Monday, May 28, 2012

الرئاسة المصرية فوق صفيح ساخن

بثينة خليفة قاسم
عجيب جدا ما جرى في مصر، فالانتخابات الرئاسية خرجت في مرحلتها الأولى نزيهة وشفافة مئة بالمئة، ومع ذلك تجد نصف المصريين، إن لم يكن أكثر، يشعرون بالذهول بسبب ما تمخضت عنه هذه الجولة من نتائج، فبعد عام ونصف من الثورة، وجدوا أنفسهم بين أمرين أحلاهما مر.
وكأن الثورة لم تقم، لأن عليهم أن يختاروا من جديد بين الحزب الوطني المنحل أو لنسميه المحظور، وبين جماعة الإخوان التي لم تعد محظورة.
المشهد هو ذات المشهد الذي كان موجودا في كل الانتخابات التي سبقت الثورة، ولا جديد سوى أن كلمة محظورة تحولت من المؤنث للمذكر، فجماعة الإخوان كانت محظورة ولكن الآن الحزب الوطني أصبح هو المحظور، وكان الحزب الوطني يهيمن على كل شيء ويطارد الجماعة ويضيق عليها، وكانت الجماعة تمارس العمل السياسي وتدخل الانتخابات وهي محظورة تحت غطاء معين، والآن تبدلت المواقع فالحزب الوطني المحظور أصبح يمارس السياسة تحت غطاء أيضا من خلال دعمه للمرشح أحمد شفيق.
الشيء الوحيد الثابت في المشهدين هي غالبية الشعب المصري التي كتب عليها أن تظل بعيدة عن المشاركة في الحكم، رغم أن الثورة قامت على أكتاف كثير منهم.
هذا هو التفسير المنطقي لحالة الإحباط التي يشعر بها قطاع كبير من المصريين بعد أن انحصر الصراع على كرسي الرئاسة بين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، الرجل الذي كان مجهولا حتى وقت قريب، وهو رجل يفتقد للكاريزما والقبول الشخصي، وبين الفريق أحمد شفيق، الذي يطلق عليه خصومه مرشح النظام السابق أو مرشح الجيش كما قال أحد أعضاء جماعة الإخوان لقناة الجزيرة مساء يوم السبت الماضي.
فمن من المرشحين سينجح في تهدئة خواطر المصريين وإقناعهم بأنه الأنسب للمرحلة القادمة؟ هل هو مرشح جماعة الإخوان التي أساءت إدارة المرحلة الانتقالية وجلبت على نفسها الكثير من الكراهية بسبب مواقفها المتقلبة وتنكرها لبقية القوي الوطنية التي صنعت الثورة وقامت بها من قبل أن تخرج هي إلى الميدان؟ أم سيفعلها الفريق أحمد شفيق الذي يتعرض لحرب تشويه شرسة من الإخوان على مدار الساعة ويوصف بأنه من رجال مبارك وأن مجيئه للحكم سيكون بمثابة شهادة وفاة للثورة وأنه سيعيد إنتاج النظام القديم؟
هل سينجح الخطاب العدائي الانفعالي، الذي يمارسه الإخوان المسلمون منذ إعلان نتائج انتخابات المرحلة الأولى؟ أم سينجح الخطاب الودي الذي يمارسه شفيق ووعوده بعدم العودة للوراء وعدم إعادة النظام القديم؟
في كل الأحوال سوف تكون المعركة غاية في الشراسة بين الطرفين وسوف تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة وسوف ترتفع حرارة المشهد السياسي في مصر خلال الأسبوعين القادمين بشكل لم يسبق له مثيل.
ولكن أخطر شيء يتعلق بهذا المشهد هو عدم قبول قوى معينة بنتائج الانتخابات والتهديد بالنزول للشارع مجددا أو العودة إلى نقطة البداية والقيام بثورة جديدة.

الصيرفة والمناصب الحكومية في قبضة الإخوان

حمد الهرمي
نجح تكتيك جماعة الإخوان المسلمين في ابتزاز الجماهير عبر حاجاتهم الأساسية فشكلوا قاعدة لا يمكن ان تتأثر حينما تنكشف المخططات في لحظة الاستحقاقات السياسية، وبناء على هذا النجاح بدأ الإخوان مرحلة جديدة في منتصف تسعينيات القرن الماضي او قبل ذلك بقليل حيث انتقلوا الى تكتيك أكثر قربا من القرار ليزحفوا الى قطاعين اساسيين وهما المناصب الحكومية من جهة ومن جهة ثانية العمل المصرفي والمالي، لتصبح كماشتهم مكتملة على نواحي الحياة.
في الكويت والبحرين على حد سواء - وربما الكويت سبق الإخوان فيها في حركتهم - نجح تيار الإخوان في اقناع الانظمة بالاعتماد على كوادرهم في قطاعات حساسة مثل المعلوماتية والمساعدات والاسكان والمؤسسات الاكاديمية وبعض الشؤون التي لها علاقة مباشرة بالناس، وهذا ما مكنهم من تحقيق احد اهم اهدافهم وهو مضاعفة اعداد جماهيرهم بسبب المنافع التي يحققونها للناس بأموال حكومية حيث استطاعوا ان يقنعوا الناس بان تلك الحقوق التي حصلوا عليها انما هي اعمال خير يقدمها كوادر الإخوان المسلمين وهي ما أوصلتهم الى المقاعد النيابية فيما بعد كرد للجميل من قبل الناس لهم.
اما هجومهم على قطاع المصارف وعالم المال فقد بدأ بهدوء تام حتى تغلغلت كوادرهم في كل ارجاء ومفاصل الاقتصاد خصوصا الصيرفة، ولم ينس الإخوان المسلمين ان يبتكروا وسيلة جديدة تمكن كوادرها من خوض غمار الجانب الربوي دون ان ينعكس على تيارهم ذو الشكل الاسلامي بأدنى ضرر، فأشاعوا عن عدد ليس بقليل انهم منشقين او متقاعدين من العمل السياسي الحزبي وانهم اصبحوا بمعزل عن تيار الإخوان المسلمين او ما كان يسمى به هذا التيار ابان فترة حضره رسميا كحزب مكتمل الملامح، وبهذه الخطة انتشر عدد ليس بقليل من كوادر الإخوان السابقين كما يحلوا للإخوان تسميتهم.
المتابع لحركة الإخوان يعرف جيدا ان هذه الانشقاقات تمثيلية تكتيكية والدليل هو عدم وجود أي أدبيات او آثار لأسباب جدية لهذه الانشقاقات كما لم يسجل التيار في كل بلد أي اهتزاز سواء على الصعيد الاداري او على صعيد الجمعيات العمومية ونقاشاتها، لتنكشف حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي ان تلك حركة استراتيجية لأمر سينكشف فيما بعد، لتشاء الصدف ان اغلب هؤلاء المنشقين يمتهنون الجانب الاكاديمي والمصرفي.
سيطر الإخوان المسلمين في غضون عشر سنوات من العمل المتواصل على الصيرفة الاسلامية في العالم العربي وصار لهم ثقل اقليمي مشهود، كل ذلك هو تمهيد لمرحلة حكم الإخوان للدول العربية حيث ستتوجه الطاقات المالية لكل دولة يستحوذ الإخوان على النظام فيها، ولمن يريد التأكد فليتأمل تونس اليوم وليركز على حركة المصارف الاسلامية التي بدأت تعد تقارير أهمية الاستثمار في تونس، ستحتشد البنوك الاسلامية لدعم تجربة الإخوان في مصر وتونس بصورة مرئية، لن تعوز خبرات الإخوان من المصرفيين الدراسات التي ستدعم موقفهم المهرول للاستثمار في هاتين الدولتين الواقعتين تحت مخالب الإخوان المسلمين، طبعا للمصرفيين الإخوان اصدقاء من الخارج يرغبون في الاستفادة سيتم حشدهم ايضا لكي لا تكون الشبهة واضحة في التكتيكات والخطط.
في البحرين سنلاحظ حركة المصارف الاسلامية وتوجهها الحثيث لدعم تونس ومن ثم مصر اذا تأكد فوز مرشحها مرسي في الانتخابات الرئاسية حتى تلك اللحظة سيكون التركيز على تونس التي اصبحت في قبضة الإخوان بصورة كاملة، وهذا ما يعزز فكرة ان تيار الإخوان في العالم العربي انما هو فروع لأصل موجود في مصر، وهذا يجعلنا نراجع حساباتنا مرارا كنظام وكتيارات بان أممية هذا الحزب تجعل من الصعب التعامل معه بذات المعايير الوطنية التي نطبقها في علاقتنا مع التيارات الاخرى، وهذه ذات المشكلة مع التيارات الشيعية التي اكدت عبر التصريح والتلميح ان مرجعيتها الفكرية والحزبية خارج اسوار الدولة.
هل ستعتبر الانظمة الخليجية تيار الإخوان الدرع الذي ستواجه به بقية التيارات كما فعلت دول اخرى لتجد نفسها في قبضة الإخوان ولتتجرع بعدها الحقيقة المرة وهي ان الإخوان هم من كانوا يستخدمون الجميع دروعا واسلحة لبلوغ اهدافهم الكبرى في السيطرة على قرار الدول العربية من المحيط الى الخليج؟
ان التعامل مع فروع جماعة الإخوان المسلمين في الخليج العربي بمعزل عن الحقائق اليومية التي تتحقق في العالم العربي على اثر الفوضى الخلاقة والربيع العربي لا يمكن عدها ضمن الحصافة السياسية او الحكمة في ادارة الدولة وتأمين مستقبلها، فكلنا يعرف ما فعله الإخوان في مصر ضد شركائهم في ميدان التحرير حينما تحالفوا مع المجلس العسكري في فترة من عمر الثورة المصرية لينقلبوا عليهم حينما جاء امر صياغة الدستور والانتخابات الرئاسية وها هم اليوم بعد ان ضمن مرشحهم مرسي بلوغ مرحلة الدور الثاني في انتخابات الرئاسة المصرية، يدعون الى لقاء من اسموهم بشركاء الثورة ورفقاء درب التغيير، تخيلوا قبل اسابيع قليلة كانوا يناصبونهم العداء ويتحالفون ضدهم واليوم بناء على المصلحة يطلقون عليهم شركاء الثورة، ويستثيرون فيهم حماسة ضد شفيق باعتباره من سيعيد انتاج النظام السابق.
كلنا نعرف ان السياسة لها شروط واساليب وان عدو الامس هو حليف اليوم لكن ليس بهذه المدد الصغيرة يعني الحلفاء يتبدلون بالنسبة للإخوان كل اسبوع وفي هذا اشكالية اخلاقية في العمل، لكن لا يهمهم ذلك فهم سيذهبون لصباحي وسيغرونه بمنصب نائب رئيس الجمهورية في مقابل وقوفه مع مرسي واستقطاب ناخبيه في الدور الثاني ضد شفيق، دون شك سيأكل الطعم صباحي لان الإخوان يعرفون جيدا ان كل المرشحين يعشقون الضوء ولن يجدوا افضل من وعود الإخوان التي لن تكون كلها صادقة.

مصر.. عود على بدء ما الذي حدث

أحمد سند البنعلي
عيون العرب بمجملها كانت متجهة إلى مصر يومي الانتخابات الرئاسية في مصر فكما شدت مصر الأمة العربية إلى الوراء طوال أربعة عقود من الزمن وشدتها إلى الأمام قبل ذلك فإنها ستقود أمتها في السنوات القادمة ولكن لا ندري إلى أين لذلك يتابع الجميع ما يجري خوفا من المستقبل ألا يكون كما يتمنى العرب. الجميع دون استثناء تابعوا ما يجري وسير العملية الانتخابية طوال يومي الانتخاب وبالذات اليوم الأخير من الجولة الأولى لأنه كان يوم تحديد من سيدخل الجولة الثانية وكانت النتيجة صادمة للأغلبية من الشعب المصري والعربي وبالذات أولئك الذين يرغبون في التغيير والدفع بالأمة إلى الأمام وأسقط الصندوق الأفضل من المرشحين وأتى بالأدنى في الجودة، فهل سارت العملية الديمقراطية كما يجب أن تسير أم شابها ما يشوب الديمقراطية العربية كالعادة من تحويل للمسار وتوجيه الصندوق من خارجه دون تدخل في كتابة الأوراق التي بداخله.
الغريب ليس وصول محمد مرسي مرشح الإخوان للجولة الثانية مع عدم استحقاقه لذلك مقارنة بمن معه من المرشحين ولكن السيئ والغريب هو أن يعطي الشعب المصري صوته لأحمد شفيق الذي كان قد طرده ميدان التحرير من منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فهو جزء فاعل في النظام السابق الذي ثار عليه الشعب المصري وخرج من النافذة ليعود – لو عاد لا سمح الله - من أوسع الأبواب.
أخفق «حمدين صباحي» وبفارق ضئيل عن أحمد شفيق في الوصول إلى الجولة الثانية مع انه كان أفضل المرشحين وأقدرهم على تحقيق مطالب الشعب المصري وثورته وأخفق عبدالمنعم أبوالفتوح مع أفضليته على شفيق وغيره ولو وصل حمدين للجولة الثانية لتمكن من الوصول إلى سدة الرئاسة أيا كان منافسه عليها ولكن الصناديق قالت أمرا آخر وعلى الجميع الخضوع لذلك التحديد مع مرارته وسوءته السياسية.
دخل مرسي المنافسة على سبيل الاحتياط بسبب الخوف من استبعاد خيرت الشاطر وحصل على المركز الأول مع أنه يقل كثيرا في قدرته عن الآخرين الذين أخفقوا وسيقود مصر لو تكمن من الفوز في الجولة الثانية إلى اتباع مرشد الإخوان المسلمين أي أنه سيعيد مصر إلى القرار الفردي الواحد الصادر من مرشد الجماعة وسيعمل على إقصاء معظم مكونات الشعب المصري وبالتعاون مع مجلس الشعب عن المشاركة في صنع القرار السياسي بل ربما سيقود حملة انتقامية من اغلب التيارات التقدمية لمدة أربع سنوات هي المدة المقررة دستوريا لمنصب الرئيس مع أن تنظيم الإخوان سيعمل بكل طاقته على عدم ترك الحكم والتمسك به مهما كان الثمن بل قد يجيرون كلمة الديمقراطية ويحولوها إلى صورة فقط تخدم أهداف الجماعة فقط، وشفيق الذي دفع به المجلس العسكري بالتعاون مع جميع من تضرر من ثورة الشعب المصري ليترشح ومنهم رأس المال الذي دأب على امتصاص دم الشعب طوال حكم الرئيس المخلوع ولا نستبعد تعاون الكثير من الأطراف الخارجية صاحبة المصلحة في عدم التغيير في مصر، كل أولئك كانوا وراء شفيق في حملته ووراء الأموال غير الطبيعية التي توفرت له في تلك الحملة ومثلوا عناصر الثورة المضادة التي وجدت بابا مفتوحا لتحاول من خلاله العودة للهيمنة على مقدرات مصر ومتابعة تبعيتها وعدم استقلالها.
الفوز بالرئاسة سيكون لواحد من اثنين، إما تنظيم لم يشارك في الثورة من بدايتها ولم يكن له دور في تنظيمها ودخل فيها بعد أن اطمأن إلى أنها تسير إلى الأمام فاستفاد من نتائجها على حساب من فجرها وقادها، أو جهة ناهضت الثورة علنا وحاولت وأدها والانقلاب عليها ووجدت في صندوق الانتخاب ورأس المال الوسيلة المناسبة لتحقيق تلك الغاية.
لقد أضحى الشعب المصري بهذه النتيجة في موقف لا يحسد عليه وبين نارين نار تنظيم الجماعة الذي لن يترك الحكم لو وصل إليه ونار العودة إلى حكم التخلف الذي كان عليه النظام السابق وصار القرار صعبا على الجميع وقد يفتح الباب للعودة إلى الساحات الشعبية لمقاومة ما هو قادم.

مجزرة الحولة، وماذا بعد

أحمد مبارك سالم
تتوالى الأخبار وتتوالى المشاهد التي تبين بشاعة النظام السوري الحاكم عجل الرحمن بزواله، فمنذ أكثر من عام والمجازر تترا وسوريا أوقعها النظام في مستنقع من الدماء لا يُعرف كيف ستخرج منه، ولعل رمضان القادم قد يجلب لنا بشارات النصر على هذا الطاغية الذي أجرم في حق شعبه وفعل بحقه مالم يفعله غيره من الطغاة لا من قبل ولا من بعد.
وآخر ما طالعتنا به الأخبار المقروءة والمصورة والمرئية تلك المجزرة التي بينت بشاعة الانتهاكات التي يقوم بها هذا النظام، وما خفي كان أعظم، حيث أقدم النظام على سفك وقتل أكثر من خمسين طفلاً، فأين الوفاق التي تدعي السلمية وتبين ألا فرق بين السنة والشيعة لتستنكر هذه الجريمة كما استنكرت من قبل أي جريمة أخرى تنتهك في فلسطين أو في غيرها.
إن مجزرة الحولة التي تعتبر إحدى مناطق محافظة حمص ينبغي أن تكون علامة فارقة في إعادة البناء لمواقف الحكام العرب والمجتمع الدولي من الأزمة السورية، فما جرى في هذه المجزرة، ومن قبلها مجازر سابقة يندى لها الجبين، فإلى متى هذا الصمت العربي والدولي، وإلى متى ستستمر البعثة الدولية لكوفي عنان ترسل المراقبين وتطرح المبادرات ولا شيء يتحرك على أرض الواقع.
إن المراقب لما يجري في سوريا يعلم علم اليقين بشاعة الحرب الطائفية التي يمارسها النظام في حق شعبه، وذلك على الرغم من أن بداية الانتفاضة الشعبية كانت تمثل بكل سلمية مطالبات بالحرية والعدالة الاجتماعية، والتي واجهها النظام السوري بأبشع ما تكون عليه الجريمة النكراء، حيث ما زال مع توالي الأيام والليالي، وبعد مرور أكثر من سنة على الثورة السورية الشماء يمارس أبشع صور التعذيب والتنكيل بشعبه، وذلك بدعم إيراني معلن، وصمت عربي ودولي مطبق، فإلى متى سيظل الحل السلمي والاستنكار والاستهجان هو المعبر عن الموقف من الجرائم البشعة التي يرتكبها النظام السوري؟
إن الوقت قد حان لبناء موقف أكثر صرامة من الدول العربية والمجتمع الدولي من هذا النظام الذي لا يمانع أن يبيد أي فرد من الشعب السوري بمجرد أن يعارضه بالكلام، وهو على ذات النسق الذي يمارسه النظام الإيراني بحق شعبه، ولعل الحل العسكري الذي أرى أن بوادره تلوح في الأفق سيكون آخر الدواء لصلف وتعنت هذا النظام البائس الذي لا يفرق بين طفل أو كهل أو امرأة، فالكل أمامه سواء في مواقفه المخزية من شعبه.
إن الضحايا التي جنت عليهم أيدي الغدر من هذا النظام الجائر كثر، ونهاية الإحصاء لعددهم غير معلوم، وأتوقع أن ذلك سيكون في ازدياد، ولولا دعم النظام الإيراني للنظام السوري في ذلك لما استمر هذا النظام في هذا الإجرام، إلا أن لكل شيء نهاية، ولكل طاغية حفرة سيقع فيها، وهذا النظام يحفر حفرته الآن بيده، ونتمنى أن تكون نهايته البائسة قريبة بحوله وقوته.
نقولها وبأعلى صوت... أيها النظام البائس إن نهايتك قد حانت، وما الدماء الزكية التي تريقها في كل يوم إلا مجلبة للثبات لإخواننا المناضلين في بلاد الشام، فتعنتك وإجرامك أنت ونظامك وفلولك لم يزدهم إلا قوة وتماسكاً، ورمضان ما هي إلا أيام معدودات ويقبل علينا بانتصاراته، وأتوقع أن تكون نهايتك أنت ونظامك في هذه الأيام المباركات، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
زبدة القول
مهما بلغ الإجرام الذي يمارسه النظام السوري في حق شعبه، فإن نهايته بدت أكثر وضوحاً في الأفق، والأيام القادمات ستثبت هذه الكلمات، وسنتحقق بحوله وقوته من هزيمة هذا النظام ونهايته التي سيستبشر بها كل مسلم شريف وغيور على إخوانه في بلاد الشام، فهم الذين أثبتوا بعزيمتهم كيف يقفون أمام إجرام هذا النظام البشع الذي لن يكرره التاريخ لما قام به من جريمة بأبشع الصور، ورجاؤنا في كل وقت وحين، ومع كل أذان وصلاة، وبعد الركوع في الركعة الأخيرة من كل صلاة مفروضة ومندوبة، هو دعاء نرفعه لقاهر الجبابرة أن يعجل بزوال طاغية الشام وأعوانه وأذياله القبيحة المجرمة... أللهم آمين.

قليلا من الإنسانية يا مجلس حقوق الإنسان

عبدالله الكعبي
من المضحك أن توصي رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا ديبوي لاسير رئيس الوفد البحريني وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان الدكتور صلاح علي بالقول: «اسمح لي قبل أن ننهي اعتماد تقريركم، بالقول إنه تم إبلاغي في الآونة الأخيرة، أن هناك حملة إعلامية في بلادكم، تسعى لتهديد ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المشاركين في اجتماعات جنيف، وأود أن أعبِّر عن قلقي من هذه التقارير الإعلامية، كما أود تذكيركم أن تخويف هؤلاء يتعارض مع مبدأ المشاركة الديمقراطية الذي هو مصدر إلهام هذا الاستعراض الدوري الشامل باعتباره إحدى آليات عمل المجلس». هذه التوصية التي تفتقر إلى أبسط معايير الدقة والذوق والإنصاف أوضحت وبشكل جلي انحياز تلك المنظمات والمجالس إلى جانب المنظمات الساعية إلى زعزعة استقرار البلدان والمدعومة بشكل مباشر من قبل القوى التي تستفيد من مثل تلك التقارير التي ترمي إلى التشكيك في مصداقية الدول والحكومات على اعتبار أن مثل تلك المراقبات والمراجعات الدورية تضع الأنظمة الشرعية تحت المجهر وتعطي الفرصة لجهات الضغط لممارسة أساليبها الملتوية عليها نظراً لما تمتلكه من أدوات فعالة بإمكانها إحداث التغيير السلبي إذا ما أرادت ذلك.
نقدر حرص وخوف رئيسة المجلس على حقوق الإنسان ولكن نتساءل عن ردة فعلها وفعل مجلسها تجاه ما يجري في سوريا خصوصاً أنه وعشية كلمتها تلك ارتكبت مليشيات النظام السوري مذبحة رهيبة في قرية الحولة بحمص راح ضحيتها المئات حيث كان معظم القتلى من الأطفال. هذه الجريمة التي ارتكبت بدم بارد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي ترتكب أمام أعين المراقبين الدوليين ومنظمات ومجالس ولجان حقوق الإنسان التي تركز عملها على رصد ما يجري في البحرين والسودان والسعودية ومصر وغيرها في الوقت الذي تتجاهل فيه ما يجري في سوريا وإيران والعراق من انتهاكات سافرة كانت ستحتاج لو كان هناك اهتمام بها لعشرات المنظمات من مثل المنظمات الحقوقية والإنسانية التي لا يمكنها حصر تلك التجاوزات الكبيرة والخطيرة المسكوت عنها.
في كل يوم نكتشف المزيد عن هذه المنظمات والمجالس الإنسانية والحقوقية التي وإن ألصقت نفسها بمثل تلك التسميات البراقة إلا أنها تبقى مجرد أدوات تعمل لصالح الدول الكبرى التي أنشأتها وجعلت منها أجهزة ضغط على بعض الدول المستهدفة في الوقت الذي تغض الطرف فيه عن الممارسات الحقيقية التي تنتهك حقوق الإنسان في العيش والحياة والبقاء.
لا اعتقد أن هناك أحدا بيننا في البحرين يمكن أن يقبل مثل تلك الإدانات المغلوطة من قبل تلك المجالس بسبب اننا في البحرين نحتاج لمن يدين الأعمال الإجرامية التي تمارس بحقنا في كل يوم وفي كل مكان. فمثل تلك المجالس وبمثل هذه التقارير الهزلية تشجع على العنف غير المبرر الذي يتخذه البعض للضغط على السلطة من أجل الحصول على المزيد من المكاسب غير المشروعة، وتضفي في المقابل شرعية على أعمال الإجرام الشنيعة التي يمارسها الطغاة الحقيقيون ضد الإنسانية الذين يتحركون بالرغم من إجرامهم الذي فاق الحدود والتصورات بكل حرية من دون أن يدينهم أحد على أفعالهم أو حتى يتدخل لحماية تلك الأرواح من الهلاك.
المعادلة المغلوطة التي نراها تتمدد على الأرض بشكل أسرع من المتوقع تستوجب ردة فعل مماثلة تستطيع أن ترد على مثل تلك الأكاذيب وتفند هذه الأقاويل التي إن استمرت على ما هي عليه فإن الأمور ستصبح أكثر صعوبة وأكبر من أن يستطيع أن يرد عليها أحد. فالمضي قدماً والخضوع الدائم لمثل تلك المنظمات يعطيها الفرصة تلو الأخرى لممارسة ضغوطاتها وابتزازها لحكوماتنا التي يجب عليها أن تخطوا خطوات حقيقية لمواجهة تلك الادعاءات وتنفي عن نفسها تلك الاستكانة غير المبررة لبرامج تلك المنظمات العميلة التي ستستمر في إساءتها لنا ولكل منجزاتنا وتشويه سمعتنا أمام العالم. فالرد المطلوب هو التعامل مع تلك المنظمات وفق ما تسمح به السيادة التي تمتلكها دولنا والشرعية التي تحقق لنا السمو على مثل تلك المغالطات التي إن حبسنا أنفسنا فيها فسنظل في هذا السجن الكبير الذي يحرمنا من ممارسة حياتنا الطبيعية وتطبيق القانون على المتجاوزين والمسيئين والمجرمين الذين أصبحوا بحسب تقارير حقوق الإنسان أصحاب الحق الذين يجب الدفاع عنهم.

زمنُ الفضائح و زمنُ الشّعوب

إبراهيم الشيخ
في أحلك المواقف تظهر معادن الرّجال، ويظهر صدق مبادئهم، وما أسهل أن تنفضح الجماعات والأنظمة عندما تحين ساعة الحقيقة.
كنّا نقول إن أحداث البحرين وسوريا كانتا الفاضحتين، فهما كشفتا وعرّتا الطوابير والأذناب والطراطير الصفوية في بلادنا، تلك الطراطير التي كانت تتخفّى خلف التقيّة وحقوق الإنسان والمظلومية، كشفتهم الأحداث الأخيرة، حيث لم يكونوا سوى عبيد يرضعون العمالة على شاشات التلفاز وفي فنادق جنيف وواشنطن، أسرّتهم على دبابات الخيانة، يأكلون من خير الوطن، ولكنّك تجد الوفاء في مخلوقات الله المختلفة ولا تجده فيهم.
تستمرّ الأحداث، وها هي المجازر في سوريّا تتواصل، حتى بلغت القلوب الحناجر، ويكفي مشاهد مجزرة الحولة، حيث قيّد الأطفال قبل نحرهم!! ولا غرابة أن شاهدنا صورة ذلك الطفل ذي السنوات التسع وهو يمسح دماء عائلته من على الأرض!
سوريا تواصل الفضيحة، إنّها فضحت الأنظمة العربية والإسلامية المتخاذلة، كما فضحت النظام الدولي العاهر، حيث الجميع يُظهر بطولاته وصولاته وجولاته، حتى وجدنا من أولئك القادة وأبنائهم من تجاوز القعقاع في قوّته، وتجاوز ابن الوليد في دهائه، ولكنّنا اكتشفنا في لحظة؛ أنّ تلك الأنظمة باتت تصنع أبطالاً من ورق، أو قل كالدّمى، تفرح بها وتستأنس، وما بين أولئك وبين كشف حقيقتهم سوى ساعة الحقيقة!
دول وأنظمة تخشى على كراسيّها، لم تنطق ببنت شفة، أمام تلك المجازر، بينما الغرب الكافر استحى وعلّق؟!
تلك الكوارث لم تفضح أولئك فقط، وإنّما فضحت من أشباه الرّجال، ممّن يخرجون على الشاشات يلبسون لباس الدّين، وهم في حقيقتهم أبشع المصائب التي ابتليت بها الأمّة، حيث مازالوا يحرّمون الخروج على الحاكم ولو كان مثل بشّار؟!
شكراً لتلك المصائب والكوارث، لقد فضحت العملاء والطراطير، كما فضحت حقيقة من يقود أمتنا وهم ليسوا أهلا لها.
قف واستمع: «من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى كلب الروم، أطلق سراح المرأة، وإن لم تفعل، بعثت لك جيشًا، أوله عندك وآخره عندي. ثم أسرع إليها بجيش جرار قائلا: لبيك يا أختاه!»
هذا ما فعله المعتصم نصرة للأعراض والأرواح، ولو كان الملك فيصل موجوداً بيننا لن تستغربوا أن يقوم بذات الفعل، لأنّ أمثاله «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه».
أمام هذا المصاب، أعتقد جازما؛ أنّ تاريخنا ستصنعه الشّعوب وكذلك فعلت. في الكويت والسعودية والبحرين وقطر سمعنا دعوات صادقة لتسليح الجيش الحر، وهو بالضّبط ما يجب أن يكون.
على الشعوب أن تتكاتف، وأن تعلن الجهاد الحقيقي بالمال رغماً عن أنف كل منافق، لتصل الأسلحة والصواريخ الى الجيش الحر، ليدكّ بها معاقل النّطفة القذرة (بشار) وأعوانه من الصفويين والعلويين الذين أعلنوا حرباً قذرة استئصالية ضدّ أمتنا.
حكمة قرآنية: «ها أنتم هؤلاءِ تُدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخلُ فإنما يبخل عن نفسه والله الغنيّ وأنتم الفقراء وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم».

حكم مصر.. قيود وضوابط فرضها الشعب

السيد زهره
هناك حالة من الإحباط الشديد تشعر بها قطاعات واسعة جدا من الشعب المصري بسبب نتائج الانتخابات المعلنة حتى الآن، التي جعلت رئاسة مصر محصورة بين الاخوان المسلمين ورمز من رموز النظام السابق، أي من الفلول بالتعبير الشعبي.
بالطبع، هذه الحالة من الإحباط مفهومة ولها ما يبررها تماما.
الشعب المصري فجر ثورة كبرى هي ثورة ٢٥ يناير وقدم فيها آلاف الشهداء والجرحى، واسقط النظام السابق من اجل إقامة نظام جديد عادل ونزيه وديمقراطي يعيد الى المواطن كرامته ويحقق له العيش الكريم ويحترم ارادته ويبني دولة قوية معافاة.
ومعنى ان تنحصر قيادة مصر بين هذين التيارين فقط هو ببساطة ان الثورة تمت سرقتها لحساب قوى ليست في نهاية المطاف محسوبة على الثورة وتيار التغيير, ليس هذا فحسب، بل ان هناك مخاوف حقيقية لها ما يبررها تماما من انه في ظل حكم أي من التيارين، فإن البلاد يمكن ان تعود الى عهد من الاستبداد.
وبشكل عام، لسان حال قطاعات واسعة من الشعب المصري هو: هل قمنا بهذه الثورة وقدمنا كل هذه التضحيات كي ينتهي الأمر بأن يؤول حكم مصر إلى الاخوان أو الفلول؟!
لا شك انه من المحبط جدا بالنسبة الى قطاعات واسعة جدا من الشعب المصري بعد الثورة وبعد كل التضحيات التي قدمها الشعب، الا يكون تيار الثورة والتغيير حتى طرفا في انتخابات الرئاسة المصرية.
ومع ذلك، وفي كل الأحوال فان نتائج الانتخابات فرضت واقعا جديدا في الحياة السياسية المصرية لا يستطيع احد تجاوزه. هذا الواقع الجديد ينطوي على جوانب ايجابية عدة من زوايا مختلفة.
ولذلك، القضية اليوم انه أيا كان من سيفوز بالفعل في نهاية المطاف بمنصب الرئيس، فإنه لن يكون مطلق السراح ليفعل ما يشاء. سيكون عليه ان يحكم في حدود القيود التي فرضها الواقع الجديد الذي أرسته نتائج الانتخابات، وفرضته الثورة قبل ذلك.
بعبارة أخرى، يمكن القول ان الشعب المصري وعبر نتائج الانتخابات فرض قيودا ووضع ضوابط على طريقة حكم مصر، وعلى الحياة السياسية في البلاد عموما.
وبشيء أكبر من التفصيل، فإن الأمر هو على النحو التالي:
أولا: وفقا لنتائج الانتخابات لم يعد بمقدور أي قوة سياسية على الاطلاق ان تزعم ان لديها الغلبة في الشارع، أو ان لها تفويضا شعبيا مطلقا من الشعب حتى لو جاء الرئيس من بين صفوفها.
مرشح الاخوان المسلمين مثلا لم يحصل إلا على نحو ربع أصوات الناخبين. وإذن، حتى لو فاز هذا المرشح في النهاية بالرئاسة لا يستطيع ان يزعم ان لديه تفويض شعبي كامل. فهذه هي حدود شعبيته في الشارع.
ثانيا: ومعنى هذا، فإن نتائج الانتخابات أثبتت ان أي قوة على الاطلاق لا تستطيع ان تحكم مصر منفردة، وليس من حقها ذلك أصلا.
بعبارة أخرى، فإن أي رئيس يفوز برئاسة مصر، ليس من حقه ان يحكم فقط بالاستناد إلى رؤى ومواقف الجماعة أو التيار الذي ينتمي إليه. وليس من حقه ان يتجاهل القوى الأخرى.
لو فاز مرشح الاخوان مثلا، لا يستطيع ان يزعم ان لديه تفويض بان يحكم مصر وفق رؤى وأفكار جماعة الاخوان، أو ان يزعم ان من حقه تطبيق أفكار وبرنامج الجماعة فقط. ونفس الشيء ينطبق على أي رئيس قادم من أي اتجاه أو تيار آخر.
ثالثا: ويترتب على ما سبق انه أيا كان الفائز برئاسة مصر فانه لا يستطيع ان يحكم مصر هو وفريق تياره فقط.
بعبارة أخرى، بحكم ما أظهرته نتائج الانتخابات، ليس من حق أي رئيس ان يستبعد من حكم مصر ممثلي القوى والتيارات الأخرى التي أثبتت النتائج انها تحظى بحضور في الشارع لا يقل في نهاية المطاف عن حضور التيار الفائز أيا كان.
بعبارة ثانية، نتائج الانتخابات أثبتت انه أيا كان الفائز بالرئاسة، فانه لا يمكن حكم مصر إلا بالتوافق بين القوى والتيارات الأساسية في المجتمع، وليس بالتوافق العام فقط، وانما بالشراكة الفعلية.
رابعا: ولا بد ان نضيف إلى كل ما سبق حقيقة ان الشعب المصري بعد الثورة، لم يعد الشعب الذي يمكن ان يصمت أو يقبل بأي شيء يفرض عليه من أي رئيس أيا كان ومن أي حكم أيا كان.
نعني انه في كل الأحوال، سوف يبقى التحرك الاحتجاجي الشعبي السلمي في الشارع هو من اكبر القيود المفروضة على أي رئيس في ممارسته للحكم.
الذي نريد ان نذهب إليه هو ان هذه الضوابط والقيود التي فرضها الشعب وأظهرتها نتائج الانتخابات، وقبل ذلك القيود والضوابط التي رسختها الثورة نفسها، أسقطت فكرة الحاكم المستبد بالسلطة، وأسقطت ظاهرة الرئيس الذي يستطيع ان يقرر منفردا ما يشاء أو يفعل ما يشاء أيا كان التيار الذي ينتمي إليه.
على الأقل هذا هو ما نظنه ونأمل فيه. ففي نهاية المطاف، في السياسة ليس هناك أي شيء يمكن الجزم به بشكل مطلق.

سنوات لا تبشر بالخير

عبدالله الأيوبي
الشعب المصري وحده هو المسئول عن نتائج خياراته الانتخابية فقد أوقعت صناديق الاقتراع أبناء شعب بين خيارين في اعتقادي وبقناعتي الشخصية، أن أحلاهما مر، فالناخبون هم الآن بين خيار انتخاب مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي أو آخر رئيس وزراء في عهد النظام الذي أسقطته الجماهير المصرية في يناير من العام الماضي الفريق أحمد شفيق، فالأول يمثل جماعة تبشر بدولة دينية من المؤكد أنها إن كتب لها النجاح وقامت فلن تقوم لمصر تحت لوائها قائمة، حيث مثل هذه الدول التي تعتمد الأيديولوجيا الدينية لتسيير شئون الدولة والمجتمع متعددَي الثقافات والأديان والأفكار لا يمكن إلا أن تكون دولة متسلطة، أما الثاني (أحمد شفيق) فهو خريج مدرسة لنظام جثم على صدور المصريين أكثر من ثلاثة عقود نجمت عنها أزمات اقتصادية ومعيشية واجتماعية تحتاج إلى عدة قرون كي تتمكن مصر من الخروج منها.
لا يقلل المرء من الحضور والقوة السياسيين لجماعة الاخوان المسلمين في مصر، ولكن هذه القوة ليست مستمدة من تجربة سياسية على أرض الواقع وإنما هي إفراز لقناعة مجتمعية يمثل الدين الإسلامي فيها ركنا حياتيا مقدسا، وبالتالي تغلغل الفكر الديني الإسلامي في أوساط شرائح عريضة من الشعب المصري هو الذي وفر لجماعة الاخوان المسلمين هذه القاعدة الجماهيرية العريضة كغيرها من جماعات الإسلام السياسي في العديد من الدول العربية والإسلامية، ومن المؤكد أن هذه الجماعة إذا ما توافر لها النجاح في الانتخابات الرئاسية، وهو الأرجح بحكم أن معظم المصريين لا يريدون أن تعود رائحة النظام السابق إلى أجوائهم مرة أخرى، وهو الأمر الذي لن يخدم الفريق أحمد شفيق، لكن الاخوان المسلمين كغيرهم من حركات الإسلام السياسي هم أضعف من أن يقودوا دولة عصرية ناجحة، لهذا فإن هذه الحركات هي الآن مقبولة جدا ومرحب بفوزها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى لأنها (حركات الإسلام السياسي) لا تملك برامج تأسيس دولة عصرية قادرة على تحقيق النجاحات الاقتصادية والاجتماعية، كون ما يهمها بالدرجة الأولى هو تطبيق التعاليم الدينية وإرغام الناس على القبول باجتهاداتها وتفاسيرها لهذه التعاليم، وبالتالي فإن أي دولة تقع تحت حكم أي من حركات الإسلام السياسي التي تنادي بأسلمة الدولة والمجتمع، ستكون دولة مقبولة من جانب الغرب وأمريكا لأنها باختصار ستبقى دولة متأخرة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
لقد أثبت الاخوان المسلمون وبعد أن حازوا أغلبية أعضاء مجلس الشعب إلى جانب اخوانهم السلفيين أنهم مشتاقون إلى إقامة الدولة الدينية من خلال دستور ينص على ذلك، حين أرادوا تشكيل اللجنة المكلفة بصياغة هذا الدستور حيث استحوذوا هم وإخوانهم على الغالبية العظمى من أعضائها قبل أن تبطل المحكمة الإدارية تشكيلها، فهذه كانت أول إشارة غير ديمقراطية تبعثها حركة الاخوان المسلمين تحت تأثير نشوة الانتصار النيابي الذي حققته في انتخابات مجلس الشعب، ومثل هذه الرسائل ستبعث في أكثر من مناسبة وخاصة إذا ما تكللت جهود المعركة الرئاسية بالنصر لصالح هذه الجماعة التي ستحظى بدعم السلفيين بكل تأكيد، أو غيرهم من القوى، ليس حبا في «الإخوان»، وإنما كرها من رائحة النظام السابق.
من المرجح جدا أن يكون مستقبل مصر بين أيدي الجماعات الإسلامية من «اخوان» و«سلفيين»، فالجماعتان أقرب إلى بعضهما بعضا من حيث المزاجان السياسي والاجتماعي من القوى الأخرى، وخاصة القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية بكل تأكيد، وهو مستقبل لا أعتقد انه يبشر بالخير، ولكن لا خيار أمام الشعب المصري بشرائحه ومكوناته الدينية والسياسية كافة سوى التسليم والقبول بالنتائج التي تفرزها صناديق الاقتراع، وهو بكل تأكيد سيبقى مراقبا بعناية لتجربة حكم «الإسلاميين»، فالشعب المصري لم يجرب هؤلاء سوى تجربة نظرية، أما التجربة العملية، وهي الأهم فسوف يمر بها بعد أن تقول صناديق الاقتراع كلمتها الأخيرة.
المهم الآن ليس التفكير في كيفية إدارة قوى الإسلام السياسي للدولة المصرية بعد الثورة الجماهيرية التي أطاحت بنظام حسني مبارك، وإنما المهم هو الحفاظ على أهم مكتسبات هذه الثورة المتمثلة في انتزاع الشعب المصري لحريته الكاملة في اختيار طبيعة النظام السياسي الذي يحكمه، فالممارسة المستمرة للعملية الديمقراطية سوف تغني التجربة وترفع من وعي الجماهير المصرية وتمكنها من اختيار قادة الدولة السياسيين بعيدا عن العواطف الدينية أو غيرها.

شتان ما بين موقف (الشملان) ومواقف (الوفاق) الآن

عبد المنعم ابراهيم
موقف (الوفاق) ومن لفّ لفّها من مشروع الاتحاد بين البحرين والسعودية أو مشروع (الاتحاد الخليجي) يؤكد القناعة الراسخة بانتمائهم العقائدي والسياسي إلى (إيران)، لأن (طهران) هي الوحيدة في المنطقة التي هاجمت مشروع (الاتحاد الخليجي)، ومشروع (الاتحاد بين البحرين والسعودية)، ومهما فعلت «الوفاق» بنفي انتمائها إلى إيران فلا أحد يصدقها الآن - لا في البحرين ولا خارج البحرين - لأنها أثبتت أنها (صنيعة إيرانية) لإسقاط النظام في البحرين.
ونحن لسنا بحاجة إلى الاطلاع على بيانات (جمعية الوفاق) وأطقم (حزب الله) في البحرين، للتعرف إلى مواقفهم السياسية أو العقائدية.. فقط انصتوا جيدا لما تقوله (طهران) وتصريحات الزعامات الدينية والسياسية هناك، فسوف تجدون أن مواقف (الوفاق) ومن لفّ لفّها تتبع (أتوماتيكيا) ما يصدر عن إيران!
منذ فترة قصيرة كنت أتابع حلقة تلفزيونية للفضائية اللبنانية (ال. بي. سي) يديرها الإعلامي اللبناني (مارسيل غانم) حول مشروع (الاتحاد بين البحرين والسعودية) وشارك فيها (بحريني وفاقي)، و(محام سعودي)، وكاتب لبناني متخصص في الشئون الاستراتيجية، وبالطبع كان موقف هذا (الوفاقي) ضد (الاتحاد)! ومتهجم على (السعودية)! وضد قوات (درع الجزيرة)، وضد الوحدة الخليجية! فقال له (مارسيل غانم): هذه كلها مواقف إيرانية!.. حتى دعواتكم للمظاهرات تأتي متزامنة في البحرين مع دعوات تصدر من زعامات إيرانية حول ضرورة خروج المظاهرات! وفي النهاية بذل المذيع اللبناني (مارسيل) جهدا كبيرا لكي ينتزع من (الوفاقي) موقفا واحدا يختلف عن موقف (طهران) من المنطقة فلم يفلح! حتى آخر سؤال: ما هو موقفكم من احتلال ايران للجزر الإماراتية الثلاث؟! فرفض صاحبنا (الوفاقي) إدانة الاحتلال الإيراني وتهرب من الإجابة عن السؤال بقوله: (إنها قضية بين بلدين تخصهما)!
هذه هي مواقف (الوفاق) التي تريد (حكومة منتخبة) لكي تستولي عليها، وتسلم مصير البحرين في يد (ولاية الفقيه) والمرشد الأعلى الإيراني! تماما مثلما حدث في العراق.. حكومة عراقية الاسم لكنها إيرانية الفعل والقرار السياسي!
رحم الله الزعيم السياسي البحريني (عبدالعزيز الشملان) الذي طلب مساعدة (مصر) في فتح إذاعة خاصة للبحرينيين ضد الاستعمار البريطاني في الخمسينيات، فاشترط عليه رئيس المخابرات المصرية آنذاك (صلاح نصر) بأن يكون البث خاضعا تحت إشراف ورقابة (المخابرات)! فرفض (الشملان) ذلك الشرط وألغى فكرة (الإذاعة) البحرينية، وحينما سألت (الشملان) قبل وفاته: لماذا رفضتم الإذاعة؟ قال: (نحن وطنيون بحرينيون ولا نقبل أحدا يتدخل في مواقفنا السياسية!
شتان ما بين موقف (الشملان) في الخمسينيات وبين (الوفاق) الآن.

الانتخابات الرئاسية المصرية.. الموقف الصعب والمستقبل الغامض

فوزية رشيد
هي الديمقراطية في مصر بعد الثورة، وهي الانتخابات الحرة التي شهد لها المراقبون بالنزاهة، وهي النتيجة التي جعلت من مرشح الاخوان المسلمين في وجه مرشح النظام السابق، وحصول «محمد مرسي» على ٢٤,٩% من الأصوات، فيما «أحمد شفيق» حصل على ٢٤,٥% منها، مما يجعل من جولة الإعادة في هذه الانتخابات مرشحة إلى فوز أي منهما، مثلما هي مرشحة إلى تحالفات من خرج منها مثل «أبوالفتوح» المرشح السلفي، و«حمدين صباحي» ممثل التيار الناصري الجديد، و«عمرو موسى» وزير الخارجية في النظام السابق قبل أن يترأس الجامعة العربية، أما المترشحون الآخرون فكانوا تقريبا خارج المشهد.
اذا كانت الانطباعات العامة الأولى في مصر، من جانب كل التيارات، هي الشعور بالمفارقة والصدمة، فان هذا الشعور تحول في اليوم التالي مع كتابة هذا الموضوع (السبت ٢٦/٥) إلى احساس جارف بالموقف الصعب لدى كل التيارات وعلى رأسها التيارات المحسوبة على الثورة، لأن الموقف الصعب هذا أوجدته الارادة الشعبية نفسها في الانتخابات، وبما يخالف تطلعات المحسوبين على الثورة، الذين كانت أول مطالبهم مع اسقاط النظام، هي الديمقراطية والانتخابات الحرة، وهذا ما حدث فظهرت تلك النتائج، مما يلجم كثيرا أي تيار أو أي صوت، وهو يتخبط في الموقف الصعب ان يطعن فيما افرزته الارادة الشعبية المصرية رغم مفارقتها ورغم صدمتها للكثيرين ورغم صعوبة الاختيار فيها.
فتلك القوى المحسوبة على الثورة لا تريد الاخوان المسلمين ان يسيطروا على الحياة المصرية، ليبنوا الدولة الدينية على انقاض الدولة المدنية، التي كانت رغم التباسها مع حكم العسكر من خلال ثلاث رئاسات بدأت بـ «عبدالناصر» ليأتي بعده «السادات» ثم يختتمها «مبارك»، وفي ذات الوقت لا يريدون وجها محسوبا على النظام السابق بعد ان قاموا بثورتهم لإسقاطه واسقاط رموزه.
وفي الموقف الصعب نشطت ـ منذ اعلان النتائج الأولية ـ الفضائيات العربية والاقليمية والدولية، وخاصة تلك الناطقة بالعربية، مثلما نشطت مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية في مصر وغيرها، لا لتحليل اسباب ظهور تلك النتائج، وانما لمحاولة التأثير في الوعي المصري العام، وجر الارادة الشعبية نحو استقطابات بعينها، أو حتى الدعوة إلى مقاطعة «جولة الاعادة الرئاسية»، فلا هذه ولا تلك، بل نشطت معها تصريحات المترشحين الذين لم يصلوا إلى معركة الاعادة، فهناك من يستعيد تصريحات الاخوان المسلمين بأنه في حالة فوز «شفيق» فانهم سينزلون بالسلاح إلى الشارع، وهناك تهديدات بعض شباب الثورة بالخروج في مظاهرات احتجاجية، وهناك من ينتظر تطمينات من الاخوان المسلمين في حالة وصول ممثلهم إلى الرئاسة بالحفاظ على نمط «الدولة المدنية»، وهناك من طالب «أحمد شفيق» بالتنازل «لحمدين صباحي»، ومن طالب بذلك هو «عمرو موسى»، وهناك من طالب بحكومة «ائتلاف وطني» من الاخوان المسلمين من القوى التي صعدت، وان يكون ذلك قبل التحالف معهم في التصويت، أي مع الاخوان، في جولة الاعادة، وهناك من اصبح يرتب لصفقات سياسية مع «مرسي» أو «شفيق» مغزاها (اذا أردت أن اكون معك فماذا تعطيني؟)، وهناك من طالب بايقاف جولة الاعادة وتقدم بالطعن في الانتخابات نفسها، كالذي تقدمت به حملة «حمدين صباحي»، وهناك من اراد توجيه التهم إلى الاعلام والمال السياسي، ودورهما في تضليل الارادة الشعبية وتوجهاتها، إلى آخر تلك التهويشات من ردود الفعل، التي جعلت من نتائج هذه الانتخابات الرئاسية مليئة بالمفارقات ايضا في اليوم التالي لظهورها، وخلاصتها انها لم تعبر في الأخير عن نقلة نوعية حقيقية وايجابية، في الحياة السياسية المصرية.
كل ردود الفعل تلك لم تتأمل الحدث جيدا، ولم تبحث عميقا في السبب وراء بروز وتصدر الاخوان المسلمين من جهة وممثل النظام السابق تحديدا من جهة اخرى، ليكون المنافس الاقوى للإخوان. لم يبحث هؤلاء ان كان الشعب المصري مثلا خلال عام ويزيد لم ير سوى النتائج السلبية من الذين تصدروا واجهة السياسة المصرية من مختلف القوى، مثلما افتقدوا الأمن والاستقرار اللذين كانا سمة الحياة المصرية عبر العصور فتدهورا في الآونة الأخيرة وبعد الثورة، ولمس مع افتقاده الأمن نزول الاقتصاد المصري إلى الحضيض، ومحاولة تلاعب القوى الاقليمية والدولية (ايران وأمريكا والغرب) بالمصير والمستقبل في مصر، بل حتى حين وصل الاخوان المسلمون إلى البرلمان بشقيه لم يقدموا النموذج الذي كان يتوقعه حتى مناصروهم، مثلما اصابوا بالخوف كل التيارات والقوى والمكونات المخالفة لمنطلقاتهم، لذلك نزل رصيدهم في الأصوات الانتخابية عن انتخابات البرلمان إلى النصف، ولا يهم بعدها صعود (مرسي).
الموقف الصعب في نظر القوى المحسوبة على الثورة جعلهم يقولون: (اذا كان شفيق قد فاز بالفلول، فان مرسيا قد فاز بالزيت والسكر)، وفي هذا ايضا مجرد بحث على هامش ما افرزته الارادة الشعبية المصرية في الديمقراطية التي تم فتحها لها، مثلما هو بحث عن مشجب لتعليق اخطاء من قاموا بالثورة، والتبعات المخيفة التي نتجت بعدها وخاصة انعدام الأمن، والتدهور الاقتصادي، ووصول من كان يهدد بتغيير الحياة المدنية والاجتماعية المصرية، ورغم ذلك تصدر ممثل الاخوان المسلمين النتائج بناء على رصيدهم الشعبي السابق، وكشفت هذه الانتخابات من جهة اخرى عن حنين غامض إلى الأمن والاستقرار اللذين وعد بهما (أحمد شفيق) مما يجعل القوى المحسوبة على الثورة ـ وهي في موقفها الصعب اليوم ـ وجوب ان تعيد قراءة أوراقها، ونوع ادائها، وان تكون هي بالدرجة الأولى مخلصة لروح الثورة وتطلعات الشعب المصري والذي يريده هذا الشعب، وهذا ما سنتركه للغد.

هذا الذي أوقعت نفسها فيه

لطفي نصر
ما حدث في جنيف لا يعدو إلا أن يكون مجرد تمثيلية مفضوحة لا يجب أن تمر هكذا من دون تصدي، أو تفنيدا لفضح كل من هم وراء هذه التمثيلية السخيفة.. لأن ما حدث لا يعدو إلا أن يكون هناك من هالهم أن تقدم البحرين تقريرها السنوي والدوري حول حقوق الإنسان شفافا نظيفا مشرقا ومبرءا من كل ما يفتري به المناوئون على الله وعلى الوطن.. فأرادوا أن يشوهوا هذا التقرير بأي ثمن.. وخاصة أن وفود معظم دول العالم المشاركة في اجتماعات المجلس قد أبدوا اعجابهم واشادتهم واستحسانهم كل ما ورد في التقرير.
وكان الطريق أمامهم - كالعادة - هو الكذب والادعاء بوجود تهديدات لهم أو لمشاركين في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف.. ثم اقناع رئيسة مجلس حقوق الإنسان بما يدعون والتي سارعت هي الأخرى بالجهر بهذا الادعاء على مسمع ومرأى من الجميع خلال جلسات المجلس!
ومن المؤسف ان أصحاب هذا الادعاء ليسوا هم وحدهم الذين سارعوا به من دون تقديم الدليل المادي عليه.. بل وجدنا رئيسة مجلس حقوق الإنسان العالمي هي الأخرى تنخدع وتبادر بالجهر بهذا الادعاء وتردده خلال جلسات المؤتمر من دون أن تتأكد من صحته.. فليس لديها - للأسف الشديد - سوى ما سمعته زورا وبهتانا ممن درجوا على الكذب والادعاء والافتراء!
وما يؤسف له أيضا ان يسجل على من هي في مثل هذه المكانة الدولية ذات الحساسية الكبيرة ان تتبنى موقفا من دون ان تبادر بالتحقيق والاستماع من كل الأطراف الأخرى، واصرارها على عدم تغيير موقفها بعد أن سمعت ما سمعته من نفي رؤساء العديد من الوفود المشاركة في هذا الاجتماع الدولي.. وهذا يؤكد ما أكده وزير الداخلية من أن ما حدث لا يعدو إلا أن يكون هو نفسه الانحياز المسبق المعتاد.. والمذموم!
ومن الذين هالهم هذا الادعاء وهذا الافتراء المرفوض وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الذي عبر عن أسفه من لجوء بعض منظمات حقوق الإنسان الى اعتماد نظرة آحادية بالنسبة الى المعلومات التي ترددها عن المملكة.. حيث تتبنى فقط ما تسمعه من طرف واحد، وتصم الآذان عن الردود الرسمية في هذا الشأن.
وقال الوزير بصراحة: إن مثل هذا التوجه يمثل نوعا من الانحياز المسبق الذي يجب أن يتنزه عنه العاملون في هذا المجال.. وهم الذين توجب عليهم مواقعهم إلا أن يقوموا بدور ايجابي لمساندة الحقيقة بكل الموضوعية المطلوبة.
ما حدث أثار دهشة واستغراب الوزير وخاصة من خلال تأكيده أن وزارة الداخلية لم تتلق أية بلاغات من هؤلاء الأشخاص المدعين حول وجود أي تهديد لهم من أي طرف.
ولسان حال الوزير بالضرورة يطرح تساؤلا مهما ألا وهو: كيف يقوم نفر من أبناء الوطن بإيصال شكواهم أو ادعائهم الى من هم خارج الوطن قبل إيصالها إلى الجهة المعنية داخل الوطن؟ ألا يفهم من ذلك ان الذين أقدموا على ذلك كان هدفهم الأول والأكيد هو الإساءة إلى الوطن والتشويش على تقرير المملكة المعروض على مجلس حقوق الإنسان بعد أن اقتنع الجميع من رؤساء وأعضاء الوفود بأن هذا التقرير قد جاء شفافا ونظيفا ومبرءا من كل ادعاءات مسمومة؟ وللأسف كان هذا هو الفخ الذي أوقعوا فيه رئيسة مجلس حقوق الإنسان، أو انه الفخ الذي أرادت لنفسها أن تقع فيه!

مصر.. إلى أين وماذا بعد

محمد المحميد
بات في حكم المؤكد أن مصر تسير نحو تطبيق النموذج التركي، بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين برئاسة مجلس الشعب ورئاسة مجلس الشورى، واقترابها جدا من رئاسة الجمهورية، الذي سيكسبها منصب رئاسة الوزراء أو غالبية الحقائب الوزارية، في ظل دعم مصري داخلي وتشجيع وتوجه أجنبي لأن «يكوش» الأخوان على جميع المناصب، رغم تباين موقف المجلس العسكري.
في كتابه الأخير أشار «عبداللطيف المناوي» رئيس التلفزيون في آخر أيام حكم مبارك، والذي أذاع خبر وبيان التنحي، إلى سؤال مهم في آخر صفحات الكتاب «وماذا بعد؟» وهو سؤال يراود كل مواطن مصري اليوم، إخواني أو سلفي أو ليبرالي أو من الغالبية الصامتة.. وهو سؤال ربما دار في ذهن كل مواطن عربي وخليجي، مصر إلى أين؟
ليس شرطا أن يكون الأخوان شراً، فلربما كانوا حكاما جيدين، تماما كما قال السياسي د. مصطفى الفقي عنهم، بأننا في مصر جربنا حكم جماعة الفساد مدة ثلاثين عاما، فلماذا لا نجرب حكم الأخوان المسلمين، رغم أن بعض الماكينات الإعلامية تحاول أن تهول بعض أخطاء وسقطات الأخوان بأنهم «طالبان جدد» وهذا تجني كبير على الجماعة.
في البحرين هناك فرق كبير وبون شاسع بين جماعة الأخوان المسلمين المصرية والجماعات الطائفية في البحرين المدعومة من إيران، رغم أن النظام الإيراني يحاول أن يدعم ويتقرب من جماعة الإخوان المصرية، ونحن على ثقة بأن إخوان مصر لديهم من الذكاء والحصافة في معرفة وكشف التوجهات الإيرانية.
لفترات طويلة وحتى اللحظة حاولت الجمعيات الطائفية في البحرين أن تتمثل بجماعة أخوان مصر، ولكن جماعة الأخوان في البحرين حظيت بدعم واضح لمملكة البحرين وموقف مشرف من أخوان مصر ومن الشيخ يوسف القرضاوي الذي أكد مرارا على طائفية الجمعيات السياسية في البحرين ومشروعها الإيراني، رغم اعتقادنا بأن هذه الجمعيات التي باتت مكشوفة اليوم بطائفية مواقفها وتحركها ستحاول مد جسور التواصل مع إخوان مصر لما تمثله من ثقل عربي إسلامي شعبي، ولن نتفاجأ في الغد إن قرأنا عن برقية تهنئة يرسلها عيسى قاسم أو النظام الإيراني إلى إخوان مصر.
لسان حال المواطن المصري اليوم والخليجي كذلك يقول، لا يهم من يرأس مصر ويحكمها، ولكن الأهم أن يعيد الكرامة ويحارب الفساد ويعيد الأمن والاستقرار ويحمي الاقتصاد وينشطه، ولا مانع لو كان إخوانيا.

حرية تعبير.. لا تسألوني لا تحاكموني

سعيد الحمد
لم نتوقع ان يأتي علينا زمن تفقد فيها المعاني معانيها والمفاهيم مضامينها الحقيقية وتتحول «حرية التعبير» إلى حصان شيطاني يمكن ان يحمل معه كل شرور الفتنة لبلدٍ آمن، وعندما تتكشف اللعبة الخطيرة يتعلق اللاعبون بها وجميع اطرافها بـ»حرية التعبير» طوق نجاة ولتتحول «حرية التعبير» إلى رخصة وترخيص لكل فعل شيطاني تخريبي تدميري كاد ان يمزق أوصال الوطن ويبيع لحمه في سوق النخاسة و»على عينك يا تاجر» وعاشت هكذا حرية للتعبير لن نجد لها مثيلاً لا في المعنى ولا في المضمون حتى في بلاد أم الديمقراطيات. وهكذا تحت يافطة «حرية التعبير» تحولوا في المشهد العام الاعلامي والقضائي إلى حمائم وادعة هادئة مسالمة مغلوبة على أمرها مظلومة في حياتها لم تشتم ولم تسب ولم تحرض ولم تعبئ ولم تدعو للفوضى وللتخريب والتدمير واشعال الاطارات ورمي المولوتوفات وتدبير الانقلابات وانما كانت «فقيرة مسكينة» مستكينة لقدرها قابعة في بيوتها هادئة في كلامها وعلى حين غرة دخلت عليها قوات الأمن وهي نائمة في «سبحانيتها» لا تدري بشيء ولم تفعل شيئاً ولم ترفع شعاراً ولم تعلن جمهورية ولم تسقط نظاماً لتعتقلها وتضربها وتشتمها وتسجنها!!. سبحانك اللهم من هكذا «حرية تعبير» تشهد عليها الفيديوهات ولكليبات والصور والافلام فيتحول فيها الجميع إلى مسالم مظلوم مارس بهدوء هادئ «حرية التعبير» وبشكل حضاري راق ومتقدم فاعتقلوه وعذبوه وسجنوه وحكموا في محاكم السلامة الوطنية عليه دون ان يرتكب جرماً ودون ان يقول شيئاً او يدعو لشيء اسمه انقلاب أو يعلن جمهورية اسلامية دوارية، ولم تكن له علاقة تذكر بأجنبي كائناً من كان لا بسفير ولا بخفير في سفارة وجميع وثائق ويكيلكس كاذبة ومفبركة وجميع الافلام والصور عن اجتماعاته مدسوسة وموضوعة وتسعى لتشويه الصورة. منذ البداية كانت حرية التعبير مطلباً إنسانياً وبشرياً ازدادت المطالبة والالحاح عليه مع التطور والتقدم وكانت حرية القول وحرية الكلمة لخدمة الانسان فرداً كان أم جماعة وبالتالي فموقف الانسان فرداً كان أم جماعة من هذه الحرية «حرية التعبير» هو الترمومتر الذي تُقاس به منفعة وجدوى هذه الحرية فكلما جمعت ولم تفرق وكلما التف الناس كل الناس حول مضمونها وخطابها كلما كانت صحيحة ومطلوبة والعكس هو الصحيح.. فماذا حدث بعد ان استفادت اطراف معينة من مساحات حرية التعبير وكيف وظفت هذه الحرية وكيف استثمرتها وماذا كانت نتائجها وما هي ثمارها في الواقع المعاش وفي المشهد اليومي هنا. لا نحتاج إلى جدل كبير للوقوف على ما آلت إليه الحالة والعلاقات مع ذلك التوظيف وكيف شرخت المجتمع الواحد ومزقت النسيج وضربت اللحمة في مقتل بدعوى حرية التعبير التي لم تسئ هذه الاطراف استخدامها فقط وانما استخدمتها سلاحاً فتاكاً بمعنى الكلمة في ضرب الوحدة الوطنية ذات التاريخ البحريني المديد. ومع كل ذلك وتحت يافطة «حرية التعبير» عملت وسعت اطراف وجماعات وجمعيات وسياسيون وطارئون من كل حدب وصوب لاسقاط القانون او تعطيله وحتى لا يأخذ مجراه الطبيعي في ضبط توازن العلاقات المجتمعية وحمايتها من التمزق والتفتت والتفكك مستخدمة شعار «حرية التعبير» لاستمرار وبقاء هذه الحالة من الاصطفافات المطأفنة والمتمذهبة وهو اسوأ حالات وممارسات النفعية «المصلحجية» الخطيرة التي توظف اسمى الشعارات والمبادئ لأقبح النتائج واخطرها على المجتمع وعلى الناس وعلى الحاضر والمستقبل. وهكذا تتحول «حرية التعبير» هذا المبدأ الإنساني النبيل إلى حرية تمزيق أوصال الوطن ومساحة لإثارة الفتنة توطئة لاحتراب أهلي وطني داخلي لا يُبقي ولا يذر إذا ما انطلقت شراراته الشيطانية وفتحت بوابة الجحيم اشداقها.

رموزكم ليسوا في منزلة رموزنا

طارق العامر
أنصار الولي الفقيه ساءهم التطاول على ما يسمى برموزهم، ولهؤلاء نقول: رموزكم ليسوا اكرم، ولا اعز، ولا في منزلة رموزنا «ومن طق الباب جاه الجواب»، فخذوا مني الجواب: ويل لرموزكم الذين اكتالوا على الناس، وزرعوا الفرقة والفتنة بين ابناء الشعب والدين الواحد، وسعوا بكل ما اتاهم من قوة لتمزيق الوطن اربا اربا.. ويل لرموزكم الذين قادوا من على منابر التحريض اعمال العنف والحرق والتخريب واستهداف عناصر الأمن.. ويل لرموزكم، التي رفضت الاتحاد الخليجي، ولزمت الصمت ولم تنبس طوال عام ويزيد بكلمة ضد التصريحات الايرانية السافرة والتدخلات الوقحة في شؤون البحرين!! هل هذه افعال القيادات والرموز؟ وهل مثل هؤلاء تعدونهم «رموزا» وان كان؟ فهل هؤلاء الرموز تستحق الاحترام؟ ساءكم ما اصاب رموزكم، ومن هي رموزكم «ان هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان» فالرموز هي من تجاهد بنفسها، ومالها، ووقتها وحياتها من اجل الوطن، وتكون منارا للآخرين، وملهمة للجماهير، بالوطنية والفعل المؤثر للواقع، بغض النظر عن دين هذه الجماهير او لونهم او مذهبهم، مثل تلك الرموز ينتهي وجودها بموتها، لكن آثارها تبقى جزءا من التاريخ، بذمتكم من في رموزكم سيخلد في التاريخ؟ اية الله «مجنسي» مثلا؟ طيب، ماذا سيقول اية الله «مجنسي» للتاريخ حين يسأله عما صنعه بالوطن، هل سيقول إنه اول من حرض على «سحق» عناصر الشرطة؟ وماذا سيقول من أمعن في تفخيخ وطن بأكمله، عن دم المريسي وكاشف منظور ومحمد فاروق عبدالصمد وراشد المعمري وغيرهم من الضحايا الذين سقطوا الواحد تلو الاخر وهم ينزفون دما بسبب تحريضه وأكاذيبه؟ ماذا سيقول اية الله «مجنسي» للتاريخ عن احتلال مستشفى السلمانية، وعن مشاهد أبناء الجاليات الأجنبية الجرحى والمصابين وهم يُقادون مكبلي الأيدي إلى مستشفى السلمانية بين صفين من الممرضين والأطباء والمحتشدين الذين انهالوا عليهم بالضرب والشتم والسب بداعي أنهم «مجنسون»؟ ماذا سيقول عن دم اهل السنة الذين استشهدوا بسبب منعهم من تلقي العلاج في مستشفى السلمانية؟ وماذا سيقول عن سد الطرقات واحتلال الشوارع وتفخيخ الجسور، والهجوم على جامعة البحرين، والاعتداء الوحشي على الطالب خالد السردي، واستهداف اهل السنة في منازلهم بالمولتوف؟ هل لديه الشجاعة ليقر بما حدث للمواطنة رانيا زين العابدين وابنها الطفل عبدالله كاظم واللذين عاشا ليلة خوف بألف ليلة حين سالت دماؤهم على الاسفلت بفعل انبوبة غاز وجهها انصارها نحو منزلهم، وكل جرمهم انهم من أهل السنة؟ هل سيكون اية الله «مجنسي» صريحا مع التاريخ في الإجابة على أسئلته؟ أشك في هذا، لذلك فهو لن يخلد كرمز في التاريخ، وان كان فلن يخلد في صفحاته النظيفة والعفيفة!! ودون شك بانك ستنبهر حين تأتي على مناقب رموزنا الوطنية وتاريخها الذي سيسطر بماء من ذهب، ومعاذ الله ان اقارن بين الثرى والثريا ولكن للتدليل وحسب، وحين نأتي بالحديث عن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، فهو من قاد مشروعا وطنيا اصلاحيا جامعا، التفت حوله كافة القوى والتيارات السياسية والمجتمعية، والنخب السياسية، وجماهير الشعب البحريني، وقد ساهم هذا المشروع بنقل البحرين نقلة ديمقراطية إلى الأمام وحظي بتأييد دول العالم أجمع واحترامه واعتبر نموذجا يحتذى به، وهذا صنيع «بوسلمان» لوطنه، جعل من الحلم حقيقة. ثم وحين نذكر بالحديث صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان ال خليفة، فـ «الله أكبر» وحدث ولا ملامة، وجهز المداد والقرطاس وسن القلم لصنيع الرجال، ولست انا من يقر بذلك بل رمال البحرين وبحارها وحتى سماؤها، فهو من صنع المعجزة العمرانية والاقتصادية وأقام الدولة الحديثة في البحرين، واستطاع بعبقريته الفذة وسياسته الحكيمة وإبداعه ومثابرته أن يحول دولة صغيرة في الحجم إلى دولة كبيرة ذات سمعة براقة تنافس في الإنجازات لتكسب مكانة مرموقة وتكون في مصاف الدول المتقدمة، وأن تسرق الأضواء من أعظم دول العالم وتجذب الأنظار نحوها بكفاءة عالية تستحقها بكل جدارة وموضوعية، باختصار لم يكن لإنجازات المملكة لتتحقق لولا هذا الرمز الوطني. مكمن الاختلاف والتميز يا هذا ويا ذاك، هو: ان رموزنا عمرت وطناً وأقامت بنيانه، اما رموزكم فهدمت وطناً وخربت اركانه، والتاريخ سيشهد بذلك.

الاتحاد الخليجي.. آمال وتطلعات

د. عبدالرحمن بن الشاعر
تشهد الساحة الخليجية منذ فترة ليست ببعيدة حراكاً سياسيا صامتاَ على مستوى قادة دول مجلس التعاون الخليج حول تحول دول الخليج العربي الست من مرحلة التعاون إلى مرحلة الإتحاد، وبالأمس القريب انتهت القمة التشاورية لقادة مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في الرياض لمناقشة تقرير لجنة الخبراء المكلفة بدراسة مشروع إنشاء الاتحاد الخليجي، والتي لم يسفر عنها حسب ما تناقلته وسائل الأعلام إلا عن أن اللجنة عاكفة على دراسة التفاصيل الدقيقة لهذا الاتحاد حتى يخرج بصورته النهائية في الجلسة الاستثنائية التي سيدعى لها مجلس التعاون خلال الأشهر القليلة المقبلة دون أدنى معلومات. وبالرغم من أن غالبية شعوب دول الخليج العربية تنتظر الإعلان عن هذا الاتحاد بفارغ الصبر لما لكلمة اتحاد من بالغ المعني والأثر في نفوسهم باعتبار أن دافعهم نحو الاتحاد هو إقامة كيان قوي يستطيع المحافظة على استقلاليتهم وحتى يتمكن الدفاع عن كيانهم، وخاصة أن عالم اليوم يتجه نحو إقامة تكتلات وكيانات كبرى لأن الدول الصغيرة لم تعد قادرة على مواجهة التحديات والأطماع الخارجية المتنامية ناهيك عن الأزمات المالية التي لم يعد ممكنا أن تعالجها الدول الصغيرة بمفردها ذات الموارد والأسواق الصغيرة، لذا ففكرة الإتحاد تجد صدى لدى شعوب الخليج بأطيافها الاجتماعية والسياسية، وان كانوا يختلفون في شكل هذا الاتحاد فهو بمثابة طوق النجاة في مواجهة الأخطار المحدقة التي تداهم وجودهم وتقضي على كيانهم تجاه أي دولة أخرى قوية لا تستطيع بمفردها ردها، ومما يقوى هذا الدافع لدى هذه الدول المقومات المشتركة التي تحتم عليها أن تكون متحدة لا متفرقة أمام هذه الأخطار، والتي تتمثل في وحدة الدين واللغة والعادات والهوية والثقافة والمصير المشترك، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات لدى تلك الشعوب عن شكل هذه الاتحاد المزمع إنشائه ومدى قدرته على تحقيق آمال وتطلعات شعوبها وفي ذات الوقت مدى قدرته على المحافظة على خصوصية كل دولة من دول الاتحاد وإرادة شعوبهم، وخصوصاَ وأن التجارب العربية التي سبقتها انتهت بالفشل وذهبت مع الريح ابتداء من الاتحاد المركزي «الفيدرالي» للمملكة الليبية مروراً باتحاد الجمهورية العربية المتحدة سنة 1958 واتحاد الدول العربية المتحدة سنة 1958، وأخيراً الاتحاد الثلاثي سنه 1963، والإجابة على هذه التساؤلات تعتمد في المقام الأول على إرادة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها في ضوء التحديات والتحولات التي تمر بها المنطقة. ولكن أمام الصمت الإعلامي وشح المعلومات لا نجد مفر من تحليل هذه التساؤلات وفقاً للمعطيات الموجودة، فإذا كانت دول المجلس تسعى إلى إقامة اتحاد كونفدرالي فهو متحقق على أرض الواقع، فنظرة سريعة للنظام الأساس لمجلس التعاون لدول الخليج العربي لنجد أن نص المادة الرابعة منه تؤكد على أن أهداف المجلس تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، أي أن المجلس أنشئ في شكل اتحاد ووسيلته للوصول إلى هذا الاتحاد هو التعاون والتنسيق المشترك بين أعضائه شأنه شأن الاتحادات التعاهدية أو الكونفدرالية وأن لم يصرح بهذه الكنفدرالية في النظام الأساسي، ولا ينال من كونه كذلك عدم النص على ذلك بشكل صريح فكل من الاتحاد السويسري التعاهدي المبرم سنة 1815 والذي تحول بعد ذلك سنه 1848 إلى اتحاد فيدرالي والاتحاد الأمريكي التعاهدى لسنه 1783 والذي تحول بعد ذلك سنه 1778 إلى اتحاد فيدرالي، فضلا عن الاتحاد الأوربي سنة 1992 جميعهم لم ينصوا على كلمة فيدرالي بشكل صريح ولم يقل أحد بأنهم اتحادات ليست كونفيدرالية. إذن فأركان الاتحاد الفيدرالي متوافرة في مضمون اتفاقية مجلس التعاون فهي دول مستقلة وذات سيادة تامة أتحدت بموجب اتفاقية حددت أغراضها المشتركة في المجالات منها الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وما اتخذه المجلس الأعلى لمجلس التعاون من قرارات في المجال العسكري منذ إنشائه تهدف إلى تعزيز الدفاع عن نفسها مجتمعة انطلاقاً من أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها مجتمعة، وأن أي خطر يهدد أحداها إنما يهددها جميعاً، وثمرة هذا التعاون هو إنشاء قوة درع الجزيرة، واتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون وغيرها من الاتفاقيات، فضلاً عن وجود هيئة سياسية عليا وهي المجلس الأعلى الذي يتخذ التوصيات مع احتفاظ كل دولة من هذه الدول بسيادتها الخارجية والداخلية، فإذاً أي اتحاد تريد دول الخليج التحول له، أم أنها أدركت أن الاتحاد الكونيفدرالي بهذا الشكل لا يحقق الهدف المنشود لضعفه أمام التحولات الجديدة كما أدركت من قبلها الولايات المتحدة الأمريكية فتحولت إلى الاتحاد الفيدرالي سنه 1787 بعد أن ثبت ضعف الهيئة السياسية المشتركة للدول الأعضاء عن فرض إرادتها على الولايات في حدود اختصاصاتها كما هو الحال في دولنا الخليجية من عدم تنفيذ توصيات الهيئة السياسية العليا المشتركة. أم أنها تريد التحول إلى كوفيدرالية متطورة على غرار الإتحاد الأوربي تتمتع الهيئة السياسية العليا فيها بصلاحيات واسعة وحقيقية في شؤونها الدولية من إبرام معاهدات، وتمثيل سياسي وإعداد جيش دائم يدافع عن دول الاتحاد، وإعلان الحرب، وفي شؤونها الداخلية كسك العملة مع تعهد دول الاتحاد بالتزامها مقدماً بكل قرارات تصدر من هذه الهيئة مادامت صادرة في حدود اختصاصها ولو كانت صادرة بالأغلبية المنصوص عليها في ميثاق الاتحاد، وتصبح لقراراتها الصفة الإلزامية تجاه جميع دول الاتحاد ومنها الدول التي لم توافق على تلك القرارات، وذلك حتى نتفادى الضعف والفشل الذي حدث في تجاب الاتحادات السابقة، فقوة الاتحاد في مدى إلزامية قراراته وليس في وجوده أو توصياته، وبذلك تكون هذه الدولة حققت لشعوبها ما تصبو إليه وفي ذات الوقت حافظة على خصوصياتها، ولكن ماذا عن إرادة تلك الشعوب تجاه إقامة الاتحاد فهل تنصهر إراداتها في إرادة حكامها أم يتعين العودة إلى إراداتهم باعتبار أن هذا الإتحاد سيمس البعض من سيادة دولهم وحقهم في تقرير مصيرهم. فحقيقة أن تلك الدول تتمتع بدساتير ونظام أساسي خاص بهم يتعين العودة إليه حتى نعي ما هي الأداة القانونية التي سيتم بها الانضمام إلى الاتحاد، فعلى سبيل المثال ما نصت عليه كل من المادة «70» من دستور دولة الكويت لسنة 1962 والمادة «37» من دستور مملكة البحرين المعدل لسنة 2002، ونص المادة «68» من الدستور القطري الدائم لسنه 2004، حيث أكدوا بما لا يدع مجالاً للشك وبصيغ متطابقة بأن هذا النوع من الاتحادات يكون الموافقة عليها بقانون من الجهة المنوط بها القيام بالتشريع لا يكون عبر الاستفتاءات كما يعتقد البعض فمعاهدات الصلح والتحالفات، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة كل من الدول الثلاث أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة ومعاهدات التجارة والملاحة والإقامة والمعاهدات التي تحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الميزانية أو تتضمن تعديلا لقوانين يجب نفاذها أن تصدر بقانون. وأما من يقول عكس ذلك فهو أما أنه لا يقرأ أو لا يفهم فمع صراحة نصوص تلك الدساتير لا يجوز الاجتهاد فالتعويل على ما حدث للدول الأوربية من استفتاءات لبعض الدول للانضمام للاتحاد الأوربي فالأمر يعود لما هو منصوص عليه في دساتير تلك الدول التي تم استفتاء شعوبها وهو اختلاف مع الفارق وليس لديمقراطية تلك الدول، فأي أهدار لقيمة تلك النصوص هو إهدار لإرادة شعوبها التي توافقت عليها تحت أي مسمى كان عقديا أو استفتاء دستوريا، فقيام الاتحاد الخليجي لا يتوقف إلا على إرادات قياداتها وبرلماناتها التي أودعت فيها الشعوب ثقتها وآمالها باعتبار أن العملية التشريعية وما تتضمنها من سن قوانين تتوقف على إراداتهم دون غيرهم.

هل أنتم إيرانيون أم عرب

صلاح الجودر
تصاعدت وتيرة التصريحات والخطب الإيرانية في الفترة الأخيرة في اتجاه دول الخليج العربية، وليس البحرين والجزر الاماراتية كما كانت في السابق، ففي أقل من 25 يوما يخرج تصريحان هم الأخطر في العلاقات العربية الإيرانية، فبعد أن قطعت إيران علاقاتها مع دول العالم بسبب غطرسة قادتها وساسته الذين دفعوا بها إلى مرحلة الصدام، نراها هذه الأيام تنهي البقية الباقية من علاقاتها بدول الجوار الخليجية مستغلة في ذلك إنشغال الدول العربية لترتيب أوضاعها الداخلية بعد (الربيع العربي)!. ففي 30إبريل الماضي يخرج رئيس أركان الجيش الإيراني وعضو المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الجنرال حسن فيروزأبادي منذراً ومتوعداً دول الخليج العربية بأسرها، وليس البحرين فقط، من محاولة تشكيل هويتهم العروبية الجديدة تحت مشروع الإتحاد الخليجي، ومهدداً قادة وشعوب الدول الخليجية بالتسقيط والموت والرحيل قائلاً: المنطقة كانت دائما ملك إيران، وكلكم لنا!! بهذه الغطرسة والعنجهية تتكشف نوايا إيران في المنطقة، فهي تريدها منطقة فارسية صفوية خالصة، لذا يطلق قادتها هذه الأيام التصريحات الاستفزازية المتتالية دون خجل أو وجل، ففي السابق كانت التصريحات الاستفزازية تلحقها أعتذارات وتبريرات، أما اليوم فإن المسألة أصبحت على المكشوف، في تدخل سافر في شئون الدول الخليجية، وهذا ما تكشفه التصريحات والخطب القادمة من طهران. في خطبة الجمعة 25 مايو بجامع طهران يقف إمام الجامع (أحمد خاتمي) ليصف الإتحاد الخليجي بـ(الخيانة العظمى)، بل ويرفع وتيرة خطابه الديني للتدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج العربية حينما دعا شعوب المنطقة للخروج على أنظمتهم ودولهم، في تحريض مذهبي وشعوبي سافر، وإعادة للإطماع الإيرانية، محاولاً تحريك الحس الشعوبي والمذهبي لأبناء تلك الدول، وإيهام أبناء الدول الخليجية بأنهم خاضعين له ولنظامه!. التصريحات الإيرانية الإخيرة كشفت عن أزمة متفاقمة داخل نظام الحكم الإيراني، فتلك التصريحات دليل على أزمات كبيرة يعيشها النظام الإيراني مع شعبه المسلوب الإرادة، ولعل من أبرز أسبابها هو الحصار الدولي الذي تعانيه إيران بسبب المفاعل النووي، وقرب سقوط حلفائها في المنطقة وأبرزهم (سوريا وحزب الله)، كل تلك الأسباب تدعو لرفع وتيرة الخطابات السياسية والمنبرية، وإلا فإن الجميع يعلم بأن الدول الخليجية هي كيان وجسد واحد، جمعها مجلس التعاون الخليج في عام 1980م لدرء التهديدات والتدخلات الإيرانية التي رفعت حينها شعار (تصدير الثورة)، واليوم الحاجة إلى قيام إتحاد خليجي لمواجهة المؤامرة التي تديرها إيران في دول المنطقة تحت ذريعة الربيع العربي. الأزمة الحالية ليست في الدول الخليجية، فهذه الدول تعيش حالة من الأزدهار والتقدم والنماء والاستقرار تحت نظمها السياسية التي فتحت أبواب الديمقراطية والحرية والممارسة الدينية، ولكن الأزمة في الحكومة الإيرانية التي تريد أن تستفيد من (الربيع العربي) وحالة التغير التي تشهدها الدول الخليجي بما يعزز أمنها واستقرار(إيران) على حساب شعوب المنطقة، لذا تكثر هذه الأيام تصريحات مسئوليها لإثارة الغبار السياسي حتى لا يرى وجهها القبيح الذي كشفت عنه في دوار مجلس التعاون الخليجي في فبراير عام 2011م. تصريحات فيروزأبادي وأحمد خاتمي تأتي لإشعال النار في الدول الخليجية، فهي دعوة للخلايا النائمة لزعزعة الأمن والاستقرار في تلك الدول، ولكن للأمانة فإن شرفاء هذه الدول أبداً لا تغريهم الوعود الإيرانية، ولا تخوفهم تصريحات المسئولين الإيرانيين، فهم خلف قياداتهم السياسية التي توافقوا عليها منذ سنوات طويلة، ولكن تبقى ثلة قد باعت دينها وضميرها ووطنها من أجل هوية فارسية صفوية. عند العودة إلى عام 1970م نشاهد بأن الصورة تتكرر مرة ثانية هذه الأيام، ولكن بشكل أكبر، ففي عام 1970م احتلت إيران الجزر الإماراتية(أبوموسى و طنب الكبرى وطنب الصغرى)، وسعت لاحتلال البحرين وعزلها عن أمتها العربية، ولكن أبناء هذا الوطن، سنة وشيعة، تصدوا لتلك الدعاوى، ورفضوها أمام مبعوث الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، واليوم المسئولية على جميع أبناء الخليج العربي أن يحددوا مواقفهم وهويتهم، ففي عام 1970م حينما جاء مبعوث الأمم المتحدة لمعرفة هوية أبناء البحرين كان يطرح عليهم سؤالا محدداً: هل أنتم إيرانيون أم عرب؟!.

مهزلة دولية اسمها الملف النووي الإيراني

عبيدلي العبيدلي
فشلت العاصفة الترابية التي هبت على بغداد في تأجيل موعد، أو تغيير مكان اللقاء الذي تم بين إيران ومجموعة (5+1) بشأن الملف النووي الإيراني، الذي كان من الممكن القبول بكونه مجرد اجتماع روتيني، ينعقد التزاماً بالقرار الذي خرج به لقاء إسطنبول الأخير، كي يركز جهوده على مناقشة المرحلة التي وصل إليها الملف النووي الإيراني، والإجراءات المطلوب اتخاذها للحيلولة دون انتقاله من المستوى السلمي، إلى المرحلة العسكرية، وهو الهدف الذي لم تتوقف آلة الإعلام الغربي عن الترويج له منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام. لكن ماسبقه، وما تلاه أيضاً، من أحداث وتصريحات ذات علاقة مباشرة بالدول المشاركة، وغير مباشرة بالأوضاع في منطقة الشرق تجعل المتابع له يكاد أن يجزم، بأن جدول أعماله لم يقتصر على البند النووي، بل طالت القائمة كي تشمل بنوداً أخرى، ليس الشرق الأوسط سوى الأشد حضوراً فيها، والأكثر أهمية فيما بينها. أول تلك الأحداث، كان إنقاذ البحرية الإيرانية المباغت لسفينة أمريكية تجارية في خليج عدن، إثر تعرضها، كما صرح مسؤول بالقوات البحرية الإيرانية “ لهجوم من قبل قراصنة”، الذين لاذوا بالفرار مجرد وصول قطع البحرية الإيرانية !! التي كانت تقوم، حسب قول المسؤول “بمهمة استطلاعية”، وصفت بأنها “روتينية”. نلفت هنا إلى أن الاستغاثة الأمريكية، والنجدة الإيرانية، وهروب القراصنة مجهولي الهوية، كل ذلك يتم تحت سمع وبصر الأسطول السادس الأمريكي الذي تجوب قطعه البحرية المتقدمة في الاتصالات والمزودة بأرقى الرادارات وأكثرها تعقيداً، دون أن يستشعر، ومن ثم يبادر لإنقاذ إحدى السفن الأمريكية التي هاجمها أولئك القراصنة، وساعدتها قطعة بحرية إيرانية تقوم بمهمة استطلاعية روتينية. ثانيها التصريحات المتناقضة التي سيطرت على أقوال الإدارة الأمريكية، ففي 19 مايو 2012، يخرج علينا الرئيس الأمريكي باراك اوباما بتصريح يقول فيه “إن زعماء الدول الثماني المجتمعين في كامب ديفيد نظرتهم موحدة حول المفاوضات المقبلة حول الملف النووي الإيراني”. ثم يعود كي يستدرك “إن إمكانية تحول البرنامج الإيراني النووي إلى إنتاج الأسلحة أمر يقض مضاجعنا جميعاً”. يعقبه بعد ذلك بثلاثة أيام فقط تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، قائلاً “من المهم أن نلاحظ أن الإعلان اليوم يشكل خطوة إلى الأمام”، لكنه هو الآخر يستدرك كي يشدد على “أن الولايات المتحدة ستحكم على سلوك إيران انطلاقاً من أفعالها”، وكأنما الأفعال الإيرانية بانتظار هذا التوعد الأمريكي كي تعيد النظر في السلوك الذي ستختاره. أما ثالثهما فهو ما رشح من تصريحات دولية في أعقاب اللقاء الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة في 21 مايو 2012، حيث أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو “أن المحادثات مع كبير المفاوضي النوويين الإيراني كانت موسعة وسيكون لها تأثير إيجابي على مفاوضات إيران مع القوى العالمية في وقت لاحق هذا الأسبوع”، ورد عليه سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني الذي يمثل بلاده في المفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامح النووي الإيراني سعيد جليلي أن “بلاده والوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتا محادثات جيدة جداً حول تعاونهما المستقبلي”، مضيفاً “لقد أجرينا اليوم محادثات جيدة جداً وإن شاء الله سيكون هناك تعاون جيد بين إيران والوكالة الذرية”. مما يعني أن طي الخلافات، بافتراض صدق تصريحات من قالهما، والتوصل إلى اتفاق بات قاب قوسين أو أدنى. ونتوقف بتأنٍ، وتمعن مشترك عند الإشارة الرابعة، وهي الزوبعة التي ما تزال تعصف بالمكتب التنفيذي، ومن ورائه المجلس الوطني السوري المعارض، والتي قادت إلى الموافقة على استقالة أو ربما إقالة رئيسه برهان غليون، الذي أعلن فور قبول الاستقالة بأن “انسحابه من رئاسة المجلس الذي يضم 313 عضواً فور اختيار بديل له، تجنباً لمزيد من الانقسام”. وتناقلت وكالات الأنباء حينها أن “ قبول استقالة غليون، يأتي بعد حوالي أسبوع من بروز الانقسامات مجدداً داخل المعارضة السورية، حيث وصلت الصراعات الداخلية إلى القمة حول المنصب الذي كان يشغله غليون”، إلى جانب الخلافات حول الموقف من التدخل الخارجي في سوريا. ونصل إلى الخامسة، وهي ذات علاقة بالتداعيات التي أعقبت الاتهامات التي وجهت للجيش السوري الحر، وتحميله مسؤولية “خطف مجموعة من الحجاج الشيعة اللبنانيين في سوريا”، رغم نفيه ذلك، كما جاء على لسان رئيس المجلس العسكري للجيش الحر، الذي يتخذ مقرًا له في تركيا، مصطفى الشيخ، الذي قال لوكالة فرانس برس، “إن الجيش السوري الحر غير مسؤول أبداً. نحن لا نؤمن بهذه الطريقة. هذه محاولة لتشويه الجيش الحر”، وما تلا ذلك من مقتل الشيخ أحمد عبدالواحد الذي كان متوجهاً لحضور اعتصام لأهالي حلب في لبنان، عند مروره على حاجز للجيش اللبناني، وبين الحدثين، كانت تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، بشأن خطف الجيش السوري الحر للبنانيين التي قال فيها إن “قيادتي حزب الله وحركة أمل سيتعاطيان مع موضوع خطف اللبنانيين في سورية بطريقة مسؤولة جداً”، مضيفاً :«هناك دول وقوى إقليمية مؤثرة في هذا النوع من الملفات”. في ذلك القول إشارة واضحة إلى الأحداث اللبنانية – السورية بإعادة تركيب سياسي قريب لمنطقة الشرق الأوسط. وننتقل إلى السادسة، وقبل الأخيرة، وهي احتمالات نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر، التي تنذر، من وجهات النظر، الإسرائيلية والغربية – خاصة الأمريكية – والإيرانية، بوصول جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي يعني إعادة رسم خارطة النفوذ السياسي، والانتماء العقائدي والمذهبي على حد سواء، من جديد، بما لا يتفق والمصالح الاستراتيجية والعقيدية للدول الثلاث، بالتقاطع وليس بالتوافق، ما لم يجرِ تغيير جذري في مشروع جماعة الإخوان إزاء المنطقة. وننتهي بالسابعة، وهي نتائج قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت قبل أيام من لقاء إيران مع مجموعة (5 + 1)، وفي أعقاب زيارة الرئيس الإيراني أحمد محمود نجاد، التي صاحبتها ضجة إعلامية إثر التصريحات الاستفزازية التي أطلقها خلال تلك الزيارة، ثم تلتها دعوة إيران مواطنيها للتظاهر عقب صلاه الجمعة للاحتجاج علي ما وصفته بخطه أمريكيه تهدف إلي ضم البحرين للسعودية. وحث مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الإيراني، الذي ينظم المظاهرات نيابه عن الحكومة الإيرانية، “الإيرانيين على الاحتجاج على الخطة الأمريكية الهادفة لضم البحرين للسعودية، بحسب وصفهم
من الخطأ القاتل أن يقودنا فهمنا للأحداث والتصريحات إلى أنها “مؤامرة”، فليست هناك مؤامرة تعد في وضح النهار، وتحاك خيوطها على مرأى ومسمع العالم، أفراداً، ودولاً، ومؤسسات. لكن من السذاجة بمكان القبول بأن ما أعد له في بغداد، لا يعدو كونه مناقشة الملف النووي الإيراني، الذي سيواصل من شاركوا في لقاء بغداد استكمال نقاشاته في نهاية العام الحالي في موسكو. فلو كان الهدف، كما تروج الأطراف الضالعة في لقاء بغداد، وقف إيران عن الاستمرار في مشروعها النووي، لكانوا وضعوا طهران أمام خيارين لا ثالث لهما، إما انصياع طهران، دونما نقاش، لما تراه مجموعة (5 +1) صحيحاً، بغض النظر عن حق تلك المجموعة في فرض شروطها، وإما تصعيد موقف تلك المجموعة إلى مستوى اضطرار إيران للخضوع لها. هذا يعني أن هناك بنوداً إضافية، ليست محصورة في الملف النووي الإيراني، هي التي ستستأثر بنصيب الأسد من النقاشات، التي لا بد لها من أن تعرج على بند ذلك “الملف”. هذا يدفعنا إلى التوقف عند اجتماعات الملف برمتها، وإعادة قراءة جدول أعمالها بشيء من التمعن المشوب بالشك. فحقيقة الأمر إذا نظرنا إلى تلك الأحداث والتصريحات التي أوردناها في بداية المقال، وحاولنا إنضاجها بوضعها في قدر على نار هادئة، وإعادة قراءتها جميعاً وهي تتفاعل في طريقها نحو النضج، سنكتشف أنها جميعاً تشير إلى أن أكثر البنود هامشية على مائدة اجتماع بغداد، ولاحقاً في موسكو، لن يكون الملف النووي الإيراني، وإنما إعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط التي لا بد وأن تأتي في قمة اهتمامات جميع الدول المشاركة في اللقاء، بما فيها الدولة الإقليمية، والتي هي إيران. وبالتالي فلن ينكب المشاركون في لقاء بغداد، ويهدرون وقتهم في مناقشة موضوع، تشير كل الدلائل على أن هناك شبه إجماع على طريقة التعاطي معه، والتحكم، إلى حد بعيد، في مساراته، في مرحلة هم في أمس الحاجة إلى إمعان النظر في خارطة الشرق الأوسط، التي تؤثر مواقع أراضيها الاستراتيجية، الحاضنة لما يزيد على 25 % من الإنتاج العالمي للنفط، وتختزن ما يربو على 60% من احتياطيه، على سياستهم العالمية، وتمس مصالحهم المباشرة، كي يعيدوا رسم تلك الخارطة، الحبلى بالتغيرات، بما ينسجم مع تلك المصالح، ويحافظ عليها، ويضمن الدفاع عن كلتيهما: السياسة، والمصالح. لا ينبغي أن يقودنا كل ذلك إلى تصوير أن ما يجري في لقاء بغداد لن يعدو كونه “مؤامرة “ يحيكها المشاركون فيه ضد العرب والدول العربية، ففي ذلك الكثير من التسطيح السياسي، الذي غالباً ما نغرق نحن العرب في تحليلات مياهه الضحلة. فمن الطبيعي أن يحظى الملف النووي الإيراني بالاهتمام، لكن في الحدود التي يستحقها، دونما إغراق غير مجد، ولا قفز عليه غير مبرر. من أجل ذلك ولكي نزيل الأوهام من أذهان من يصرون على جدية أطراف لقاء بغداد في حصر نقاشات جلساته في موضوع الملف النووي الإيراني، لنفترض جدلاً، إن إيران أصرت، وبشكل علني، على حقها في امتلاك السلاح النووي، فهل هذا يعني قدرتها على استخدامه ضد أي من أعدائها، فيما لو اندلعت حرب بينها وبين أي من أولئك الأعداء. ولنأخذ العدو الصهيوني مثالاً للتدليل على عدم أهمية تسليح إيران نفسها نووياً. فرغم امتلاك تل أبيب للسلاح النووي منذ الستينات، إن لم يكن الخمسينات من القرن الماضي، فهي لم تجرؤ على استخدامه في أي من الحروب التي خاضتها ضد الدول العربية، بما فيها حرب رمضان في سبعينات القرن الماضي، عندما كادت تل أبيب أن تشهد أكبر هزيمة عرفها تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فوجدناه عوضاً عن اللجوء إلى السلاح النووي، تستنجد بالولايات المتحدة التي لم تتردد في مدها بما تحتاجه من سلاح وعتاد ودعم إعلامي ودبلوماسي، قاد في نهاية الأمر إلى وقف التقدم المصري، وصولاً إلى معاهدات السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل. من هنا ليس هناك أكثر من طهران ذاتها إدراكاً، بأن هناك ما ينبغي أن يكون أكثر أولوية من امتلاك السلاح النووي، إنما مستقبل خارطة العلاقات وأطلس التحالفات القادمة في منطقة الشرق الأوسط، الآخذة معالمها في التشكل، وهو الأمر الذي يسيل له لعاب من لهم مصالح فيها من أمثال مجموعة (5 + 1)، أو يثير مخاوف من ستمسهم تلك التحولات بشكل مباشر مثل إيران. تأسيساً على ذلك، فإن ما يدفع أطراف لقاء بغداد أن يروجوا لعنوان محادثاتهم، كي يوهموا العالم بأنها ستكون محصورة في القضية النووية هي مجموعة من الأسباب يمكن تحديد الأهم من بينها في النقاط التالية: 1. بالنسبة لإيران، ليس هناك ما بوسعه سحب البساط من تحت خصومها الداخليين، وهم كثر هذه الأيام، وتحييد القوى القومية والعقائدية المعارضة لها، أفضل من جر البلاد إلى معركة خارجية، تظهر فيها طهران أنها مجبرة على خوضها، كما تبدو فيها أيضاً، أنها ضحية مستهدفة من “الدول العظمى”، بقيادة “الشيطان الأكبر”، الذي هو الولايات المتحدة. الحكم في طهران اليوم، في أمس الحاجة إلى تماسك داخلي ملتف حول السلطة، يعينه على خوض معاركه الإقليمية الخارجية، مثل الخلاف على تسمية الخليج، والحق في امتلاك التقنيات النووية، والحيز السياسي والاقتصادي الذي تطمح هي لاحتلاله في خارطة الشرق الأوسط. 2. أما بالنسبة لدول مجموعة (5 + 1)، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة، فهي الأخرى بحاجة اليوم إلى قناة شرعية توفر لها القدرة على استمرار الاتصال مع طهران، وتمدها بالغطاء العلني الشرعي الذي يبيح لها إجراء أية مفاوضات تجد نفسها في حاجة لها. على نحو مواز أيضاً، تدغدغ الإدارة الأمريكية، من خلال إثارة الرأي العام الأمريكي والدولي ضد إيران، وسعيها للوصول إلى حل بشأن المسألة النووية، غرائز المجتمع الأمريكي، وتحرف أنظاره عن المشكلات الداخلية التي يعاني منها، والتي ولدتها الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي، وماتزال تداعياتها، تشكل تهديداً مستقبلياً ماثلاً أمامه. كل ذلك يجعل المواطن العربي يرى فيما جرى في بغداد، وقبل ذلك في إسطنبول، ولاحقاً في موسكو، بشأن الملف النووي الإيراني ما يشبه المهزلة الدولية التي سوف تستمر لفترة قادمة، ولن تتوقف قبل أن يصل الطرفان الأساسيان في تلك اللقاءات، وهما إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق واضح المعالم، ينظم العلاقات فيما بينهما، ويزيل عقبات الخلافات التي تقف في طريق مساعيهما المشتركة للوصول إلى صيغة تحالف قوي قابل للصمود في وجه العواصف التي يرونها في انتظاره

مصر بين مطرقة الإخوان وسندان الجيش

عبيدلي العبيدلي
قالت صناديق الاقتراع كلمتها التي حسمت معركة الانتخابات الرئاسية في مصر بجولة ثانية يخوضها مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، بعد صراع مع النظام المطاح به تعود إلى الخمسينات من القرن الماضي، ضد مرشح الجيش المصري، إن جاز لنا القول، أحمد شفيق الذي تجاوز كثيراً من حواجز حرمانه من حق المشاركة في الانتخابات بوصفه أحد بقايا النظام السابق. بعيداً عن التحالفات التي يمكن أن تنسج بين القوى التي خسر ممثلوها في الجولة الأولى، وبغض النظر عن الانحيازات التي يمكن أن تنشأ في الجرف القاري لخارطة القوى السياسية المصرية، سيجد الناخب المصري نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: مرسي أم شفيق على مستوى الأفراد، والإخوان أو الجيش على المستوى السياسي. نخلص إلى ذلك بسبب الطبيعة الذاتية لواقع النظام المصري أولاً، وللشروط الموضوعية التي يفرضها عليه واقعه الجغرو- سياسي ببعديه الإقليمي والدولي ثانياً. فعلى المستوى الذاتي، لا يمكن لمصر أن تطيل من فترة أي شكل من أشكال الفراغ السياسي المفتقد لنظام حاكم، يسير الأمور في البلاد، بغض النظر عن طبيعته. ينغرس ذلك عميقاً في تاريخ تطور المجتمع المصري يصل إلى الفراعنة، إذ تحتاج مصر، دوماً، إلى نظام حكم قائم مستقر يدير دفة الأمور فيها. تؤكد ذلك الدراسة الجغرافية الأنثروبولجية الموسوعية التي وضعها الراحل جمال حمدان التي صدرت في كتاب حمل عنوان “مصر: جغرافية المكان”. لا يعني ذلك الاستقرار، خمول المجتمع المصري، بقدر ما يؤكد حاجته إلى حسم أموره، وسرعته في اختيار النظام الذي يعتبره الأفضل، أو القبول به في حال تسلم قواه المسيطرة على السلطة. أما على الصعيد الموضوعي الإقليمي، فقد أفرز تطور الأوضاع في الشرق الأوسط على امتداد العامين المنصرمين، حالات تغيير حسمت الأمور فيها كما هو الحال في تونس وليبيا، وأخرى مايزال مآل الصراعات فيها غير ناضجة، كما هو الحال في اليمن وأكثر منه في سوريا، ومن ثم فمن الصعب، أن تسمح الظروف الموضوعية ببروز حالة ثالثة، وبالحجم السياسي، بل وحتى الاقتصادي الكبير التي تمثله دولة بحجم مصر. طبيعة العلاقات الشرق أوسطية وكذلك الأفريقية، لا تبيح، لمصر موضوعياً، إلا أن تحسم أمورها، بغض النظر عن من يتولى السلطة فيها. وعلى الصعيد الموضوعي أيضاً، ليس في وسع العلاقات الدولية المرتبطة بترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، أن تتحمل عدم الحسم في الساحة المصرية، مع حرصها على أن تكون لها كلمة مؤثرة في اتجاه ذلك الحسم. ليس المقصود هنا الفهم الآلي الساكن الذي يعتبر كلمة تلك القوى القول الفصل، لكن لا ينبغي إغفال العامل الدولي عند الحديث عن ترتيب الأوضاع في مصر، سواء لثقلها الذاتي، أو لحجمها الإقليمي الشرق أوسطي. انطلاقاً من كل ذلك، وبناء على الخارطة السياسية التي انتهت إليها نتائج انتخابات الجولة الأولى من الانتخابات، سيجد المواطن المصري نفسه موضوعياً أمام الخيارين اللذين نتحدث عنهما، وهما: مطرقة الإخوان وسندان الجيش. مطرقة الإخوان لعدة أسباب الأول هو الآخر ذاتي، مصدره كون الإخوان يستحوذون على الغالبية العظمى في البرلمان المصري المنتخب مؤخراً، الأمر الذي يعني أن شكلاً من الحكم غير الديمقراطي في انتظار ذلك المواطن، رغم أن الإخوان صرحوا في بداية التحول نحو الديمقراطية، بعد الإطاحة بحكم الرئيس مبارك، أنهم سيتحاشون الوصول إلى هذه المعادلة التي تجعلهم أمام خيارات صعبة، بين ما نادوا به، وما أصبحوا يمارسونه. أما على الصعيد الموضوعي، فسيجد الإخوان نفسهم أمام خيارات صعبة ومعقدة، لعل الأكثر تعقيداً فيها هو العلاقة المتوازنة المطلوب نسجها مع الكيان الصهيوني ذات الأبعاد الثلاثة: الأول هو عقائدي يتعلق بالموقف من المعاهدات التي تربط بين مصر والعدو الصهيوني، وفي القلب منها الموقف من القدس الشريف، فكيف ستعالج حكومة الإخوان في حال فوزهم هذه المسألة على الصعيد الإعلامي، دع عنك العقائدي. أما الثانية فهي ذات طابع سياسي/ تنظيمي، وهو الموقف من حركة حماس، بما يعني ذلك المعابر من الجهة المصرية، وعلاقات حماس مع السلطة الفلسطينية، ومواجهاتها الصدامية ذات الطابع العنيف، بغض النظر عن حجمها، مع العدو الصهيوني من الجهة الإسرائيلية. أما الثالث فهو ذو بعد اقتصادي، والمقصود به النظام الاقتصادي الذي ستخاطب به الدولة المصرية القادمة المؤسسات الدولية، وإلى أي مدى سيلتزم بالقيم الإسلامية. جميع هذه العوامل، وربما أخرى غيرها، لكنها أقل أهمية وحضوراً في الوقت الحالي، من المتوقع أن ترغم الإخوان على تقليص هوامش الحريات وتضييقها على المواطن المصري، كي يتسنى لهم تثبيت دعائم حكمهم، من أجل اتخاذ القرارات التي يرونها مناسبة لضمان استمرارهم في السلطة، بكل إغراءاتها السياسية. هذا يرغم الإخوان على الاستعانة بالمطرقة، إن هم أرادوا إحكام قبضتهم على مقاليد الحكم. أما بالنسبة لسندان الجيش، فمن الطبيعي أن يتمسك به أحمد شفيق، وهو ابن المؤسسة العسكرية، بكل ما تحمله من علاقات وثيقة مع أجهزة ومؤسسات النظام السابق، وبالتالي، فليس في وسع شفيق، أن يتنصل من تلك العلاقات، أو أن يتملص منها، بغض النظر عن تصريحاته التي أعقبت إعلان نتائج الجولة الأولى التي حاول فيها إثبات أنه في حالة طلاق مع القديم، وأنه لن يكون هناك عودة إلى الوراء، ودعوته لفتح صفحة جديدة. فمن الطبيعي أن تكون مؤسسة الجيش، بكل تشعباتها المالية والسياسية والاجتماعية، هي التي حملت شفيق إلى الجولة الثانية، ومن ثم فمن غير الطبيعي أن تقبل بهزيمة خاضت هي معارك، بعد أن حضرت هي كل مقومات نجاحها، انتصاراتها. هذا يعني حرمان شفيق من حقه في عدم إعادة عقارب الساعة إلى الخلف، الأمر الذي ينذر بصدامات داخلية، يصعب في هذه المرحلة رسم معالمها، لكنها تدفع شفيق إلى الاستعانة بسندان الجيش لحسم المعارك الداخلية في صفوفه لصالحه شخصياً، وصالح الجناح العسكري الذي ينتمي إليه مؤسساتياً. ومن الناحية الموضوعية، ستطالب القوى التي حاولت إسناد حكم مبارك قبل خلعه، والتي من الطبيعي أن يكون لها هي الأخرى مساهمات في إيصال شفيق إلى الجولة الثانية، وإلى الحكم في حال فوزه فيها، شفيق بدفع فواتير ذلك الدعم المنظور وغير المنظور. سيجد شفيق حينها نفسه أمام خيارت صعبة ومعقدة، ففي حال إرضاء مطالب تلك القوى، ربما يؤدي ذلك إلى تأليب الرأي العام الداخلي عليه، إن هو أصر على كسب رضاها، وإلا فعليه أن يهيئ نفسه لتسديد فواتير سياسية باهضة الثمن، ربما لا يكون قادراً على تحملها. هذا دون إغفال الفواتير الدولية الأخرى، سياسية واقتصادية، التي سيرثها من النظام السابق، لكونه، في نظر الدائنين، امتداداً طبيعياً له. هنا سيجد شفيق نفسه مضطراً مرة أخرى إلى اللجوء إلى السندان العسكري الذي أشرنا له. ملخص القول، إنه بعيداً عن من سينجح في الجولة الثانية، سيجد المواطن المصري نفسه مرة أخرى محصوراً بين مطرقة الإخوان أو سندان الجيش.

الإشكالية الشرعية في حزب ولاية الفقيه

صباح الموسوي
بعد أن صدر حكم ارتداد محمد بن مكي العاملي، الذي كان أول من قال بنظرية ولاية الفقيه من قبل وكلائه وأعوانه وجمع كبير من علماء وشيوخ الإسلام، حاولت سلطة المماليك في دمشق منحه الفرصة للعودة عن رأيه، حيث إن العادة المتبعة حسب المذهب الشافعي آنذاك كانت تقضي بترك المرتد أو الزنديق عاماً واحداً في السجن قبل إعدامه على أمل أن يتوب ويرجع عن ذنبه، وقد طبق هذا الأمر على ابن مكي. وقد حاول أحد قضاة دمشق ويدعى برهان الدين الشافعي إنقاذ ابن مكي من خلال الإفتاء باستتابته، إلا أن قاضي القضاة رفض هذه الفتوى وأمر بإعدام بن مكي، وبناء على ذلك تم في اليوم التاسع من جمادي الأول لسنة 786هـ ضرب عنق أول من قال بنظرية «ولاية الفقيه» ونصب نفسه نائباً للإمام الغائب. يتبين من مراجعة المصادر التاريخية التي تناولت هذا الموضوع، وأغلبها مصادر شيعية ومن أبرزها كتاب «هجرة علماء الشيعة من جبل عامل إلى إيران في العصر الصفوي» لمؤلفه مهدي فرهاني منفرد، أن محمد بن مكي لم يكن مجرد فقيه ديني شأنه شأن أي فقيه آخر، بل إن الرجل كان يحمل مشروعاً سياسياً ذا بُعد عقائدي يهدف من خلاله للوصول إلى السلطة عن طريق إثارة العصيان والثورة المسلحة، وهذا قد يفسر سبب عدم تبني أغلب مراجع الشيعة التقليديين لنظرية ابن مكي العاملي «ولاية الفقيه المطلقة» طوال العقود التي أعقبت مقتله، وذلك لقناعة هؤلاء المراجع أن هذه النظرية مناقضة لأصول العقيدة إضافة إلى استحالة تحقيقها. لقد ربط الخميني مشروع تصدير الثورة بموضوع ولاية الفقيه المطلقة، وعمل النظام الإيراني على تأسيس تنظيمات وأحزاب عديدة في الدول العربية والإسلامية على قاعدة الإيمان بولاية الفقيه المطلقة، وقد اعترف أمين عام حزب الله في لبنان حسن نصر الله أثناء أحداث بيروت الدامية في مايو 2008م بذلك صراحة حين قال «يتصورون أنهم يهينوننا عندما يقولون حزب ولاية الفقيه، إني أفتخر أن أكون فرداً في حزب ولاية الفقيه»، وهذا يؤكد مرة أخرى أن «نظرية ولاية الفقيه» ليست مسألة فقهية دينية إنما هي حزب سياسي يبيح لنفسه استخدام كافة السبل والوسائل لتحقيق غايته. لكن الأمر الذي يبعث على الاستغراب ليس في كلام حسن نصر الله أو من هو على شاكلته من الذين قدموا مصلحة إيران ونظامها على مصلحة أوطانهم وشعوبهم، فهؤلاء جميعاً أبناء مدرسة واحدة ويصرحون حول ولاية الفقيه وغيرها من العقائد والأفكار وفقاً لمقتضيات مصالحهم الحزبية والطائفية الضيقة، لكن ما يثير الاستغراب هو كلام ومواقف ممن يدعون أنهم خارج هذه المدرسة الطائفية وأنهم وطنيون متنورون، غير أن الواقع أثبت أنهم دعاة متحمسون لحزب ولاية الفقيه، وهؤلاء لا يدركون، أو أنهم يدركون لكن يتعمدون التظاهرة أنهم لا يدركون، أن التشيع الذي تسعى إيران إلى نشره ليس المذهب الفقهي الذي يتخيله الناس على أنه مجرد مذهب فقهي، فما تسعى إليه إيران هو نشر «حزب ولاية الفقيه المطلقة»، الذي أعدم أول مؤسس له وهو محمد بن مكي العاملي بتهمة الارتداد والزندقة، وفي هذا فرق كبير بين أن تدعو لتطبيق أهداف حزب سياسي متأبط بسلاح الطائفية وبين الدعوة لمذهب فقهي. فإن لم يدرك هؤلاء المتنورون الفرق بين الاثنين فهذه مصيبة، وأما إذا كانوا يدركون فالمصيبة أكبر وأعظم، لأنهم بذلك يكونون قد تحولوا إلى دعاة لحزب ولاية الفقيه الذي من أبسط من يسعى إليه إقامة حكومات طائفية تابعة للإمبراطورية الفارسية الجديدة، ولعل ما هو حاصل في العراق ولبنان يغني عن الشرح

المتعرضون للتهديد

فيصل الشيخ
إيجابي أن تتفاعل الدولة مع أية تصريحات تأتي من جهات خارجية، سواء أكانت رسمية أو غير رسمية، موثوقة أم مشبوهة، بغية بيان حقيقة الأمور، لكن الإيجابي أكثر أن تتفاعل الدولة أولاً مع داخلها بشكل أكثر وضوحاً. مجموعة من الموجودين خارج البحرين، غير ملاحقين أمنياً، كرسوا أنفسهم لتشويه صورة البحرين وخدمة الأجندة الأجنبية الطامعة في بلادنا، يتنقلون من واشنطن إلى جنيف إلى العراق ويصرفون مبالغ كبيرة لا يجرؤون على كشف مصادرها، ينتهي بهم المطاف إلى الادعاء بأنهم يتعرضون للتهديد. المفارقة أنهم هم من يهددون الدولة، وهم من يحركون الأدوات بالداخل لتهديد أمن البحرين ومواطنيها. تنساق منظمات وجمعيات وراء ما يقولون، ويجزمون به ويأخذون به باعتباره الحقيقة المطلقة، بينما الدولة ترد على ذلك بالنفي، وبالأسلوب المعتاد، أي أسلوب “ردة الفعل”، في حين مازال “الفعل” ضعيفاً، ومازال إيصال الحقيقة البحرينية لما حصل لا يضاهي جملة الأكاذيب التي طالت البحرين. طيب إن كانت المؤسسات والمنظمات الدولية حريصة على ضمان أمن وسلامة البشر، فلماذا لا تتحدث عمن يتعرضون يومياً للتهديد في حياتهم داخل البحرين؟! لماذا لا تدين الأفعال الإرهابية ورمي المولوتوف وقطع الطرقات؟! هل لأن الحقيقة لا تصلهم؟! إن كان الجواب بنعم، فعليكم أن تبحثوا عن المقصرين في إيصال الحقيقة، ولسنا نتحدث عن اجتهادات أفراد لتعلق عليها الشماعة، بل عن جهود جهات رسمية لها ثقلها ووزنها، نتحدث عن إعلام لا يعرض حتى محلياً ما يحصل من عمليات إرهاب وتخريب يومية، نتحدث عن مؤسسات مجتمع مدني كثير منها لا يهمه مما يحصل سوى جني المكاسب والتحضير للانتخابات القادمة. البحرين وسمعتها ينهشان نهشاً في الخارج ونحن نكتفي برد الفعل ونقول لهم لا تصدقوهم إنهم يكذبون. جهات خارجية تغدق الأموال وتصرف على هذه الخناجر لتواصل طعن البحرين، بينما في الداخل نضع الأغاني تلو الأغاني ونقول الأمور طيبة. إن كان أي شخص سيدعي أنه مهدد ومتضرر سيصل لجهات خارجية ويسوق عليها قصصه الخيالية، وبعدها ستتفاعل أجهزة الدولة مع موضوعه، فمن باب أولى أن يوصل المتضررون الحقيقيون في حياتهم داخل البحرين معاناتهم للخارج ويطلبوا من هذه المنظمات أن توصي الدولة بحمايتهم من الإرهاب. البحرينيون المخلصون يعانون اليوم من تهديدات سببها الإرهاب المنظم الذي يغطيه أصحابه بشعارات حرية الرأي والديمقراطية وغيرها. اليوم المواطنون والمقيمون يعانون من سد الطرقات والإرهاب وتداعيات التصادمات اليومية، وكل ما يطالبون به هو إعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ومحاسبة من يرتكب الجرائم ويخرق القانون، لكن للأسف باتت القناعة لديهم بأن الإجراءات فقط ستتوقف عند بيانات وتصريحات. لا تثبيت دعائم الأمن في الداخل مستقر وواضحة معالمه، ولا الدفاع عن البحرين في الخارج يتم بطريقة تقارع الاستهداف. ألم نتكلم فيما مضى عن الضرر النفسي وكيف أن المواثيق الدولية تجرمه، وأنه أخذ حيزاً كبيراً من المناقشات في اجتماعات جنيف على امتداد سنوات طوال؟! لم لا تقولون لهم بأن الشعب البحريني اليوم متضرر نفسياً ومستهدف أمنياً. أليس هؤلاء بشر؟! أليس لهؤلاء حقوق؟! أم أن الحقوق يتم التعهد بحفاظها لمن يطعن الدولة ثم يتباكى ويصرخ ويقول بأن الدولة هي من تطعنه وتهدده. حتى في دفاعنا عن قضيتنا العادلة وفي دفاعنا عن بلدنا مازلنا نعاني ونجهل كيف يجب أن تدار الأمور؟! لا نريد ظلم أحد خاصة من يجتهد، لكننا نقول بأن المحصلة النهائية لا تبعث على الارتياح.

خدعة عرب سات الإيرانية

يوسف البنخليل
مئات الآلاف من البحرينيين وغيرهم تابعوا منذ فبراير 2011 الهجمة الإعلامية الكبيرة من شبكة واسعة من القنوات الفضائية الإيرانية والعراقية واللبنانية ضد البحرين والسعودية لأسباب معروفة وواضحة. هذه الشبكات تمثل الأداة الإعلامية لتنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، وتمثل في الوقت نفسه أداة دعم للجماعات الراديكالية المؤيدة لطهران من أجل تنفيذ أجنداتها وتشمل الضغط السياسي والإعلامي. مثل هذا الأسلوب ذكي وفعّال ومؤثر، ولكنه يمكن أن يكون كذلك إذا كانت البيئة التي تعمل فيها مثل هذه الأدوات خصبة وصالحة للاستخدام والتأثير على الرأي العام. وهذا هو الواقع بالنسبة للمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عرب سات) التي باتت مخترقة وغير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة ضد القنوات الفضائية الناشطة ضد الدول العربية التي أسست هذه المؤسسة أصلاً. نفهم جيداً طبيعة الارتباطات القائمة على أرض الواقع من قيام إحدى الشركات الخليجية بتأجير باقة في (عرب سات)، ومن ثم تأجيرها بشكل غير مباشر لمجموعة من القنوات الداعمة لفكر ولاية الفقيه وبث الأيديولوجيا الإيرانية. ولكننا لا نفهم عدم قدرة الحكومات العربية على اتخاذ قرار شجاع وجريء بإيقاف مثل هذه القنوات الفضائية لتأثيراتها الخطرة والسلبية على تشكيل اتجاهات الرأي العام العربي، خاصة وأنها تطورت ووصلت لمرحلة التأثير على الأوضاع السياسية القائمة، بحيث يمكنها المساهمة في تغييرها كما حدث في العديد من البلدان. إذا كانت مؤسسات العمل العربي المشترك غير قادرة على حماية المصالح العربية الأساسية، فإنه لا جدوى من استمرارها، ولا جدوى من العمل من خلالها. ولذلك فإن قرار هيئة شؤون الإعلام بإيقاف باقة البحرين عبر (عرب سات)، خطوة مهمة تستحق التقدير، وتتطلب وقفة حقيقية من البلدان العربية الأخرى. إذ ليس من المقبول أن تبادر إحدى الدول بإيقاف باقتها على (عرب سات)، في حين تسمح الدول العربية الأخرى باستمرار وجود شبكات فضائيات مدعومة إيرانياً في تشويه الخطاب الإعلامي العربي لصالح أجندة سياسية بالدرجة الأولى. إن استمرار باقات بقية البلدان العربية عبر (عرب سات) وشبكاتها الفضائية مع الشبكة الإيرانية دون اتخاذ موقف هو شكل من أشكال التضامن الإعلامي غير المقبول والذي يتطلب تدخلاً حاسماً وموقفاً أكثر وضوحاً بدلاً من التمسك بشعارات “التعاون العربي الإعلامي المشترك”. أيضاً قرار هيئة شؤون الإعلام بشأن (عرب سات) يعكس موقفاً مهماً من حكومة البحرين تجاه طهران، وهو خطوة تمثل البداية ينبغي أن تتبعها سلسلة من الخطوات على صعيد العلاقات السياسية والاقتصادية أيضاً حتى يكون موقف الدولة البحرينية أكثر حسماً تجاه التدخلات الإيرانية.

هل يضيع مستقبل البحرين بضياع التعليم

هشام الزياني
إذا أرادت الدولة أن تصحح مسار أمور خاطئة كثيرة أوصلتنا إلى مرحلة الانقلاب بعد أن تمت الهيمنة على مفاصل الدولة (وزارات، وهيئات، شركات كبيرة مملوكة للدولة) فإن أولى الخطـــوات تصحــــيح مســــار التعلـــيم في البحرين (بوابة الانقلاب). كل البهرجة التي نسمعها ونشاهدها عن التعليم لن تجدي نفعاً، إن كان التعليم “مطأفناً”، وإن كان التعليم سرق تحت عين الدولة وبرضاها، نعم نشجع كل المبادرات لتطوير التعليم والابتكار في تطوير التعليم وفي إعداد المعلم كركيزة أساسية للتعليم، لكن كارثتنا تكمن في الركيزة الأساسية حين يكون المعلم / المعلمة يعمل بشكل طائفي لا بشكل مهني وإنساني مع الطلبة، يقسمهم إلى فسطاطين، كما قالها عيسى قاسم في شعارات العزاء “فسطاط يزيد وفسطاط الحسين”، (وأهل التوحيد يحبون سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي رضي الله عنه وأرضاه حباً جماً، نحبه كما أمرنا الله ورسوله بمحبة أهل بيت الرسول الكرام، لا إفراط ولا تقديس). إذا كان المعلم يقسم الطلبة إلى هذا التقسيم؛ فمن أين ينهض التعليم حتى لو أتيت بكل تقنيات العالم، وحتى لو أنفقت مال الأرض، مادامت القلوب غير نظيفة ولا تعامل أبناء الوطن بوطنية وحب وصدق فلن تجدي كل المبادرات. تضيع البحرين حين يضيع التعليم (زعل من زعل ورضي من رضي) هذه هي الحقيقة، والخراب الذي نحن فيه يحتاج إلى سنوات طوال لتصحيح المسار بمعلمين ومعلمات وطنيين يحبون البحرين وأهلها. لن أرضى أن يعامل أي طالب أو طالبة شيعية معاملة غير مهنية وغير إنسانية، هذا غير مقبول ولا نريده، بل يجب أن نحاسب عليه من يقوم بفعل غير مهني. كما إن المتفوق من أي طائفة ودين يجب أن يأخذ حقه كاملاً غير منقوص، نحن نحب الحق، ونحن أهل الحق، فلا نحب الظلم لأي إنسان على أساس مذهبه أو انتمائه. لا نقول ذلك للإعلام فقط، لكن هذه هي أخلاق أهل البحرين الحقيقية، والأسرة المالكة منذ أن تولت مقاليد الحكم لم تفرق بين أناس وآخرين، وهذا يحسب لها؛ إلا على مقياس الوطنية والانتماء للبحرين. حدثتني مدرسة للغة الإنجليزية تقول إنها تدرس ابنها أفضل تدريس للغة الإنجليزية في المنزل حتى أصبح مستواه عالياً جداً، لكن المفاجأة كانت حين جاء الابن بدرجة الامتحان التي أعطاها إياه المدرس، فقد حصل على 12/20 درجة، غضبت الأم وذهبت إلى مدير المدرسة وقالت أريد أن أعرف هل هذه ورقة ابني؟ فقيل لها نعم، قالت فكيف يحصل على هذه الدرجة أريد المدرس أن يحضر، وإذا بالطامة، فبعد أن تم تصحيح ورقة الامتحان أمام المدرس وأمام المدير اتضح أن الولد يستحق درجة 20/20..! تقول الأم لماذا يحطمون أبناءنا ويظهرونهم على أنهم غير متفوقين والسبب الطائفية؟ هذه الحكاية فقط للإشارة إلى ما يحدث في مدارسنا، والمدرسة موجودة وابنها كذلك، لكن هل يرضي ذلك وزير التربية؟ لو أن الوزارة تتخذ إجراءات ضد من يميز بين الطلبة على أساس مذهبي في الدرجات والتعامل بقوة وحزم تصل إلى الفصل من العمل، لربما اتعظ البعض، لكن لا يبدو أن ذلك يحدث. في هذه العجالة سوف أتعرض معكم لمواقع كثيرة للتعلم والتدريب بالبحرين، وانظروا من الذي يدرس هناك، ومن هم في القبول والتسجيل، وهل هم يعاملون الطلبة بمهنية ودون تمييز؟.. معهد البحرين للتدريب، بوليتكنك، كلية التمريض (الطريق السريع للسلمانية)، جامعة البحرين الطبية، جامعة الخليج العربي، معهد الدراسات المصرفية، كلية المعلمين، بعثات (تمكين) المختلفة؛ الطيران وغيرها.. الخ. هنا نؤكد أن حق التعليم والوظيفة حق لكل مواطن بحريني، لكننا ضد أن يطأفن التعليم، وأن تطأفن الوظائف، هذا ما نمقته. كنت أتحدث إلى شخص لديه اطلاع على أمور كثيرة، فقد قال لي معلومة خطيرة، وهي أن أحد التجار الذين صنعتهم الدولة بإعطائهم المناقصات المليونية الكبيرة يرسل كل عام 400 بعثة داخلية وخارجية لأبناء فئة معينة، إن صحت هذه المعلومة فإن هذا الرقم يعادل رقم البعثات في بابكو، كما يعادل رقم بعثات وزارة التربية والتعليم. هل عرفتم الآن لماذا مستقبل البحرين مرتبط بالتعليم، والتعليم النوعي؟ منذ سنوات طوال وفي كل عام يرسل 400 بعثة كم هي النتيجة في عشر سنوات؟ هذا بخلاف بعثات الولي الفقيه إلى الهند وغيرها، وبخلاف بعثات الوفاق، وبخلاف بعثات الجمعيات والصناديق الخيرية.. الحسبة عندكم. اختطاف البحرين لم يحدث في الدوار، اختطاف البحرين تم في وزارة التربية، وفي تضييع البعثات، وفي تكديس أناس في وزارتين وترك البقية، هذا ما ضيع البحرين. إذا كانت قطاعات كثيرة ضاعت، فإن القطاع المصرفي يترنح للسقوط، فإما أن يتم إنقاذه وإما أن يسلم فتكتمل الدائرة. بعد كل الذي حدث لنا من كارثة، فإن التاريخ لن يرحم من يضيع مستقبل البحرين في التعليم وفي البعثات وفي كل الكليات والجامعات، مستقبل البحرين يراد له أن يختطف مرة أخرى، فهل من معتبر، فهل من مجيب؟
رذاذ: نشر في الكويت خبر يقول؛ إن تعليمات صدرت للجهات الأمنية في لبنان مفادها أن أي مواطن خليجي من الكويت أو السعودية أو البحرين أو الإمارات أو قطر يصل إلى لبنان ترسل نسخة من جواز سفره إلى المخابرات السورية في نفس يوم الوصول..!! وقد أعذر من نذر.