلق بالسيادة الشعبية وأولويتها على غيرها. أما الحديث عن "الاستبداد" والذي هو الموضة الدارجة في هذا الوقت فلم تكتف هذه التيارات في الحديث عنه، بل أصبح بعض المفكرين الإسلاميين السلفيين يرددون هذه الكلمة كورد يومي في تغريداتهم وخطاباتهم الدعوية ومحاضراتهم، وأصبح كل شخص من هؤلاء "كواكبيا" جديدا، علماً بأن الدعاة في السابق كانوا يعتبرون الكواكبي أول من أصل الفكرة العلمانية في الطرح العربي الحديث، فالتقت التيارات على أمر قد قدر، وخاصة حين بدأت حدة التيارات الدعوية السلفية – خاصة – تتقارب مع الفكرة الديمقراطية، وإن كانت تعتبرها ضرورة مرحلة، إلا أنها بدأت تعيد التفكير جدياً فيها، ولا أستبعد أن تكون هي روح الشريعة وأقرب مثال للحكم الراشدي عندهم بعد أن كانوا ينتقدون التنويريين في تقريرات كهذه.
الغريب في هذه الموضات أنها تتفاعل مع الوضع السياسي العالمي وتتلاشى مع تلاشي القوى المهيمنة، فقد كانت الأفكار اليسارية والشيوعية في يوم من الأيام سائدة في العالم، وكانت تمثل روح التقدم وتطلعات الشعوب، ثم ظهرت في أعقابها فكرة التقريب بين اليسار والإسلام بمزيج غريب سمي بـ(اليسار الإسلامي)، وهو الآخر قد تلاشى واضمحل، وأصبح الذي يردد أي فكرة اشتراكية أو شيوعية هو في حالة سخرية شديدة من أصحاب هذه الأفكار جميعا، مع أنها كانت في يوم من الأيام تعرض على أنها إكسير الحياة ومنقذة البشرية جمعاء.
والغريب كذلك في هذه الأفكار أن أتباعها يحملونها بوثوقية شديدة، وقطعية مبالغ فيها في الوقت الذي يؤصل جميعهم إلى نسبية الحقائق، وتعدد وجهات النظر، وكأنهم في لحظة الحماس تلك يتلفتون إلى النظر في الموجة التالية لركوبها ونسيان ما قبلها..
إن كل لحظة من لحظات هذه الموجات تنال من قضايا كبرى كانت في يوم من الأيام حمى لا يؤتى، وقدسية لا تنالها الأيدي، وقد يتنبه بعض الأتباع في أثنائها ليعودوا إلى رشدهم، وقد ينساق البعض حتى يخرج عن الأطر المعقولة إلى أفكار متطرفة تصل في أحيان إلى رفض الشريعة أو الإلحاد أو الانزواء التام والإحباط الشديد.
إن هذه الموضات الفكرية لا تبعد عن موضات اللباس والأزياء، فهي تفتن الناس فترة من الزمن ثم يرفضونها أو يملونها، أو تظهر موضة أقوى ليركبها الكثير وخاصة الشباب، فيقضي حياته متنقلاً بين الأفكار، وفي كل مرحلة منها تراه متحمساً لها أشد الحماسة حتى لو وصل الحال به أن يرفض مجتمعه أو أصدقاءه، وكأن كل مرحلة هي الضالة المنشودة، وسرعان ما تجده يغرد في واد آخر ربما يكون على نقيض ما كان يدعو إليه، فتتصرم حياته في هذه الترحلات، ثم يصبح كالمنبت الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى..
إن الأمر الظاهر هو أن الناس مهما ابتعدوا أو شطت بهم الطرق أو تفرقت بهم المذاهب، فإن تعاليم الإسلام، القائمة على مناهج النظر والاستدلال الشرعي تبقى عصية على الذوبان، ومتألقة في خضم هذه الأفكار، ومآلاً لكثير من الذين تاهت بهم السبل، كيف لا وهي التعاليم التي جاءت من خالق البشر والذي هو أعلم بما يصلحهم في حالهم ومآلهم: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).

التنقُّل بين الأنفاق المظلمة

د. جاسر عبدالله الحربش
أوصلت رياح الربيع العربي (حتى الآن) التيّارات الدينية السياسية إلى الواجهة. كانت الأوضاع قبل ذلك سيئة جداً ثم أصبحت أسوأ. ما قبل الرياح كان المتّهمون بخيانة الأمانة الوطنية والعمالة والتربُّح على حساب شعوبهم، تسهل تسميتهم والإشارة إليهم بالأصابع. الآن صارت أعداد المتسابقين للوصول إلى السُّلطة والجاه والثروة لا تُعَد ولا تُحصَى، وتحوّل الأمر من أدغال أنظمة فاسدة إلى غابات تيّارات سياسية لن تكون أفضل. ربما تكون هناك بشائر وفاق عقلاني في تونس، تعترف بالتعدُّدية التي تصبُّ في مصلحة الوطن الواحد، لكن الأمور في مصر واليمن وليبيا وسوريا لا تبشِّر بأيِّ خير. العراق سبق الجميع كعادته في التاريخ في السير في هذا الاتجاه. الواضح هو أنّ رياح التغيير حملت كل التيارات السياسية صاحبة الشعارات الدينية إلى الواجهة، بينما توارت كلُّ التيارات الأخرى وتراجعت إلى الصفوف الخلفية في عواطف الجماهير. لنعترف أنّ ذلك كان متوقعاً، إلاّ أنّ قوّة الصعود إلى الأعلى مقابل الانزلاق إلى الأسفل، لم يكن متوقعاً بالقدر الذي حصل به. التيارات السياسية القومية والوطنية والعسكرية التي استهلكت شعاراتها وأفلست، أفسدت الأمور على مجموعات بداخلها تحمل مصداقية وطنية ولم تنخرط في الفساد القديم. استفادت التيارات السياسية الدينية من هذا الواقع، ومن الاضطهاد والملاحقات التي تعرّضت لها مثلها مثل غيرها من التيارات المعارضة ومن جمع التبرعات، ومن العمل المنظّم في مجالات الدعوة والإغاثة والتحريض السياسي. لكن الأمور التي وصلت حتى الآن إلى ما وصلت إليه، ما زالت تحمل في تلافيفها نفس إمكانيات الفشل فيما يخص المستقبل، لأنّ الحكومات السياسية الدينية سوف تحكم أيضاً بنفس الأساليب القديمة وربما بطرق أكثر حدية وإقصائية، تستند إلى بعض النصوص المقتلعة من سياقاتها التاريخية والشرعية.

ليس من الصعب استقراء هذه المآلات المتوقّعة وإليكم بعض المؤشرات:
  1. التيارات السياسية التي تسمّت بالقومية والوطنية والاشتراكية، وحكمت في الأقطار العربية منذ نهايات الحرب العالمية، حتى اقتلعتها رياح التغيير الجديدة، مارست دكتاتورية الشخص والأقارب والحزب والأمن والعسكر، وحرمت كافة أطياف الرأي الأخرى من المشاركة. كذلك التيارات السياسية الإسلامية التي توشك رياح التغيير على حملها إلى الواجهات الرسمية، لن تكون أكثر كرماً وعدالة ولطفاً مع الآراء المخالفة. أدبيات التيارات الإسلامية السياسية الحالية في العراق ومصر وليبيا وسوريا واليمن، توضح بجلاء استحالة التعايش حتى فيما بينها كتيارات دينية، فكيف يتوقّع منها أن تكون منصفة ومتلطّفة وعقلانية مع من يقف على أرضية سياسية أخرى؟
  2. التيارات السياسية البائدة كانت تغطي على فسادها الإداري والمالي والأخلاقي بمحاربة الولاءات المذهبية والجهوية والطائفية (وهي أهم الولاءات العربية الحالية). كانت على الأقل تطرح ذلك في أدبياتها وبرامجها الحزبية والدعائية، ولو أنها كانت تلعب بتلك الولاءات كأوراق ربح وخسارة حسب الظروف. التيارات السياسية الدينية الحاضرة حالياً بقوّة في الواجهات السياسية تلعب كلها على المكشوف بورقة الولاء المذهبي الواحد الذي لا ولاء غيره. في العراق تحوم السياسة والإدارة كلها حول المذهب الشيعي وولاية الفقيه، وعلى العرب السنّة والكرد والتركمان والمسيحيين وكل مكوّنات العراق الأخرى الانصياع والقبول، وإلاّ فلهم الحديد والنار والسجون. في مصر وليبيا تتبنّى كل الشعارات السياسية الحالية مهمة تحقيق ولاء مذهبي واحد، ولكن هذا المطلب بحد ذاته يحمل في جوفه بذور الفشل إنْ لم يتصالح مع الواقع السكاني على الأرض ويتقبّل الآخرين.
  3. حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في مصر، منقسم من داخله في الطموحات الشخصية على نفسه بين شيوخ وشباب ومتنافسين كثيرين على الزعامات الرئاسية. السلفيّون في حزب النور الذين حصلوا على ربع الكعكة الانتخابية يقدمون واجهات زئبقية ومخاتلة، ويحاولون الابتزاز بمغازلة مختلف الأطياف المتناقضة، لذلك بدأوا يثيرون الرُّعب في الشارع المصري وفقدوا الكثير من التعاطف المتسرّع الذي حصدوه في البدايات. أتباع الديانة المسيحية القبطية خائفون، وهم ليسوا بأقلية بسيطة يسهل القفز فوقها، فأعدادهم بحدود العشرة ملايين شخص، ولهم منابرهم في العالم الغربي ومناصروهم، ولن يرضيهم أن يتفرّد تيار واحد بكل شيء.
  4. أما ليبيا وما أدراك ما ليبيا، فقد اقتلعت رياح الربيع فيها، ليس حكم الفرد الفاسد المفسد فقط، وإنما اقتلعت أيضاً العقل والولاء الوطني. ليبيا الحالية ارتدّت إلى مرحلة الصراعات القبلية والمناطقية والطائفية لما قبل الدولة، وأصبح بينها وبين الاستقرار زمن البداوة والصراعات القبلية.
  5. لو فاز مرشح حزب الحرية والعدالة في مصر برئاسة الجمهورية، فإنّ هذا الرئيس المنتمي تأسيسياً إلى تنظيم الإخوان المسلمين، سوف يكون بالضرورة التراتبية مجرّد عضو يرضخ مثل كل زملائه لأوامر المرشد الأعلى في التنظيم، وهذه هي في الواقع ولاية الفقيه بعينها وعلمها ولكن على الطريقة السنّية.
لهذه المؤشرات على الأقل أتوقّع أنّ الأمور تسير في العالم العربي نحو استبدال دكتاتوريات انتفاعية تسلُّطية بأخرى لا تختلف عنها في العقليات، ولكن مع اختلاف الشعارات فقط.

اجتهاد الحيران في معاداة إسرائيل والتصالح مع إيران

إدريس الدريس
إسرائيل أكثر صراحة وهي تعلن عداوتها لنا في رابعة النهار، أما إيران التي تجمعنا بها مشتركات عديدة؛ فهي التي تمارس "التقية السياسية" وتمارس شق الصف العربي من خلال خلق جبهات عربية متضادة ومتنافرة
ما زال الخطاب السياسي تجاه القضايا العربية ينطلق من نفس مفردات الستينيات وما بعدها، رغم تعدد القضايا التي لم تعد تقتصر على قضية فلسطين، ورغم تعدد الأعداء وزيادتهم بحيث لم تعد إسرائيل هي العدو الأوحد، بل إنني سأتجاوز متمادياً وأقول إن إسرائيل لم تعد العدو الأول فقد تكاثرت - ما شاء الله - قضايانا، وعلى نفس السـياق فقد ازداد ولله الحمد أعداؤنا وتفاقم الطمع الدولي في تقسيمنا.
إن اختلافنا العربي وترددنا في الوصول إلى حل مشترك للقضية الأولى أسهم في تمدد وتوسع رقعة الاحتلال، كما أن ذلك شجع الآخرين في استسهال العرب بحسب ردات أفعالهم، وهكذا ظهر لنا في الأفق من كنا نحسبه جاراً وصديقاً ليشكل بتطلعاته وهاجس تصدير أجندته عدواً آخر، وأعني إيران، التي هي - في ظني - صارت بتحولاتها وتدخلاتها الظاهرة والباطنة عدو العرب الأول.
ولولا أنني أخشى أن يأثم بعض من يقرؤني فيختلف معي فيتولى شتمي لقلت بالكلام الدارج "الله يحلل إسرائيل عند إيران".
تقولون كيف؟!
إسرائيل أكثر صراحة وهي تعلن عداوتها لنا في رابعة النهار، أما إيران التي تجمعنا بها مشتركات عديدة! فهي التي تمارس "التقية السياسية" وتمارس شق الصف العربي من خلال خلق جبهات عربية متضادة ومتنافرة، كما عمدت مع بعض عمالها ـ ولم أقل عملائها العرب ـ إلى خلق حالة من الانقسام الفلسطيني، وهي إلى جانب ذلك كله تخلق جيوبا صغيرة في الدول العربية تمدهم بالمال والعتاد وتستأجر ولاءهم كما في لبنان والعراق واليمن والبحرين، وقبل ذلك فهي تنتشي بضعف الذاكرة العربية التي نسيت قضية الأهواز، وعليه فقد تمادت ثم سعت لتكريس احتلالها لجزر الإمارات العربية المتحدة وجعل الأمر واقعاً من خلال الزيارات الرئاسية ورسم خطط المشاريع السياحية المزمع إنشاؤها في جزيرة أبوموسى كمثال.
وإيران التي طالت يدها هي التي أقلقت وفجرت وأذهبت سكون وخشوع الحجاج في أكثر من موسم، وهي التي كانت وراء تفجيرات الخبر، وهي التي سعت لقلب نظام الحكم في البحرين، وهي التي كانت وراء محاولة اغتيال السفير السعودي في أميركا، وهي التي ظهر لنا قبل أيام أنها كانت تخطط لاغتيال السفير السعودي في مصر، وهي التي واللتيا، ولن أعدد لأنني لن أستطيع الحصر، ولكنني أمثل وأستشهد حتى يجوز أن يقال في مثل هذه الحالة وبتصرف:
كفى بالعدو جرماً أن تعد مصائبه!
إسرائيل هي عدونا الصريح والواضح الذي لا يهادن ولا يتلون ولا يمارس التقية ولا يدخل منطقة الجدال، فليس لنا معه تمثيل أو مشاركة، وهو العدو المحتل الذي نتطلع بشتى الطرق والوسائل إلى تحرير أراضينا منه.
لكن إسرائيل مرة أخرى ليست عدونا الأوحد وليست عدونا الأخير، وإيران هي جارتنا القلقة المقلقة التي مارست دور الشرطي أيام الشاه وتمارس دور الوصي الإسلامي منذ ابتكار ولاية الفقيه. ولو أردنا اعتماد المنطق العقلي والاستناد إلى القياس لقلت إننا نقاطع إسرائيل، فالأحرى بالعرب منطقياً على نفس السياق مقاطعة إيران، أو حتى أبعد من ذلك وهو التطبيع مع إسرائيل كما نطبع مع إيران.
الأكيد أنني لا أهدف حقاً للتطبيع مع إسرائيل لكنني أردت تجسيم المقارنة وتقريب المفارقة بين الضررين (إيران وإسرائيل) كما تعمدت التأكيد على أن احتلال الأرض جريمة يتساوى فيها العدو، فليس هناك عدو سيئ وعدو جيد، لكن تعامل العرب مع عدوين محتلين يوحي بهذا التصنيف، إسرائيل وإيران، أو إيران وإسرائيل كلاهما عدوان سيئان.
إن حسـابات الربح والخسارة في علاقاتنا مع إسرائيـل وإيران تقول إن "شـهاب الديـن أضرب من أخيه".

الإضراب عن الطعام لن يوقف ركب الإصلاح

صلاح الجودر
كما جاء في الموسوعة الحرة (وكيبيديا) فإن المضرب عن الطعام يسعى من خلال عمله إلى تحقيق هدف معين، ولن يكون إضراباً فعالاً إن لم يتم الإعلان عنه ليعلم به الأشخاص المراد أن يتنبهوا. فالإضراب والامتناع والصيام المميت جميعها وسائل يسعى المضرب فيها إلى أن يهتم الناس بقضيته، ويلتفتوا إلى حالته، حقاً أو باطلاً، وهذا ما سعى له عبدالهادي الخواجة المحكوم في محكمة السلامة الوطنية بالسجن المؤبد على خلفية التآمر وقلب نظام الحكم في فبراير عام 2011م، فقد قام بالإضراب عن الطعام للفت الأنظار إليه، والاهتمام بقضيته، وهي حالة غريبة عن المجتمع البحريني، إذ كان السجناء في السابق يتقبلون الأحكام الصادرة ضدهم ويمارسون حقهم في تقديم الطعون بعيداً عن الإضراب والامتناع والصيام! المؤسف له أن أبواق الكذب وقلب الحقائق عملت بشكل منظم للإساءة إلى المستشفى الذي يرقد فيه الخواجة (المستشفى العسكري)، فقد قامت تلك الجهات بنشر الأكاذيب بأن الخواجة قد مات، وأخرى بأنه على فراش الموت، وغيرها تناولت سوء المعاملة، وهي أكاذيب وأراجيف اعتدنا عليها منذ المحاولة الانقلابية في دوار مجلس التعاون (فبراير عام 2011م)، فالجميع يعلم بأن إضراب الخواجة كان إضرابا عن الأكل فقط، إذ أنه كان يتناول السوائل بانتظام، بل إن الأخبار القادمة من السجن (قبل الإضراب) تتحدث عن امتيازات كثيرة حظي بها الخواجة، الأكل الفاخر، ووسائل الترفية المتميزة، وفترات الراحة والاستراحة لمشاهدة الدوري الإسباني على القنوات المشفرة، وممارسة الرياضة وغيرها، وهي أمتيازات لا ينالها رؤساء بعض الدول! لقد تم استغلال وسائل الاتصال الرقمي ومراكز التواصل الاجتماعية لنشر الأكاذيب والأراجيل حول حالة الخواجة الصحية، وكان بينها وبين الواقع تناقض كبير، ففي الوقت الذي تتحدث فيه مراكز الكذب والأراجيف عن سوء حالة الخواجة نرى بعض الحقوقيين والمحامين في البحرين يتحدثون عن الحالة الصحية الجيدة للخواجة، الغريب أن أصحاب المؤامرة الكبرى على البحرين لازالوا مصرين على استعداء المجتمع وزعزعة أمنه من خلال نشر الأكاذيب والأراجيف. ما قام به عبدالهادي الخواجة هو حق يكفله الدستور والأعراف الدولية، فمن حق أي سجين أن يبدي اعتراضه بالوسائل السلمية، ولكن في هذه القضية تم استغلال كل المنابر للضغط، الدبلوماسية والسياسية والحقوقية، وجميعها تتحدث عن سوء المعاملة التي يتلقاها الخواجة في السجن ومن ثم في المستشفى بعد الإضراب، وجميعها أكاذيب وأراجيف أبطلتها بعض الجهات الحيادية، فقد جاءت شهادة مراسل (BBC) فرانك جاردنر -حينما التقى عبدالهادي الخواجة- لتكشف زيف الأكاذيب والأراجيف، فقد التقط معه الصور التذكارية التي تؤكد على سلامته، وحالته الصحية الجيدة، وفي خلفية الصورة العناية الفائقة التي يحظى بها في المستشفى، فقد أكد مراسل (BBC) على أن إضراب الخواجة كان إضراباً متقطعاً (managed hunger strike)، وأنه يمارس الرياضة، ويتناول المقويات بشكل منتظم. الغريب أن منظمات حقوق الإنسان لم تعد بتلك المصداقية، فهي ترى بعين واحدة، ففي الوقت الذي تهتم بحقوقي محكوم بقضية جنائية تتغاضى عن معاناة الكثير من أبناء هذا الوطن، فهي تهتم لإضراب فرد عن الطعام، ولا تلتفت إلى إضراب الآلاف من البشر من الخروج من منازلهم بسبب أعمال العنف والتخريب، فهي تلتفت لصرخة سجين مضرب عن الطعام، ولا تهتم لصراخ الآلاف من الناس الذين يئنون يومياً من آثار القنابل الحارقة (الملوتوف) والقنابل محلية الصنع. لقد كذب مراسل (BBC) الادعات التي روجتها بعض الجمعيات السياسية حول حالة الخواجة الصحية، فقد جاء تقرير المراسل (الأجنبي) ليكذب كل المزاعم من أنه يلقى معاملة سيئة، فتلك الجمعيات لاتزال تمارس الدجل والكذب والتدليس السياسي، اعتدنا وما ذاك إلا من أجل النيل من سمعة البحرين، فبعد أن تكشفت الحقائق للعالم بأسره بأن البحرين تشهد مؤامرة كبرى وليست ثورة شعبية، عادوا إلى ممارسة دورهم القديم، فتلك الشلة لا تهدف إلى الإصلاح ولكنها تهدف إلى الدمار، وإلا فإن الوطن شاهد الكثير من المبادرات الوطنية التي توافق عليها أبناء هذا الوطن، لذا نرى الجميع في حالة استقرار ما عدا جهة واحدة مصابة بداء التوتر والقلق مع الفرص الكثيرة التي تحظى بها. من هنا فإنه ليس من خيار سوى الحوار وركب الإصلاح الذي توافقت حوله الإرادة الملكية والشعبية في فبراير عام 2001م، وهذا ما أكد عليه جلالة الملك بمناسبة تدشين التعديلات الدستورية يوم 3 مايو حين قال: (الإصلاح الذي كان منطلقنا منذ تولينا مقاليد الحكم لن يتوقف..، وما نأمله في هذه المرحلة المهمة أن تبادر مختلف القوى والتجمعات الوطنية من ذاتها إلى تقويم عملها واللحاق بركب التطور والإصلاح).

تصريح «غازي» و«الملا».. سيادة الدولة.. والمجنس الأصلي

هشام الزياني
لا أبالغ وأنا أقول إن أصواتنا قد بحَّت ونحن ننادي أن تكون للدولة سيادة، وللدولة قوتها في تطبيق القانون على الجميع، خضوع الدولة للسفراء وللخارج جعل الآخرين يفرحون بنتائج ضغطهم، فلم يسعد بذلك المنظمات الخارجية والدول الكبرى؛ بل إن من يمارس الإرهاب صار يعرف أن الدولة سوف تقوم بخطوة، وسوف تتراجع، هذه الرسالة الخاطئة أوصلتها الدولة للجميع، فاستقوى علينا الخارج، واستقوى علينا الداخل. نريد من الدولة تطبيق القانون على المواطن والمقيم، على المخالف والمتجاوز من أي طائفة أو دين. القانون مظلتنا، والقانون هو أهم مفاصل سيادة الدولة، فلا ينبغي الخضوع لطرف لأنه يتابكى لدى الأمريكان الذين هم من صنعوا (أطراف الفوضى الخلاقة في البحرين)، بالتأكيد الأمريكان سوف يدافعون عمن صنعوهم، فلماذا نخضع لهم وهناك قانون في البلد كما لدى الأمريكان قانون. لا أريد الاسترسال في هذه النقطة، لكن ليقل لنا الأمريكان بأي قانون تقتلون المتهمين بالإرهاب بطائرات بدون طيار، تقصفون بيوتاً وقرى، يذهب ضحيتها مجموعات وليس فرداً. هل تمت محاكمتهم؟ وبأي قانون تخرقون قوانين وأجواء الدول لقتل خصومكم دون قانون ودون محاكمات عادلة، ودون حقوق إنسان؟ أين منظمات حقوق الإنسان من قتلكم؟ قد أعود إلى هذه النقطة لاحقاً، لكن ما ننادي به منذ الأزمة وقبلها هو أن تكون الدولة سيدة قراراتها، وأن يكون القانون سيد الجميع، وأن تتساوى الرؤوس تحته. فمن يحرض من فوق المنبر يجب أن يحاسب ويحاكم، كائناً من كان. فللمنبر خطورته ومكانته، ولا يجب أن يصعده الذين لديهم أزمات نفسية أو خلل في الوطنية. إن كان القبض على نبيل رجب في المطار من أجل الإفراج عنه بعد أن يخرج متحدث أمريكي يدافع عمن صنعوه بأيديهم (وكانوا يظنون أنهم سوف يصنعون من الفسيخ شربات) فلا تقبضوا عليه. الدولة التي لا تملك قرارها لا نريد لها أن تقبض على أناس لارتكابهم جرائم، ومن ثم تتركهم لأن المتحدث الأمريكي خرج في واشنطن من أجل نبيل رجب. الآلاف يُقتلون في سوريا وأمريكا تتفرج ولا تتكلم، وتماطل وتعطي الأسد كل الفرص للقتل. 600 فلسطيني مضرب عن الطعام ولا يخرج متحدث أمريكي أو أممي، بينما الخواجة يضرب إضراباً متقطعاً كما قال مراسل الـ (بي بي سي) فتقوم الدنيا من أجله في الأمم المتحدة وفي أمريكا لأن مشروعي الخواجة ورجب مهم. الفوضى الخلاقة لن تحدث بإذن الله وسنعيد السهم على من أرسله. تصريح الأستاذ والرجل الفاضل فريد غازي حول سيادة الدولة موفق، وكنا نقوله منذ أزمان ونريد من الشرفاء التحدث فلم الخوف؟ كما إن تصريح الرجل الفاضل الأستاذ أحمد الملا حول الذين يدعون أنهم سكان أصليون، فالناقص يتهم غيره في ذات النقطة التي هو ناقص فيها، وهكذا يفعلون.. ابن محمرة كل يوم يكتب أنه من السكان الأصليين، وانكشفت الوثائق أنه “آت من محمرة الحبيب” حتى صمت الحبيب بعدها ولم ينطق. النائب الملا قال في تصريحه إن عيسى قاسم مجنس بتاريخ 7/4/1962.. تخيلوا؟ الذي يخرج كل يوم ينادي بحقوق السكان “الأصليين” طلع مجنساً، لكن أنا لا ألومه، ألوم الدولة التي دفنت رأسها بيدها، الدولة التي غابت عنها الاستراتيجية، خافت من أهل المحرق الشرفاء، وسمعت لوشاية المستشار المعروف الذي قال لابد من تجنيس أبناء محمرة والقطيف وإيران حتى لا يستقوى أهل المحرق على الحكم، والمشهد أمامكم، أهل المحرق يسندون ظهر الحكم، بينما البعض يريد إسقاط النظام. «أقولك الأخ طلع مجنس.. أقولك سكان أصليين” أنا أيضاً ألوم الدولة التي تمتلك الوثائق والأرقام والحقائق والسجلات لكنها لا تنشرها بل تتكتم عليها، بينما الآخر يمارس حرباً قذرة ضد البحرين والدولة تتفرج وتتكتم وتخشى أن تخرج الأرقام والوثائق أو حتى تسربها على أقل تقدير. يا أخي ذبحتنا “سكان أصليين وسكان أصليين”، وفي النهاية طلعت تجاري، مكتسب للجنسية. إن كانت الدولة تخشى أهل المحرق، فأهل المحرق يعارضون.. نعم، لكنهم لا يخونون، ولا يطعنون في الظهر، ولا يسقطون، ويحترمون حكامهم، ويحبونهم، والاختلاف وارد، والاختلاف من أجل حب البحرين ومصلحة أهل البحرين ومكاسب أهل البحرين وحقوقهم.. ما أجمله من اختلاف، هؤلاء لا خوف منهم، هؤلاء حتى إن عارضوا، يصبحون جنوداً للوطن في أي أزمة دون أن يقال لهم دافعوا عن وطنكم، ودون أن يطلبوا مقابلاً. الكثير من تجنيس الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات غدا كارثة على الوطن، وكارثة على مستقبله، وعلى التركيبة السكانية، في وقت شجعت الدولة هجرة القبائل والعرب والعوائل إلى الدول المجاورة، فحدثت الكارثة في 2011. هذا التاريخ أمامكم، فإن لم تتعلموا، فإن المستقبل لن يكون بخير. بعض الذين أعطيتموهم الجنسية هم من يحرضون وينقلبون، ويقولون “اسحقوهم” والدولة تتفرج ولا تطبق القانون، مثل هؤلاء لا يستحقون الجنسية وهم يحرضون على وطنهم وعلى أمن الناس وعلى قتل رجال الأمن. لنتكلم بصراحة، قبل أن يحدث لنا ما حدث من الخارج والداخل وممن لا يملكون وطنية، فإن الدولة هي من هيأت الطريق ومهدت له، وفرشته بالورود، لذلك من لا يأخذ الفرصة يصبح مغفلاً.!

يريدون تمزيقنا (نتفة.. نتفة) كورقة في اللشريدر

عبد المنعم ابراهيم
ليس جديداً القول بأن هناك توجها في الإدارة الأمريكية إلى تقسيم الوطن العربي إلى «كانتونات» طائفية وعرقية، بل هناك كتّاب ومحللون غربيون يؤكدون هذه التوجهات الأمريكية، وبالأمس قرأت مقالة الكاتب (خلف أحمد الحبتور) في (أخبار الخليج) بعنوان: «هل السنة ضحايا لعبة كبرى جديدة؟»، فوجدته يحذر من هذه التوجهات الأمريكية لتقسيم الوطن العربي، ومن بين ما قاله (الحبتور): «إن الأجندة الأمريكية تتمحور في المدى الطويل حول إغواء إيران بالانضمام إلى المعسكر الأمريكي، انطلاقاً من أن الشيعة العرب الآخرين سوف يتبعونها.. ونظرياً ترغب واشنطن في تعيين كيان قوي مثل إيران وكيلاً لها في المنطقة يهتم بإدارة شئونها تماماً كما كان الشاه قبل أن تصيبه أوهام العظمة، لكن بادئ ذي بدء سوف تضطر إلى التضحية بالدول ذات الغالبية السنية، ولطالما كان هدف أمريكا تقسيم العرب عبر احتواء السنة في جيوب صغيرة يمكن التحكم بها مقابل تمكين الشيعة، وقد نجحت هذه السياسة في العراق البلد الذي أصبح مرشحاً لأن ينقسم إلى ثلاث دول! وكانت الأيدي الغربية خلف تقسيم السودان إلى كيانين متحاربين». ويشير الكاتب إلى احتمال تقسيم ليبيا إلى عدة أقاليم متنازعة النفوذ القبلي، ويقول: «واليمن يتفكك أيضاً تحت وطأة الانقسامات في الجيش والمطالب الانفصالية في الجنوب، والعنف الذي يمارسه الحوثيون في الشمال، ناهيك عن وجود تنظيم (القاعدة) الذي يزيد الأوضاع سوءًا».
بعد هذه الرؤية البانورامية الشاملة التي قدمها الكاتب (الحبتور) نحتاج إلى إعادة تحليل لكل الأحداث التي تمر بها الأوطان العربية من خلال السيناريو الجديد الذي ترسمه واشنطن للمنطقة، وليس مستبعدا وجود أصابع أمريكية وإيرانية في الأزمة الدبلوماسية التي حدثت مؤخرا بين مصر والسعودية، واستطاعت حكمة قياد وشعب البلدين في الإسراع باحتوائها، حتى لا تفوز أمريكا بإحداث شرخ كبير في العلاقات المصرية السعودية.
وندفع نحن في البحرين منذ عام ٢٠٠٥ ثمن السيناريو الأمريكي الجديد لتفتيت المنطقة طائفياً، منذ اللحظة التي اجتمع فيها المسئولون في السفارة الأمريكية بالمنامة مع جماعة (الوفاق)، وتم احتضان أمريكا لهم كممثل شرعي ووحيد للمعارضة! وهم يدركون أن (الوفاق) جمعية طائفية تؤتمر بقرارات (ولاية الفقيه) الإيرانية! التي تريد اختطاف الطائفية الشيعية الكريمة في البحرين، وتضعها في صراع طائفي ودموي ضد شقيقتها الطائفة السنية الكريمة.. ومن منطلق السيناريو الأمريكي الجديد في المنطقة ترى (واشنطن) أن ما تفعله (الوفاق) من إثارة الفتن الطائفية يصب في مصلحتها الاستراتيجية لشرذمة الوطن العربي وتمزيقه (نتفة.. نتفة) كورقة في آلة اللشريدر.

لا أحد فوق القانون.. ودي أصدق

فيصل الشيخ
تُمنح الحصانة لبعض الشخصيات بموجب القانون لكنها أبداً لا تكون “حصانة مطلقة”؛ فمثلاً أعضاء السلطة التشريعية (النواب) يمتلكون حصانة، لكنها لا تعفيهم من المساءلة أمام القضاء في أية قضايا يتهمون فيها باختلاف أنواعها، باعتبار أن العرف السائد في القانون حول العالم يقول إن “الجميع سواسية أمام القانون ولا أحد فوق القانون”، وقياساً على ذلك عديد من الحالات. الأصوات تعالت في البحرين منذ زمن بأن القانون لابد أن يطبق، وألا يكون هناك أشخاص فوق القانون، وأن الجميع يجب أن يكونوا سواسية أمامه بغض النظر عن عوائلهم وألقابهم ومواقعهم. الكل يتفق على هذه المطالب، ونعني بالكل من ينشد العدالة والمساواة ومن يؤمن بأن الوضع المثالي والصحي لأي دولة يتمثل بكون القانون فوق الجميع وألا “واسطة” أو “حصانة” تمنح لمن يتجاوز القانون أو يرتكب فعلاً خاطئاً يجرم تبقيه بمنأى أو معزل عن المحاسبة. هذه المطالبات ونحددها بالعدالة والمساواة وإلغاء التمييز والمحاسبة على الأخطاء المرتكبة، هي من المطالب التي كانت تدفع بها بقوة مؤسسات المجتمع المدني ومنها الجمعيات المعارضة، خاصة عندما كانت تركز في حراكها على ضرورة محاسبة ظاهرة الفساد والمفسدين، وحينها سمعناهم كثيراً يقولون إنه “لا أحد فوق القانون”. الغريب أن من كان يشدد على ضرورة معاملة الجميع بالمثل وأن يكونوا سواسية أمام القانون، هو اليوم من يصنع القوائم الخاصة به، والتي لا يقبل بموجبها أن يكون من فيها مساءل أمام القانون، بل يعتبر مساءلته انتهاكاً وتضييقاً لحريته. في عرف هؤلاء، هناك شخصيات هم من يجب أن يكونوا “فوق القانون”، ولا يجب أن يطالهم القانون بأي مساءلة أو حتى أن تطبق عليهم جزاءاته لو هم خالفوه. هم من يقولون بأنهم يسعون لدولة تسود فيها العدالة وبأن تكون دولة مؤسسات وتشريعات، لكنهم في الوقت نفسه لا يقوون على تحمل تطبيق القانون عليهم. ما المشكلة اليوم لو تم استدعاء أي “مواطن” كان ليمثل أمام القضاء بموجب القانون بسبب مخالفة ارتكبها أو إخلال بالنظام؟! هل هذه كارثة؟! هم سيقبلونها لو كانت معنية بشخصيات يعتبرونها في الجانب المضاد لهم، كمسؤولي الأمن، وأفراد من العائلة المالكة، وعناصر مجتمعية ناشطة تختلف معهم مذهبياً، بل هم من رفعوا مؤخراً دعوى أمام القضاء ضد جهاز في الدولة، لكنهم لن يقبلوها بحق أنفسهم مهما حصل. اليوم يقيمون القيامة على توقيف واستجواب شخص كرس نفسه لتشويه صورة البحرين في الخارج ولإثارة الفوضى في الداخل، وتحول من مدعٍ لممارسة حقوق الإنسان إلى معارض يعلن صراحة أنه يعمل على إسقاط النظام، وكأن هذا الشخص يجب أن يمنح حصانة ضد القانون، وأن توقيفه يعد سابقة خطيرة. النقاط يجب أن توضع على الحروف، هذا الشخص يفترض أن يكون “مواطناً” حاله حال غيره، وإن ارتكب خطأ أو تجاوز فإن المساءلة بحقه إجراء عادي، إذ من يكون حتى يصبح فوق القانون؟! بل من يكون -في جانب آخر- بعض مسؤولي الجمعيات السياسية، أو خطباء المنابر المسيسين للدين حتى لا يمتثلوا للقانون إن ارتكبوا مخالفات وتجاوزات يعاقب عليها القانون؟! أليسوا مواطنين يسري عليهم القانون حالهم حال الجميع؟! الإجراء الأخير بتوقيف “الحقوقي الطائفي العنصري” ليس إجراءً استثنائياً يختلف عن غيره من الإجراءات بحق المخالفين للقانون، بل هو إجراء مبررات اتخاذه تدفعنا لسؤال الجهات المعنية بالدولة عن سبب تركه سابقاً يفعل ما يحلو له ويمارس التحريض والتحشيد ضد الدولة والنظام، إذ هل اختلفت ممارساته التحريضية ضد الدولة الآن عما كانت عليه سابقاً. إن كان التهاون السابق في اتخاذ هذه الخطوات بحق “رؤوس التحريض” يأتي نابعاً من استمرار التعويل بأن هؤلاء يمكن أن يعودوا إلى رشدهم ويوقفوا ممارساتهم الانقلابية ضد الدولة، فإن هذا التوسم والتعويل ليس مسوغاً أبداً لتعطيل القانون، أو نطبقه وقتما نشاء وعلى من نشاء. لا أحد فوق القانون، جملة سمعناها تردد بحسم وقوة من قبل المسؤولين عن تطبيق القانون، لكننا نقولها لهم وكلنا أسف، إننا رأينا طوال عام وزيادة حالات وحالات تثبت بأن القانون لا يطبق بالصرامة المطلوبة، ويثبت بأن هناك بالفعل أشخاصاً فوق القانون. إن كان ما نقوله هنا خاطئاً، وما نقوله أصلاً يكاد يكون قناعة لدى المواطنين المخلصين، فأثبتوا لنا ذلك عبر تطبيق القانون على الجميع، وعبر محاسبة كل محرض على تحريضه بحسب ما ينص عليه القانون. إن كان ما نقوله هنا خاطئاً، وأن الجهات المسؤولة تطبق القانون وأن لا أحد فوق القانون، فلماذا لا يفسر لنا أحد “اللغز المحير” حينما يخرج “مواطن” ويهتف في الجموع ويدعوهم لقتل الشرطة ويقول “اسحقوهم” ولا يتخذ بحقه أي إجراء ولا تتم مساءلته حتى بسؤال واحد! لا أحد فوق القانون، والله “ودي أصدق”!

إيران.. بين انتهاك العفة وفـرض الحجاب

صباح الموسوي
تشهد شوارع العاصمة طهران وسائر المدن الإيرانية الكبرى هذه الأيام حملة ما يسمى بفرض قانون الحجاب، وقد صاحب هذه الحملة التي جند لها أكثر من سبعين ألف شرطي، جدلاً واسعاً حول جدوى الطريقة التي يجري التعامل بها مع النسوة اللواتي يتم إيقافهن بسبب عدم التزامهن بارتداء الحجاب، حيث تقوم جماعات الباسيج وقوى الشرطة باستخدام العنف المبرح ضد من يتم إيقافهن ونقلهن إلى مراكز الاعتقال بصورة مسيئة جداً، مما يتسبب في إهانة كرامتهن أمام الرأي العام بطريقة بعيدة كل البعد عن الهدف المعلن من الحملة وهو فرض الحجاب كما يقال. وفي إطار هذه الحملة شوهدت عناصر متطرفة من الباسيج تقوم برش مادة “الأسيد” على النساء المتبرجات وتهاجم الأقسام الداخلية للجامعات وتقوم بضرب الطالبات، وتقوم كذلك بمهاجمة المناسبات الاجتماعية. وقد انتقدت أوساط سياسية ودينية إيرانية عديدة الأسلوب المتبع في تطبيق ما يسمى بإجراءات فرض الحجاب قائلة إن الله فرض الحشمة والعفة على المرأة قبل الحجاب وإن ما تقوم به الأجهزة المعنية من تعامل مع النساء اللواتي لا يلتزمن بتطبيق الحجاب يعد انتهاكاً لحشمة هؤلاء النسوة. ويرى المراقبون أن حملة فرض الحجاب تتزامن مع الحملة التي تقوم بها مؤسسات دينية وثقافية رسمية لترويج ما تسميه بثقافة (زواج) المتعة في المجتمع الإيراني. وكان موضوع الترويج لما يسمى بزواج المتعة قد تبنتها حكومة الرئيس الأسبق للجمهورية الإيرانية علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي أكد حينها على لزوم دعم الحكومة لمسألة (زواج) المتعة أو ما يعرف بالزواج المؤقت كطريقة لحل المشاكل الجنسية للشباب حسب قوله. وجاءت دعوة رفسنجاني آنذاك عقب انتهاء الحرب مع العراق التي خلفت أعداداً كبيرة من الأرامل، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وتفشي حالة الفقر المعاشي، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام مافيا الدعارة وسوق الاتجار بالرقيق الأبيض. وقد ساهمت الحماية الحكومية لمهنة ما بات يعرف في إيران بالدعارة المشرعنة (المتعة) في ارتفاع نسبة العاملات في هذه المهنة إلى 30%، بحسب إحصائيات مراكز الدراسات الاجتماعية الممولة حكومياً. في حين ترى مصادر إيرانية مستقلة أن النسبة أكبر من ذلك بكثير غير أن المسؤولين لا يعلنون الحقيقة. ويعتقد المعارضون لهذا الأمر أن العمل في هذه المهنة يتجه لإحداث كوارث اجتماعية في المجتمع الإيراني المحافظ. ويؤكد هؤلاء المعارضون أن نسبة الممارسين للمتعة من الرجال المتزوجين أكثر من غيرهم، حيث تظهر الأرقام الرسمية أن نسبة الرجال المتزوجين الممارسين للمتعة تبلغ 40% مقابل 20% للرجال العزاب. وهنا يطرح المعارضون سؤالاً على الداعين إلى ترويج ثقافة (زواج) المتعة عن طريقة حلهم لعدم التوازن الحاصل طالما أنهم يقولون إن في ترويج المتعة حلاً للرجال والنساء العازبين، متسائلين؛ هل (زواج) المتعة حل شرعي في الأصل أم ترشيد للفحشاء؟. ويرى المعارضون أن من أبرز ما خلفه ويخلفه ما يسمى (بالزواج) المؤقت أو المتعة هو تصاعد أعداد الأطفال المتولدين من (المتعة)، والذين ترفض السلطات الرسمية الإعلان عن أعدادهم الحقيقية، حيث يفتقد أكثرهم لبطاقة هوية الأحوال الشخصية. وليس هناك مكان للشك -كما هو في دول العالم الأخرى- أن شبكات مافيا المخدرات وجرائم القتل والسرقات وغيرها من الجرائم الأخرى، تجند عناصرها من بين هؤلاء الأطفال الضائعين. ورغم دعم السلطات الرسمية لثقافة (زواج) المتعة فإن ذلك لم يمنع بعض التيارات المتشددة من القيام بالاعتداء وقتل النسوة الشاغلات في هذه المهنة، مثلما حدث في مدينة مشهد قبل عدة أعوام، حيث قام أحد الأشخاص بقتل أكثر من 16 امرأة، وكذلك فعل شخص آخر في مدينة كرمان. ويقول المعارضون إن هذه الجرائم تتم على أيدي ما يعرف بالعناصر المدنية المنظمة التي تنتمي للأجهزة الأمنية السرية التي غالباً ما يجند بعضها عناصره من بين فاقدي الهوية أو ما يسمون بأبناء المتعة، إضافة إلى ذلك أن إفرازات (زواج) المتعة ليس ظاهرة أطفال الشوارع وفاقدي الهوية وحسب، بل إن أحد أهم إفرازات هذه المهنة هو ضياع النساء اللواتي تنتهي مدة عقدهن وبقائهن من غير معيل وانجرار أغلبهن إلى الانحراف والسقوط في مستنقع الرذيلة. علما أن اللواتي يمارسن (زواج) المتعة في الشوارع الرئيسة للعاصمة طهران وفي المدن الدينية كمدن مشهد وقم وفي منطقة “شاه جراغ” بمدينة شيراز وفي منطقة شاه عبد العظيم في مدينة ري وفي شارع ولي عصر في وسط العاصمة، أغلبهن من المرتديات للشادور، لكن ذلك الشادور لم يحفظ لهن حشمتهن وعفتهن بقدر ما وفر لهن الحماية من ملاحقة القوات المكلفة بفرض الحجاب.

جريدة «المصري اليوم» لا تعرف شيئا عن البحرين

بثينة خليفة قاسم
خلال تصفحي للصحف المصرية في محاولة لفهم ما يدور في القاهرة من أحداث تحير اللبيب وتدمي القلوب، وقعت عيناي على تقرير نشرته جريدة «المصري اليوم» التي كنت أعول كثيرا على دقتها في نشر الأخبار ووقوفها على مسافة واحدة بين القوى السياسية المتصارعة في مصر حاليا.
نشرت صحيفة «المصري اليوم « تقريرا عن المواطن البحريني الدانماركي عبدالهادي الخواجة الذي يقضي عقوبة السجن بالبحرين حاليا، بعد أن أدانته محكمة بحرينية بتهمة محددة.
هذا التقرير يبين إلى أي مدى تتعامل وسائل إعلام عربية مع الحالة البحرينية باستهتار، بل بجهل تام مع ما يجري في البحرين، وهو أمر يدعو للصدمة، فقد كنا نلوم بعض الصحف الأجنبية المغرضة التي تسعى إلى تحقيق أجندات معينة في المنطقة وتقوم ببث أنصاف حقائق لخلق حالة من البلبلة سعيا لتفجير المنطقة برمتها.
كنا نعتقد أن جريدة المصري اليوم يمكن أن تضع الأمور في نصابها الصحيح على اعتبار أن لها تاريخا من المهنية يمنعها من تحريف الحقائق أو تضخيمها.
نحن لا نرفض أن تنشر «المصري اليوم» أو غيرها خبرا أو تعليقا أو حتى مادة رأي عما يجري في البحرين، ولا نلوم من ينتقد أي ظاهرة أو وضع معين في البحرين، فنحن لدينا حرية صحافة، والصحف البحرينية تقول ما تريد وتنتقد ما يستوجب النقد في الداخل البحريني، ولكننا نلوم على عدم الدقة ونلوم على التقارير المدسوسة التي لا يعرف لها مصدر أو كاتب أو سند.
لو كانت «المصري اليوم» قد نشرت هذا التقرير المعيب كمادة رأي بتوقيع أحد الكتاب لقلنا إن هذه وجهة نظر شخصية وأن وجهة نظر الكاتب تخصه وحده ولا علاقة لها بموقف الجريدة، ولو كان خبرا منقولا عن إحدى وكالات الأنباء لما شغلتنا المسألة، فالكل ينقل عن هذه الوكالات.
ولكن الجريدة طبقا لما رأيته على نسختها الالكترونية نشرت تقريرا بلا صاحب وبدأته ببداية متحيزة وغير مهنية مستندة لعبارات وردت في خطاب بعثه الخواجة نفسه إلى جهة ما ونقلت ألفاظا رديئة لا تليق بجريدة تخشى على مكانتها المهنية، لأنها تسيء إلى رمز بحريني بلا سند ولا دليل، سوى عبارة وردت في خطاب شخصي.
إذا كانت صحيفة مصرية كبيرة تنقل ما يشوه وجه الحقيقة في البحرين فلا يجب أن نلوم الصحف الأجنبية التي تنفخ في نار الطائفية نفخا وتسعى لإشعال حريق في كل ركن من أركان الوطن العربي المكلوم.
«المصري اليوم» قالت في تقريرها إن الخواجة أصبح رمزا وشعارا للبحرينيين، وكأنها لا تعرف شيئا على الاطلاق عن البحرين وما يجري فيها وما يراد لها.
وقالت إن الخواجة يقدس المقاومة السلمية ويرفض العنف ويوصي أتباعه قائلا «إذا مت فلا تلجأوا إلى العنف».
وبغض النظر عن مدى ملاءمة كلمة «مقاومة» في هذا السياق، فالجريدة ابتعدت تماما عن الحقيقة في البحرين، ونقلت كلاما لا يليق بمهنيتها، وكأن الخواجة حكم عليه بسبب كسر إحدى إشارات المرور وليس بسبب العنف والتحريض عليه.
زبدة القول:
عندما يضرب شخص معين عن الطعام، تصبح هذه هي الحقيقة الوحيدة لدى كثير من وسائل الإعلام، وتصغر أو تختفي أمامها أي حقائق أخرى.
لا يجب أن يؤدي التعاطف الإنساني مع الشخص المضرب عن الطعام إلى إهمال الحقيقة أو اجتزائها أو تزييفها، وإلا كان الإضراب عن الطعام هو وسيلة الخلاص لكل من يرتكب جريمة.

إيران.. مجتمع شيطاني هوايته الكذب

أسامة الماجد
ما إن صدّق سيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على التعديلات الدستورية الجديدة، حتى خرجت علينا أصوات تنعق كالبوم من القنوات الإيرانية الحاقدة تقلل من هذا الانجاز التاريخي الذي تحقق للبحرين، وأكثر ما يثير الضحك ويجعل المرء بحق يحك رأسه وذقنه من الاستغراب أن أولئك الناعقين يمجدون ملالي الشر في طهران ويصفون الديمقراطية الإيرانية بأنها الأمثل في المنطقة وتناسب كل المجتمعات، وكل ما تحقق في البحرين مجرد حبر على ورق وبعيد عن أرض الواقع!... يا سبحان الله.
عن أي ديمقراطية تتحدثون وعن أي بلد يعرف حقوق المواطنين والبشر.
إيران بلد مريض وبنية مشوهة، بل هي مسخ بالوراثة، دولة موهبتها الأولى الكذب وقلب الحقائق والتضليل ونظامها الحاكم يرتدي عباءة العنصرية التي لا نجد لها مثيلا في أي مجتمع كان.
أي ديمقراطية تتحدثون عنها في هذا المجتمع الشيطاني الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى قتل الإنسان العربي وتصفيته ومحو تاريخه.. شأنهم شأن الكيان الصهيوني الذي يريد التخلص من العرب في فلسطين تدريجيا، فالعرب وبالأخص أهل السنة في إيران هم المنبوذون، ولهذا فليس غريبا ان تصل المأساة إلى حد تعليق كل من لا يؤمن بولاية الفقيه في مشانق بالشوارع العامة في مشهد يومي يدمي القلب البشري من فظاعته... ولكن لا يحرك أحساس الكيان الحاكم الشاذ والمنحرف هناك..
الديمقراطية التي يتمتع بها المواطن البحريني لا سيما في العهد الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، يحتاج المواطن الإيراني إلى 50 سنة ليحصل على جزء يسير منها لا يتعدى 1 %. كيف لا والمواطن الإيراني بحاجة إلى من ينتشله من العزلة النفسية التي يعاني منها منذ أن جثم على صدره نظام الملالي بعقليته العتيقة الاستعمارية البغيضة.
في البحرين تستطيع أن تنتقد وأن تقول ما تشاء وان تختار أي اتجاه، وتستطيع أن تدخل على جلالة الملك أو سمو رئيس الوزراء أو سمو ولي العهد في مجالسهم الأسبوعية وتنقل لهم ما يضايقك دون أن يقف في وجهك أي رجل أمن ويقول لك “ممنوع”.
تستطيع أن تخرج في اعتصام وأن تنضم إلي أي جمعية سياسية معارضة وأن تكتب وتصرح في الصحف.. بينما في إيران، البلد الذي تتفاخرون بديمقراطيته يتم فيه قمع أي صوت معارض، حيث تتم ملاحقة المعارضين في الشوارع وكما شاهد العالم أجمع بالدراجات النارية والاصطدام بهم حتى الموت. ناهيك عن الاعتقالات والتمثيل في الجثث. لا يمكن لأي مواطن في إيران أن يفكر حتى في مسألة الاختلاف مع هذا المسؤول أو ذاك.. انه محكوم بخوف رهيب وبشتى أنواع الاضطهاد والمطاردة وغارات الصيد البشري الحقيقي!.
المواطن الإيراني مازال يجهل ما هو “البلاك بيري، والآيفون وبعيد كل البعد عن أحدث وسائل الاتصالات في العالم وهذا ليس بخرافة.. نعم.. فقد التقيت بمخرجة سينمائية تزور دبي لأول مرة لحضور مهرجان سينمائي، انبهرت عندما شاهدت جهازي البلاك بيري وأخذت تقلبه يمنة ويسرة وكانت تعتقد أنه جهاز لابتوب!! كانت غير مصدقة بتكنولوجيا هذا الجهاز، وعندما سألتها ألا يوجد في إيران جهاز مثله... ضحكت وقالت.. يستحيل أن ترى أي شيء متطور وعصري في بلدنا.. كل شيء تقليدي. لا يريدوننا أن نطلع على العالم!.
أنظروا إلى ديمقراطية ملاليكم ماذا فعلت في المواطن الإيراني أنظروا إلى أي مدى من الجهل والتخلف وصل إليه المواطن هناك إلى درجة أنه أصبح لا يفرق بين اللاب توب وجهاز الهاتف النقال!
ملايين الإيرانيين معزولون عن الحرية، مكتوون بنار الاضطهاد، فالملالي استباحوا حرماتهم وبالجملة دفنوا كل رغبة لديهم في الحياة الحرة الكريمة.
فلا تحاولوا خداع أنفسكم وخداع الناس بديمقراطية نظام ملالي طهران، لا جدوى من ذلك أبدا..
أما أنتم.. يا من تمجدون أساطير وخرافات النظام الإيراني وتستهزئون بكل ما قد تحقق للبحرين من حياة ديمقراطية نقول لكم... أنتم مجرد طابور خامس.. زائدة دودية سيأتي اليوم الذي ستستأصل من جسد وطننا الجميل الذي تلوث بأنفاسكم المريضة.

تصعيد المخربين.. وماذا بعد

أحمد مبارك سالم
في كل يوم يمر على بلادنا البحرين التي ما عادت تحتمل ما تجنيه من هؤلاء المخربين نسمع عن تصعيد يتلوه تصعيد في الداخل والخارج، ليظل التساؤل المطروح بعد ذلك، والذي مازال يحير جميع المواطنين الشرفاء... وماذا بعد؟ ومتى ستتغير لغة التعامل مع هؤلاء المخربين.
إن ما تمارسه الوفاق التي تقود هذا التصعيد وتتغلف بغلاف الحيادية الذي تطالب من خلاله الجميع بضبط النفس لابد أن يوضع له حد، فما يمارسه المدعو علي سلمان بتوجيهات من عيسى قاسم من لعب على الحبلين ما عاد يجدي في إقناع أي عاقل بشعار السلمية الذي أصبح شعاراً بالياً مستفزاً، والذي لو كان صادقاً فيه لاستنكر أو زار تلك المرأة وولدها ممن تعرضوا لشظايا انفجار أنبوبة غاز كادت أن تودي بحياتهما، حيث تقطن هذه المرأة ووليدها في معقل إقامته في منطقة البلاد القديم.
نحن مع معالي وزير الداخلية في حكمته في التعاطي مع الأمور، وندرك تمام الإدراك بأنه يعلم كثيراً من الأمور التفصيلية نحن لا نعلمها، وتأتيه توجيهات من القيادة الرشيدة للتعاطي مع الملف الأمني، وهم ومن دون شك يدركون أبعاد الأمور ويمتلكون من المعلومات ما يفوق ما نمتلكه، فهم الأجدر بالتعامل مع المستجدات والمتغيرات في ذلك.
إلا أن ما يؤلمنا ويحرق قلوبنا أولئك الضحايا الذين يتعرضون وهم يصونون أمن البلد لما يتعرضون له من أخطار أودت بحياة بعضهم، وأردت بعضهم في حالة خطيرة لا يعلم ما سيجري عليهم بعدها، فحسبنا المولى ونعم الوكيل.
مستجدات تطرأ، ومتغيرات تتسارع، ولا نعلم إلى أين ستؤول بنا الأمور، ولكن يبقى التساؤل الذي يثير نفسه، إلى متى ستتعامل الدولة مع هذا الملف بهذه الصورة في مقابل التصعيد من المخربين ؟، نحن نود أن يخرج علينا مسؤول من وزارة الداخلية ويعلمنا بحقيقة هذه الأمور، فرجال الأمن لهم مكانة في قلوبنا ولا نرضى بأن يكونوا في هذه الحال.
إن رجال الدين المحرضين على العنف، والصامتين عن الإرهاب والزعماء السياسيون الذين يدعون  السلمية ، كل هؤلاء مسؤولون مباشرة عن الأعمال الإرهابية التي يؤيدونها ضمناً؛ نظراً لعدم استنكارهم لها، فنحن اليوم أمام حياة مفصلية، فإما أن يتم استنكار مثل هذه الأعمال من قبل هؤلاء، وإما أن تؤيد بالتصريح أو تسكت فتكون لها من المؤيدين.
إن المشكلة المتمثلة ضمن هذا النطاق تقرر أننا بين نارين، فنحن كمثقفين نوقن تمام اليقين أن السياسة الأمنية تستلزم الهدوء في التعامل مع أمثال هؤلاء من المخربين، وذلك في مقابل انزعاجنا وانفلات صبرنا مما يبدر من هؤلاء من تصعيد راح ضحيته الكثير من رجال الأمن الذين يواجهون العبوات الناسفة والمولوتوف والأسياخ الحديدية برصاص الغاز المسيل للدموع، وليس لنا في ذلك إلا ما نرفع به أكف الضراعة في بيوت الله بالدعاء لرجال الأمن بالحفظ والرعاية من كيد الكائدين، ومن مكر الخائنين.
نتطلع في الأيام القادمة أن يتغير الوضع، وأن تنشط الأجهزة الأمنية في الدولة لاحتواء مثل هذه العمليات التي تمثل كمائن يعمل على وضعها هؤلاء الإرهابيون لقتل رجال الأمن وحرقهم انطلاقا وتلبية لفتوى عيسى قاسم الذي حرضهم على ذلك منذ عدة أسابيع.
إن التوقع في ظل التصعيد الذي يمارسه أمثال هؤلاء متوقع ولا أعتقد أنه سينتهي نظراً لارتباطه بمطالب يرغبون من خلالها كسر هيبة الدولة، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من قادتهم المحرضين لهم على ذلك، وهم كانوا وما زالوا يواجهون كل خطوة إيجابية من الدولة بتعنت وإصرار، ولكن في الأيام القادمة نتطلع أن نجد من الدولة خطوات جادة تضع من خلالها النقط على الحروف في التعامل مع هذا التأزيم والتصعيد من شرذمة قليلون نسأله تعالى أن يخسف بهم وبمن أيدهم الأرض، وأن يجعل كيدهم في نحورهم.
زبدة القول
مهما صعد المخربون من أعمالهم التخريبية فإنه يبقى للأمل بارقة تحدونا وتؤكد لنا أن السحر لا محالة سينقلب على الساحر، وأن الذين ظلموا سيعلمون أي منقلب ينقلبون، وأن الظلم الذي يمارسونه في حق رجال الأمن سيرفع عنهم برد كيد هؤلاء في نحورهم، وفي جعل تدبيرهم في تدميرهم، وهي دعوات طالما أمنا عليها في صلواتنا وخلوتنا، وهو المستعان في كل حال، والقادر على تغيير المحال، والعالم بتصريف الأحوال جل في علاه.

مهازل .. صوتها عال في حلبة السياسة الجادة

إياد أبو شقرا
إن الزرازير لما قام قائمها .. توهمت أنها صارت شواهينا (صفي الدين الحلي)
هناك أمور معتادة في عالم السياسة. فحتى في أرقى الديمقراطيات توجد عداوات تستعصي على الالتئام، وأحقاد يعجز أحيانا أذكى الساسة عن إخفائها.
حتى في أرقى الديمقراطيات يمكن أن يصل الكاذب والمضلل إلى مبتغاه لبعض الوقت، مستفيدا من الديماغوجية الرخيصة والمزايدة الفئوية وإثارة الهواجس، ويمارس ساسة صغار التهريج والشتم جنبا إلى جنب مع ادعاء العفة والأخلاق والوطنية ونظافة اليد...
في الظروف الطبيعية يكون «حبل الكذب قصير»، وبناء عليه، فإن «مهازل» بشرية من هذا النوع لا تعيش طويلا في ظروف طبيعية تعيشها دول تحكمها حكومات تقوم على المساءلة والخيارات الحرة وتتمتع بالسيادة الحقيقية. ولكن، حيث تتبخر السيادة وتنعدم الخيارات الحرة وتتعذر المساءلة، تستمر هذه «المهازل»... بل تزداد صلفا ووقاحة، فتتصرف وكأنها الأصل وكل ما عداها الاستثناء.
في لبنان هذا، بالضبط، ما يحدث اليوم...
ثمة «مهزلة» بشرية تحرض وتستفز الغرائز وتخون الآخرين وتشتمهم بلا خجل... مستفيدة من أن عربدتها الطائفية العفنة تتمتع - استنسابيا - بدعم حزب الله اللبناني، القوة الوحيدة المسلحة بسلاح غير شرعي في البلاد. بل إن «الحزب» المهيمن راهنا على قرار الحرب والسلم، والساعي إلى التمدد الديموغرافي في كل مكان من لبنان، حريص على استخدام هذه «المهزلة» واستغلالها في «حرب إلغاء» فئوية يخوضها في إطار استراتيجية إقليمية خطيرة.. لأنه لا يريد أن يظهر في صورة الجهة المسؤولة عن مواجهة شيعية - سنية في البلاد، وتداعياتها في المنطقة العربية بأسرها.
حزب الله نجح لفترة لا بأس بها، في تجاوز خطوط الصدوع الزلزالية المذهبية في المنطقة، بالتوازي مع نجاح إيران - مرحليا - في كسب ثقة حركة حماس الفلسطينية وجماعة الإخوان المسلمين في مصر. وكان هذا «النجاح» عنصرا ضروريا للتغطية على طبيعة التمدد الإيراني داخل الوطن العربي أمام خلفية «غض نظر» إسرائيلي ما عاد ممكنا التمويه عليه.
بالأمس، بينما واصل النظام السوري دفع سوريا دفعا نحو الحرب الأهلية، المطلوبة إسرائيليا، تقاطع في بيروت وصول وفدين أميركي وإيراني. وكانت المناسبة بالغة الدلالة، كما جاء التزامن مثيرا للجدل والقلق في آن معا.
جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى والسفير الأميركي السابق لدى لبنان، جال على الفعاليات السياسية اللبنانية، ومعه السيناتور جوزيف ليبرمان، أحد أعظم الساسة الأميركيين تأثيرا في مجال العلاقات الخارجية، وشؤون الشرقين الأدنى والأوسط تحديدا. وكالعادة، لم يُضِف لا كلام ليبرمان ولا كلام فيلتمان، جديدا من الناحية العملية.. سواء بالنسبة للوضع اللبناني الداخلي أو الحالة الإقليمية، وبالأخص ما يحدث في سوريا. كل ما في الأمر، أنه جرى تأكيد ما سبق قوله أميركيا - عشرات المرات منذ 2005 - بلا فعل جدي ملموس حتى اللحظة، وكان الجانب الوحيد اللافت زيارة ليبرمان حدود لبنان الشمالية مع سوريا.. لـ«الاطلاع» عن كثب على أوضاع المهجرين السوريين.
في المقابل، وصل محمد رضا رحيمي، النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني، على رأس مرافق ضخم، حاملا رزمة من المشاريع الإيرانية المقدمة للبنان على مختلف الأصعدة: من الطاقة إلى التعليم... وعلى وقع كلام حزب الله عن ضرورة بقاء الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات العامة بموجب قانون انتخابي يلائمه، ينتج برلمانا - أيضا - يلائمه، لكي ينتخب لاحقا رئيس جمهورية يلائمه... وهكذا تسقط الدولة ومؤسساتها كلها في أحضانه.
لبنان حلقة صغيرة في سلسلة المنطقة، غير أن المثل الغربي يقول «قوة السلسلة تعتمد على قوة أضعف حلقاتها». وهذا يعني أنه في ظل عملية رسم الحسابات الإقليمية، وربما إعادة رسم الخرائط، لا يعود هناك فارق يذكر بين حلقة كبيرة وأخرى صغيرة. وموقع لبنان، على صغره، غاية في الأهمية، سواء على الصعيد الجغرافي كدولة متاخمة لكل من سوريا وإسرائيل، أو المذهبي ككيان تتعادل فيه كفتا المسلمين الشيعة والسنة في ظروف احتقان مذهبية غاية في الحساسية.
من هذا المنطلق ثمة اتجاهان عند الساسة اللبنانيين اليوم:
الأول: الاتجاه العاقل الذي يقدر حجم المخاطر التي تحيق بالكيان اللبناني وتركيبته السكانية الملونة، فيحاول ما أمكن «تبريد» الأمور، ولجم الانزلاق نحو الانفلات الأمني، وضبط الخطاب الطائفي التحريضي، والامتناع عن السير في نهج الإقصاء والإلغاء والاجتثاث.
والثاني هو الاتجاه المغامر، وبضمنه اتجاه «عميل» في ولاءاته الخارجية المطلقة، الذي لا يقيم وزنا للاستقرار الداخلي، بل ينفذ ما يؤمر به مهما كان الثمن.
في الاتجاه الثاني، يأتي الافتتاح المبكر لحملة الانتخابات البرلمانية، المفترض أن لا تنطلق قبل العام المقبل، باستغلال تأييد رئيس الجمهورية ميشال سليمان اعتماد قانون النسبية الانتخابي.
المؤسف أن سليمان - عن حسن نية على الأرجح - لم يتنبه بعد إلى استحالة إجراء انتخابات عادلة وفق قانون النسبية في ظل استمرار احتفاظ حزب الله - المنافس في الانتخابات - بسلاحه دون سائر القوى الأخرى. وهذا مع العلم بأن إجراء انتخابات في ظل سطوة السلاح مسألة أساسية عند «الحزب»، لأنه يضمن احتفاظ الطائفة الشيعية بوحدة «الأمر الواقع»، ومعها بكتلة أصوات الاتجاه الطائفي الواحد على امتداد الأراضي اللبنانية، وفي الوقت عينه... انتزاع نسبة أصوات من الطوائف الأخرى عبر الترغيب والترهيب.
وهكذا فإن الأدوات، المسلمة والمسيحية، العاملة في خدمة مشروع حزب الله تسير الآن في ركاب طرح «النسبية في ظل السلاح»؛ لأن انتخابات مزورة سلفا من هذا النوع ستعطيهم داخل مؤسسات السلطة في لبنان حضورا مضخما لا يستحقونه داخل طوائفهم. واستطرادا، تعطيهم داخل طوائفهم دور «حصان طروادة» لـ«الحزب» الذي، من جانبه، ينفذ مشروعا أكبر على مستوى المنطقة ككل.
المفارقة هنا، أن أبرز هذه الأدوات، و«المهزلة» المتعاونة على هدم الاستقرار، يطالب برأس الرئيس سليمان، مؤيد «النسبية»، بأمل احتكار التمثيل المسيحي، بعدما بلغ حد رعاية حزب الله له السكوت على إدانة أحد رجاله بالعمالة لإسرائيل.
الصورة الإقليمية الكبرى ما عادت بحاجة إلى تخمينات بعد عرض العضلات الإيراني في الخليج، وانكشاف دوري حزب الله ورئيس الحكومة العراقية في دعم القمع الدموي في سوريا، وتجميد واشنطن - وسط تصريحات إسرائيلية مريبة - أي خطوة جدية لإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفي المقابل، تشكل الكيانات الصغيرة الهشة كلبنان «ساحات مناورات» أمنية و«صناديق بريد» سياسية. وفيها يتحرك «الصغار» بأوامر «الكبار» بأمل الحصول على فُتات مائدة هنا وجائزة ترضية هناك.
وهنا تعلو أصوات «المهازل» البشرية الطارئة على عالم السياسة.

استذكارات لم يستذكروها

سعيد الحمد
تمنيت من كل قلبي وأنا اقرأ بيانات جمعيات المعارضة البحرينية «المدنية» التقدمي ووعد والقومي التي يهنئون فيها الطبقة العمالية البحرينية بالأول من مايو بوصفه عيداً للعمال تمنيت عليهم ان يستذكروا ويتذكروا موقف مرجعية الوفاق واعني به عيسى قاسم تحديداً من مناسبة الأول من مايو التي وقف ضدها على رؤوس الاشهاد في برلمان 73 وصوت وكتلته «الدينية» مع المرحوم عبدالأمير الجمري لإسقاط اقتراح كتلة الشعب الذي طالب بجعل الأول من مايو عطلة رسمية للاحتفال بيوم العمال العالمي. وتمنيت عليهم العودة إلى مضابط جلسات ذلك البرلمان ليقرؤوا بعقول مفتوحة وببصيرة نافذة حيثيات رفض عيسى قاسم وتبريراته لاسقاط ذلك الاقتراح الشعبي الذي تبنته الحكومة بعد سنوات واعلنت الأول من مايو عطلة رسمية خرجت فيها ومازالت المسيرات العمالية المختلفة احتفالاً بيوم العمال العالمي وشاركت الوفاق في الاحتفال علماً ان مرجعيتها لها موقف مخالف ولكنها النفعية الفجة التي تمارسها الوفاق وأشباهها من الاحزاب الولائية التي ترفض اصلاً فكرة الاحتفاء بيوم العمال العالمي كونه كما قال قاسم «يوماً شيوعياً وفكرة شيوعية علمانية بالأصل يرفضها». فهل تغير عيسى قاسم أم تغير يوم العمال العالمي؟؟ لا هذا ولا ذاك.. ولكنها اللحظة البحرينية الفارقة بكل مفارقاتها اللامعقولة والتي «لمت» وجمعت الشامي على المغربي أو بالأدق التي «لمت» اليسار والقوميين على الولائيين فتحول الرمز العمالي الخالد من المطرقة والمنجل إلى العمامة وفقد نشيد انشاد العمال في يومهم وعيدهم المجيد رمزيته ودلالته «وسيظل طيفك يا رفيق» في مدرج التاريخ يومئ للسائرين». فأين الرفيق وهو نداء لم تنطقوه في الدوار وتلك آية الخذلان والاختباء تحت العمامة.. وهي ذات العمامة التي مازالت ترفض لا عيد العمال فحسب بل ترفض ربما ما هو اهم واكبر ترفض قانون الأحوال الشخصية وتعبئ ضده وتحشد اضخم التظاهرات النسائية مستندة في ذلك إلى فتوى دينية ترهب بها البسطاء والبسيطات لتستخدمهن ضد حقوقهن في المواطنة كما رفض عيسى قاسم ذات يوم وفي برلمان 73 تحديد وصف «مواطنون» ليشمل المرأة واقتصره في تفسيره وتفسير كتلته على الذكور فقط.. وهو موقف كما تلاحظون متأصل ومتجذر في فكر ايديولوجي راسخ في عقلية وذهنية الرجل هيهات ان يتغير ويتبدل مهما توهم الواهمون في اليسار وفي «القومجيين» الذين استبدلوا الذي هو احسن بالذي هو أردأ فأضاعوا البوصلة المدنية ولا يمكن لهم ان يراهنوا على جمعية تأتمر بأوامر هكذا مرجعية وهكذا تاريخ مواقفها من المرأة ومن عيد العمال ومن مفهوم المواطنة والمواطنين. وهذه الاستذكارات لا نقدمها من اجل ازجاء الوقت والتسالي بالذكريات بقدر ما نسوقها كأدلة من واقع ممارسات المرجعية والتي تعكس فكرها وايديولوجيتها التي ابعد ما تكون عن الفكرة والثقافة والمفهوم المدني وتكذب ترويجات علي سلمان عن الدولة المدنية التي يريد ان يمرر مشروع الدولة الولائية خلف يافطتها كونه يعلم علم اليقين التاريخ المدني المديد للبحرين من جهة وليخاطب الغرب ويكسب تعاطفه من جهة أخرى في سلوك نفعي سطحي لا يمكن له ان يمر أو يفوت على من يعرف ايديولوجية وذهنية الطالعين من احشاء حزب الدعوة. واتمنى على المدنيين المخدوعين بشعارات الوفاق او الذين يحاولون ايهام انفسهم بصدق شعاراتها عن الدولة المدنية ان يعودوا إلى مضابط جلسات برلمان 73 وإلى مجلة المواقف وإلى الاعداد الصادرة في تلك الحقبة ليتعرفوا عن كثب وعن قرب على افكار تيار لم تتغير افكاره بل ازدادت غلواً وايغالاً في تشددها متكئة على اسناد نظام آخر تعرفونه جيداً.. فهل من مراجعة وهل من استذكار يعلم الشطار؟

جمعـيات سياسية أم ميلشـيات سياسية

طارق العامر
يا أيها الوفاقيون: أنتم فَشَلة.. فشلتم في مشروعكم الانقلابي، فشلتم في اقناع ثوار الربيع العربي بـ»ثورتكم الطائفية».. فشلتم في اقناع العالم بسلميتكم، كما فشلتم في افشال الفورمولا واقناع المواطن البحريني بشعاركم البالي «اخوان سنة وشيعة»، الشيء الوحيد الذي يمكن ان أقر انكم نجحتم فيه، هو شق النسيج الاجتماعي، وشيء آخر لا أنفك ان اتذكره ولن انساه الا وهو، بغض البحرينيين نساءهم ورجالهم والعرب من الخليج الى المحيط جميعهم لكم، لذلك انتم اليوم، تتعمدون احداث الانفلات الأمنى بعد أن تم فضحكم. الوطن يعيش اليوم ضحية تحت أمر وتحت ابتزاز الوفاق، بمستقبلها وأمانها واستقرارها، وكذلك الشعب، يعيش بحيرته وآماله واحلامه وتنازع الرجاء واليأس على قلبه، ضحية هذا الفشل الساحق للوفاق، والمواطن الشريف وعبر درء الخطر يحاول، ومن خلال ردة فعل عكسية، ناجمة من يأسه ومن قرفه ومن غضبه أن يكون جانيا، ولكن في النهاية يكون اول مجني عليه!! لقد كشفت الأشهر الماضية أن الوفاق لم تكن في نيتها تكوين «اكبر» جمعية سياسية، بل «اقوى» ميليشيا سياسية مسلحة تنقلب على الوطن، فالمتتبع لتسلسل اعمال العنف والمصحوب بالتصعيد الميداني، يجد بالدليل القاطع غير القابل للشك، بأن ميليشيا الوفاق لم تقف عند حرق الاطارات، وسكب الزيت في الشوارع، واغلاق الطرقات، وتفجير انابيب الغاز، والهجوم على مكينات الصراف الألي، ورمي عناصر الشرطة بالمولوتوف واسياخ الحديد بل طوروا اساليب ارهابهم، فاستخدموا القنابل المحلية الصنع، وتعلموا طريقة صنع قنابل قاتلة بدائية تفجر عبر وسائل تحكم عن بعد، واخيرا وليس اخرا، بدأوا بأستخدام السلاح الحي الذي كان مخبأ في «بعض» المآتم، وغدا سيبدأون بتكوين ميليشيات مسلحة، هدفها محاصرة وغلق الشوارع واعادة ذكري حصار مستشفي السلمانية والمرفأ المالي، ولكن هذه المرة بقوة السلاح والرصاص الحي. «هذا خيال يا هذا، فالوفاق مجرد مشروع سياسي».. قد اكون شخصا يهوى الخيال وقد اجد نفسي مجبرا على التخيل، لأن ما شاهدته طوال العام المنصرم من افعال اجراميه يشيب لها الوليد، كانت خارج مركز تخيلي وبعيدة عن واقع «حسن النوايا» الذي كنت اعيش فيه، ولم أكن اتصور ان كل هذا الأجرام يمكن ان يخرج من بين اضلع علي سلمان.. البت كان مستحيل على احد ان يصدق سحق الشرطة او قتل رجل مسن او قطع لسان مؤذن، لو لم نشاهده في 14 فبراير.. هل يمكن لمثلي ومثلك ان يصدق ان الوفاق تشارك في مثل ذلك او ان امينها العام يبارك ذلك، او حتى يسكت عن مثل ذلك؟؟ قد لا يكفي هنا ان أشير بأصابع الأتهام نحو المتهم الأول عن كل هذه الجرائم البشعة التى ارتكبت ومازالت ترتكب كل يوم وليل في بلدي، دون ان ألقي بالأئمة على المحرض الاول «أسحقووووه» والذي أمعن فى تفخيخ وطن بأكمله من أجل مصلحته الشخصية، وفداء لطائفيته وإرضاء للبارانويا التى أصابته، ثم اكتفا بعد ذلك بمشاهدة سقوط ضحاياه الواحدة تلو الاخرى وهي تنزف دما بسبب تحريضه وأكاذيبه، دون ذرة من ضمير او وجل او خوف على مستقبل او مصير هؤلاء الفتية. هذا بالضبط تشريح لما نحن فيه، لكن كيف لنا ان نتعامل مع كل هذا؟ دعنا فى الأهم قبل المهم، أن نسأل كيف يمكن ان نتعايش مع كل هذا الارهاب المتولد من الجمعيات السياسية، والخارج من تحت عبء المنبر الطائفي، الحاصل على شهادة «الأوزو» المباركية من أعلى درجة دينية في «قم» و»النجف»؟ وهل يمكن ان نتحاور ثم نتلاءم ونتواءم وفي الأخير نتلاحم. سؤال محير، لكن نصيحتي لكل من يتصورون أنهم سيبتزون الدولة من خلال اعمال الترهيب او انهم سيزرعون الخوف في قلب الشعب البحريني ويركعوه: لا تضعوا أنفسكم فى مواجهة شعب به أمهات ابناؤهم من عناصر الشرطة تستهدفونهم كل يوم، فصبرهن وقوتهن وإيمانهن بالله وحبهن لوطنهن البحرين يمكن أن يطبق على جمعيتكم فوق رؤوسكم بل ان يفجر المفاعل النووي الايراني بأسره. ولا تظنوا أن من ذاق على يدكم الارهاب وعاش كل ليلة الخوف يمكن أن يرضي بحوار لكم فيه الغلبة، لا والف لا، لقد كتبتم بدمائهم التى تلطخ أيديكم نهاية الحلول التوافقية والتى تأتي على حساب فئة لمصلحة فئة اخري، وقد قلتها من قبل واعيد تكرارها: هذا زمن ولى وراح!

سوريا.. أي انتخابات

عماد الدين أديب
الصندوق الانتخابي في الدول الديمقراطية هو وحده من دون سواه العنصر الحاسم في تحديد اتجاهات ورغبات الرأي العام في اختيار من يمثلهم لأي منصب من مناصب الدولة أو المجتمع. وعام 2012 هو من أكثر أعوام حسم الانتخابات في التاريخ المعاصر في ظل أزمة اقتصادية عالمية، وفي ظل عالم يزداد فيه الوعي الانتخابي وتعلو فيه مقاييس الحكم على المرشحين وسط غابة متوحشة من وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة.
وما بين انتخابات في الصين، ورئيس جديد في ألمانيا، ودخول القيصر بوتين إلى الكرملين مرة أخرى واحتمال خروج ساركوزي من الإليزيه ودخول أولاند والحزب الاشتراكي إلى كرسي الحكم لأول مرة منذ عام 1994، يبدو العالم كله كأنه يتقلب على صفيح ساخن! واليوم هناك حيرة في واشنطن حول الرئيس المقبل، وسخونة في إيران حول الانتخابات التشريعية، وغموض وقلق وخوف في مصر حول شخص الرئيس الآتي من ضمن 13 منافسا.
كل ذلك له معنى سواء كنت معه أو ضده، سواء كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، سواء كنت مع ساركوزي أو ضده، سواء كنت إسلاميا أو محافظا أو ليبراليا في الحالة المصرية، لكن الانتخابات الوحيدة التي لا معنى لها، هي الانتخابات البرلمانية في سوريا التي تبدأ اليوم (الاثنين) على وقع قنابل المدفعية الثقيلة وطلقات الهاون والنشاط الدموي لشبيحة النظام.
أي انتخابات في ظل أنهار من الدماء تنزف على مدار 14 شهرا؟!
أي انتخابات المفروض أنها في عرف الديمقراطية تقوم على حرية الاختيار الحر المباشر للمواطن في اختيار ممثليه، بينما البلاد والعباد يتم حكمهم بالحديد والنار، ويتم قهر إرادتهم بكل أدوات الدمار والخراب والقتل والتنكيل!
لا بد أن تتوقف هذه المهزلة التي لا يصدقها أي إنسان سوى نظام الحكم وحده الذي لم تصل إليه أصوات وصراخ المتظاهرين في محيط وسط العاصمة دمشق!
يا لها من فاتورة باهظة التكاليف حينما يصر فيها نظام الحكم على الإنكار الكامل بوجود مجازر ويقوم باختراع تمثيلية انتخابات برلمانية لن يذهب إليها أحد!
قد تستطيع أن تكذب على بعض الناس بعض الوقت، لكنك بالتأكيد لن تستطيع أن تكذب على كل الناس طوال الوقت.
هل يتخيل النظام في سوريا أن شهداء حماه وحمص وجسر الشغور وإدلب وبابا عمرو وريف دمشق، سوف يذهبون للتصويت؟!
لك الله يا سوريا!

الأحواز في مشروع وحدة دولة الولي الفقيه

داود البصري
الزيارة الفضائحية الأخيرة التي قام بها لطهران مؤخرا رئيس حكومة بغداد الخضراء الرفيق الدعوي المناضل نوري المالكي والتي تخللها تكرر منظر غياب العلم العراقي في حضرة الرئيس الإيراني المغتصب للأرض العربية محمود نجاد، كانت تأكيدا لهيمنة النظام الإيراني على العراق بشكله الرث الطائفي القائم حاليا وهو ماعاد و كرسه رسميا النائب الأول للرئيس الإيراني وهو طبعا منصب «خرطي». فقد أكد السيد رحيمي على ملف ما أسماه بوحدة إيران والعراق!! وهي وحدة مضحكة ومثيرة للجدل والتأمل أيضا؟ وطبعا ما يقصده الآغا رحيمي قدس سره ليس الوحدة الاندماجية في الإطار الدستوري والقانوني وهي التي لم تتم ولا يمكن أن تتم حتى ولو ولج الجمل في سم الخياط، ولكنها وحدة الهيمنة والسيطرة السياسية التي هيأت لها ووفرت مستلزماتها هيمنة حزب الدعوة الطائفي الإيراني الهوى والولاء والتأسيس والجذور على السلطة في العراق، وهي بجميع الأحوال هيمنة مؤقتة ولن تدوم طويلا حتى وإن بدت الظواهر عكس ذلك؟ كما أنها وحدة المتأزمين والمحصورين والذين يعانون كثيرا من نتائج انهيار الأنظمة الشمولية الحاملة زورا لهوية الممانعة والمقاومة. فالانهيار الوشيك والحتمي لنظام البعث الأسدي الشبيحي السوري سيغير تماما من كل صيغ المعادلات الإقليمية وسيهيئ الساحة تماما لانتفاضة الشعوب الإيرانية وتصعيد نضالها ضد الفاشية الدينية الرثة الحاكمة في طهران، ولعل في محاولة نائب الرئيس الإيراني الربط بين المصلحة الاستراتيجية والاقتصادية الإيرانية عبر تفعيل التفاعل بين ما أسماه إقليم خوزستان «الأحواز أو عربستان» وجنوب العراق وعاصمته البصرة، كما نعلم لم يكن سوى محاولة فاشلة للإيهام بأن أهل وشعب الأحواز الحر الثائر في حالة اندماج وتفاعل مع الخطط والمشاريع الإيرانية، لا رحيمي ولا نجاد ولا كبيرهم الذي علمهم السحر والدجل بقادرين على منع انتفاضة الشعوب غير الفارسية ضد نظام الدجل، ولا شيء أبدا يعيق الروح العربية الوثابة في عربستان والهادفة للانعتاق من أسر الذل والاحتلال الفارسي الاستيطاني العنصري الذي طال طويلا. ليس المقال تعليقا على الوحدة الشوهاء المفترضة بين نظام الولي الفقيه وعملائه في العراق فتلك سيكون لها مقالات قادمة وتفصيلية ولكننا نشير هنا لخبث السياسة الإيرانية التي تقتنص الفرص وتحاول الإيحاء بمشاهد متخيلة وغير موجودة وتعطيها التركيز في ظل الضعف القاتل للحكومة العراقية التي تحمل بذور فنائها والتي ما أتيح لها الاستمرار إلا بفعل الحقن والمقويات الإيرانية والضغوط الإيرانية المركزة والشديدة على الجماعات الطائفية الأخرى كجماعة الصدر الذي تحول فيه مقتدى الصدر لمقيم دائم في قم، منها يتحرك ومن إطارها ينطلق، ومن دهاليز مخططات السياسة الإيرانية السرية يتحرك.. والطريف أن الإيرانيين قد عرضوا على العراق الطائفي بناء 3000 مدرسة!! وكأن العراق جيبوتي أو الصومال أو جزر القمر لكي تتعطف عليه طهران وتتكرم ببناء المدارس التي لن تكون مجرد بناء من حجر ورمل فقط! بل ستكون معاقل فكرية وقلاع تثقيفية وغزو فكري حقيقي ولم لا؟ والرفيق علي الأديب الإيراني قد تحول ليكون وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي وهو غير حامل لأي شهادة دكتوراه من جامعة دولية معترف بها طبعا غير جامعة (آل البيت) في طهران أو مجموعة جامعات «سوق مريدي» في مدينة الثورة...؟ مهازل عديدة باتت تتسابق للعرض في عراق الهزل والتلاشي والضياع، والهجمة الإيرانية تحاول التغطية على فظائع القمع الإيراني في إقليم الأحواز العربي الثائر والذي انطلق قطار ثورته المقدسة ولن يتوقف أبدا إلا عند محطة التحرير، فلا حزب الدعوة ولا النظام الإيراني ولا أي طرف آخر بقادر على إطفاء شعلة الحرية الأحوازية التي ستساهم في تحرير الشرق القديم من براثن الدجل والتخلف وحكم الفئة الباغية، لن يفلح الإيرانيون بجهودهم الخبيثة، ولن يستطيع العملاء الصغار الوقوف بوجه الحتمية التاريخية... ستقلب الثورة الأحوازية كل الخطط المشبوهة السوداء وستعيد اللحمة الكفاحية لشعوب الشرق القديم.

ما ضاع حق وراءه مطالب

عبدالله الأيوبي
كان متوقعا أن تؤدي الزيارة غير الموفقة سياسيا التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبوموسى الإماراتية التي احتلتها قوات شاه إيران محمد رضا بهلوي عام ١٩٧١ إلى جانب جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، إلى إثارة غضب دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يمكن لها أن تسلم بالأمر الواقع الذي تريد إيران فرضه من خلال رفضها مجرد مناقشة قضية الجزر الثلاث وتمسكها بما تسميه حقها السيادي على هذه الجزر في وقت تصر فيه دولة الإمارات العربية المتحدة على حقها التاريخي في جزرها الثلاث، وبغض النظر عن الموقف السياسي من قضية هذه الجزر، فإن هناك إشكالية قانونية تلف هذه القضية، وبالتالي فإن إيجاد الحل القانوني لهذه القضية هو ربما المخرج الوحيد المتاح لها.
تمثل قضية الجزر الإماراتية الثلاث أولوية سياسية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة ومن ورائها دول مجلس التعاون التي سارعت إلى التعبير عن «دعمها» المطلق لسيادة الإمارات على جزرها، ومن الطبيعي أن تقفز قضية الجزر حاليا إلى سدة اهتمام الدولة الشقيقة، فزيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبوموسى، في وقت كانت الإمارات تسعى جاهدة لإضفاء مرونة سياسية على موقفها من هذه الجزر والسعي إلى تطبيع علاقاتها مع الجمهورية الإٍسلامية الإيرانية وعدم جعل قضية الجزر حجر عثرة أمام مسيرة هذه العلاقات، لكن زيارة نجاد أفسدت هذه الجهود ولم تترك لدولة الإمارات من خيار سوى التشدد سياسيا.
سياسيا، لا يمكن إلا أن تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بالدعم الخليجي والعربي، فهذا الموقف ليس وليد المستجدات التي طرأت على علاقات الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع العديد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وليس هو ردة فعل على تردي علاقات إيران مع بعض من هذه الدول، وإنما هو الموقف القومي الذي لا بديل سواه، فحين احتل شاه إيران الجزر الإماراتية الثلاث، قبل ثماني سنوات من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، خرجت مظاهرات عارمة في شتى أنحاء الدول العربية تندد بهذا الاحتلال.
فإيران الشاه حين احتلت الجزر الإماراتية الثلاث استندت إلى ميزان القوة العسكرية الذي كان يميل بقوة لصالح إيران التي كانت تمثل قوة عسكرية إقليمية صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة موجات المد التحرري في المنطقة وخاصة إبان الحقبة الناصرية والدور الذي كانت تلعبه الكتلة الاشتراكية في دعم حركات التحرر العربي والعالمي، ويبدو أن قادة الثورة الإسلامية في إيران ورثوا عقلية القوة العسكرية في تعاطيهم مع قضية الجزر الإماراتية الثلاث، فهم يدركون أن دولة الإمارات ومعها دول مجلس التعاون لن تدخل في حرب ضد إيران من أجل تحرير هذه الجزر.
لكن عدم توافر الظروف الذاتية لتحرير الجزر الإماراتية، بالقوة يجب ألا يطغى على عقلانية التفكير في إيجاد حل سياسي وقانوني لهذه القضية التي ستبقى بكل تأكيد حجر عثرة أمام التطبيع الحقيقي والدائم للعلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران، ومن مصلحة إيران ودولة الإمارات ومعها دول مجلس التعاون ألا تكون هناك قضايا شائكة وعالقة تعكر صفو علاقات الطرفين، فالواقع الجغرافي يحتم عليهما فهم بعضهما بعضا والتخلص من عقلية الهيمنة وفرض الأمر الواقع استنادا إلى القوة.
فالإمارات العربية المتحدة قدمت إلى القيادة الإيرانية أكثر من مقترح لإيجاد حل أو صيغة لإنهاء هذه القضية بين الجانبين، بدءا من بحث القضية بين الطرفين وصولا إلى التحكيم الدولي، إذا ما فشلتا في إيجاد صيغة أو حل يرضيهما، إلا أن القيادة الإيرانية لم تعر هذه المقترحات والخطوات الإماراتية أي اهتمام وأصرت على التمسك بالموقف الشاهنشاهي الذي يعتبر هذه الجزر أراضي إيرانية غير قابلة للمساومة أو حتى للنقاش، وهذا منطلق لا يتماشى ومتطلبات علاقات حسن الجوار وانتهاج الطريق السلمي في معالجة الخلافات بين الجيران.
إيران وفي أكثر من مناسبة تؤكد أن الجزر الثلاث إيرانية تاريخيا وقانونيا، وهذا موقفها الرسمي، ولكن للإمارات العربية المتحدة أيضا موقفها الرسمي الذي يتحدث عن أحقية الدولة الشقيقة في هذه الجزر، فلماذا ترفض إيران التحكيم طالما أن موقفها القانوني قوي ومعزز بالوثائق التاريخية، كما تقول؟ ألا يثير هذا الرفض الشكوك في مصداقية ما تدعي إيران امتلاكه من وثائق تؤكد سيادتها على الجزر محل الخلاف؟ ثم أليس رفض التحكيم يعني العجز عن إثبات قوة الموقف القانوني من القضية المتنازع عليها؟ المهم أن تكون هناك مطالبة مستمرة، «فما ضاع حق وراءه مطالب».

قضية حق أُريدَ بها باطلٌ

عبدالله خليفة
حتى الأطفال صاروا يعرفون انهم محبوسو هؤلاء مواطنينا الأعزاء في قمقمِ ولاية الفقيه إلا هم.
تطوير الديمقراطية ورفض التعديلات الدستورية والجماعات المذهبية السياسية التابعة لولاية الفقيه تقولُ أشياء أخرى كثيرة في البحرين ولبنان والعراق وسوريا وغيرها.
البطولة الصاروخية الحزبية الطائفية في لبنان تصرخُ بما هو أعظم خطراً، وحين يقول اللبنانيون من كل الطوائف يجب أن يكون السلاح بيد الجيش الوطني وحده ومؤسسات الدولة هي المسئولة عن الدفاع، وكفاية ما خربتم من لبنان وعرضتموه للحرق والإبادة، ترفض جماعةُ ولاية الفقيه معبرة عن الدكتاتور الإيراني بأنها المقاومة والدفاع عن الأرض وتحرير الشعب وما إلى ذلك من قضية حق أُريد بها باطلُ الدكتاتورية العسكرية الإيرانية.
والعراق يعيشُ أخطر من مشكلات البحرين بفقرهِ وصراعاته من الجرائم والمذابح التي تقومُ بها القاعدةُ وبقايا الدكتاتوريةِ السابقة والتنظيمات الشيعية الإرهابية، وحين يقول الوطنيون العراقيون من كل القوميات فلنتحد ونقم وطناً واحداً نبعدُ فيه المذهبيات المسيِّسة الممزِّقة والقوميات المتعصبة، يجري رئيسُ وزراء العراق نحو إيران ويجلس مع القادة هناك مزيحاً علمَ بلاده.
هل يمكن أن يقف تنظيمٌ سياسي ضد تطورات بلده الديمقراطية والمساواة بين مواطنيه وتكريس دخوله من أجل الشعب والطبقات والجماعات كافة؟
لا يمكن ذلك، ولكن الشروط المتصاعدة وفرض الهيمنة واضحة لإنشاء حالة تأزيم مستمرة، ولستم أنتم أيتها القواعد الشعبية والعمال الفقراء من يضعها، بل هناك القادة الذين يربطون تطور بلدنا بالتأزيم من أجل ذات الأهداف الإيرانية التي تقع في حبائلها التنظيماتُ السياسية الشيعية في لبنان والعراق.
هل هذه قضيةٌ رياضيةٌ بحاجةٍ إلى علماء كي يحلوها؟
نعرف أنكم تعانون دكتاتورية ولاية الفقيه، وبعض الظروف في العيش والحياة، لكن هذه المشكلات لا تُحل من خلال جماعة واحدة، ولا من خلال طائفة واحدة، بل من خلال نضال وطني مشترك، من خلال ارتقاء الجميع عبر الديمقراطية.
لقد حبستم أنفسكم في واقع هذه الدكتاتورية وتركتم بعضَ النخب تسيطرُ عليكم، ولم تقيموا تعدديةً داخلية وتبادلاً واسعاً للآراء، ولم تتسعْ صدورُكم للرأي والرأي الآخر، ولم تنشروا الفكر الديمقراطي التنويري بينكم، لكن تستطيعون أن تناضلوا داخل هذه الدكتاتورية بأن تفتحوا بعضَ الثغرات فيها وتوسعوا الترابطَ الديمقراطي بينكم، وتطرحوا الأسئلةَ المهمة حول مسائل جوهرية مثل: إلى متى نحن ممزقون شعبيا وإسلاميا؟ وإلى متى نحن مربوطون بسلاسل فرعون في طهران؟ وكيف نجنبُ أهلَنا مغامرات النظام الإيراني التي يعدها لإغراق المنطقة بالحرب؟ كيف نحمي مذهبنَا وأهلَنا من هذا التسييس البشع لرموزنا وتاريخنا؟ كيف نعارضُ من داخل الوحدة الوطنية العربية في كلِ بلدٍ عربي ونناضلُ لأجل تطوير حياة أهلنا؟ كيف نطور بلدنا عبر الصراع والوحدة معاً؟ كيف نجعل الاختلاف يؤدي إلى تطور مصالحنا المشتركة ويعزز من تطور الديمقراطية؟
نعم اللسانُ مقطوعٌ، والقمعُ منتشرٌ بينكم، يمنعكم حتى من إبداء أي صوت اعتراض، نحن نعرف ذلك، ولكن أدوات النضال كثيرة وما يبدأ بالأسئلة والنقد يتحول إلى انتفاضة على الولاية المرتبطة بمشروع الفاشية الإيرانية.
التعديلات الدستورية وتطوير الديمقراطية في بلدنا وفي كل البلدان ومقاومة العدو الصهيوني ووحدة الشعوب العربية والإسلامية ضد المتدخلين هي كلها قضايا حق، ولكن عبر التوحد الديمقراطي الشعبي وعزل المذهبيات السياسية الممزقة للشعوب، ولا يمكن لجماعةٍ أن تقومَ بخرق السفينة على أساسِ إنقاذها، وهي تأخذُ الأوامرَ من سفينة أخرى، يهمها أن تستولي على قوى الآخرين، وهي تفتح ثغرات في قيعانها وتدع المياه والألغام تتفجر فيها وتغرقها.
ولو كان الربانُ الإيراني حكيماً لوحدَ السفنَ العربية والإيرانية والكردية والتركية، وما جعل السفن الغربية هي التي تهيمنُ على البحار والأجواء الإسلامية والدولية، ولكنه أحمق، فيجب ألا نجعلَ الحماقةَ تقودنا وتعرضنا للدمار.
الربانُ الإيراني يهمه الحفاظ على نظامه الدكتاتوري المتخلف وغير راغب في التعاون مع محيطه العربي الإسلامي، وقد قرأتم كيفية تنامي الاستفزاز حول الجزر الإماراتية المحتلة، وكيف يتم التصعيد العسكري الخطر على الجميع.
ألم تسمعوا بذلك؟ هل كان لكم يوما موقف واحد ضد هذه التدخلات وقمع ملايين المواطنين (الشيعة) في إيران؟ ونركز في قمع الشيعة لأن القوميات الأخرى والمذاهب مقموعة من قديم، لكن هل كان لكم موقف واحد فقط مع إخوتكم وأخواتكم في المذهب نفسه؟
أنتم لستم مع الشيعة هنا أو هناك، بل أنتم مع الدكتاتورية الحاكمة في طهران، ويجب أن تعرفوا ذلك بدقة، لأن اللبسَ هنا خطر خطر.
إنهم يستخدمون القوى المذهبية المسيَّسة التابعة كأدوات ولا يهمهم مصيرها ومصير البلدان الأخرى، ولكن نحن يهمنا ذلك ونسعى إلى تطوركم وبقائكم وسلامتكم.
إن توسع المعارضة لنظام ولاية الفقيه وانضمام قوى إسلامية وقومية وشعبية واسعة هما الطريق لتغيير منطقتنا، ونشر السلام وتوسع الديمقراطية وحقوق المواطني.

التعديلات الدستورية.. جمعيات التأزيم ونفي الذات

حين صدق جلالة الملك على التعديلات الدستورية يوم الخميس الماضي، تفاعلت كل قوى المجتمع الوطنية معه إيجابيا، واعتبرت تلك التعديلات نقلة نوعية في مسار التجربتين الإصلاحية والسياسية، إلا فئة واحدة في هذا المجتمع وقفت وحدها «وقفة مضادة» كعادتها، لكأن جلالة الملك استبق الحدث حين عبر في خطابه يوم التصديق عن أمله في (أن تبادر مختلف القوى والتجمعات من ذاتها إلى تقويم عملها واللحاق بركب التطور والإصلاح)، فالركب ماض في مساره ولن يوقفه شيء أو أحد مثلما جمعيات التأزيم ماضية إلى حتفها السياسي، وهي ترفض كل شيء وتخلق من كل إنجاز وطني فرصة لتضييع الفرص على نفسها ولخلق أزمة جديدة لم تعد تهم أحدا غيرها.
لذلك ـ كما هو متوقع ومعروف ـ جمعية الوفاق وأتباعها من جمعيات (البصم) والأخرى غير المرخصة لم تمتلك ولن تمتلك شجاعة تقويم عملها وأدائها لتلحق بركب التطور والإصلاح كما أمل جلالة الملك، وإنما أصدرت بيانا مكررا تتهم فيه الدولة بأن كل ما تقوم به كخلاصة للأمر هو (شكلي)، ونقول سبحانه الله في هكذا جماعة.
هو ذات الخطاب المسموم يكرر نفسه كل مرة فهؤلاء لا يملكون سوى لغة (الرفض والتأزيم) لكل شيء وبما يدل كل مرة على تفاقم تصاعدي في (الأزمة الذاتية) وعمل المستحيل لإسقاط تلك الأزمة على المجتمع في حالة ميلودرامية من (نفي الذات) عن المتغيرات والتغييرات الإيجابية فيه، بل عن المتغيرات السياسية والتطوير الإصلاحي اللذين لم يكونوا يحلمون بأقل منهما قبل عدة سنوات فقط.
وكما هو متوقع أيضا: اتخذت هذه الفئة فلسفة الرفض المأزومة مقرونة بسياقها التعبيري (ميدانيا) فأقامت الوفاق وأذنابها المعروفة مسيرة نعوش رمزية (انظروا هنا نعوشا وليس شيئا آخر) زجت في داخلها ٨٤ رقما واسما غير متفق عليها حيث بينهم وفيات طبيعية ووفيات مشكوك في أمرها تم ضمها إلى القائمة للمتاجرة السياسية فيها في الداخل والخارج.
المهم في الأمر أن مسيرة النعوش أقيمت للتنديد بالتعديلات الدستورية والإصرار على البقاء في زاوية الأزمة الذاتية فيما كامل المكونات ما عداهم ساروا في تناغم معها باعتبارها تعديلات دستورية نتاجا شرعيا لمرئيات حوار التوافق الوطني وللتعددية الديمقراطية وللإرادة الشعبية لدى الغالبية.
هؤلاء بالفعل يثبتون يوما بعد يوم أنهم أعداء الإصلاح وأعداء الديمقراطية، وأن شعاراتهم (زائفة وشكلية)، وأنها في جوهرها مجرد أداة للابتزاز السياسي ولإبقاء الوطن في حالة التأزيم المستمر، ويوما بعد يوم يثبتون أيضا أنهم لا يريدون في هذا الوطن إلا الخلاف والاختلاف، والرفض والاستبداد بالرأي وإقصاء آراء وحريات الغالبية، مثلما لا يُشبع طمعهم إلا الخطوات السريعة التي تهيئ لهم في النهاية المناخات والأجواء للقفز على السلطة رغم الفشل القاسي والمرير الذي أحاط بحراكهم الانقلابي لتحقيق تلك الغاية طائفيا خلال أزمة فبراير التي كانت أيضا تعبيرا عن أزمتهم مع هذا الوطن وفيه.
ذلك فهؤلاء لا عمل لهم سوى التنديد بكل ما تتوافق عليه الرؤى والقوى الوطنية والمؤسسات والجمعيات السياسية الوطنية ومكونات الشعب، هم لا يرون إلا أنفسهم وعقولهم الضيقة، وهم إلى اليوم رغم فضائحية انكشاف أجندتهم للقاصي والداني مازالوا يتصورون في إطار حالة مرضية واقعة في الوهم المستفحل ان الوطن وإصلاحه وديمقراطيته كلها موقوفة على رأيهم كفئة لبست لبوس المعارضة وعلى مواقفهم التي فقدت كل مصداقية ومشروعية لأنهم ببساطة حتى اللحظة، ومع كل إنجاز وطني، يعملون طوال الوقت على النقيض من كل القوى المجتمعية والسياسية، ولربما يعتقدون أن الوطن هو (وقف جعفري) خاص بهم وعلى أساس ذلك يتصرفون، وأي وهم خطِر في هذا؟
هؤلاء لايزالون متدثرين على مستوى الوعي والحراك بثقافة الموت والحسينيات والجنائزيات والنعوش، ولذلك فإن كل فرح في هذا الوطن هو حزن لهم، وكل تطور ونجاح وإنجاز فيه هو إخفاق لهم، وكل تغيير إيجابي هو مناسبة للتنديد والشجب والرفض بل للتصعيد في العنف والإرهاب، حتى أصبحوا يصارعون الطواحين ويسجلون البطولات عليها وحدها ويدورون حول أنفسهم أو عكس عجلة الزمن وعجلة الوطن وعجلة مسار أي منطق سياسي أو عقل وطني.
يعملون بكل ما لديهم من قوة ودعم وتدريب من المدرستين «الإيرانية والأمريكية» للانتصار على الوطن ولكسر إرادة الناس ولضرب الديمقراطية عبر احتكار الرأي وضرب التعددية عبر الفئوية الطائفية القاتلة لأصحابها، وضرب الإصلاح كلما تحقق فيه المزيد بالمطالبة اللانهائية (مازلنا نريد المزيد، نريد المزيد وفورا)، وعينهم على كرسي الحكم لا غير، حتى أصبحوا لا يصدقون أن هذا الوطن ليس منحازا لأجندتهم الغوغائية، وان هذا الوطن بإمكانه أن يسير من دونهم وانه لن يتوقف عندهم وعند تطرفهم وإرهابهم وديكتاتوريتهم واستبدادهم وخاصة بعد أن فقد حراكهم وفقدت شعاراتهم كل مصداقيتها ومشروعيتها، وباتوا في نظر الغالبية (مجرد مفسدين في الأرض وداعمين للإرهاب) لا مصلحين أو إصلاحيين أو ديمقراطيين إلى جانب ما اكتشفه شعبنا المخلص فيهم من مليون ثغرة أخرى وفي رداء أجندتهم المكشوفة فأخرجتهم في نظر تلك الغالبية الشعبية من إطار المعارضة الوطنية الصحيحة.
حين هم ينددون بالتعديلات الدستورية النوعية وبالفرح الوطني ويواجهون ذلك بالنعوش فإنهم في الواقع يعلنون (الإفلاس السياسي) مجددا أمام مرأى الجميع و(يتوهمون) أنهم رقم صعب لا يمكن تجاوزه وبهذا فهم في حقيقة الأمر يثيرون الإحساس بالشفقة وبالرثاء لما أوصلوا أنفسهم إليه في ظل سذاجة سياسية لا متناهية، فهذا الوطن وبإرادة قيادته السياسية وإرادة شعبه الوطني الشريف تجاوزهم منذ زمن ولم يعد ينظر إليهم إلا بأنهم (الإشكالية الكبرى) التي تحتاج إلى إزالة وأنهم (المرض الحقيقي) في هذا الوطن الذي تحتاج أورامه إلى بتر، وأنهم (العقدة) من حيث بنية جمعياتهم وتركيبتها وتوجهاتها بحاجة إلى إصلاح جوهري وجذري لأنها أضرت بهذا الوطن كثيرا وطويلا، وتبقى البحرين وحدها هي الرقم الأصعب على الإطلاق في وجه كل المتربصين بها.