Sunday, June 24, 2012

أين ذهبت عاصفتكم

أحمد جمعة
هذه هي المعادلة اليوم، أما أن تكونوا أو لا تكونوا. أما أن تحيوا بأمن وأمان وأما أن تعيشوا في رعب وخوف دائمين وهذا هو الحاصل اليوم، قلق مستمر وذعر متواصل وتوتر مزمن وكأننا كتب علينا أن نغادر البحرين ونحن فيها، من منكم لا يعيش الغربة وهو في بلده؟ من منكم لا يسمح بترك أولاده خارج الدار ولا يقلق عليهم طوال الوقت؟ من منكم يترك باب منزله مفتوحاً ولا يتنازعه الشك والتوتر.. هل هذه هي البحرين التي عهدناها؟ هل هذه ثمرة الدفاع عن البلاد عندما كانت هناك شعرة بين الجمهورية الاسلامية والدولة الخليفية فجاء الفاصل والفاروق فتغيرت المعادلة وعادت البحرين الخليفية من بين فكي الذئب الايراني، واليوم هل هذا هو ثمن الدفاع عن تلك المرحلة الفاصلة من تاريخ البلاد فنأتي اليوم وننسى كل ما جرى وتعود بنا عقارب الساعة الى ما قبل الدوار وما قبل الجمهورية الاسلامية، فيتحدث من يتحدث عن الحوار بلا شروط ويفصل من يفصل من زوار الدول الغربية وسط صمت وتخاذل حتى أهل الفاتح الذين يبدو أنه قُطع لسانهم وأدخلوا الثلاجة بحسب وعد لم يتأكد!!! النسيان هو الطريق الى الهاوية فعندما ننسى ما حدث نكون قد كتبنا على أنفسنا العودة الى حافة الهاوية والهاوية هنا تنتظر سنة او سنتين ويتكرر السيناريو، أي دولة تنسى ما جرى لها وتبدأ تردد كالببغاء: حوار.. حوار. أي أمة هذه التي لا تملك ذاكرة تسعفها على تذكر ما جرى لها تحت سماء سوداء مكفهرة كأنها يوم القيامة ولولا مشيئة القدر وحنكة قلة من رجال لوقعت المصيبة، فأي أمة هذه تنسى وتعبر السراط وهي تلقي بنفسها في أتون المصيبة التالية وهي ما كادت تخرج من مصيبتها الأولى. ينفي بعض المتحذلقين من نواب وشورى وكتاب أن لا توجد طائفية.. بل توجد طائفية وبامتياز. ينفي بعض المتسلقين أن لا توجد شروط للحوار.. بل توجد شروط وشروط. ينفي بعض المسئولين أنه لا توجد ضغوط أمريكية وغربية وحتى صومالية، بل توجد ضغوط وفوق الضغوط ولولا الضغوط لما تغيرت الأحكام والقوانين والقرارات وعيب النكران. ينفي البعض ان شعب البحرين نام مرة ثانية والناس عادت تلتحف بالخوف والفزع والقلق، نعم الناس عادت تخشى على ابنائها وأطفالها وهم يرون الشوارع والمدن والميادين بلا أمن ولا أمان. أخبروني ماذا ظل من ثورة الفاتح؟ ماذا بقي من صوت الفاتح سوى ذكرى يرددها زعماء الطائفة المغلوبة على أمرها وسط يأس وقنوط وضياع وبيات شتوي، فيما الدولة ورؤوس المؤامرة مازالوا يدبرون في السر والعلن لانقلاب آخر في الطريق وأنتم يا أمة الفاتح لاهون مثل ملوك الطوائف. يد واحدة لا تقبض على الجمر ويد واحدة لا تكفي لحفظ البحرين ورأس واحد مهما أوتي من قوة لابد معه من رؤوس فأين تلك الروح المتقدة أين الجذوة والنخوة والانفعال؟ لقد بلغ النصل العظم فماذا ننتظر الانقلاب الثاني يأتي ويطير بعرشكم؟ الآن فقط ومن هذه الساعة أما أن تأخذوا موقفاً حازماً صارماً تعلنون فيه كلمتكم وأنكم تغيرتم ولم تعودوا ورقة لعب بيد غيركم، وأما أن تبقوا مهمشين وينتهي بكم المطاف الى مواطنين من الدرجة الثانية فاختاروا أين تقفون. هذه إرادتكم لا أحد ينازعكم فيها. ألم تتعبوا من اللعب بكم؟ ألم تتعبوا من التحايل عليكم؟ ألم تتعبوا من الضحك عليكم؟ ألم تتعبوا من القفز فوقكم؟ ألم تتعبوا من تجاوزكم؟ ألم تتعبوا من الكذب عليكم؟ ألم تتعبوا من بيعكم بعد كل ثورة تصدون فيها المؤامرة عليكم؟ ماذا تبقى لكم؟ تصريحات صحفية للاستهلاك اليومي بينما الطرف الآخر يلعب بمشاعركم ويحرق أعصابكم ويستفزكم بالتصريحات الكاذبة والمفلسة، فلا نجد الا دعوات خجولة منافقة ومتحذلقة تطلق كالفقاعات تتسول الحوار.. هل هذا كل ما في جعبتكم؟

الجميع يتساءل عمّــــــا هو قــــــادم

هشام الزياني
كأن لسان حال المواطن يقول اليوم “ما هو القادم؟”. أصبحنا لا نعرف ما هو الذي يحدث، أو ماذا سيحدث؟ هل المرحلة القادمة تحمل أخباراً طيبةً تصب في الصالح الوطني للمواطن البحريني ولمستقبل البحرين، أم أن الأمور حتى الساعة غامضة تماماً؟. هل بوسنر كان يطوف البحرين في الفترة الماضية من أجل خير البحرين، أم من أجل إملاءات أمريكية أتى هو لفرضها على الدولة؟. لا أعرف صحة الحادثة، لكني لا أستبعدها من بوسنر، ولا أستبعدها من المسؤول المحترم الذي قيل إن بوسنر طلب الاجتماع معه. فقد طلب بوسنر “ويقال إنه يتجول ويفرض ما يريد على المسؤولين البحرينيين بسيارة وزارة الخارجية البحرينية. أي الأمريكان وايد يحاسبون للبترول” أن يلتقي مسؤول عن جهة قضائية في البحرين، ويقال إن بوسنر طلب من المسؤول أن يحصل جميع الأطباء على البراءة..!! ويقال إن المسؤول البحريني المحترم رد عليه رداً قوياً وسيادياً، فقد قيل إن المسؤول قال له: “ومن أنت حتى تتدخل في القضاء البحريني؟”. هكذا نقلت لي الحادثة وأعتذر عن ذكر الأسماء فلم أعرف الموقف من أصحابه. في هذا الموقف أكبر جهتين، الأُولى هي وزارة الخارجية على كرم الضيافة والوفادة حين توفر موكباً رسمياً وسيارات للوزير الأمريكي من أجل أن يتحرك هنا وهناك ويملي ما يريد. ولكني أُكبِر موقف المسؤول البحريني الذي قال لبوسنر “وأنت من حتى تتدخل في القضاء البحريني” والله إنك رجل وطني، هذا هو موقف الرجال البحرينيين الذين لا يهابون أمريكا أو أوروبا أو روسيا، السيادة البحرينية أولاً وقبل كل شيء. من أجل ذلك نتساءل عن القادم، وعما يجري في الخفاء ونحن لا نعرفه، لكني متفائل في ذات الوقت، ذلك أن جلالة الملك حفظه الله قال في كلمته المقتضبة في قوة الدفاع إن الحل يجب أن يكون بحرينياً صرفاً، وهذا أمر مطمئن رغم ما يجري، ورغم زيارات لا أعرف ماذا أسميها من مسؤولين يريدون إملاء وفرض أمور على الدولة البحرينية. ليس بإمكاننا أن نعرف ما هو قادم رغم انتشار الكثير من الكلام والتوقعات، والكثير من التأكيدات، لكن يجب الانتظار حتى معرفة القادم.
المناضل علي سلمان أُصيــــب في المعركــــــة..! يبدو أن الزميل محمد الشروقي تسبب في ما حدث لعلي سلمان، فبعد أن بث خلال برنامجه أن علي سلمان وقت تحرير الدوار كان يبكي في بيته وترك المناضلين في الدوار، صار علي سلمان يريد أن يثبت أنه صاحب مواقف في الأرض، وأنه لا يهرب، حتى قيل إن علي سلمان أُصيب بطلق لا يعرف ما هو..! لكن أكثر شيء مضحك في الموضوع أن علي سلمان قال لقناة الـ«بي بي سي” إنه أُصيب ولكن لا يعرف هل إصابته بطلق “شوزن”، أو “مطاطي”، أم بطلق مسيل دموع.. “عنبوه ما في إحساس، ما تعرف نوع إصابتك.. كل واحد عنده ظروف؟!”. ما يفعله علي سلمان هو بسبب انحسار الناس عنه، فيريد أن يعمل دور البطولة.

حبل «الحوار» قصير جداً

فيصل الشيخ
باعتبار أن الكل يتحدث اليوم عن “الحوار” وأنه واقع مسلم به سيأتي لا محالة، ينبغي بالتالي التحدث عن هذا “الحوار الجديد” مع افتراض سيناريوهاته “المنطقية”، بناء على الخبرة المتراكمة بشأن الطرف الذي يردد لسانه الحالي كلمة “حوار” في كل لحظة بينما كان هو الطرف “المتعنت” إزاء كل حوار طُرح وكل حوار عقد. قبل شهور نشر أحد المسؤولين في الدولة معلومة عن وجود حوار يعد له، وفي رد فعل لهذه المعلومة تباينت المواقف وردود الفعل، فأطراف رفضت التحاور مع من يدعم الإرهاب ويواصل ممارسة التحريض، في حين الأطراف المؤزمة أخذت تعيد نفس أسطوانة “الشروط” والمطالبات بتعطيل القانون بحق أناس تنظر المحاكم التهم الموجهة لهم في قضايا تمس الأمن القومي. بعد سجال دام لأسابيع انتهى الحديث وطويت الصفحات، وكأن شيئاً لم يكن، بيد أن الحقيقة “المغيبة” كانت تتمثل بأن الأطراف المؤزمة هي التي استماتت بشأن فتح باب للتواصل من جديد مع النظام الذي تعمل ومازالت على التحشيد ضده وتدعو لـ«إسقاطه”. هناك طرفان في هذا الطيف الانقلابي، أحدهم يرى بأنه بالفعل خسر كل شيء، ضاعت مكاسبه التي حققها طوال سنوات بسبب لحظة حماس و«طيش سياسي”، وعليه فإن الحل هو بالعودة لطاولة مفاوضات لكن مع ارتداء ثوب “المفاوض القوي” أقلها ليسترجع بعضاً من مكاسبه الضائعة بإرادته، في حين طرف آخر رفض أي صورة من صور الحوار إلا إذا تمت الموافقة على شروطه التعجيزية أولها إطلاق سراح الموقوفين في قضايا خطيرة تمس أمن البلاد، وهو شرط يعني بتعريف آخر “إلغاء القانون في البلد”. الآن تعاد الكرة من جديد، الجميع يتحدث عن حوار، والغريب أن الصوت الأقوى الذي يصدر من الفئات المؤزمة الساعية للانقلاب يتحدث عن “حوار بلا شروط” بعد أن كانت “الشروط” هي أساس كل شيء فيما يتعلق بالتحاور، بل زادوا على ذلك وقالوا بأن النظام هو من يضع الشروط وليسوا هم! عموماً، الحديث الجديد عن الحوار أخذ أسابيع عديدة أيضاً في دلالة واضحة على أن هناك اختلافاً بين اللاعبين الرئيسيين في الحوار. الدولة من جانبها تريد إشراك جميع أطياف المجتمع لأنها تعلم بأنها إن لم تفعل فإن هذا الحوار لن يُعترف به بالأخص من قبل الأطراف التي كانت هي السبب في “قلب المعادلة” وكانت هي السبب في إبراز الصوت الآخر في البحرين الرافض لمخططات الاختطاف والانقلاب. الانقلابيون من جانب آخر مازالوا يريدون الاستفراد بالدولة، مازال حلمهم يرتكز على اقتطاع أكبر جزء من الكعكة بمعزل عن الأطراف الأخرى التي ستشكل لهم مؤرقاً دائماً، خاصة وأنهم خاضوا تجربة مريرة في الحوار الوطني الصيف الماضي حينما بان حجمهم الحقيقي في مقابل كافة مكونات المجتمع، وأنهم لا يمثلون سوى طيف واحد من أطياف عدة، في وقت تفرض فيه الديمقراطية احترام رأي الأغلبية، لكنهم ولأنهم ليسوا ديمقراطيين بل مدعين للديمقراطية آثروا الانسحاب وتأزيم الموقف من جديد. الطرف الانقلابي يريد حواراً منفرداً، يريد عزل بقية الأطياف، يريد تفصيل الدولة كما يحب ويشتهي، وهذه مسألة يعولون على “عناصر ساعية لإقامة الحوار” حتى تستوفيها. طبعاً إن سلمت الأطراف المخلصة بهذه الأمور وقبلت بأن يبدأ الحوار الجديد وفق ما يريده الانقلابيون ويفرضونه من شروط وطلبات، فإن هذه الأطراف هي التي ستلام وهي التي ستتهم بأنها قابلة بأن يفصل الوطن حسب ما يريده من حارب الوطن وحرقه وأرهب أهله. فقط ننبه الدولة لمسألة مهمة جداً، ماذا لو دخل الانقلابيون بأي صيغة كانت لهذا الحوار الجديد وانتهوا إلى نتيجة مشابهة لما فعلوه في الحوار الوطني السابق؟! ماذا لو قرروا الانسحاب مجدداً حين يحسون بأنهم لن “يفرضوا” كل ما يريدون في مقابل أصوات الأطراف الأخرى؟! هل ستقبلون بهذا الموقف وتمنحونهم المزيد من “سعة الصدر” و«مساحة الحرية الواسعة” ليمارسوا الإرهاب والتحريض من جديد، ثم بعدها بفترة زمنية يعود الحديث لينطلق عن حوار جديد؟! السؤال هنا للدولة وللأمريكان الذين بات حتى الأطفال في البحرين يعرفون أنهم من يتحكمون في قرارات الوفاق وأذيالها، السؤال: ما هي الضمانات للأطراف الأخرى إن تم القبول ببدء حوار جديد يدخل فيه الانقلابيون كطرف، ما هي الضمانات لعدم ضياع أصوات هذه الأطراف ومواقفهم ومطالباتهم إن قام المؤزمون بالانسحاب وافتعال سيناريو جديد؟! الخلاصة فيما نقول بأن مقرري مصير إقامة الحوار من عدمه، ومن بيدهم تسهيل دخول المعارضة الانقلابية له، هؤلاء عليهم ضمان الخلوص لنتيجة حاسمة ونهائية لهذا الحوار، عليهم إلزام الوفاق وأذيالها بقبول ما يصدر عنه بتوافق الجميع، عليهم بيان أن هذه هي “الفرصة الأخيرة” لمن يريد أن يقنعنا أنه “سلمي” ويريد عودة الأمور في البحرين لطبيعتها مع تحقيق مكاسب تقدمية من هذا الحوار. إن لم تضمنوا هذه الالتزامات من جميع الأطراف بالأخص الطرف المؤزم، فإنكم ستحولون “الحوار” إلى ساحة “لعب” لهؤلاء يلهون فيها حسب الوقت الذي يريدون، ويغادرونها حسب الوقت الذي يعجبهم. مع هؤلاء “حبل” الحوار قصير جداً، والتاريخ يشهد.

نتائج القدرة على الشدة

يوسف البنخليل
عندما نتحدث عن أسلوب الشدة الذي يمكن أن يتم في التعامل مع القضايا السياسية المحلية، فإنه لابد من معرفة النتائج التي يمكن أن تترتب على هذا الأسلوب. فالنظرة التقليدية ترى دائماً أن أسلوب الشدة ينتهي بضغوطات دولية قد تفضي إلى تدخلات أجنبية في الشؤون الداخلية، وبالتالي يجب التلاعب في هيبة الدولة البحرينية لصالح عدم حدوث هذه الحالة. في ضوء النظرة التقليدية عانت البحرين الكثير خلال الفترة الماضية، سواءً قبل الأزمة أو حتى بعدها، والآن صارت البلاد ضحية لهذه النظرة السطحية جداً. وصار هناك مسؤولون يخشون اتباع أسلوب الشدة حتى في عملهم رغم أن القانون والحق معهم، وسبب ذلك الخوف من الضغوطات الدولية التي يعتقد البعض أنه فقط الذي يفهم فيها دون غيره. هذا هو واقع من يتبنى النظرة التقليدية القائمة على الابتعاد عن أسلوب الشدة، ولكن لنتحدث عن النتائج التي يمكن أن تحدث إذا تبنت الدولة أسلوب الشدة في التعامل مع بعض القضايا حفاظاً على هيبتها. لن أتحدث عن النتائج قبل أن أقدم مثالين بارزين يمكن من خلالهما فهم ما أقصده. المثال الأولى: قصة الإضراب الجزئي الذي قام به عبدالهادي الخواجة قبل شهور لفترة طويلة، هذا الحدث عندما بدأ لم تكن الأضواء مركزة عليه، ولكن بحكم شبكة العلاقات الواسعة التي تمتلكها المعارضة الراديكالية وعبر (آيفكس) استطاعت تحويلها إلى قضية دولية، فصار المتابع للإعلام الدولي يقرأ أو يشاهد أو يستمع يومياً تقارير إعلامية حول حالته الصحية، لاحقاً تطور الوضع فصارت وسائل الإعلام لا تتحدث عن حالته الصحية بقدر اهتمامها بالتصريحات الرسمية وبيانات مؤسسات المجتمع المدني في مختلف دول العالم، وهي بلاشك ضغوط دولية. الدولة حينها تعاملت بشفافية وصرامة في الموضوع، فصدرت بيانات عدة تبين حالته الصحية، وأتيح المجال لبعض الإعلاميين الغربيين بلقائه أثناء الإضراب في المستشفى لبيان الحقائق. وحتى عندما طلبت حكومة كوبنهاغن نقله إلى أراضيها باعتباره مواطناً دنماركياً، لم توافق الدولة البحرينية على ذلك رغم الزيارات المتكررة للمسؤولين الدنماركيين للمنامة. ماذا كانت النتيجة؟ بعد فترة قصيرة انتهت هذه الضغوطات، واضطر الخواجة لإنهاء إضرابه الجزئي، ولا توجد اليوم وسيلة إعلامية دولية تتحدث عن الخواجة وصار طي النسيان بعد فشل أطراف محلية ودولية في تحقيق مكاسب من وراء تبني هذه القضية الفاشلة. ونتج عن ذلك صيانة هيبة الدولة وحفظ سيادتها من التدخلات الأجنبية بسبب استخدام أسلوب الشدة. المثال الثاني: إيقاف نبيل رجب على ذمة التحقيق في مجموعة من القضايا الذي أثار اعتراضات دولية من حكومات أجنبية أو حتى من مؤسسات المجتمع المدني الدولية. لم تكترث الدولة لهذه الاعتراضات، وأصرّت على ضرورة أن يأخذ القانون مجراه ليحاسب إن أجرم، ويفرج عنه إن لم يثبت عليه الجرم. وهو أسلوب يعكس الشدة في حفظ هيبة الدولة وصيانة سيادتها. فماذا كانت النتيجة؟ في البداية تصعيد إعلامي غير طبيعي، يتزامن مع ضغوطات دولية من الحكومات الأجنبية ومؤسسات المجتمع المدني، لكنه سرعان ما يتلاشى عندما ترى الأطراف التي تقف وراء تبني قضيته بأنها قضية أخرى فاشلة أيضاً. لا نطالب بالحزم والشدة أكثر من المعقول، لأن الديمقراطية البحرينية لا تسمح إلا بهذا القدر وهو القدر الطبيعي المطلوب والمناسب، ولكن أن تُفهم الديمقراطية بأنها تعني اللاحسم واللاشدة، فهو بلاشك أمر مرفوض. وتزايد الاستياء والإحباط لدى المواطنين رغم كونه مفتعلاً من أطراف محلية وخارجية، إلا أنه لابد من التحلي بالشجاعة وتحمل المسؤولية من الدولة، بدلاً من الوقوف دون حراك وتقاذف المسؤوليات.

ربيع المعارضة العربية

عبيدلي العبيدلي
سيطرت صفة “الربيع العربي” على معظم المعالجات التي تناولت الأحداث التي عصفت بالعديد من العواصم العربية على امتداد العامين الماضيين. وأضحت تلك الصفة لصيقة بالتحليلات التي حاولت قراءة ما تعنيه تلك الأحداث، وما حملته من تحولات يمكن أن تنجم عن تفاعلها، أو تداعيات تتمخض عنها. وسادت نبرة التفاؤل على معظم الاستقراءات التي اجتهدت كي تحدد مسارات تلك الأحداث وآفاقها المحتملة، مستخدمة نوعاً من الإسقاطات المقارنة بينها وتلك التي عرفتها مدينة براغ في نهوضها ضد الاستعمار السوفيتي في مطلع النصف الثاني من القرن الماضي. خلاصة كل ذلك، كان تصنيف ما جرى على أنه نهوض عربي شامل لإحداث تغيير حان أوانه، واستجابة موضوعية لاستحقاق لا يمكن تأجيله. في هذا السياق، جرى تعرية الأنظمة القائمة ورصد الأخطاء التي ارتكبتها، وبالقدر ذاته، كان هناك عزوف مقصود عند البعض، وغير واع عند البعض الآخر، بكل ما كانت تعاني منه القوى العربية المعارضة (بكسر الراء) التي لم تتوقف محاولاتها عن تجيير تلك الأحداث لتحقيق مصالحها الحزبية الضيقة، وبعضها الآخر الذي لم يتردد في تسلق، أسيجة ذلك الربيع العربي، وجني ثماره لصالح فئة قليلة متربصة بما يمكن أن تؤول إليه نهايات تلك الأحداث، كي تجيرها، بوعي كامل وإصرار واضح، لمصالحها الذاتية البعيدة كل البعد عن الأسباب التي قادت لمثل ذلك النهوض العربي، والمتضاربة مع مصالح القوى الحقيقية التي فجرت أحداث ذلك الربيع. ليس هناك من بوسعه إنكار حاجة المنطقة العربية إلى تغيير نوعي، يعيد الأمور إلى نصابها، ويضع المجتمعات العربية، أسوة بأخرى غيرها تسودها أوضاع مشابهة، على الطريق الصحيح. كما ليس هناك، أيضاً، من يستطيع أن ينفي حقيقة أن مثل هذا التغيير إنما هو حصيلة تفاعلات عوامل داخلية محضة، مع أخرى دولية، حتمت محصلتها النهائية المنطقية أن تهيئ المنطقة العربية نفسها لرياح تغيير موضوعي، لا يستطيع أحد أن يوصد الأبواب في وجهه. لكن ما غاب عن هذه الصورة، وما ينبغي أن نلتفت نحوه كي نكمل معالمها الحقيقية غير المشوهة، هو أن التغيير لا ينبغي أن يقف عند حدود الأنظمة الحاكمة فحسب، بل لابد أن يمتد، كي يكون شاملاً، إلى صلب المعارضة العربية، فهي الأخرى تعاني من وهن مزمن، تجاهد كي تخفي معالمه، وتصر، وهي في ذلك تسير في اتجاه معاكس لحركة التاريخ، على إنكاره. والحديث هنا لا يتناول القوى الشابة التي فجرت الأحداث، وقادت مسيرتها في مراحلها الجنينية، بل كان ذلك في حقيقة الأمر، هو التعبير الصادق عن الاستجابة العفوية الصحيحة لذلك التغيير الذي كان يطرق بوابات المنطقة العربية، ويلح على دخولها. وقبل تناول حاجة المعارضة العربية إلى “ربيع” من نوع آخر، يكشف مواطن الخلل فيها، نلفت إلى أن معظم -إن لم يكن جميع- البلدان العربية التي هبت عليها رياح ذلك الربيع، إنما تمسك بمقاليد الأمور فيها، قوى جاءت من رحم المعارضات العربية، التي وصلت إلى السلطة فيها بعد أن أزاحت أنظمة نادت تلك المعارضات بضرورة إسقاطها، كي تقيم، كما كانت تنادي وتدعي، على أنقاضها أنظمة جديدة تنعم شعوبها بخيرات “الديمقراطية والحرية والعدالة”، وفوقها جميعاً “الوحدة العربية”. جردة سريعة تبدأ بالجزائر، وتعرج على ليبيا، وتقف بعض الوقت عند مصر، قبل أن تنهي جولتها عند اليمن، دون إغفال سوريا والعراق، ستصدم بحقيقة مفادها أن من هم في السلطات تلك الممسكة بزمام الأمور اليوم، إنما كانوا معارضات الأمس، لكنهم ما إن وصلوا إلى سدة الحكم، حتى باشروا في إحكام قبضتهم على مفاصله، ووضعوا صمامات الأمان التي تضمن بقاءهم السرمدي فيه، وتحول دون وصول غيرهم من القوى المعارضة الأخرى إليه، دون أن يترددوا في الاستعانة بقوى داخلية كانت مرتبطة بأنظمة الحكم التي أطاحوا بها، كي يستفيدوا من تجاربها الغنية في بناء أنظمة قوية تواصل سيطرتها على شعوبها، وتمعن في مصادرة حقوق يفترض أن تكون، أي قوى المعارضة التي أصبحت حينها في السلطة، أكثر المنادين بها، والمدافعين عنها. ولم تبخل القوى العالمية التي ألصقت بنفسها زوراً صفة التقدمية من أمثال دول المنظومة السوفيتية، أن تمد تلك الأنظمة العربية، التي جاءت من صفوف المعارضة، بما تحتاجه من أغطية سياسية، وأجهزة إدارية، توفر لها الحماية الداخلية، وتضع بتصرفها التضامن الخارجي. هذا ينطبق أيضاً على قيادات المعارضة ذاتها، بما فيها تلك التي لم تصل إلى السلطة بعد، ولم “تنعم بخيراتها”، فنادراً ما شاهدنا أميناً عاماً لإحدى القوى المعارضة العربية يترك مقعده بعد مضي دورتين أو أكثر على تبوئه ذلك المنصب، ولا يتردد هو، ولا الشلة التي تلتف حوله من سوق التبريرات، والأسباب التي تبرر “التصاقه” بكرسي ذلك المنصب، وحرمان القوى الشابة في الحزب ذاته، من استبداله هو، وغيره من القيادات التي لم يعد أحد قادر على اقتلاعها من مناصبها المتشبثة بها، سوى ملك الموت، عندما يحل وقت مغادرتها إلى الدار الآخرة، أو المرض العضال الذي يقعدها كسيحة غير قادرة على تحريك عضلاتها الذهنية والفيزيائية، على حد سواء. مما لاشك فيه أن الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية، تعبر في جوهرها، عن حاجة هذه المنطقة للتغيير، لكن من الخطأ الفادح، أن نحصر هذه الحاجة في صفوف القوى الحاكمة فحسب، وفي برامجها فقط. فبقدر ما تبدو الحاجة ضرورية وملحة للتغيير، بقدر ما ينبغي أن ندرك أن مثل هذا التغيير ينبغي أن يكون شاملاً، كي لا يقف عند حدود من هم في الحكم، بل يتسع نطاقه كي يصل إلى قيادات المعارضة ذاتها، التي ترفع الكثير من المطالب التي تخشى منها، فيما لو نفذت داخل صفوفها. فاليوم أكثر من أي وقت مضى، بات على المعارضة العربية، إن هي شاءت أن تمارس دورها الطليعي، الداعي للتغيير نحو الأفضل، أن تمتلك قدراً كافياً من الشجاعة الذاتية كي تقف، وبقرار محض إرادي، أمام نفسها، وبحضور أعضائها، بل لابد أن يكون ذلك على مرأى من جماهيرها، كي تقول الحقيقة، البعيدة عن أية تبريرات واهية، فتعترف بأخطائها، وتكشف بصدق عن الكثير من الفرص التاريخية التي أضاعتها، بوعي أو بدون وعي، نظراً لقصور في الرؤية، أو تخلف في المنهج، أو لغياب الخبرة. المنطقة العربية برمتها بحاجة إلى ربيع حقيقي، وأكثر من يحتاج لمثل هذا الربيع هي المعارضة العربية ذاتها، وما لم يحدث ذلك فليس هناك من ضمان يحول دون تكرار ما عشناه خلال النصف القرن المنصرم، عندما خرجت الجماهير العربية، على امتداد عقود ثلاثة من حياتها، هي الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، مرحبة بمن ادعى النضال من أجل التغيير، ومنخرطة في صفوفه، كي تكتشف بعد مضي نصف القرن هذا، أنها قدمت الكثير، ولم تنل سوى أقل من القليل، بالمنظور التاريخي لتقدم الأمم، وتطور الشعوب. وليس بيننا من يريد تكرار ما تحملته تلك الجماهير من آلام وما رافقه من خيبة آمال، وليس هناك أيضاً ما يحول دون ربيع عربي يغسل أثواب المعارضة العربية ويزيل ما علق بها من أوساخ.

الحــــــوار وأزمـــــة الثقــــــة

على حسين
لا يبدو أن هناك حديثاً مفخخا ًكما هو الحديث المتكرر عن حوار الخروج من الأزمة في البحرين، ففي الوقت الذي تجد فيه جميع القوى الفاعلة تقريباً تؤكد على أهمية وضرورة الحوار، إلا أنه يظل في إطار التجاذبات التي تعكس واقعاً عمق أزمة الثقة المتغلغلة في نسيج المجتمع البحريني، والتي تجعل من أي طرف (الدولة - القوى السياسية - وحتى تلك المعروفة بالمعارضة) لا تخطو فعلياً باتجاه الحوار نتيجة قيود الضغوط الجماهيرية الهائلة والتي هي في كل الأطراف رافضة غالباً لفكرة الحوار من منطلق عدم الثقة في مواقف ونوايا وأفعال الآخر وتوجس مسبق من نتائج قد لا تأتي على هواها!! هذا واقع تؤكده تصريحات هنا وتسريبات هناك وقراءة لمواقف حيناً ولردات فعل في أحيان أخرى، فمنذ اندلعت تلك الأزمة المفتعلة في فبراير 2011 انطلقت دعوات الدخول في حوار سريع من عقلاء المجتمع وقادها سمو ولي العهد، في حينها رفضتها قوى التأزيم لأنها كانت ما بين الباحث عن أكبر نصيب من كعكة فوائد المكتسبات السياسية التي قد تحصل عليها كلما تشددت هي في مواقفها واشتدت الأزمة في حدتها، وما بين طامع بكل الكعكة التي ظن واهماً أنه قد يظفر بها ويقيم عليها جمهورية الأوهام، هؤلاء ظلوا يرددون على أتباعهم أن الحوار الشامل غير جاد وشكلي وأرادوه حواراً استفرادياً بالسلطة كي يتمكنوا من فرض ما يريدون والظفر بكل شيء أو بأكبر قدر ممكن، وبالتالي وبعد أن تغيرت الظروف وما عادت هذه (المعارضة) على ما هي عليه من وضع تفاوضي أيام الدوار، فإنها تعلم الآن تماماً صعوبة أن تعود لتقنع أتباعها أنها ستدخل حواراً مع كل فئات المجتمع وأن الدولة صادقة جادة في الحوار، فكيف لها أن تفعل ذلك وهي التي جندت كل ما تملك لتقنع أتباعها بالعكس!! على الجانب الآخر نجد المقتنعين بالحوار من قيادات القوى الوطنية المقابلة لا يستطيعون فعلاً التصريح علناً بذلك لأن شارعهم أيضاً ما عاد قانعاً لا بجدوى الحوار ولا بإمكانه مع (المعارضة) التي هي بنظرهم أرادت اختطاف الوطن وتعالت على بقية مكوناته ولم تقدم له أياً من مؤشرات حسن النوايا. ما بين هذا وذاك تجد الدولة نفسها وسط طرفين رافضين للحوار (في العلن وأمام جماهيرهم) رغم أن الكل يعلم أن لا بديل غيره للخروج من الأزمة، طال الأمر أو قصر، سواء اكتفينا بما تكبدناه من خسائر أو بعدما تتضاعف تلك الخسائر وتكلفتها على الوطن والمواطنين، أعلم جيداً أن هذا الكلام لن يعجب أحداً، حاله حال كل شيء في البحرين اليوم، فالأحكام القضائية لا يرضى عنها أحد، وخطوات الدولة نحو المصالحة تعتبرها كل الأطراف بأنها انحازت للطرف الآخر على حسابها، وهو ما ينطبق على الحديث عن الحوار الذي يرفضه الجميع، وأكرر لغرض التأكيد (والجميع يعلم ألا بديل عنه!!). في نظري الدولة كراعية للكل معنية بإخراج الوطن من الأزمة، لكن (المعارضة) أولاً هي من عليها أن تقدم خطوات حسن النوايا وأن تقدم لكل الأطراف براهين واضحة على أنها تعمل لمصلحة الوطن دون أن يكون لديها أجندات أخرى مخفية، أقول ذلك من منطلق أنها هي من افتعلت الأزمة وعقدتها بمواقفها المتتالية، وأول خطوات تلك المبادرات المطلوبة هي وقف العنف في الشارع وتحدي الدولة المعلن والذي يزيد النفوس احتقاناً والعمل على التهدئة وتقنين الخطاب من قياداتها في الداخل والخارج وعدم المكابرة السياسية، وهنا لابد من توجيه خطاب واضح لقادة (المعارضة) أن البحرين اليوم تمر بمفترق تاريخي حاد وخطير وأن المجتمع غارق في الانقسام والتخندق الطائفي وبأنهم من افتعل ذلك في البدء حتى وإن شاركت أطراف أخرى في تعميقه، لذلك فأول المبادرات الصادقة يجب أن تنطلق منهم تحديداً. أما في الجانب الآخر لابد لمكونات المجتمع الأخرى أن تعي أن لا بديل عن المشاركة في هذا الوطن بين مختلف الأطراف، وأن المغالبة لن تكون في مصلحة أحد، وأن يتم تقنين الخطاب بكل أشكاله وخصوصاً من قبل القيادات الدينية والسياسية والاجتماعية فالمصلحة الوطنية تستلزم ذلك، وهو ما يتفق وما عبر عنه رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود بأن إنهاء الأزمة في البحرين “واجب عقلي ووطني”، مبدياً استعداد التجمع لدخول الحوار مع وجوب “وقف العنف وتهدئة الوضع وتطبيق القانون بشكل عادل على الجميع”. إن الحوار منزوع من المصلحة الخاصة والمغالبة يمثل مخرجاً عاماً للدولة والمجتمع بشرط عدم إخضاعه لرغبة وشروط هذا الفريق أو ذاك، ولا ريب أن طريق المصالحات بمعناه الشامل سياسة نبوية راشدة، وحل استراتيجي عول عليه الإسلام كثيراً, إذ يعد عنصراً فعالاً لفض المنازعات وإحداث التوازنات في المجتمع، كما يعتبر سياسة حكيمة. ^ شريط إخباري.. الحوار الخالص النوايا ينم عن صحوة في الروح الوطنية لتحقيق سبل الأمن والاستقرار وتوفير أسس ودعائم التقدم والرخاء، فمتى تقدم كل الأطراف وأولها (المعارضة) مصلحة الوطن على كل مصلحة أخرى.

ادفع «روبل» أو «يوان» تقتل سورياًّ.. بيــــــن مجزرتــــي ديــــر ياسيـــــن والقبيــــــر

أحمد النعيمي
جرت مجزرة دير ياسين في التاسع من أبريل عام 1948م، وأقدم على ارتكابها المحتل الصهيوني بحق سكان إحدى القرى الفلسطينية العزل، وارتكبوا فيها أبشع الموبقات، وأقدموا على ارتكاب كل الفظائع والمحرمات، دون أي رادع أو ضمير، أو أدنى نوع من أنواع الحيوانية، فضلاً على الإنسانية، وتم قتل كل سكان القرية ولم ينجوا منهم إلا ثلاثون شخصاً. وقد أرخ لهذه الجريمة الصحافي الأمريكي “لورانس جريزوولد” في كتابه “ادفع دولاراً تقتل عربياً” بقوله: “وكانت دير ياسين أول نصر أحرزته الأرجون، حين كان المزارعون العرب وأفراد أسرهم ينصبون خيامهم في وسط القرية، اقتحمت دبابتان من طراز “يشرمان” طرق دير ياسين الضيقة وسحقتا فلاحين متعبين كانا نائمين قرب عتبتي بيتهما، وكان يصحب الدبابتين قوة من الصهاينة يبلغ عددها خمسمائة رجل مزودين بمدافع التومي والأسلحة الأوتوماتيكية الفتاكة” ويواصل الصحافي الأمريكي وصفه للمأساة قائلاً: “ولقد صرحت القلة القليلة التي بقت على قيد الحياة من أبناء دير ياسين، ومعظمها من النساء اللواتي سُلبن كل ما عندهن ومزقت أثوابهن تمزيقاً، واللواتي استعرضهن الصهاينة في شوارع تل أبيب في سيارات كبيرة، قبل أن يسلموهن بالرغم منهم إلى الصليب الأحمر الدولي، صرحت هذه القلة القليلة التي لم تأت عليها فظائع اليهود بأن الدبابتين اقتحمتا سوق القرية وأطلقتا نيران المدافع الأوتوماتيكية على الأهالي المحتشدين في الساحة، وبعد أن أطلقت الدبابتان نيرانهما تعقب الجنود الإسرائيليون أهل القرية الفارين بأنفسهم وقتلوهم في غير ما استبقاء، بينما كانوا يهربون أو يختبئون في الطرق أو في منازلهم” ويستكمل الصحافي الأمريكي بقايا الصورة للمذبحة الوحشية، فيقول: “.. وكانت بعض الفظائع التي تلت تتطلب شيئاً من الخيال، فقد جمع الغزاة خمساً وعشرين امرأة حاملاً، ووضعوهن في صف طويل ثم أطلقوا عليهن النار، ثم أنهم بقروا بطونهن بالمدى أو بالحراب، وأخرجوا الأجنة منها نصف إخراج، وقطع الأطفال إربّاً إربّاً أمام أعين آبائهم الذين مازالوا على قيد الحياة، وأخصي الأطفال قبل أن يقتلوا، وانتزعت الحلي والخواتم من أجساد القتلى، وبترت أصابع الضحايا الذين وجد المعتدون عسراً في انتزاع خواتمهم”. من كتاب أمريكا من القمة إلى القاع للكاتب عبدالرحمن علي البنفلاحي، من مقالة بعنوان وكلاء الشياطين، ص24-25. ورغم الإدانات التي صدرت بحق المحتل الصهيوني من قبل العالم إلا أن هذا المحتل واصل ارتكابه هذه المجازر في كثير من المدن والقرى الفلسطينية، وبحماية الفيتو الأمريكي، دون خوف أو وجل من أحد. وهو نفس ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الأسدي وقامت بارتكاب عشرات المجازر والضحايا على مدى سنة ونصف كاملة من عمر الثورة السورية المباركة، وكان أبشع هذه المجازر، المجزرة التي ارتكبت في قرية “القبير” يوم الأربعاء السادس من شهر يونيو عام 2012م حيث أقدمت قوات الاحتلال الأسدي على دخول القرية الواقعة في الريف الحموي، بعد محاصرتها بالدبابات وراجمات الصواريخ، وعمدت بعدها إلى قتل كل من فيها ما عدا أربعة منهم كانوا خارج القرية، وحرقت الأطفال والنساء والرجال وهم أحياء وأموات، وقامت بسرقة عدد من الجثث وأخذهم إلى قرى الأسد، ومنعت فرق المراقبين من دخول القرية، عدة أيام، لكي لا تنكشف الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق العزل من قرية القبير. إلى أن تمكنت فرق المراقبة من دخول القرية يوم الجمعة الثامن من الشهر نفسه، وما وصفوه عن وضع القرية شيء يبعث على الخوف والرعب ويصف مدى الإجرام الحاصل، إذ لفت المتحدث باسم الأمم المتحدة “مارتن نيسيركي” في بيان للمراقبين، بأنهم: “رأوا آثار آليات مصفحة، ومنازل متضررة بشكل كبير نتيجة قصف لصورايخ وقذائف يدوية وأسلحة أخرى” مضيفاً: “في بعض المنازل كان بالإمكان رؤية دم على الجدران والأرض، كان ثمة نيران خارج بعض المباني، وانتشرت في الهواء رائحة قوية للحم محترق” وكانت البلدة فارغة من سكانها خلال زيارة المراقبين الذين لم يتمكنوا من التحدث مع أي شاهد عن المجزرة، وأشار نيسيركي إلى أن سكاناً من القرى المجاورة توجهوا للقاء المراقبين، وأخبروهم بما سمعوه وتحدثوا عن أقارب فقدوهم. ووصفت بأنها أبشع من مجزرة “الحولة” التي سبقتها بأيام وقتل فيها مائة وأربعون شهيداً تم ذبحهم بالسكاكين، أغلبهم من النساء والأطفال. ورغم الإدانات الدولية للمجازر التي ترتكب من قبل الاحتلال الأسدي، إلا أن هذا المحتل يواصل قتله، وإبادته للشعب السوري، وبحماية الفيتو الروسي والصيني هذه المرة، دون خوف أو وجل من أحد. ومن يتابع أحداث المجزرتين يجد أن مرتكب هذه المجازر والمخطط لها شخص واحد حاقد على الإسلام والمسلمين، خال من الإنسانية وفاقد للعواطف الحيوانية، لا هم له إلا الحفاظ على هذه الدولة المسخ التي قامت على أجساد الضحايا، ولو أدى هذا إلى إبادة شعوب بأكملها. وهذا رد على من يدافع عن الصهاينة والأمريكان، وأنهم لم يفعلوا ما فعله الجزار الأسد، ودليل على أن الحرب الحاصلة في سوريا تجري نيابة عن الصهاينة والغرب، كما جرت نيابة عنهم في العراق على يد المالكي والجعفري وشلبي، وما تغير هو استبدال الفيتو الأمريكي بالفيتو الروسي والصيني. وبعد أن كانت إسرائيل ابنة أمريكا المدللة، ظهر بأن الأسد هو الابن المدلل للصهاينة، وأنه تربية صهيونية بامتياز!! وأما نحن العرب والمسلمين فسنواصل شراء البضائع الصينية والروسية والأسدية والإيرانية لنقتل بها سورياً، كما نفعل من شراء للبضائع الأمريكية، مشاركين في هذا بقتل إخوتنا المسلمين في كل مكان، علمنا هذا أم لم نعلم!

تجمع الوحدة الوطنية.. هل يلبي احتياجات المرحلة المقبلة

جاسم بونوفل
يفترض في جمعية تجمع الوحدة الوطنية أن يكون دورها في الساحة السياسية أقوى بكثير مما تقوم به الآن. فهذه الجمعية التي ولدت من رحم تجمع الفاتح الذي قلب الموازين السياسية وفاجأ الجميع بانتفاضته الجماهيرية، ووقف سداً منيعاً في وجه الحركة الانقلابية، وأصبح رقماً مهماً وصعباً في حل المعادلة السياسية. من المحزن جداً أن ترى جماهير الفاتح أن الوريث الشرعي لهذا التجمع -والمقصود هنا بطبيعة الحال جمعية تجمع الوحدة الوطنية- يتسم أداؤه ببطء- لا ينسجم مع الإيقاع السياسي السريع للحالة السياسية التي تمر بها البحرين حالياً. فالمتابع والمراقب للحراك السياسي لجمعية تجمع الوحدة الوطنية يشعر بخيبة أمل من تراجع أداء دورها في الساحة السياسية، وخفوت إشعاعها الذي ينبغي أن يستمر وبزخم أكبر في هذه المرحلة الحرجة والظروف البالغة الحساسية في إضاءة الطريق أمام الجماهير المغيبة سياسياً والمسماة الأغلبية الصامتة. هذه الجماهير التي خرجت عن بكرة أبيها وانتفضت في الحادي والعشرين من فبراير عام 2011م وخرجت عن صمتها إبان تفجر الأزمة التي عصفت بالبحرين، وساهمت بفعّالية في منع نشوب حرب أهلية. هي نفسها الجماهير التي تنتقد أداء التجمع وتطالب بأن يكون دوره أكثر فاعلية؛ لأن الأزمة قد أعادت الوعي لديها وباتت مقتنعة بأن الظروف السياسية الحالية الحرجة التي تعيشها البحرين تستدعي أن تكون الجمعية حاضرة بقوة في المشهد السياسي، بل لا نبالغ إذا قلنا إننا نريدها أن تكون أحد اللاعبين الأساسيين في رسم الخريطة السياسية المستقبلية للبحرين. ونحن نذهب إلى هذا القول لإحساسنا العميق أن هناك طرفاً في هذه اللعبة لديه محاولات جادة في إسقاط كل الأطراف الأخرى -بما فيها جمعية تجمع الوحدة الوطنية- وعزلها عن أي دور يمكن أن تقوم به في حل الأزمة السياسية. فجمعية الوفاق التي صنعت الأزمة وساهمت بصورة كبيرة في تفاقمها، تحاول الآن وعبر وسائلها المعروفة الشرعية وغير الشرعية ومن خلال وسائطها أن تكون هي الصوت الوحيد في أي محادثات أو مفاوضات تقودها الدولة من أجل غلق ملف الأزمة، وعبر إصرارها على القول بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب البحريني، وأن مفاتيح الحل يكون عبر بوابتها وهذا الكلام نقوله للمرة الألف وفي ظني أن هذا الزعم لن يتوقف إذا لم يواجه بقوى سياسية مضادة تمتلك نفس القوة في الشارع كما حدث في تجمع الفاتح. ومن هنا نقول لقادة التجمع إن أول خطوة تقومون بها هي إعادة ثقة الجماهير فيكم وفي التنظيم السياسي الذي تتزعمونه ويكون ذلك من خلال عدة إجراءات أهمها في رأيي الترفع عن التكالب على المناصب القيادية، فالظروف السياسية التي نعيشها في هذه المرحلة الحساسة لا تحتمل مثل هذه الصراعات التي تتطلب رص الصفوف لمواجهة الاحتكار السياسي للوفاق وتغولها في الساحتين السياسية المحلية والخارجية ومحاولاتها المستميتة في الانفراد بصنع القرار السياسي. أما الخطوة الثانية التي يجب عليكم اتخاذها هي إظهار قوتكم وإعلاء صوتكم وبصورة واضحة وجلية للجميع وأولهم الدولة باعتبارها الطرف الذي سيقود المحادثات والمفاوضات القادمة بأن تضع اعتباراً لتجمعكم لكونه الصوت الآخر المعبر عن إرادة الجماهير التي ترفض إملاءات الوفاق وشروطها ولا تنزلق في بحثها -أي الدولة- عن المخرج للأزمة بأن تجري حواراً أحادياً مع جماعة الوفاق وبذلك تحقق لها رغبتها وتسهم في نيل مرادها بأن تكون هي القوة الوحيدة التي تقرر المصير السياسي للبحرين في المرحلة القادمة وفي هذه الحالة -إن حدثت لا قدر الله- ستكون الجماهير هي الخاسرة في مثل هذه الصفقة لأنها لم تكن حاضرة في الاجتماعات التي ترسم المستقبل السياسي للبحرين. إن التفكير في مستقبل البحرين السياسي، يتطلب منا جميعاً وفي مقدمتنا قيادة التجمع قراءة الواقع السياسي قراءة واعية لما يجري في الساحتين الإقليمية والدولية. وأن يكون تحركه شاملاً وعلى جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية وفي مستوى الأحداث. وفي ضوء ذلك فإن الدور الذي تنتظره الجماهير من التجمع كبير ومهم للغاية في هذه المرحلة التي من وجهة نظرنا لا تقل في حساسيتها عن المرحلة التي سبقت نشوءه كما يشير بذلك قادة التجمع في تصريحاتهم للصحافة المحلية. وإذا ما أراد التجمع أن يحتفظ بجماهيريته وشعبيته فعليه أن يترجم طموحات هذه الجماهير ورغباتهم من خلال التحامه بهم ورفع مستوى أدائه السياسي وزيادة فعاليته. إن المؤتمر العام القادم الذي من المزمع إقامته في الثلاثين من الشهر الحالي مطالب بأن يتحسس رغبات الجماهير ويلبي احتياجاتهم في المرحلة المقبلة، ويكون عند حسن ظنهم. وإلى ينعقد المؤتمر في موعده المقرر فإننا سنشارك عبد الله الحويحي الأمين العام للتجمع في تفاؤله بأن المؤتمر القادم سيفرز قيادة تنظيمية قادرة على تلبية احتياجات المرحلة المقبلة ولكن مع تفاؤلنا نتذكر أن العمل السياسي لا يتم من خلال التفاؤل والتمنيات.

التفــــاؤل

محمد الأحمد
قرأت كتاباً يحكي عن التفاؤل والتشاؤم، تحت عنوان «متفائلون»، حيث إن الإنسان بحاجة دائماً إلى التفاؤل حتى وإن كان في أصعب الظروف وأحلك المراحل. وجدت في هذا الكتاب بعضاً من النصائح التي أحببت أن أشاركها القراء، متعلقة بالإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، قد تساعد في التغلب على حالات الإحباط التي يصاب فيها البعض نظراً للظروف المحيطة به. يقول الكتاب: «إياك وقراءة الصحف المشؤومة التي تنشر جرائم المجتمع وتبالغ في سرد الأحداث فإنها تعمي ولا تبصر، وتذكي شرارة اليأس، وتغطي الحقيقة بالكذب والتملق، فإن خطرها على عقولنا له أثر بالغ الخطورة، وحذارِ من الكتّاب المتشائمين من أدباء تعساء ومفكرين تنويريين فإن أقلامهم سموم تنخر في الأمة جذور اليأس، وتقعدهم عن الصراط المستقيم فلا تقرأ للقصاصين والروائيين الذين تشبعت أفكارهم بالسواد وملأوا بطون كتبهم بالقصص التي تنتهي بالكوارث والمناظر المأساوية، وسيرة المنتحرين والمنتحرات، والعشاق البائسين!». وينص قائلاً: «عليك أن تعرف لمن تقرأ؟ وتقارن بين الغث والسمين وتميز بين ذلك بعقل واع، وفكر غزير وألا تنساب في أخبار لا تسرك، وجرائم لا تهديك للسلام والوئام ..أحذرك من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة فلا تسمع محاضرة تحكي الأوجاع، وتمرض القلب، وتدمي الهجع، لأن أكثر من يتكلم يخمن الخبر وينمق الصورة ويرفع الرزء، ويبكي بلا دموع! إنما يغش السامعين بالأساطير الواهية وأناشيج لا تثبت ولا تروي العليل، وإنما سمع خبراً حزيناً فأشاعه في العراء. وكم سمعنا من قصة بكاها الخطيب ورثاها الشاعر ودفنت مآثر أقوام بالرزايا، وبعد دهر غير بعيد كانت أكذوبة». ومن أبرز النصائح التي استفدت منها وأود مشاركتها الجميع هي التفريق بين نوعين من التفاؤل: «فهناك التفاؤل الغافل اللاهي الذي يكون إلى الخيال أقرب منه للواقع، وهناك التفاؤل الجاد القويم الذي يحمل صاحبه على النظرة الجادة الواقعية، وهو ليس عاطفة بدائية أو حالة نفسية أو تهيؤ بعض المحظوظين، وإنما هو موقف عقلي يختاره الإنسان بإرادته وهو يتمثل أول ما يتمثل في فحص المشاكل التي تقع أو تعرض وتدميرها من جميع وجوهها واستقرائها بكل هدوء وتجرد والبحث عن إيجاد الحلول لها لأن المتفائل بحق يجد في كل مشكلة حلاً». وأخيراً نقول تفاءلوا بالخير تجدوه.

لســنا طوفـــة هبيــطة

سعيد الحمد
صحيح أن شعب البحرين متسامح لكنه حتماً لا يرضى أبداً أن تمارس عليه وصايات أو تدخلات فظة ومستفزة في شؤونه الداخلية كائناً من كان هذا الذي دس أنفه وانحاز لطرف على أطراف ثم تجاوز حدوده الدبلوماسية وغير الدبلوماسية، فانتقد كما فعل «بوسنر» أحكام القضاء وكما فعل غيره وقد كشفوا الاقنعة في ادعائهم باحترامهم المؤسسات. تصريحات مساعد وزيرة الخارجية الامريكية بشأن الاحكام المخففة والصادرة بحق مجموعة من الاطباء الذين ارتكبوا جناياتهم أيام احتلال السلمانية كانت في غاية الاستفزاز لمشاعر الشعب البحريني المتوترة أصلاً من سلسلة التدخلات الامريكية في الشأن البحريني الخاص والمنحازة لجماعات العنف والفوضى، بما يدل على ان ثمة تفاهمات وصفقات تحاك من وراء الكواليس بين إيران وامريكا لتسوية مجموعة الخلافات بينهما على حساب شعبنا وبلادنا، لاسيما وان الإدارة الامريكية اطمأنت الآن إلى ان القاعدة لم تعد تشكل خطراً على بلادها ولا على مصالحها على عكس الاحزاب والمنظمات والجماعات الارهابية التابعة لإيران والنظام الايراني والتي يمكن لها ان تؤذي امريكا ايذاءً شديداً فيما لو تحركت ضد مصالحها في الداخل والخارج، وكان لابد لها من ان تستبق ذلك احتمال ضربها وضرب مصالحها مستفيدة من تجربتها مع القاعدة، حيث سارعت إلى احتواء تعرض أمنها الداخلي ومصالحها الخارجية أو الدخول المباشر في صدام مع إيران إلى عقد صفقة كبيرة مع النظام الايراني وتوزيع الكعكة بدءاً من العراق وانحيازاً واضحاً إلى جماعات الولي الفقيه في المنطقة وفي البحرين تحديداً. وهو ما ظل يدفع بالمسؤولين الامريكيين بالتوافق مع المنظمات والجماعات الحقوقية الامريكية إلى إعلان مواقف لا تخفي انحيازها الكبير إلى جماعات الفوضى واصحاب الاجندة الولائية منذ بداية الانقلاب الطائفي في البحرين حتى صدور الاحكام المخففة على مجموعة الاطباء الذين انتهكوا شرف المهنة واحتلوا السلمانية. ولعل تصريح (بوسنر) هو القشة التي قصمت ظهر الصبر الطويل الذي تحلى به شعب البحرين تجاه التدخلات الامريكية في الشأن البحريني وتجاه الانحياز للانقلابيين، لاسيما وان ثمة صمتاً رسمياً مقابل تصريحات بوسنر ما جعل الموقف الشعبي مستفزاً بدرجة كبيرة في كل المجالس والديوانيات والجمعيات السياسية والاهلية ومواقع التواصل الاجتماعي يطالب المسؤولين الامريكيين بالكف عن التدخلات في الشأن البحريني الخاص والكف أولاً عن الانحياز لجماعات الانقلاب الفاشل حتى لا يستقوي بهم الانقلابيون بما يفتح من جديد لفوضى جديدة ربما تطلبها امريكا تحقيقاً لمشروع الفوضى الخلاقة ويرفضها الشعب البحريني عن بكرة أبيه الذي علمته التجارب ان الانقلابيين وعلى مدى ثلاثة عقود كانوا ومازالوا يستمدون قوتهم من الدعم والاسناد الخارجي، سواء كان متمثلاً في الدعم اللوجستي والاعلامي والمادي الايراني أو في الدعم الامريكي والغربي الذي يدير سياسته واستراتيجياته الآن وفق ما يُقال في واشنطن «بأن مستقبل المنطقة مستقبل شيعي»، وهو تفكير ومنطق خطير وخاطئ بدرجة عظيمة وكارثية على شعوب المنطقة فيما لو زادت وكثفت الإدارة الامريكية سياستها وتحركاتها وفق هذا المنطق، وهذا التفكير الذي سيؤدي بالنتيجة إلى احتراب أهلي في المنطقة ستدفع ثمنه شعوبها وسيقطف ثماره الكبار الذين عقدوا صفقة اقتسام المنطقة على خلفية تغليب مصلحة طائفة على حساب طائفة أخرى تمهيداً «لفوضى خلاقة» تترك المنطقة ممزقة بأيدي طوائفها ومكوناتها بعد ان هيأوا الأرضية لحرب طوائف بدأت هنا بمحاولة انقلاب طائفي كان عنوانه الدوار وتفاصيله من الخارج، وهو ما لا يحتاج إلى برهان بعد أن كشفت الجهات الأجنبية ومنذ اللحظة الأولى للانقلاب انحيازها له ووقوفها معه علناً وعلى رؤوس الأشهاد. ولكننا نقول كما بدأ إن شعب البحرين ليس «طوفة هبيطة» يمكن القفز عليها بسهولة.. فانتبهوا!!.

ماليزيا.. على خـُطى الربيع العربي

عبداالله المدني
في ما يشبه استنساخا لما اصطلح على تسميته بـ «الربيع العربي»، حاول ولايزال يحاول بعض المعارضين الماليزيين إحداث الفوضى والتخريب في مجتمعهم الجميل، وبلادهم التي حققت إنجازات مشهودة على جميع الصعد من تلك التي يحسدهم عليها الآخرون، غير مكترثين بالعواقب الوخيمة لتصرفاتهم على أمنهم واستقرارهم ومستويات معيشتهم المرتفعة. ففي الرابع والعشرين من إبريل الماضي دعت مجموعة تطلق على نفسها اسم «بيرسيه» وهي ائتلاف من 62 منظمة من منظمات المجتمع المدني بقيادة ثلاثة أحزاب سياسية معارضة هي: حزب تحالف الشعب من أجل العدالة (كعيدلان رقيات)، والحزب الإسلامي لعموم الماليزيين (باس)، وحزب العمل الديمقراطي (داب) أنصارها للاحتشاد في ميدان الاستقلال التاريخي المعروف باسم «واتاران مارديكا» من أجل الاحتجاج على القوانين الانتخابية المعمول بها والتي يعتبرونها غير شفافة وغيرمحايدة، ومحابية لحزب «أومنو» الذي حكم وأدار البلاد منذ استقلالها في عام 1957 دون انقطاع. وبالفعل تجمع أكثر من 25 ألف ماليزي بحسب المصادر الرسمية، و80 ألفا بحسب مصادر المعارضة في الميدان المذكور استجابة لنداء «بيرسيه» كلمة مختصرة لعبارة «الائتلاف من أجل انتخابات نظيفة وعادلة»، وحاولوا قطع الطرق والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة، رغم تشدقهم وادعاءاتهم بسلمية احتجاجاتهم، الأمر الذي لم تجد معه قوات الأمن والشرطة بـُدا من التصدي لهم بخراطيم المياه والهراوات والغازات المسيلة للدموع، إضافة إلى اعتقال أكثر من 1600 متظاهر، من بينهم المعارض المعروف «أنور إبراهيم» نائب رئيس الوزراء الأسبق. لم تكن تلك المظاهرة وما رافقها من أعمال طائشة سوى تتمة لما قامت به المجموعة نفسها في عام 2011، بل وُصفت بأنها أحداث لم تشهدها ماليزيا منذ عام 1998 حينما تحولت شوارع العاصمة كوالالمبور إلى ساحة للاحتجاج والتنديد برئيس الحكومة الأسبق «مهاتير محمد» على خلفية إقصائه وصراعه على السلطة مع نائبه وخليفته المفترض «أنور إبراهيم». يقول المراقبون للشأن الماليزي إن احتجاجات أبريل، وما قد يتلوها من احتجاجات في ظل تصميم جماعة «بيرسيه» على تنظيم احتجاجات جماهيرية أخرى، تنطوي على مخاطر كبيرة ليس على الأمن والاستقرار والتنمية الذي نعمت بها البلاد، وإنما أيضا على حزبها التاريخي الحاكم، وفرص رئيس الوزراء الحالي «نجيب رزاق» في البقاء كقائد للدولة والحزب. وعلى حين يرى فريق أن احتجاجات «بيرسيه» غير مبررة ولا سند لها، ولا يمكن مقارنتها باحتجاجات بعض البلاد العربية التي تختلف ظروفها عن ظروف ماليزيا، يرى فريق آخر ان تلك الاحتجاجات لها ما يبررها، مضيفا أن هدفها ليس اقتلاع النظام القائم من جذوره، كما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن، وإنما إصلاح النظام الانتخابي المعمول به بحيث لا يمنح الأفضلية للحزب الحاكم فيجعل فوزه مفروغا منه في أية انتخابات تشريعية. وبعبارة أخرى يطالب المحتجون بإلغاء النظام الانتخابي الحالي واستبداله بنظام جديد يضمن انتخابات نظيفة وشفافة، ويستخدم أحباراً سرية جيدة غير قابلة للإزالة كيلا يصوت المقترع أكثر من مرة، ويمنح 21 يوما على الأقل للمترشحين لتجهيز حملاتهم بدلا من أسبوع واحد، ويتيح لجميع القوى المتنافسة استخدام وسائل الإعلام للدعاية بصورة متكافئة، ويحول دون استخدام المال السياسي في شراء أصوات المقترعين، مع إلغاء قانون الأمن المعمول به منذ حقبة الاستعمار البريطاني والذي يتيح للسلطات توقيف النشطاء لآجال غير محددة دون تقديمهم للمحاكمة. وبما أن تحرك قوى المعارضة من خلال «بيرسيه»، وتهديدات الأخيرة بتكرار ما حدث هذا العام والعام الماضي يأتي قبل أقل من عام على الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 2013 فإن هناك من يتوجس خوفا من احتمالات أن يتحول الكثيرون عن التصويت للحزب الحاكم إنْ استخدم الأخير القبضة الحديدية في التعامل مع المتظاهرين، ويتكرر بالتالي ما حدث في عام 2008 حينما دفعت إجراءات «مهاتير محمد» القمعية ضد قطب المعارضة «أنور إبراهيم» الكثير من أنصار حزب «أومنو» للتصويت ضده، الأمر الذي ساهم في منع الأخير من الفوز بثلثي مقاعد البرلمان كي يحكم البلاد براحة. ففي تلك الانتخابات حصلت قوى المعارضة لأول مرة على 48 بالمئة من الأصوات، واستطاعت أن تحكم سيطرتها على خمس ولايات من أصل الولايات الـ 13 التي يتكون منها الاتحاد الماليزي. لكن ذلك الانتصار سرعان ما بهت كنتيجة للانشقاقات التي حدثت داخل أحزاب المعارضة. فمثلا حزب «تحالف الشعب من أجل العدالة» بقيادة أنور إبراهيم انشق على نفسه بعد صدور الأحكام القضائية ضد زعيمه حول تهمة اللواط، وهي تهمة منفرة في مجتمع محافظ كالمجتمع الماليزي. كما انشق الكثيرون من الماليزيين المنحدرين من العرقين الصيني والهندي عن حزب إبراهيم بسبب تحالفه مع الحزب الإسلامي لعموم الماليزيين على خلفية مطالبة الأخير بتطبيق الشريعة في ماليزيا دون أدنى اكتراث بتعددية البلاد الإثنية والدينية والثقافية (يشكل الماليزيون من إثنية الملايو 60 بالمئة من سكان البلاد، فيما يشكل المنحدرون من الأصول الصينية 25 بالمئة، والمنحدرون من الأصول الهندية 7 بالمئة، والباقي ينحدرون من أصول حضرمية وسريلانكية). ولعل ما يثير مخاوف صناع القرار داخل الحزب الحاكم أكثر لجهة ذهاب المزيد من المقاعد البرلمانية لصالح قوى المعارضة في الانتخابات القادمة هو أن هذه الانتخابات سوف تـُجرى في ظل ظروف غير مسبوقة. فإذا ما استبعدنا تأثير نجاح «المسلمين» العرب في الإطاحة بالأنظمة والأحزاب التي ظلت تحكمهم دهرا، واستبعدنا معه تأثيرات حدوث تباطؤ اقتصادي على مستويات المعيشة ومعدلات النمو في البلاد، فإن ما لا يمكن استبعاده هو الأرضية الجديدة التي ستجري فوقها انتخابات العام المقبل. حيث أن «نجيب رزاق»، في محاولة منه لامتصاص الغضب الشعبي، عمد إلى الاستجابة لبعض مطالب المحتجين، فقام مثلا بتخفيف بعض مواد قانون الأمن القديم، وسمح للمترشحين باستخدام كافة وسائل الاتصال والتواصل مع أنصارهم، وأصدر أوامره بتغيير الأحبار الانتخابية، وهي أمور وصفتها قوى المعارضة بـ «التغييرات الطفيفة» غير الملبية لمطالبها! والحال أنه سواء أكان ما يجري في ماليزيا استنساخا لما سـُمي بـ «الربيع العربي»، أو حدثا ماليزيا خالصا لا شأن للأخير به، فإن القاسم المشترك بينهما هو الأصابع الأمريكية. وقد أشار رئيس الحكومة إلى ذلك بطريقة غير مباشرة حينما اتهم جماعة «بيرسيه» بأنها تسعى إلى إعطاء صورة قاتمة عن ماليزيا للأمريكيين والغرب، من خلال فبركة الأكاذيب وإطلاق الاتهامات الجائرة، وذلك أملا في أن يهرع هؤلاء إلى مساعدتها حقوقيا وسياسيا. أما وزير الإعلام الماليزي «ريس يتيم» فقال ما معناه أن القوى الأجنبية التي تأخذ على الأمن الماليزي طريقة تعاطيها مع المحتجين، مستخدمة يافطة حقوق الإنسان، هي نفسها التي تتبع ذات الأساليب عندما يـُنتهك القانون في بلادها على أيدي الغوغاء.

مســــــــــــــــارات الأزمــــــــة

جاسم المطوع
هناك مساران لأزمتنا الوطنية فإما الانفلات والتشرذم وتمزيق الوطن أو التأسيس لانطلاقة جديدة تحمي المجتمع وكيان الدولة وتضع البلاد على طريق الانفراج وتحقيق الطموحات المشروعة للشعب. لا زلنا نثق في قدرة أبناء هذا الوطن على احتواء أزمتهم والاصطفاف مجددا في النضال المشترك والمشروع من أجل تعميق الوحدة الوطنية وصيانتها وفي سبيل تعزيز الديمقراطية واستئصال الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية. ليست لأية فئة او قوى داخل السلطة أو خارجها، باستثناء أصحاب المصالح الضيقة، في استمرار الأزمة والاحتقان الطائفي ونزعة العنف التي تغذيها بعض الجهات والأقلام وبعض الفضائيات، فامتداد الأزمة يعمق الفرز الطائفي ويغذي العنف والعنف المضاد وثقافته، فضلا عن الأضرار السياسية والاقتصادية وانكشاف الوطن أمام المخاطر الخارجية من كل صوب. ليس أمام الجميع من مخرج سوى الحوار الوطني الشامل بأطرافه وموضوعاته، دون شروط مسبقة وبدون محرمات أيضا. هذه السفينة ملك للجميع ولا بد من التوافق على مسارها ووجهة رسوها. لا خلاف على أن الأزمة سياسية بامتياز ولكن التعاطي معها لم يكن سياسيا على الدوام، إذ طغى التأزيم والعنف والمعالجة الأمنية والتهويل على حساب المعالجة السياسية الموزونة المستندة الى قراءة واقعية لطبيعة المجتمع والتوازنات السياسية والاجتماعية، وللبعد الإقليمي وصراعات القوى الكبرى واستراتيجياتها. وكان لما سمي بالربيع العربي أثره البالغ في خلق الأوهام التي لا تزال تهيمن على عقول البعض حول الثورة والإسقاط بما حجب الرؤية عن التفريق بين الممكن والمستحيل، بين متطلبات المرحلة الوطنية وسيرورة التطور الاجتماعي الطبيعي. من هنا فإن انعكاسات المواجهة السياسية كانت وخيمة على النسيج الاجتماعي وسهلت على القوى الطائفية أن تنتعش وتستقطب الشارع تحت مظلتها في إطار مذهبي إقصائي، ووظفت المنابر الدينية لتحقيق مآربها الآنية والبعيدة وبعضها اليوم يضع شروطه للحوار والتي تؤدي في الواقع الى اجهاضه. لقد انعكس الخلاف السياسي اختلافا بين المكونات الطائفية في العائلة الواحدة ومواقع العمل ومؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية على اختلاف انتماءاتها الفكرية وداخل القطاعات الاقتصادية وهيئاتها. لم ينج اطار اجتماعي أو سياسي من لوثة الطائفية ونزعة الإقصاء، ولم يعد المشكل السياسي وحده يتطلب المعالجة الناجعة فالمشكل الاجتماعي يستصرخ المعالجة كونه يشكل قاعدة البناء السياسي وهدفه. ضمن المساعي الوطنية المجتمعية للخروج من الحالة المرَضية التي أصابتنا ننوه الى مبادرة تشكيل «المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني» التي أعلن عنها الأستاذ سهيل القصيبي بتاريخ 13يونيو الجاري. تأتي أهمية هذا المشروع من كونه تلمّس عمق الجرح وانطلق من مجرد التشخيص الى الاسهام في جهود المعالجة الحقيقية. وهي مبادرة لا تدعي الحل السياسي لانها حصرت مهامها أساسا في «الوصول الى التوافق الاجتماعي، وتحقيق التجانس بين جميع الطوائف، وتسهيل تبادل الأفكار بين أطياف المجتمع، بهدف التشجيع على المصالحة الوطنية والحوار المدني» وفي المدى البعيد «مواجهة التحديات الاجتماعية المتعددة التي تواجه البحرين». وتطرح المؤسسة كما أوضح القصيبي برنامج عمل متنوع يخدم أهداف المؤسسة الخيرة التي نؤيدها ونعتقد بأنها ستلقى الترحيب والمعاضدة من كل الحريصين على وحدة الوطن وتماسك المجتمع بالتوازي مع كافة المبادرات الأخرى. وما يبرر هذا التقييم الايجابي والمتفائل كون المبادرة تحظى بدعم ومباركة ولي العهد صاحب المبادرة المعروفة والتي لا نفهم كيف يكرر البعض رفضها كأرضية للحوار بحجة أن «الزمن قد تغير». هذه فرصة أخرى ينبغي عدم تفويتها وهي تتلاقى مع بعض التسريبات الأجنبية والمحلية عن توجه يزداد ترسخا لدى كافة الأطراف بضرورة الحوار الجاد غير المشروط إذ لا خيار أمام الوطن اليوم غير الصمود والانتصار.

أوقفوا هذا العبث

إبراهيم الشيخ
ما قامت به وزارة الصناعة والتجارة، من إلغاء لجنة التحقيق في غرفة تجارة وصناعة البحرين، كان خطوة واحدة فقط، تنتظر خطوات أخرى، تضبط إيقاع أي انحراف طائفي مازلنا نتجرّع مراراته.
الانتقام الطائفي في الغرفة، بدأ منذ طرد عبدالحكيم الشمّري وأحلام جناحي من مجلس إدارة الغرفة، بهدف تصفية الحسابات الطائفية، والتي كانت تديرها أسماء معروفة!
كما كان لإعادة بعض الأسماء إلى مجلس الإدارة مخالفة قانونية في حدّ ذاتها، حيث لا يحق للجمعية العمومية إعادة أي شخص مطرود، كما لا يحقّ لها في المقابل طرد أي شخص من مجلس الإدارة.
للجميع أن يعرف أن الفوضى الطائفية التي كانت تقيح منذ أمد في أحداث الغرفة، يقف خلفها أعضاء وموظّفون لهم علاقة بجمعية الوفاق، وجميع الأسماء موجودة.
الجميع يعلم، أنّ الحشد الطائفي والتلاعب الحاصل في انتخابات الغرفة، كانت هناك بعض الأيادي الطائفية التي تقف خلفه وتدعمه، كما كانت تدعم فكرة «التخويلات»، التي كانت تهدف إلى إقصاء البعض وإيصال أشخاص معيّنين، ولو بطرق ملتوية.
لأبرّر كلامي وحتى لا يكون في الهواء، سأستشهد بحديث أحد مدبّري الفوضى الطائفية بالغرفة على تويتر، وهو وفاقي وعضو بالغرفة أقحم نفسه أو أُقحم في لجان لا يحقّ له المشاركة فيها أصلا، حيث نشر مجموعة رسائل يفوح منها الحقد الطائفي، سأكتفي بنشر أخفّها حقدا: «كان احتكار الأقليّة السنيّة لأغلبية مقاعد مجلس إدارة الغرفة رغم أقليّتهم في الجمعية العمومية استئثاراً ومغالبة»!!
ذلك الشخص واصل عبر مجموعة رسائل، بثّ الفرز الطائفي، من قبيل أنّ على الأعضاء الشيعة ألا يسمحوا بتلك السيطرة السنيّة!
قرار لجنة التحقيق كان بالإمكان إبطاله في المحاكم أصلا، لأنّه فاقد للشرعية، ولكن ضعف واستسلام مجلس إدارة الغرفة، هو ما أوصل الغرفة إلى ذلك العبث والفوضى والانتقام الطائفي.
إنّ ما يحدث في غرفة تجارة وصناعة البحرين، شبيه بما حدث في اتحاد العمال، وشبيه بما حدث في جمعية المعلمين، وليس ببعيد عمّا حدث في جمعية الأطباء قبل إصلاحها، وهو بالتأكيد نموذج لما حدث في أغلب المراكز (الحقوقية) عندنا.
الفكرة واضحة، وهي تجيير جميع مؤسسات الدولة، لخدمة المشروع الوفاقي المنحرف سياسياً وأخلاقيا، وأقول ذلك؛ لأنّ ما تقوم به الوفاق اليوم، هو نموذج للمعارضة المنحرفة المنهج والسلوك، التي تكرّر ما فعلته الجوارب الإيرانية في العراق، حيث استخدمتهم أمريكا في العراق وأفغانستان، ثمّ سلّمتهم لعملائها ليعبثوا بهما كيفما شاءوا.
الوفاق أفسدت جميع مؤسسات المجتمع المدني، التي يفترض أن تمثّل طيفاً وطنياً معارضاً رشيدا، لنشاهدها تدعو الى الفوضى في البلد، وتدعمها، بل تقود المسيرات غير المرخّصة لاستفزاز الناس والشرطة، بهدف فرض أجنداتهم على الأرض، كما يفعل حزب إيران في لبنان، ثمّ يبعثون بصورهم وهم يحملون ورودهم الصناعية الكاذبة، لمواصلة حرب التشويه ضدّ الوطن.
برودكاست: على الدولة أن تستيقظ، وأن تطلّق السذاجة في حفظ الأمن والاستقرار ومواجهة قادة الفتنة والتحريض، كما عليها أن تستوعب ذلك الاختراق جيّدا، حيث بدأ يعود أسوأ مما كان.

أمريكا ومصر..تخريب وتدخل سافر

السيد زهره
في الأيام القليلة الماضية، دست الإدارة الأمريكية انفها في الشئون الداخلية المصرية وبشكل سافر وخطير. هذا التدخل بالشكل الذي تم به من شأنه ان يلعب دورا تخريبيا بكل معنى الكلمة، والأمريكيون يقصدون ذلك.
ذروة التدخل الأمريكي السافر تجسد في التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل يومين وتتعلق بالتطورات التي تشهدها مصر.
كلينتون في تصريحاتها انتقدت المجلس العسكري في مصر، ودعته إلى «تسليم السلطة إلى الفائز الشرعي في الانتخابات»، وتحدثت عما اسمته «دور التدخل والهيمنة الذي يمارسه المجلس العسكري» و« محاولة افساد السلطة الدستورية». وزادت على ذلك القول ان «العسكر الذين يحكمون مصر يقولون شيئا في العلن ثم يتراجعون عنه في الخفاء، لكن رسالتنا انهم يجب ان يحترموا العملية الديمقراطية».
ملاحظات كثيرة لا بد ان نسجلها على ما قالته هيلاري كلينتون على هذا النحو، اهمها ما يلي:
أولا: كل ما تحدثت عنه كلينتون وأفتت بشأنه، سواء تعلق الأمر بالمجلس العسكري أو بالأحكام الدستورية او بالانتخابات الرئاسية ونتائجها، هي بداهة قضايا داخلية مصرية بحتة تخص المصريين وحدهم، وليس من حق كلينتون أو أي من المسئولين الأمريكيين ان يبدي فيها رأيا أو موقفا ايا كان هذا الرأي أو الموقف.
ثانيا: إذا كان مثل هذا التدخل الأمريكي السافر في الشئون الداخلية المصرية مرفوضا من حيث المبدأ وفي كل الأوقات، فما بالك انه يجيء في وقت حساس في مصر تشهد فيه الساحة الداخلية توترا واحتقانا حادا بين مختلف القوى.
وان تتدخل أمريكا في اتجاه محدد في هذا التوقيت وفي ظل هذه الأجواء المتوترة هو عمل تخريبي من شأنه ببساطة ان يزيد الأوضاع توترا واحتقانا.
ثالثا: انه من الملاحظ ان هذا التدخل السافر بالكلام الذي قالته وزيرة الخارجية الأمريكية هو تدخل لمحاولة فرض توجه معين لصالح طرف محدد على الساحة المصرية.
لنلاحظ ان كلينتون تتحدث عن من تسميه «الفائز الشرعي» في الانتخابات، وهي تقصد بالطبع مرشح الاخوان المسلمين. تقول هذا على الرغم من اللجنة العليا للانتخابات وهي الجهة الوحيدة المخولة بإعلان من هو الفائز لم تقل كلمتها الرسمية بعد. أي ان كلينتون تنحاز إلى الاخوان الذين أعلنوا من جانبهم فوز مرشحهم.
رابعا: ولنلاحظ ان هذا التدخل الأمريكي اتخذ بحسب ما قالته كلينتون شكل محاولة فرض الاملاءات السياسية المباشرة على المجلس العسكري وعلى نتيجة الانتخابات. بل هي لم تتورع عن انتقاد أحكام أعلى سلطة قضائية في مصر هي المحكمة الدستورية.
المصريون لهم هنا ان يختلفوا حول التطورات الجارية، والقوى المختلفة لها ان تطالب بما تشاء فيما يتعلق بهذه التطورات.
لكن الأمر المؤكد ان امريكا ليس لها أي حق في ان تقحم نفسها بهذا الشكل الفج المستفز في هذه الأمور الداخلية المصرية. تدخلها على هذا النحو يشكل محاولة فرض وصاية لا يمكن ان يقبلها احد.
ولهذا لم يكن غريبا ان قوى سياسية مصرية كثيرة بادرت وانتقدت بعنف هذا التدخل الأمريكي وحذرت من مخاطره.
وكي تكتمل الصورة لنا ان نضيف إلى ما سبق انه ترافق مع مثل هذه التصريحات الأمريكية، انباء ترددت عن قيام المسئولين الأمريكيين بممارسة ضغوط فعلية مباشرة على السلطات المصرية كي تتخذ خطوات معينة، وخصوصا في اتجاه إعلان محمد مرسي رئيسا.
وقد لاحظت شخصيا في الأيام القليلة الماضية ان بعض القوى السياسية والشخصيات المصرية التي تدور حولها منذ فترة طويلة شبهات حول ارتباطاتها بالدوائر الأمريكية وبالمنظمات الأمريكية المشبوهة انضمت فجأة الى معسكر مرسي وتدافع عنه بشراسة. والأمر الذي لا شك فيه عندي ان مثل هذه القوى والشخصيات تفعل هذا بإيعاز مباشر من الدوائر الأمريكية.
القضية هنا كما ذكرت ان من حق من يشاء من القوى المصرية ان ينتقد المجلس العسكري او يرفض أي سياسات أو إجراءات يرى انها لا تخدم المصالح العامة.
المشكلة ان تدخل أمريكا بهذا الشكل السافر هو بالضرورة لأغراض مشبوهة وتخريبية، والكل يعرف أجندة امريكا التخريبية في مصر والدول العربية.
وعلى ضوء كل هذا، فإن كل القوى السياسية المصرية مهما كانت خلافاتها اليوم، فانها يجب ان تجتمع كلمتها على ادانة هذا التدخل الأمريكي ورفضه بشكل مطلق ومن دون نقاش.
بقي سؤال مهم لا بد ان نطرحه.
سواء فيما يتعلق بهذا التدخل الأمريكي في الشئون المصرية، أو بالتدخل الأمريكي في البحرين أو غيرهما من الدول العربية.. لماذا تتدخل أمريكا في شئوننا على هذا النحو؟

طائفية

طفله الخليفة
نؤيد ما ذهب إليه تجمع الوحدة الوطنية بضرورة حماية لجان التحقيق من الطائفية، حسبما ذكر رئيس التجمع الشيخ عبداللطيف المحمود، وأن يكون لقرار وزير التجارة والصناعة بإيقاف لجنة التحقيق في غرفة تجارة وصناعة البحرين صفة الديمومة وألا يكون قرارا مؤقتا، وأن تأخذ به كل الوزارات المعنية وخاصة وزارتي العدل والتنمية الاجتماعية وغيرها من الوزارات، للتصدي لأي انحراف قد يضر بالوطن والمواطنين ويعيدهم إلى المربع الأول، مربع الأزمة والسيطرة على مؤسسات المجتمع المدني ونقابات العمال وغرفة تجارة وصناعة البحرين.
أعتقد أن هذا وحده لا يكفي، وإنما لابد من السؤال لماذا صار التجار من طائفة معينة أغلبية في الغرفة أو مؤسسات نقابية أخرى، أليس لإبعاد الطائفة الثانية عن المشاركة في الحياة الاقتصادية وإبعاد أهل السنة عن العمل في المؤسسات والشركات الكبرى كما اتضح ذلك من التحقيق الذي أجراه مجلس النواب.
إن هناك حاجة إلى إصلاح الأسس التي أدت الى النتيجة الخطأ والتي صارت تشكل خطرا على الوطن والمواطنين.
فمن هم الذين يؤجرون السجلات التجارية التي حصلوا ويحصلون عليها بكل سهولة للعمالة الآسيوية، ومن هم الذين يبعدون أهل السنّة عن العمل في الشركات الكبرى، ولا يتيحون لهم فرص الترقي أو الحصول على الدورات والتدريبات اللازمة؟!
إن الأمور مترابطة ولا بد لحلها من إيجاد حلول جذرية.

لماذا الإصرار على تنفيذ مسيرات غير مرخصة

عبد المنعم ابراهيم
غريب أمر جمعية (الوفاق) والجمعيات الأخرى المتخندقة طائفيا معها.. فهم دائما ما يتشدقون في المنابر ووسائل الإعلام والفضائيات وبياناتهم بأن حركتهم (سلمية)! وانهم يؤمنون بدولة القانون ويلتزمون بذلك في نشاطهم (السياسي)!.. لكنهم في كل مرة يتقدمون بطلب إلى السلطات المختصة للترخيص لهم القيام بمسيرة أو اعتصام، وترفض السلطات الترخيص بذلك بسبب التوقيت أو المكان، إذا كان ذلك يضر بمصالح الناس أو المصالح التجارية للمواطنين والمقيمين، فإنهم يصرون على تنفيذ المسيرة أو الاعتصام في نفس المكان! وفي نفس التوقيت! ويضربون عرض الحائط بكل القوانين المعمول بها في البلاد.. ويقودون المشاركين في المسيرة (غير المرخصة) إلى صدامات مع رجال الشرطة والأمن، وهو ما تنتج عنه أضرار وإصابات غير محمودة في الطرفين، مثلما حدث يوم الجمعة الماضي في المسيرة التي طلبتها (الوفاق) من منطقة الخميس إلى مسجد الشيخ عزيز، وقد رفضت السلطات المختصة الترخيص لها بسبب إقامتها بمنطقة حيوية وتؤثر على الإخلال بالأمن والإضرار بمصالح الناس.. علما بأن (الوفاق) نظمت منذ بداية العام الحالي ٢٧ مسيرة و٢٠ تجمعا مفتوحا! وقالت وزارة الداخلية إن بعض هذه الأنشطة ارتكبت خلالها مخالفات وتجاوزات للقانون.
ويبقى السؤال: لماذا تصر (الوفاق) ومن لف لفها على تنفيذ المسيرات رغم انها غير مرخصة، وتعرض حياة المواطنين، سواء المشاركين في هذه المسيرات أو العاديين، عابري السبيل في الشوارع، للخطر؟!
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في نهج (الوفاق) التصعيدي في الشارع.. فهي تدعي (السلمية)، لكن نشاطها الفعلي هو العنف والصدام مع الدولة والمواطنين الذين يختلفون معها، حتى ولو كانوا (رجال دين) من الطائفة الشيعية الكريمة.. ناهيك عن خطابها الطائفي ضد الجمعيات السياسية ورجال الدين من الطائفة السنية الكريمة ــ بل ضد (رجال الأعمال) من الطائفتين (الشيعية والسنية) معا!
(الوفاق) تتعمد الخروج في مسيرات غير مرخصة لكي تخلق حالة من الصدام المستمر مع (الدولة) وأجهزتها التنفيذية، وعلى رأسها (وزارة الداخلية) المنوط بها تطبيق القانون وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد.. وكل يوم نكتشف الكذب يكبر ويكبر في الادعاء بالسلمية أمام الرأي العام والفضائيات المعادية!.. وكل هذا يحدث لإرضاء (ولاية الفقيه) والمرشد الأعلى في إيران!.. فأين (الوطنية) في تعريض حياة المواطنين للخطر.

غبار من مصر إلى الخليج

محمد مبارك جمعة
لا يوجد في مصر شيء اسمه «فلول»، والعيب كل العيب على من يردد هذا الكلام الهراء ومن ينساق خلف ثلة من الناس امتهنت توزيع الأوصاف على من خالفهم في الفكر والتوجه والرأي. اليوم ستعلن -على الأرجح- نتائج الانتخابات المصرية، وسيفرح من يفرح ويحزن من يحزن، فهذا هو حال الانتخابات في كل مكان، لا ترضي الجميع ولا تلبي طموحات الكل، ليس هذا هو الأمر المهم، المهم هو أن يحترم المواطنون آراء بعضهم طالما أنها لا تدعو إلى عنف ولا تؤدي إلى فوضى ولا تزدري أحداً.
في مصر صوت أكثر من ١٢ مليون مواطن مصري للمترشح الفريق أحمد شفيق، هذا يعني أن شريحة كبيرة جداً من شعب مصر، قد تصل إلى النصف أو أكثر، لا ترى أن النظام المصري السابق الذي كان يرأسه مبارك سيئاً، ناهيك عن الشريحة المتبقية التي ليست بالضرورة مؤيدة لإسقاط هذا النظام، وتتبقى شريحة قد تمثل حزباً أو حزبين أو ثلاثة أو حتى أكثر، هي التي تدعو إلى المواجهة والإسقاط، لكنهم لا يمثلون إلا نطاق مؤيديهم، وهم ليسوا كثر مقارنة ببقية الشعب الذي بات من الواضح أنه لا يشارك في فعاليات ميدان التحرير بعد أن تم احتكاره من قبل فئات حزبية معينة.
من العيب أن يتم وصف أكثر من ١٢ مليون مصري بأنهم «فلول»، هؤلاء مواطنون، لهم رأيهم ولهم احترامهم ولهم كل الحق في أن يعارضوا ما يجري الآن في مصر. لكن الأنكى من ذلك، أن عدوى توزيع الأوصاف على الناس انطلاقاً مما يحدث في مصر قد انتقلت إلى دول الخليج، وبات يمارسها فصيل سياسي ضد الآخر، وانجر خلفه بعض من ضيقي البصيرة، فإذا لم تكن مؤيداً للمترشح د. محمد مرسي، تفاجأ بأن هناك من يهجم عليك ويستخدم نفس الأوصاف التي تستخدم في مصر لوصف من لا يؤيده أيضاً. بمعنى آخر، أصبحوا يقولون لكل من (لا يؤيد) د. محمد مرسي، أو من (يؤيد) الفريق أحمد شفيق «فلول».. فهل ملايين المصريين الذين انتخبوا الفريق أحمد شفيق بمحض إرادتهم ووسط أجواء شفافة ورقابة دولية هم «فلول»؟ أي ديمقراطية وأي إصلاح هذا الذي يبدأ بالأسلوب الإقصائي؟
المصريون أحرار فيمن يختارون، وإذا كان مجتمعهم يعاني انقساماً حاداً بسبب تبعات الثورة وحدة المشاعر فإنه من الخطأ أن يقوم فصيل سياسي في الخليج باستيراد أوصاف معلبة من هناك ليستخدمها في حق إخوانه ممن يختلفون معه في وجهات النظر، يكفي ما نعانيه اليوم من حالة طائفية لم يبق أحد إلا وأصابه غبارها.

عن الحوار القادم.. وقضايا مهمة أخرى

محمد المحميد
في مثل هذا الوقت من العام الماضي أطلقت مملكة البحرين حوار التوافق الوطني، الذي شاركت فيه جميع أطياف المجتمع البحريني، وتم ترجمة المرئيات المتوافق عليها من خلال عمل الحكومة الموقرة ومجلسي النواب والشورى، وبالطبع فإن الحوار الوطني في مملكة البحرين نهج ثابت وراسخ في كل الأوقات، وان أبواب الحوار في مملكة البحرين مفتوحة على الدوام لمن يرغب في الإصلاح والتطوير من أجل الجميع والمستقبل.
ومع تأييد ورغبة كل مواطن مخلص في الحوار البحريني الوطني غير المشروط، فإننا نتمسك بأن يكون الحوار جماعي ومعلن، وليس طائفي وإقصائي وسري، ولا بد من أن يكون للسلطة التشريعية والمؤسسات الدستورية دور في الحوار القادم، لأننا بلد القانون والمؤسسات.
الحوار الوطني الجامع هو نهج كل دولة متحضرة تسير في مشروعها الإصلاحي ومسيرتها الديمقراطية، ومهما كانت الخلافات، فلن تعالج ولن تحل إلا عبر الحوار وعبر تطبيق القانون على كل مخالف ومتجاوز.
كل الدعاء بالتوفيق لكل مبادرة مخلصة من أجل حوار وطني جامع من أجل البحرين وشعبها ومستقبلها.. باختصار نريد حوار الشجعان والشرعية، لا حوار التنازلات وتعدي المؤسسات القانونية والدستورية.

ملاحظة واجبة:
عملية لجوء الطيار السوري إلى الأردن تمت وفق تنسيق دولي، أدى الى تعطيل أجهزة الرادار الروسي في سوريا، ورسالة عسكرية الى إيران في القدرة على تعطيل جميع الرادارات لحظة شن أي هجوم.. وذلك كما جاء في مقال الأستاذ فؤاد الهاشم في جريدة الوطن الكويتية أمس.

رحمة بالبحرين وبالناس..أوقفوا إرهابهم

أسامة الماجد
كثيرا ما يكون علاج أمر من الأمور متوقفا في البداية على حسن معرفة الأخطاء والمصاعب والعقبات التي تقف في وجه إصلاح هذا الأمر أو علاجه.أما إذا تم العلاج  بشكل سطحي وسقيم، فإن الداء يستفحل ويصعب من ثمة درء النتائج الوخيمة التي تترتب على ذلك .
هذا ما ينطبق علينا في البحرين مع الزمرة المخربة التي ربما تم التصدي لها بشكل سطحي وسقيم. دعونا من حرق الإطارات ولكن هل تنظرون كيف شوهوا الشوارع والطرقات والفرجان بالكتابات الدنيئة والطائفية على الجدران وبشكل مقزز؟؟، من يسير على شارع جدعلي الخلفي أمام أسواق الحلي بقليل يخّيل إليه أنه يمشي في شوارع مقديشو كما جاءت في فيلم “بلاك هوك داون” إبان التدخل الأمريكي في الصومال.
منظر لا يمكن أن يكون في بلد خليجي متحضر وراق مثل البحرين حتى المساجد والمآتم لم تسلم من هذه الكتابات المشينة، في صورة تدعو إلى التساؤل ..أي دين ومذهب عند هؤلاء الذين لم يتركوا جريمة في حق الناس إلا وقاموا بها.
بيوت وفلل وعمارات سكنية ومحلات في كل مكان عجز أصاحبها من طلاء جدرانها وبشكل يومي أو أسبوعي من جراء هذه الهواية القذرة والتي تعكس مدى الأمراض التخريبية الدخيلة على المجتمع البحريني من قبل هؤلاء العملاء المجرمين الذين من المفترض أن يتم معاقبتهم بأشد العقوبات كونهم يتسببون بكوارث بيئية ستطالنا جميعا إذا لم يكن هناك قرار حاسم ضدهم.
فهؤلاء ليسوا بوطنيين أبدا..وحرام أن يحملوا الجنسية البحرينية وهم يغرسون أنياب الحقد الطائفي في جسد الوطن الهزيل!!.
نعم أقول هزيل ،لأن الوضع فاق التصور وأصبحنا كمن يخفي رأسه في الرمال خوفا من المواجهة ..فزحفهم الإرهابي وصل إلى المدن البعيدة عن قراهم..فقد وصلوا إلى البديع كما سمعنا يوم الجمعة الماضي وتسببوا في حريق هناك ،ومن قبل وصلوا إلى المحرق وستستمر تحركاتهم لغاية حدوث ما يسعون إليه وهي الحرب الأهلية لا سمح الله ..والذي لا أفهمه بالضبط ما ذا تعني الكلمة التي نسمعها في تصريحات وزارة الداخلية دائما...تم التعامل معهم وفق الضوابط القانونية!!!
أي ضوابط قانونية  ونحن نرى العمليات  الإرهابية مستمرة في البلد وكل يوم تتوسع دائرة تململ الناس وضجرهم مما يحصل ...أي ضوابط قانونية تجعل الواحد منهم يخرج في الشارع أمام الناس بكل أريحيه ويضع الإطار ويحرقه ثم يخربش بيده على الجدران ،ويذهب سلاما سلاما ؟.
حقيقة لا ادري ربما بعض القوانين التي عندنا تؤدي دورها في تصعيد الإرهاب وحدوث الأزمات وانه لشيء مرعب حقا ان يكتشف المواطن انه وبعد كل هذا الإصلاح ما زال ينقصه شي كبير ومهم جدا وهو الأمن والاستقرار فالمواطن يشعر اليوم ودون مبالغة بالعجز .. بيأس مطلق ..يشعر  انه في عالم غامض تسيطر عليه قوى خارجية فتاكة، لقد شبع من الشجب والاستنكار والتحدث عن حوار مع زمرة انقلابية ووحدة وطنية والوصول إلى صيغ مشتركة تضمن مواصلة الحياة والعمل  ،وغيره من الكلام.
نحن اليوم نبحث عن مطرقة أمنية غليظة تكسر بلورة الإرهاب وكل المجتمعين حولها من الدجالين والعملاء والخونة، نريد سيفا حادا نقطع به جذور إرهابهم  وقبضة أمنية حاسمة تعيد البسمة إلى الشارع البحريني الذي بدأ ينفذ صبره.
ورغم قناعاتنا الثابتة بالإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية  وكل الأطراف المعنية حيال المخربين ولكن يستحسن أن لا نتأخر اليوم أبدا في تطبيق قانون الإرهاب وتفعيل وتطبيق مواده على هؤلاء المجرمين الذين يجب أن نحمي مجتمعنا منهم ..فكل الجرائم التي تهدد سلامة الوطن قاموا بها ،منها استخدام القوة .. إخلال بالنظام العام وتعريض أمن المملكة للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية..وتعريض حياة الناس للخطر وإلحاق الضرر بالبيئة والصحة العامة وحرق المنشآت والممتلكات العامة ،وحرق دور العلم والعبادة.....إذن ماذا بقي من جرائم لم يفعلوها !؟
فرحمة بالبحرين وبنا كمواطنين وكمقيمين أوقفوا إرهابهم!

إهمال تقرير الرقابة المالية في رقبة الجميع

حمد الهرمي
أين وضع تقرير الرقابة المالية والادارية الذي اعلن عنه وعن انجازه منذ اشهر تفوق الستة؟ في أي درج وضع؟ كنا ننتقد العاصفة التي تحدث بعد إصدار التقرير ونشره وكنا نطلق عليها مسبقا انها عاصفة في فنجان وكان أبطالها معروفين، لكن هذه المرة يبدو انه لا يوجد حتى ابطال قادرين على احداث العاصفة في فنجان، هل بلغ الأمر ان المخالفات القانونية الموثقة من قبل اجهزة الحكومة ذاتها غير مهمة ولا تستوجب التوقف عندها لحظة ومحاسبة المخطئين ليس بالنيابة وغيرها لكن على اقل تقدير بالعزل وإعطاء الفرصة لمن هم اكثر قدرة على الالتزام بالقانون؟
التقرير اليوم يشتمل على  الاخطاء المالية والادارية اي انه اكثر تعقيدا وصعوبة من التقارير السابقة، فلماذا حينما تطور عمل هيئة الرقابة واتسعت صلاحياتها في المتابعة والمراقبة صارت اهمية التقرير اقل بل انعدمت الى  درجة ان لا احد من المسئولين يحفل به ولا أي صحيفة حملت راية المخالفات. وبالطبع لا احد من النواب او كتلهم قالت ها انا ذا لدي برنامج جاهز للمحاسبة والمراقبة بإمكاني ان احدث تغييرا حقيقيا عبر منح هذا التقرير عضلات وانياب ومخالب، بعد ان يأسنا من ان تتخذ الدولة اجراءا ولو صغيرا حيال المقصرين بعد ان اهملت مخالفات احتوتها اكثر من ثمان تقارير للرقابة المالية قبل ان تنضم إليها المخالفات الادارية.
ابسط ما يمكن ان يصل الينا من رسالة عن مشروع الرقابة المالية والادارية برمته الذي تبنته الدولة كأحد اجراءات الاصلاح بأنه مشروع غير جاد ولا يمكن التعويل عليه لإصلاح حال المؤسسات والدوائر الرسمية، وهذه ليست نتيجة شخصية بل هي موجودة لدى كل الناس وكل المسئولين ايضا وهذا ما يفسر ان يكرر بعض المسئولين ذات الاخطاء على مدى سبع تقارير للرقابة دون ان يكترثوا او يهتموا لسبب بسيط فقط وهو انهم على ثقة بانه لن تطولهم ادنى محاسبة وان هذه المخالفات لن تؤدي الى اقصائهم من مناصبهم على اقل تقدير.
اذكر اني تطرقت لهذا الامر في مقال سابق واتذكر جيدا انه لم يكون هناك ادنى ردة فعل لا من النواب كوني وجهت لهم التهم بإهمال هذا الملف الهام والبرنامج الجاهز لإثبات جديتهم في جانب الرقابة والمحاسبة الذي هو من صميم صلاحياتهم وواجباتهم تجاه من انتخبهم، ولم يكن هناك رد فعل او تعليق من قبل هيئة الرقابة المالية والادارية التي ارتضت ان يكون جهدها مجرد عبث تبذله كل عام وتسلم تقريره للقيادة في اكتوبر من كل عام دون ان تضع ادنى خطة اعلامية تجعل من هذا التقرير جديرا بكل تلك الاموال التي تصرف على هيئة الرقابة وتقاريرها من المال العام.
اذا كان الامر سيستمر على هذا المنوال وهذه السلبية في التعامل مع هذه المخالفات فإنني اطالب كمواطن بإلغاء هيئة الرقابة وتوفير ما يصرف عليها لإنشاء مستشفى او دار رعاية او غيره من الخدمات التي لها تأثير مباشر على حياة الفرد، واذا رغبت الدولة في اعادة دراسة اعادتها للحياة فانه من الواجب ان يوضع ضمن قانونها تأثير ثبوت المخالفة على اي مؤسسة رسمية، ليصبح عملها ذا جدوى وله معنى وتأثير على صعيد واقع الحياة في البحرين.
اما وسائل  الاعلام المحلية ومن ضمنها التلفزيون والاذاعة فان عليها مراجعة دورها تجاه هذه المخالفات بوصفها مؤسسات اعلامية محايدة، كما عليها ان تعرف بان واجبها الرقابي يفرض عليها ان تتعامل مع نتائج التقرير ليس باعتباره معلومات عابرة بل يتعامل معها باعتبارها مؤشرات حقيقية على مستوى اداء هذه المؤسسة او تلك دون تمييز بينها كونها قريبة من هذا المسئول او بعيدة عن هذا المسئول المؤثر في تلك الصحيفة او غيرها من وسائل الاعلام.
ينبغي ان تسقط الاعتبارات لكي نصبح جديرين بالترخيص الذي نعمل وفقه كمؤسسات اعلامية وانا هنا اوجه الحديث للتلفزيون والاذاعة شأنه شأن الصحف المحلية او المؤسسات الاعلامية المختلفة على الشبكة الدولية (الانترنت)  او وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فاذا تهاونت الصحف مع هذا الحق العام بهذه الصورة المؤسفة فإنها بلا شك تفقد احد اهم اشتراطات منحها التصريح وهو الوطنية.
لا يمكن لأحد ان يقنعني بان قضية التهاون مع المخالفين في التعامل مع المال العام والحق العام اقل اهمية من قضية مثل البطالة او التجنيس او غيره من الملفات التي وضعت شعارات لتحريك الشارع، انطلاقا من هذه الحقيقة فإن الجميع مشارك في الغليان وفي مقدمتهم النواب في كافة الفصول التشريعية التي شهدت مقاطعة من قبل بعض الاحزاب او تلك التي شهدت مشاركتها، فكلهم تعاملوا مع تلك المخالفات اما من منطلق طائفي ، واما من منطلق حزبي وبرجماتي.
اذن الجميع ساهم في ضياع الحق العام عبر تفريطه في دوره الذي بإمكانه ان يكون العنصر الحاسم في جعل هذه القضية محورية وتساهم في شعور المواطن البحريني بان مقدرات وطنه محمية عبر اركان الدولة وهذا ما سيجعله بكل تأكيد يتعامل مع واقعه باحترام اكثر وبأسلوب ارقى.
لن نقبل من طرف من الاطراف تحميل الذنب لجهة معينة بل كل الجهات تحمل وزر غضب الشارع البحريني نتيجة لإهمال مخالفات مثبتة عبر الطريق الرسمي اي ان الحكومة قامت بما عليها تجاه اجزاء منها لتهمل الاطراف الاخرى من الدولة سواء رسمية او اهلية او سلطات اخرى دورها في استكمال الصورة التي سنعتبرها ناصعة وسنتمكن عبر الترويج للبحرين ان نجعلها في مقدمة الملفات التي تبيض وجهنا حينما يحاول البعض تسويده سواء امام المنظمات الدولية او امام الدول الكبرى او حتى في المحافل الاعلامية.. هكذا يتم ترتيب الملف الخاص بسمعة الدولة.

شكرا للمجلس العسكري على إحياء الثورة المصرية

حمّودان عبد الوحد
لا تعطي الثورةُ ثمارَها مجانا ودون مقابل، كما لا يمكنها أن تفعل ذلك في اعتباطية تشبه العبثية المناهضة للمعنى والمضادّة للبناء. فمثلما لا يمكن للأشجار أن تثمر إلا في التربة الخصبة المناسبة، ولا تقدّم للجاني فواكهَها الناضجة إلا بعد أن ترتوي عروقُها بالمياه وتتشبّع غصونُها وأوراقها وأزهارها بضياء النهار وشعاع الشمس، وتتأقلم مع أحوال الطقس المتقلبة وتتحمّل لفحات الرياح والعواصف المدمّرة.. فكذلك الثورة. إنّها نضال طويل ومسلَكٌ وعرٌ مليء بالتضحيات والتناقضات والمفاجآت، ولا بدّ فيها من الأخذ بعين الاعتبار عامل الوقت حتى لا تصاب النفوسُ بالاحباط والهمَمُ بخيبة الأمل.
والتاريخ يشهد- والأمثلة على ذلك كثيرة ومليئة بالدروس والعبر- أنّ الثورات التي يُكتَب لها النجاحُ لا تؤتي أكلَها في الغالب إلا على المدى البعيد كما كان حال الثورة الفرنسية التي انتظرت ما يقرب من مائة سنة حتى تمكّنت من تحقيق طموحات وأحلام شعبها. وهذه المدّة الزمنية الطويلة التي تحتاجها الثورة ككائن بيولوجي واجتماعي حيّ حتى يشتدّ عودُها وتقف على رجليْها هي المنطق الوحيد الذي تؤكّده معظمُ التجارب المريرة التي خاضتها الثوراتُ الاجتماعية والسياسية في العالم.
وعلى الرغم من أنّ الأحداث التي تلي الثورات يصعب التكهنُ بها لأنها لا تتبع منطقا معروفا سلفا، وتظلّ لفترة من الزمن راضخة في تطوّراتها وتوجّهاتها لقوى لا تكشف كلّها عن هوّيّتها ونواياها وتفضّل التحرّكَ تحت أجنحة الظلام، لا نبالغ إذا قلنا بأننا لم نفاجأ بالعراقيل التي قامت المؤسسة العسكرية بوضعا أمام عجلة الثورة. فالأمر واضح بما فيه الكفاية والانقلاب الناعم الذي حلّ البرلمانَ المصري وجمّد صلاحيات الرئيس المقبل هي واحدة من تلك المناورات القديمة المعروفة عند السلطات العربية المستبدّة التي تعوّدت على السطو على الحكم والتفرّد باتخاذ القرارات المصيرية والمستقبلية لشعوبها.
لهذا يبدو أنّ التطوّر الخطي والسلمي الذي يحلم به المصري والعربي بصدد الثورة وتحقيق أهدافها مباشرة وبسرعة وسهولة هو شيء مستحيل، والدليل على ذلك أنّ من خصائص الثورات التي فرضت نفسَها تاريخيا هو أنها تعرّضت لردود أفعال عديدة ومتنوعة ومتفاوتة في درجة قوّتها وشدتها ومقاومة التغيير والصمود من أجل البقاء..
لنستمع إلى ما يقوله الفيلسوف الألماني الكبير Hôlderlin هولدغلين حتى نعِيَ ما يحدث في المشهد المصري: "حيث يوجد الخطرُ، ترتفع نِسَبُ النجاة أيضا". نعم، إنّ الثورة المصرية في خطر لكن هذا الخطر يحمل في طياته شيئا إيجابيا، فكُلّما اقترب الانسانُ من الخطر إلا وتحرّكت فيه بطريقة شبه طبيعية ميكانيزماتُ الدفاع عن النفس والأهل، والقيم والحقوق والمكتسبات، والمؤسسات والقوانين.
وهذا ما لم يغب عن العقلاء في مصر لمّا قامت الأحزابُ السياسية والجمعيات والنقابات والمجتمع المدني وشرائح مختلفة من الشعب بردود فعل- في ساحة التحرير ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية- تندّد بالمجلس العسكري وتنتقد موقفَه المعادي للثورة، فلم يرَوا في هذا الموقف خطراً يأتيها من الهامش أو الخارج فقط، بل أيضاً وبالخصوص تهديداً لها من الداخل توَجّهُه لها عناصرٌ وجماعات ساهمت فيها، وكذلك قوى أخرى تقدّم نفسَها كصديقة مُناصِرة لها أو متعاطِفة مع أهدافها.
صحيح أنّ موقف العسكر فيه خطر واضح على الثورة لأنه يندرج في إطار ما يُسمّى بالثورات المضادة، لكنّه في نفس الوقت فرصة نادرة لمراجعة أخطاء الثورة وظرفٌ مناسبُ لإنقاذها من تَطرّف وغلوّ بعض أطرافها، وتوجيه النداء لكلّ من تخلّى عنها وبخل عليها بوقته وجهده وأفكاره. ولمّا تُقلّبُ قضيةُ انقلاب العسكر على كل الأوجه يتّضح أن المؤسسة العسكرية ارتكبت خطأ جسيما لا يعرف نوعَ وحجمَ تبعاته بالضبط أحد، ويتعسّر على المراقبين التكهّنُ بما سيحدث بعد الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية، لكنّ كلّ المؤشرات تقول بأنّ في شرّ الانقلاب العسكري على قانونية أو شرعية مجلس الشعب كثيرٌ من الخير للمصريّين.
إنّ في حلّ البرلمان وانقلاب العسكر على باكورة مكاسب الثورة معنى آخر كادت تنساه أو تتجاهله أعدادٌ كثيرة من المصريّين والعرب. ويكمن هذا المعنى في الفرق بين عملية الانتخابات والديمقراطية التي تسعى إليها الثورة.
هناك مساران متوازيان أفرزتهما الثورة، فمن جهة نجد العملَ الحزبي والتحالفاتِ السياسية وتحايلَ المؤسسات والتفافاتها على مطالب الشعب، ومن جهة أخرى هناك مظاهرات ميدان ساحة التحرير واعتصامات الشباب وانتظار الشارع وجماهير الثورة.
بعبارة أخرى، هل الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية- بغض النظر عن هوّية الفائز ومذهبه الحزبي والفكري- هو حقاّ الهدف الأسمى الوحيد الذي اندلعت من أجله الثورة وضحى الكثيرُ من أبناء الوطن المصري بحياتهم في سبيله، وأطيح بسببه برأس النظام السابق وعدد من رموزه القوية، الأسرية والحزبية؟ هل اللهف على السلطة والجري وراء مقاعد الحكم والسعي إلى تلبيّة الطموحات الفردية وغيرها في صالح الثورة والمصلحة الوطنية؟ هل الاكتفاء بهذا الجانب من العملية السياسية على الرغم من أهميته وضرورته معناه "كلّ شيء انتهى وخلاص"؟
ليست الثورة انتقال السلطة من فرد إلى فرد آخر أو من جماعة إلى أخرى، وليست هي أيضا تمَرْكُز الحكم واتخاذ القرارات المصيرية والمستقبلية في دائرة مغلوقة تحلّ محلّ دائرة أخرى سابقة مغلوقة. الثورة ظاهرة حبلى بالعطاء والتضحيات، بل هي وجه من أوجه الحب الإنساني العظيم ولن يقدر على المضي قدما بالثورة إلى الأمام في قفزة نوعية إلا من كان يومن بأن من شيم الحب تأهيله لأنْ يكون قادرًا على فعل المعجزات...
لا يمكن تصور ثورة دون الحبّ، دون القلب الرحيم، السخي المنفتح الذي يدخل في تناقض مطلق مع نزعة "الأنا الضيقة" نحو عبادة الذات وتقديس رموز الهوية الرافضة للآخر..! يستحيل لمن لا يحبّ الحياةَ والناس، ويرحم العدوّ خصوصًا عندما يكون في موقع القوّة أن يقود ثورة إلى النجاح..! ولا يمكن لثورة أن تفِيَ بوعودها وتحرّر الإنسانَ من عبودية الطغاة وقيود التبعية المستبدة وجور الظالمين إلا إذا كانت مبادءُها تتغذى باستمرار من طاقة هذا الحبّ العملاق، وتستمد قوتها وشبابَها من الفعل الحيوي الخلاق..
إنّ روح الثائر الحقيقي لا تتعارض مع قوانين الطبيعة والظواهر الخفية التي تسهر على تنظيم شؤون العالم والكون، بل إنها تلحق في تناغم وجودي بنظام علاقات الجاذبية- التي لا تخلو من توترات- الموجودة بين الأجسام على اختلافها وتعددها وأيضا كثرتها.
إن الروح، لمّا تسعى إلى إحداث تغييرات على الأجسام السطاتيكية الوشيكة أنْ تتعفّن وإرغامها، حتى تعود الحيوية إليها، على إدخال تحويلات جذرية في العالاقات الرابطة بينها، يُسمّى الفعلُ الذي تنجزه حركة ثورية. ولكي تستطيع هذه الروح التوفيقَ في مُهِمّتها فإنها بحاجة مطلقة إلى الوعي بنفسها وبالآخر في آن واحد، لذا يلزمها الإيمانُ بتجاوز ذاتها وأفقها الضيّق ليمكنها القفز خارج دائرتها اتجاه الآخر من أجل اللحاق به والإنصات إليه عن قرب وقناعة وباحترام. وهذا هو الشرط الأساسي لبدء إرساء قيم إضافية ونوعية من شأنها إفراز تجديد في الفكر والممارسة، في الأخلاق ونوع الرابط الذي يصلها بالتنظيم السياسي، في الثقافة والممارسات الدينية، في الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية.
وهنا لا بُدّ من سؤال: هل يمكن تحقيق هذا المطمح إذا لم يتجاوز الثائرون القوى المسيطرة على الماضي والحاضر، واكتفوا بالتعامل معها بطريقة اجترارية يطبعها التكرار والإعادة؟
الثورة- كحركة تجديد تهدف إلى التغيير العميق- مفهوم يحمل في طيّاته بالضرورة كلّ المعاني المحيلة على الغد والمستقبل. والثورة الحقيقية هي التي يكون غدُها مختلفًا عن الأمس ولا يشبه اليوم، هي التي تكون مستعدّة ومتوفّرة على الطاقات اللازمة لخلق "المستقبل" باعتباره واقعا مشروطا بقدرة الخيال على تصوّره وقوة الإبداع على تشكيله وعبقرية الفكر على إرساء قواعده وأسسه.
الثورة- كمستقبل أمّة يخرج من رحم إبداع أبنائها وعبقرية مُفكّريها- هي الوجه المبتسم المشرق للوطن الذي يساهم الجميعُ، باعتبارهم مواطنين واعين بمواطنتهم، في بنائه على أسس متينة تراعي حقوقَ الإنسان وتلتزم بالواجبات.
لقد تيَقّن العربُ عمومًا والمصريون خصوصًا أنّ الثورة مهدّدة بالموت وأنّ المخططين لضربها هم ضدّ التغيير السياسي والإصلاح المؤسساتي والعدالة الاجتماعية واحترام إرادة الناخبين وقواعد اللعبة الديمقراطية. وتأكّد لكلّ من كان يعتقد أنّ الثورة حقّقت مطالبَها وانتهت، أنّها ما زالت في طريقها ضعيفة بسبب اختلافات الرؤية عند الأطراف المشاركة فيها، تتعرّض لهجمات أنصار النظام القديم، واستغلال الانتهازيّين، والتدخلات الخارجية الحريصة على حماية مصالحها.
باختصار، تبيّن للجميع أنّ الثورة ما زالت تبحث عن نفسها، وأنّها وصلت إلى حالة من الضعف والغفلة تهدّد بانفلات البوصلة من يدها والزج بها في منافي البعد والنسيان. لهذا تبقى أكثر ممّا مضى بحاجة إلى إيقاظ الهمم وتكثيف الجهود واستنفار العقول وتجنيد الطاقات لحمايتها والدفاع عن مكتسباتها، ومدّها بكلّ سُبل النجاح والنجاة.

ابتزاز مرسي من خلال تأخير إعلان النتائج

د.محمد المحاسنه
مرة اخرى تلعب القوى السياسية المناهضة للاسلاميين في مصر اللعبة السياسية منسقة فيما بينها وتكسب بمواجهتهم نقطة ثمينة، مرسي هو الفائز في انتخابات الرئاسة المصرية ولا يختلف على ذلك اثنان لكنهم دفعوا احمد شفيق ليظهر بمظهر الذي سيصادر منهم هذا الفوز حتى كاد ان يصدق احمد شفيق نفسه ولم يكن ربما بعلم ان اللعبة تلعب لحساب غيره ومرت ايام الخميس والجمعة والسبت ضاغطة على اعصاب الاسلاميين المتخوفين من مصادرة الفوز منهم والدفع نحو ما لا تحمد عقباه وفي هذه الاثناء تبرع بعض اللاعبين في اللعبة ضد الاسلاميين ليقدموا انفسهم وسطاء ودعاة حل وهدفهم هو ابتزاز مرسي والحصول منه على وعود تستعمل لتقييده مستقبلا من ذلك انه تعهد بان يكون نوابه جميعا ولا ندرى كم هو عدد النواب الذين سيعينون معه من خارج حزب الحرية والعدالة ومن هنا سيتسلل ادعياء الثورة ممن يسمون بالليبراليين واليسار الى مواقع للتخريب من خلالها وهم اعداء لمرسي بكل معنى الكلمة ولا يختلفون عن الفلول في شيء من هذه الناحية .
ومن خلال الابتزاز نفسه وعد مرسي يان لا يكون رئيس الوزراء من حزبه وهو الامر الذي سيؤدي الى نفس النتيجة بالتأكيد حيث سيراهن رئس الوزراء مع النواب على اثبات فشل مرسي من خلال ما سيضعونه من عراقيل.
قد يقول قائل بان مرسي يلعب لعبة السياسة ايضا الى حين ان يتمكن ثم يستطيع فعل ما يشاء، لكننا نرد عليه بالقول بان مرسي لم يكن مضطرا الى تنازلات في الايام الماضية لان احمد شفيق والعسكر لن يسطيعوا مصادرة الفوز منه حتى لو ارادوا، كما وانه ليس شرطا ان يكون العسكر واحمد شفيق على نفس الخط فلو اراد العسكر جعل النتيجة لصالح احمد شفيق فانهم كانوا سيفعلون ذلك من خلال تزوير صناديق الاقتراع وليس بقلب النتيجة بعد ان تظهر.
انها لعبة السياسة القديمة الحديثة التي يعرفها كل من يعرف الف باء السياسة وهي لعبة الظهور بمظهر الساعي للحصول على هدف عزيز جدا ودفع الخصم للمقاومة حتى يحول دون الحصول على ذلك الهدف ومن خلال الهجوم والدفاع حول ذلك الهدف يتحقق هدف آخر من خلال مجريات الامور غالبا لا يتنبه له الخصم الذي وجه كل قوته للحيلولة دون الوصول الى الهدف العزيز الاول ثم يسلم السياسي لخصمه على حل وسط او تنازل عن ذلك الهدف العزيز موهما الخصم بأنه حقق نصرا في حين يكون السياسي الأول توصل الى الهدف الذي يريده ولم يكن يعلن عنه وانما كان يعلن عن هدف اكبر هو حقيقة لا يريده وهو الهدف العزيز كما قلنا .
والهدف العزيز المعلن الذي أوهم السياسيون مرسي بسعيهم اليه هو قلب نتيجة الانتخابات الى صالح شفيق حتى يدفع مرسي بكل قوته للحيلولة دون هذا الهدف، اما الهدف غير المعلن عنه والذي كان هو المقصود حقيقة دون ان يعلم مرسي على الغالب فهو الحصول على تنازلات منه سيتم تكبيله من خلالها وقد تم لهم ما أرادوا حيث سيكون رئيس الوزراء ونواب شفيق على الغالب ممن يعملون على طريقة التجديف المعاكس.

لماذا تتدخل أمريكا في شؤوننا

فوزية رشيد
في الأيام القليلة الماضية، دست الإدارة الأمريكية انفها في الشئون الداخلية المصرية وبشكل سافر وخطير. هذا التدخل بالشكل الذي تم به من شأنه ان يلعب دورا تخريبيا بكل معنى الكلمة، والأمريكيون يقصدون ذلك.
ذروة التدخل الأمريكي السافر تجسد في التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل يومين وتتعلق بالتطورات التي تشهدها مصر.
كلينتون في تصريحاتها انتقدت المجلس العسكري في مصر، ودعته إلى «تسليم السلطة إلى الفائز الشرعي في الانتخابات»، وتحدثت عما اسمته «دور التدخل والهيمنة الذي يمارسه المجلس العسكري» و« محاولة افساد السلطة الدستورية». وزادت على ذلك القول ان «العسكر الذين يحكمون مصر يقولون شيئا في العلن ثم يتراجعون عنه في الخفاء، لكن رسالتنا انهم يجب ان يحترموا العملية الديمقراطية».
ملاحظات كثيرة لا بد ان نسجلها على ما قالته هيلاري كلينتون على هذا النحو، اهمها ما يلي:
أولا: كل ما تحدثت عنه كلينتون وأفتت بشأنه، سواء تعلق الأمر بالمجلس العسكري أو بالأحكام الدستورية او بالانتخابات الرئاسية ونتائجها، هي بداهة قضايا داخلية مصرية بحتة تخص المصريين وحدهم، وليس من حق كلينتون أو أي من المسئولين الأمريكيين ان يبدي فيها رأيا أو موقفا ايا كان هذا الرأي أو الموقف.
ثانيا: إذا كان مثل هذا التدخل الأمريكي السافر في الشئون الداخلية المصرية مرفوضا من حيث المبدأ وفي كل الأوقات، فما بالك انه يجيء في وقت حساس في مصر تشهد فيه الساحة الداخلية توترا واحتقانا حادا بين مختلف القوى.
وان تتدخل أمريكا في اتجاه محدد في هذا التوقيت وفي ظل هذه الأجواء المتوترة هو عمل تخريبي من شأنه ببساطة ان يزيد الأوضاع توترا واحتقانا.
ثالثا: انه من الملاحظ ان هذا التدخل السافر بالكلام الذي قالته وزيرة الخارجية الأمريكية هو تدخل لمحاولة فرض توجه معين لصالح طرف محدد على الساحة المصرية.
لنلاحظ ان كلينتون تتحدث عن من تسميه «الفائز الشرعي» في الانتخابات، وهي تقصد بالطبع مرشح الاخوان المسلمين. تقول هذا على الرغم من اللجنة العليا للانتخابات وهي الجهة الوحيدة المخولة بإعلان من هو الفائز لم تقل كلمتها الرسمية بعد. أي ان كلينتون تنحاز إلى الاخوان الذين أعلنوا من جانبهم فوز مرشحهم.
رابعا: ولنلاحظ ان هذا التدخل الأمريكي اتخذ بحسب ما قالته كلينتون شكل محاولة فرض الاملاءات السياسية المباشرة على المجلس العسكري وعلى نتيجة الانتخابات. بل هي لم تتورع عن انتقاد أحكام أعلى سلطة قضائية في مصر هي المحكمة الدستورية.
المصريون لهم هنا ان يختلفوا حول التطورات الجارية، والقوى المختلفة لها ان تطالب بما تشاء فيما يتعلق بهذه التطورات.
لكن الأمر المؤكد ان امريكا ليس لها أي حق في ان تقحم نفسها بهذا الشكل الفج المستفز في هذه الأمور الداخلية المصرية. تدخلها على هذا النحو يشكل محاولة فرض وصاية لا يمكن ان يقبلها احد.
ولهذا لم يكن غريبا ان قوى سياسية مصرية كثيرة بادرت وانتقدت بعنف هذا التدخل الأمريكي وحذرت من مخاطره.
وكي تكتمل الصورة لنا ان نضيف إلى ما سبق انه ترافق مع مثل هذه التصريحات الأمريكية، انباء ترددت عن قيام المسئولين الأمريكيين بممارسة ضغوط فعلية مباشرة على السلطات المصرية كي تتخذ خطوات معينة، وخصوصا في اتجاه إعلان محمد مرسي رئيسا.
وقد لاحظت شخصيا في الأيام القليلة الماضية ان بعض القوى السياسية والشخصيات المصرية التي تدور حولها منذ فترة طويلة شبهات حول ارتباطاتها بالدوائر الأمريكية وبالمنظمات الأمريكية المشبوهة انضمت فجأة الى معسكر مرسي وتدافع عنه بشراسة. والأمر الذي لا شك فيه عندي ان مثل هذه القوى والشخصيات تفعل هذا بإيعاز مباشر من الدوائر الأمريكية.
القضية هنا كما ذكرت ان من حق من يشاء من القوى المصرية ان ينتقد المجلس العسكري او يرفض أي سياسات أو إجراءات يرى انها لا تخدم المصالح العامة.
المشكلة ان تدخل أمريكا بهذا الشكل السافر هو بالضرورة لأغراض مشبوهة وتخريبية، والكل يعرف أجندة امريكا التخريبية في مصر والدول العربية.
وعلى ضوء كل هذا، فإن كل القوى السياسية المصرية مهما كانت خلافاتها اليوم، فانها يجب ان تجتمع كلمتها على ادانة هذا التدخل الأمريكي ورفضه بشكل مطلق ومن دون نقاش.
بقي سؤال مهم لا بد ان نطرحه.
سواء فيما يتعلق بهذا التدخل الأمريكي في الشئون المصرية، أو بالتدخل الأمريكي في البحرين أو غيرهما من الدول العربية.. لماذا تتدخل أمريكا في شئوننا على هذا النحو؟

الخائن البطل

فواز عزيز
أحياناً تكون "الخيانة" بطولةً، خاصة حين تكون خيانة لمجرم لا تعرف الإنسانية طريقاً إلى قلبه. بين إعلان فقده وتصنيفه "خائناً" دقائق فقط، كان خلالها العقيد طيار حسن مرعي حمادة يقود طائرةً من نوع "ميغ 21" إلى الأردن منشقاً عن عصابات القتل والدمار، ليسنّ بذلك سنة حسنة لزملائه الطيارين لردع القاتل عن قتل الشعب السوري.
الطيار المنشق بطل غامر بحياته ليصفع النظام السوري أمام العالم أجمع، وغامر بكل أقاربه الذين ما زالوا يتواجدون في سورية، لأن الشبيحة سيتقربون بقتلهم إلى السفاح، كما فعلوا بـ 13 فرداً من أسرة الأسعد حين انشق العقيد "رياض الأسعد" في يوليو 2011 وأسس الجيش الحر، ويعلم الطيار أن الشبيحة ربما يعيدونه ويعذبونه حتى الموت كما فعلوا مع المقدم "حسين هرموش" الذي انشق عن الجيش السوري في يونيو 2011 وترأس لواء الضباط الأحرار قبل أن يختطف من الحدود التركية في أغسطس 2011 وتختفي شمسه..!
الأردن منحت الطيار حق اللجوء السياسي في بادرة منها ستشجع بقية الشرفاء في الجيش السوري على الانشقاق والفرار، وستشجع بقية الدول على استقبالهم، والولايات المتحدة أيضاً رحبت بانشقاق الطيار معتبرةً أنها لن تكون الأخيرة.
بعض الدول الغربية التي لم تقدم للشعب السوري طيلة 18 شهراً من القتل سوى الكلام والتنديد، تلمح إلى استعدادها لتقديم ممر آمن للرئيس السوري بشار الأسد مقابل تنحيه، كما نقلت "الرياض" عن "الجارديان"، وبهذه الحالة سيكون من قتل نحو 15 ألف مدني بريئاً فقط لأنه تنازل عن منصبه!
مجرد التفكير في توفير ممر آمن لمجموعة من القتلة رفضت المطالبات الدولية والإنسانية بوقف آلة القتل، وبالغت بعدها في قتل الأطفال والنساء يومياً، وكانت لا ترتاح حتى تسفك الدماء يومياً في شوارع سورية، سيكون ذلك "التفكير" مؤلماً لشعب فقد الآلاف وتشرد منه الآلاف خلال 18 شهراً، خاصة أنه يرى أشقاءه في مصر يحاكمون الرئيس السابق وهو لم يستمر بعد قيام الثورة سوى 18 يوماً فقط!

حرب المفاوضات

إبراهيم عباس
ربما أنه ليس من قبيل المبالغة القول إننا أصبحنا نحيا عصر حسم النزاع من خلال حروب غير تقليدية ، أي حروب تدار بدون جيوش وأعتدة ومعارك ، وإنما من خلال وسائل أخرى لا تقتصر فقط على الأساليب السياسية ، وإنما أيضًا على الحروب السرية والإلكترونية بكافة أشكالها . فقد قتل في القرن الماضي 120 مليون شخص في 130 حربًا ، وهو عدد يفوق عدد كل من قتلوا في كافة الحروب التي شهدها العالم لما قبل العام 1900 ، الأمر الذي دفع العديد من الدول الاستعمارية إلى التفكير في إستراتيجيات وخطط جديدة لاستخدام آليات ووسائل جديدة كبدائل للحروب والمعارك المسلحة. ما يهمنا هنا ونحن نتحدث عن الحالة الفلسطينية هو حرب المفاوضات ، فالمفاوض البارع يمكنه أن يحصل على تنازلات من الطرف الآخر تحقق له مكاسب أكثر من المكاسب التي يمكن أن تتحقق له من خلال الحرب المباشرة . لذا فليس من قبيل المبالغة القول إنه يمكن للمفاوض الجيد إدماج كافة الإمكانات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والدعائية لبلاده وتوظيفها في خدمة الأهداف الإستراتيجية ، اعتمادًا على الفرضية بأنه إذا تحققت تلك الأهداف من خلال المفاوضات فلماذا خوض المعارك إذن ؟ .. وهو بالضبط ما طبقته إسرائيل في مفاوضاتها مع الجانب الفلسطيني على مدى 18 عامًا من جولات المفاوضات المباشرة وغير المباشرة.ونظرة سريعة على مشهد النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي الراهن سنجد الآتي: تحقق لإسرائيل من خلال المفاوضات الأمن الذي يعتبر هدفها الإستراتيجي الأساس- بنسبة 99% . فقد أدت هذه المفاوضات في نهاية المطاف إلى انخفاض العمليات الفدائية من أكثر من 500عملية في بعض الأشهر في فترة انتفاضة الأقصى إلى الصفر تقريبًا الآن، فيما أدى تسويف ومناورات إسرائيل في تأجيل البحث في ملفات القدس والمياه والحدود إلى أجل غير مسمى ، إلى تهويد شبه كامل للقدس وسرقة الأراضي والمياه الفلسطينية والتوسع إلى ما وراء الخط الأخضر من خلال إقامة الجدار الفاصل.
بيد أن إسرائيل لم تحقق هذا الانتصار بالمفاوضات وحدها ، فقد استغلت انشغال القيادات الفلسطينية في جدلية الانقسام والمصالحة على مدى الأربع سنوات الماضية التي شهدت مئات جولات الحوار الفاشلة أوسع استغلال ، إلى جانب انشغال المنطقة بما يعرف بثورات الربيع العربي - وخصوصا الانتخابات المصرية الأخيرة- في تحقيق أهدافها الإستراتيجية تلك ، فيما أطلقت القيادة الفلسطينية في رام الله والقدس العنان لخيالها الواسع : رام الله باستحقاق الدولة وغزة بفوز الإخوان في الانتخابات !..

الجيش الخليجي ..لمـــاذا

مهنا الحبيل
بدخول حزيران يونيو الجاري يكمل مجلس التعاون الخليجي عامه الأول بعد ثلاثة عقود لتأسيسه، وهو عام يعادل بأهمية التغييرات العربية والإقليمية والعالمية فيه نصف عمر المجلس الذي تعثر خيار اتحاده حتى الآن، ومن المؤشرات المهمة ذات الدلالة لتعقد المشهد الاستراتيجي للأمن القومي للخليج في هذه الفترة التهديد الصريح والمباشر الذي غطته وسائل الإعلام الايرانية لأحد دبلوماسيي النظام وهو السفير السابق لإيران في باريس باحتلال البحرين خلال ساعات بعد رفع سقف التصريحات السابقة له من مصادرة إيرانية عديدة وتكثيف الزعم الكاذب بتبعية البحرين لإيران، وهو ما يؤكد حجم التحديات التي ستواجهها منطقة الخليج العربي خاصةً في ظل دفع ايران حسابات دعم نظام الأسد المضطرب امام الثورة في ارض الخليج العربي.
  لكن هذا البناء للأمن القومي أصلًا كان يحتاج الى مراجعة شاملة، فحصيلة هذه المسيرة التاريخية مليئة بالأدلة على قصور قدرات الردع الذاتي لدول مجلس التعاون، بل وتعاني من غياب الرؤية الاستراتيجية الموحّدة التي لا تزال ضرورة ملحّة مع الأحداث المتصاعدة.
ومع تفاقم التوترات والصدامات وتقاطعاتها بين المحورَين الدولي والإقليمي، وفوران القِدر في ملفات عدة، فقد أعطت الصورة الدبلوماسية المعلنة والسرية مؤشرات أكثر عمقًا على أنّ هذه الاتفاقات قد لا تستطيع أن تواجه الغليان المفاجئ لأي من سيناريوهات الانفلات الأمني للخليج العربي فإذا أضيف إلى ذلك استمرار  بعض الخلافات الخليجية  ، خرجنا بحصيلة تؤكد حالة الاضطراب في الرؤية الإستراتيجية التحليلية لمستقبل مجلس التعاون الخليجي. والغريب أن معيار التوازن الوطني المهم الذي يمثله الإصلاح الوطني الدستوري الشامل لا يزال متعثرًا ويشهد تراجعًا في دول المنطقة مع اهميته البالغة، وما يعنيه ذلك من تحوّل الإحباط الشعبي تجاه تراجع الإصلاح السياسي في أجواء الربيع العربي إلى ضعف في ممانعة الالتحام المطلوب وطنيًا لانصهار الحالة الوطنية بين المجتمع والدولة فيكفل الرضا الشعبي باصلاح استراتيجية الردع الدفاعي الداخلي.  ومع مرور فترة زمنية طويلة على مقترح سلطنة عمان بإنشاء الجيش الخليجي الموحّد الذي قوامه 100 ألف جندي من أبناء دول الخليج العربي وتجهيزه ليكون قوة تدخل عسكري سريع أمام التدخل الاجنبي، فإن هذا المقترح الذي رفض في حينه لا يزال من أهم المشاريع التنفيذية للأمن القومي للخليج العربي، والقدرة على زيادة هذا الجيش إلى 250000 ممكنة جدًا من خلال الوجود الديمغرافي المكثف في بعض دول المجلس في حين أنّ قدرات مالية أخرى لبعض الدول بالإمكان أن تقتسم ميزانية التسليح والرواتب، الذي سيتحوّل إلى قناة أقوى معيارية وخبرة في توحّد هيئة أركان للجيش تدير صفقات السلاح بصورة أكثر شفافية مع معرفة الجميع بالأرقام الفلكية التي صُرفت على تسليح دول المجلس دون انعكاس واضح لنوعية وقدرات هذه القوات بما يوازي حجم الإنفاق.
إنّ هذا الجيش حين يُخصّص كقوة تدخل سريع تُرابط بعض قطاعاته في المناطق الأكثر تهديدًا واحتياجًا من دول المجلس، وتُنظّم القيادة الجماعية له في تشكيل هرمي، يعتمد الاستقلال عن أي قوى أجنبية بل بحسب ما تمليه المصلحة القومية لأمن الخليج فهو يُعتبر إجراءً نوعيًا يُغطي جزءًا من القصور الكبير الذي انتاب وهيمن على مجلس التعاون في القطاع العسكري ورؤيته الإستراتيجية.
ومن المعلوم أنّ قوة درع الجزيرة إنما هي تشكيل رمزي لبرتوكول التعاون لا يمكن أن تُغطي أي  عملية تدخّل سريع أو تحجز بين الخصم المهاجم وبين الأراضي المستهدفة. وهو ما يجعل مسارات التغيير والسقوط في أرض السيادة الوطنية محل استهداف لأي فراغ سريع في ظل الصراع أو التقاطع بين القوى المحيطة لأرض الخليج العربي، و ما يؤكد أيضًا أن المراهنة على وجود قوات أجنبية لا يفي مطلقًا بأي حماية ذاتية.

المسلسلات التركية وتأثيرها

شوكت علي عبد الحميد
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة المسلسلات التركية التي تبث على الشاشات الفضائية، والتي يتابعها الكثيرون من العرب المسلمين، وما فيها من قصص الرومانسية والغرام ولقطات خيالية، وهناك إقبال عليها ليس بقليل، وخاصة بعد المسلسل الشهير "مهند" الذي كان سبباً في انتشار المسلسلات التركية على الفضائيات العربية، وما له من أثر سلبي على الكثير من مشاهدي هذا المسلسل، فهم ينتظرون المسلسل بلهفة وشوق ولا أدري ما السبب؟
فكان له الأثر السلبي على قيمنا وعروبتنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، وانتشرت المسلسلات التركية الدرامية الغرامية الطويلة التي ليس لها معنى في مجتمعاتنا وأصالتنا العربية، فأصبحت (دروساً تركية في الحب)، فينتظر المغرمون بها بلهفة، ويجلس الأب والأم وأولادهما أمام شاشات التلفاز فهذه المسلسلات تحطم القيم والعادات الإسلامية الأصيلة، ونجد أن هؤلاء المشاهدين تحوّلوا إلى تلاميذ نجباء في مدرسة الدراما التركيّة، التي تصدّر لهم الدموع والأشجان، وقصص الحبّ المستحيلة والعشق والغرام وكله حرام لا يرضي عنه الله سبحانه وتعالى، وأصبحت مواعيد إذاعتها مقدسة للكثيرين منهما رجالاً وشباباً ونساء وبنات.
أنا أعتبر هذه المتابعة منهم ترجع إلى الفراغ والهروب من مشاكل الحياة، فهذه المسلسلات تقدم أشياء خيالية وأحلاماً غير حقيقية، ونحن نعلم جميعاً أن الدولة التركية دولة شرقية إسلامية وتنتمي في ثقافتها إلى المجتمع الأوروبي، وللأسف نجد أن بعضاً من تلك المسلسلات لها شكل سلبي على تفكير الأزواج وتكون سبباً في المشاكل الزوجية لأنها بعيدة كل البعد عن أخلاقنا نحن العرب المحافظين على عاداتنا وتقاليدنا المعهودة والتي انبثقت من ديننا الحنيف، فهي تثير القلق بسبب تغلغلها وتأثيراتها على المجتمعات العربية لأن التلفاز يعتبر الوسيلة الإعلامية الوحيدة من بين وسائل الإعلام التي تقتحم المنازل وتعكس البيئة الاجتماعية من خلال الرموز والصور، والدراما التليفزيونية تعكس الواقع المجتمعي أو جزءاً منه لذلك فهي تجذب ملايين المشاهدين لمتابعتها ويجدون فيها إشباعاً لكثير من حاجاتهم، ويبدو أن هذه الظاهرة أصبحت ملموسة ومؤثرة على الأسر العربية بشكل كبير.
أعجبني رأي الشيخ محمد العريفي أنه على الإنسان أن يشغل وقته بعيداً عن النظر إلى ما يشيع الفساد بين الناس، ونصيحتي إلى الجميع ممن يتابعون المسلسلات في بيوتهم، فأنصحهم وأقول لهم كفاكم مشاهدة تلك المسلسلات التي تدمر قيم ديننا وأصالتنا وعروبتنا، فيا شباب المستقبل استغلوا أوقات فراغكم في مشاهدة المسلسلات النافعة والمفيدة فقط، وعليكم بمشاهد الفضائيات الدينية المفيدة التي تنفعكم في حياتكم ومماتكم، وسيسألكم الله سبحانه وتعالى عن هذا الوقت الذي ضاع هباء ودون منفعة، والله الموفق والمستعان إذا أراد للشيء كن فيكون، فسبحان الله رب السموات والأرض وهو على كل شيء قدير.