Thursday, May 17, 2012

لماذا يرفض علي سلمان الاتحاد الخليجي

نجاة المضحكي
نبدأ بتصريح علي سلمان في صحيفة الوسط بتاريخ 12 يناير 2012 الذي أعلن فيه تأييده أن تكون المملكة العربية السعودية هي المحور في قوله “إن الخليج عربي، ومحوره المملكة العربية السعودية، وهي المركز ونحن لا نسعى لإيقاف هذا المركز بل نسعى للتفاعل معه”، طبعاً ليس تأييد علي سلمان مهماً إذا عقد الملوك قرارهم واتفقوا، إنما لابد أن نظهر حقيقة متعددي الوجوه. وهنا لابد من شرح كلمة “تفاعل”، فهو “فعل: خماسي لازم” مثل “تفاعلت المادتان”: تداخلتا أي أثرت كل مادة في الأخرى ونتج عنهما تركيبة كيميائية ذات طاقة، وكذلك بالنسبة للتفاعل المتعدد الأشكال، أما المحور فهي كلمة ذات دلالة على قوة المركز بحيث يكون خط جذب والخروج عنه ينتج اختلالاً، فالبحرين والسعودية تؤكدان حقيقة التفاعل وتطبقان معادلة المحور، حتى تخرجا بقوة أكبر ورقم أصعب لا يمكن أن يوجد مساحة بينه للاختلال، وهذا الاتحاد الذي سيتم بإذن الله هو أكبر من معادلة كيمائية بين مواد أو نظرية هندسية بين محور وأقطار، فالاتحاد المبارك هو عودة لأصل الأمة ومكان نشأتها، ومواصلة لمسيرة العلاقة التاريخية التي ربطت البحرين والمملكة العربية السعودية من عهد النبوة وحتى هذا العصر، فالاثنان توأمان لا ينفصلان عقيدة وتاريخاً ودماً وقضية، وكذلك بالنسبة لدول الخليج العربي والتي سنراها تدخل في دائرة المحور، لتصبح مجموعة أرضية متناسقة تسير في اتجاه واحد لبلوغ هدف واحد ألا وهو مجموعة الأمة الإسلامية مركزها المملكة العربية السعودية، وهو أمر طبيعي أن تكون المركز، عندما تحتضن أرضها مركز الأرض الذي يدور حوله العالم، إنه بيت الله الذي لا يتردد أي كائن أن يدور في قطره، إلا ذاك الذي يريد تحويل قبلة الناس إلى النجف أو قم، وهو ما عملت عليه الصفوية طوال قرون. نعود إلى الصوت المعارض للاتحاد، ونعرض هنا نصاً من بيان علي سلمان في يناير 2012 والذي “ليس بالضرورة أن نقوم باتخاذ النموذج الإسلامي للحكم في إيران، ولكن بعد إسقاط النظام فإننا قادرون على كتابة دستور للبلاد، وأن حركة وثورة شعبنا في البحرين حركة دينية مرجعية على خط الأئمة المعصومين الاثنى عشر، وإنها ثورة حسينية عاشورائية وكربلائية ولن تموت مادامت على نهج الإمام الحسين”، فمن هذا البيان نعرف السر الكامن والخطر القادم من وراء رفض المعارضة الصفوية هذا الاتحاد حين يكون هدف «الثورة» أن تكون البحرين على خط المرجعية وليس هناك مرجعية يقصدها علي سلمان غير المرجعية الخامنئية، وأن الاتحاد الخليجي سوف يفشل هذا المخطط الذي قامت على أساسه ثورة علي سلمان الطائفية. إن رفض علي سلمان للاتحاد ليس إلا ثغاء، حين تعلو تلك الأصوات الأصيلة الصادقة، خصوصاً عندما يكون هذا الصوت ليس له صلة بتاريخ البحرين ولا الخليج، صوت يسبح بحمد المرجعية ولا ينظر إلى نفسه إلا خادماً، فلذلك من الطبيعي أن يرفض، فهو لم يعتد على العزة والشموخ، ولم يعتد على أهل النخوة والمروءة، ولم يذق يوماً طعم العطاء دون مقابل وهو عطاء أرض المحور.. التي أعطت الخليج وخصت البحرين دون أن تلزمها بفتوى ولا مرجعية ولم يشعر مواطن بحريني في محيطها بأنه خادم مأسور ولا عبد مأمور، بل يشعر بالفخر والاعتزاز عندما يرفع رأسه عالياً ويشاهد راية البحرين قد عانقت راية التوحيد، إنه الحلم الذي أصبح حقيقة، إنه السراء بعد الضراء وإنه كما قال سبحانه وتعالى
“وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ”

إيران تفضحكم وتقر بأنكم أتباع لها

فيصل الشيخ
طوال سنوات جاهدت الوفاق ومن معها من المتخندقين في سبيل إبعاد إيران حتى كاسم عن الصورة والنأي بها عما يحدث في البحرين. كان عناصرهم يخرجون في الفضائيات ويقولون بل يصرخون بأن ضعوا إيران خارج الموضوع. كانوا يحلفون بأنهم لا ينتمون لها بأي حال من الأحول، بذلوا كل الجهود لنفي صلتهم بالولي الفقيه وبأن الأوامر تأتيهم من طهران. اليوم إيران قررت أن تلعبها “على المكشوف” وتكفلت هي بالاعتراف بدلاً عنكم بأنكم أتباع موالون لها، مبينة بأن حراككم وسعيكم ما هو إلا لاختطاف البحرين وإلحاقها بإيران. هم قالوا ذلك ولسنا نحن! صحيفة “كيهان” الإيرانية دعت إلى ضم البحرين إلى إيران وقالت بأن بلادنا هي “بضعة من إيران”، بل زادت على ذلك لتؤكد تبعية من افتعلوا الأزمة لها، وأن ولاءهم الأول والأخير لها حينما قالت إن “أغلبية البحرينيين يريدون الالتحاق بإيران، فبدلاً من ضمها إلى السعودية ينبغي إعادتها إلى الوطن الأم”. فقط نتساءل هنا: يا ترى من تقصد الصحيفة الإيرانية التي تتحدث باسم المرشد الأعلى هناك بالبحرينيين الذين يريدون الالتحاق بالجمهورية الإسلامية؟! أليست تعني علي سلمان وجماعته؟ أليست تعني من يحرقون البلد يومياً؟ أليست تعني من يشوهون صورة البحرين في الخارج؟ أليست تعني من أصابتهم دعوة الاتحاد في مقتل؟ أليست تعني كل هؤلاء الذين تعتبرهم تابعين لها؟! استماتوا في نفي صلتهم وارتباطهم بإيران، لكن المسؤولين في طهران لا يكترثون بطريقة عمل أتباعهم هنا في الداخل، بالتالي يصرحون بحقيقة شعورهم وقناعاتهم تجاه البحرين، وكيف أنها الولاية الرابعة عشرة للجمهورية الإسلامية. رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني يقول: “البحرين ليست لقمة سائغة تبتلعها السعودية بسهولة”، وألقى قنبلته المعتادة حينما واصل بالقول: “إذا كانت البحرين ستنضم إلى دولة أخرى فمن الأولى أن تكون إيران هذه الدولة وليست السعودية”. زيدوا على ذلك دعوة مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الإيرانية الموجهة للإيرانيين بتنظيم مظاهرات نيابة عن الحكومة الإيرانية للتعبير عن احتجاجهم على الاتحاد المزمع بين البحرين والسعودية. هم يتعاملون وكأن البحرين بالفعل قطعة من إيران. رغم كل ذلك ليست إيران هي قضيتنا، إذ أطماعها في البحرين معروفة تماماً، كانت موجودة منذ القدم وستظل متحينة الفرصة المناسبة، لكن قضيتنا هي الطوابير الخامسة بين ظهرانينا، أولئك الذين ينفذون مخططات الجمهورية الإسلامية ويعملون على بيع البحرين لها. الآن هل عرفتم لماذا يرددون دائماً فكرة الاستفتاء؟! حينما تم الاستفتاء في السبعينات على البحرين صوت البحرينون لعدم تبعيتهم لإيران، وذلك لأن الأخيرة كان يحكمها نظام الشاه حينها، لكن بعد الثورة الخمينية تغيرت الأمور، وبدأت الولاءات المذهبية التي تعمل وفق مخطط التمدد الثوري الإيراني تظهر، لتشهد البحرين محاولات متتابعة لقلب نظام الحكم فيها وتحويله لأياد داخلية سرعان ما ستسلمها للخارج. الآن إيران بدأت تلعبها على المكشوف، وتحدثت بصيغة رسمية واضحة بشأن البحرين، كل ذلك بسبب الخوف من الاتحاد الخليجي، وتزامن مع حديثها أحاديث أتباعها في الداخل بصيغ كلامية متشابهة لا تخرج عن نفس السياق. يصرخون ويقولون بأننا سنحارب الاتحاد مع السعودية وأنها عملية احتلالية، لكن في الوقت نفسه لا يجرؤون على الحديث بشأن حلم ضم البحرين إلى إيران. هؤلاء من يقولون بأنهم بحرينيون وعرب وولاؤهم لهذه الأرض، ننتظر رد فعلهم الآن على التصريحات الإيرانية التي اعتبرت البحرين جزءاً منها، ننتظر بياناً من بياناتهم العديدة ينتقدون فيها هذا التطاول الإيراني ويؤكدون فيها على عروبة البحرين وأنها دولة خليجية وليست دولة فارسية. هم الآن في موقف حرج جداً، ولاءاتهم ووطنيتهم على المحك إن لم يتحركوا في موقف مضاد ضد من يستهدف البحرين بهذا الشكل الواضح. هل تتوقعون بأن أمين عام الوفاق “خادم الولي الفقيه” يمتلك القوة والشجاعة ليقول لإيران “لا نقبل بهذا المس بسيادة البحرين”؟! هل تظنون أنه سيدين هذه التصريحات؟! هل يمكن له تحديد موقفه من إدعاء كون البحرين ولاية تابعة لإيران؟! هو يستطيع فقط الحديث بنفس اللغة الإيرانية، يستطيع استهداف السعودية والإساءة لها، يستطيع أن يتفنن في الكلام على قناة العالم الإيرانية، لكنه لا يجرؤ على القول اليوم بأنه كبحريني يرفض التدخل الإيراني ويرفض أن يكون تابعاً موالياً لطهران. الأوراق باتت مكشوفة، وإيران بنفسها قالت إنكم تتبعون لها وتريدون إعادة البحرين إلى دولتها الأم، ونحن نجزم تماماً بعجزكم عن الرد على إدعاء التبعية هذا. جفت الأقلام، طويت الصحف، وخرست ألسن العملاء.

السكوت عن هجرة القبائل.. وتجنيس سكاكين الغدر

هشام الزياني
شعور أهل البحرين بالألم الكبير والغصة سببه أن الوجع كان ومازال من البطن، أهل البحرين منذ سنوات وهم يعرفون حقيقة البعض الذين سقطت أقنعتهم، حتى قبل أن تسقط الأقنعة، لكن مصيبتنا أن الدولة قرّبت من يضع الأقنعة، حتى سلمت مفاصلها لمن لا يريد لها الخير، ويريد الانقلاب عليها. «حتى أنت يا علي سلمان.. أصولك ليست بحرينية؛ لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا أقول ولد البلد ما يحرق البلد، وأنا أقول حتى لو “الوطنيين” اختلفوا مع الحكم فإنهم لا يحرقون البلد ولا يسقطون الحكام، ولأنك لم تكن كذلك، تطلع كل يوم والثاني بخطابات عن التجنيس، من المفترض أن يستر الإنسان عورته قبل أن يتكلم عن عورات الناس”. «أنت ومن قبلك “اسحقوهم”؛ جميعكم تتحدثون عن التجنيس والسكان الأصليين بنفس الخطاب التقسيمي، والحبيب رئيس التحرير “العالمي” يقول أحنا الباقين وأنتوا الطالعين! لا نلوم هؤلاء الذين يتهمون الناس في أصولهم وأبوابهم “مخلعة”، لكني ألوم الدولة. إن ما يحصل لنا اليوم في البحرين ليس وليد اللحظة، هو نتيجة لأسباب كانت ماثلة أمامنا، أهل البحرين الحقيقيون يعرفونها حق المعرفة، حقبة الخمسينيات (ما قبلها وبعدها) كانت مفصلاً تاريخياً مهماً ألقى بظلاله على الوضع اليوم. الدولة في حينها حتى وإن كانت تحت الاستعمار الإنجليزي (ونحن نعرف الإنجليز ومكرهم في السياسة، ولا أريد الاسترسال في هذه النقطة حتى لا يزعل السفير) إلا أن الدولة أخطأت كثيراً في السكوت عن هجرة القبائل والعوائل العربية من البحرين حين كانت لديها بعض المطالب، وحين كانت دول مجاورة تغريهم بالهجرة لها بالمميزات (الدول تشتري الأجواد اللي يكونون سنداً وقوة للدولة) حتى هاجرت أعداد كبيرة من البحرين، من جو وعسكر والدور، ومن الزلاق ومن البديع، ومن حالتي النعيم والسلطة والحد، ومن المحرق والرفاع والمنامة والقضيبية، هاجرت إلى قطر والسعودية والإمارات والكويت، دون أن يوقفها أحد ويحقق لها مطالبها. بالمقابل وفي ذات الحقبة التاريخية تم الاستماع إلى نصيحة العلوي، والمستشار الإنجليزي، وكانت المحرق حينها تعج بالتظاهرات وكانت متأثرة بالإعلام المصري، فتم تخويف الحكم من أهل المحرق على أنهم انقلابيون، وسوف ينقلبون على الحكم، وبهذه الوشاية الماكرة تم تجنيس مجموعات من التي تصرخ اليوم بأم رأسها ضد التجنيس، وهم أيضاً الذين انقلبوا على الحكم في 2011، وهم الذين خرجوا يقولون ارحلوا..! لا أحب السير على أشواك التاريخ كثيراً، لكنه سبب الحاضر، وهو الذي أوصلنا للذي نحن فيه. هذه حكاية بعض المجنسين الذين يصرخون كل يوم باسم السكان الأصليين، وهذا ما جنته علينا الدولة المناط بها اليوم أن تصحح المسار بعد خراب مالطة. سبحان الله! الناقص يتهم الناس في الشيء الذي هو ناقص فيه حتى يخفيه وينفيه عن نفسه، وهذا ما يفعله كثير من الذين يقولون “سكان أصليون” بينما هم أصولهم من المحمرة وإيران والقطيف. كنا نتمنى من الدولة تعرية هؤلاء الذين ينعقون بنعيق السكان الأصليين لكشف حقيقتهم وأصولهم، لكن الدولة في كثير من الأحيان كانت تسكت وتصمت وتجعل لمثل هؤلاء صوتاً عالياً كذاباً. يا الله.. كثيرون هم من مكتسبي الجنسية والقائمة تطول، لذلك لن تجدوا من بعض المتجنسين من المحمرة أو إيران إلا محاربة الاتحاد مع السعودية.. كل واحد إيرده أصله..!

ويكليكس الثانية

سوسن الشاعر
فتح علي سلمان قبل عدة أيام، وفي حالة إرباك شديد، على إعلان الاتحاد الخليجي، وفي 12 مايو في احتفائية كادر التمريض ملف التاريخ المعاصر، وهو المأزق الرابع الذي يضع نفسه فيه نتيجة زلات لسانه، فيقول خادم آيات الله “إنه هو وجماعته الذين منحوا الاستقلال للبحرين بعد انتهاء الاستعمار البريطاني، وليس لاحد آخر الفضل في الاستقلال غيرهم، ولذلك لهم هم وحدهم الموافقة على قرار الاتحاد من عدمه!!!
ونسأل نحن كيف منح خادم آيات الله الاستقلال للبحرين؟
على فكرة قبل أن نسترسل بالسؤال عن كيفية منح علي سلمان الاستقلال للبحرين، نود أن نؤكد أننا نلتزم بآداب الحوار في جدالنا ونقاشنا، ولسنا نسب أو نشتم أو نقلل من الاحترام حين نصف علي سلمان بخادم آيات الله، فهو الذي اختار هذه الوظيفة وهذه المكانة السياسية بنفسه وأعلنها في السادس من أغسطس 2005، وهي موثقة ومسجلة وكتب عنها الكثير، وهو الذي قال أنا خادم في يد آية الله عيسى قاسم، ومن المعروف أن عيسى قاسم هو الوكيل الشرعي لآية خامنئي، وهو الذي عينه في مجمع علماء آل البيت، فبالتالي هو خادم لوكيل آيات الله الإيراني رئيس الجمهورية الإيرانية، وعلي سلمان مقلد آية الله السيستاني على صعيد آخر، الخلاصة هو من حدد مكانته الوظيفية وتراتيبيته القيادية، فلا نستخدمها مسبة أو شتيمة، كما أن دلالاتها السياسية لا يمكن أن تخفى على أحد؛ فلا كلمة ولا رأي ولا قيادة لخادم على سيده، فالتبعية هنا واجب حتمي، والرأي أولاً وأخيراً للسيد على خادمه، فلا يضع علي سلمان معايير ثم يتضايق منها إن شكلت له مأزقاً.. هذا أولاً.
أما المأزق الثاني فهو مأزق التجنيس، وقد وقع فيه هو الآخر حين حمل هو وجماعته راية محاربة المجنسين والتجنيس -طبعاً قبل أن ترفع من أدبياتهم بنصيحة أمريكية- وكنا ومازلنا نحترم كل من يحمل الجنسية البحرينية أياً كان أصله وفصله، ومادام حمل شرف هذا الوسام فنحن نعتبره بحرينياً من اللحظة التي اكتسبها سواء ولادة أو تجنيساً، ونحن من الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان فلا تصنيف عندنا لفئة ألف أو فئة باء، وحتى آلية حصول حامل الجنسية لا تذكر إن كانت بالتجنيس أو بالولادة.
لكن الجماعة ما فتئوا يسمون الناس ويقسمونهم بأصلي وغير أصلي، ويتحدثون عن التجنيس السياسي والعشوائي، إنما طبعاً بعيداً عن الإعلام الأجنبي لأنهم يخافون أن يتهموا بالعنصرية، حتى انكشف المستور وظهرت حقائق كانت مخفية؛ فتبين أن العديد من أعضاء حزب الدعوة الفرع البحريني والعديد من أعضاء حزب الله تم منحهم الجنسية مؤخراً، فمنهم من تجنس في الستينات ومنهم من تجنس في الثمانينات ومنهم من تجنس بعد تولي جلالة الملك حمد؛ أي بعد عام 2000 ففتحوا على أنفسهم باباً لم يحسبوا حسابه، وهو فتح أضابير التجنيس! وعلى رأي المثل البحريني الأصلي “خبز خبزتيه إكليه يا الرفلة” وهذا هو المأزق الثاني.
ورغم أن العديد من المقيمين على أرض البحرين ممن لم يتشرف بعد بحمل الجنسية البحرينية دافع عنها وعن سيادتها وقال كلمة حق في البحرين وأطفأ حرائقها؛ إلا أن هذين الحزبين (الدعوة وحزب الله والشيرازيين معهم) خدم آيات الله هم من حرقوا تراب أرضها ولم يبقوا مسبة أو كلمة نابية لم يتلفظوا بها في حق الشعب البحريني من سنة وشيعة الذين يخالفونهم الرأي ولا يتفقون معهم بحجة حرية التعبير، فرد عليهم القول أصبح الآن عيسى قاسم وغيره يهان ويتحدث بحديثه الركبان، وبعضهم يسقطه وبعضهم يتحدث عن أصله وفصله وبأسلوب غير محترم وسوقي صراحة ونرفضه، ولكن أسست الوفاق وجماعتها صيغة جديدة (لحرية التعبير) وفقاً للمعايير التي سنتها الوفاق فإن التسقيط والسب والشتم يعد حرية تعبير، وهذا هو المأزق الثالث الذي وقعوا فيه، فلسانهم يوقعهم كل يوم بمأزق.
أما الرابع فهو التاريخ المعاصر وهو مأزق ننصحهم بتجنبه!! فلا نريد أن نقول مرة أخرى خبز خبزتيه!!
فاذا أردت أن تعرف التاريخ البحريني ومسألة خرق السيادة الوطنية ومن أعان الاستعمار على السيطرة على البحرين ففي عام 1919 اشتكى المعتمد البريطاني من عناد عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين بأنه شخص لا يرغب بوجود البريطانيين، وأنه لا يسمع (النصائح البريطانية)، وأن المعتمد لم يجد أحداً من الشعب البحريني كله شيعة وسنة من يحب البريطانيين ويعينه على الضغط على الحاكم، وإن ذلك عائق لهم أمام إنفاذ مشروعهم بالسيطرة على مياه الخليج، وأن البحرينيين يكنون لهم شعوراً عدائياً، فأوصى في رسالته المؤرخة في 27 مايو خلفه الذي سيعين مكانه “بإنشاء حزب يؤيد بريطانيا” حتى يتمكن من خلاله النفاذ للشؤون المحلية الوطنية البحرينية والتحكم في الحاكم والقرار السيادي البحريني عن طريقهم، المصدر “البحرين مشكلات التغيير السياسي والاجتماعي” لمحمد الرميحي، الوثيقة ورقمها في صفحة 331.
لذلك حين أتى ديلي وديكسون من بعده نفذوا الوصية وفتحوا مجالسهم لأبناء القرى وحرضوهم على الحاكم حتى يتمكنوا من تنفيذ مخططهم، فما كان من أبناء القرى إلا أن كتبوا رسالة طويلة لملك بريطانيا نورد بعض مقتطفاتها “الحمد لله الذي جعل من الملوك ظلالاً يلجأ لها اللاجئون من الحر وجعلهم ملاذاً لمن لا حول لهم ولا قوة في أوقات الشدة الذي جعل عدلهم سبباً للبركة.. إلخ”.. ثم تضيف الرسالة “انتشر الحديث عن عدالة تلك الحكومة البريطانية وقد فاقت عدالتها عدالة انوشروان.. إلخ”.. “نود أن نعرض لصاحب الحكمة الكبيرة والمزاج الطيب رئيس الخليج أن الجالية الشيعية في حالة إذلال كبير وتتعرض لمجازر علنية وليس لها ملجأ.. إلخ” إلى آخر الرسالة التي لا تختلف كثيراً عن تقارير مركز البحرين لحقوق الإنسان!!
وتدور الأحداث ويزيد الصراع بين عيسى بن علي وأبنائه وعائلته مع البريطانيين، ويزيد عناد الشيخ ورفضه للانصياع لأوامر الحكومة البريطانية الذي مد مظلة مقاومة الاستعمار لفئات أخرى في الشعب البحريني حاولوا مساعدته في رفض الاحتلال البريطاني، ولولا نجاح البريطانيين في إنشاء حزب يؤيدهم لما استطاعوا أن ينفذوا مشروعهم، إنما نجاحهم في النهاية بارغام الشيخ عيسى على التنحي بالقوة باستخدام سفنهم الحربية وبفضل حصان طروادة بحجة مساعدتهم هو الذي فتح لهم الباب، وهذا يبين من هو الذي خرق السيادة الوطنية وكيف أن التاريخ يعيد نفسه!!
أما المثير للشفقة فإنه من بعد أن حقق الإنجليز مرادهم وعزلوا الشيخ عيسى، جاء نفر من الشيعة بعد عشر سنوات وقالوا إنهم يتزعمون الشيعة وتحدثوا باسمهم وطالبوا مطالب خاصة بالشيعة وساوموا الشيخ حمد على مطالب مثل رئاسة الشرطة وتولي ميزانية التعليم ورئاسة القضاء وهددوا بالعصيان المدني ونسف الجسور إن لم يستجب لمطالبهم، وذهبوا يشتكون للوكيل السياسي البريطاني ويعرضون عليه مطالبهم ظناً منهم أن الحال كما كان قبل عشر سنوات، فما كان من الوكيل إلا أن أبلغهم التالي وقد كان يتكلم العربية “لو يحدث تشويش أو دسائس فيما بين البحارنة أو القرى أو أي عمل مثل جمع البيزات الذي حصل أول أمس فإنكم الثمانية تكونون مسؤولين وليس الفقراء الجهلاء.. فهمتم.. مرخوصين”، وهذا يدل على أن الإنجليز كعادتهم بعد أن استخدموا الجماعة ورقة لتنفيذ مخططاتهم لم يعودوا يحتاجونها فلم يسمعوا شكايتهم بعدها وطردوهم (الوثيقة موجودة في كتاب الرميحي وفي كتاب قصة الصراع السياسي كذلك).
هذا نزر يسير من تاريخ المحاولات المتكررة لخرق السيادة الوطنية البحرينية؛ فعن أي تاريخ تتحدث؟! فلا تفتح ملفاً لست قادراً على إغلاقه.
أما عن قوله إن جماعته هي التي جاءت بالاستقلال للبحرين في السبعينات، باعتبار أن جماعته هم الشعب، فالأخ عندما يقول “شعب البحرين” طبعاً هو لا ينظر إلى وجود أحد غير جماعته، فهم الذين قرروا إسقاط النظام تحت شعار الشعب يريد عام 2011 بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وهم الذين قرروا أن لا مفاوضات بين ولي العهد إلا معهم في 2011، فالشعب هم والبقية مجموعة موجودة على الهامش.
فنذكره فقط وللعلم إنه بعد خروج البريطانيين لم يجر (استفتاء) كما يكرر الأخ، فما جرى إنه نتيجة التهديد الإيراني بالاحتلال بعد خروج البريطانيين جاءت بعثة لتقصي الحقائق عقدت اجتماعات في الأندية وبعض المراكز، كما فعلت لجنة بسيوني مع الأهالي، وكلهم أكدوا على بقاء الحكم في آل خليفة ورفضهم للاحتلال الإيراني وتعتبر نتيجة التقصي بيعة ثالثة لحكم آل خليفة.
التاريخ مأزق آخر من مأزق زلات اللسان فلا تفتحوه أكثر من ذلك، فالوثائق البريطانية حافلة بالوقائع وبعضها يفضل أن تغضوا الطرف عنها حتى لا تكون ويكليكس الثانية!!
الملاحظة الأولى..
مكرمون الشيعة عن كل من يتحدث باسمهم ويختطف مركبهم عنوة، لكننا نحتاج لأصواتهم الشجاعة التي تنهي هذه الزعامة الإرهابية التي تسيء لهم يوماً بعد يوم.
فحين كان التاريخ السياسي مشتركاً بين الشيعة والسنة كما الخمسينات والستينات كان النضال وطنياً، ولم ينسب الحراك النضالي لأي طائفة، اليوم جاء من ينعق علينا بهذا النعيق ويزور ويضلل ويخلط الأوراق وتتطابق أقواله مع أقوال إيران والمؤسف بأنه يتحدث باسم الشيعة، فحتى الإعلام لا يشير لهم الآن إلا بالمعارضة الشيعية.
الملاحظة الثانية..
طهران دعت لمسيرة الجمعة احتجاجاً على الاتحاد، فسجل يا تاريخ اسم وصورة من يستجيب لسادتهم الإيرانيين، والبحرين ستدعو لمسيرة نعم للاتحاد يوم السبت، فسجل يا تاريخ بحروف من ذهب من سيستجيب للدعوة البحرينية العربية الأصيلة.

البحرين.. هونغ كونغ خليجية

يوسف البنخليل
عدد من الباحثين الأمريكيين والغربيين يدرسون هذه الفترة باهتمام كبير مشروع الاتحاد الخليجي، واللافت أن التركيز منصب بشكل رئيس على طبيعة العلاقات التي يمكن أن ينتهي إليها المشروع، وخاصة بين المنامة والرياض. هناك اتجاه غربي يقارن المشروع المطروح للاتحاد الأولي بين البحرين والسعودية بما هو قائم بين هونغ كونغ والصين حالياً. حيث تتمتع هونغ كونغ بشكل من أشكال الحكم الذاتي والاستقلالية الإدارية عن الحكومة المركزية في بكين، وذلك بعد الاتفاق الصيني ـ البريطاني الموقع في ديسمبر 1984، وانتهت السيادة البريطانية عليها اعتباراً من الأول من يوليو 1997 لتكون منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة لجمهورية الصين الشعبية. من المبكر الآن الحكم على طبيعة العلاقة التي يمكن أن تكون بين المنامة والرياض في ظل عدم الإعلان عن تفاصيل مشروع الاتحاد، وكذلك الحال بالنسبة لمشروع الاتحاد الخليجي بشكل عام. ولكن العلاقات لا أعتقد أنها ستكون نموذجاً مشابهاً لما هو قائم في التجارب الدولية مثل الاتحاد الأوروبي أو بعض نماذج الاتحاد الإقليمي مثل الآسيان وغيرها. وسبب ذلك وجود عوامل ومعطيات تختلف عن تلك القائمة في التجارب الأخرى، ومنها على سبيل المثال، طبيعة أنظمة الحكم الخليجية التي تختلف تماماً عن الأنظمة الحاكمة في أوروبا أو دول جنوب شرق آسيا، فضلاً عن التشابه الكبير في مكونات المجتمعات الخليجية، بالإضافة إلى طبيعة الأنظمة الاقتصادية القائمة. مثل هذه العوامل من شأنها إيجاد شكل جديد من أشكال الاتحاد والاندماج الإقليمي بين مجموعة مميزة من بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يمكن أن يشكل إضافة للتجارب الاندماجية الدولية. فيما يتعلق بنموذج العلاقات الذي يمكن أن يكون بين المنامة والرياض فإن الخيارات كثيرة ومتعددة ويمكن اختيار الأنسب من بينها، ولا أعتقد أنه من الوارد إقامة علاقة اندماجية كاملة بمفهوم الاتحاد الفدرالية، وإنما علاقة اندماجية جزئية بمفهوم الاتحاد الكونفدرالي. وفي ضوء ذلك لا يمكن حسم شكل الاندماج في صيغة الاتحاد الخليجي سواءً كان بين المنامة والرياض كثنائي أولي، أو بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي. ويمكن أن تكون هناك العديد من القضايا التي تشكل هاجساً وتحدياً أمام هذا المشروع ومازال العمل قائماً على تذليلها، وأعتقد من أبرزها هو الصيغة القانونية التي سيتم إقناع شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بها ليحظى مشروع الاتحاد بالشرعية السياسية. في هذا السياق فإنه من المناسب أن يتم تفعيل الإرادة الشعبية الخليجية على مستويين؛ المستوى الأول هو الهيئة الاستشارية الخليجية التي أنشئت لتكون بمثابة مجلس شورى خليجي معيّن، بالإضافة إلى المستوى الثاني وهو البرلمانات ومجالس الشورى الخليجية سواءً كانت منتخبة أو معينة، لأنها في النهاية تعطي الاتجاه العام لشعوب دول مجلس التعاون. فهي وإن كانت معيّنة في معظمها، إلا أن الرؤى والتصورات فيها بلا شك ستعكس جانباً حقيقياً من اتجاهات الرأي العام الخليجي الذي يبدو متشجعاً للغاية تجاه المشروع المطروح.

نعم للاتحاد الخليجي العربي

عبدعلي الغسرة
اتحاد أقطار مجلس التعاون ليس وليد اليوم ولا الساعة، فقبلاً كانت هذه الأقطار داراً واحدة تسمى الجزيرة العربية، يسيرون جميعاً على رمالها بدون حواجز، وبعد ذلك تحولت إلى دويلات، ثم اجتمعت هذه الدويلات في إطار واحد وهو (مجلس التعاون) في 25 مايو عام 1981م، وقد نصت المادة الرابعة من النظام الأساسي لهذا المجلس على “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات بينها”، وما صدر من قرارات وتوصيات خلال مسيرة هذا المجلس منذُ إنشائه حتى يومنا هذا يرمي إلى تحقيق هدف واحد يسعى إليه المجلس وهو “الاتحاد”، وقد جسد هذا المفهوم خادم الحرمين الشريفين في الاجتماع الأخير لقادة أقطار المجلس في ديسمبر 2011م لتحقيق الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهي بداية حقيقية لتدشين مرحلة تاريخية مهمة في مسيرة العمل الخليجي والعربي المشترك. إن الاتحاد الذي تسعى إليه أقطار مجلس التعاون وفي هذا الوقت بالذات يأتي لتجنب تحديات داخلية وعربية وإقليمية ودولية، تحديات نواجهها خليجياً مما يتطلب من هذه الأقطار وقادتها اتخاذ القرارات المناسبة لتحويل هذه الأقطار الستة إلى دولة اتحادية واحدة لتقف لاحقاً بقوة أمام تلك التحديات، ولتكون عنواناً جديداً أمام تلك المتغيرات السياسية والاقتصادية التي أشعلها الربيع العربي الساخن. إن واحد وثلاثين عاماً من عُمر مجلس التعاون تعتبر فترة شبابية في عُمر الزمن ولم تصل إلى مستوى رضا وتطلع أبناء أقطار مجلس التعاون، وما حصل من عثرات وثغرات كانت ملازمة لها ولأي تجربة تعاونية أخرى، والانتقال إلى مرحلة جديدة مهم جداً لتخطي الكثير من هذه الثغرات ولتجنب تلك العثرات، وأن فترة الانتقال هذه (الاتحاد) ستكون ملائمة جداً للتكوينات السياسية والمتغيرات الجديدة في المنطقة، لكون الاتحاد أكثر مساحة وما يصدر عنه سيكون أكثر التزاماً من صيغة التعاون، وهذا ما سيجعل من أقطار المجلس أكثر قوة ووزناً وتأثيراً اقتصادياً وسياسياً عربياً وإقليمياً وعالمياً. فالأمر لا يتعلق فقط بتغيير مُسمى التعاون إلى الاتحاد، بل يتطلب أشياء أخرى ملازمة لها وينسجم مع تحقيق أهداف هذا الاتحاد وتطلعات شعبه الخليجي، على سبيل المثال لا الحصر، الاسم الجديد يحتاج إلى تحديث هيكله العملي وإلى الكثير من المرونة بين أعضائه، وإن كانت هناك تنازلات من أي دولة فسيكون لصالح هذا الاتحاد ولن يكون نقصاً فيها، وهذا الأمر يتوافق مع هذا التوجه الجديد، سواء كان اتحاداً فيدرالياً أو كونفدرالياً. إن الاتحاد ليس فقط تجمع بل أيضاً هو قوة، وهناك الكثير من التجارب الدولية لاقت نجاحاً كتجربة الولايات الهندية والأمريكية الفيدرالية، والتجربة الأوروبية الاتحادية الكونفودرالية، فهذه البلدان أرادت أن تتوحد من أجل تحصين أوطانها وتأمين استقرار شعوبها وتحسين نوعية حياتها، فلماذا لا تسعى أقطار مجلس التعاون لهذه الخطوة بعد أن بقت ثلاثين سنة وسنة في إطار التعاون؟ فجميع معطيات الاتحاد متوافرة بل أكثر من الدول تلك التي سبقتها بعشرات وعشرات السنين، فاللغة والدين يجمعهم، والمصير المشترك والتراب الجغرافي يُقربهم، والتاريخ والقربى والنسب يؤمهم، والثروة والمال تملأ أرضهم، فما الذي إذن ينقصهم؟ بل إن جميع هذه المعطيات وغيرها تعمل على الإسراع بخطوات أسرع نحو تحقيق الاتحاد الخليجي العربي. فهذا الاتحاد أولاً سيكون قادراً على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها أقطار مجلس التعاون اليوم وخاصة تلك المتعلقة بهويتها العربية وبسيادتها على أراضيها. وثانياً يُمثل الاتحاد الخليجي العربي تطلعاً مشروعاً لأبناء هذه الأقطار مجتمعة. وثالثاً فإنه سينعم على منطقتنا الخليجية المزيد من الأمن والاستقرار والرفاهية والحياة الكريمة لشعب المنطقة. ورابعاً سيكون بمقدور هذه الأقطار المتحدة الإسهام بدور كبير جداً في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفي النهضة العلمية للإنسانية. وخامساً سيكون الاتحاد قوة لنا في صون ثرواتنا النفطية المستهدفة من قبل الطامعين، وتأميناً لأمننا المستهدف من أعدائنا. أليست هذه العوامل وغيرها تعتبر حوافز حقيقية لقيام هذا الاتحاد ؟ فلن يصون ثرواتنا ويحمي أرضنا ولن يسود أمننا ويتحقق استقرارنا إلا باتحادنا العربي الخليجي. فلقد حققنا الكثير من المكاسب والإنجازات بتعاوننا وسينتظرنا الكثير منها باتحادنا، فاتحادنا هو قوتنا وتشتتنا وتفردنا ضعفٌ لنا ويعوق تحقيق أهدافنا الاتحادية. فنعم لدولة الاتحاد العربي الخليجي.

تأجل الحلم ولن يتوقف المشروع

عبيدلي العبيدلي
إثر اختتام اجتماع المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون دورته الاعتيادية في 14 مايو الجاري، أدلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ببيان صحافي أكد فيه “ترحيب ومباركة قادة دول المجلس الاقتراح المقدم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وإيمانهم بأهمية هذا المقترح وأثره الإيجابي على شعوب المنطقة. وبناء على قرار المجلس بتشكيل هيئة متخصصة يوكل إليها دراسة المقترحات المعنية بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وأن يقوم المجلس الوزاري باستكمال دراسة ما ورد في تقرير الهيئة المتخصصة وفقاً لذلك وبمشاركة معالي رئيس الهيئة”، مؤكداً نية القادة الخلييجيين في عقد قمة استثنائية تخصص لمناقشة هذه القضية نظراً لأهميتها. يمكن قراءة ما جاء في البيان الختامي الصادر عن تلك القمة الخليجية من زاويتين مختلفتين؛ الأولى تشاؤمية ربما تصحبها لدى البعض مسحة من الشماتة، تعتبر ما تمخضت عنه القمة دليلاً على “فشل القادة الخليجين” في التوصل إلى مشروع اتحادي اندماجي متكامل، ولا تتورع عن تضخيم بعض الخلافات الداخلية القائمة بين بعض دوله كي تنتهي في نهاية المطاف إلى ما مفاده استحالة تحقيق ذلك. بوسع هذه القراءة أن تستعين بالكثير من المحاولات التوحيدية الخليجية السابقة، ولن تتردد في تعزيزها بمشروعات وحدوية عربية مشابهة سعت لها تجمعات إقليمية عربية أخرى آلت جميعها إلى الفشل الذريع، كي تنتهي -هذه النظرة- بنشر موجة إحباطية تصل إلى درجة التشكيك في إمكانية تحقق هذا الحلم الذي يزيد عمر بذرته على الربع قرن. أما القراءة الثانية، والتي سنتوقف عندها بشيء من التفصيل، فهي تلك الموضوعية التي ترى في ذلك القرار شيئاً من التأجيل، الذي لن، ومن الخطأ الجسيم أن يعني توقف العمل من أجل الوصول إلى تحقيق مثل هذا المشروع الحضاري الإستراتيجي. ومن هنا تركز هذه القراءة على تفاعل العوامل الذاتية والموضوعية التي قادت إلى هذا القرار، المؤجل (بفتح الجيم)، وليس الرافض للمشروع، والتي يمكن تلخيصها أهمها في النقاط التالية: على الصعيد الموضوعي، ربما وجد القادة، أن الظروف الموضوعية الخارجية، بما فيها انقسام المحافل العالمية الحالي في مواقفها من أي مشروع استراتيجي عربي، يجعلها غير مهيأة لاتخاذ موقف إيجابي صريح ومطلق من مشروع بحجم “الاتحاد الخليجي”. فالتحالفات الإقليمية ذات الأبعاد الدولية ستمنع البعض من تلك الدول من اتخاذ الموقف المؤيد العلني الصريح من الاتحاد في حال قيامه. الأمر ذاته سينطبق على القوى الإقليمية سواء تلك العرببة المتأثرة بشكل مباشر بتداعيات “الربيع العربي” من أمثال مصر وتونس وليبيا، دون استثناء سوريا بطبيعة الحال، أو بشكل غير مباشر من الدول الشرق أوسطية مثل إيران وتركيا دون إسقاط العدو الصهيوني من تلك الحسابات. محصلة كل ذلك هي أن الظروف التي تمر بها المنطقة في هذه المرحلة ليست الأكثر ملاءمة من الناحية الزمنية لإطلاق مشروع وحدوي بهذا الحجم الاقتصادي وهذه الأهمية الاستراتيجية وبمثل هذا الحضور السياسي. المقصود هنا أن الزخم الإيجابي الموضوعي الذي تحتاجه انطلاقة مشروع الاتحاد الخليجي غير متوفر، وما يزال بحاجة إلى خطة أكثر وضوحاً بوسعها أن تخلق الظروف التي يحتاجها مثل هذا التأييد، وهو مطلب يصعب على الاتحاد المزمع تأسيسه تحقيقه في هذه المرحلة بالذات نظراً للأوضاع غير المستقرة التي تمر بها المنطقة العربية إجمالاً، والخليجية بما فيها أوضاع العراق على وجه الخصوص. أما على الصعيد الذاتي، وهو الأكثر تأثيراً ومن ثم أهمية، فربما اكتشف القادة الخليجيون، وليس في وقت متأخر، كما يحلو للنظرة المتشائمة أن تجد أن ظروف دول الاتحاد الذاتية لم تصل بعد إلى درجة النضج على المستويين؛ الوعي والحاجة، التي تبيح لهم الإقدام على هذه الخطوة، التي لو تمت في عجالة ستكون عواقبها وخيمة، وربما تولد ردود فعل معاكسة تهدد الكيان الاتحادي التعاوني القائم بدلاً من تطويره إلى الحالة الاتحادية. إذ لا يزال هناك بعض التفاوتات السياسية والاجتماعية، بل وحتى الاقتصادية بين دول مجلس التعاون، التي بحاجة إلى معالجة عميقة قادرة على الحد من تفاقم تلك التفاوتات وتقليص الفجوات القائمة بينها في المرحلة الأولى، ثم زرع عناصر التوحيد في المرحلة اللاحقة. هذا يضع على الهيئة التي أوكل لها وضع الدراسة التقويمية التي سيتم على ضوئها اتخاذ قرار الانتقال من مرحلة التعاون إلى حالة التوحد مهمة معقدة، وذات أبعاد متشعبة تبدأ بالتشخيص الاقتصادي وتعرج على فهم الواقع السياسي، وتنتهي بقراءة معمقة للأوضاع الاجتماعية بتشظياتها الطائفية والمناطقية وحتى القبلية. الإشارة إلى مثل هذه العقبات ينبغي أن لا يخفي عن أبصارنا العديد من العوامل الأخرى الإيجابية النابعة من الخلفية الحضارية لشعوب هذه المنطقة، المنبثقة من جذور إسلامية متعايشة مع الأديان السماوية الأخرى من يهودية ومسيحية، ولا يسقط من حساباتنا الروابط القبلية في بعدها الإيجابي، التي ما تزال قادرة على ممارسة دور فعال فيما لو أحسن توظيفها، ودون أن يفوتنا أيضاً الجانب الاقتصادي المعتمد على النفط بوصف كون عائداته وأمواله الفائضة البند الأساس في موازنات الدول الخليجية دون أي استثناء، وبالتالي يمكن أن يشكل عاملاً مهماً من عوامل التوحيد بدلاً من التقسيم كما نشاهد بين الحين والآخر. كل تلك العوامل الإيجابية وأخرى غيرها، يمكن أن تكون الخميرة الأساسية للدراسة التي تقوم الهيئة بإعدادها، والتي نأمل أن تكرس جهودها كي ترسم أكثر من سيناريو وبديل تصب جميعها في التوجه نحو الوصول إلى شكل من أشكال العمل الوحدوي القابل للاستمرار أولاً، والتطور الإيجابي ونحو الأمام ثانياً، دون أن يتم ذلك على حساب التريث في وضع صمامات الأمان الضرورية القادرة على معالجة المشكلات والتصدي للأخطار التي تمس ذلك الكيان الوحدوي عند تأسيسه، داخلية كانت تلك التهديدات أم خارجية. ربما أجلت القمة الخليجية الأخيرة حلم المواطن الخليجي المتعطش إلى رؤية بلدان المجلس أو بعضها تنتقل إلى الحالة الوحدوية التي نطمح جميعاً إلى تحقيقها، لكن ذلك لا يعني مطلقاً دفن المشروع أو تخزينه في أدراج الغرف المظلمة، فمآل الظروف الموضوعية أن تتغير وفي اتجاه يشجع على الخطوات التوحيدية، ومن واجب القادة أن يعملوا من أجل إزالة العقبات الذاتية وإحلال العوامل التوحيدية مكانها. وإلى أن يتم ذلك، يقبل المواطن الخليجي بتأجيل حلمه، لكنه لا يقبل المساومة على وأد مشروعه.

السوسة: خلافات تفشل الاتحاد

فريد أحمد حسن
هذا هو ملخص الخبر الذي تصدر نشرات أخبار فضائية العالم الإيرانية والفضائيات التي تدور في فلكها وتبث بمختلف اللغات وعلى مدار الساعة، قرأه مقدمو النشرات الإخبارية بطريقة مليئة بالتشفي، ما يعني أنهم أقنعوا أنفسهم أن اللقاء التشاوري الرابع عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الرياض قد فشل، والدليل أنه لم يعلن كما كان متوقعاً قرار الاتحاد بين البحرين والمملكة العربية السعودية! بطبيعة الحال لم يمنع الرافضون لخطوة الاتحاد الخليجي -الآتية في كل الأحوال- أنفسهم من التعبير عن فرحتهم بتصورهم ذاك بطريقة أو بأخرى. ما لا يدركه أولئك هو أن دول الخليج العربي الست صار لديها من الخبرات والتجارب الكثير، وهذا يجعلها تتريث في الأمور ولا تستعجل ليخرج أي اتفاق متكاملاً، لذا فإنهم يصرفون كثيراً من الوقت في الدراسة والبحث والتفكير في كل مسألة مهما صغرت، فقادة الخليج يدركون أنهم إنما يتخذون قرارات تاريخية مرتبطة بمصالح دولهم ومستقبل شعوبهم وبالتالي فإنهم يعطون أي قرار وقته لينضج على نار هادئة. فكرة الاتحاد الخليجي والدعوة إليه جاءت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ووجدت قبولاً من جميع دول مجلس التعاون قادة وشعوباً، حيث الجميع يحلم باليوم الذي تصير فيه دول الخليج العربي كياناً واحداً ويكون فيه جميع مواطني الدول الست سواسية لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات. لكن الاتحاد الخليجي في كل صوره وأشكاله يقلق بعض الدول وعلى الخصوص “الجارة” إيران التي لم تتمكن من إخفاء معاناتها منذ اليوم الأول الذي أعلنت فيه الفكرة، لهذا فليس مستغرباً أن تعيش اليومين الماضيين على أعصابها وتتابع بقلق بالغ الاجتماع التشاوري لتسارع من ثم بمجرد تسرب خبر تأجيل الإعلان عن الاتحاد إلى الادعاء أن “خلافات بين قادة دول المجلس أدت إلى تأجيل الإعلان المرتقب”، فاضحة بهذا الخبر غير الدقيق نفسها ونواياها ليأتي أولئك الذين لا يعجبهم العجب ويعتبرون كل حركة وصيحة عليهم ليفرغوا كل ما في داخلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر استضافات في السوسة وغيرها من الفضائيات واضح أنه تم الاستعداد لها جيداً. لو كانت قرارات قادة دول مجلس التعاون متعجلة ولا تعطي الدراسات أي اعتبار لتم الإعلان عن قيام الاتحاد الخليجي بين كل دوله مباشرة بعد طرح خادم الحرمين الشريفين الفكرة، لكنهم بما يمتلكونه من خبرة وتجربة وما يتصفون به من حكمة ودراية ورؤية واضحة وتقدير دقيق للأمور وما يدور في الساحة والعالم؛ أعلنوا عن قبولهم للفكرة واتخذوا قراراً بتشكيل لجان تم اختيار أعضائها في كل دولة بناء على معايير واضحة لتقوم بدراسة الفكرة وتقديم رؤاها ومن ثم تخصيص اللقاء التشاوري هذا لبلورة الفكرة تمهيداً للإعلان عنها في القمة المقبلة في المنامة أو في قمة استثنائية تعقد في الرياض، وهذا يعني باختصار أن الاتحاد آتٍ في كل الأحوال، وأن ما يؤخره ليس إلا الرغبة في توفير الفرصة لمزيد من الدراسات والإحاطة بمختلف التفاصيل ليخرج الاتحاد بالشكل المؤمل من شعوب الخليج العربية. النية السيئة والنفوس غير الصافية هي التي دفعت نحو التسرع في التعبير عن الفرحة بعدم الإعلان في اللقاء التشاوري عن الاتحاد الذي كان متوقعاً أن يبدأ بين البحرين والسعودية، وهذا يعني أن الإعلان كان يمكن أن ينزل على إيران ومن يؤمل فيها خيراً كالصاعقة، ولكانوا جميعاً قد أعلنوا عن “أوقات وأماكن قبول التعازي” ! أيام معدودات وسيعلن عن ترجمة الحلم الخليجي إلى واقع، ولعلها سنوات قليلة تلك التي تفصل شعوب دول مجلس التعاون عن الوحدة التي هي الغاية الكبرى. ويش؟!

الاتحاد الخليجي.. والثورة السورية

محمد مبارك جمعة
ائتلاف الجمعيات السياسية «الفاتح» يدعو الجماهير البحرينية إلى تجمع حاشد في ساحة الفاتح لدعم اتحاد دول الخليج العربي قريباً، ومما لا شك فيه أنه سيلقى اهتماماً إعلامياًّ خليجياًّ. في مقابل ذلك، هناك مظاهرة يريد أن ينظمها علي سلمان، تحت دعوى «الوفاء لعيسى قاسم»، في حين أن الهدف الحقيقي هو الاعتراض على الاتحاد الخليجي القادم، وسيتبين لكم ذلك من خلال الهتافات والشعارات التي سترفع وستقال، وفي الحالتين فإن هدف المظاهرة سيكون مشيناً، فالأولى تدل على مدى انقياد أتباع «الوفاق» خلف قاسم بشكل «مقدس» - وهذا لا يستوي مع الدولة المدنية أو الديمقراطية -، والثانية هي عبارة تنفيذ واضح للموقف الإيراني بشأن الاتحاد الخليجي، وصمت صارخ عما تعرضت له البلاد من تدخل سافر وتهديدات لا تحرك في سلمان و«الوفاق» أي غيرة أو خوف.
صحيفة «كيهان» التابعة لمرشد «الثورة»، طالبت بضم البحرين إليها، ومجلس الشورى الإيراني تدخل في الشأن الداخلي البحريني، وأحد الأعضاء في المجلس قال إن البحرين هي «المحافظة ١٤» لإيران. كل هذا الهجوم والتدخل السافر وحالة العداء الخطيرة للبحرين ولدول مجلس التعاون من جهة، في حين أن علي سلمان يستمع إلى كل هذا الكلام ولا ينبس ببنت شفة، ولا يصدر حرفاً، بل ويستعرض «شطارته» أمام النظام الإيراني في الدعوة إلى مظاهرة ضد الاتحاد، تنفيذاً للأجندة الإيرانية على أرض البحرين..!
يوم أمس قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة: «إن الاتحاد قد تمت الموافقة عليه وانتهى الموضوع، وما تبقى هي مسائل إجرائية». هذا والاتحاد لم يعلن بشكل رسمي بعد وقد جن جنون سلمان و«الوفاق» وإيران ومن معهم، فماذا سيحدث وما الذي سيحل بهم حين تأتي لحظة الإعلان الرسمي وبدء اتخاذ الإجراءات الفعلية للاتحاد الخليجي؟
جاءت الثورة السورية لتسقط الأقنعة وتفضح الوجوه، بداية من «محور المقاومة والممانعة» مروراً بنصر الله وخطاباته «البلازماتية» إلى إيران ودفاعها عن القضية الفلسطينية حينما فعلت بالشعب العربي السوري ما لم تفعله إسرائيل لا بالفلسطينيين ولا بالسوريين مجتمعين طوال خمسين عاماً، ها قد جاء الاتحاد الخليجي، ليسقط هو الآخر مزيداً من الأقنعة ويفضح الوجوه، فهناك أشخاص يحملون الجنسية البحرينية، لكنهم يوالون دولة أخرى، وينفذون مشاريعها على الأرض، كنا نعرف ذلك وصرنا اليوم نوقن به كل اليقين.. ومع ذلك فإن الاتحاد سيتم تماماً كما أن الثورة السورية ستنتصر.

من الذي يهدد استقلال البحرين: الاتحاد الخليجي أم إيران وأدواتها

فوزية رشيد
في أغرب رد فعل على الاجتماع التشاوري لقادة دول مجلس التعاون يوم الاثنين الماضي وعلى قرار دول مجلس التعاون التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد، هو خروج ذات «الجوقة» التي سببت ولا تزال تسبب الازمات في البحرين، «بطنطنة» اعلامية سريعة تلقفتها كل القنوات الطائفية وعلى رأسها قناتا «العالم» و«المنار» ومعهما بضع قنوات أخرى حاقدة، لتعلن ان (الاتحاد الخليجي يهدد استقلال البحرين)، وان السعودية تريد تكريس احتلالها للبحرين، او انها تريد «ضم» البحرين، وان الشعب يرفض الاتحاد، وان الشعب اسقط الاتحاد، وعلي سلمان، أضاف: «سوف نحارب الاتحاد، وان الوحدة بين البحرين والسعودية خطر على الاستقلال، وانه إذا تم الاتحاد فسنصعد العنف في الشارع».
وصرح مقتدى الصدر كعادته مُزبدا ومُرْغيا ومهددا، ثم دخل مع الجوقة مجلس الشورى الايراني وكبيرهم «لاريجاني» ليقول: «ان البحرين ليست لقمة سائغة تبتلعها السعودية»، و«اذا كان من حق أحد ان يضم البحرين فهي إيران وليست السعودية».
ولتتكرر الاقوال حول (إن البحرين المحافظة ١٤ في ايران) وان (الشاه لن تتم مسامحته حين فرط في البحرين)، ولنتخيل إلى اي مستوى وصلوا.
هكذا يتضح حجم التناغم بين من تدعي انها معارضة وطنية وبين التصريحات الطائفية في العراق، وبين التدخل الايراني السافر، وكشف النيات المبيتة، وكيفية الاشتغال الايراني على الاجندة المفضوحة عبر الادوات الداخلية وماهية الهدف النهائي لتلك الاجندة، وذلك السعار الذي اصاب الاطراف القائمة عليها داخل البحرين وخارجها، وحجم التناغم في الخطاب والتهديد بين الاطراف الداخلية والخارجية، وسرعة قلب الحقائق وانقلاب الصورة، واشتغال «الجوقة» مجددا وبكثافة إعلامية مضافة رغم انها لم تهدأ منذ احداث فبراير٢٠١١، لتحويل الخونة والمتآمرين على الوطن واستقلاله باعتبارهم اليوم مدافعين عن ذلك الاستقلال وباعتبار ان السعودية هي التي تهدده وليست تحميه.
هكذا بفركة كعب وببضع كلمات ومصطلحات ومفاهيم، هي في الواقع تفسر تماما نياتهم والنيات الايرانية تجاه البحرين، يقومون بعملية اسقاط لها على دول الخليج وتحديدا السعودية، مثلما يقومون بإسقاط دورهم التآمري في ضرب استقلال البحرين، على الدولة البحرينية في علاقتها مع اشقائها الخليجيين وتحديدا السعودية، مثلما بجرأة سريالية على المفاهيم والمصطلحات يحولون «الاتحاد الخليجي»، الذي يتم العمل عليه (الى ضم البحرين للسعودية)، فيما تعلن إيران بوقاحة منقطعة النظير وبكشف كامل نياتها انها الأحق بالضم!
وهكذا يسقط السور الاخير لدى من تسمي نفسها المعارضة، وفي دفاعاتهم انهم لا صلة لهم او لحراكهم بإيران، وينكشف حجم الحقد الراسخ في نفوسهم على وطنهم وخليجهم وعروبتهم وحقيقة انتمائهم وولائهم، فيمارسون معا ومن دون خجل او حياء استمرارية كشف كل ما تم اتهامهم به، منذ احداث فبراير تحديدا وتثبيته على انفسهم، وليستمروا في ممارسة ذات «الغباء السياسي» في فضح انفسهم، لأنهم يعتقدون انهم بقلب الصورة وبالكذب والتزييف المستمر الذي هو لعبتهم السياسية الوحيدة، بامكانهم ان يصادروا وطنا من نفسه ومن خليجه ومن هويته وبعده الاستراتيجي، وان يثيروا الغبار في وجه الحقيقة حول الاتحاد الخليجي، الذي اصابهم بالسعار والجنون فلم يعودوا يعرفون كيف يحاربونه.
مجلس الشورى الايراني بدوره اصدر بيانا وقعه (١٩٠ نائبا) كشف حجم العدوانية الايرانية، وحجم الصلف والبجاحة، مثلما كشف حقيقة احداث فبراير، وهذه المرة بتصريحات ايرانية متمادية، كانكشاف جديد لما تم انكشافه طوال اكثر من عام.
وفي كل ما ساقوه من منطق معوج حول «الاتحاد الخليجي» فاننا لن نقف ولا لحظة في وقف الدفاع عنه امام هؤلاء او امام خزعبلاتهم وانكشاف نياتهم تجاهه، بعد ان انكشفت النيات والاجندة داخل الوطن نفسه، ببساطة لأن لعبتهم مكشوفة تماما، وكلماتهم وخطاباتهم لم تقدم جديدا فيما انكشف قبل اليوم، الذي وصل اليوم إلى اعتبار ان الاتحاد الخليجي هو احتلال سعودي للبحرين لمجرد انه كان سيبدأ بهما.
اذا كانت غالبية الشعوب الخليجية تريد الاتحاد الخليجي، فان هذه الشرذمة البحرينية التي انتفخت بالونتها الهوائية كثيرا، فلم تعد تكذب بلسان الشعب البحريني وحده، وانما اصبحت تتحدث بلسان الشعب الخليجي كله، وتولول في الفضائيات بأن الشعب الخليجي وليس البحريني فقط لا يريد الاتحاد، بل اعتبروا ان تأجيل اعلان الاتحاد رسميا جاء تلبية للتهديدات الايرانية ولأداء المتطرفين والارهابيين في البحرين، الذين اجهضوا الاتحاد، ولا نعرف إلى اي ابعاد جديدة ستصل بهم الحالة النفسية المرضية المعروفة بـ (البارانويا) او جنون العظمة، لأنهم كل يوم يكشفون عن درجة جديدة تدل على حجم استفحال هذا المرض النفسي فيهم حالهم حال امهم (ايران) التي لم تتوقف عن ارضاعهم بأمراضها المعقدة ولا لحظة.
لعلي سلمان ولبقية الجوقة «الفضائية» وقبلهما لإيران نقول: الاتحاد سيتحقق، والاشقاء الخليجيون سيعلنون رسميا هذا الاتحاد، ونأمله قريبا جدا، والسعودية هي من حمت البحرين بعد الله وشعبها المخلص من مخططكم الذي كان يريد الوصول إلى ملء المقعد الـ١٤ في البرلمان الايراني، وبالتالي فان من يهدد استقلال البحرين وحريتها، ومدنيتها، وتعدديتها، وديمقراطيتها، هو انتم الذين تغذيكم «الماما ايران» بأموالها وبتدريبها وبدعمها اللامحدود، لأنها تستخدمكم ادوات لابتلاع البحرين في ظل اطماعها التاريخية والمعاصرة للبحرين التي لاتزال وستبقى باذن الله شوكة في بلعومها، ولن تكون لقمة سائغة لتبتلعها كما تريد.
واعلان النية في الاتحاد كشف آخر ما في جعبتكم من اقنعة فسقط القناع عن القناع كما قال «درويش»، فلم يبق لديكم اليوم الا التعامل بالوجه الحقيقي القبيح، ومثلكم فعلت ايران، وعلى الشعب البحريني ان يخرج بقوة إلى (الفاتح) ليعلن امام العالم، ولمن اختطف اسمه موقفه من الاتحاد، وليتم الفرز الشعبي بين اتحاد يريده الشعب وللحفاظ على عروبة وهوية البحرين، وبين رافضين مرتزقة يريدون اخذ استقلالها وسيادتها نحو الاحتلال الايراني او الضم الايراني، فالموقف الذي كان في فبراير ٢٠١١ يتجدد مرة اخرى في هذه الايام.
ونطالب «المجلس الوطني البحريني»، بأخذ موقف عملي من بيان مجلس الشورى الايراني ومن اتباع ايران، مثلما نطالب «وزارة العدل» بأخذ موقف جازم من اي جمعية سياسية لم تكتف بالاضرار بالبحرين وحدها وانما تنقل امراضها اليوم إلى «الاتحاد الخليجي» الذي رغما عنهم وعن إيران سيرى النور قريبا، ونطالب الدولة باستدعاء «السفير الايراني»، الذي وصلت دولته إلى حدودها القصوى في خرق العلاقات الدبلوماسية، وان يكون للبحرين ولدول الخليج العربي الاخرى، موقف جاد من إيران وألاعيبها وتهديداتها، فلم يعد هناك ما لم ينكشف بعد سواء من حيث اطماع إيران أو أداء أدواتها وخلاياها المنتشرة في البحرين والخليج العربي.
وحفظ الله البحرين وخليجنا واتحاده.

موسم التخريف السياسي لم يتأخر كثيرا

بثينة خليفة قاسم
موسم التخريف السياسي لم يتأخر كثيرا هذا العام، فنحن مازلنا في شهر مايو، ففي شهر أبريل من العام الماضي حرضت صحيفة كيهان القريبة من المرشد الأعلى للثورة (الإسلامية) في إيران على اغتيال شخصيات سعودية، ودعت إلى التدخل العسكري في البحرين ردا على دخول قوات درع الجزيرة إليها. وفي فبراير من العام 2007، اطلق آية الله شريعتمداري فتواه العجيبة حول البحرين وعروبة البحرين.
وها نحن في شهر مايو 2012 نسمع شطحة جديدة من شطحات ونطحات مجلس النواب الإيراني على اثر الصدمة التي أصابت رئيسه وأعضاءه بعد الاعلان عن اقتراب تدشين وحدة دول الخليج العربي.
ما معنى هذا الانفعال الهستيري الذي أصاب نواب إيران وجعلهم يصلون إلى حد الهذيان والخرف؟ وهل هناك سبب منطقي يجعلهم يعيدون على أسماعنا ترهاتهم التي زادت في السنوات الأخيرة؟ ما شأن البرلمان الايراني بدخول البحرين في وحدة مع المملكة العربية السعودية أو مع بقية دول الخليج العربي؟ هل أصبحت إيران وصية على شعوبنا لكي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتتدخل في شؤوننا الداخلية بهذه الطريقة التي وصلت إلى حد التخريف السياسي؟ على أي أساس يقول ملالي إيران ان البحرين جزء من بلادهم وان إيران أولى بها؟ هل أصبحنا بعد كل هذه السنين هدفا للأطماع الصفوية التوسعية بهذه الطريقة الفجة؟
معنى ذلك أن زمن الرشد السياسي ولى، وأصبحنا نعيش في زمن جديد هو زمن الوقاحة السياسية.
نعم، لا يوجد وصف آخر يناسب اللغة المنحدرة التي استخدمها نواب إيران في حديثهم عن دولة حرة ذات سيادة.
ما معنى أن يهذي أحدهم قائلا إن إيران أولى بالبحرين وأن البحرين كانت المحافظة الرابعة عشرة في بلده؟
ليست السعودية هي من تريد ابتلاع أراضي غيرها من الدول، ولكن إيران هي التي تريد ابتلاع الأراضي العربية التي احتلتها وهي التي تريد بسط هيمنتها على غيرها من الدول، تارة باسم الاسلام، والاسلام من ذلك براء، وتارة عن طريق اجترار أوهام الماضي والرغبة الدفينة في التسلط والغطرسة.
كيف نصدق أحاديثكم عن الوحدة الاسلامية، وكيف نصدق دموع التماسيح التي تسكبونها من أجل الدولة الفلسطينية، وأنتم بكل هذه العنصرية؟
إن كل ما فعلته إسرائيل فعلتموه أنتم أيضا، فأنتم تقومون بإبادة عرب الأهواز وتحتلون أراض عربية، ولا تخفون أطماعكم في إقامة الدولة الصفوية الكبرى، وإسرائيل تعمل على إبادة الفلسطينيين بعد أن احتلت أرضهم وديارهم وتسعى هي الأخرى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى، فما هو الفرق؟
هل يحق لدولة تحتل أرضا إسلامية وتقتل مواطنين مسلمين وتطمع في مزيد من أراضي المسلمين أن تتحدث باسم الاسلام وتسعى لتنصيب نفسها زعيمة للمسلمين؟
هذه التصريحات الإيرانية الاستفزازية حول الاتحاد الخليجي تقدم دليلا جديدا على سوء النوايا الايرانية تجاه الجيران، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إيران الفارسية الصفوية لم تتغير وأن نزوعها للهيمنة والتسلط لم يغيره الاسلام ولا الثورة الاسلامية.

حان الوقت لإخراس إيران إلى الأبد

أسامة الماجد
أقسم بالله العظيم أن لا أحد عاقل في الحكومة الإيرانية التي ضربت الرقم القياسي في الغباء والصور البائسة المريرة الذليلة، فما ان انتهت القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون في الرياض وبإعلان الاتحاد، حتى خرج علينا “دجالو الشوري” في إيران بتصريح عفن يعكس حقارتهم بأن البحرين هي المحافظة 14 لإيران ويجب ضمها!.
هل هناك استفزاز أكثر من هذا؟ أولا يعلم المحنطون في الشورى الإيراني أن البحرين بلد ذو سيادة كاملة وعضو في هيئة الأمم المتحدة ولها شخصيتها المستقلة المتميزة التي تعينها على مواصلة أدائها لرسالاتها الإنسانية والحضارية؟
ألا يعلمون أننا بلد حضارة وتاريخ وقيم وعادات وتقاليد وانجازاتنا في مختلف المجالات لا حصر لها وتفوق ملايين المرات انجازات بلدهم الذي أصبح يتكئ على عكاز القدر من هول ما فعله الملالي المجرمون في الشعب وخيراته؟
ما الذي يقلقلكم بشأن البحرين واتحادها مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج؟؟ هل أقول لكم لماذا:
إنها الزندقة... الزندقة التي كانت في الأصل امتدادا للحركة المانوية بعد ان تسترت بمظهر إسلامي، والزندقة كما نعرفها تريد تشويه الإسلام ونسفه من الداخل بعد ان توسع وهدد وجودها، وشارك في المعركة أنصار ديانات أخرى كالمجوسية وهي ديانة تعرفونها جيدا... فتوسع الإسلام وقوته المعنوية هددت المجوسية بالانحسار المتصل، فكانت حركة الزندقة ظاهرة لرد الفعل وسبيلا لتهديد الأمة العربية، وحين نتحدث عن الزنادقة لا نتحدث عن صراع اجتماعي بل ديني، ولا عن فئات، بل نجد أعلام الزنادقة بين المفكرين والحكام وربما حتى بين الشوريين!!.
يبدو لي هنا ان سؤالا يفرض نفسه وهو إلى متى ستستمر إيران في هذيانها وتحرشاتها وإجرامها في حق بلدنا ودول الخليج؟ لماذا لا يتم اتخاذ إجراء حاسم ضد هذا البلد المريض الكاذب المنبوذ أصلا وتقطع كل العلاقات معه طالما نظامه الحاكم مجنون بالتوسع وإيذاء دول الجوار؟.
باستطاعة دول الخليج أن تجعل من إيران ذليلة يبحث مواطنوها عن فتات خبز إذا ما قرروا قطع جميع أشكال العلاقات الاقتصادية، فليكن نوعا من العقاب والصرخة التي ستصم آذانهم، نعم... فنحن نملك السلاح الاقتصادي الذي يفوق كثيرا أي نوع آخر من الأسلحة المتعارف عليها، فلنغلق هذا الباب الكبير في وجوههم ليتعلموا على الأقل “السنع”.
يكفينا مجاملات سياسية واقتصادية ومؤتمرات مع الوفود الإيرانية لا يمكن وصفها إلا انها مؤتمرات أشباح تقارب أشباحا.. وأقنعة تواجه أقنعة.. وقفازا يصافح قفازا!! اننا ملتزمون في ردعهم ومن يواليهم، فهم صرفوا أعمارهم باحثين منقبين عن كل وسيلة لتحطيم عروبتنا ومجتمعنا وتراثنا، وهاهم في كل مناسبة يكشفون عن وجههم البشعة وعن جميع أساليب الإرهاب والقذارة في حقنا، وتصل المأساة ذروة الذهول عندما يقولون ان البحرين هي المحافظة 14.
أقولها صراحة ودون تردد.. ان المعنى الحقيقي لهذا التصريح من “المهرجين في الشورى الإيراني” هو البصق بملء الفم على كرامة وطننا والاستهزاء بنا، مشرط جديد لجرحنا، ونحن نشعر بشيء من الاستغراب والحسرة على البطء في اتخاذ موقف رادع ضدهم وإخراسهم إلى الأبد... بلد لا يحترمني أعامله بالمثل ولا أحترمه.. ويكفي تنديدا وشجبا.. نريد اتخاذ موقف واضح من هذا الحدث، لأنه سيغير مجرى علاقاتنا مع هذا الشيطان المجوسي، فقد بات مقنعا أنه يخدع ويستغل، ولا هم له إلا البحث عن أقنعة جديدة يمكن ان يتستر وراءها لينشر فساده وإرهابه وخرابه في دولنا المسالمة والطيبة زيادة عن اللزوم... واليوم وربما غدا سيخرج علينا مسؤول حكومي إيراني وسيقول ان التصريح لم يخرج من عباءة الملالي وبالتالي لا يجب الأخذ به، وما هذا سوى قناع من تلك الأقنعة التي تحاول فيها إيران أن تحتجب وراءها لتكيل بدولنا
... يا جماعة لقد ظهرت لكم حقيقة إيران البشعة... فلماذا الانتظار؟

الإخوان المستفيد الأكبر من موت عبدالناصر

حمد الهرمي
نقد تيار الإخوان المسلمين والكتابة عن ضلوعهم في كل القلاقل التي مر بها العالم العربي ليس أمرا هينا خصوصا في ظل هيمنتهم على جوانب من قطاع النشر في الدولة واستحواذهم على مناصب جديرة بجعل رؤساء التحرير يغلظون مقص الرقيب على ما يكتب ضد هذا التيار المتمدد الذي كان ولا يزال المستفيد الأكبر من موت جمال عبدالناصر وكثيرا ما قيل إن هذا القائد العربي الكبير مات مسموما!.
عبدالناصر رحمه الله لم يتحدث في العلن كثيرا عن الإخوان وعن خطرهم لكنه اعتبرهم تيارا محظورا لأنهم على الرغم مما كانوا يبدونه من رغبة في التعاون والوسطية إلا انه كان يعرف كنههم ويعرف ان التسامح هذا ليس سوى استراتيجية مرحلية تسبق إطباق سيطرتهم على مقاليد الحكم والقرار في الجمهورية ليتحولوا الى تيار اقصائي عنيف، وهذا الأمر ثبت في فلسطين فما ان مسك الإخوان زمام الامر حتى التفتوا للحلفاء لتصفيتهم حليفا حليفا او بمعنى ادق عدوا عدوا ليصبحوا وحدهم في الساحة دون ان يهتموا بمدى التأثير السلبي الذي احدثوه على مجمل القضية الفلسطينية فقط يتاجرون بقصص ضحايا المغتصب الصهيوني، وكأننا لا نعرف عن الفظائع التي ارتكبوها مع عدد ليس بقليل من مخالفيهم الى درجة ان اصدار الحكم بالخيانة امر يصدر لأي معارض او صاحب وجهة نظر نقدية لتيارهم في الاجراءات التي يتخذها لإدارة الامر في فلسطين.
في البحرين لا يزال هذا التيار يقف في المنطقة الوسطى التي تعبر عن الاسلام المنفتح على الآخر، رغم ان تجارب كوادرهم في المؤسسات سواء الرسمية او الاهلية التي سيطروا على مقاليد قرارها تشهد بمدى تعصبهم لأبناء تيارهم وتعسفهم الشديد ضد المختلفين معهم في الفكر والايديولوجيا سواء من التيارات الاسلامية السنية والشيعية او من قبل التيارات انصاف الليبرالية واليسارية، وهذا بكل تأكيد بإمكاننا القياس عليه كيف سيكون الحال حينما ينالوا السهم الذي يسعون له من كعكة السلطات في الدولة والقرار الذي لن يرضيهم ان يشاركهم احد فيه لا من تيار ولا من عائلة، اما ان تكون اخوانيا او انك مرمى للسهام والتشهير والتنكيل بطرق مباشرة او غير مباشرة عبر استخدام السذج من قيادات وكوادر التيارات الاخرى.
ثمة امر في غاية الغرابة اواجهه في بحثي عن التيارات وتحديدا تيار الاخوان المسلمين، بان قائد اي تيار في العالم لا يقبل بأي حال من الاحوال منصب وزير لأنه يعتبر قيادته للتيار تجعله امام استحقاقات المنصب الحزبي الذي هو في الحقيقة يعادل منصب رئيس الحكومة لكن داخل حزبه، لذلك فان الاحزاب في بريطانيا واميركا وكافة الدول الديمقراطية العريقة تبدأ المنافسة على رئاسة الدولة من المنافسة على قيادة الحزب ومن ثم يتم ترشيح الفائز لمنصب رئاسة الدولة باعتباره رأس الحزب حينما يفوز يشكل حكومته من الكفاءات في الحزب او الكفاءات من الائتلاف وهذا ما نطلق عليه حكومة ائتلاف.
لكن في عالمنا العربي والبحرين على وجه التحديد فالاخوان المسلمين بصورة معينة يقبل قائدهم ان يكون وزيرا دون ان يطرح اي بيان يشرح فيه هل هو مرشح من حزبه لهذا المنصب او انه استقال من الحزب واصبح كادرا وطنيا مستقلا ام ان هذا المنصب مجرد تدريب لمرحلة قادمة حسب رسومات وتخطيطات الاخوان بان مكانه سيكون اكبر من ذلك بحيث تتناسب مع كونه قائدا للتيار الاكثر جاهزية لمسك زمام الامور كما حدث في مصر بعد كل تعهدات الزهد في المناصب هاهم الاخوان يسيطرون على مجلس الشعب ولجنة الدستور ومؤسسات الدولة ولديهم مرشح للرئاسة ان لم يكن اكثر من واحد لكن بقناع آخر.
تيار الاخوان المسلمين حسب معلومات من داخل اروقة التيار ذاته يعد نفسه لمرحلة قادمة اكثر تعقيدا، وبدأ يوزع الادوار التي تطلبت افتعال خلافات واستقالات وانشقاقات لبعض الكوادر تمهيدا لطرح فصائل عديدة وشخصيات مستقلة كلها اخوان اي ان الفائز منها سيكون بصورة مباشرة فوزا للإخوان ومنصاعا لأمر المرشد العام او من يمثله في البحرين، مهما جاهر عن خلافه مع الاخوان او كتب صفحات مطولة عن انفصاله عن هذا التيار فكلنا نعرف ان من ينفصل عن اي تيار يكتفي بالانسحاب الصامت او بإعلان انفصاله لكن دائما ما تكون لأسباب خاصة او خلاف محدد في ملف محدد لا ان يسرد تاريخا هو جزء من هذا التيار وجزء من تلك التصرفات وكأنه كان نائما طوال السنوات الماضية.
حينما نكون امام تيار الاخوان نكون مباشرة امام اكبر تيار عربي واشدها حنكة سياسية ودهاء وتنظيما، كما انه اكثر التيارات التي عرفتها المنطقة برجماتية وصرامة اقول صرامة لئلا اقول عنفا، وهو في ذات الوقت الحزب الذي لا يقبل الشريك وعينه ترى كل المختلفين معه باعتبار انهم اعداء محتملين وله الحق في استخدام كل الوسائل لمكافحته سواء بالترهيب او بالترغيب، وبالمداهنة ليمكن كوادره من نخره ثم تركه يتهاوى امام مرأى الجميع ليكون عبرة لمن يعتبر.
لا ينتهي الحديث عن الاخوان المسلمين خصوصا وانا اشاهد امرهم في سوريا وهم يتمسكنون كما تمسكنوا في مصر قبل اشهر واقول في نفسي هل هذا ينطبق على الاخوان في البحرين الذين لا يزالون يتمسكنون رغم ما جنوه ويجنونه من حضور ومناصب واموال.

الاتحاد الخليجي إلى أين

أحمد سند البنعلي
على ما يبدو انه خاب أمل الكثيرين ممن كانوا ينتظرون إعلان قيام اتحاد خليجي بين البحرين والسعودية كبداية أو نواة لاتحاد خليجي يضم باقي دول مجلس التعاون الخليجي الست وكان بيان القمة الاستثنائية بمثابة صدمة تلقاها أولئك وكأن البيان أوقف العمل على الاتحاد أو تركه إلى أجل غير مسمى وهو ما يخالف الواقع والحقيقة على الأقل كما نظن ونعتقد من مجريات الأحداث.
الاتحاد بين الدول العربية في الخليج العربي أمر مطلوب وملح ويحمل عناصر البقاء لتلك الدول ويمنحها الفرصة لإقامة علاقات متوازنة مع الغير في ظل التكتلات التي تسود عالم اليوم ولا أطن أن هناك من يرفض هذا الاتحاد إن كان وطنيا حقيقيا ويرى بعين الوطنية البعيدة عن أي مصالح أو مطامح فئوية ضيقة، ولكن على الجانب الآخر نعتقد أن ما حدث من صدور بيان يخلو من ذلك الإعلان يعني أمرين لا ثالث لهما، أولهما أن هناك خلافا حادا نشأ بين زعماء الدول الخليجية على ذلك الاتحاد بسبب رفض بعض الأقطار له وإطلاقهم تهديدات تتعلق بالمجلس نفسه لو حدث الإعلان الآن وبسبب خوفهم من أن يوضعوا في زاوية ضيقة أمام شعوبهم لو تم إعلان الاتحاد بين الأعضاء ولم يدخل الأعضاء الآخرون فيه وهو ما سيسبب حرجا وأي حرج أمام شعوب الدول الرافضة إلى درجة قد تكون صعبة الاحتمال من قبل القيادات هناك لذلك تم تأجيل الإعلان حتى الوصول إلى وسيلة مناسبة تقي الرافضين له مغبة الأزمات الداخلية وهذا أمر وارد ويمكن تفهمه مما دفع إلى تأجيل الإعلان.
أما التبرير الثاني فهو رغبة أطراف أخرى غير مملكة البحرين والمملكة السعودية في الدخول في التنظيم الجديد ويمكن أن تكون تلك الأطراف هي المجموعة بكاملها وطلبها تأجيل أي إعلان عن قيام الاتحاد حتى يتم استيفاء كافة العناصر والمقومات الخاصة بقيام تنظيم اتحادي قوي غير هش وغير قابل للتحلل مستقبلا خصوصا أن هناك نقاطا خلافية على الكثير من عناصر ومؤسسات العمل الخليجي المشترك كالعملة الخليجية الموحدة والبنك المركزي الخليجي وغيرها من عناصر عدم اللقاء ولا نقول الخلاف وهذا الطرح يمكن قبوله وتفهمه لأنه طرح عملي واقعي بل ومهم لمستقبل الوحدة الخليجية، ولنا في الوحدة المصرية السورية عام 1958 من القرن الماضي المثل الحي والقريب على كيف أن السرعة في إنشاء تنظيم وحدوي بين دولتين مستقلتين منفصلتين وبسرعة قبل اكتمال وضع الأساسات اللازمة لتلك الوحدة وتهيئة الأرضية المناسبة لها يعطي الفرصة المناسبة لأعداء الوحدة للانقضاض عليها وتدميرها كما حدث في سوريا في ذلك الوقت التي أفشلت دولة الوحدة بالتعاون بين أعدائها من الخارج والداخل.
نحن جميعا مع الوحدة وندعو لها ليس اليوم فقط ولكن منذ أمد بعيد ونرى أن الخليج العربي يجب أن يكون كيانا واحدا ومثالا يحتذى به من قبل الآخرين ونواة للوحدة العربية الكبرى التي نتمنى قيامها ولذلك ندعو للمزيد من التأني في دراسة مقومات ديمومة الكيان الوحدوي الجديد المقترح، نريد أن تبدأ الوحدة بعد أن تقترب الدول التي ستدخلها من بعضها البعض في الكثير من القوانين والمؤسسات العاملة بداخلها والنظام التي يسير عليها وبعد فرش الأرضية الاقتصادية والسياسية المناسبة لهذه الوحدة لكي تكون الوحدة تجسيدا لوضع قائم لا ينتج عناصر تنافر يمكن أن تهدد الوحدة مستقبلا، ولكن على الجانب الآخر نأمل ألا يكون تأجيل الإعلان بداية لتجاهل الموضوع ونسيانه مستقبلا كما حدث للكثير من الاتفاقات التي تمت من خلال المجلس أو تلك الاتفاقات التي طبقتها دول ولم تطبقها دول أخرى، نريد أن يستمر العمل على الوحدة عن طريق مؤسسات مجلس التعاون وبصورة مكثفة تختصر الوقت وليس اجتماعات تعتمد على وقت الفراغ لدى أعضاء اللجان بل نريد لجانا متفرغة لذلك العمل تعطيه ما يستحق من أهمية موجودة أصلا لدى شعب المنطقة.

المعارضون للاتحاد الخليجي.. بنراويكم

فريد أحمد حسن
يكفي أن تكون الدعوة إلى الاتحاد الخليجي مصدرها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لتجد الرفض من أولئك الذين باتوا يرتابون من كل مبادرة ومن كل فعل وتصريح، فكيف والدعوة تعبر عن رغبة القيادة في البحرين أيضاً؟ الأمر الطبيعي أن يتم رفضها وقول كثير من الكلام من قبل تلك الفئة من مثل إن “ضم البحرين للسعودية لن يمر إلا على رقابنا جميعاً” و«من صوت على استقلالية البحرين في السابق لن يفرط في استقلالها الآن” و«إن هذا الأمر من شأنه أن يؤجج الموقف في البحرين ويفهم على أنه موجه لضرب المعارضة الشيعية”، وصولاً إلى الموقف الصريح الرافض لهذه الخطوة من قبل أمين عام الوفاق والذي أعلنه أمام حشد جماهيري، حيث قال إن هذا الأمر لو تم فهو “باطل”، ودعا إلى الوقوف بصلابة في وجه هذا المشروع بعد أن وضع كمية من الشروط التعجيزية التي منها موافقة كل شعوب دول مجلس التعاون الخليجي على المبادرة! وغير ذلك من الكلام الذي يندرج تحت عنوان ملخصه أن الاتحاد الخليجي غير مرحب به شعبياً، وهو عنوان وموقف ينطلق من التشكيك وعدم الثقة في أي مبادرة وأي مشروع يأتي من القيادة أو الحكومة (يعتقد البعض أنه لو أن البحرين تحفظت على مبادرة خادم الحرمين الشريفين التحول إلى صيغة الاتحاد لاستنكرت تلك الفئة ودعت إلى الاستجابة للمبادرة واعتبرت عدم قبولها بيعاً للشعب)! ما يلاحظ في موضوع الإقبال على الاستجابة لمبادرة الملك عبدالله هو أن القيادة لا تنفي أن لها مصلحة في هذا الاتحاد بل إنها تعلن ذلك بشكل واضح، ولافت فتقول “إن خيار الاتحاد بين دول مجلس التعاون بات أمراً ملحاً سيلبي تطلعات دول وشعوب المجلس في مزيد من الرفاهية والأمن والاستقرار”، كما صرح سمو رئيس الوزراء لصحيفة الرياض السعودية وأضاف “إن أولوية المرحلة تحقيق وضمان الأمن الخليجي بمفهومه الواسع وزيادة التنسيق المشترك في المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية عن طريق تبني منظومة أمنية موحدة”، وهو وضوح في بيان الغايات والأهداف من الاتحاد الخليجي وفكرة الكونفدرالية ما بعده وضوح، حيث من حق البحرين ومن حق كل دول مجلس التعاون الخليجي التي تستشعر الخطر من حولها أن تعتمد السبل والصيغ التي توفر لها الاطمئنان في مرحلة صعبة يمر بها العالم وفي ظل وجود مخاطر قريبة واستعراض يومي للعضلات من الجارة إيران، مع ملاحظة أن مجلس التعاون الخليجي نفسه تأسس نتيجة وضع أمني ملح استدعى إنشاءه ولولاه لكانت الأمور في الثلاثين سنة الماضية غير الأمور التي عشناها ولعلنا صرنا منذ زمن في أحضان لا تعرف الدفء. مسألة الرفض لمجرد الرفض أو لمجرد التشكيك في النوايا مسألة مرفوضة وغير منطقية ولا علاقة لها بالسياسة، فمثل هذه المبادرات سياسية بالدرجة الأولى ولها مردودات اقتصادية واجتماعية مهمة لا يمكن التفريط فيها أو تجاوزها وغض الطرف عنها، بمعنى أنها مصلحة دول لها تاريخها ومصلحة شعوب يقدرها ممثلوهم في المجالس التشريعية ويقدرها أولو الخبرة والدراية والباع الطويل في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي الارتقاء بالدول وحمايتها. من هنا ينبغي الإشادة برد الوزيرة سميرة رجب على ما قيل عن ضرورة استفتاء الشعوب في هذا الأمر حيث قالت إنه موضوع سابق لأوانه، وهو رد واقعي وعملي لأن المشروع نفسه في صفحته الأولى، بمعنى أنهم لم يقولوا بعد بسم الله. واضح أنه سيتم التحشيد لمحاولة اغتيال هذا المشروع الذي لن يقبل به المهيمنون على قرارات فئات لا تتبعهم وسيلاحظ المتابعون “فنوناً” جديدة في استعراض العضلات بغية التهديد والابتزاز.

الاتحاد الوفاقي-الإيراني

سوسن الشاعر
لا أعتقد أن أحداً من جيلي تخيل أنه سيسمع يوماً ما مواطن من دولة خليجية يرفض الاتحاد أو يعترض عليه أو يتحفظ عليه، ممكن أن يناقش الآلية، وقد يطمئن إلى قوة ومتانة الخطوات. إنما من باب توثيق مزيد من الأواصر ومن ضمانات الاستمرارية، إنما أن يرفض المبدأ من أساسه فتلك مسألة لم نتخيلها أبداً، ليس لأننا جيل العروبة والوحدة؛ بل لأننا شعب خليجي واحد بالفعل.. بالأصل.. بالدم بالتاريخ بالعروق، نحن إخوة بالفعل وأبناء عمومة.

لكن بلينا -مع الأسف- بجيل تربى على الخنوع للحلم الإيراني التوسعي، جيل منزوع العروبة وجذوره مقتلعة من تربتها، جيل مسخ الهوية والأصل في فئة محدودة من الطائفة الشيعية الكريمة تربيته إيرانية قحة.
فماذا فعلت بنا الدعوة لاتحاد خليجي؛ لقد كشفت الغطاء وأسقطت الأقنعة عن هذه الفئة، لقد أجبرت “الوفاق” على إعلان توافقها التام مع الطرح الإيراني، وهي التي جاهدت لنفيه وإبعاد إيران عن صورتها، لكن رغبة الشعوب الخليجية في الاتحاد وحماسهم المنقطع له أربك هذا الحزب الذي يرى نفسه بعيداً عن أي وحدة مع أبناء عمومته. لقد تقطع عليه حلم اليقظة الفارسية، وخلط أوراقه، فاضطر إلى كشف هذا الاتفاق المبرم وهذا التوافق التام في الطرح قبل أوانه.
ماذا فعلت أيها الاتحاد؟ لقد أفسدت مشروعاً عملوا عليه لعقود وسنوات.. ماذا فعلت أيها الاتحاد؟ لقد كانت النية معقودة لتأسيس دولة البحرين الشيعية الكبرى الممتدة من البصرة إلى هنا، و جئت أنت لتجبرهم على الإعلان عن مشروعهم قبل أوان اكتماله وجاهزيته، لقد أجبرتهم على البوح بما في النفوس.
ماذا فعلت أيها الاتحاد؟ لقد أطلقت لسانهم، وأجبرتهم على التصريح العلني بها، وأسقطت قصة الديمقراطية والإصلاح والمطالب الحقوقية، وأخرجت ما كان في الأضابير والسراديب معدٌّ، لقد نغصت عليهم حياتهم.
لقد أجبرت الجماعة على توحيد الخطاب الإعلامي لمنتسبي حزب الدعوة وحزب الله والشيرازيين مع أسيادهم أعضاء مجلس الشورى الإيراني بشكل لا يمكن الفصل بينهما، فلا تعرف وأنت تقرأ الخطاب أو البيان هل هو صادر من الجماعة أم من إيران؟ هناك انسجام حتى في المصطلحات بين الاثنين، فهل تستطيع أن تفرق بين ما جاء في بيان محمد السند القابع في النجف الصادر يوم الأحد، والذي قال فيه “إن ما يعده الأمريكان من الاتحاد هو خطوة لتقسيم الجزيرة العربية وتشكيل البحرين الكبرى في شريط الخليج، وستتحد المعارضة الشعبية في البحرين والمنطقة الشرقية وسترتفع المطالبة إلى تشكيل البحرين التاريخية التليدة في شريط الخليج ونبذ العوائل البدوية عن السيطرة على ثروات المنطقة الشرقية”. أو ما قاله مكي الوداعي في إحدى تغريداته “ليخشى المطبلون للاتحاد تضييقاً على ثوار البحرين وهجر أن تطرح المطالبة بدولة البحرين التاريخية والممتدة إلى البصرة في أغنى منطقة في العالم”. وبين ما قاله أسيادهم الإيرانيون في مجلس الشورى؟!
فقد تماثل معهم لفظاً ومضموناً؛ فقد قال الإيرانيون “لتعلم السعودية وحكام البحرين، أن هذه الخطوة اللامنطقية، لاشك ستؤدي إلى تعزيز الانسجام والاتحاد بين الشعب البحريني في مواجهة المحتلين، وستنقل الأزمة البحرينية إلى السعودية، وستدفع المنطقة إلى فوضى أكبر، وستفاقم المشكلات الموجودة”..
قل لي عزيزي القارئ؛ هل تستطيع أن تفرق بين الخطابين؟ هل يمكن أن تعرف أيهما إيراني وأيهما غير إيراني؟ حتى المصطلحات واحدة.
كما نرى أن الاثنين يتحدثان الآن بلا مواربة عن البحرين الكبرى الممتدة من البصرة إلى البحرين، وهي كما نعرف تلميحاً إلى دولة شيعية منفصلة ومنعزلة عن العروبة.. ولمن تدين؟ تدين لمن قالوا بلسانهم إنهم خدم لهم.
والله لو رفض الاتحاد أي شيخ دين سني أو من أي طائفة كانت لما سكتنا عنه، ولن نسمح له بأن يتحدث باسمنا أو يمثلنا.
أما سيد مجيد المشعل أمين عام المجلس العلمائي فمسكين لشدة ارتباكه واضطرابه من خبر الاتحاد وقع بسقطة لسان ستكلفه غالياً، إذ أورد في حسابه الخاص على التويتر سبباً غريباً لرفضه فكرة الاتحاد، سبباً قد يفسد على جماعته كل مطالبهم بالديمقراطية والإصلاح، فقال في إحدى تغريداته التالي “مثل هذا الاتحاد لا قيمة له عند شعب البحرين، فالبحرين دولة مستقلة ذات سيادة ذات هوية إسلامية عربية ذات نظام ديمقراطي يمثل إرادة الشعب”!! كتبت هذه التغريدة في 14 مايو 2011 الساعة 7 و35 دقيقة مساءً.
فإذا كانت البحرين دولة ذات نظام ديمقراطي مثلما تقول؛ فلم إذاً أفسدتم في الأرض وقطعتم الطرق وحرقتم ودمرتم وطالبتم بالتدخل الدولي وانتهكتم سيادة البحرين؟!!

صباح الخير.. توكم تسمعون الخطاب التحريضي

هشام الزياني
بصراحة لم أعرف عن أي خطاب أو تصريح تتحدث وزارة العدل ، حين حذرت جمعية الوفاق من الخطاب التحريضي، فقد تشابهت علينا الخطابات؟ وبصراحة أكبر (وربما لأني لست منتمياً لجمعية سياسية) للمرة الأولى أسمع عن شيء اسمه مكتب شؤون الجمعيات في وزارة العدل (الله يعطيكم العافية الظاهر وايد مشغولين)..! إذا كانت وزارة العدل للمرة الأولى تسمع الخطاب التحريضي منذ بداية الألفية وبداية المشروع الإصلاحي فإن العدل تحتاج إلى أن تصحح أسلوبها. أين كان مكتب شؤون الجمعيات.. من خطابات التحريض منذ بداية الأزمة وقبلها؟ أين أنتم من ممارسة الإرهاب لجمعية الوفاق في كل مسيرة (سلمية) يخرجون بها وتحدث فيها تجاوزات وحوادث إرهابية؟ أين كان المكتب، أين هو القانون، أين دولة المؤسسات والقانون؟ أين أنتم من تأييد أعضاء جمعية رعاية الإرهاب للأعمال الإرهابية؟ أين أنتم من اتخاذ إجراء قانوني يتم بموجبه وقف تقديم الدعم لجمعية الوفاق وهي التي أدخلت البلد في هذه الأزمة، وهي التي قسمت المجتمع، وهي التي تخرج عنها بيانات تحريضية وتخوينية تجاه المجتمع والجمعيات الأخرى؟ أين العدل في تطبيق القانون على المحرضين، وهذه المرة لا نقصد مكتب شؤون الجمعيات، ولكن نقصد جهات أخرى بالوزارة معنية بإيقاف أي خطيب يحرض على الإرهاب والقتل، أين وزارة العدل من الذي قال من فوق المنبر “اسحقوهم”، هل أنتم في كل ذلك، أم أنكم توقفون فقط خطباء طائفة بعينها، وتسكتون عن آخرين؟ هل كان الفاكس لدى مكتب شؤون الجمعيات معطلاً، فلم يستطع أن يرسل بياناً شديد اللهجة إلى الوفاق قبل الآن؟ كل تهديدات علي سلمان باللجوء للشارع، وبمقاومة الاتحاد مع السعودية، وأنه يهدد وكأنه في حرب، كل ذلك ولم تسمعوا خطابات تحريضية؟ ألم تسمعوه حين قال إنه سوف يستنجد بإيران إذا دخلت قوات درع الجزيرة؟ بالله عليكم لو أن هذا يقال في أي دولة أخرى بما فيها أمريكا وبريطانيا ماذا تتوقعون أن يحدث له، كان أقل شيء هو سحب الجنسية، لأنه يستنجد بدولة لا تضمر الخير للبحرين من أجل أن تحتل البحرين. مشكورين يا مكتب شؤون الجمعيات بوزارة العدل، شكراً لكم، بصراحة..! لكن أجمل شيء أن تأتي جمعية سياسية تحرق البلد وترعى التخريب والإرهاب، وتعطيها الدولة دعماً مادياً قوياً، لله درك من دولة تحبين من يغدر بك، وتلفظين أبناءك..!

من يفرّط باستقلال البحرين

يوسف البنخليل
التفريط باستقلال البحرين مرفوض تماماً، لأنه تفريط باستقلال وسيادة الشعب والدولة، هذا هو المبدأ من البداية ولا يمكن المساس به. ولكن هناك نظرتين تجاه هذه المسألة لدى القوى السياسية البحرينية فيما يتعلق بمشروع الاتحاد الخليجي. فمناهضو المشروع يرون أن اتحاد المنامة مع إحدى عواصم دول مجلس التعاون (ويقصد بها السعودية في هذه الحالة) مرفوضة لأنها تفريط باستقلال البحرين. وبالمقابل فإن مؤيدي المشروع يرون أن الاتحاد لا يعد مساساً باستقلال البحرين. السؤال هنا؛ هل مشروع مثل الاتحاد الخليجي يمكن أن يؤثر على استقلال البحرين أو يعتبر تفريطاً باستقلالها؟ لا أعتقد ذلك تماماً لعدة أسباب يمكن إيجازها في الآتي: أولاً: مشروع الاتحاد الخليجي لن يخرج بدولة واحدة تنصهر فيها سيادة كل دولة خليجية وتنتهي تماماً، وإنما ستحافظ على سيادتها الوطنية في ضوء ما سيتم الاتفاق عليه. ثانياً: قرار الاتحاد الخليجي بالنسبة للبحرين تحديداً لن يكون خارج نطاق الإرادة الشعبية، فهناك آليات دستورية متعددة يمكن من خلالها التعرف على آراء الشعب من خلال ممثليه في السلطة التشريعية. وما دامت لدينا مثل هذه الآليات فيجب احترامها والالتزام بقراراتها باعتبارها تمثل الإرادة الشعبية حسب الدستور المتوافق عليه منذ ميثاق العمل الوطني. ثالثاً: الدولة البحرينية تجاوزت مرحلة استئثار السلطة لدى العائلة الخليفية المالكة بعد ميثاق العمل الوطني الذي جعل الشراكة بين العائلة الكريمة والشعب ويعتبر عقداً اجتماعياً مكتوباً بين الطرفين وحظي بموافقة الإرادة الشعبية بنسبة 98.4 بالمائة في فبراير 2001. وفي ضوء ذلك توجد آليات ومؤسسات دستورية هي التي تضمن أن تكون كافة القرارات السياسية في الدولة شراكة بين الشعب من خلال ممثليه في السلطة التشريعية والعائلة المالكة عندما مُنح جلالة الملك الصلاحيات الدستورية للموافقة على القوانين. رابعاً: عندما يتم مشروع الاتحاد الخليجي فإنه يتم من خلال معاهدة دولية، ومن المعروف أن جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية يتم عرضها على السلطة التشريعية حسب الدستور، والهدف من ذلك ضمان حصولها على موافقة الإرادة الشعبية. المناهضون لمشروع الاتحاد الخليجي لديهم عدة أهداف مرحلية وأخرى بعيدة المدى يمكن تحقيقها من خلال موقفهم المتشدد تجاه المشروع نفسه. فعلى مستوى الأهداف قصيرة المدى فإنهم يحاولون تشتيت اتجاهات الرأي العام البحريني تحديداً والخليجي بشكل عام، وأيضاً تحويل مشروع الاتحاد الخليجي إلى قضية جديدة يمكن استهلاكها وتسويقها أمام قواعد المعارضة الراديكالية الرافضة لمشروع الاتحاد. أما بالنسبة للأهداف بعيدة المدى فإنها تتعلق بإمكانية الضغط نحو إقرار حق المصير حول النظام السياسي البحريني برعاية أممية، وهو أمر سيكون متعذراً للغاية وصعب التحقيق في حالة تنفيذ المشروع الخليجي. المسألة الأخيرة هي أن المناهضين لمشروع الاتحاد الخليجي يبررون مواقفهم بأن المشروع يؤدي إلى التفريط في استقلال البحرين، ويتناسون من الذي فرّط باستقلال البحرين خلال أزمة فبراير ـ مارس 2011 عندما تمت المطالبة بإسقاط النظام وإقامة نظام تابع للثيوقراطية الإيرانية، وعندما تم التخابر مع الحكومات الأجنبية، وعندما تم التخابر مع بعض التنظيمات السياسية الإرهابية الأجنبية! بعد هذا العرض أعتقد أن فكرة التفريط بالاستقلال باتت مفهومة وأكثر وضوحاً.

المتضررون وصندوق التعويضات

فيصل الشيخ
قد تكون البحرين الدولة الوحيدة في العالم التي تتجه لتعويض أفراد استهتروا بواجباتهم الوطنية تجاه وطنهم ووصلوا لمرحلة خيانته والعمل على قلب نظامه، من منطلق أنهم كانوا ضحايا عملية تغرير وخداع قامت بها قوى انقلابية تعمل وفق أجندات خارجية أو ضحايا لممارسات فردية خاطئة لا تتفق مع القانون. هذه الخطوة التي أقدمت عليها البحرين لم تكن مجبرة عليها في وقت كان فيه من حقها تطبيق القانون على من تجاوزه وقام بأفعال تدخل في إطار الإخلال بالأمن القومي والتحريض على كراهية النظام وانتهاج أسلوب الممارسة العنيف تجاه مكونات عديدة في المجتمع إضافة إلى احتلال مواقع رسمية أسفرت عن تعطيل سير الحياة الطبيعية. لكننا لم نستغرب الخطوة كونها صادرة من جلالة الملك حفظه الله الذي عودنا دائماً على احتضان جميع المواطنين باعتبارهم أبنائه، مانحاً من أخطأ الفرصة تلو الأخرى عل ذلك يحوله من معول هدم إلى أداة بناء. الحديث عن صندوق التعويضات يستوجب وضع عديد من النقاط على الحروف، إذ الظن السائد حالياً يتمحور حول تعويض من تضرروا جراء المصادمات مع أجهزة الأمن وهي مصادمات في حقيقتها مفتعلة كانت تبحث عن الدم والجثث، وهي في الأساس ردات فعل للفعل الذي كلنا نعرف ماهيته عبر ممارسات انقلابية واضحة. التعويض أيضاً يتحدث عمن تضرروا جراء ممارسات فردية مرفوضة تمت في بعض حالات التوقيف، وهو ما نراه أسلوب معالجة خاطئ، إذ المتجاوز للقانون يكفيه الامتثال للقانون والحكم عليه بموجبه بمعزل عن أية أمور أخرى. لكن السؤال الهام الذي يطرح نفسه هنا بشأن صندوق التعويضات يتعلق بالفئات الأخرى التي تضررت جراء المحاولة الانقلابية، سواء من تضرر جسدياً ومادياً ومن قتل ومن تضرر نفسياً، والنقطة الأخيرة فيها تفصيل نابع من اهتمام دولي لا يمكن نكرانه. في عديد من الاجتماعات المعنية بحقوق الإنسان في جنيف تم التطرق لمفهوم “الضرر النفسي” وكيف أنه يعتبر من أخطر أنواع الضرر الذي يفوق حتى الإصابات الجسدية باعتبار الأخيرة تزول زمنياً، في حين أن الضرر النفسي من شأنه أن يقود لتداعيات مؤسفة مع التقادم الزمني. لو أردنا أن نحصي المتضررين نفسياً جراء الأزمة التي شهدتها البلاد لوجدنا أن هذا الضرر شمل غالبية مكونات المجتمع التي تم تهديدها في مصيرها، تم اللعب في أمنها، وتمت إعاشتها في أجواء خوف وقلق. أكبر الأضرار النفسية ستجدونها في الأجيال القادمة، في فئات الأطفال والمراهقين الذين وجدوا أنفسهم أمام حالة مجتمعية غريبة، أمام وضع ضاع فيه الاستقرار وغاب فيه الأمان، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى الخوف والقلق. هؤلاء من سيعوضهم عن هذه المعاناة؟! يعرف تماماً اتحاد العمال الذي شارك في التحريض على الدولة ماذا نقول بالضبط؛ إذ هو شارك في عديد من الاجتماعات الدولية التي تحدثت عن الأضرار النفسية، واستمع بنفسه إلى مداولات بشأن القانون الدولي وكيف يجرم إيقاع الضرر النفسي ويحمل مرتكبيه مسؤولية جسيمة. اليوم حينما نتحدث عن التعويضات نسأل عن الأطراف المتضررة من جراء المحاولة الانقلابية، إذ من سيعوضها شعور الخوف والقلق والرعب في بلدها؟! من سيعوضها المعاناة اليومية التي عاشوها؟! وهل سيتم التعامل معهم بنفس كف المساواة مع من كان ضحية أفعاله في محاربة الدولة والسعي لتغيير نظامها؟! التعويض إن كنا نراه خطوة إيجابية فإنه من المجحف بالتالي أن يوجه لفئة دون أخرى، وما نخشاه أن يقتصر على فئة هي أصلاً مساءلة بحكم القانون جراء ما قامت به من أفعال تجاه وطنها. نحتاج لإيضاح أكثر إزاء طريقة التعامل التي سيتم بها العمل عبر هذا الصندوق، هل هو لجبر الخواطر، أم لتحقيق العدالة والإنصاف؟! علماً بأن المخلصين من شعب البحرين هم أكثر المتضررين نفسياً، فما تعرضوا له أكبر وأخطر مما تعرض له من خرج بكل وسيلة ليحارب بلده ويقتل رجال أمنها وكان هدفه مسخ هويتها وتسليمها هدية للأجنبي الطامع بنا
اتجاه معاكس.. حينما ينتقد مكتب شؤون الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ما وصفه بـ«الخطاب التحريضي الذي تنتهجه الوفاق وأمينها العام علي سلمان وإصرارها على تضليل الرأي العام وفرز المجتمع طائفياً”، فإن ذلك يقودنا للحديث عن الإجراءات. لا يعقل في دولة يفترض بها تطبيق القانون، أن يكون التطبيق فقط “لفظياً” أو عبر بيانات إخبارية متواصلة. لديكم القانون فلماذا لا تطبقونه؟! في أي دولة أخرى لو ثبت أن حزباً أو جمعية تمارس دوراً تحريضياً طائفياً يهدف لتقسيم المجتمع، وأنها في نفس الوقت تمارس سياسة عدائية للدولة عبر تشويه صورتها في الخارج، ماذا تتوقعون أن يحصل؟! هل سيتم السكوت عنها؟! هل سيتم الاكتفاء بإنذارها مرات ومرات وتذكيرها بالقانون؟! أم سيكون مصيرها في النهاية بسبب تكرار المخالفات هو الحل والمساءلة القانونية؟! بيان الجهة المعنية يذكرنا ببيانات الجهة المعنية في شأن التجمعات سواء المرخصة أو غيرها التي تتكرر فيها التجاوزات وتتضمن تحريضاً على الدولة، إذ في شأن المعرفة بذلك فإن كل الشعب البحريني بات يعرف ذلك وحفظه عن ظهر قلب، لكن يبقى السؤال الذي لا إجابة له حتى الآن معنياً بالإجراءات، إذ ماذا بعد تكرار المخالفات، وما هي الإجراءات المفترض تطبيقها بالضبط؟!

الاتحاد واللورد ايفبوري

أماني خليفة العبسي
اللورد ايفبوري وجماعته في لندن وهنا قصتهم هذه الأيام ضرورة الاستفتاء على اتحاد يجمع البحرين والسعودية وأياً من دول الخليج، ويجب أن يطرح الموضوع أمام الشعب ولو الشعب رفض الاتحاد، فالصواب أن نتجاوز الموضوع ونظل كما نحن ريشة في مهب الرياح الشرقية، يوم يقولون لنا أنتم محافظة تتبعنا ويوم يهددون باجتياحنا وحرق الأخضر واليابس وخذ من ذلك التصريحات التي تؤرق كل مواطن بحريني، واحسب كل مواطن خليجي يطل على هذا البحر الذي يحمل لنا كل صباح نسمات معطرة بالزعفران ونوايا لا تسر الخاطر. هل الصواب أن يكون قرار اتحاد استراتيجي هدفه الأساسي وقاية للأمن والسيادة الوطنية محل استفتاء؟ هل الديمقراطية تتعارض مع المنطق ومع مصلحة بديهية جداً، عندما يباغتنا عدو من أي نوع هل نطرح مسألة رفع سلاحنا في وجهه للاستفتاء؟ لا أظن. تذكرون لعبة المونوبولي وكيف نجمع الأراضي لنبني فوقها ونتفوق “اقتصادياً”، لا نحتاج لاستفتاء لنعرف من سيفوز باللعبة، فهو طبعاً الذي يملك التفوق الجغرافي والاقتصادي، الصغير الذي لا يملك مقومات الاستمرار يخرج من اللعبة، ونحن بحاجة أن نكون جزءاً من منظومة أكبر ونبدو أكبر وهذه فكرة الاتحاد؛ فلماذا يرفض البعض أبسط أسس اللعب؟ العالم كله يلعب بهذه الطريقة، الولايات الأمريكية اتحدت، الدول الأوروبية اتحدت، الشرق اتحد بطريقته، حتى إيران والعراق على ما يبدو ماضيتان في الطريق ذاته، الاتحاد هناك موضوعي جداً لكن عندنا مرفوض مرفوض!. لا داعي للقول إن الاتحاد بين دول الخليج هو ترف، أسبابه السعي لمزيد من الرخاء والنماء وازدهار اقتصاد الدول الصغيرة وإنعاش الأسواق وتشجيع السياحة البينية وكل هذا الكلام، كلنا نعلم الهدف الأول من الاتحاد وكيف وصلنا لمرحلة لابد لنا فيها من الاتحاد، نحن نعاني من تهديد وجود قبل هذا كله ولا يمكن لعاقل أن ينكر ذلك، الضفة الشرقية التي ابتلعت في القرن الماضي أراضي عربية بلا حساب وجندت قوتها لسحق الهوية العربية فيها، هي ذاتها التي تحتل الجزر الإماراتية، وتدعي أن البحرين محافظة تتبعها تاريخياً وتبدأ الآن منها متجهة بكل قوتها إلى عمق دول الخليج وتمول وتدعم تغيير الأنظمة على طريقتها وبأدواتها وبأجندتها، هذا الهاجس المقلق تعيشه الشعوب قبل الحكومات كل يوم. لا أدري ما الذي يمكن أن يشكل خطراً أكبر على البحرين؛ هل هي السعودية؟ هل التبعية لمنظومة دول؟ ماذا عن مجلس التعاون الموجود أصلاً هل يشكل تبعية؟ عموماً حتى عند قيام الاتحاد الأوروبي كانت هناك اعتراضات في بعض الأوساط ولا يدعي أحد أن كل أوروبا قالت بصوت واحد نعم للاتحاد، لكن أوروبا لم تكن واقعة تحت تهديد مباشر، لم تكن روسيا أو أمريكا تتحدث عن مستقبل أوروبا وكأنها ولاية أو محافظة تابعة لها، الأمر الذي نحن على يقين به أن الوحدة مسألة طبيعية كانت لتأخذ عقوداً لكنها ستأتي عاجلاً أم آجلاً لأن الشعوب والحكومات مترابطة ومتكاملة لحد بعيد، انتفاء التهديد الإيراني لا يعني أن مجلس التعاون يجب أن يبقى عند مستواه الحالي ولا يرتقي بدوله وشعوبه. منظومات الاتحاد لم تضر دولة أبداً ولم تلزمها بترك هويتها وتغيير جلدها، والعجيب هو من يرفض الاتحاد بدعوى أنه احتلال رسمي للبحرين، هل أي من دول أوروبا محتلة؟ هل الإمارات العربية محتلة -عدا الجزر-؟ ولم نرَ في أوروبا من يتكلم بهذه التراجيديا عن كون بلده جزءاً من منظومة دول تتكامل اقتصادياً وتدافع عن بعضها عسكرياً وتدعم بعضها وقت الأزمات، هل هناك تبعية في علاقة الدول الأوروبية ببعضها؟ دول الخليج تحتاج لبعضها أكثر مما تحتاج دول أوروبا لبعضها، ومن حق دول الخليج أن تستغل العوامل التي حبتها بها الطبيعة وجمدتها ظروف الاستعمار والتحولات المختلفة، ومن حق الشعوب أن تستفيد من أي فرص متاحة لتحقيق رفاه أكثر وأمن أكبر. نبارك هذا الاتحاد والاتحاد الأشمل مع بقية الدول والواقع يقول نعم للاتحاد، فلا يمكن أن تستقيم أمورنا مع الشرق أو الغرب ونمتلك زمام أمرنا ومنطق القوة الذي يحكم العالم ونحن فتات دول على ضفة الخليج.

من ضد الاتحاد الخليجي ولماذا

د. رضا أمين
سؤالان مهمان؛ من هم الذين يقفون في وجه فكرة قيام الاتحاد الخليجي الذي أعلن عن البدء بأولى مراحله؟ ولماذا يرفضون فكرة الوحدة التي هي مصدر القوة، ومبدأ أصيل من مبادئ الدين الإسلامي، حيث يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فلماذا يرفض البعض تحقيق مبدأ إسلامي هام، وهم الذين يعلمون أن في الاتحاد قوة، فهل يريدون لدول الخليج العربي بشكل عام، ومملكة البحرين بشكل خاص أن تكون ضعيفة، وإذا كانوا يريدون ذلك بالفعل فلصالح من يكون هذا الضعف؟ وفي محاولة تقديم إجابة على السؤالين الرئيسين الواردين في عنوان هذا المقال يمكن القول إن من يغضبه فكرة الاتحاد الخليجي ينقسمون -في تصوري- إلى ثلاثة أنواع: أولاً: العدو الحقيقي للعرب والمسلمين؛ والذي لا يروق له أن يرى مظاهر الوحدة بين الدول العربية أو بعضها، ولا يعجبه أن تنشأ منظومة سياسية واقتصادية وعسكرية فاعلة يكون لها دورها المؤثر في القرارات التي تتعلق بهذه المنطقة الهامة من العالم، وأقصد بهذا العدو؛ الكيان الصهيوني ومن يسانده من القوى الغربية العالمية التي لا تتحمس لفكرة قيام اتحاد فيدرالي أو شبه فيدرالي بين دول الخليج العربي، خصوصاً في ظل تقارير تفيد بتخصيص ميزانيات ضخمة لتسليح جيش الدول الخليجية بأحدث المقاتلات والمعدات العسكرية. ثانياً: إيران التي ليس فقط تخشى من قيام الاتحاد الخليجي؛ بل وتحاول بشتى الطرق تعويق عملية الاتحاد من خلال آلة الإعلام التي تسبح في فضاء المنطقة العربية، وتضم أكثر من أربعين قناة فضائية تليفزيونية وعدد من الصحف التابعة لها، وذلك من خلال تسمية الأشياء بغير مسمياتها؛ كالقول بإدماج البحرين أو تذويبها في المملكة العربية السعودية، وتدرك إيران أن قيام كيان سياسي كهذا الكيان من شأنه إثارة قضية الجزر الثلاث الإماراتية التي تحتلها إيران، ومن المؤكد أن إيران من السهل عليها التلاعب بهذا الملف إذا ما كان الطرف الآخر دولة واحدة هي الإمارات، أما إذا كان الطرف الآخر يمثل قوة سياسية وعسكرية واقتصادية بحجم الكيان الذي سيجمع دول الخليج العربي فإن كثيراً من موازين القوى ستختلف في التعامل مع هذا الملف. ثالثاً: بعض الذين يرتبطون بشكل أو بآخر مع إيران ويدافعون عن توجهها العام في المنطقة من سكان الخليج العربي حتى وإن لم يصرحوا بذلك، والذين يقومون بحملات إعلامية وسياسية لتعويق فكرة الاتحاد الخليجي، وهم بالمناسبة لم يكتفوا بالحملات الإعلامية والسياسية؛ بل أطلق بعضهم التهديدات باتخاذ إجراءات تصعيدية إذا ما تم الإعلان عن قيام الاتحاد الخليجي! أما سؤال لماذا؟ فبالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي من المتوقع ألا ترحب بإعلان الاتحاد، أو ربما تقوم بانتقاده، فإنه يهدم لديهم نظرية (فرق تسد) التي ما برحوا يستخدمونها مع كل بقاع العالم العربي والإسلامي، أما إيران فتعترض على الاتحاد لأنه سيعمل على الإخلال بموازين القوى في المنطقة، ويجعل موقفها أضعف مما كانت عليه من قبل، وهما تبريران مفهومان، أما التبرير غير المفهوم فهو أن ترفض بعض القوى التي تعيش في بلدان الخليج العربي هذا الاتحاد!

الذين فقدوا ظلهم

محمد الأحمد
الذين فقدوا ظلهم في البحرين، هم هؤلاء الذين فقدوا هويتهم وهم يحاولون الوقوف عائقاً – وهم ليسوا بالقدر الذي يمكنهم من ذلك – أمام «الاتحاد الخليجي» الذي نقف على أعتاب تدشينه بعد أشهر مقبلة. قبل سنوات معدودة، هل كنا نتصور أن هناك فئة ستقف يوماً ما ضد اتحاد دولة خليجية مع دولة أخرى، أو اتحاد الدول الخليجية مجتمعة ليشكلوا اتحاداً، لقد كنا سائرون ومصدقون خلف تصريحاتهم وبياناتهم الكاذبة، الذين يدعون فيها الانتماء لهذا الوطن، وهذه المنظومة الخليجية، وهذا التراب. المسألة ليست مسألة فقد هوية بل هي أكبر من ذلك.. المسألة مسألة عدم وجود هوية من أساس، فهي مشكلة لا يمكن أن يكون لها علاج، ولا يمكن أن يكون فيها خط رجعة، فهي ليست قضية عاق من الممكن أن يرد له عقله ويرجع إلى البر، وليست قضية كاذب من الممكن أن يؤنبه ضميره ويرجع إلى الصدق، وليست قضية جاحد من الممكن أن يلين قلبه، وليست مسألة كافر من الممكن أن يرجع إلى الإيمان، ولكنها مسألة إعطاء نسب لشيء لا يمكن أن ينتسب إليه؟!. من الذي يقف في وجه التكاتف والأخوة الخليجية؟ إنهم وحدهم أتباع ولاية الفقيه الذين جن جنونهم من تحرك الدول الخليجية نحو الاتحاد، وكانت رحمة من رب العالمين على عقولهم وقلوبهم أنه تم تأجيل إعلان الاتحاد إلى القمة الاستثنائية المقبلة. من المفترض أن يكون موقع هؤلاء داخل البرلمان الإيراني الذي صوت أمس الأول ضد الاتحاد وتدخلوا بشكل سافر بين البحرين والسعودية، نعم إن هؤلاء مكانهم هناك، وليس بيننا ويتحدثون باسمنا، هؤلاء نشاز لا يمكن لأي شخص ينتمي لتراب هذه الأرض ويمتلك هذه الهوية أن يصطف معهم أو حتى ينصت لهم. إنك لا تستطيع أن تكشف ما في قلب الشخص إلا إذا وصل إلى مرحلة فقد فيها حياءه، فهؤلاء الذين نزع الله عنهم حياءهم وأصبحوا يتخرصون عن الاتحاد الخليجي ما أراد الله بهم إلا أن يكونوا مقيتين ممقوتين، منزوعي الأمانة، خائنون مخونون.. هؤلاء الذين فقدوا ظلهم في البحرين.

في طريق الاتحاد الخليجي

صلاح الجودر
إعلان الاتحاد الخليجي في قمة استثنائية في العاصمة السعودية «الرياض» يأتي لاستكمال دراسة المشروع والتحول من التعاون إلى الإتحاد، فإعلان وزير الخارجية السعودي عن موافقة جميع الدول الخليجية لمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «الإتحاد الخليجي»، وطلب التأجيل يأتي من أجل مزيد من التريث وعدم الاستعجال وهذه رؤية حكيمة من قادة دول المجلس. في إطار الربيع العربي «إن صح التعبير» لا بد للمنطقة الخليجية من تغير شامل ينال أوجه الحياة فيها، تغير على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري، تغير يشعر من خلاله المواطن الخليجي من الكويت إلى عمان بأن هناك مرحلة جديدة تتطلبها ظروف المرحلة، إذ لا يمكن المراوحة في المكان والعالم بأسره يتحرك ويتغير ويتطور، فالوقت غير الوقت، والزمن غير الزمن، فالجميع يشهد حالة التغير التي انطلقت مع بدايات عام 2011م بإرادات شعبية، ومنطقة الخليج ليست بمنأى عن المنطقة، لذا جاء مشروع التحول من التعاون إلى الاتحاد من خلال الإرادة الشعبية بالمنطقة والتي ترجمها قادة الدول من خلال مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ورعاه. المتأمل في دول الخليج العربية يرى التطور والتقدم في شتى المجالات، وما ذلك إلا من خلال مجلس التعاون الخليجي، والفعاليات المنبثقة من لجانه التي عززت الصورة الحضارية لدول الخليج، ولمزيد من التقدم والتطور لا بد من تطوير العمل الخليجي ضمن منظومة متطورة تتوافق مع ظروف المرحلة، خاصة وأن دول العالم اليوم تتعامل مع الكيانات الكبيرة والقوية. الاتحاد الخليجي هو المشروع الذي تعلقت به قلوب شعوب المنطقة كما جاء في تصريح جلالة الملك المفدى حال وصوله إلى العاصمة السعودية «الرياض»، فالتحول من التعاون إلى الاتحاد ضرورة تفرضها الأحداث التي تجري في المنطقة، فالجميع اليوم يرى الأطماع الإيرانية المتزايدة في المنطقة الخليجية، وما تدخلها في شؤون البحرين الداخلية من خلال التحريض المستمر الذي تمارسه قناتها الفضائية «قناة العالم الإيرانية»، واستفزازها المستمر لدولة الإمارات العربية المتحدة بعد احتلال جزرها، أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الكبرى، وتحريكها لبعض الملفات في الشأن العراقي والسوري واليمني، لأكبر دليل على حاجة دول المنطقة إلى الاتحاد لمواجهة تلك الأخطار، فإيران اليوم أصبحت تلعب على المكشوف بعد أن استبدلت مشروع تصدير الثورة إلى تحريك الشعور المذهبي والشعوبي في نفوس أبناء دول الخليجي العربية. المواطن الخليجي اليوم يرى أهمية الاتحاد من منطلقات دينية «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» ويراها من خلال ضرورة تعزيز الانتماء العروبي، ومصالحه المشتركة، وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال جسد واحد يتألم إذا أشتكى عضو واحد. فتجربة مجلس التعاون الخليجي «ثلاثون عاماً» كانت رائدة بكل المقاييس، فبعد مرحلة الاستقلال كان من الضروري أن يكون هناك كيان واحد يجمع دول الخليج العربية، الإمارات والبحرين والسعودية وعمان وقطر والكويت، فقام مجلس التعاون بإرادة قادة وشعوب المنطقة لتحقيق الكثير، وكان مشروعاً تطلع أبناء المنطقة -بعد نجاحه- إلى ما هو أكثر تطوراً وتقدماً، فجاءت مبادرة ومشروع خادم الحرمين الشريفين لتعزيز صور الوحدة والاعتصام، في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة، فالمواطن الخليجي بانتمائه العروبي يسعى دائماً للتوحد والاندماج من أجل المحافظة على هويته العربية وتراثه الإسلامي الصافي. تأجيل إعلان الاتحاد جاء من أجل مزيد من النقاش والتأني في الإعلان من أجل قيامه على أسس قوية وصحيحة كما التجارب الأخرى، فالمواطن الخليجي يريد أن يرى مشروعاً رائداً يفوق ما يقوم به مجلس التعاون الخليجي الذي كان صمام أمان لأبناء المنطقة، خاصة وأن مجلس التعاون أستطاع أن يحمي شعوب دول المنطقة من آثار ثلاث حروب إقليمية. من هنا فإن الاتحاد الخليجي هو التغير المنتظر لدول المنطقة في مرحلة الربيع العربي، فمثلما تم بناء وتدشين مجلس التعاون في مسيرة هادئة ورزينة من قبل قادة دول الخليج العربي فإن الآمال اليوم إلى قيام إتحاد خليجي يحمي دول المنطقة من تغير هويتها العربية.

مكالمة مع الوطن

طارق العامر
آلو بحرين.. وطن الكرام.. صباح الخير يا وطني، هل تذكرني؟ انا من ابناء «الفاتح» أرجوك تذكرني.. تيت.. تيت.. تيت.. الو الو!! مر اكثر من عام على ازمة 14 فبراير، يتذكر فيه اهل «الفاتح» بعض من أجدع وأشجع وأروع المواقف خلال الازمة، احدها لقاء سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة المستمر مع الكتاب والإعلاميين للشد من أزرهم وتحفيزهم على بذل العطاء في سبيل الدفاع عن بلدهم بالكلمة، وأتصور ان أجدع تلك المواقف هي زيارة سموه لـ «فتاة البسيتين» والتي تم الاعتداء عليها في 8 مارس 2011 اثناء مرورها بجانب «الدوار»، اما اشجعها فهي زيارة سموه في 14 أبريل 2011 لمجمع السلمانية، وحسب وجهة نظري فإن أروعها زيارات سموه العديدة لرجال الشرطة سواء في القلعة او في المستشفى للتضامن مع المصابين.. يووووا، هي مواقف كثيرة سيذكرها التاريخ، وانا جاهز لتدوينها، حتى يتحاكى به جيل وراء جيل!! الو يا بحرين.. وطن الكرام.. الوووو، أسمعني ولا تغلق الخط: كنا نتصور يا وطن بأن 14 فبراير امتحان للجميع، واولهم القيادة، وكنت اتصور ان بعد هذه المرحلة سيحدث العكس، وسيتم التعامل مع «الفاتح» على انها بطل تاريخي، ولكنك لو تفحصت يا وطن سجلات طلبات الاسكان، وقائمة طابور معونة الغلاء، وكشوفات الحاجة والعوز، فستفاجئ بأنها ممتلئة من اهل «الفاتح»!! ولو مريت على اقرب مركز شرطة فستجد أن كل المعسرين والمطلوبين في قضايا مالية وشيكات هم من اهل «الفاتح».. دقق في كشوفات العاطلين.. اصحاب الأنذار بقطع الكهرباء.. القوائم على اصولها، كلهم كلهم من اهل «الفاتح»..!! لحظة يا وطن، أرجوك لا تقفل الخط، وأمهلني حتي أكمل كلامي: تفحص ياوطن سجلات المنعمين والمكرمين والهبات والعطايا.. هل تفاجأت؟ نعم يا وطن، هم أنفسهم من تآمر عليك ووقف في «الدوار».. هل لا حظت الفرق في التعامل!! فرق كبير بين هذا وذاك، ولعل العرب رأوا بوضوح حكمة حكيمهم الجاهلي زهير بن أبي سلمى، والتى لم نراها نحن، حين قال: «ومن يصنع المعروف في غير أهله يكن حمده ذماً عليه ويندم». الو يا وطن.. سامعني، هل صوتي واضح؟ طيب سأعلي صوتي: تخير يا وطن اي واحد من اهل «الفاتح» وأسأله: ماذا أستفدت من وقفتك التاريخيه؟ سيجيبك وهو مبتسم: لا شئ؟ وسيواصل الحديث: يا وطن مثلي حين وقف في: الفاتح» لم يكن ينتظر او يطمع في شيء، نحن وقفنا فداء لتراب هذه الأرض، ولو شاء القدر ان نقف مرة ثانية وثالثة وحتى عاشرة فسنقف دون تردد!! على فكرة يا وطن.. اه، انت معاي على الخط، طيب.. اسمع وتأمل كلامي: الوطني الشريف والحقيقي هو أول من يعطى وآخر من يأخذ!! هل مازلت معي على الخط، طيب خذ هذه يا وطن: احد اصدقائي يطلب مني تغير المواقف وينصحني أن اترك كلام الأنشاء والمثليات، ويقول: فى قلب كل إنسان، سواء رجل دين كان، أو أمرأة، عاملا بسيطاً يغمس رزقه بالتعب، أو تاجراً يملك المليارات، ومهما كان منصبه، ومهما بلغت ثروته، هو ينتظر الشكر والعرفان وأخير التقدير من هذا الوطن.. تظن يا وطن كلامه صحيح؟ سامحني يا وطن، انا عارف اني اثقلت عليك، اصل الكلام كثير والهم أكثر، وانا بصراحة ما صدقت أني، اخيرا، تجرأت وتحدثت معك بقليل من الصراحة، مع أني كنت اطمع ان أتكلم بصراحة اكثر، لكني خايف من زعلك.. علي العموم لن أطول عليك فأنا مقدر مشاغلك، وقبل ان انهي مكالمتي، أملي أن تجيبني علي سؤالي: ما هي المعاير المزدوجة في «التفضيل» بين «اهل الفاتح» و«اهل الدوار» ، وكيف يا وطن تمنح وتعطي وتكافئ كل متآمر عليك، وكيف تحرم وتتجاهل كل من يحبك وولائها اليك، وكيف يا وطن تستقبل «الخائن»، فيما «الشريف» يقف بالأيام على بابك. .. الو يا وطن.. الو.. الو.. وين رحت يا وطن.. الله يسامحك يا وطن!! على فكرة، من الرائع أن هناك مَن يؤمن معي حتى الآن أن الوطن يشمّ رائحة الشرفاء ويتقلب في أعطافهم، وانه يستشعر ويحس ولا ينسى من خانه، ولا كل من تخلى عنه في وقت الشدة والأزمة، ولا يغفر الخطأ إلا إذا كان الاعتذار شافيا، وانه لا ينسى ابناءه مهما حصل.. صح الكلام!!

تسامح ديني.. نعم - تسامح مذهبي.. لا

ضحى عبد الرحمن
بعض الجهلة والمغرر بهم من عشاق ولاية الفقيه يتشدقون بالتسامح الديني والمذهبي في ولاية الخامنئي دون ان تكون لهم قاعدة فكرية ومعلوماتية عن حقيقة الصبغة المذهبية في ايران وهي صبغة لا تندمج مع بقية الاصباغ المذهبية على المشهد الاجتماعي والسياسي الايراني. صحيح ان الدستور الايراني ثبت فقرة بأن المذهب الاثنى عشري هو مذهب الدولة الرسمي ولكنه ايضا أكد على حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية بدون قيود. وفي الوقت الذي فعلت فيه الحكومة الفقرة الأولى وطورتها الى مرحلة تصدير المذهب، فإنها كبحت من جماح فقرة حرية التدين وجمدت حرية ممارسة بقية المذاهب لشعائرها وهي شعائر اسلامية بحتة وليست مستوردة كشعائر الصفوية من بلدان الاستكبار العالمي.
لسنا بصدد الدخول في دوامة الصراعات المذهبية في ايران رغم خلو الساحة من الصراعات الدينية وهذا امر يدعو للعجب! فليس من المنطق ان يتآخى المذهب مع الديانات السماوية الاخرى كالمسيحية واليهودية وبقية الديانات الوضعية كالمجوسية والمانوية والبهائية ويرفض التعايش مع مذهب يجلس معه في خيمة واحدة وكلاهما من أصل واحد! صحيح ان المصادر الصفوية تؤكد على مخالفة ابناء العامة في كل شيء بما فيها فروض الاسلام الثابتة لكنها في نفس الوقت تتعارض مع طروحات نفس المصادر حول اليهودية والنصرانية ومع هذا لم يؤخذ بها!
يوضح المفكّر الإيراني صادق زيبا ويشغل منصب الأستاذ بجامعة طهران هذه الظاهرة بقوله" في حقيقة الأمر الكثير من الايرانيين يبغضون العرب، وتجدون معظم المتدينين منهم ينفرون أيضا من العرب، وهذه الظاهرة أكثر انتشاراً بين المثقفين الإيرانيين. وتنتشر بشكل خاص بين المتدينين على شاكلة لعن أهل السنة. إن الحقد والضغينة تجاه السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين هو في واقع الأمر الوجه الآخر للحقد على العرب".
في معارض الكتب التي تقام في الدول العربية تنشط الحكومة الايرانية في المشاركة بتلك المعارض سواء من خلال دور النشر الحكومية- وزارة الارشاد الديني- او تلك التي تشرف عليها مخابرات الدولة وتدعمها او دور النشر الأهلية وهذه الدور بدورها تحظى بسخاء مالي من قبل الحكومة لذلك لا نستغرب عندما يكون سعر الكتاب لايزيد عن ربع تكلفته الحقيقية! ولا نستغرب توزيع الأدعية وبعض الكراريس المؤججة للنزعة الطائفية مجانا.
امهات مصادر التشيع الصفوي كالكافي للكليني وبحار الانوار للمجلسي والبصائر للطوسي واحتجاج الطبرسي وتفاسير العياشي وفرات وتحرير الوسيلة للخميني والمئات من العناوين الأخرى تغرق معارض الكتب العربية وتباع بأسعار أقرب الى المجانية كوسيلة من وسائل تصدير الثورة الايرانية الى دول المنطقة، والطامة الكبرى ان الدول العربية التي تقيم تلك المعارض لاتعترض على تلك الكتب التي تتجاوز على امهات المسلمين والخلفاء الراشدين الثلاثة ومعظم الصحابة! وبعض الكتب سيما التأريخية والجغرافية والرحلات تضم خوارط وتسميات فارسية للخليج العربي وبعض المدن العربية المحتلة. ولا اعتراض على وجود وتوزيع تلك الكتب ولا خشية من وقوع بعض الجهلة في متاهاتها المنحرفة.
الادهى منه توزيع كتب بطبعات غاية في الإناقة والتجليد والتذهيب وبرسوم بديعة تخلب الأنظار مما يجعل الجمهور العربي ينشًد اليها ويقبل على شرائها بقوة رغم شدة سمومها فهي تتضمن اساءات بليغة للعرب والمسلمين منها على سبيل المثال كتاب الشهنامة للفردوسي الذي ينتقص من العرب ورباعيات الخيام والمثنوي والمثالب والعشرات غيرها، وهي تباع بأسعار بخسة لاعلاقة لها بكلفتها الباهضة امام انظار الرقيب العربي المغفل أو الغافل!
في معرض الكتب الدولي المقام حاليا في طهران تتجلى حقيقة التسامح المذهبي المزعوم في نهج ولاية الفقيه، فقد صدرت الحكومة اكثر من ( 250 ) كتابا لأنها تتحدث عن تأريخ قوميات ايرانية غير فارسية كالعرب والاكراد والبلوش مثل كتاب ( التأريخ السياسي للأكراد ) للمفكر آية محمدي او كتب تناولت مشكلة الخليج العربي. المثير في الأمر هو منع كتب اسلامية قديمة مثل كتاب ابن قيم الجوزية المسمى ( الأمثال في القرآن ) ! كما منعت مشاركة معظم الكتاب المحسوبين على التيار الإصلاحي مثل إبراهيم نبوي وأكبر كنجي وهاشم آغاجري رغم حصولهم مسبقا على اذن بالمشاركة في المعرض!
كما منعت اكبر وأهم دور نشر كتب السنة ( دار صديقي ودار الفاروق ) من المشاركة في المعرض بالرغم من حصولها على تراخيص المشاركة، والطريف ان داري النشر بُلغت بأمر المنع في يوم إفتتاح المعرض بعد ان هيأت جميع مستلزمات المشاركة!
بعد هذه المقدمة هل ستجرأ معارض الكتب العربية سيما الخليجية منها على إتخاذ خطوة مماثلة ضد كتب الانحراف الصفوي وتصادر الكتب المسيئة للعرب والمسلمين التي تسمي الخليج العربي بتسمية أخرى؟ هل سيدعم العرب ويشجعون مراكز البحوث والدراسات والكتاب والمفكرين على تدوين ونشر كتب حول عروبة الخليج والاحواز ونضال الاكراد ومنظمة حزم لتحرير الاحواز ومعاناة السنة في ايران؟ وهل ستقوم دول الخليج بإعادة طبع وتوزيع كراسات عن عروبة الاحواز وجهاد اشقائنا الاحوازيين في التحرر من براثن الاستيطان الفارسي الغاشم؟ ( سبق إصدارها سلسلة منها في العراق خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ) .
ما الضرر من مشاركة منظمة حزم كمراقب في اجتماعات الجامعة العربية كخطوة تمهيدية للإعتراف بالمنظمة لاحقا؟ اليست تلك ضربة قاضية في رأس النظام المتغطرس تصيبه بالدوار فيترنح يمينا وشمالا؟
بعد الزيارة المشؤومة للرئيس نجادي لجزيرة ابو موسى العربية المً يكن الاجدر بمجلس التعاون الخليجي ان يدعو منظمة حزم كمراقب دائم في اجتماعاته الدورية بدلا من التصعيد العسكري بإجراء مناورة؟ وايهما أكثر فعالية مشاركة منظمة حزم في المجلس أم المناورة العسكرية؟

كي لا تغتصب فلسطين اخرى.. البحرين خط احمر

صلاح المختار
هنالك فرق كبيـر بيـن مَنْ يمسحُ دموعك وبيـن مَنْ يُبعدك عن البكاء
مثل عالمي
تقع الكوارث وتحصل الهزائم حينما يعجز المرء عن التمييز بين التحدي الرئيس والتحديات الاخرى الاقل اهمية والتي تتراوح بين الثانوية و المهمة ولكنها تابعة للتهديد الرئيس لانها اقل خطورة منه ظرفيا او موضوعيا. فاي معركة تتقرر نتائجها في ضوء الفهم الصحيح للصلة بين التحدي الرئيس والتحدي او التحديات الثانوية فمثلما لا يستطيع الفرد في حياته تحقيق النجاح الا اذا عرف هدفه الرئيس وسعى الى تحقيقه متجنبا الضياع في الازقة والفروع الثانوية فان الامم لا تسلم من التهديدات بمجرد الرغبة والتمني بل لابد من تمييز دقيق بين ما هو تهديد للهوية والوجود وبين ما هو تهديد لنظام او حالة سياسية محددة، او مشكلة داخل امة او شعب ما.
والديمقراطية وحقوق الانسان، اذا افترضنا انها دعوات نزيهة وخالية من الغرض السياسي المسبق، فانها مطلب سياسي يصبح اساسيا فقط ولابد منه في الحالات الطبيعية التي ليس فيها تحديات كبرى وخطيرة للسيادة او امن البلد او هويته ووجوده، لكنه يصبح مطلبا موضع دراسة وتمحيص اثناء الازمات الكبرى كالحروب او الصراعات الحادة التي توصل الى حافة الحرب، خصوصا حينما يكون هناك حصان طروادة في الداخل يعمل لصالح العدو في الخارج، في تلك الحالات المختلفة راينا جميع الدول تقدم انظمة الطوارئ على الديمقراطية وحقوق المواطن وتقيدها، واحيانا تجمدها، لامد مفتوح مادامت الحرب قائمة او انها على وشك ان تقع وما دام التحدي الخطير يهددد الكيان الوطني. والسبب واضح جدا لمن يعي، ولمن يريد حقا ان يفهم، وهو ان حالات الطوارئ لا تواجه بالديمقراطية بل بالاجراءات الامنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية الصارمة وغير ذلك، وهي كلها تقع في خانة الاوامر المركزية الواجبة التنفيذ بلا اطباء او نقاش لان الامة والشعب في خطر وعلى الجميع التقيد بتنفيذ واجبه الوطني في الدفاع عن الوطن وفقا لامكاناته واختصاصه.
وتجميد الديمقراطية والدستور ومنح رئيس الدولة او رئيس الوزراء حسب النظام السياسي صلاحيات مطلقة لاجل (حماية الامن الوطني) او (المصالح العليا للامة) من السمات البديهية للعمل اثناء الازمات الكبرى. حدث هذا في اعظم الديمقراطيات المعاصرة في بريطانيا وامريكا مثلا اثناء الحربين العالميتين، وحدث في احداث اقل اهمية بكثير من الحرب مثل هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة الامريكية حينما فرضت امريكا واوربا ضوابط صارمة امنيا وعسكريا وسياسيا وحتى فكريا فقلصت حقوق مواطنيها واخضعتهم لمراقبة صارمة جدا وصلت حدود اختراع اجهزة ترى ما تحت الملابس بالاضافة للسماح بمراقبة الرسائل والانترنيت والتحقيق مع المواطنين واعتقالهم بدون امر من محكمة كما كان الحال في السابق.
وتحت غطاء حماية الامن الوطني الزمت امريكا الجميع داخلها بالتقيد بما يسمى بـ (الاجماع الوطني) وشنت بدعم دول اوربية حروبا شرسة واحتلت بلدان منها يوغوسلافيا والعراق وافغانستان وليبيا، والغت مفهوم السيادة وتعدت على حرمة سيادة دول اخرى. اما حلف النيتو فقد غير ستراتيجيته التقليدية منذ عام 1999حينما وسع نطاق تدخله ليشمل كل العالم بعد ان كان مقتصرا على امن اوربا طوال تاريخ وجوده، والاخطر انه قرر شن الحروب في كل مكان بدون موافقة الامم المتحدة في تجاهل تام ومباشر للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة اللذان وضعهما الغرب ذاته وغير ذلك من اجراءات الامن والحماية المسبقة !
لماذا ؟ لان بعض الخطر او التهديد الذي لم يصل ابدا لمستوى الحرب او تهديد كيان الدولة او الهوية بدأ يلوح في الافق ! ولا ندرك معنى هذا التوجه الا تذكرنا ان امريكا واوربا كيانان مستقران وتحكمهما المؤسسات الدستورية ولديهما حماية نووية ويملكان تفوقا مطلقا تكنولوجيا وماليا وتتمتعان بالاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ولديهما مستوى عال من التعليم والثقافة والوعي والانضباط الاجتماعي ...الخ الامر الذي يجعلهما قادرتان على احتواء بعض الخطر بدون اللجوء لقوانين الطوارئ لكنهما لجأتا اليها لاسباب عديدة اهمها تجنيب البلد احتمالات ولو ضعيفة لمواجهة كارثة وطنية كيرى، من هنا فان اللجوء لقوانين الطوارئ في بلدان ضعيفة ومتخلفة وليس فيها مؤسسات دستورية ولا امكانيات ردع نووي او عسكري فعال وتفتقر للتقدم التكنولوجي والمصادر المالية الكافية لخوض صراع طويل معقد وتواجه تحديات خارجية خطيرة جدا اكثر ضرورة واهمية من لجوء امريكا واوربا لها.
اذن حالات الطوارئ ومستلزماتها، وفي مقدمتها تجميد حقوق المواطن الديمقراطية واخضاع الديمقراطية وحقوق الانسان للمصلحة العليا للامة واعتبارها فرعا يمكن التفريط به اذا كان الاصل في خطر وهو وجود الدولة والامة او هويتها، ليست من اختراع العالم الثالث المفتقر للديمقراطية وحقوق الانسان اصلا بل هي من ضمن اطر تفكير وممارسات وبديهيات الغرب الديمقراطي والليبرالي.
في ضوء ما تقدم لابد من طرح السؤال التالي: هل البحرين تواجه ازمة ديمقراطية ؟ ام ازمة وجود وكيان وهوية ؟ وهل البحرين تخضع للقواعد ذاتها التي تخضع لها كل دول العالم ام لا ؟ الجواب نعم البحرين تواجه ازمة ديمقراطية منذ زمن، وثمة مظالم وتمييز طائفي واضح جدا يمارس من الطرفين وليس من النظام فقط، وهذه حقيقة يجب الانتباه اليها في مجرى الحوار والنقاش لان غيابها واتهام طرف واحد فقط بانه طائفي ونسيان طائفية الطرف الاخر يشكل مثلبة في منطق الحوار الموضوعي، لابد من التأكيد بلا غموض بان من حق شعب البحرين التخلص من الاضطهاد والظلم الممارس عليه من الطرفين المعارضة التابعة لايران والنظام.
منذ زمن الشاه كانت ايران تعلن بلا مواربة ان البحرين محافظة ايرانية ووضعت ممثلا لها في البرلمان الايراني يتكلم باسمها وهذا الحال ازداد بعد وصول الملالي للحكم حيث تكثفت الجهود التي كان الشاه يقوم بها لضم البحرين ومنها زيادة الهجرة الايرانية للبحرين، لو درسنا اصول سكان البحرين لوجدنا نسبة كبيرة جدا ممن لديهم جنسية بجرينية من اصول فارسية صرفة. كان ذلك تمهيد الشاه لضم البحرين بقوة الاغلبية السكانية وليس بالقوة العسكري لان البحرين قاعدة بريطانيا ثم اصبحت قاعدة امريكية. وكان النظام غير مدرك لخطورة الهجرة الايرانية نتيجة اعتماده على الدعم البريطاني والامريكي، لذلك كانت عملية منح الجنسية للعرب من خارج البحرين محدودة جدا وصعبة جدا في حين ان الايرانيين كانوا يحصلون على الجنسية البحرينية بسهولة وبصورة جماعية ويسرحون ويمرحون في البحرين حتى من لا يحمل الجنسية البحرينية منهم. وكانت سياسة الشاه تجاه البحرين تتميز بوجود ثغرة كبيرة ادت الى فشل توفير مسلزمات ضم البحرين بوسائل ديمقراطية ومنها ان نزعته القومية الفارسية كانت توحد كل البحرينيين سنة وشيعة ضد سياسته، لذلك كانت امكانية ضم البحرين بالوسائل الديمقراطية مستحيلة لوجود اغلبية بحرينية شعبية ترفض ذلك بقوة.
لكن حكم رجال الدين غير الوضع فقد بدأ باعادة تثقيف بعض شيعة البحرين لضمان جعل الولاء للطائفة اقوى من الولاء للقومية والوطنية، واستغلت اخطاء النظام في هذا المجال لبناء تحشيد طائفي كبير يسمح بتوفير عدد كاف لاستخدام الديمقراطية وسيلة لضم البحرين، ورغم عدم توفر الاغلبية الكافية الا ان سياسة ايران بعد اسقاط الشاه والتي تسترت خلف شعارات حبيبة على قلوب العرب والمسلمين مثل دعم القضية الفلسطينية ومحاربة الشيطان الاكبر (امريكا) والشيطان الاصغر (اسرائيل) نجحت في كسب بعض العرب الشيعة في البحرين وبعض العرب السنة من الوطنيين والقوميين العرب المناهضين لامريكا والصهيونية.
وهكذا برزت امكانية ضم البحرين بلا حرب عن طريق توحيد الاحتياطي الايراني (ذوي الاصول الفارسية) مع بعض الشيعة العرب الذين تعرضوا للتمييز ومع قوى وطنية وقومية تناهض امريكا والصهيونية. وطبقا لضرورات هذه الخطة كان لابد من ان تبدو ايران اشد مناهضة لامريكا من كل العرب فكان حزب الله اللبناني هو الاداة الرئيسة التي وفرت لها واحدا من اهم اهدافها الامبريالية وهو الغطاء العربي للتغلغل الايراني في الوطن العربي وتوفير حماية لعملية توسيع نفوذ ايران في البحرين سياسيا وسكانيا. وتحت غطاء مناهضة وجود امريكا وبريطانيا في البحرين والدعوة لتحقيق الاصلاح والديمقراطية نشأت صلات كانت محرمة في عهد الشاه بين وطنيين وقوميين بحرينيين وبين اتباع ايران، ونتيجة لعوامل عديدة تقاربت المواقف بين هذين التيارين المتعارضين بشدة اصلا لان احدهما مع ضم البحرين لايران والثاني ضد ذلك.
هنا بدأت اللعبة الايرانية والتي دعمتها امريكا لاحقا وهي التركيز على جعل الديمقراطية والاصلاح هي المطلب الاول والاهم في البحرين وانزال مرتبة تحدي الهوية القومية للبحرين الى مستوى القضية الثانوية، وفرض هدوء مؤقت في ايران على الحديث عن ضم البحرين اليها، ولذلك لم يستفز هذا التقارب المريب الوجدان القومي العربي لبعض عناصر التيار القومي في البحرين كثيرا وان استفز الوجدان القومي العربي خارج البحرين بقوة، لان العرب يرون ايران من زاوية اخرى، هي الزاوية الاصل والزاوية الرئيسة التي لا تفهم ايران على حقيقتها من دونها، وهي زاوية غزو ايران للعراق بالمشاركة مع امريكا وغزوها للاحواز والجزر العربية ودعوتها التبشيرية الطائفية في الوطن العربي والتي خلقت رد فعل قوي ضد ايران. اما في البحرين فان سايكولوجيا الجماهير مـتاثرة بقوة بالحالة البحرينية وهي حالة اختراقات للديمقراطية وفساد وتمييز بالاضافة للوجود الاستعماري الغربي المباشر فيها، لذلك اختلطت على بعض الوطنيين والقوميين عوامل الصراع وتداخلت، وفي حالات كثيرة غطت مسألة الديمقراطية والحقوق، وهي مسألة فرعية من زاوية عملية ومبدأية، على مسألة جوهرية وخطيرة وهي مسألة الهوية العربية للبحرين، لانها مسألة وجود يتعرض للقضم التدريجي سكانيا من قبل ايران فغيبت هذه المسألة عمدا، والاهم التمويه على درجة النجاح التي وصلتها ايران في التمهيد لضم البحرين.
ان السؤال الحاسم الذي يبين ويحدد قيمة الديمقراطية في حالة البحرين تحديدا هو التالي: ما فائدة الديمقراطية اذا ضمت البحرين لايران ؟ الديمقراطية تصبح مصدر قوة هائلة فقط في وطن مستقر وبلا تهديدات وجودية خارجية ويخلوا من خيول طروادة ولكن في وطن يتعرض للتهديد الخارجي وفيه عدد كبير من خيول طروادة فان تقديم الديمقراطية على الهوية او الامن الوطني لن يكون الا بطاقة مرور للاحتلال او لتغيير الهوية. وعلينا ان تذكر بان ايران لن تلتزم بالمعايير الديمقراطية بعد ضم البحرين وستعاملها بقسوة اشد مما عاملت وتعامل عرب الاحواز وعرب العراق، وفاقد الشيء لا يعطيه وايران الملالي يحكمها نظام هو الاشد ديكتاتورية واستبدادا في العالم كله، وهو اقسى واشد من انظمة الاستبداد الخليجية، لانه يحكم باسم الولي الفقيه وهو خليفة الله في الارض واوامره لا ترد ابدا وطاعته واجبة على الجميع.
كان البعض يتوهم، او يوهم نفسه، بان ثمة عاملان يمنعان ايران من الاستفادة من تحالف وطنيين وقوميين مع عملاء ايران في البحرين وهما:
1 – ان الحماية الدولية للبحرين تمنع ايران من تحقيق هدفها الخطير، وكانت شواهد العقود السابقة تدعم هذا الاعتقاد لان البحرين كانت محمية من قبل الغرب فعلا. ولذلك فان الاعتقاد بان البحرين محمية وان ايران لن تتجرأ عل تحدي العالم كان صحيحا ولكن حتى عام 2011 حيث تغير كل شيء كما سنرى.
2 – الاعتقاد بان تحالف عناصر من التيار القومي العربي البحريني مع عملاء ايران يحكمه ميثاق تحالف وطني ملزم يمنع ضم البحرين ويؤكد على استقلالها. كما ان نضال من يتحالف مع عملاء ايران ضد الضم عامل مهم يمنعه.
هل هذين العاملين لهما قوة الزام حقا وواقعا ورسميا ؟ الجواب بالنسبة للعامل الاول نجده في واقع الموقف الرسمي للولايات المتحدة الامريكية الذي تطابق مع الموقف الايراني القائم على اسقاط النظام البحريني، فلاول مرة في تاريخ البحرين الحديث تقف امريكا وبريطانيا ضد النظام البحريني علنا ومباشرا، وما الحملات باسم حقوق الانسان التي تشنها المنظمات التابعة لامريكا، سواء كانت امريكية او عربية تمولها امريكا، على النظام البحريني منذ عام 2011 وحتى الان الا مظهر واضح جدا للموقف الامريكي. كما ان الحكومة الامريكية والكونغرس الامريكي وقفا مع الحملة ضد حكومة البحرين وهي حملة تستهدف دون ادنى شك التمهيد لاسقاط النظام تماما كما فعلت امريكا في تونس ومصر حينما كان لدعمها لمطلب اسقاط النظامين الاثر الحاسم في منع النظامين من استخدام كل ما يملك لسحق الانتفاضة الوطنية كما فعل السادات في عام 1977.
هذا التغيير الخطير في الموقفين الامريكي والاوربي قلب كل المعادلات في البحرين ووضعها على كف عفريت فلاول مرة تصبح البحرين مكشوفة امام ايران وبلا رادع كان موجودا لعدة عقود، وكان مفترضا بالقوى الوطنية والقومية ان تفهم حقيقة ما جرى وتصل لادراك ما يترتب عليه من نتائج ميدانية، ومنها ان النظام لم يعد لديه درع رادع قوي الامر الذي يعزز اندفاع ايران لضم البحرين ولكن بهدوء اكبر وان كان اشد مادامت امريكا وبريطانيا اللتان كانتا تحميان البحرين قد تخليتا عنها رسميا، وذلك بحد ذاته تشجيع رسمي وفعلي لايران لزيادة اصرارها على ضم البحرين. ومن البديهي وفي ضوء ما تقدم ان مسألة رجعية وفساد النظام ولا ديمقراطيته تتراجع الى الخلف بقوة وتحل محلها وبقوة اكبر مسألة حماية هوية البحرين ووجوده ككيان وطني عربي، وتلك مسألة تحررو طني بلا ادنى شك.
واذا اضفنا عوامل خطورة اخر ى على البحرين في مقدمتها اسقاط النظام الوطني في العراق واحتلاله وتدميره والذي كان عامل ردع قوي لايران جعلها خلال العقود السابقة لاسقاطه اكثر حذرا في الاقدام على اي خطوة استعمارية، والتقزيم البطئ للدور المصري وتهميش الدور السعودي من قبل امريكا، واشعال ازمات عام 2011 التي همشت كل الانظمة العربية ودفعتها في دوامة البحث عن النجاة وهكذا خلت الساحة كليا لايران ولم تعد تخشى احدا لا من العرب ولا من الاجانب.
بل وتجنبت ايران كثيرا استفزاز دول الخليج كما كانت تفعل لانها تريد طمأنتها واطفاء قلقها لضمان ضم البحرين بهدوء وعند تحقق ذلك، لا سامح الله، فان ايران تكون قد بدأت لعبة الدومينو الخليجية فسقوط البحرين في قبضتها سيكون عبارة عن خطوة ستعقبها خطوات اخرى متتابعة في كل دول الخليج العربي والسعودية معتمدة على حماس عملاء ايران هناك الناتج عن ضم البحرين وغياب اي رادع عربي او دولي.
والسؤال الملح والاساسي هو: هل تغيير الموقف الامريكي والاوربي من البحرين يخل بالمعادلات داخل البحرين ؟ ولصالح من ؟ بكل تأكيد اختل ميزان القوى داخل البحرين وخارجها لصالح ايران وامتلكت ايران (كارت بلانش) امريكي اوربي يسمح لها بضم البحرين بطرق ديمقراطية وبلا عنف كثير، ففي داخل البحرين لدى ايران جالية فارسية كبيرة ولديها بعض شيعة البحرين العرب، كما ان لديها بعض عناصر التيار القومي العربي متحالفين مع عملاءها ويعملون في اطار ستراتيجية تخدم ايران مباشرة وبلا ادنى شك وهي اسقاط النظام والاحتكام للديمقراطية وحقوق الانسان، وتلك صيغة تتفق عليها امريكا وايران وتسمح بضم البحرين بعد اسقاط النظام واقامة حكومة مؤقتة وانتخاب برلمان تكون مهمته الاساسية التصويت على ضم البحرين لايران بعد تمهيد لن يطول.
الخطأ القاتل في فهم بعض عناصر التيار القومي هو انهم لم يفهموا معنى ونتائج التغيير الخطير في الموقف الغربي تجاه البحرين، ولكن اذا كان الامر ليس عدم فهم فاننا امام حالة اختراق استخباري ايراني خطيرة لعناصر محددة في التيار القومي العربي في البحرين، وليس لدينا تفسير مقنع لعدم انتباه تلك العناصر لاهمية وخطورة تغيير الموقف الغربي سوى ما سبق ذكره.
اما العامل الثاني وهو الاعتقاد بان عملاء ايران سيلتزمون بميثاق وطني يدعم استقلال البحرين، وان ايران في تلك الحالة لن تستطيع ضم البحرين فهو الاخر سقط فثمة حقيقتين لابد من الانتباه اليهما اذا كان المطلوب حقا هو الفهم الصحيح لما يجري في البحرين:
أ‌- الحقيقة الاولى هي ان تغيير الموقف الغربي عزز دور ومعنويات عملاء ايران مما جعلهم اكثر ثقة بان ضم البحرين قد اصبح اسهل بكثير.
ب‌- والحقيقة الثانية المغيبة عمدا لاسباب قد تكون معروفة للجميع هي ان التيار القومي في البحرين اضعف بكثير من تيار ايران، ومعادلة القوة بينهما مختلة بلا شك لصالح ايران، وبما ان حزب الدعوة البحريني (جمعية الوفاق) ينفذ تعليمات فيلق القدس بلا نقاش فان الاعتقاد بان حزب الدعوة البحريني سوف يحترم تعهداته وميثاق الشرف الوطني هو وهم قاتل ويصل هذا الوهم حد خداع الذات، خصوصا وان ايران معروفة بغدرها بكل طرف مهما كان من اجل مصالحها القومية العنصرية.
واول ما سيفعله حزب الدعوة البحريني هو تصفية حلفاء الامس من عناصر التيار القومي بلا رحمة ، كما حصل في العراق مع حلفاء حزب الدعوة رغم ان الوضع في العراق اكثر تعقيدا من حيث القدرة على تصفية الخصوم، اما في البحرين فان الوضع بكامله يشجع على تصفية دموية لعناصر التيار القومي المخلصة حالما تضم البحرين لايران. اما من سينجو ويبقى ويشرك في حكم (محافظة البحرين) الايرانية فانه دون ادنى شك ضابط في فيلق القدس من المندسين الان في صفوف التيار القومي العربي.
اذن نحن بازاء حالة غريبة جدا وهي ان بعض عناصر التيار القومي تصر على تحالفها مع حزب الدعوة البحريني رغم كل الحقائق الميدانية الكارثية ورغم التغيرات التي طرأت على الموقف الدولي والاقليمي من البحرين وكانها لا تسمع ولا ترى ولا تحس ! هل هذا الموقف بسيط ويعبر عن حق الاجتهاد ؟ كلا بالتأكيد فالاجتهاد مقبول في قضايا غير واضحة او ثانوية لكن حينما يكون الامر متعلقا بقضية مصيرية كهوية ووجود شعب وكيانه الوطني فان الاجتهاد ينحصر في مجال واحد لا غير وهو كيفية حماية الهوية والوجود من الغزو الخارجي سواء تم على الطريقة العراقية، اي بالقوة العسكرية، او بالديمقراطية والوسائل السلمية كما تريد امريكا وايران حصوله في البحرين.
ثمة من يقول بتساذج واضح جدا ومكشوف الهدف: اذا كنا نؤمن بالديمقراطية حقا فلم نخشى من تصويت الاغلبية بدعم ضم البحرين لايران ؟ هذا ليس منطق قومي عربي بل انه ليس منطق كل حريص على الحقوق القومية ومدافع عن الهوية القومية والوطنية، فنحن لسنا في انتخابات عادية في بلد عادي مستقر وبلا تهديدات خارجية حاسمة بل نحن بصدد تقرير مصير قطر عربي تعرض لتأمر طويل ونفذت خطة تغيير تكوينه السكاني منذ عقود عبر الهجرة المنظمة للفرس من ايران اليه، ثم اضيف عامل التغييرات الاقليمية والدولية التي تريد تقسيم كافة الاقطار العربية خدمة للمشروع الصهيوني، ووجدت امريكا والصهيونية في ايران خير شريك لان لديها القدرة على اختراق صفوف العرب وشرذمتهم بفتن طائفية. فهل هذا المنطق برئ ؟
ويجب الانتباه لحقيقة مركزية وهي ان البحرين كفلسطين تعرضت للهجرة المنظمة من ايران اليها حتى تكونت جالية ايرانية كبيرة ثم جاءت الفتن الطائفية لتشق عرب البحرين بين موال لايران وموال لهويته العربية، واخيرا تم اختراق عناصر في التيار القومي لاسباب عدة فاصبحت اداة من ادوات ايران، فهل اصبح البعض من هذه العناصر يتبنى دعوة بعص الخونة الفلسطينيين الذين يدعو لحل ديمقراطي لمشكلة فلسطين ؟ لقد رفض الوطنيون والقوميون العرب، وبفخر نحن منهم، هذه الفكرة وعدوها خيارا صهيونيا لانه يكرس الامر الواقع وهو الاعتراف بان من هاجر الى فلسطين مواطن وانه ابن فلسطين ويمكنه تقرير مصيرها مع انه مهاجر غريب ! الفرس الذين هاجروا من ايران واكتسبوا الجنسية البحرينية لا يختلفون عن اليهود الذين هاجروا من بلادهم الى فلسطين واصبحوا مواطنين، فهل وجود اغلبية يهودية مسوغ لقبول الكيان الصهيوني على اساس ان الديمقراطية تقول بذلك ؟
هنا نواجه مخاطر الخلط بين التهديد الاول والاخطر والمطاليب الاخرى، فالحل الديمقراطي للقضية الفلسطينية هو في الواقع اعتراف رسمي باحتلال فلسطين من قبل من لم تكن له اي صلة بالارض، وفي البحرين تبدو المسألة اوضح واخطر ففلسطين احتلت وفرض امر واقع لذلك هناك من يتحدث باسم الواقعية وقبول الحل الديمقراطي لمشاكل اضطهاد الفلسطينيين في الارض المحتلة، ولكن البحرين لم تحتل من قبل ايران بعد، لذلك فان الحديث عن الحل الديمقراطي لمشكلة البحرين سواء في مواجهة النظام او عند تقرير مصير البحرين، ليس سوى تعبير عن نهج صهيوني واضح وان تجلبب بزي ليبرالي يخفي عمامة الاستبداد الفارسي، فالطريقة نفسها التي احتلت بها فلسطين عبر الهجرة وتمويل من هاجر من قبل الصهيونية والغرب ليكن قويا ومسيطرا في فلسطين تطبق الان في البحرين، والفرق الجوهري لصالحنا حتى الان هو ان البحرين لم تضم بعد الامر الذي يعني وجود امكانية بل وضرورة جوهرية للنضال من اجل حماية عروبة البحرين ومنع تفريسها، لذلك فان فكرة الواقعية وقبول نتائج الديمقراطية، مهما كانت، موقف استسلامي لايران اشد خطورة من استسلامية السادات للكيان الصهيوني.
يبقى سؤال اخير وهو: هل تأكيدات انصار الخيار الديمقراطي بانهم واثقون من ان البحرين لن تضم لايران وانهم يعارضون بقوة ذلك تشكل ضمانة للامة بان البحرين لن تضم لايران ؟ الجواب الحاسم هو التالي: ان مصير الامة لا يتقرر في ضوء تأكيدات عناصر مهما كانت قوية بانها تضمن بقاء البحرين مستقلة بل لابد من توفير الضمانات العملية مسبقا وبشكل ملموس وواضح جدا وهذا ما عجزت عن تقديمه العناصر القومية في البحرين الداعمة لحزب الدعوة البحريني، فكيف الحال اذا كانت عناصر التيار القومي المقصودة ضعيفة جدا وبدون دعم خارجي عربي بشكل خاص مقارنة بقوة حزب الدعوة البحريني والدعم الايراني الكامل له ؟ بالتأكيد اننا بأزاء مؤامرة خطيرة تهدد وجود وعروبة البحرين وهذه المؤامرة وصلت حد النجاح في اختراق عناصر في التيار القومي وتخديرهم.
المثل الذي استخدمناه يقول (هنالك فرق كبيـر بيـن مَنْ يمسحُ دموعك وبيـن مَنْ يُبعدك عن البكاء) فهل سيأتي من يواصل دعم ايران عبر التحالف مع حزب الدعوة البحريني ليمسح دموع مئات الالاف من المهجرين البحرينيين من وطنهم بعد ضم البحرين لايران ؟ هل مسح الدموع هو الموقف الصحيح ام منع البكاء اصلا ؟