Sunday, May 20, 2012

فضيحة العمليات المفاجئة

فريد أحمد حسن
بعد دقائق قليلة من قيام بعض الشباب المغرر به بإشعال النار في إطارات السيارات وحجز بعض الشوارع بتلك الطريقة غير الحضارية والبعيدة عن السلمية تبادر جهات إعلامية معروفة بموقفها السالب من البحرين تتقدمها السوسة الإيرانية (فضائية العالم) ببث الخبر بطريقة استفزازية تشعر المشاهد بتشفيها وتوحي بأنها تمتلك تفاصيل تلك العمليات، ما يعني أنها على علم مسبق بها وبطريقة وتوقيت تنفيذها. أما ما يجعل المرء متأكداً من هذه المعلومة فهو أنها تبث الخبر بتفاصيل غير مطابقة للواقع، ففي صباح الأربعاء الماضي جاء في الخبر الذي بثته بطريقة لم تستطع معها إخفاء فرحتها بما حدث محتويًا معلومة غير صحيحة بالمرة حيث قالت «إنه تم حجز أكثر من ستين طريقًا حيويًا في البحرين في وقت واحد وتم شل الحركة المرورية (بشكل كامل) خصوصًا تلك المؤدية إلى العاصمة المنامة والمطار ومنفذ جسر البحرين السعودية»، وغير ذلك من معلومات تم عرضها بشكل مبالغ فيه بغية تضخيم الحدث وإعطاء صورة سلبية عن البحرين، وحيث إن جزءاً من هذه المعلومات غير مطابق للواقع فإن التفسير المنطقي لها هو أن السوسة كانت على علم بتفاصيل العملية قبل أن تتم لكنها لم تتيقن من أنها تمت بالتفاصيل المتوفرة لديها واعتقدت أن كل شيء تم بالكيفية التي تم التخطيط لها وتصورها وأن كل شيء كان على ما يرام. هذه المعلومة تؤدي إلى استنتاج أن العملية التي تمت -وغيرها من عمليات- كان التخطيط لها على مستوى أعلى من مستوى الشباب الذي نفذها، وأن منفذيها ليسوا الوحيدين الذين كانوا على علم بتفاصيل العملية من حيث الأماكن والتوقيت؛ إنما أشخاص وجهات أخرى في الخارج وفي الداخل، الأمر الذي يعني أن هذه العمليات تتم بناء على توجيهات وتخطيط دقيق يشكل الإعلام جزءاً أساساً فيه سواء بتصوير تلك العمليات أو ببث الأخبار المصورة عنها والمبالغ فيها في التو والحال. ورغم أن بعض المعلومات في ذلك الخبر الذي تم بثه عن عملية الأربعاء التي اتخذ لها عنوان (غيرة الأحرار) لم تكن دقيقة، إلا أن ما حدث أمر ينبغي ألا يمر مرور الكرام وأن تتم مواجهته من الجميع، ذلك أن العملية لم تكن عادية سواء في حجمها أو توقيتها أو إعلامها أو في سريتها، وهذا أمر خطير بل خطير جداً، وهو يبين تحول هذه الجماعات إلى العمل السري، فالعملية التي تمت صباح الأربعاء وأكملت في مسائه (على طريقة الأفلام التي تنتج في جزءين) وبغض النظر عما اكتنفها من هنات، فالأخطر فيها أنها كانت مفاجئة، وهذا يعني أن جانب السرية كان هو الأساس، ويعني أيضاً أن التنسيق بين تلك الجماعات وداعميهم ومناصريهم يعتبر عالياً مما يبشر بالأخطر. في اعتقادي أن هذه المرة بالتحديد لم تكن العملية مجرد «تصنيفة» شباب أو شطانة مراهقين اقتادهم الحماس أو الرغبة في الانتقام، فالعملية كانت بمثابة إعلان أنهم مقبلون على مرحلة جديدة تعتمد العمل المنظم والسري، وأن تلك العمليات ليس أساسها الشباب الصغير الذي قد لا يدرك طريقه ولكن رؤوس كبيرة في الداخل والخارج وارتباطات لم يعد بالإمكان نفيها بتصريح هنا وبكلام هناك. ما حدث الأربعاء الماضي أمر خطير، والتغطية غير المحدودة التي حظيت بها تلك العمليات من السوسة الإيرانية وما حولها من فضائيات ومواقع إلكترونية يتطلب التوقف عنده وتحليله بشكل علمي لاتخاذ المناسب من قرارات وطرق لمواجهته. ويش؟

أنتم آخر من يتكلم عن السيادة

سوسن الشاعر
اكتشفنا بعد الرابع عشر من فبراير أنكم كنتم تخططون لاستجداء التدخل في السيادة الوطنية وانتهاك عرضها وهتك شرفها، وقد أعددتم العدة لسنوات وجهزتم الخطة لتسهيل مهمة مغتصبي السيادة الوطنية، أأنتم الذين تتحدثون عن السيادة؟ أتهمكم السيادة؟ أنتم آخر من يتكلم عن السيادة.
السيادة شرف نحميه بأرواحنا ودونها الرقاب، ونحن قول وفعل وليس مثلكم تستجدون اغتصاب أمكم البحرين.
من هو حريص على السيادة لا يضع فراشه في السفارات الأجنبية وينقل لها كل همسة وكل كلمة وكل حركة ويستشيرها في الكيفية التي يتحرك بها ويتعاطى بها مع سلطاته الشرعية؛ تنفيذية كانت أو كيف تعامل مع زملائه في التشريعية، أو كيف يتعاطى مع ناخبيه، لقد خنتم الأمانة وتأتون لتتحدثوا اليوم عن السيادة؟ أنتم آخر من يتكلم عن السيادة.
من تهمه السيادة لا يبكي على شاشات التلفزيون يدعي كذباً وزوراً وبهتاناً أن طائرات الأباتشي تقصف أحياءهم طمعاً في أن يكون مصير وطنه كمصير من قصفته طائرات التحالف، أأنتم تتحدثون عن السيادة؟ أنتم آخر من يتكلم عن السيادة.
من يخشى على انتهاك حرمة السيادة لا يذرف دموع التماسيح وهو يرتدي الرداء الأبيض كما شاهدناكم في تلك الأيام السوداء، ويقوم بتمثيل أقرب إلى المسرح الرخيص وهو الاستشاري الرفيع ويقول -وقد سمعناه والتسجيل محفوظ وليت التلفزيون يعيده كل لحظة- إن “الإماراتيين والقطريين والسعوديين دخلوا ويحملون السلاح وهم الآن يقتلون به أهله العزل في القرى”، ألا ما أقبح الوقاحة!، ذلك مشهد لن يمحى من ذاكرتنا وسننقله لأجيالنا القادمة.
أي سيادة تلك التي تدعون حمايتها؟ وأنتم الذين فتحتم باب الحصن الخلفي لكل أجنبي؛ فما بقي أمريكي أو أوروبي أو منظمة أو دولة أجنبية إلا وارتميتم في أحضانهم وبعتم شرفكم من أجل نظرة (حنان) زائف يتعطفون بها عليكم، وتوسلتموهم أن يتدخلوا ويدوسوا أرض أمكم و.. وطنكم، ثم أرسلتم أبناءكم وبناتكم يجوبون البلدان يستعطفون التدخل وهتك عرض السيادة، واخترعتم الروايات وأخفيتم الحقائق واستمتّم في الدعوة لاغتصاب وطنكم ثم تأتون بعيون وقحة تتحدثون عن السيادة؟
خرجتم بمسيرة دعت لها دولة أجنبية عدوة تدعي أنكم أتباع ورعايا لها وخدم لها، فقبلتم عبوديتها وسلمتم الطوق لها، ليقودكم داعي المسيرة الطهرانية، ولبيتم النداء الإيراني وخرجتم معه في ذات اليوم سمعاً وطاعة، وتأتون اليوم تدعون أنكم تخرجون دفاعاً عن السيادة؟ هل أبقيتم لكم من كرامة وأنتم الذين انقدتم كالخراف بدعوة من السيد الإيراني؟
أتعتقدون أن أحداً يحترم الخائن؟ أتعتقدون أن للخائن سيادة؟ حتى ذلك الذي وظفكم وسخركم لخدمته والله إنه ليسخر منكم، والله إن مليون جائزة ومليون دعوة ومليون خطاب أجنبي يرفعكم ما هو إلا طوق للعار يلف على رقابكم ويقذف بكم بعده إلى أسفل سافلين، فمن خان أول مرة سيخون ثاني مرة، إن ما قمتم به هو الخيانة بكل أصنافها، وهو الانتهاك لشرف الوطن، وهو خرق للسيادة، لقد بعتم شرف وطنكم بأبخس الأثمان، وتأتون اليوم لتتحدثوا عن السيادة؟ أنتم آخر من يتكلم عن السيادة.

إن غداً لناظره لقريب يا علي سلمان 79

هشام الزياني
لا يرفض الاتحاد مع السعودية ودول الخليج إلا من ليس لديه انتماء عربي، ومن يرون أن انتماءهم هو انتماء إلى إيران. من يرى ذلك فليذهب إلى إيران، لا نريده بيننا، والاتحاد مع السعودية أو مع دول الخليج سوف يتم بإذن الله، رغم أنف أذناب إيران الذين هم خناجر خاصرة في الجسد البحريني. يقال إن علي سلمان حصل على الجنسية في 1979؛ إن صحت المعلومة فلماذا يدعي أنه مواطن أصلي “يا أخي أنت بيتك من زجاج لا تقذف الناس بالحجارة.. ولا ترفض الاتحاد بعد” عليك بالصمت وألاّ تتحدث باسم الشعب. يحصل على الجنسية في نهاية السبعينات ويتحدث باسم الشعب قمة التناقض في هذا الوطن، إن غداً لناظره لقريب في موضوع الاتحاد يا علي سلمان. هذا ما جناه علينا تجنيس البعض في الخمسينات وما بعدها، جاء أناس يدعون أنهم أصليون وهم مجنسون ولا يعرفون عن تاريخ البحرين شيئاً، سوى أنهم ينتمون إلى إيران. حدثتني إحدى الأخوات من منطقة النويدرات بعد مداخلتي في قناة صفا مع الأخ محمد الشروقي، كنت أظنها سوف تهاجمنا أو تشتم كما يفعل البعض الذي لا يملك أخلاق أهل البحرين، لكنها للأمانة تحدثت بلغة طيبة وقالت كلاماً كنت أتمنى لو يسمعه السُنة والشيعة؛ وهو أن ليس كل الشيعة يرفضون الاتحاد، فلا تتحدثوا عن الشيعة ككتلة واحدة، وقالت بالحرف الواحد عيسى قاسم لا يمثلني ولا علي سلمان، وأضافت، نحن نعاني كل يوم من الإرهاب ومن الغازات لتفريق المتظاهرين، ونحن ليس لنا ذنب سوى أننا نسكن هنا. في مسألة عدم التحدث عن الشيعة ككتلة واحدة هذا ما كنا نقوله منذ بداية الأزمة ومنذ خروجنا على تلفزيون البحرين، ونحن نقول إن لغة التعميم لغة ظالمة، وكنا نخص بكلامنا من يخرج على القانون ومن يسقطون. الذي أعرفه أن الشيعي العربي لا يقبل بالتبعية للفرس، حتى إن بعض الشيعة العرب لا يقبلون بالتبعية لرجل دين شيعي أعجمي، هؤلاء الذين بُعدهم عربي ودمهم عربي، نحترمهم حتى وإن اختلفنا في أمور أخرى. إن كان صحيحاً ما قاله النائب السابق “المزعل” في تغريدته من أنه ضد التبعية لإيران، إن كان صحيحاً هذا الكلام فإننا نقول إن الدم العربي عزيز ولا يقبل الانتماء إلى إيران التي لديها مشروع قومي تقسيمي للاستيلاء على المنطقة. لا أحد يتكلم عن الانتماء للمذهب، إنما نتكلم عن الانتماء للوطن وللعروبة ولبعدنا العربي والخليجي، من يرى في نفسه أنه ينتمي إلى إيران، فليذهب إلى إيران، الاتحاد سوف يتم بإذن الله رغم أنوف من ينكرون الاتحاد. حينما قلنا إن الأقنعة سقطت في الأزمة الأخيرة، ها هي تظهر أمام الناس الوجوه التي ترفض الاتحاد، نتمنى من البحرين والسعودية ودول الاتحاد أن يستبعدوا أي إنسان يرفض الاتحاد من أية مكاسب اقتصادية أو تجارية أو مادية من الاتحاد، كما إني أتمنى أن يُتخذ إجراء ضد من يخرج بمسيرات ضد الاتحاد فمن لا يريد الاتحاد عليه ألا يذهب إلى السعودية أو غيرها، ويعبر الحدود وهو ضد الاتحاد. التطورات في المنطقة تبشر بالخير، إن حدث الاتحاد، وبإذن الله ستتحرر سوريا من “الصفوية الأقلية” التي تحكم سوريا فإن ذلك أكبر ضربة توجه لإيران وإلى حزب الله، هذه التطورات تبعث على التفاؤل والأمل في أن المشروع الصفوي في البحرين والكويت ولبنان “وبإذن الله العراق تأتي بعد سوريا” سوف يندحر وينهزم، لذلك تجد حالة الهستيريا لدى أتباع إيران في البحرين، فمن ليس مع الصفوية الإيرانية عليه أن يخرج ويقول أنا لست مع الانصياع الإيراني، وأنا شيعي عربي أنتمي لبُعدي العربي. على الدولة أن تكشف للناس حقيقة هؤلاء الذين يدعون أنهم مواطنون أصليون “هنود حمر البحرين” وأخيراً طلعوا من شعب المحمرة، أن تكشف تجنيسهم وأن تفضح ممارساتهم، لا ينبغي للدولة أن تتكتم على الوثائق والحقائق، أرجوكم انشروها للناس، الحرب حرب حقائق وحرب إعلامية. رذاذ نقول للدولة وللمجلس التشريعي، سحب الجنسيات هو الحل من الإرهابيين والمحرضين والخارجين على القانون، والله إن هذا سوف يجعل الذين خرجوا من الجحور، يعودون للدخول فيها، اسحبوا الجنسيات من سكاكين الغدر، وسوف ترون تأثير ذلك على الإرهاب.

الاستفتاء والصراع السياسي المقبل

يوسف البنخليل
لعبة الصراع السياسي في البحرين واضحة الآن، وهي تنطلق نحو مسار جديد بين أطراف الصراع الثلاثة الرئيسة (السُنة، والشيعة، والنخبة الحاكمة)، وسبب ذلك تبدل الأجندة المرحلية مع ثبات الأهداف. نقصد بذلك دخول قضية الاتحاد الخليجي ضمن دائرة الصراع السياسي، ويمكن التعرف على ذلك من خلال مواقف أطراف الصراع، وهي كالآتي: السنة: مؤيدين لمشروع الاتحاد الخليجي ولديهم مرونة عالية تجاه آلية إقراره وشكله. الشيعة: منقسمين تجاه مشروع الاتحاد الخليجي، فمنهم مؤيد، ومنهم معارض، والاتجاه المعارض تقوده المعارضة الراديكالية التي تطالب بشرطين للقبول بمشروع الاتحاد، وهما: الإصلاح أولاً قبل الاتحاد، وطرح مشروع الاتحاد في استفتاء شعبي عام. النخبة الحاكمة: مؤيدة لمشروع الاتحاد الخليجي، وترى فيه امتداداً وبعداً مستقبلياً للدولة البحرينية يضمن لها الأمن والاستقرار، وأداة فعّالة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية في ظل التحولات الإقليمية الخطرة. ثلاثة مواقف متباينة، ومن خلالها يمكن التعرف على حجم الاتفاق والتأييد الذي يحظى به مشروع الاتحاد الخليجي بين كافة مكونات المجتمع، وتحديداً أطراف الصراع السياسي. ويلاحظ أيضاً أن الطرف المتحفظ على المشروع هو المعارضة الراديكالية التي تحاول فرض شروطاً جديدة للقبول بالمشروع بما يحقق أجندتها. اللافت هنا التوافق الكبير بين الموقف الرسمي الإيراني تجاه مشروع الاتحاد مع موقف المعارضة الراديكالية في البحرين، فهو موقف متحفظ، ويرى ضرورة تفعيل الإرادة الشعبية من خلال الاستفتاء الشعبي العام حول مشروع الاتحاد. وخلال الفترة المقبلة سنرى كافة الأخبار التي تنقل أحداث الصراع السياسي في المنامة تتحدث عن تحفظ (الأغلبية) على مشروع الاتحاد ومطالبتهم بطرحه في استفتاء شعبي عام. آليات خلق القضية عبر وسائل الإعلام معروفة، وهي لعبة اليوم، ولذلك هناك حاجة كبيرة لتحويل قضية الاتحاد من قضية محلية إلى قضية خليجية بمعنى «أقلمة» فكرة الاتحاد الخليجي حتى يصبح الاتجاه السائد لدى الرأي العام الخليجي هو دعم الاتحاد، وهذا لا يكون إلا من خلال حملة شعبية واسعة النطاق، وليست حملة رسمية تنفذها الحكومات بسبب القدرة على التأثير. ننتقل لبعد آخر في قضية مطالبة المعارضة الراديكالية بالاستفتاء على مشروع الاتحاد الخليجي قبل الدخول فيه، فليس الهدف هنا إكساب المشروع ثقة وموافقة الإرادة الشعبية، بل المسألة أكبر من ذلك بكثير، إذ تحاول المعارضة الراديكالية تحويل قضية الاتحاد الخليجي إلى قضية أخرى جديدة يمكن من خلالها إدخال مشروع الاستفتاء على نظام الحكم ضمن الموضوع. بمعنى إذا تمكنت المعارضة الراديكالية من إقرار مبدأ الاستفتاء على الاتحاد الخليجي، فإنها ستكون سابقة، وستطرح بعدها فكرة إقامة استفتاء على نظام الحكم في البحرين، وذلك امتداداً للمشروع الفاشل الذي نفذته قبل سنوات قليلة عندما طلبت من هيئة الأمم المتحدة منح شعب البحرين حق تقرير المصير، ولكن المطلب لم يحظ بأدنى اهتمام من المنظومة الدولية آنذاك. نخرج من قصة الصراع السياسي المقبلة بأنها ستكون معركة جديدة من معارك الصراع السياسي الداخلي، ولكن اللافت فيها أنها لن تكون معركة محلية الأطراف بل ستكون معركة ذات أطراف إقليمية، ونتائجها شبه محسومة من الآن.

Love It or Leave it

فيصل الشيخ
يقول لي أحد البحرينيين الوطنيين المخلصين إن جملة معبرة لفتت انتباهه وضعها أحد المواطنين على خلفية سيارته، كتب فيها بالإنجليزية ما معناه «البحرين.. حبها أو ارحل عنها». اليوم حينما نتحدث عن الانتماء لهذه الأرض يحزننا أن نسمع من يتشدق بعبارات الولاء والانتماء بينما هو يبيع وطنه كل يوم، يقلل من شأن إنجازاتها، ويجحد بكل خير تحقق له ولمئات الآلاف من المواطنين، حتى المقيمين فيها ينعمون بكثير من الأمور والمزايا التي تجعلهم يحبون البقاء فيها. من يحرق بلده ويخرب فيها ويشيع الإرهاب بين أهلها ليلاً ونهاراً، هل هذا يمكن أن نصفه بأنه يحب البحرين؟! من يتطاول على رموزها، ويشوه صورتها في الخارج، ويدعو الأجنبي للتدخل فيها سواء عبر منظمات أو أنظمة وغيرها، هل هذا يمكن أن نقتنع بأنه يحب البحرين؟! من ألغى كل خير تحقق للناس وأنكره رغم أنه مستفيد منه، ومن قال بأن الحل هو إسقاط الدولة، ودفع الناس للخروج في الشوارع ليواجهوا قوات الأمن، وحثهم على السقوط قتلى، هل هذا يحب البحرين؟! الشعب البحريني بكل أطيافه جُبل على الطيبة، نعرف فيه حبه للعيش بكرامة وأن تتذلل أمامه كل الصعوبات فقط ليعيش حياة هادئة. لم نعرف في البحرينيين يوماً تعاملهم بناء على الطائفة والمذهب إلا حينما جاءت أطياف لها تاريخها المعروف في السعي للانقلاب على النظام وزرعت فيه الحقد والكره للآخر، رسخت في ذهنه عقدة المظلومية وأن فئات يتم التعامل معهم بدونية، وكل هذا كذب. منذ متى عرفنا تسميات وتصنيفات «سني وشيعي»؟! ألم يكن ذلك بعد أن دخل الانقلابيون في الدولة ومارسوا السياسة سواء بصورة شرعية أو غير شرعية، وعملوا على تقسيم الناس. هذه الأرض أعطت الناس الكثير، وقادتها على رأسهم جلالة الملك حفظه الله أنجزوا الكثير ومازالوا يعملون، ومازالوا يمنحون حتى من أخطأ بحقهم وحق البلد الفرصة تلو الأخرى، ومجحف من ينكر ذلك. لدينا مطالبات معيشية كثيرة في البحرين، نريد حلاً لمشكلة الإسكان، نريد رفع الرواتب المتدنية، نريد تعزيزاً للخدمات الصحية وغيرها، لكن في المقابل ليست البحرين مثل تلك الدول الأجنبية خاصة من يسعى الانقلابيون لضرب المثل بها في الشأن السياسي فقط متناسين كيف تعيش الشعوب هناك. في البحرين لا يدفع المواطن ضريبة «تقصم» ظهره وتطير بنصف راتبه، بل حتى الـ1% الذي يقتطع لصندوق التعطل يشهد توجهات لإلغائه بناء على ما عبر عنه الناس، بينما في بريطانيا على سبيل المثال يعاني الناس من الضرائب التي تصل إلى اقتطاع حتى نصف رواتبهم، يحاسبونهم على رصف الطرقات والخدمات المختلفة والصحة والتعليم، ولا يمكنهم رفض دفع هذه الضرائب، حتى الهواء سيصلون لمرحلة يدفع الناس عليه الضرائب. لكن كل هذا غير موجود في البحرين. حتى متوسط مستوى الدخل في البحرين يعد أفضل من عديد من الدول الأوروبية بالنظر لما يدفعه مواطنوها من ضرائب. لدينا هنا الدولة تقدم الخدمات المختلفة للناس، على رأسها الإسكان، وهي خدمة نعتبرها من حقوق الناس المكفولة، في حين عديد من الدول حول العالم تعلن أنها غير ملزمة بتوفير السكن لمواطنيها، وأنها مسألة معني بها المواطن لا الدولة. في البحرين الوضع يختلف، تقدم الخدمات، لكن هناك أناساً لا تحمد ربها ولا تشكره. لدينا حرية واسعة استغلها البعض ووصل حتى لمستوى شتم الدولة جهاراً عياناً والتحريض عليها، ومع ذلك يتم التعامل معهم بهدوء دون تطبيق صارم للقانون بخلاف ما تفعله الدول الأخرى. أبناء البحرين المخلصون هم من يتقطع قلبهم عليها يومياً وهم يرونها تحترق ويعيث فيها الإرهابيون الفساد. المحب لأرضه لا يحرقها بل يعمرها. ابتلينا بأناس واضح كيف يتجه انتماؤهم للخارج، أصبحت البحرين لديهم رخيصة مقارنة بأنظمة خارجية يخرجون في مسيرات ليدافعون عنها ولو بطرق ملتوية وغير مباشرة. من يفعل كل ذلك في بلده، هل هو يريد إرسال رسالة مفادها بأن هذه البلد لا تعجبه؟! بأن كل ما يتحصل عليه من خدمات ومزايا لا يعجبه؟! وهل علينا في المقابل أن نسكت ونقبل بأن تقوم فئة قليلة بزعزعة أمن واستقرار البلد وتدمير حياة مواطنيه ومقيميه فقط لأن في قلوبهم حقداً وكرهاً عليها وعلى نظامها وأسرتها الحاكمة؟! اكفونا من شركم، ودعوا البحرينيين يعيشون، دعوا اللحمة تعود مثلما كانت لا أحد يسأل هذا سني أو شيعي؟! أقلها كفوا الضرر الذي طال كثيراً من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة الذين لا يتفقون مع توجهاتكم الانقلابية لكنهم يخشون تسقيطكم لهم واستهدافهم. من لا تعجبه البحرين لا يمكنه فرض رأيه على غالبية مكونات المجتمع التي تحب هذه الأرض. من يحن قلبه لنظام خارجي أو دولة لها أطماعها في بلدنا فليذهب لها ويترك بلدنا يعود للعيش في سلام. والله لم يخطئ من كتبها.. إن لم تكن تحب البحرين، فارحل عنها، إذ يكفي هذا البلد وأهله ما عانوه من أناس رخصوا به وآثروا بيعه برخص التراب. تبقين غالية يا بحريننا الحبيبة، تاجاً على رأسنا، وقصة عشق في قلوبنا، نورثها لأبنائنا والأجيال القادمة. حفظ الله بلادنا من كيدهم. اللهم آمين.

إلى الشامتين.. لا تفرحوا فالاتحاد قادم

جاسم بونوفل
رغم تعطش المواطن الخليجي لسماع نبأ إعلان الاتحاد الخليجي عشية القمة التشاورية الرابعة عشر التي عقدت في الأسبوع الماضي بمدينة الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين، إلا أن تأجيل الإعلان لم ينعكس سلباً على اتجاهات قطاع كبير من المواطنين الخليجيين الشرفاء المتحمسين لفكرة الاتحاد بين دول الخليج العربية، ولم يغير اتجاهاتهم فهؤلاء جميعاً مؤمنين بإخلاص قادة دولهم وسعيهم الدؤوب نحو العمل في كل ما يحقق أحلام وطموحات شعوبهم، ولم يشككوا لحظة واحدة في إخلاص هؤلاء القادة الذين أثبتوا للبعيد قبل القريب أنهم يعملون من أجل رفاهية شعوبهم، حتى بات المواطن الخليجي محسوداً من قبل كثير من الشعوب على تمتعه بالعديد من المزايا التي توفر له مقومات العيش الكريم التي يفتقدها المواطن في العديد من الدول. فالثروة النفطية التي منّ الله بها على الدول الخليجية تم توظيف عائداتها في المشاريع التنموية المختلفة من تعليم وصحة وإسكان وطرق وغيرها من المشاريع التى أوجدت بنية تحتية متطورة ومتقدمة تضاهي بعض الدول المتقدمة إن لم تكن تتفوق عليها، هذه حقائق موجودة على الأرض يلمسها المواطن الخليجي في كل قطر من أقطاره. لذا فإن فكرة الاتحاد التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين تأتي في سياق حرص القادة وتطلعهم نحو تحقيق المزيد من الإنجازات التي تصب في صالح المواطن. من هنا نقول للشامتين لا تفرحوا بتأجيل إعلان الاتحاد ولتعلموا أن كل تأخيرة فيها خيرة لدول مجلس التعاون ولا يذهب تفكيركم بعيداً ولا تأخذكم الظنون في تفسير الأسباب التي جعلت القادة يرجؤون الإعلان عن الاتحاد في قمتهم التشاورية الأخيرة، فالمسألة لا تتعدى سوى إعطاء مزيد من الوقت لبحث المسألة من جوانبها المختلفة بتعمق أكبر وإزالة كل العقبات التي من شأنها التأثير على بنية المولود الجديد والخوف بأن يأتي مشوهاً وهذا أمر لا يتمناه القادة. وهذا ما صرح به المسؤولون الخليجيون في تعليقاتهم على قضية التأجيل. فحسب رأي هؤلاء فإن قادة الخليج يريدون من وراء تأجيلهم وضع الأسس الكفيلة التي تضمن وجود الأرضية الصلبة التي يقوم عليها الاتحاد لتكون انطلاقته قوية وراسخة كالجبل ما تهزه الرياح القادمة إليه من كل الاتجاهات وخصوصاً تلك الآتية من خلف جبال زاجروس، فالقضية باختصار ليست كما صورها البعض ممن يتمنون فشل المشروع، ويسعون بكل وسيلة وتحت ذرائع ومبررات وحجج واهية إلى إفشاله قبل أن يولد، وكما ساق بعضهم بأن الأمر يعود إلى خلافات بين القادة هو الذي أرجأ الإعلان عن الاتحاد. نقول لهؤلاء لا يوجد خلافات بين القادة وإنما هناك اختلافات إزاء بعض المسائل المتعلقة بالاتحاد، وهذا ما جعل بعض الدول الخليجية تتحفظ على بعض النقاط وطلبت إعطاءها بعض الوقت لدراسة الموضوع من زواياه المختلفة، وهذا في رأينا حق مشروع للدول، لكن من حيث المبدأ فإن جميع الدول الخليجية مع فكرة الاتحاد ماعدا سلطنة عمان التي تتحفظ بشدة على هذه الفكرة، وبطبيعة الحال لها مبرراتها التي قد نعذرها فيها وفي الوقت ذاته نخالفها فيه؛ لأننا كخليجيين نشعر أن الأخطار والتحديات والتهديدات التي تواجه الدول الخليجية واحدة، وهذا يتطلب من كل الدول الخليجية مواجهتها ككتلة واحدة دون أن تتخلف إحداها عن الركب؛ لذا فإننا ندعو من كل قلوبنا سلطنة عمان وغيرها من الدول التي لديها بعض التحفظات أن تعيد النظر في قراءة المشهد الخليجي وأن تركز في قراءتها على التحديات والمخاطر التي نعتقد أنها كفيلة بأن تدفع الدول الخليجية قاطبة إلى حتمية الدخول في الاتحاد؛ لأن في هذا الاتحاد قوة لها وعمق استراتيجي لدولها وهذا ما يؤكده السياسيين والخبراء الاستراتيجيين الذين يصفون المشهد الخليجي في ظل الاتحاد بأنه سيكون قوة استراتيجية ضاربة في المنطقة. أما الوقوف أمام دعوات المتشككين الذين يرفضون فكرة الاتحاد ويبررون رفضهم بحجج واهية لا تتناغم مع طموحات الشعب العربي في الخليج الذي ينشد الوحدة منذ استقلال دول الخليج العربية عن بريطانيا في عام 1971م، فإن المنطق والعقل يدعوانها إلى عدم الانصات لأصوات النشاز الذين يغردون خارج السرب الخليجي لحاجة في نفس يعقوب؛ لأننا من جهة نعلم تمام العلم أن مشروع الاتحاد يصطدم مع أجنداتهم ولا ينسجم مع أحلامهم، وهو من جهة ثانية، لا يرضي ملالى إيران ولا ساستها الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بمجرد سماعهم أن دول مجلس التعاون في طريقها إلى تطوير منظومة التعاون والارتقاء بها نحو الاتحاد، فجن جنونهم وزاد هلعهم وراحوا يطلقون التصريحات الاستفزازية، كما ظهر ذلك واضحاً في تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني وأحد نوابه اللذين عارضا فكرة الاتحاد. ما يثير استغرابنا ليس تصريحات الإيرانيين ومن يسير في فلكهم بشأن الاتحاد، فنحن نعرف مسبقاً ردود فعلهم ومواقفهم من قبل أن يصرحوا بها، وهذا ليس بالجديد عليهم، لكن ما يثير تعجبنا ويحز في نفوسنا في الوقت ذاته هو أن تخرج علينا أصوات محسوبة علينا ومن أبناء جلدتنا وترفض الاتحاد، وتحكم عليه بالفشل قبل أن يولد، وهذا في رأينا حكم فيه تناقض صارخ مع عقيدة القومية العربية التي يؤمن بها والتي تدعو إلى الوحدة بين البلدان العربية، كما نشتم فيه رائحة الأيديولوجية التي ألقت بظلالها بوضوح في رأي أحد مؤسسي حركة القوميين العرب الذي لم يكن موضوعياً في مبرراته التي ساقها في مقال له بإحدى الجرائد الكويتية حول رفضه لفكرة الاتحاد. لذا لم يكن موفقاً في طرحه حتى وإن صفق له مريدوه وليعلم هو وغيره أن الاتحاد قادم؛ لأن فكرته نابعة من شعوب المنطقة وأن مبادرة القادة بتنفيذ هذه الفكرة على أرض الواقع ما هي إلا انعكاس لرغبة شعبية وتحقيق لحلم كان يراود الخليجيين منذ فترة طويلة وجاء الوقت الذي يرون فيه الحلم على أرض الواقع.

العبث الأمريكي في الساحة السورية

    عبيدلي العبيدلي
    تناقلت وكالات الأنباء مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن يكون تنظيم القاعدة هو الذي «يقف وراء التفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا الأسبوع الماضي في العاصمة السورية دمشق وأسفرا عن سقوط خمسة وخمسين قتيلاً وإصابة العشرات». وقال بان إن تدخل القاعدة في المنطقة «خلق مشكلة خطيرة للغاية». لم يكشف الأمين العام عن المصادر التي استقى منها تلك المعلومات مكتفياً «باعتقاده» بذلك. ليس هناك من شك أن في تصريحات بان كي مون كثير من السعي لتوفير بعض الغطاء وشيء من التبرير للفشل المحتمل الذي تواجهه مهمة مندوب الأمين العام كوفي أنان في سوريا، حتى بعد نشر ما يزيد على 260 مراقباً من قوات الأمم المتحدة في مدن سوريا وأحيائها، وتوافد ممثلي بان كي مون وكوفي أنان عليها، وعدم قدرتها على استقطاب أي من أطراف القوى المتصارعة التي يسود مواقفها شبه إجماع بعدم جدوى بعثة المراقبين الدوليين الذين لم يتجاوز دورهم، كما ترى تلك القوى تكثيف الزيارات وتسجيل ما يدور هناك من أحداث دون أن يكون لذلك أي تأثير حقيقي يساهم في وقفها، دع عنك الحد من تصاعدها. لكن كل ذلك لا يمنع المتابع لتطورات الساحة السورية من محاولة التفتيش عن أسباب وقوى أخرى من مصلحتها دفع شخصية دولية، عرفت بالرزانة عند الإفصاح عن مواقفها العالمية وتوخي الدقة في تعزيز تصريحاتها بالوثائق التي تحتاجها لإثبات صحتها إلى إهمال كل ذلك، والإقدام على خطوة من غير المستبعد إلحاق الضرر بسمعتها المهنية ومصداقيتها التي بنتها عبر سنوات من الخدمة في المحافل الدولية. لابد من الوصول إلى فضح تلك القوى العالمية التي تتطابق مصالحها مع جر بان كي مون وآخرين من شخصيات عالمية ودول إلى مستنقع الصراع السوري وتوريطهم في ربط مسؤولية أحداثه مع «إرهاب تنظيم القاعدة». على المتابع أن يرى تصريح بان كي مون مترابطاً مع تصريحات السلطات السورية ذاتها بشأن خشيتها من أن تكون ضحية «مؤامرة إرهابية يجري تمويلها وتوجيهها من الخارج تهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلاد، بعد أن أرسلت في وقت سابق من الشهر الجاري إلى الأمم المتحدة أسماء 26 أجنبياً قالت إنه تم اعتقالهم بعد مجيئهم للقتال في سوريا، ووصفت 20 منهم بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة دخلوا البلاد من تركيا». وبالقدر ذاته، لابد من الاستماع أيضاً إلى إعلان الجيش اليمني قبل أيام عن انتصار حققه على «تنظيم القاعدة» يعقبه تأكيد المتحدث باسم اللجان الشعبية علي أحمد على أنهم حققوا «انتصاراً عظيماً على (تنظيم القاعدة)، وطردوا مقاتليها من الضواحي المحيطة..». ترافق ذلك مع الإعلان عن «غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار أمريكية استهدفت مركبة في مدينة شبام التاريخية في حضرموت شرق اليمن وأردت قتيلين من عناصر تنظيم القاعدة». ولم تتردد واشنطن في ادعاء أنها «أحبطت مؤامرة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن لتزويد مفجر انتحاري بعبوة ناسفة مصنوعة من مواد غير معدنية..». لو تمعنا في كل تلك التصريحات والإجراءات فسنجدها تجرنا دون الحاجة لبذل أي عناء نحو واشنطن، التي تمتلك المصلحة الأكبر في استمرار الصدامات على الساحة السورية من جهة، وتوجيه الأنظار نحو «تنظيم القاعدة» من جهة أخرى، فمن خلا ذلك في وسع الإدارة الأمريكية تحقيق مجموعة من الأهداف الظاهرة والمخفية التي يمكن حصر أهمها في النقاط التالية:

  1. إخفاء العجز الإمريكي من أجل كسب الوقت لاتخاذ موقف حاسم، كذلك الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ليبيا. فرغم مضي ما يزيد على 15 شهراً على بدء الأزمة في سوريا، لكن يبدو وكما رشح من مصادر إعلامية نقلاً عن مسؤول أمريكي، فإن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ماتزال في «حالة ترقب وانتظار، إذ إنها في انتظار تخلي روسيا عن دعمها للرئيس السوري بشار الأسد، وفي انتظار عقوبات للإطاحة بالاقتصاد، وفي انتظار تقديم معارضة سورية منظمة لرؤية متماسكة لسوريا ما بعد الأسد». وقد أشار إلى ذلك بوضوح شارل كروتهامر في صحيفة واشنطن بوست، حين قال «إذا كان أوباما يريد حقاً عدم التدخل في سوريا، يتعين عليه إيضاح أنه من الصعب المساعدة في حل الأزمة وأنه لا توجد مصالح وطنية أو أمنية هناك على الرغم من عدم صحة ذلك»، كي يختم بالقول: «المآسي التي وقعت في رواندا ودارفور، وتجري الآن في سوريا، ليست بسبب نقص المعلومات أو انعدام التنسيق بين الجهات الفاعلة، ولكن بسبب غياب الإرادة».
  2. إبعاد وسائل الإعلام عن الاتفاق الذي تم قبل أيام بين وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا ونظيره الإسرائيلي إيهود باراك والذي ستمنح واشنطن بموجبها «إسرائيل» 70 مليون دولار إضافية لـمشروع (نظام القبة الحديد) والذي هو عبارة عن صواريخ صغيرة موجهة بالرادار لتدمير صواريخ «كاتيوشا» في الجو، التي يتراوح مداها بين خمسة كيلومترات وحتى 70 كيلومتراً إضافة إلى قذائف المورتر، والذي من شأنه، كما يقول باراك «تحسين القدرات الدفاعية وتوافر الغطاء لمواطني الجنوب، في مواجهة التهديدات الصاروخية». ينبغي ربط ذلك مع قرار لجنة الشؤون الداخلية والأمن في الكنيست الإسرائيلي بتوسيع «مستوطنة (أرئيل) شمال غربي الضفة الغربية على مرحلتين، تشمل المرحلة الأولى منهما إقامة 700 وحدة استيطانية جديدة، على جزء من أراضي قرية كفر لاقف في قلقيلية، في ما تشمل المرحلة الثانية إقامة 1400 وحدة استيطانية، على أراضي باقة الحطب وعزبة أبو حمادة وكفر عبوش، في محافظة طولكرم».
  3. تشويه معالم الصراع القائم في سوريا، من خلال تحويله إلى نزاع بين النظام القائم وتنظيم إرهابي، هو «تنظيم القاعدة»، الأمر الذي من شأنه تجريد المعارضة السورية، بمختلف فصائلها من أي تعاطف دولي، بل وحتى محلي، خاصة عندما يؤخذ في الحسبان، نجاح الإعلام الدولي، وعلى وجه الخصوص الأمريكي منه، في تأليب الرأي العالمي ضد ذلك التنظيم. فما هو أهم بالنسبة لواشنطن، تجيير نتائج الصراع لصالح أي مشروع شرق أوسطي جديد تزمع ترويجه خلال الفترة المقبلة. عبث الأصابع الأمريكية واضح في الساحة السورية، وواشنطن لم، ولن تتردد في استخدام المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، وأشخاص يتمتعون بمصداقية عالية مثل أمينها العام بان كي مون، في سبيل تحقيق أهدافها الشرق أوسطية، التي تضمن لها: سلامة الكيان الصهيوني، وضمان تدفق النفط وبأسعار مقبولة لديها، ولجم أي جموح إيراني غير محسوب العواقب

إيران فوق بركان

سعيد الحمد
نستعير هذا العنوان من عناوين أحد كتب الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل صدر في منتصف الخمسينات عن مرحلة مصدق وهي المرحلة التي انتهت بمحاكمة مصدق وعودة الشاه ومازالت فصولها غامضة ونحتاج لمزيد معرفة وبحث. وايران اليوم فوق بركان آخر فبعد ثلاثة عقود من حكم الملالي ونظام الفقيه نستطيع ان نلاحظ بأن النظام دخل مرحلة الشيخوخة فاتجه لإحاطة نفسه بالمقويات والمنشطات بشكل مبالغ فيه ومضر لصحته بعد أن تورط في تمويل وتخطيط أكثر من جهة وتدخل في أكثر من دائرة عربية وتم اكتشاف أصابعه في أكثر من منطقة عربية يعمل على تقويض استقرارها من جهة وعلى انشاء جماعات موالية له لإحاطة نظامه بما يشبه السور العازل لحمايته من بركانه الداخلي الذي يمور في جوفه. ولعل عبارة «فتش عن ايران» التي باتت على كل شفة ولسان في البلدان العربية التي تشهد اضطرابات مفتعلة بشكل واضح وفاضح مثلما شهدت مصر من اضطرابات وتظاهرات غوغائية بعد حادثة الجيزاوي وما جرى من تداعيات خطيرة نالت كرامة السعودية وقيادتها هو مؤشر على ان الاصابع الايرانية حركت اللعبة هناك باتجاهين، اتجاه يعزز وجودها في الشارع المصري واتجاه يضرب العلاقة المصرية السعودية على مستوى العلاقات الشعبية بين البلدين العربيين، وهي علاقات قوية كان لابد فيها من سياسة فرق تسد التي أجادت ايران الملالي اللعب على اوتارها المشدودة. وإيران الملالي تستمر في اللعب الخطير لتأجيل ثورة بركانها الداخلي على حساب إشغال وإلهاء شعبها بقضايا وملفات عربية عنوانها الاضطراب والفوضى بأصابع ايرانية حتى تحول وتؤجل اهتمامات ذلك الشعب «الايراني» بما يجري في داخله من أزمات بلغت الذروة في الآونة الاخيرة التي ضغطت فيها العقوبات الاقتصادية حد الاختناق داخل المشهد الايراني وهو اختناق استشعره أول ما استشعره المواطن الايراني البسيط والفقير والمعدم مع ارتفاع الاسعار هناك بشكل جنوني وظهور اسواق سوداء كانت وبالا على معيشة المواطنين. وعندما بدأ التململ الداخلي هناك مؤثرا على تحرك البركان سرعان ما استخدم «الديني» ليقمع «الاجتماعي» فخرج خطيب وإمام جمعة طهران كاظم صديقي ليهدد بـ «الدين»، قائلا «من لا ينصاع لأوامر الولي الفقيه لا تقبل صلاته». وهو مؤشر نقرأه على ان ثمة حراكا واحتجاجا خاف منه النظام فلجأ للديني كعادته لاستخدامه أداة قمع وأداة تطويع، مستفيدا ومستثمرا ما للفقيه من سلطة دينية ودنيوية عليا بلغت حد التقديس وربما أكثر، وإلاّ كيف نفسر وبماذا نفسر عبارة إمام جمعة طهران «من لا ينصاع لأوامر الولي الفقيه لا تقبل صلاته». وسوف نلاحظ انه كلما ازداد الاختناق داخل المشهد الايراني العام وعلى مستوى الجماهير من الفقراء والبسطاء والطبقة الوسطى كلما ضاعف نظام الملالي تدخلاته الفظة والسافرة في الشأن العربي الداخلي محاولا بشتى الطرق والسبل استفزاز النظام العربي وتوريطه معه في معركة مازال نظام الملالي يبحث عنها كشماعة، وربما ليلقي عليها بتبعات فشله وعجزه من إدارة أزماته الاقتصادية والمعيشية الطاحنة وربما يقنع المواطن الايراني البسيط الذي ضج بالشكوى من أوضاعه الاقتصادية بأن «المعركة مع العرب» هي السبب فينقل الغضب الشعبي الايراني من نظام الملالي الى النظام العربي بوصفه «شماعة» أو طوق إنقاذ له. ولذا يتوقع المراقبون ان يصعد نظام الملالي من تدخلاته في الشأن العربي وإثارة القلاقل والاضطرابات في البيت العربي بشكل أكثر استفزازاً في الاسابيع القادمة على امل ان يحدث «شيء» يطلبه نظام الملالي لانقاذه من بركانه الداخلي القادم بثورته لا محالة في ذلك. وسنظل عربيا ندفع ثمن المغامرة الايرانية الطائشة يخطط لها نظام الملالي وللأسف يقع في شراكها الكثيرون.

قولوها ولا تستحون.. تصدير الثورة لا ربيع الثورات

صلاح الجودر
لو كانت ثورة من ثورات (الربيع العربي) لآمنا بالله وسلمنا، ولكنها احدى فصول تصدير الثورة الإيرانية للدول العربية، هكذا باختصار ودون تعقيد، وبين الثورتين(العربية والإيرانية) بون شاسع، فالثورات العربية تتحرك من أجلها الشعوب ذاتيا دون تدخل من أحد، والثورة الإيرانية هي التي تنطلق من طهران عبر القنوات الفضائية الطائفية لتحريك الشعور المذهبي والشعوبي لأبناء المنطقة، ولمن شاء أن يرى المشهد البحريني فليتأمل في الثورتين، الثورات العربية التي جرت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا دون تدخل من أحد، ثم لينظر في الثورات الإيرانية المفتعلة التي يتم تصديرها للدول العربية مثل البحرين والإمارات واليمن والكويت والسعودية، فعام كامل والأنقلابيون وأتباع إيران يحاولون إيهام الناس بأن ما يجري في البحرين هي ثورة شعبية على غرار ربيع الثورات العربية، والحقيقة أنها مسرحية فاشلة رفض مشاهدتها أبناء الأمة العربية حينما أكتشفوا أصابع إيران بها. فرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني والنائب حسين علي شهرياري هما آخر من تدخلا في الشئون الداخلية للبحرين بتصريحاتهما المشبوهة والمسمومة، وكشفا عن الأطماع التوسعية الإيرانية ومشروع تصدير الثورة، وخلوا الطبق مكشوفا!، فتهديدهما للبحرين ودعوتهما لأبناء هذا الوطن (البحرين) لرفض مشروع الأتحاد الخليجي الذي أصبح واقعاً ملموساً جاءت لتكشف حجم الأطماع الإيرانية ومشروعها التوسعي في المنطقة. فتصدير الثورة الإيرانية الذي أنطلق عام 1979م كان بادئ الأمر في أتجاه الشقيقة السعودية، فسنوياً كانت إيران ترسل أفواجاً من الحجاج لزعزعة أمن واستقرار الأماكن المقدسة بدعوة يوم البراءة وتصدير الثورة!، وتم تأجيله بطلب من بعض القيادات الدينية التي رأت بأن الوقت غير مناسب، فاتجهت حينها لتشكيل نواة ما يسمى جيش تحرير البحرين والذي حاول غزو البحرين في الثمانينيات(بواسطة القوارب السريعة) بالتعاون مع بعض الخلايا النائمة بالداخل، وهذا المخطط كذلك فشل في تحقيق أهدافه حينما تصدى له أبناء البحرين، سنة وشيعة. واليوم تحاول إيران مجدداً الدخول إلى الدول العربية عبر بوابة(الربيع العربي) كما فعلت حينما دخلت العراق تحت غطاء أمريكي وبريطاني!، فإيران لا تزال مصرة على تصدير الثورة، والتحرش بالدول العربية في الخليج لذا جاءت في أفتتاحية صحيفة كيهان(الثلاثاء 15مايو) للمدعو شريعتمدراي بأن (البحرين جزء من إيران) وأن(غالبية الشعب البحريني ينظر إلى البحرين باعتبارها جزءاً من إيران)، فلا تزال تلك العقول التوسعية تجتر التصريحات من أجل أن تبقى الدول الخليجية صغيرة وضعيفة، فلا تريد أن ترى كياناً كبيراً يعرف بـ(الإتحاد الخليجي). التصريحات الإيرانية الأخيرة تؤكد على وجود العقليات الفارسية الكسراوية الصفوية التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، فمثل تلك التصريحات تزيد من لهيب الصراع في المنطقة، فتصريحات علي لاريجاني وحسين علي شهرياري وعباس رمضاني بور وحسين شريعتمداري وغيرهم هي شنشنات عرفها أبناء هذا المنطقة منذ قيام الثورة الإيرانية، شنشنات مرفوضة من أبناء البحرين، سنة وشعية، لأنها تصريحات عدائية واستفزازية لأبناء المنطقة. من هنا فإن أبناء البحرين أمام محك تاريخي حساس ولحظات مهمة، يجب عليهم أن يؤكدوا رفضهم للمشروع الإيراني(تصدير الثورة)، وتمسكهم بكيانهم الخليجي وأنظمتهم السياسية التي كانت بهم رحيمة، فإيران التي تعاني الكثير من المشاكل بالداخل هي اليوم تستشعر خطر الإتحاد الخليجي، لذا هي تصرخ بقمة رأسها رافضة له، فما تخشاه إيران هو وحدة أبناء الخليج، لذا سارعت بتحريض شعوب المنطقة على الإتحاد مثلما فعلت العراق حين مزقت الوحدة الوطنية، حتى تحول العراق إلى كنتونات طائفية وعرقية، اكراد وسنة وشيعة، فبعد أن كان شعباً واحداً تحول إلى وطن ممزق تنهش فيه الضباع الطائفية، وهذا ما تبحث عنه إيران اليوم في دول الخليج العربية. من هنا فإن المسئولية تحتم على أبناء الخليج العربي تحديد مصيرهم، فإما مع الإتحاد العربي أو مع التدخل الإيراني، فما تتعرض له الدول الخليجية ليس بثورة عربية ولكنه ضمن مشروع تصدير الثورة الإيرانية، فقولوها ولا تستحون أنكم مع تصدير الثورة الإيرانية لا ليس ربيع الثورات العربية!.

من إرشيف الإرهاب الإيراني في الخليج العربي

داود البصري
لعل واحداً من أهم الملفات الإقليمية الشائكة والذي يحمل أبعاداً استراتيجية خطيرة على أمن الشرق الأوسط والخليج العربي، هو ملف إرهاب الدولة الإيرانية ضد أمن المنطقة وشعوبها وملف تصدير التخريب والفوضى تحت الشعارات الدينية والطائفية واستغلال الأساطير والروايات في تصدير التخريب وتعميم النموذج السلطوي الإيراني الشاذ الذي هو في النهاية والبداية مشروع قومي عنصري استبدادي أثبتت الأيام مدى خطورته ودمويته والمآسي التي انبثقت عنه وأطنان الدماء العبيطة التي سفكت في محاولات تنفيذ صفحاته وتجسيدها ميدانيا منذ عام 1979 وحتى اليوم، وملف الإرهاب الإيراني في الخليج العربي والشرق القديم والغوص فيه يعني فتحا لملفات وصحائف غدر سوداء وتاريخ أسود مخزي ملطخ بكل معاني الغدر والخديعة والجريمة بأسوأ أشكالها وأحط معانيها، كما يعني العودة لتقليب صفحات دموية مرعبة قد يحاول البعض تناسيها او تجاوزها والقفز عليها نتيجة لاعتبارات مصلحية ودبلوماسية وتكتيكية، ولكن تصريحات وممارسات أقطاب النظام الإيراني العدوانية وتطور المشروع التخريبي الإيراني في الخليج وامتداده لآفاق ومراحل متقدمة أخرى قد انعشت الذاكرة التاريخية لإرشيف الإرهاب السلطوي الإيراني الذي لن ينسى أبدا بل تظل الدماء البريئة التي سفكت على أعتابه أبد الدهر عن الثأر تستفهم.. إنه إرشيف عامر بالخفايا والخبايا والأسرار والفواجع والمآسي الإقليمية التي لم تكن ضرورية ولا حتمية ولكنها حدثت وتناسلت وتأصلت في منهجية الفكر العدواني الإيراني، وقيام النظام الإيراني بنفي الاتهامات ومحاولة تبييض صفحاته السوداء الطافحة بكل معاني وصيغ الإرهاب أمر لن يؤدي في النهاية سوى لتوثيق تلك الجرائم والتي نحاول استعراض جانبا بسيطا منها يتبين منه حجم الكوارث الإقليمية والفتنة السوداء التي تسبب بها ذلك النظام العدواني المتغطرس، فلا مجال أبدا للتملص والتهرب من الحقائق التاريخية والميدانية الدامغة المعروفة لكل ذي بصيرة ولكل من يحيط بحقائق ومستلزمات وأسس البنية التحتية للأنظمة الشمولية التي تعتبر العمل الدبلوماسي جزءا من الصورة والعقيدة الآيديولوجية للنظام، هكذا كانت سفارات المعسكر الشيوعي المنقرض، وهكذا كانت سفارات الأنطمة العربية الشمولية ودبلوماسيوها الذين كانوا من كبار رجال المخابرات والأمن والعمليات السرية، فسفارة الجمهورية العربية المتحدة مثلا أواخر الخمسينيات من القرن الماضي مارست في لبنان أدوارا مشهودة في تغذية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1958 وكذلك فعلت في أحداث العراق الدموية المرعبة في الموصل وكركوك عام 1959، وما أتبع ذلك من انقلابات عسكرية دموية، وكذلك كانت السفارات البعثية العراقية بمثابة (عين المقر) بعد أن تحولت وحولت لاوكار استخبارية وإرهابية تمارس التجسس والقتل والخطف والتخريب كما كان حال السفارات العراقية السابقة في الكويت وعدن والرباط أو استوكهولم ولندن وغيرها، ففي الكويت مثلا كان لسفارة نظام البعث دور مركزي في اغتيال الفريق حردان التكريتي وزير الدفاع الأسبق على أبواب المستشفى الأميري عام 1971 وأمام عيون السفير العراقي الذي كان برفقته وفي سيارة السفارة العراقية!! وفي الكويت أيضا تم اغتيال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية علي ياسين عام 1978 على يد عصابة أبونضال الإرهابية الممولة وقتذاك من العراق؟ وفي الكويت أيضا مارست السفارة العراقية جرائم الخطف والتعذيب للمعارضين العراقيين مستهترة بأمن وسيادة دولة الكويت، والأمثلة كثيرة وتحتاج لصفحات طويلة ومملة في تتبعها وتصنيفها وإحصائها، واليوم يخوض النظام الإيراني المتغطرس العدواني في المعمعة نفسها ويعود لتقمص أدوار الأنظمة الإرهابية والشمولية المندرسة، رغم أن ذلك النظام الثيوقراطي كان منذ بداياته يعتبر السفارات الإيرانية في الخارج بمثابة رسل الثورة الإسلامية مع ما يعنيه ذلك المفهوم والتوجه الاستراتيجي في الحرص على تطبيق وتنفيذ برنامج (تصدير الثورة) ودعم الجماعات الطائفية المؤيدة، وتكوين وإنشاء اللوبيات المالية والطائفية والسياسية والإعلامية المرتبطة به في دول الخليج العربي على وجه الخصوص والتحديد وكما هي الحال أيضا في لبنان والذي عن طريق سفارتي إيران في دمشق وبيروت تم التمكن من تجنيد العناصر وتأسيس الخلايا وتأسيس واحد من اهم الأذرعة الإيرانية في الشرق وهو تنظيم حزب الله والذي هو أهم مشروع تعبوي وفخر الصناعة الإيرانية، ودرة التاج الإيراني بلا منازع وقمة نجاحاته الاختراقية، وحيث لم ينجح النظام الإيراني أبدا في بناء أي مؤسسة أمنية وعسكرية مرتبطة به في الخارج شبيهة بتنظيم ومقدرة حزب الله اللبناني رغم المحاولات الإيرانية الراهنة مع التنظيمات الطائفية العراقية كحزب الدعوة أو العصائب او المجاميع الخاصة وجميعها جثث متعفنة لا تلبي ابدا الاحتياجات الإيرانية. الإرهاب الإيراني في الكويت.. تاريخ حافل... لقد حاول الإيرانيون منذ وقت مبكر التركيز على بناء شبكة محكمة لتنظيم حزب الله في الكويت والسعودية والبحرين خصوصاً ولكنهم فشلوا لأسباب عديدة رغم بعض محاولات الاختراق الناجحة في موقع هنا أو موقع هناك، وكذلك سبق لهم فعل ذلك في العراق الذي أسسوا الكثير من تنظيماته الدينية والطائفية فقسموا مثلا حزب الدعوة المتهالك أساسا لدعوات، وكونوا تنظيم المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق برغبة مباشرة من الخميني شخصيا لتوحيد الأحزاب الشيعية العراقية العاملة في خدمة المشروع الإيراني تحت مظلة واحدة برعاية المخابرات الإيرانية وبتمويل من الدولة الإيرانية، وحرصوا أشد الحرص على بناء تنظيم لحزب الله العراقي لم يستطع أبدا أن يصل لمستوى البناء التنظيمي لشقيقه اللبناني، وبرغم الاختراق الإيراني الواسع للعراق إلا أن المشروع الإيراني في النهاية هو مشروع فاشل لا يعدو أن يكون سوى وسيلة وأداة مساعدة لتقسيم وتشظية العراق وهو ما يجري حاليا تنفيذه بصورة دموية مرعبة وبشكل سيترك آثاره المباشرة على الشرق القديم بأسره، وحكاية السفارات الإيرانية ومخابراتها مع تنظيمات حزب الله المحلية واسعة جدا وتضم أحداثها وثناياها منعطفات دموية خطيرة في تاريخ المنطقة تركت بصماتها على الذاكرة التاريخية الوطنية، لقد تميز عقد الثمانينيات من القرن الماضي بحالة كبيرة من النشاط والحيوية والحركية التنظيمية للأجهزة الاستخبارية الإيرانية وكان ذلك التحرك جزءا من عملية واسعة لإدارة الصراع خلال الحرب العراقية / الإيرانية وإفرازاتها وحالة التجييش والتحشيد الطائفي التي كانت سائدة، وكانت البداية مع دعم الحرس الثوري الإيراني والمخابرات السورية لسلسلة من العمليات الإرهابية في الكويت كان أوسعها تلك الضربات الانتحارية التي نفذت في يوم 12/12/1983 والتي ضربت سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا وبعض المنشآت الوطنية الكويتية الأخرى وخلقت حالة غير مسبوقة من التأهب الأمني في الكويت وكانت الفاتحة والمقدمة لعمليات إرهابية أخرى بلغت ذروتها مع محاولة اغتيال أمير دولة الكويت الأسبق المرحوم الشيخ جابر الأحمد الصباح في 25 مايو 1985 ونفذها إرهابي تابع لحزب الدعوة، ثم استمرت عمليات المواجهة الأمنية مع الجماعات المدعومة إيرانيا في الشوارع أيضا، كما حدث بين أعوام 1987 و1990 وهي عمليات اعترفت بها أجهزة الإعلام العقائدية للنظام الإيراني في موقع (دار الولاية) التابع لمكتب الولي الإيراني الفقيه والذي يتضمن أسماء لكويتيين وعرب مؤيدين للنظام الإيراني ومعتنقين لعقيدة الذوبان فيه، وهي مسألة معروفة للجميع وكل الأسماء منشورة لمن يود الاطلاع عليها، وطبعا خلال تلك المرحلة من تاريخ الصراع الإقليمي الساخن شهدت الكويت أيضا أعمالا إرهابية ذات طابع دولي مثل خطف الطائرات كما حدث في ربيع عام 1988 في خطف طائرة (الجابرية) الكويتية من مطار بانكوك وتبديل الطاقم الإرهابي في مطار مشهد الإيراني ثم المساومات التي أعقبت ذلك ومصرع رجلي أمن كويتيين في تلك الحادثة في مطار لارناكا القبرصي ثم انتهاء العملية بشكل غامض بعد هروب الإرهابيين في الجزائر ويعتقد أنه كان من بينهم الإرهابي الراحل اللبناني عماد مغنية، وكان هدف العملية إطلاق سراح الإرهابيين الذين نفذوا تفجيرات عام 1983 إلا أن إصرار القيادة الكويتية على رفض مطالب الإرهابيين ووفقا للشعار السائد وقتذاك (لن ننثني أو نخضع للإرهاب) قد أفشل كل الخطط الإيرانية، ولكن قيام الغزو العسكري العراقي عام 1990 هو من تكفل بإطلاق سراح القتلة الذين تم تهريبهم لإيران في لجة الفوضى التي أعقبت الغزو والاحتلال، وكانت كل تلكم العمليات بتخطيط مركزي واضح المعالم من قيادات النظام الإيراني الأمنية ومن خلال العملاء العرب العاملين معه من عراقيين ولبنانيين وخليجيين وكانت الدولة الإيرانية متورطة بالكامل في تلكم الملفات المخزية. الإرهاب الإيراني يضرب مكة المكرمة...! إن أخطر دور مارسته المخابرات الإيرانية من خلال بعثاتها الدبلوماسية كان ذلك الفعل الإرهابي في مكة المكرمة عام 1989 وفي موسم حج ذلك العام حيث تورط دبلوماسيان إيرانيان في سفارة إيران في الكويت بتزويد عصابة (السائرون على خط الإمام) بمواد شديدة التفجير من الباب الخلفي للسفارة في يوم 23 يونيو عام 1989 وحيث أدخلت تلك المواد للملكة العربية السعودية وتسببت في إحداث تفجيرات إرهابية في مكة المكرمة. وكل تلك الوقائع مسجلة ومعروفة ولا شيء يمنع المخابرات الإيرانية من تكرار ما حصل فنفس الأدوات موجودة اليوم وكل المبررات متوفرة أيضا!! وربما تكون أشد وطأة وأكثر تطورا!!، لقد فجر الإيرانيون وعملاؤهم قنابلهم في البلد الحرام وفي المسجد الحرام وفي الشهر الحرام، وتسببوا بهلاك عدد من الحجاج الإبرياء، ومن يستهين بحرمة الحرمين لن يردعه أي رادع... وقد أعلنت السلطات السعودية وقتذاك عن إلقاء القبض على الفاعلين وبعض المشتبه بهم ونفذت حكم الإعدام بحق العناصر المتورطة كما تم الحكم بالسجن لمدة عشرين عاما و 1500 جلدة . كان ما تقدم جزءا بسيطا من المأساة الإنسانية التي تسببت بها المخابرات الإيرانية في تغريرها بمواطنين كويتيين وفي تحريضها الطائفي المريض، وتلك وقائع تاريخية موثقة لا يمكن أبدا نفيها أو التجاوز على حقائقها الميدانية الشاخصة من قبل أي سفارة أو وزارة أو جهة..، لقد كانت كل المعلومات السابقة مجرد سطور قليلة في ملفات إرهاب ضخمة كانت ساحتها الكويت والخليج العربي ونفذتها إرادة الشر الإيرانية، وسنستمر في فتح ملفات الإرهاب الإيراني لتذكير الغافلين، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين... لن ينجح أو يفلت القتلة ودعاة الإرهاب وسيفضحهم الله أمام العالمين...

الأمن القومي البحريني ولحظة الحقيقة

فوزية رشيد
من دون أدنى شك، يتضح أن التصريحات الإيرانية المتناغمة مع تصريحات أدواتها في البحرين، وتلاقي الطرفين في نقطة التقاء زمنية واحدة هي الجمعة الماضية، استجابة للدعوة الإيرانية، إلى الخروج في مظاهرات «مضادة» للاتحاد الخليجي، تطرح الكثير من الأمور وخاصة بعد خروجها من طور المراوغة في تهديد الأمن القومي البحريني، إلى طور الإعلان المباشر سواء بتناغم اللغة السياسية والحراك الميداني بين طهران وأدواتها في البحرين، أو بإبراز الوجه الوقح في ذلك التناغم، وتنصل الأدوات والخلايا الإيرانية في البحرين من أي حس وطني أو انتماء خليجي عربي، وبما يفضح حجم التهديدين الإيراني والداخلي المتناغمين لكل مقومات السيادة والاستقلال، على الرغم من رفع «الوفاق وأتباعها» عنوانيهما بصفة الدفاع عنهما كذباً، بعد تعريضهما لأكبر انتهاك قانوني وسياسي في التاريخ البحريني.
كل العناوين التي تمرسوا على اختراقها وضربها عبر التدريبات الفكرية والمصطلحية التي تلقوها سواء في المدرسة الأمريكية أو المدرسة الإيرانية، هم رفعوها ويرفعونها فقط ليدرأوا عن أنفسهم تهمة القيام بها، في إطار لعبة حرب نفسية اعتادوها باستباق الهجوم فيما يشعرون بأنهم قد يتم اتهامهم به، فيوجهونه إلى الأطراف الأخرى وإلى الدولة.
هؤلاء الذين خرقوا بكل الطرائق سيادة البحرين واستقلالها من خلال عملهم كأدوات مدفوعة الثمن، لتحقيق أجندات خارجية، يرفعون اليوم شعار (الحفاظ على السيادة والاستقلال) في الوقت الذي لا يجرؤون فيه كأبسط مثال على إدانة التصريحات الإيرانية الوقحة، وإعلان نيتها ضم البحرين إلى ايران، يقلبون الحقيقة ويضعون التهمة على السعودية وعلى الاتحاد الخليجي العربي باعتبار أن الاتحاد الخليجي تهديد لسيادة واستقلال البحرين، أما التهديدات الإيرانية المباشرة، وأطماعها التاريخية المعلنة في البحرين، فلا تهددان السيادة والاستقلال.
من جانب آخر هم يرفعون شعار (هذا الوطن ما نبيعه) الذي كان شعاراً لمسيرتهم يوم الجمعة الماضية لرفض الاتحاد الخليجي، وعنونته بالاتحاد بين البحرين والسعودية والتنديد بذلك، فيما كل كوارث هذا الوطن تمت على أيديهم منذ أن قامت الحركة الخمينية الانقلابية في إيران، ومنذ أن ارتبطوا بها وبمرجعيتها وبأطماعها عقديا وسياسيا، ولأنهم يعرفون جيداً في دخيلة أنفسهم أنهم (تجار شنطة سياسية) لبيع الوطن ومحاولة إلحاقه بالجار الطامع، الذي لا يفوت فرصة لإعلان مطامعه في البحرين، ولأنهم يعرفون في دخيلة أنفسهم أيضا أنهم متماهون مع تلك الأطماع الإيرانية في وطنهم، ورغم ذلك فهم مستعدون لإتمام الصفقة التي لا عنوان لها سوى (الخيانة العظمى) قانونا ودستورا ووطنيا وشعبيا، فإنهم وحدهم من دون غيرهم يتبجحون برفع مثل هذا الشعار الكاذب (هذا الوطن ما نبيعه).
أما الشرفاء ومن كل المكونات الذين يريدون الاتحاد الخليجي بعد أن حلموا به طويلاً، فلا يرفعون شعارات كهذه لأنهم يعرفون في دخيلة أنفسهم أن الاتحاد الخليجي لا يمثل تهديداً لهم ولوطنهم بأي شكل، وإنما هو تقوية لوطنهم في وجه من يريد اختراق سيادته واستقلاله، مثلما هو تأكيد لانتمائه العروبي الخليجي وعمقه الاستراتيجي الطبيعي وبُعده التاريخي، وفي هذا تطرح المفارقة نفسها بقوة: الذين يوالون أصحاب الأطماع الإيرانية أو الأجنبية هم الذين يرفعون شعارات السيادة والاستقلال والادعاء بعدم بيع الوطن أي ادعاء الوطنية، ولا ينبسون في ذات الوقت بحرف واحد ضد التصريحات والنيات الإيرانية المعلنة، ثم يقولون إن الاتحاد الخليجي العربي يعتبر تعديا صارخا على سيادة واستقلال البحرين.
حين العودة إلى تصريحات مجلس الشورى الإيراني مؤخراً وتصريحات (محمد سند) من النجف، ومقتدى الصدر، وحسن نصرالله، وبقية الجوقة الطائفية في المنطقة، إلى جانب بيانات وخطابات ومسيرات الجوقة الداخلية: الوفاق وأتباعها، وحيث تصريح (وعد) يثبت التهمة ولا يلغيها، لأنه مجرد محاولة لإخراج «الوفاق» من مأزقها الوطني المحتوم، فإننا بكل تلك التصريحات الراهنة، والقائمة على خلفية تصريحات أقدم وأخرى تاريخية، إلى جانب الحراك الميداني الإرهابي المدعوم بكل الوسائل من إيران وعملائها في المنطقة، فإن الشيء الوحيد المؤكد أن هؤلاء قد وصلوا إلى «المرحلة النهائية» في مخططهم بتهديد الأمن القومي البحريني، فلم تكن مسألة إسقاط النظام الذي فشل حراكهم فيه وسقط في الدوار، إلا المرحلة الأولى وحيث الثانية محاولة إسقاط الحياة البحرينية الطبيعية وفي كل جوانبها وعلى النمط العراقي، أما المرحلة الثالثة فهي محاولة إلحاق البحرين بإيران أو ضمها كما جاء على لسان (لاريجاني)، ليأتي إعلان الاتحاد الخليجي، فيسرع في دمج المراحل الثلاث معاً، ولأن التسريع والكشف الكامل عن المخطط في غير أوانه هما مأزق بحد ذاته، فإن هؤلاء الذين يمثلون الأداة والجوقة الداخليتين، ارتبكت أوراقهم وخاصة مع الكشف الإيراني الصريح والمعلن لحقيقة استخدامهم، وسقوط الكثير من حججهم الداخلية، فلم يجدوا وسيلة للخروج من مأزقهم الوطني الفادح، وانكشاف كامل أوراقهم، إلا بزيادة العيار في رفع الشعارات الكاذبة التي هي بهتان عظيم، بالدفاع عن السيادة والاستقلال وعدم بيع الوطن، مع انتهاك تلك الشعارات بالطبع يوميا على أرض الواقع، متزامنا مع الهجوم الاستباقي على الاتحاد الخليجي الذي خلخل أدمغتهم ومخططاتهم.
وفي هذا نقول:
لقد وصلنا إلى مقدمات المرحلة الثالثة بما يخص إيران التي تسارع إلى حرق الأوراق فيها كالعادة، وهؤلاء يصرخون من الألم ويعرفون جيداً في دواخلهم حجم خيانتهم للوطن، وحجم تهديدهم للأمن القومي البحريني، ويعرفون أن لحظة الحقيقة قد أزفت، ولهذا على الدولة وعلى الشعب الوطني المخلص، ألا يكتفيان بالرد على شعاراتهم وادعاءاتهم السخيفة والمشفوعة بتصعيد الإرهاب في الشارع في الفترة القادمة، بل أن يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمنعهم من استمرار اللعبة القذرة التي يلعبونها على الوعي العالمي، فهم مكشوفون تماماً في الداخل، فهؤلاء لن يكتفوا بشعار إسقاط النظام ومحاولة الوصول إليه، ولن يكتفوا بتخريب الحياة البحرينية، وما أكثر تخريبهم فيها منذ ظهورهم بعد «انقلاب الخميني»! ولن يكتفوا بالإرهاب، بل إنهم اليوم وبكل وقاحة وإلى جانب ما سبق يهددون الأمن القومي البحريني مباشرة، ويتلقون أوامرهم وبشكل معلن من طهران، وعلى الفضائيات، وما مسيراتهم وآخرها الجمعة الماضية إلا إذعان مباشر للأوامر الطهرانية، وكشف لحجم الرعونة التي وصلوا إليها وحجم الكذب والتزوير، وعلى الدولة التصرف على هذا الأساس وليس غيره، أي على أساس حفظ الأمن القومي الذي زادت المخططات لضربه، وأصبح التصرف في تهديده بشكل معلن.

قُضِيَ أمر الاتحادِ

محمد مبارك جمعة
لم تكتف «الوفاق» بتسديد ضربة قاضية إلى ما تبقى من كيانها عبر قيامها أمام مرأى ومسمع العالم بتنفيذ أوامر طهران بالتظاهر ضد الاتحاد الخليجي تزامناً مع التظاهرات في العاصمة الإيرانية، وبالتالي سقوط ورقة التوت الأخيرة، حيث لن يصدق حتى المجنون بعد الآن أن «الوفاق» ليست تابعة لإيران، وأنها ليست «أراجوزاً» خيوطه تحركها الأيادي الإيرانية كيفما تشاء، أقول لم تكتف «الوفاق» بهذا، بل صنعت بنفسها فرصة لائتلاف الجمعيات السياسية «الفاتح» ليعود من جديد بحشوده الضخمة وكلمته الطولى بإصرار أكبر من السابق على فرض إرادته والتعبير الصريح عن طموح الشعب البحريني العربي، وطموح أشقائه في دول الخليج، بتنفيذ اتحاد دول الخليج العربي على وجه السرعة ومن دون تأخير.
بعض المحللين السياسيين، كتب يقول إن «الوفاق» أخطأت في اختيار توقيت إقامة التظاهرة، وأنها بذلك خسرت كثيراً وارتكبت محظوراً سياسياٌّ كبيراً، غير أنني أرى أن مصطلح «الصواب» أو «الخطأ» يمكن أن يستخدم لوصف فعل قام به شخص يملك أمره، ويتحكم في قراراته بنفسه، بيد أن هذه الوضعية ليست منطبقة على «الوفاق»، إذ لا نستطيع منطقاً أن نقول إنها أخطأت أو أصابت لأنها من الأساس لا تملك القدرة على فعل الصواب أو الخطأ، ولأنها مسيّرة وليست مخيّرة. وحيث إن المظاهرة التي دعت إليها إيران في البحرين لم تنجح، ولم تحقق شيئاً يغيّر الواقع القادم، ولأن يوم أمس كان يوم جماهير البحرين التي قالت كلمتها الفاصلة، طلبت إيران مجدداً من «الوفاق» إعادة الكرّة، ومحاولة التشويش على تجمع الفاتح يوم أمس، فتقدمت بطلب عاجل لتنفيذ تجمع في منطقة قريبة من ساحة الفاتح، وقوبل هذا الطلب بالرفض من الجهات الأمنية المختصة، لأنه كان سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
حينما قلت قبل يومين إن هناك من العقلاء - من أتباع الوفاق - من يريدون سماع الحقيقة التي دائماً ما يتم إنكارها، وهي أن «الوفاق» أداة من أدوات إيران في البحرين، حينما قلت هذا، كنت على يقين بأن ثمة من سيفتح عينيه وسيدرك الحقيقة ويفهم أنه لا يتبع إلا جماعة مسيّرة، وبالفعل، خرجت بعض الأصوات المنصفة، وإن كانت قليلة جداٌّ، لكنها تمردت على موقف «الوفاق» وأعلنت رفضها واستنكارها الانجرار بهذه الطريقة خلف الأوامر الإيرانية والتدخلات السافرة في شأن البحرين. من بين من خرجوا وقالوا كلمة حق، أحد نواب «الوفاق» السابقين، لكنه بالطبع قوبل بسيل من الشتائم والتسقيطات. أيضاً قرأت تعليقات لبعض من ذهبوا إلى فعالية «الوفاق» ثم عادوا وهم يشعرون بالخيبة والإحباط بسبب ما رأوه من تقديس لشخص «عيسى قاسم» الذي كانت صوره منتشرة أكثر من أعلام البحرين نفسها، علاوة على ما تم ترديده من شعارات هي كالعادة انقيادية وانصياعية.. «فليفنى الشعب.. ويبقى قاسم»..! لقد تم خداعهم، لم تكن مسيرة من أجل الوطن، بل كانت مسيرة من أجل إيران، ومن أجل ترسيخ فكرة الانقياد والتسليم لأوامر الولي الفقيه.
لقد قالت جماهير البحرين كلمتها وقضي الأمر، واتحاد دول الخليج العربي واقع على الأرض ينقصه فقط الإعلان الرسمي. أما من تحركهم طهران على أرض البحرين، فمن الأفضل لهم أن يفكروا فعلياً في الذهاب إلى حيث النموذج الذي يرون فيه قدوتهم العليا.

أقسمتُ أن يَفنى الأسد

إبراهيم الشيخ
عدد كبير من القراءات والدراسات والتحليلات السياسية والعسكرية، تشير إلى انهيار داخلي كبير بدأ يجتاح النّظام الأسدي المجرم، بالرّغم من الدّعم الإيراني اللامحدود.
أحد التقارير الاستراتيجية الدقيقة التي قرأتها مؤخرا، والتي تمّ تجميعها من مصادر ودراسات غربية مؤثرّة، كانت تشرح تفاصيل ذلك الانهيار على جميع الأصعدة.
هناك تطورات كثيرة حدثت على الأراضي السورية مؤخرا، منها التفجيرات داخل المدن السورية التي يفتعلها النظام الأسدي المجرم، محاولاً إلصاقها بالقاعدة، يريد منها صنع عدوّ وهميّ يساعده في التهرّب من وعوده الدولية.
ولعلّ خبر طلب أغلب السفارات الخليجية من مواطنيها مغادرة سوريا بصورة عاجلة، يفسّر جزءًا ممّا يحدث! حيث انتشرت نيّة حزب الشيطان الإيراني في لبنان، خطف خليجيين وتسليمهم للنظام السوري لتلبيسهم تُهم تنفيذ عمليات للقاعدة بسوريا!
أمّا الأمر الآخر، فهو ازدياد عمليات تهريب الأسلحة لدعم الثوّار، وخاصّة عن طريق لبنان.
لمن يتابع؛ قد يلحظ ازدياد دور حزب الشيطان اللبناني في تقديم الدعم العسكري واللوجستي للنّظام السوري، والسبب شعور النّظامين الأسدي والإيراني أنّ الدّعم العسكري للجيش الحرّ بدأ يتصاعد تدريجيا.
هناك حديث يُتداول حول قيام الغرب بتبنّي خطّة جديدة للتدخّل في سوريا بعيدة عن الفيتو الأُمَمي،على نمط ما فعلوه بالبوسنة وكوسوفا في ١٩٩٥ و١٩٩٩ على التوالي. كما أنّ هناك أنباء بأنّ دول الخليج تحرّكت في تمويل الجيش الحرّ بطرق مختلفة، إضافة إلى دور ليبيا في إيصال كمّيات من الأسلحة عبر لبنان إلى الدّاخل السوري.
الأمر الأهمّ في ذلك كلّه، هو الحديث عن تحوّل الموقف الصيني تجاه النظام الأسدي الهالك، وبالتأكيد بدأت الصفقات تلعب دورها!
بالنّسبة الى التطورات الداخلية، تداولت مصادر غربية أنّ السلطات السورية تبذل جهوداً لبيع احتياطاتها من الذّهب للحصول على الأموال، وهو ما أكّدته مصادر مختلفة في دولة الإمارات، إذ أكّدت قيام بعض أنصار النّظام الأسدي الهالك بعرض كميات كبيرة من الذهب على التجّار هناك، بقيمة سوقية تقلّ ١٥% عن قيمتها الحقيقية!
الأمر الآخر هو قيام النظام السوري بعرض بيع سندات مالية حكومية لكل من الصين وروسيا بقيمة ٣٠ مليار دولار!!
نصف مليار دولار شهرياً قيمة ما تضخّه إيران للإبقاء على نظام الأسد حيا!! مع ذلك بدأ النّظام السوري الدموي يعاني نقصاً حاداً لتغطية نفقاته العسكرية في تصفية أهل سوريا، ومنها المشكلة التي تواجهه في توفير الوقود والذخيرة لشبّيحته وجنوده!!
أمام كلّ هذه الظروف الداخلية والخارجية، بدأ الكثير من رجال الأعمال السّوريين بالتخلّي عن نظام الأسد، كما بدأت أعداد الكتائب التي تنضمّ إلى الجيش الحرّ في ازدياد مطّرد.
برودكاست: الحديث عن الاتحاد الخليجي في وقت بدأت فيه إيران باستشعار سقوط نظام بشار الأسد، هو ما دعا طوابير وطراطير إيران في البحرين والكويت إلى خلع آخر قطعة كانت تستر أجسادهم، ليعلنوا ولاءهم لإيران بصورة علنيّة ومن غير استحياء.
آخر السّطر: نقولها لإيران ولطوابيرها في الخليج، البحرين التي كنتم تراهنون عليها في مشروعكم الطائفي، أسقطت مشروعكم في الأولى، وهاهي تسقطه في الثانية!!
آخر الكلام: «كبيرة يالبحرين»، ولا عزاء للحاقدين.

في مواجهة الخطر الإيراني

السيد زهره
رد الفعل الإيراني على إعلان دول مجلس التعاون الاستعداد عمليا لقيام الاتحاد الخليجي العربي، وكيف اظهرت عداءها السافر لدول وشعوب المنطقة، وكشفت عن اطماعها ومخططاتها تجاه المنطقة.
رد الفعل الإيراني على الاتحاد على هذا النحو يأتي دليلا ساطعا آخر يؤكد مدى الخطورة التي تمثلها إيران على امن واستقرار دول المنطقة العربية ومستقبلها كله.
السؤال هو: ما الذي يجب عمله في مواجهة العداء الذي أظهرته إيران وخطرها على هذا النحو؟
هناك أربعة جوانب كبرى ينبغي التنبيه إليها في هذا الصدد:
أولا: دول الخليج العربية يجب ان تبني استراتيجيتها على أساس ان إيران دولة معادية لدول الخليج العربية وشعوبها بكل ما يترتب على ذلك من مواقف ومن سياسات.
نقول هذا ليس لأن دول الخليج العربية تريد ذلك. بالعكس، تريد أفضل العلاقات مع إيران شرط ان تكون قائمة على الاحترام الفعلي وعلى عدم التدخل نهائيا في الشئون الداخلية.
إيران هي التي رفعت راية العداء صراحة لدول وشعوب المنطقة العربية، وهي التي تؤكد في كل مناسبة انها لا تريد علاقات حسن جوار او احترام متبادل.
وكما نعلم، الموقف الإيراني الأخير من الاتحاد وتهديداتها العدوانية للبحرين ولدول المنطقة يأتي في سياق مواقف وسياسات إيرانية ثابتة ومتصلة كلها تصب في اتجاه العداء الكامل لدول وشعوب المنطقة.
نعلم ما فعلته إيران في البحرين من وقوفها الكامل مع القوى الطائفية التي تستهدف النظام الوطني وتستهدف تقويض امن واستقلال البلاد. ونعلم ما فعلته فيما يتعلق بجزر الامارات العربية المحتلة وموقفها العدواني السافر المستفز. ونعلم بما يفعله اتباع إيران في كل دول الخليج العربية. ونعلم أيضا ما فعلته في السنوات الماضية في العراق ومحاولات الهيمنة على مقدراته ومحاربة عروبته وسلبه استقلاله.
اذن، إيران هي التي أعلنت نفسها دولة معادية استراتيجيا لدول وشعوب المنطقة العربية. ودول مجلس التعاون يجب ان تتعامل معها على هذا الأساس بكل ما يترتب على ذلك من مواقف ومن سياسات يجب اتباعها إزاء دولة معادية.
ثانيا: ودول الخليج العربية مطالبة بالمضي قدما وفي أسرع وقت ممكن في خطة إقامة الاتحاد وإعلانه.
قد تكون لدى بعض الدول تحفظات على بعض الجوانب او تريد ان تضمن قيام الاتحاد على أسس راسخة سليمة بحيث يأتي قويا قادرا منذ البداية.
ولا بأس في هذا. لكن الذي يجب ان يكون واضحا ان ردود الفعل على قيام الاتحاد بمجرد إعلان الترتيب لقيامه، والتطورات التي تشهدها المنطقة، ومصلحة دول وشعوب المنطقة الاستراتيجية.. كل هذا يجعل من الاتحاد خيارا مصيريا لا رجعة فيه.
ولهذا يجب عدم السماح لأي اختلاف في الآراء أو الرؤى قد يكون موجودا بأن يعرقل قيام الاتحاد. هذا لا يخدم الا أعداء دول وشعوب المنطقة.
ثالثا: ودول الخليج العربية يجب ان تنتبه اشد الانتباه إلى القوى الطائفية الموجودة في دول المنطقة الموالية لإيران، وما أصبحت تمثله بدورها من خطر.
هذه القوى بموقفها المعلن المعادي للاتحاد تنفيذا لأوامر إيران، وبما تفعله في البحرين وباقي دول المنطقة في الفترة الماضية، وبتبعيتها المطلقة لكل المواقف والسياسات الإيرانية، اثبتت انها بالفعل اكبر أدوات إيران في محاولتها فرض مخططاتها وتنفيذ اجندتها لتقسيم وتمزيق شعوب المنطقة.
اذن، دول الخليج العربية يجب ان تضع على رأس أولوياتها كيفية تحجيم وانهاء الخطر الذي اصبحت تمثله هذه القوى الموالية لإيران.
رابعا: والدول العربية بشكل عام يجب الا تقف ساكنة إزاء هذا الخطر الإيراني على دول وشعوب الخليج العربية.
هذا الخطر هو خطر يتهدد الأمن القومي العربي كله، ومن ثم، فان مواجهته ليست مهمة دول الخليج العربية وحدها وانما كل الدول العربية.
ولنا هنا ان نتساءل: أين جامعة الدول العربية من المواقف الإيرانية المعلنة في الأيام القليلة الماضية ضد البحرين وضد كل دول مجلس التعاون وإزاء تهديداتها لمجرد إعلان النية في قيام الاتحاد؟
لم نسمع ان الجامعة العربية أعلنت أي موقف حتى الآن إزاء هذا التهديد الإيراني.
هذا الصمت من الجامعة موقف معيب ولا يمكن قبوله على الإطلاق.
على أية حال، هذه بعض الجوانب الأساسية التي نرى انها ضرورية لمواجهة الخطر الإيراني وردع إيران وحماية مصالح دول وشعوب المنطقة.

ضرب الطار بالمقلوب

جمال زويد
أصبحت كما الاسطوانة المشروخة التي تثير الاشمئزاز، وأعني بها التصريحات التي تخرج علينا من الضفة الأخرى بشأن وجود مؤامرات أو مخططات أمريكية وصهيونية تدفعهم الى مقاومتها بالمسيرات والاعتراضات و(الظواهر الصوتية). يوم الجمعة الماضية دعت إيران مواطنيها بشكل رسمي الى التظاهر ضد الاتحاد الخليجي المزمع قيامه، وذلك يشكل تدخل سافر من الصعب أن يتكرر في أي مكان في العالم، وهو أن تعترض دولة ما على قيام اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي بين مجموعة دول أخرى!
الاسطوانة التي أعنيها هي ما أشار إليه إمام جمعة طهران المؤقت آية الله الشيخ كاظم صديقي إلى مخطط السعودية بضم البحرين، واصفا إياه بـ «مؤامرة مشؤومة» تُحاك بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية. وغني عن البيان أن مطبخاً شهيراً للمؤامرات الأمريكية والصهيونية قد تم اكتشاف وجوده في طهران، وأن طبخاته قد نضجت من هنالك، ليس افتراء ولا تدليساً أو تجنياً؛ وإنما حقيقة واقعة عبّر عنها قادة إيرانيون بأنفسهم وفق تصريحات ينبغي تكرارها وحفظها وعدم نسيانها.
القادة الإيرانيون الذين فضحوا تلك المؤامرات كانوا على رأس هرم السلطة هناك، منهم الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي صرّح لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ ٩/٢/٢٠٠٢ «إن القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنه لو لم تساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني».
ثم تبعه وأكد صحة كلام رفسنجاني السيد محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية الذي قال في تصريح مشهور جداً في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي بتاريخ ١٥/١/٢٠٠٤ «ان بلاده - يعني إيران - قدّمت الكثير من العوْن للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق» ومؤكدًا أنه «لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة».
ومن أراد معرفة المزيد عن المؤامرات التي تُحاك بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية يمكنه الاطلاع على كتاب «التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية» الذي أصدره «تريتا بارسي» رئيس المجلس القومي الأمريكي الإيراني، الذي يُعد أحد الخبراء في السياسة الخارجية الأمريكية. يُقال إن فيه كمّ غير قليل من تلك الفضائح التي تُحاك بضوء أخضر !!
سانحة:
تقدّر الأمم المتحدة عدد الشهداء في سوريا بعد مرور عام على ثورتهم المباركة بأكثر من تسعة آلاف شهيد.. فيما تواطأت عليهم كل قوى العالم يبقى شعارهم ودعاؤهم «ما لنا غيرك يا الله».

وداعاً للتقية

بثينة خليفة قاسم
الآن أصبحت الأمور أكثر وضوحا، فقد تخلى أصحاب التقية عن تقيتهم دون أن يدروا وانكشفت الأوضاع وأصبحت الحقيقة عارية تماما.
قبل ذلك كانوا يعملون في الخفاء ويضربون الوطن في الصميم ويهذبون انتماءهم لولاية الفقيه ويؤكدون على انتماءهم للبحرين وعروبتها، خاصة وهم أمام الكاميرات التلفزيونية، ولكن الوضع الآن اختلف بشكل جذري، فقد جهروا بصوت مرتفع ووضوح لا لبس فيه أن مرجعيتهم ليست مرجعية وطنية، وخرجوا في لحظة واحدة مع الفرس ليحتجوا على عروبة الوطن الذي آواهم ويقولوا لبيك لسادتهم على الشاطئ الشرقي.
إنها لحظة فرز تاريخية فشلت أمامها كل أدوات التقية العتيقة، فمن يملك مرجعية وطنية من الطبيعي أن يميل لعروبته ويفرح للاتحاد مع من يشتركون معه في الأصل والتاريخ واللغة والمصير المشترك، ومن يرتبط بولاية الفقيه التي تتلاشى أمامها كلمة وطن، سوف يصبح مجرد صدى لما يجري هناك في طهران وفي قم، وسوف يقول لبيك لملالي إيران وليس لبيك يا وطن.
نحن لا نصدق أن المظاهرات التي خرجت في البحرين يوم الجمعة تقصد الوطن البحريني كما كتب على اللافتات، ولكن المقصود هو الوطن الايراني والقائد الذي يقال له لبيك هو المرشد الأعلى للثورة (الاسلامية).
كذبوا على العالم وقالوا أن مناوشاتهم الطائفية جزء من الربيع العربي وصدقهم الذين لا يعرفون شيئا عن البحرين، ثم جاء اليوم الذي انفضح فيه هذا الكذب بعد أن أعلنوا ولاءهم الصريح لملالي إيران.
إذا كانت إيران تقف ضد الاتحاد بين البحرين والسعودية وضد الاتحاد الخليجي بشكل عام، فهذا طبيعي بالنسبة لدولة توسعية لها أجندة معينة تجاه جيرانها ولها خططها الخاصة بالفتنة الطائفية في المنطقة، وهي لا تريد لدول الخليج العربي أن تتحول إلى كيان واحد قوي، لأن هذا يفشل مشروعها، ولكنها تريدها ضعيفة متفرقة كالريشة في مهب الريح.
ولكن الذي ليس من الطبيعي، بالنسبة لأناس يتمتعون بالجنسية البحرينية ويدينون بالإسلام ويتحدثون العربية ويقيمون تحت سماء البحرين العربية أن يرفضوا اتحاد البحرين مع دول عربية مسلمة تشكل كيانا جغرافيا واحدا على الشاطئ الغربي للخليج العربي!
الذين يتجاهلون كل هذه الحقائق يجب أن يخجلوا من أنفسهم لأنهم أثبتوا بالدليل القاطع أنهم طابور خامس وليسوا مواطنين موالين للبلد الذي يحملون جنسيته!
هل الوحدة والتعاون والتكاتف ،اقتصاديا، وسياسيا ،وعسكريا، بين دول الخليج العربي حرام في شرعهم؟ أم أنهم يريدون تجاوز الجغرافيا والتاريخ واللغة والثقافة العربية ويسعون إلى وحدة أخرى على أساس طائفي عفن؟
إننا في هذه المناسبة ندعو إخواننا الشيعة العروبيين الذين يرفضون ولاية الفقيه ويرفضون التبعية لطهران وأطماعها، أن يعلنوها واضحة الآن وأن يقولوا “لا“ عالية وحاسمة للأطماع الصفوية التي تسعى للهيمنة على الخليج العربي، وأن يقولوا ”لا” لملالي إيران المتعصبين الكارهين للعروبة وأهلها.
ولابد أن يتذكر الجميع في هذه اللحظة الهامة أن إيران خربت العراق فوق رؤوس كل العراقيين سنة وشيعة ولم تخدم أحدا سوى نفسها، وسوف تظل هذه هي غايتها وهدفها في البحرين وفي غيرها.

إيران والاستفـاء على عروبـة الخليج

عبدالله الكعبي
لن أتطرق للمشاعر الجياشة التي عبر عنها البحرينيون أو الخليجيون على وجه العموم الداعمين لوحدة الخليج والتحول من التعاون إلى الاتحاد وإشادتهم بالخطوات العملية التي باركوها بقوة للشد من أزر قادتهم الذين خطوا الخطوة الصحيحة في الوقت المناسب لتجنيب الخليج العربي والأمة بكاملها ويلات التشرذم والشقاق والتشظي الذي عانت منه طوال تاريخها المعاصر، فمثل هذا التأييد أمر طبيعي لا يستغرب أن يصدر من أهل هذه الأرض الغيورين على وحدة أوطانهم والانتصار لها ضد أي مخطط يستهدفهم بشكل مباشر قبل أن يستهدف أنظمتهم السياسية.
ما يحتاج إلى وقفه هو ذلك الخروج عن المألوف الذي تبنته ثلة من الناس أخطأت سابقاً في حساباتها ولازالت تصر على ذلك الخطأ في الوقت الذي تدعي فيه الانتماء الكامل لهذا الوطن ولتلك المنظومة الخليجية المتفرعة من الوطن العربي الأم. فهذه المجموعة على ما يبدو فقدت كل ما لديها من حجج ولجأت في النهاية إلى التعبير عن ما تكنه دواخلها بمثل تلك الخطوات البائسة التي تعبر عن نفسها وعن النوايا الحقيقية التي غلفت تارة بالسلمية وتارة أخرى بوحدة الصف وعدم التفريق بين المذاهب.
لم يستغرب أحد ذلك التزامن بين مظاهرتي طهران وشارع البديع ولم يستطع المتابعين التفريق بين صور المظاهرتين اللتان حملتا نفس الشعارات والصور والدلالات الدالة على رفض الاتحاد الخليجي الذي يأتي في وقت غير مناسب بالنسبة لهم وهو الوقت الذي كانوا يعتزمون فيه إعلان اتحاد من نوع آخر يلحق البحرين بالجمهورية الإيرانية التي لم تسلم إلى الآن بإخفاق محاولاتها ولا تريد أن تظهر أمام جمهورها ومواليها بأن مخططاتها فشلت وذهبت أدراج الرياح.
الصراخ على قدر الألم هو أحسن توصيف للحالة الإيرانية الراهنة التي أصبحت تتخبط من دون أن تبصر أي نور أو ضوء في نهاية النفق المظلم الذي أدخلت نفسها فيه ولازالت تصر على أنه الطريق الأفضل بالنسبة لها لبلوغ أهدافها التي انكشفت أمام العالم أجمع ولم يعد هناك من يقف بجانبها سوى هذه المجموعات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك والتي إن لم تتنبه لموقع أقدامها فإنها ستجد نفسها عما قريب في نفس النفق الذي لا مخرج منه.
عروبة الخليج أو اتحاد دوله ليس شأناً إيرانياً ولا يمكن أن يكون كذلك. فإيران التي حاولت عبر سنواتها الماضية إرغام العالم على تسمية الخليج بالفارسي عادت اليوم لتقاضي محركات البحث وكل المقرين بعروبة الخليج في محاولة منها للضغط والترهيب والتخويف وهي السياسة التي ظنت إنها الأنسب لبلوغ المراد من وراء سياساتها الخاطئة. فالدعوات التي ترددت في طهران ووجدت لها صدى في شارع البديع كانت تنذر الدول العربية في الخليج من مغبة اتحادها وتلفت نظرها إلى ضرورة استشارة الشعوب وهو الأمر الذي تفتقده إيران التي حولت عبر سنوات حكمها الثلاثين الأخيرة الدولة بكاملها إلى زنزانة كبيرة حبست فيها الشعوب والمذاهب والقوميات والحريات والقوانين التي جيرت لصالح الثورة وأصحابها الذين كيفوا ما شاءوا أن يكيفوه لصالحهم حتى أضحت إيران أسوء بلد يمكن أن يعيش فيه إنسان لازال يمتلك ذرة من كرامة.
نصيحة للعقلاء في إيران إن وجدوا، أن يسعوا مخلصين لنصيحة قومهم لإعادة تلك الأحلام إلى قمقمها القديم ورميها من جديد في البحر، لأن خروجها إلى الملأ بهذه الصورة لم يعد مقبولاً ولا ينتظر منه نتائج تذكر وأن عليها الآن وليس بعد ذلك أن تحاول أن تتوسط لأتباعها ومريديها في كل دول العالم الإسلامي بأن يتم قبولهم في منظومات تلك الدول ويتناسوا إساءاتهم الكثيرة التي لم يوفروا منها شيئاً لليوم الأسود الذي يبدو أنه أصبح قريباً.
عروبة الخليج أو اتحاد دوله أو تحولها إلى ما يرون من منظومات هي شأن عربي لا شأن بالفرس وأعوانه فيه، وهو أمر يجب أن تفهمه إيران وكل القوى التي أرتنا في السنوات الماضية الكثير من سوء نواياها بنا وعملت على مسح وجودنا من الخريطة ولم تقدم في المقابل مبرراً لتلك الأعمال المشينة التي يجب أن تتوقف اليوم وتترك أهل الخليج ليحددوا مصائرهم بأنفسهم دون وصاية ولا مشورة تمليها تلك الأيادي الخبيثة.

كلام في الاتحاد الخليجي

نوف بوعلاي
لقد أثبتت الفرحة التي عمت الشعب الخليجي بتلقي الأنباء الاولى لاتحادٍ مرتقب بين دول الخليج مدى تطلع ذلك الشعب لتحقق مثل هذا الاتحاد وتطبيقه على ارض الواقع. وبالرغم من أن معظم الناس - على الأقل هنا في البحرين - توقعوا إعلان الاتحاد بعد انتهاء القمة التشاورية الأخيرة التي أقيمت في الرياض؛ إلا أنهم لا زالوا فرحين ومتحمسين بتأكيد المصادر الرسمية أن ذلك الاتحاد بات قريباً وأنه سيبصر النور قبل نهاية العام الحالي. وبالطبع هناك العديد من الإجراءات والامور التي يجب أخذها بعين الاعتبار؛ أهمها – من منظوري الشخصي – ثلاث.
أولها الاتحاد العسكري وتوحيد الجيوش الخليجية، فقد تعلمنا الدرس هنا في البحرين بأقسى الطرق،  واتضح لنا أن المطامع الخارجية فينا أكبر مما توقعنا، وأن النفوس التي تتربص بنا الشر والأذى أقذر مما خمنا؛ فوجب على الجهود الخليجية أن تتوحد في مجابهة تلك المطامع والأخطار المحدقة بها جميعهاً دون استثناء. لقد كشفت إيران عن وجهها الحقيقي مؤخراً وبشكلٍ سافر، وقد وصل الأمر فعلاً إلى حدٍ لا يمكن الصمت حياله؛ مما يجعل الاتحاد العسكري مطلباً ملحاً يتعين النظر فيه قبل أي أمرٍ آخر.
وثانيها العملة الموحدة، وهو مطلبٌ قديم تأخر تطبيقه كثيراً؛ وذلك أمرٌ مبرر نظراً لكون ارتباط كل عملة خليجية بالعملات العالمية وتأثرها بها مختلف عن العملات الخليجية الأخرى. إلا أنه حان الوقت لتحقيق ذلك المطلب في سبيل خلق اقتصادٍ خليجي قوي يتماشى مع الاتحاد المنتظر؛ فقوة الاقتصاد تضاهي القوة العسكرية في أي اتحاد، ولنا في الاتحاد الأوروبي خير مثال على ذلك. كما أن العملة الموحدة ستسهم في قيام سوقٍ خليجيةٍ مشتركة تصب مخرجاتها في مصلحة كل دولة من دول الخليج؛ ولا أعتقد أن أي دولة من تلك الدول ترفض مثل هذا الإسهام الجيد الذي سيعم بالخير على اقتصادها.
أما ثالثها فهو توحيد التمثيل الدبلوماسي لدول الخليج، بحيث يكون للاتحاد سفيرٌ واحد يمثله في الخارج، ويكون للدول الاخرى بالمثل سفيرٌ واحد يمثلها لدى الاتحاد. ومن متطلبات هذا التمثيل أن تتوحد جوازات الدول الخليجية أيضاً بحيث يكون لكل مواطن خليجي جواز خليجي يمثل انتمائه للاتحاد؛ وبذلك تُلغى جوازات السفر الخاصة بكل دولة خليجية وتسهل حركة النقل الشخصي والتجاري بين دول الاتحاد. كما يجب بالنتيجة أن يوحد نظام تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد، ولنا في الاتحاد الأوروبي أسوةٌ في ذلك أيضاً.
بالطبع هناك العديد من الأمور الاجتماعية والتعليمية والإعلامية والحياتية التي يجب أن يلتفت اليها الاتحاد المرتقب ويعمل على تحقيقها؛ ولكنني طرحت هنا ما أعتقد أنه أكثر أهمية من غيره في هذه المرحلة الدقيقة من عمر خليجنا الأبي وشعبه.
لنعمل على أن يكون الكيان الذي ستعلنه دول الخليج في الأيام القادمة أقرب للاتحاد من أي وقتٍ مضى ... وهذا هو ملح الكلام.

ترتيب العالم

    عماد الدين أديب
    القمة الأميركية - الفرنسية في واشنطن التي التقى فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره الفرنسي فرانسوا هولاند لأول مرة منذ فوز الأخير بالمنصب الرئاسي منذ أيام، بالغة الأهمية.
    في هذا اللقاء حدد هولاند منذ قبل دخوله البيت الأبيض كزائر أن مسألة انسحاب القوات الفرنسية من أفغانستان بنهاية العام الحالي هي مسألة غير قابلة للتفاوض. تلك المسألة كانت مثار اعتراضات أميركية على هولاند حينما كان مجرد مرشح غير معروفة قدراته أو حقيقة فرصه في الفوز. لذلك أصر هولاند منذ اللقاء الأول مع نظيره الأميركي على أن يحدد قواعد العلاقة، وهي أن الثوابت الوطنية الفرنسية التي قطعها على نفسه لا يمكن تعديلها أو الرجوع عنها حتى لو كان ذلك ضمن العلاقة الاستراتيجية التاريخية التي تربط فرنسا بالولايات المتحدة منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي قاد فيها الجيش الأميركي معارك تحرير فرنسا المحتلة من قوات النازي.
    ومنذ ساعات بدأت قمة دول حلف الأطلسي (الناتو) في شيكاغو والتي تعالج 4 قضايا شديدة الأهمية والتأثير على الوضع العالمي:

  1. الوضع الحالي في أفغانستان وتقسيم الوجود العددي للقوات الأطلسية وكيفية تدبير العجز البالغ أربعة مليارات دولار في موازنة هذه القوات.
  2. كيفية تعامل دول الأطلسي مع الوضع المتدهور في سوريا الذي أصبح يشكل تحديا لمجلس الأمن والدول الكبرى والمجتمع الدولي وهل يمكن تطبيق قواعد التعامل الدولي مع الحالة الليبية على الحالة السورية؟
  3. مدى نجاح إجراءات الحظر الاقتصادي العقابية التي اتخذتها الدول الكبرى ضد إيران وتأثيراتها الفعلية في إجبار صانع القرار في طهران على إعادة النظر في مواقفه المتصلبة الخاصة بالتصنيع النووي وتهديد المنطقة والعالم.
  4. المسألة الأخيرة وهي لا تقل عما سبق، وهي تقييم الموقف الحالي من آثار الدعم الأوروبي المالي لليونان وإسبانيا وآثار ذلك على اقتصاد منطقة اليورو والعالم. تأتي هذه الاجتماعات، وهناك رئيس جديد في روسيا والصين وفرنسا، وهناك رئيس أميركي تحت اختبار الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتأتي أيضا في ظل ائتلاف جديد في إسرائيل بين نتنياهو وموفاز مما يعطي قوة إضافية هائلة كي يفعل نتنياهو كل ما يريد في الاستيطان وضرب غزة وضم القدس والتملص من اتفاقات السلام مع أبو مازن، والعمل الجدي على مشروع ضرب إيران. ولا يخفى على الجميع أن أول تأكيد عن أن هناك مشروعا إسرائيليا جادا لضرب إيران جاء على لسان السفير الأميركي لدى إسرائيل منذ 3 أيام.

عالم مأزوم يعيد ترتيب أوراقه اليوم في شيكاغو، ومهما كانت القرارات، فهي بالتأكيد ستكون على حسابنا، نحن الطرف الغائب تماما عن الحضور أو التحضير!

عندما تطبق الثورة عكس مبادئها

سليمان جودة
حين يطالع القارئ هذه السطور، سوف نكون على مسافة 72 ساعة من أول انتخابات رئاسية في القاهرة، بعد الثورة، وبما أننا نتكلم عن «ثورة» ثم عن أول انتخابات بعدها، فمن الطبيعي أن نتساءل عما إذا كانت مبادئ هذه الثورة متحققة في انتخاباتها الرئاسية أم لا؟!
أطرح السؤال، وفي ذهني ما كان إحسان عبد القدوس قد كتبه عام 1986؟ عندما وضع كتابا في ذلك التاريخ، متسائلا بدوره فيه، عما إذا كانت مبادئ ثورة يوليو 1952 الستة الشهيرة، قد تحققت كلها، أو بعضها، بعد 34 عاما من قيام «يوليو»؟ أم أن المبادئ الستة بقيت في مكانها لا تتحرك ولا تتحقق في حياة الناس.
لو أنت تناولت كتاب إحسان، ثم تصفحته سريعا، فسوف تكتشف أن الإجابة عن السؤال المطروح في أولى صفحاته، كانت بالسالب في آخر صفحة، وأن صاحب الكتاب عندما راح يستعرض المبادئ إياها، مبدأ وراء مبدأ، لم يقع على شيء منها في حياة المصريين!
ما نعرفه، أن ثورة يناير 2011؟ كانت لها مبادئ ثلاثة، ابتداء من «الحرية» ومرورا بـ«الكرامة الإنسانية» وانتهاء بـ«العدالة الاجتماعية» وهي كما ترى، تكاد تتشابه مع مبادئ ثلاثة أخرى، كانت الثورة الفرنسية قد قامت عليها نهاية القرن الثامن عشر، وهي: الحرية، الإخاء، المساواة.
لكن.. ما يلفت النظر بقوة في مبادئنا الثلاثة نحن، عام 2011؟ أنها شأنها شأن الثورة، لا تستند إلى قوة أو قيادة تستطيع أن تعمل طول الوقت على تحقيقها، بحيث لا تتوه وسط زحام التفاصيل، وبحيث لا تنحرف عن مسار الثورة ذاتها.
وقد كان من نتيجة ذلك، أننا نقرأ يوما بعد يوم، أشياء منسوبة إلى الثورة، لا يجوز أن تنتسب إليها.
إننا لو تصرفنا بمنطق سقراط، الذي كان أول ما يفعله قبل الانخراط في أي كلام، أنه كان يحدد ابتداء معاني الكلمات التي سوف يدور حولها أي حوار.. لو أخذنا بهذا المنطق، فإن علينا أن نتساءل عن معنى المبدأ الأول من مبادئ الثورة، وهو «الحرية».. وسوف لا يختلف اثنان، في ظني، حول معنى هذه الكلمة، أو هذا المبدأ عموما.. إذ هو يعني، فيما يعني، حق كل إنسان في أن يعبِّر عن رأيه، كما يشاء، بشرط أن يقترن هذا التعبير عن الرأي طبعا، بالمسؤولية.. بمعنى ألا يؤدي تعبيرك عن رأيك، إلى إلحاق أذى بغيرك!
إذا اتفقنا على هذا، وأعتقد أننا سوف نتفق، فإن علينا أن ننتقل، بعد ذلك، إلى الشق الثاني الأهم، وهو أن نبحث عما إذا كان معنى هذا المبدأ، بهذا التحديد الواضح، قائما على الأرض، أم أن ما هو قائم، يكاد يكون على العكس منه تماما!
المراجعة السريعة لما قيل، ولا يزال يقال، طوال أيام مضت، من جانب قوى ثورية منتسبة إلى ثورة، تجاه مرشحين رئاسيين مطروحين في الملعب السياسي على الناخب، ينطق بأن ما قامت الثورة من أجله، وما نادت ولا تزال تنادي به، بعيد عما تمارسه قوى ثورية، وتقوله باسم الثورة!.. وإلا.. فما معنى أن يقال على لسان هذه القوى إن فلانا من بين المرشحين الرئاسيين، إذا نجح، فسوف نقوم وندعو إلى ثورة ثانية ضده، لا لشيء، إلا لأن ذلك المرشح محسوب في عُرف الذين لا يؤيدونه، على نظام الرئيس السابق حسني مبارك بشكل أو بآخر!
لا أتكلم هنا عن المرشح الرئاسي إياه، وإنما أتكلم عن الناخب الذي قد ينتخبه، ثم يفاجأ هذا الناخب نفسه، بأن الذين قاموا بالثورة، في يناير (كانون الثاني) 2011؟ أو بعضهم على الأقل، يعاقبه، لأنه كناخب، مرة أخرى، قد راح يمارس حقه في اختيار المرشح الرئاسي الذي يراه، ويقتنع ببرنامجه ويعجبه تفكيره!
أين، إذن، مبدأ الثورة الأول هنا، إذا كان الناخبون الذين سوف يختارون مرشحهم الرئاسي، على غير ما تحب القوى الثورية المدافعة عن الثورة، سوف يواجهون عقوبة جماعية تتمثل في الدعوة إلى ثورة ضد مرشحهم بعد فوزه؟! هل نعاقب، هنا، المرشح، أم نعاقب الناخبين أنفسهم، وننكر عليهم حقهم في الاختيار الحر، ونمارس وصاية مسبقة على عقولهم، ونخيرهم بين أن يختاروا المرشح الذي نريده نحن، كقوى ثورية، وبين أن نثور على مرشحهم الذي اختاروه، بمحض إرادتهم، ومن خلال صندوق الانتخابات وحده؟!
إن ميزة الديمقراطية كعملية مكتملة، أنها قادرة، من خلال أطرافها المختلفة، على أن تصحح نفسها بنفسها، وأن تستعيد توازنها في مرة لاحقة، بعد أن تكون قد افتقدته في مرة سابقة، ويظل ممارسوها عبر طريق طويل من التراكم، يخطئون، ويصححون، حتى يصلوا في النهاية، إلى صيغة هي الأفضل، لا الأمثل.. فلم يصل العالم، بعد، إلى صيغة مثالية من الديمقراطية، في اختيار الحكام.
لذلك، يبدو الذين يعترضون على اختيار الناخبين لمرشح معين، وكأنهم، أقصد المعترضين من بين قوى الثورة، يعتقدون في قدرة المواطن الناخب على الاختيار الدقيق والموفق، من أول مرة.. وهذا بطبيعة الحال، غير صحيح.. فالممارسة وحدها، ثم مداها الزمني، وعمقها، ونضجها، هي مجتمعة التي تحدد، كعناصر متكاملة، إلى أي حد يستطيع المواطن أن يصيب، حين يكون عليه أن يذهب إلى صندوق الاقتراع ليختار.
لا نزال في «سنة ثانية ثورة» إذا جاز التعبير، وأمامنا فرصة كبيرة في اتجاه تجسيد مبادئ الثورة على الأرض، وعلينا في الوقت نفسه أن نتعلم من تجربة ثورة يوليو، ومن تجربة إحسان عبد القدوس معها، بكتابه المهم «البحث عن الثورة» حتى لا يدور الزمان دورته، وتمضي 34 عاما أخرى، مثل تلك التي كانت قد مضت بين إحسان وكتابه من ناحية، وبين «يوليو» من ناحية أخرى، ليتبين لنا، وقتها، أن ثورة يوليو، كتجربة، لم يكن لها عائد، في مسيرة ثورة يناير، وأن ما كان عبد القدوس يبحث عنه، في جدوى «يوليو» عام 1986؟ يمكن أن نظل نحن نبحث عنه، بالكيفية ذاتها، في حصيلة «يناير»؟ مع ما بين الثورتين من سنين طوال، لا يليق بنا أن تمر دون حصيلة علمية في حياتنا.. الثورة تقوم، لتطبق مبادئها، لا لتنحرف عنها، مع مرور الوقت، ولا لتذهب إلى عكسها، ربما دون أن تدري!

ارتباكات المعارضة السورية

فايز سارة
شهدت ساحة المعارضة السورية في الفترة الأخيرة أحداثا وتطورات، عكست واقع الارتباك الذي تعيشه المعارضة السورية منذ انطلاقة ثورة السوريين في مارس (آذار) 2011، والأهم في تلك الأحداث، كان عدم انعقاد ملتقى المعارضة السورية في القاهرة الذي دعت إليه جامعة الدول العربية الأسبوع الماضي، والثاني تمثل في الخلافات التي طفت على السطح في المجلس الوطني السوري عقب اجتماعه الأخير في روما، وقراره تجديد رئاسة برهان غليون للمجلس الوطني.
ورغم أهمية الظروف التي أحاطت بالحدثين الأخيرين، وما يتمخض عنهما من تبعات سياسية وتنظيمية تتعلق بالمعارضة السورية من حيث موقعها ودورها في الصراع الدائر في سوريا وحولها، فإن من المهم العودة للعوامل، التي سببت وتسبب ارتباكات المعارضة السورية، والتي يمكن إجمالها في ثلاثة أسباب:
يتصل أولها بالعوامل الذاتية المحيطة بالمعارضة، وأساسها قائم في ضعف المعارضة وتنظيماتها، وهي التي عاشت عقودا متواصلة من الحظر والملاحقة والعيش في ظل العمل السري وخاصة مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963، وكلها أسباب لم تسمح لجماعات المعارضة بالسير في سياق تطور طبيعي في مستويات إعداد كادراتها، وإنضاج خططها الفكرية والسياسية والتنظيمية، ولا أن تكون طبيعية في ميدان الممارسة السياسية سواء في علاقاتها الداخلية أو في مستوى علاقاتها مع المجتمع والسلطة، كما في علاقاتها الخارجية على تعددها وتنوع مستوياتها.
وحيث إن أمر جماعات المعارضة بدا على هذا النحو من سوء الأوضاع الذاتية، فقد فتح الباب أمام ظهور شخصيات معارضة، أكثر من ظهور جماعات، وهو أمر يفسره أحيانا إطلاق اسم شخص معارض على تنظيم سياسي، والأمثلة في هذا كثيرة، وقد فتح ذلك الباب لظهور مرض الفردية السياسية الذي يكاد يميز العمل السياسي والمعارض بشكل خاص في سوريا.
ويتصل ثاني أسباب ارتباكات المعارضة في السياسة التي طبقها النظام الحاكم في التعامل مع السياسة وفكرها وشخصياتها، حيث تم تهميش السياسة وصولا إلى تغييبها، وإحلال الأمني محلها، وجرى استبعاد وتهميش رجال السياسة، وصولا إلى نفيهم، وتزامن مع ما سبق الهجوم على الجماعات والأحزاب السياسية فتم حظرها وملاحقتها، ولم يقتصر الحظر والملاحقة على العائلات الآيديولوجية المختلفة مع البعث باعتباره حزب النظام مثل الإسلاميين من الإخوان المسلمين وحزب التحرير، والشيوعيين بتنوعهم والقوميين السوريين والليبراليين، بل شمل القوميين من القوميين العرب إلى انشقاقات البعث، التي كثيرا ما صنفت باعتبارها العدو رقم واحد للنظام.
ولم تفلت من طوق الملاحقة والتهميش القوى والجماعات المتحالفة مع النظام وحزبه في إطار الجبهة الوطنية التقدمية بما فيها حزب البعث الحاكم الذي تم تدمير نخبته السياسية والثقافية وإحلال الأمنيين ومن في حكمهم في مكانة النخبة.
والسبب الثالث في ارتباكات المعارضة السورية، يكمن في التدخلات الخارجية التي طرأت على بعض جماعاتها ومن خلال بعض الشخصيات السورية في الخارج، وكثير منهم ممن عاشوا واستقروا في الخارج منذ عقود، وقد شجعتهم انطلاقة ثورة السوريين على الانخراط في الشأن السوري، والتوجه إلى ساحة العمل المعارض، لكنهم حملوا مع مجيئهم ظروفهم وعلاقاتهم، وألقوا بها في إطار جماعات وكتل ضعيفة في بناها وأدائها في مواجهة مهام صعبة ومعقدة.
غير أن التدخلات الخارجية، لم تقتصر على شخصيات وافدة إلى المعارضة، بل امتدت إلى تدخلات دول ومؤسسات، يمكن أن ينعكس التغيير في سوريا سلبا أو إيجابا على مصالحها، ويمكن ملاحظة التعبيرات المباشرة لهذه التدخلات في تصريحات مسؤولين عرب وأجانب وفي تصريحات قادة من المعارضة السورية، كما يمكن ملاحظة تعبير آخر من تلك التدخلات في سلسلة المؤتمرات التي عقدتها جماعات وكتل معارضة في العديد من العواصم العربية والأجنبية.
إن تلك الأسباب، لا تفسر الارتباكات التي تحيط بالمعارضة السورية فحسب، إنما تفسر أيضا دورها الضعيف في ثورة السوريين، وغياب فاعليتها في قيادة حراكهم أو في التأثير عليه، كما تفسر عجز المعارضة عن وحدة قواها ليس بالمعنى الفكري والتنظيمي، فهذا أمر مستحيل وغير مطلوب، وإنما تحقيق الوحدة بمستوى البرنامج السياسي أو بمستوى توافقات سياسية مرحلية، وهو أمر سيكون في مصلحة سوريا والسوريين، لأن توفر ذلك، يمكن أن يرد عن سوريا والسوريين تبعات السقوط الحر للنظام والذي لا يمكن تقدير نتائجه وتداعياته الخطرة.
إن وقائع الإرباك وما يمكن أن يتمخض عنها من زيادة التردي في أوضاع المعارضة السورية وزيادة معاناة السوريين في ظل الأزمة الراهنة، يتطلب الذهاب إلى علاجات عاجلة من جهة وأخرى في المدى البعيد، ولعل الأهم في العلاجات العاجلة، يكمن في سعي الأكثر إخلاصا من الجماعات والشخصيات نحو توفير أجواء إيجابية تنبذ الخلافات وتحاصرها، وتسعى إلى توفير مستويات أعلى للتوافقات على أرضية المصلحة الوطنية، والعمل على إعطاء الداخل السوري ولا سيما الحراك الشعبي والشباب خصوصا وزنا أكبر في تحليل الأزمة ورسم ملامح الخروج منها والقيام بدور أكبر في العملية السياسية المقبلة، ويندرج في إطار المعالجة العاجلة توجه المعارضة السورية نحو مزيد من الاستقلالية عن الخارج للأفراد والجماعات والكتل وتغليب الوطنية السورية على ما عداها، وجعلها الأساس الذي تنطلق منه العلاقات مع الآخرين من مؤسسات وهيئات ودول.
أما في الإجراءات البعيدة الأثر في معالجة ارتباكات المعارضة، فإن الأبرز فيها تقوية روح المؤسسات والهياكل السياسية وتعزيز دورها وجعله فوق دور الأفراد، وإطلاق روح الديمقراطية والحوار والتقارب في الحياة العامة والسياسية على وجه الخصوص، وإقامة معاهد لتدريب ورفع قدرات الكادرات العاملة في الشأن العام، وخاصة في الجماعات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، إضافة للاستعانة بما تقدمه مراكز أو معاهد قائمة في بلدان عربية وأجنبية مهتمة من مساعدة في مجال تدريب ورفع قدرات الكوادر السورية.

سوريا.. طرابلس هي قندهار

عبد الرحمن الراشد
المواجهات المتقطعة في شمال لبنان، تحديدا طرابلس، يمكن أن نفسرها بأنها امتداد طبيعي للتوتر القائم في الدولة الجارة سوريا. هنا يسكن علويون مع سنة، في وقت يعتبر البعض أن ما يحدث في سوريا الآن صراع بين الطائفتين، أو هكذا يحرص البعض على رسم الأحداث. والنظام السوري منذ مطلع الثورة يحاول تفجير الوضع في مناطق التماس هذه وجر لبنان إلى حرب أهلية، لكن رغم التوتر والاشتباكات المتقطعة بقي الشمال، بما فيه جبل محسن وباب التبانة، حيث يشتبك المتطرفون من الجانبين، هادئا نسبيا. إلا أن النظام السوري يريد أن يقنع العالم بقصته الوحيدة وهي أنه لا يحارب ثوارا بل جماعات إرهابية، القشة التي يتعلق بها لكسب تأييد الغرب. يقول إذا كان الثوار هم «القاعدة» فإن طرابلس هي «قندهار»، وأن الخليجيين يمولون العمليات الإرهابية ضد النظام السوري. خدمة لهذا الفيلم الرديء قامت عناصر من حزب الله، ضمن جهاز الأمن العام اللبناني، بالقبض على شخص اسمه شادي المولوي. ولأنه سني يسكن في منطقة سنية وضعت له كمينا حتى يأتي إلى مكتب زعيم سني هو محمد الصفدي وطلبوا منه الحضور ليتسلم منه مساعدة اجتماعية وهناك تم القبض عليه.
وحتى قبل أن يبدأ التحقيق معه أطلق السوريون أخبارا رددتها وسائل الإعلام اللبنانية الموالية لهم، تقول إنه من «القاعدة»، ويقوم بتمويل عمليات ضد النظام السوري. وحتى تبدو القصة متكاملة ألقي القبض على مواطن قطري جاء للعلاج، بحجة أنه جاء للبنان لتمويل «القاعدة» لمقاتلة نظام الأسد وهو من موّل مولوي. تدخلت الأطراف مستنكرة هذه الرواية السخيفة، هل يعقل أن يذهب شيخ قطري إلى لبنان لتمويل «القاعدة» دون أن يخشى أن يفتضح أمره؟ فالتسلل تهريبا إلى سوريا والعمل ضد النظام أهون من دخول خليجي إلى لبنان للقيام بأعمال مضادة لسوريا، حيث تغص بيروت بأجهزة الأمن والمخابرات التابعة للنظام السوري.
وعندما سئل الذين قبضوا على الشاب مولوي كيف أخذوا اعترافاته دون محام قالوا إنه رفض توكيل محام عن نفسه، ثم بعد التواصل معه اكتشفوا العكس تماما. طبعا الروايات المنسوبة إليه كلها رواية عناصر في الأمن اللبناني الموالي للنظام السوري تحاول بشكل حثيث بناء رواية تقول إن شمال لبنان تحول إلى أرض لـ«القاعدة»، وإن الخليجيين في لبنان هدفهم تمويل الإرهابيين. والنتيجة من هذا التسلط السوري، وتواطؤ حزب الله معه، أن أصدرت الدول الخليجية أمس تحذيراتها لمواطنيها بالامتناع عن السفر إلى لبنان لأنه لم يعد بلدا آمنا. هذا ما يريده النظام السوري، تصدير الفوضى إلى لبنان وتخريبه ونحن على أبواب الإجازة الصيفية.
منذ بداية الثورة السورية والأجهزة الأمنية السورية تعمل مع حلفائها في لبنان على تحقيق هدفين؛ الأول توسيع دائرة الأزمة بحيث تشمل الجار الصغير لبنان. والهدف الثاني السيطرة عليه وتمكين حلفائها من التحكم فيه مستفيدة من ضعف الحكومة الحالية. المؤشر الخطير في قصة الثنائي (مولوي - عطية) ليس ما ترتكبه الأجهزة الأمنية السورية بل خضوع الأمن اللبناني وسكوت المؤسسات الرسمية اللبنانية الأخرى عن هذه الخروقات الخطيرة. ومع أنه أطلق سراح القطري وغادر إلى بلاده فإن النظام السوري حقق مبتغاه بضرب الاقتصاد اللبناني وإدخاله في دائرة الفوضى.

وحلب ليست مفاجئة

طارق الحميد
مستفز رد فعل المجتمع الدولي، وكذلك الإعلام الغربي والعربي، تجاه انفجار المظاهرات الضخمة في حلب، وعندما نقول مستفزا فذلك لأن الجميع بات يردد أن حلب فاجأت الجميع، وهذا غير صحيح، فقد تكون حلب فاجأت النظام الأسدي لأنه منفصل عن الواقع، لكن ما كان يجب أن تفاجئ الإعلام والمجتمع الدولي.
فعندما تستمر ثورة لأكثر من أربعة عشر شهرا، مثل الثورة السورية، في بلد يحكمه نظام قمعي، وطائفي، فذلك يعني، وبكل وضوح، أن تحت الرماد نارا حقيقية، وأن للثورة أسبابها. وعندما نقول إن ردود الفعل تجاه مظاهرات حلب مستفزة، فلأن البعض، بل كثرا، استمرأوا التعبير عن التفاجؤ، وطوال الثورة السورية، بل في جل الأحداث الجسام بمنطقتنا، سواء ما هو قبل عقدين من الزمان، أو ما هو خلال العشر سنوات المقبلة. ومع الاحترام لكل من قال، ويقول، بأن أحدا لم يكن ليتنبأ بما حدث مما يسمى الربيع العربي، فإن مجريات الأمور بمنطقتنا، ومنذ احتلال صدام حسين للكويت، وحتى قبل عام، بل إلى اليوم، توحي بأن هناك لحظة انفجار حقيقية مقبلة للمنطقة، ومن يعود لما كتب بصحيفتنا وغيرها، سيجد ألف تحذير وتحذير.
فالسياسة، بشكلها التطبيقي، ليست نشرة أحوال جوية، بل يمكن توقع نتائجها، خاطئة، أو متهورة، أو صائبة، فلو أراد أي باحث جاد، مثلا، دراسة أوضاع منطقتنا فسيبدأ من لحظة احتلال صدام للكويت، وربما قبل، ليجد أن «قشرة» الأرضية السياسية للأمن العربي، والعلاقات بين العرب، قد اختلت، أو تصدعت، وبالتالي فإن سيلا من الزلازل سيضرب المنطقة، والقصة هنا ليست قصة هل تكون الزلازل بثورات، أو انقلابات، أو انهيارات، فهذه مماحكة أكثر من كونها تفاصيل، وهناك مثل شعبي جميل بالسعودية يقول: «طحت أو طيحك الجمل؟ قال قدني وصلت الأرض»، وبمعنى آخر، فمن لم يمت بالسيف مات بغيره!
فإذا تأملنا، مثلا، الإرهاب الذي ضرب المنطقة، فالقصة تعود إلى الخطأ الذي ارتكب بعد ما سمي بالجهاد في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، حيث لم يهتم أحد بعد تلك الحرب بالمقاتلين الأجانب هناك، أو المرحلة الانتقالية بأفغانستان. والأمر نفسه باليمن، فكل المؤشرات، ومنذ سنين طويلة، تقول إن اليمن ذاهب لأزمة حقيقية ستنعكس على دول الجوار، وخذ أبسط مثال الحوثيين. وبمصر كانت أزمة التوريث، والفساد، مع الانفجار السكاني، والفقر، والبطالة، كلها تعد بمثابة وصفة الموت لأي نظام. والأمر نفسه مع إيران، ومنذ الثورة الخمينية، حيث عانت المنطقة من استنزاف واختراق، من قبل إيران، وانتشر بمنطقتنا داء الطائفية القاتل، وكان كثر يستهترون بهذا الأمر، دولا ونخبا، واليوم ها نحن نواجه إيران باليمن والبحرين والعراق، وليس لبنان وحسب، وقد يذهل البعض عندما يجد على الـ«يوتيوب» شريطا للراحل جمال عبد الناصر يحذر فيه من تحويل الجيش السوري إلى طائفي، حيث تمكين العلويين فيه على حساب باقي الطوائف بسوريا!
المراد قوله إنه آن الأوان لنكف عن المفاجأة، ونشرع في تفعيل العمل المؤسسي، رصدا، وتحليلا، وتفاعلا مع الأحداث، وأهمها عربيا اليوم هو التصدي للنظام الدموي بسوريا؛ لأنه يهدد أمن كل منطقتنا.