Saturday, May 19, 2012

إيران با خوزستان زنده است

يوسف البنخليل
لا أحبذ تماماً الكتابة بلغة أخرى غير العربية باعتبارها اللغة التي تمثل هويتنا البحرينية المستمدة من الانتماء العربي الإسلامي. ولكنني أجد نفسي مضطراً لكتابة عنوان مقالي اليوم باللغة الفارسية، وهي مقولة قالها الرئيس الإيراني السابق سيد محمد خاتمي وتعني (إيران تحيا بخوزستان). إذا صحت هذه المقولة ـ وأعتقد أنها تصح ـ فإنها تعكس لنا أهمية إقليم الأحواز لإيران سابقاً وحاضراً ومستقبلاً، وهي حقيقة تدفعنا لمعرفة العمق الذي يشكله الأحواز لإيران وهو ما يشكل استهدافاً سهلاً لإيران من قبل دول مجلس التعاون الخليجي إذا كانت هناك رغبة حقيقية في تصحيح الوضع التاريخي لهذا الإقليم العربي المحتل من قبل إيران منذ عقود طويلة. دول مجلس التعاون الخليجي ليست بحاجة لمواجهة عسكرية مع إيران حالياً أو مستقبلاً، ولكنها بحاجة لمواجهة سياسية واقتصادية مع طهران أكثر من أي وقت مضى، فليس من المنطقي وليس من المتوقع أن تكون طهران دولة (جارة) إلا إذا كان هذا شعاراً إعلامياً أو دبلوماسياً يتم التصريح به من خلال الدبلوماسيين والإعلاميين بين وقت وآخر. هذه هي الحقيقة التي على بلدان مجلس التعاون تقبلها وعدم التعامل معها بمجاملة أكثر من السابق. جميع حكومات دول الخليج تدرك هذه الحقيقة جيداً، ولا يعني ذلك أن المصالح القائمة والمشتركة بين الجانبين تعد عاملاً لعدم التعامل مع السياسة العدائية لطهران تجاه دول مجلس التعاون، فحجم تدخلاتها في الشؤون الداخلية للمنامة والكويت واضحة، وكذلك الحال بالنسبة لموقفها العدائي تجاه الجزر الإماراتية العربية الثلاث من خلال احتلالها. فلا معنى للمصالح الخليجية الإيرانية المشتركة مادامت طهران تتعامل بعدائية مع دول مجلس التعاون. وتحويل إيران (الجارة) إلى دولة غير صديقة بات ضرورة ملحة في مثل هذا الوقت الذي تتجه فيه بلدان المجلس إلى التعامل بجدية مع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية بشكل غير تقليدي من خلال مشروع الكونفدرالية الخليجية الذي تتحفظ عليه إيران علناً وتدعو أنصار ولاية الفقيه لديها ولدى كافة قواعدها في بلدان المجلس إلى مناهضته علانية. قد لا تروق مثل هذه الأفكار لحكومات دول الخليج العربي، ولكن يمكن تنفيذها عبر مراحل سريعة تقوم على تغيير اتجاهات الرأي العام الخليجي لتكوين نظرة رمزية لإقليم الأحواز بحيث يتحول سريعاً إلى قضية شعبية خليجية يمكن الضغط من خلالها على حكومات الخليج للتحرك باتخاذ خطوات فعلية تجاه هذا الملف المسكوت عنه منذ عقود.

لبيك يا بحرين.. أم لبيك يا إيران

فيصل الشيخ
لا يغرد، بل «ينشز» قيادي بإحدى الجمعيات التي تدين للوفاق بالولاء والطاعة بأن إيران هي من يقف مع الثورة البحرينية وأن كل من ينتقد الموقف الإيراني مشكوك في إخلاصه! والله عجيب! في الوقت نفسه تخرج مظاهرات في إيران بأوامر من النظام هناك لتتزامن مع مظاهرة هنا يدعو لها حزب الله الإيراني «فرع البحرين» بهدف واحد تم «التوافق عليه» وهو التنديد بالاتحاد الخليجي. يخرج الإيرانيون في وسائل إعلامهم ومن خلال مسؤولين رفيعي المستوى ليقولوا بأن البحرينيين يريدون الانضمام لإيران! ويقول عناصر في برلمانهم بأن البحرين الولاية التي يجب إعادتها لوطنها الأم، في مقابل ذلك لا يُسمع لمواليهم في البحرين أي صوت أو يقرأ لهم أي حرف رافض لذلك وكأنهم يقرون بكل ما قيل، لكن حينما يتعلق الموضوع بالاتحاد الخليجي وبالأخص حينما يكون الحديث عن الشقيقة السعودية فإن قيامتهم تقوم وثائرتهم تثور. مسيرة أمس، هل هي بالفعل معنية بالبحرين؟! هل هي بالفعل مسيرة «لبيك يا وطن»؟! أم هي مسيرة متطابقة مع المسيرات في إيران بهدف مناهضة فكرة الاتحاد الخليجي؟! الأمور واضحة تماماً ولا تحتاج لخبير حتى يكتشف نوع العلاقة، حتى يحدد القواسم بين المواقف والخطابات للانقلابيين في الداخل ولذوي الأطماع الاحتلالية من الخارج. تقارن ردات الفعل فتستغرب ادعاء الوطنية من أناس يثبتون لنا يومياً بأن لا وطن يهمهم، ولا هوية تعنيهم، ولا عروبة ولا انتماء خليجي ضمن أولوياتهم، في جانب آخر يثبتون بأن التصاقهم بإيران أكثر، قبولهم بما يصدر عنها أمر مفضوح، حتى لو هددت إيران صراحة بغزو البحرين فلن تسمع لهم صوتاً. بعضهم يحاول حفظ ماء وجهه فيقول بعمومية مفهومة بواعثها: «نرفض التدخلات من كل طرف». يتحدث عن السعودية بصوت عالٍ مسموع ويذكرها بالاسم ويقول عنها في الفضائيات إنها دولة محتلة، بينما لا يأتي اسم إيران على لسانه رغم أن الفارق بيّن، فليست السعودية من قالت بأن البحرين ولاية من ولاياتها، وليس مسؤولوها الذين قالوا بأن البحرينيين يريدون الانضمام للسعودية، كل هذه الأمور صدرت من إيران، وهم يعلمون، لكنهم لا يجرؤون على الاستنكار والإدانة. إن كنتم تنتظرون إدانة وفاقية للتصريحات الإيرانية ذات النزعة الاحتلالية الواضحة فأنتم تتوهمون، إذ إن قاموا بهذه الخطوة وأغضبوا من يعترف بعض عناصرهم التحريضية بأنها الدولة التي تقف معهم، فهل تظنون أن الدعم الإيراني الإعلامي سيستمر، وهل تظنون بأن أية إمدادات لهم أن تتخيلوها ستتواصل؟! لا يمكن أبداً للعبد أن يخالف سيده، وهم بموقفهم اليوم الخائف من قول كلمة حق تفرضها الوطنية ضد من يهدد وطننا صراحة وبكل وضوح يؤكدون ولاءهم وانتماءهم لمن يمتلك النوايا الاحتلالية الصريحة. أحد البسطاء يقول: «ظننت بأن مسيرة أمس ستخرج للتنديد بالتطاول الإيراني لسيادة البحرين، ستخرج لتدين بقوة ادعائهم بأن البحرينيين يريدون الانضمام لنظام طهران، ستخرج لتقول بصوت قوي بأن لا شأن لإيران بنا، لكن للأسف هي مسيرة داعمة لإيران أصلاً، متسقة مع دعوة النظام الإيراني للتظاهر ضد الاتحاد الخليجي، بالتالي هي مسيرة لبيك يا إيران». من يريد أن يقول إنه بحريني ووطني، وأنه عربي خليجي، لسنا نقول له اثبت ذلك بأنك موافق على الاتحاد، إذ لك كل الحرية أن تعرب عن رأيك، لكن أقلها اثبت أنك بحريني ولا شيء آخر بالتصدي لمن يصرح بشكل واضح وصريح ضد أرضك، وضد استقلالها، ومن يعتبر أنك تابع له ومن يرى أرضك بأنها جزء من أرضك. حتى بيان خجول هزيل يدين ما صدر عن إيران لم نجد له أثراً. وبعد كل هذه الأمور مازالوا يستميتون لنفي ارتباطهم بجارة الشمال. ما فعلوه أمس لن يرسل رسالة للمكونات الأخرى مضمونها بأن هذا حراك رافض للاتحاد الخليجي فقط، بل يرسل رسالة أخرى مضمونها مختلف ويتحمل تداعيات أخطر، كونها تمثل قبولاً بالتطاول الإيراني على سيادة البحرين، قبولاً بادعائهم أن البحرينيين يريدون الانضمام لهم، تأكيداً في خلاصة الأمر بأن هناك منهم من ولاؤه لا يتجه للبحرين أبداً، بل للدولة التي تريد ضم البحرين لها ومسخ هويتها. كل الأمور واضحة والأوراق مكشوفة، بالتالي ليت الشجاعة تواجدت لرفع شعار حقيقي وواقعي، لأنها أبداً لم تكن مسيرة للوطن البحرين، وكيف تكون مسيرة «لبيك يا وطن» وهي لم تدافع عن الوطن ضد «الطامع الحقيقي» ضد «المستهدف الصريح» الذي كشف عن نواياه وأطماعه بصريح العبارة وبوضوح الموقف؟!

للشورى الإيراني.. البحرين حـرة عربية مستقلة

نجاة المضحكي
أكد بيان الشورى الإيراني بشأن الاتحاد الخليجي على استقلال وسيادة البحرين، حيث ذكر بالحرف “إن البحرين بلد إسلامي عربي مستقل وعضو في منظمة الأمم المتحدة”، إذ إن تأكيد استقلال البحرين هو رد على ادعاء الشورى الإيراني نفسه “بأن إيران أولى بالبحرين من السعودية حيث كانت البحرين المحافظة 14 لإيران”. نقول للشوري الإيراني؛ أولاً المحافظة بتعريفها الجغرافي أن تكون حدودها متصلة بأرض الدولة، والبحرين ليس لها اتصال حدودي بري ولا بحري بإيران، كما إن المحافظة لا تأتي بخاطرة ولا مزاج أو ربط بمرحلة استعمارية مؤقتة، وإلا فالبحرين هي محافظة برتغالية ومحافظة بريطانية، كون هذه الدول استعمرت البحرين لفترة من الزمن، ولظلت كذلك باقي دول العالم محافظات تتبع المستعمر القديم، حيث إن ما من دولة إلا وتم استعمارها، وهو الأمر نفسه بالنسبة لإيران فهي أيضاً محافظة عربية تتبع الحكم الراشد الذي كان مقره المملكة العربية السعودية. كذلك هو بالنسبة لحكم الملالي في إيران فهو حكم مغتصب جديد ليس له أصول تاريخية ولا مكان جغرافي يمكن إسناد أصوله إليه، إذ إن من تولى الحكم هم مجموعة بشرية صغيرة جاءت إلى إيران مدعومة من الغرب فاستلمت الحكم، وبذلك تعتبر إيران الآن أرضاً محتلة حالها كحال فلسطين والعراق، حيث كانوا جميعهم يتبعون في الأصل الخلافة الراشدة؛ أي يتبعون الحكم السعودي المثبت في الوقت الحاضر بأنه حاكم أرض النبوة والخلافة، فمن أحق اليوم يا نواب الشورى الإيراني أن تكون البحرين تحت راية التوحيد الأصيل أو تكون مستعمرة لدولة يحكمها محتلون ومغتصبون لحكم عربي إسلامي مثبت بالوثائق ومسجل بالتاريخ. إن من يجلس على سدة الحكم في إيران اليوم هو حكم استعماري تتاري صفوي، انقض على دول عربية وابتلعها وابتلع معها الأحواز والجزر الإماراتية حتى ابتلع العراق وسوريا ولبنان، واليوم تمنيه نفسه أن يبتلع البحرين، الدولة ذات الكيان المستقل، وهي مملكة يحكمها حكام أصليون وليس مستوردون، حكام معروفو الأصل تاريخياً وجغرافياً، وقد آل لهم الحكم في البحرين بحكم تحريرهم لأرضها من الاحتلال الصفوي على إثر التحالف بينه وبين الصليبين الذي قدم البحرين وإيران هدية لهم نتيجة تعاونهم مع الحركة الصليبية لوقف الغزو الإسلامي للغرب، وضرب الدولة العثمانية، فتحولت على إثرها إيران العربية السنية إلى مستعمرة فرض عليها المذهب الصفوي بحد السيف. نضرب هنا مثالاً على مدينة تبريز؛ حيث بلغ عدد سكانها السنة 65%، فقال إسماعيل الصفوي آنذاك أن من يقول حرفاً واحداً فإنه سيسحب سيفه عليه، كما ذكرت الوثائق أن عدد من قتلوا في مذبحة تبريز أكثر من عشرين ألفاً، حيث مورست فيهم أبشع أنواع القتل والتنكيل من تقطيع للأطفال والنساء والرجال وتمثيل بجثثهم وجماجمهم وأوصالهم، وهي نفس الطريقة المعتمدة التي تمارسها الصفوية حتى وقتنا هذا، وخير شاهد على ذلك ما يتعرض له الشعب الإيراني والأحوازي والعراقي والآن في سوريا من قتل وتنكيل، وهي نفس الطريقة التي مارستها الصفوية البحرينية في المؤامرة الانقلابية، ورغم محدودية قوتها ومدتها إلا أنها أثبتت بشاعة القتل والإبادة، فهي حركة صفوية بامتياز. إن الاتحاد الخليجي اليوم ليس بكافٍ أن يكون وحدة للدفاع عن أمن دول الخليج، بل أن تكون أول أهدافه المطالبة بضم إيران والعراق إلى الولاية العربية الإسلامية كما جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الأصل المعتمد في تحديد هوية الدول، وبعد الأصل المحمدي لا يمكن الحديث لحقوق مستعمرين أو غزاة محتلين، فالأصل في حكم الأرض يرجع إلى عهد النبوة والصحابة، وهو التاريخ المعتمد الذي رسمت عليه الأمة الإسلامية حدودها. من كل ما سبق يثبت أن أرض إيران اليوم ترضخ تحت احتلال، يقع على أمة الإسلام مهة تحريرها من قبضة الصفوي الذي تآمر مع أعداء الأمة للقضاء على الإسلام وإدانته موثقة تاريخياً باليوم والسنة والأسماء، ويجب أن يقوم علماء الأمة وشعوبها برفع قضية على الحاكم الإيراني الحالي الذي سلب الحكم، ومحاكمته على جرائم الإبادة التي مارسها في حق الشعوب التي تعاون في غزوها. نعود إلى تأكيد الشوري الإيراني بقوله “إن البحرين بلد إسلامي عربي مستقل وعضو في منظمة الأمم المتحدة”، ومن ثم على إيران أن تبلع لسانها، وأن لا تتدخل في أي شأن بحريني، لأن البحرين دولة مستقلة وذات سيادة تؤهلها لاختيار الدولة أو الدول التي تتوحد معها، وحتى أن ارتأت أن تتوحد مع جزر القمر فهو شأنها.

عفواً طهران ومعذرة أحلام الشاه لن تتحقق

    عبيدلي العبيدلي
    دعت إيران مواطنيها للتظاهر عقب صلاة الجمعة للاحتجاج على ما وصفته بخطة أمريكيه تهدف إلى ضم البحرين للسعوديه. وحث مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الإيراني، الذي ينظم المظاهرات نيابة عن الحكومة الإيرانية، الإيرانيين على الاحتجاج على الخطة الإمريكية الهادفة لضم البحرين للسعودية، والتعبير عن غضبهم على نظامي آل خليفه وآل سعود. يصعب تصديق ذلك، فكيف لإيران الجارة المسلمة أن تقف ضد وتناهض قيام أي شكل من أشكال التنسيق بين عاصمتين إسلاميتين هما المنامة والرياض؟ كيف تثبت طهران مصداقية سياساتها الخارجية حين تحرم على الجميع، وهي محقة في ذلك، الحديث عن شؤونها الداخلية، لكنها تتناقض مع نفسها حينما تعود كي تدس أنفها في شأن داخلي بين دولتين عربيتين مسلمتين، تحكمهما، بمحض إرادتيهما، وإرادة شعبيهما، علاقات تبيح لهما، متى ما شاءتا تطوير تلك العلاقات إلى مستويات أرقى؟ ما هي الأدلة التي تملكها طهران التي تثبت أن أياً من المساعي التوحيدية بين دول المنطقة، إنما هي رهن بإشارة من واشنطن ولتنفيذ إحدى مؤامراتها؟ لكن بالقدر ذاته، ما يرغمنا على تصديق ذلك، وأخذه على محمل الجد، وبأنه جزء من استراتيجية إيرانية متكاملة، هو كونه يترافق مع بيان صدر قبل أيام عن 190 نائباً في البرلمان الإيراني «تهجموا فيه بشدة على المساعي المبذولة لإعلان الاتحاد بين المملكة العربية السعودية والبحرين من جهة وسائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى»، وجاء ذلك سوية مع تقرير آخر نشرته صحيفة «كيهان» الإيرانية، التي يشرف عليها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اعتبرت في «أن الاتحاد بين السعودية والبحرين يعد مؤامرة خطيرة، تهدف إلى توتير الوضع الراهن في الشرق». لكن التصديق أو التكذيب ليس لهما مكان في قاموس الدبلوماسية العالمية بما فيها الإيرانية، التي تسعى، من وراء هذه الدعوات، وأخرى غيرها، لتحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، التي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:

  1. استفراد طهران بالعلاقة مع واشنطن، وحجب هذا الحق عن أية دولة عربية خليجية. فعلى الرغم من تشنج العلاقات بين العاصمتين منذ سقوط حكم الشاه، لكن الأبواب بينهما لم توصد حتى بعد نجاح الثورة الإسلامية في طهران، بل وتقاربت تلك العلاقات إبان الحرب الإيرانية - العراقية التي كشفت عنها وثائق «إيران كونترا»، أو «إيران غيت»، كما إنها لم تتباعد حتى في أوج تأزمها خلال معركة الملف النووي الإيراني التي أدارتها طهران بمهارة، دون أن يعني ذلك موافقتنا على تمسك إيران بتفردها بالعلاقة مع واشنطن، وحجبها ذلك على دول المنطقة. لم تعتبر العواصم الخليجية العلاقات الإيرانية - الأمريكية «مؤامرة»، ومن ثم فهي تتوقع من طهران معاملة مماثلة، بالكف عن التدخل في شؤونها ( الدول العربية) الداخلية.
  2. نقل أرض معركة الملف النووي الإيراني من طهران إلى مكان آخر، وتشتيت القوى المعادية لطهران فيها. فليست الصدفة وحدها هي التي تجعل طهران توقت هذه الدعوة للتظاهر المشوبة بالشجب، متزامنة مع دخول إيران حلبة الجولة الثانية من مفاوضاتها مع مجموعة (5+1)، التي تجري في بغداد. فمثل هذه الإزاحة لأرض المعركة من طهران إلى العواصم العربية الخليجية، توفر لطهران مساحة واسعة من الحرية، تمكنها من الانتقال من سياسة الدفاع إلى مواقع الهجوم في معركة الملف النووي، بعد أن ترغم الآخرين على الغوص في رمال معركة ثانوية مفتعلة، تقوم على مرتكزات دفاعية للرد على تلك الدعوة الإيرانية.
  3. إحداث شرخ في العلاقات الرسمية الداخلية بين حكومات دول مجلس التعاون، فيما لو وقع أحدها في الفخ الإيراني، وأخذ موقفاً نشازاً مغايراً للموقف الشاجب لهذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية الخليجية، مما يفتح ثغرة، بغض النظر عن مساحتها، في جدار العلاقات العربية الخليجية الداخلية، تبيح لطهران المتوثبة التسلل منها، لإرباك أية مسيرة خليجية عربية في اتجاه تطوير تلك العلاقات الداخلية أو حتى مجرد تعزيزها. الأمر ذاته ينطبق على الواقع الشعبي العربي، فيما لو ارتكبت فئة معينة حماقة تأييد طهران -وهو أمر مشكوك فيه بشكل مطلق- فيما دعت إليه.
  4. الزج بالطائفة الشيعية العربية الخليجية في مواقع محرجة، وإرغامها - دون أن يعني ذلك استجابتها- على الوقوف أمام خيارات معقدة وصعبة، خاصة في هذه الظروف التي تمر بها منطقة الخليج العربي، من خلال ربط إعلامي مفتعل، يفتقد إلى أية مصداقية، بين الأحداث التي تمر بها بعض دول الخليج ، والمساعي التوحيدية الخليجية. تراهن طهران هنا على انزلاق خليجي ساذج، يقود إلى مواقف معادية للطائفة الشيعية التي يثبت التاريخ عروبتها أولاً، وتؤكد سلوكياتها ولائها لأوطانها الخليجية العربية. ثانياً، فعروبة الشيعة الخليجيين، حقيقة ساطعة لا تملك آلة الإعلام الإيرانية حق، ولا مقومات تشويهها. ومن هنا فبقدر ما يحتم الموقف من هذه الطائفة أن تؤكد هذا الولاء العربي، بقدر ما يتوجب على السلطات الخليجية، أن تتحلى بالنضج السياسي الذي يمكنها، من رسم ذلك الخط الفاصل الواضح بين المواقف الوطنية للشيعة العرب القاطنين في دول الخليج العربي، وتلك التي يتمسك بها الشيعة الفرس من سكان إيران. الأهم من ذلك كله هو خطأ العودة للتاريخ كي نثبت عروبة البحرين، أو انتمائها للجسم العربي الأم، ففي ذلك تحقيق للسياسة الإيرانية التي تحاول إرغام الجميع على العودة إلى خنادق الدفاع، وهو خطأ استراتيجي قاتل، يعيد المنطقة برمتها إلى مرحلة حكم الشاه، وعلى وجه التحديد في السبعينات من القرن الماضي، عندما أصيب محمد رضا بهلوي بلوثة العظمة، وحاول أن يستعيد أمجاد «ممالك الطاووس»، فقام بإرسال قواته، وبالتنسيق مع بريطانيا، للمشاركة في حرب ظفار، ولم يتردد قبلها في احتلال الجزر الثلاث الإماراتية. وكانت تلك السياسات من الأسباب التي عجلت بسقوط حكمه. نلفت هنا إلى أن السياسة الإيرانية هذه هي سلاح ذو حدين، ففي مقدور الدول الخليجية أن تقذف الكرة في الملعب الإيراني، وترغم طهران على اللجوء إلى استراتيجية الدفاع من خلال بناء تلك الدول علاقات مختلفة عن تلك القائمة اليوم مع العرب السنة من سكان الساحل الشرقي لإيران، الذين يعانون الأمرين من سياسة التفرقة العنصرية التي كان يمارسها الشاه ضدهم، ولم يطرأ عليها أي تعديل حتى بعد سقوطه. حينها ستكون أرض المعركة وقوانينها، وطرق إدارتها مختلفة. لسبب ما، أعادت دعوة طهران مواطنيها للتظاهر ضد ما أسمته بالمؤامرة إلى ذهني، رد نزار قباني على فيروز عندما غنت لفلسطين: الآنَ، الآنَ وليس غداً أجراسُ العـودة فلتـُقـرَعْ ، قائلاً: غنت فيروز مُغـرّدة وجميع الناس لها تسمع ْ الآن الآن وليس غداً أجراس العودة فلتقرع مِن أينَ العـودة فـيروزٌ والعـودة ُ تحتاجُ لمدفع ْ والمدفعُ يلزمُه كـفٌّ والكـفّ يحتاجُ لإصبع ْ والإصبعُ مُلتـذ ٌلاه في دِبر الشعب له مَرتع ْ؟! عـفواً فـيروزُ ومعـذرة أجراسُ العَـودة لن تـُقـرع ْ وأكمل ذلك تميم البرغوثي بقصيدة أخرى قال فيها: عـفواً فيروزٌ ونزارٌ فالحالُ الآنَ هو الأفظع ْ إنْ كانَ زمانكما بَشِـعٌ فزمانُ زعامتنا أبشَع ْ إلى أن يقول خازوقـُكَ يشرب من دمنا باللحم يَغوص، ولا يَشبَع ْ خازوقـُكَ صغيرٌ لا يكفي للعُـرْبِ وللعالم أجمَـع.

دائرة الوعي أطماع إيرانية بلا حدود

مدبولي عثمان
يبدو أن النظام الإيراني فقد صوابه أمام الإعلان عن مشروع الاتحاد بين السعودية والبحرين، فقام بتوجيه دعوة رسمية للإيرانيين إلى تنظيم تظاهرات في جميع أنحاء إيران كخطوة احتجاجية على رفضها لهذه الوحدة قيد الدراسة بين البلدين. ويواصل نظام طهران تضليل شعبه بالادعاء أن هذه الخطوة الاتحادية تأتي بناء على نصيحة أمريكية، فقد دعا مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الذي ينظم التظاهرات الرسمية للنظام الإيراني في بيان الأربعاء الماضي الشعب إلى التظاهر في جميع أنحاء إيران بعد صلاة الجمعة أمس للاحتجاج على ما أسماه “المخطط الأميركي لضم البحرين إلى السعودية. وهناك مخاوف من أن هذه المظاهرات المدبرة من السلطات الإيرانية تعقبها تحركات إيرانية لتنفيذ مؤامرتها لضم البحرين تحت مزاعم الاستجابة لمطالب شعبية. هذه المواقف الإيرانية تؤكد أقوال الحكومة البحرينية عن تورط حكام طهران في دعم للمظاهرات الاحتجاجية التي تنظمها المعارضة في البحرين والتي تضم في الغالب منظمات شيعية. والأهم أن التوجهات الإيرانية تكشف بوضوح عن الأطماع ليس فقط في البحرين بل وفي منطقة الخليج كلها، بل إن الأطماع تمتد إلى المنطقة العربية بأسرها وتشمل جزءاً من الأمة الإسلامية. وكشفت هذه الأطماع توصيات المؤتمر التأسيسي الموسع لشيعة العالم الذي عقد في مدينة قم التي دعت إلى دراسة وتحليل الوضع الراهن على الساحة الإقليمية والاستفادة من التجربة الإيرانية الناجحة في العراق وتعميمها على بقية الدول وأهمها السعودية والأردن واليمن ومصر والكويت والإمارات والبحرين والهند وباكستان وأفغانستان. ووضع هذا المؤتمر منهجها عملياً لتنفيذ خطة التدخل في شؤون هذه الدول بتوصية تقول “بناء قوات عسكرية غير نظامية لكافة الأحزاب والمنظمات الشيعية بالعالم عن طريق زج أفرادها في المؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية والدوائر الحساسة وتخصيص ميزانية خاصة لتجهيزها وتسليحها وتهيئتها لدعم وإسناد إخواننا في السعودية واليمن والأردن”. ودعا المؤتمر أيضاً إلى “ تأسيس منظمة عالمية تسمى -منظمة المؤتمر الشيعي العالمي-، ويكون مقرها في إيران وفروعها في كافة أنحاء العالم ويتم تحديد هيئات المنظمة وواجباتها ويتم عقد مؤتمر خاص خلال كل شهر”. أما عن تعجل الإيرانيين في تنفيذ مخطط السيطرة على الخليج فقد كشفته صحيفة السياسة الكويتية في تقرير خاص جاء فيه: “أماط قادة خليجيون اللثام عن مخطط إيراني للسيطرة على المنطقة كان من المقرر تنفيذه بحلول عام 2017 لكن الانتفاضات الشعبية التي شهدتها مصر وتونس أغرت طهران بالإسراع به واستغلال الظروف الإقليمية والدولية التي اعتبرها قادة طهران مواتية لوضعه موضع التنفيذ”. وأكدت المصادر، وفقاً لما نشرته الصحيفة أن التدخل الإيراني السافر في البحرين ونشر شبكات التجسس في الكويت لم يكن إلا رأس جبل الجليد، وأوضحت أن المخطط الذي استعجل قادة طهران تنفيذه يشمل احتلال مملكة البحرين والزحف بعد ذلك على المنطقة الشرقية في السعودية، واستغلال الفوضى الحاصلة في العراق لاسيما الجنوب لإشغال الكويت وإرهاقها أمنياً ودفاعياً, تمهيداً لضم المنطقة كلها وإخضاعها للهيمنة الإيرانية. هذه التطورات الخطيرة تتطلب تحركاً عربياً جماعياً عاجلاً لمواجهة هذا النهج العدواني من جانب إيران المدفوع بغرور القوة، ولنعلم أن المسألة لا تخص دول الخليج بمفردها. وفي الختام نؤكد أن حقائق التاريخ والوقائع الجغرافية تؤكد أن البحرين دولة عربية حصلت على استقلالها من الاستعمار البريطاني في أغسطس 1971 بعد تصويت البحرينيين على الاستقلال بالأغلبية الساحقة تحت إشراف الأمم المتحدة، والبحرين دولة ذات حضارة وتاريخ، فهي امتداد لحضارة دلمون التي يعود تاريخها إلى 2800 قبل الميلاد.

الثورات نظرة واقعية

سعيد الحمد
منذ عهدنا الأول بالسياسة ونحن ننظر إلى الثورات نظرة طوباوية لا علاقة لها بالنظرة الواقعية.. فكل ثورة مطهرة في ثقافتنا وكل ثورة «مقدسة» في وعينا وكل ثورة هي حلم في ذهنيتنا.. لم نقرأ الثورة والثورات في واقعها المعاش ولكننا تخيلنا ما ندفع به تصوراتنا عنها واحلامنا وبرومانسية لا علاقة لها بالسياسة في سياق واقعيتها «قدسنا» الثورة والثوار والثورات ونصاب بما هو اقرب في الوصف إلى «اللوثة» منها إلى النشوة عندما نسمع مفردة ثورة تصف حراكاً واحتجاجاً وننحاز إلى حلمنا دون ان نقرأ المقدمات الأولى ثم لا نسأل ابداً عن النتائج فغواية «الحلم الثوري» في ثقافتنا العربية لم تمكننا حتى اليوم من اعادة قراءة تفاصيل أي ثورة من الثورات على ضوء نتائجها وواقعها. انحيازنا إلى الثورة انحياز العاطفة لا العقل فلم نكتشف اخطاء بل خطايا كل ثورة انحزنا لها.. وكل حزب بما هم فيه فرحون بـ «ثورتهم»، اليساريون فتنوا بمحاكمات المهداوي ما بين 58 و1960 وهي التي كانت بحكم وبمنطق القانون والمؤسسة القضائية «مهزلة»، والبعثيون كانوا في الاقطار العربية يرقصون فرحاً على انهار الدماء بعد انقلاب 1963 الذي ذبح اليساريين والشيوعيين من الوريد إلى الوريد باسم «الثورة» التي تغنى بها القوميون والبعثيون وصارت «حلماً» وبلغت مرحلة «التقديس» حتى طار في منتصفها عبدالسلام عارف لحماً ونزل فحماً في سيرة معروفة عن كل الثورات عندما تبدأ تأكل ابناءها في حرب القبيلة الثورية وتصفياتها الدموية، كما هي تصفيات قبائل الثورة في اليمن الجنوبي عام 1986 حين انطلق طوفان من الدم والدموع باسم «الثورة» والشرعية الثورية فانتهت الدولة ودفنت الثورة.. ومازلنا في الحلم الرومانسي نبحث عن ثورة لنرقص على ايقاعها ثم لنقدسها ثم لنشهد نهاية رحلة الدم أو بداية رحلة الدموع والندم.. ومع كل ذلك لم نقرأ سفر الثورة بواقعية حقيقية ومازلنا ننتشي بالثورة / الحلم. والمفارقة في ذهنية عربية تحلم بالثورة انها مازالت تسمي ما حدث في ايران عام 1979 بـ «الثورة» بينما الادبيات السياسية لنظام الملالي تسميها «انقلاب» وعودوا للقراءة بعيون مفتوحة لتقفوا على الحقيقة وتخرجوا من اطار الحلم الثوري. في الانقلاب الملالي كتجربة اعتبرها المسكونون بالوهم «ثورة» لم تأكل ابناءها كعادة الثورات ولكنها اخترعت بشكل غير مسبوق نظام تقديس وتأليه الافراد وبسلطة الدين وسلطان المذهب اخذت عبادة الفرد صيغة اكبر من الصيغة التي اتخذتها في عهد ستالين وهتلر من حيث توظيف الدين لخدمة تقديس الفرد وعبادته. يقول عالم الدين الشيعي السيد طالب الرفاعي في سردياته على الباحث الدكتور رشيد الخيون «قلت لهم في طهران وفي أحد الجوامع انتم حين يرد ذكر النبي الكريم تصلون عليه» مرة واحدة وبصوت واحد حين يرد ذكر الخميني تصلون عليه سبع مرات وبصوت واحد.. وهذا لا يجوز فهل الخميني أهم من النبي؟؟. هذه الملاحظة المبكرة التي اطلقها السيد طالب الرفاعي وهو المرجع الشيعي للمصريين لم تهتم بها ايديولوجية الثورة في صيغة الانقلاب كونها ايديولوجية تقوم على تقديس الفرد وتأليهه ليغدو السلطة الوحيدة النافذة في فلسفة «ثورة» تقوم على سلطة ولاية رجل فرد هو «الفقيه». وفيما الثورة في الحلم العربي تظل مجرد حلم لا علاقة له بالواقع المتجسد في مراحل ما بعد الثورات في سيرة ومسيرة الثورات فإننا نحتاج هنا إلى تشخيص حالة سيكيولوجية عامة عربية وليس حالة سوسيولوجية ثقافية سياسية وذلك امر عسير في واقع عربي يزداد صعوبة كلما اخترعنا «ثورة» تقوم للانقلاب على الثورة وتلك هي مأساتنا. لم نقرأ الثورة وتاريخها على ضوء واقعها ولكننا قرأنا الثورات بطوباوية تقفز على الواقع هروباً منه كونها لا تمتلك المشروع البديل فتحلم بحرق المراحل والهروب إلى الامام بـ «الثورة» حلماً في الخيال وكابوساً في الواقع المعاش.

عنز لو طار من الدوار

صلاح الجودر
يتساءل البعض لماذا نعيد ونكرر ونجتر وقائع ما جرى في دوار مجلس التعاون من آلام ومعاناة بالرغم من مرور عام كامل عليها، والجواب أن أبناء هذا الوطن لا يمكنهم نسيان الجريمة التي ارتكبت بحق وطنهم باسم السلمية والديمقراطية والحقوق، فقد اختار أبناء هذا الوطن نمط حياتهم منذ استقلالهم عن المملكة المتحدة وتقريرهم لمصيرهم أمام مبعوث الأمم المتحدة في عام 1970م، ولكن سموم وأدواء الفتنة كانت تريد عودتهم إلى عهد الاستعمار والاحتلال وسلب الإرادة. وللتاريخ فإن استقلال البحرين عن الحكومة البريطانية والتصدي للمطالب الإيرانية كانت قائمة حينها على رجلين لا يمكن تجاهلهما أو تجاوز دورهما الكبير في الاستقلال، الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان وسمو الأمير خليفة بن سلمان، فقد كان لهما الدور الأكبر في نيل الاستقلال والحرية وتحديد الهوية العربية لأبناء هذا الوطن، وها هي الأيام تدور فإذا بالمزاعم الإيرانية تعاود بأيدي الانقلابين الذين دشنوا مؤامرتهم في فبراير عام 2011م. دور الشيخ عيسى والامير خليفة لا يمكن تجاهله، فهو دور محفور في وجدان كل بحريني، سني أو شيعي، فقد أسسا الدولة الحديثة رغم التحديات الكبيرة التي واجهتهما في تلك الفترة العصيبة من تاريخ البحرين، حتى تسلمها جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى الذي أرسى دعائم الحرية والديمقراطية والتعددية حينما طرح مشروع ميثاق العمل الوطني في فبراير عام 2001م، وتم التصديق عليه بنسبة 98.4%، فأبناء هذا الوطن بإرادتهم الشعبية هم من قرر هويتهم العروبية، وهم من دافع عن ترابها حينما خرجوا للشوارع والطرقات معلنين، البحرين عربية حرة. المؤسف أن بعد تلك المكاسب والمنجزات يخرج علينا دعاة الفتنة والمحنة ليذيقوا أبناء هذا الوطن آلام المخطط ومعاناة المؤامرة لتسليم البحرين لإيران على طبق من ذهب، فماذا جرى في دوار مجلس التعاون وما رافقها من أحداث مؤسفة في مستشفى السلمانية والمرفأ المالي وجامعة البحرين لم تكن في خانة المطالبة بالحقوق والديمقراطية والحرية والإصلاح، ولكنها مؤامرة إقليمية بكل المقاييس، فقد كان دعاة الفتنة والمحنة على أتم الاستعداد للانقضاض والانقلاب وافتعال الصراع ومن ثم التباكي على فعلتهم من أجل تدخل إيران في شؤونهم الداخلية، وما ذاك الشاب الذي وقف في طهران يتباكى أمام المرشد الإيراني داعياً له بنصرته إلا أكبر دليل على الاستقواء بالخارج!. ما جرى في الدوار وما حيك في خيامه الليلية كانت مؤامرة من الخارج لتصوير المشهد وكأنه انتفاضة وثورة، ولكن أبناء هذا الوطن الشرفاء فضحوا المؤامرة الأمر الذي دفع بالانقلابين بالكشف عن وجههم الحقيقي، فمارسوا العنف والإرهاب والإجرام، فما أن تم تطهير الدوار، حتى خرج دعاة العنف لممارسة دورهم السابق من حرق الإطارات ورمي الحجارة وإغلاق الشوارع، ولم يكتفوا بذلك بل بدؤوا بتطوير إرهابهم واجرامهم برمي القنابل الحارقة وتفجير القنابل محلية الصنع، فهي لم تعد سلمية، ولم تعد إجراما، ولم تعد عنفية، ولكنها بلغت مستوى الإرهاب، حتى وصفها بعض المحللين بأنها إرهاب إقليمي قادم من محور الشر في المنطقة!. لقد اعتقد الإنقلابيون بأن البحرين الحلقة الأضعف من دول الخليج، لذا كانت المستهدف لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، فقد كان الهدف صرف الأنظار عن جرائم ترتكب في المنطقة من خلال الصراخ والعويل المفتعل في البحرين، والذي تنقله قناة العالم الإيرانية في مشاهد مفبركة، لذا يثار تساؤل كبير بعد عام كامل من الاحتقان هل نرضى بأن تتدخل إيران في شؤوننا الداخلية حينما تتجاوز حق الجوار والعلاقات الثنائية والقوانين الدولية؟ الواجب اليوم بعد عام كامل من التحريض الممنهج أن يعي أبناء هذا الوطن خطورة المؤامرة التي تستهدف هويتهم، لذا يتحتم على الفعاليات المجتمعية اليوم (الخطباء والساسة وأصحاب الأقلام) برفع صوتهم معلنين عن موقفهم من تلك الأعمال ومن يقف وراءها، ولا يكتفون بالأحاديث الجانبية في المجالس والمنتديات، فما تتعرض له البحرين اليوم لا يقف خطورة عما جرى لها في عام 1970م حينما ادعت إيران بتبعية البحرين لها، فالبحرين عربية حرة، وليس كما يدعي دعاة الفتنة والمحنة الذين مازالوا يعيشون المثل الشعبي: عنز ولو طار من الدوار!!.

الاتحاد الخليجي الرادع للأطماع الإيرانية

احمد المرشد
تعرضت فكرة اقامة اتحاد خليجي يضم كافة دولة مجلس التعاون لانتقادات شديدة من جانب دعاة الانفصال او ما يطلق عليهم الانفصاليون، هذا جانب.. اما الجانب الاخر، فقد تعرضت وبصورة اعنف فكرة اقامة اتحاد يضم السعودية والبحرين تحديدا ليكون هذا الاتحاد نواة للاتحاد الخليجي الاكبر والاشمل والاوسع من نوعه. وسمعنا كثيرا من الافتراءات على نظامي البلدين اللذين يسعيان الى مصلحة بلديهما، وما قاله المعارضون في العلن لم يكن سوى نذر قليل مما لوكت به الألسنة في الخفاء. في حين لم نسمع معارضا عربيا او خليجيا يرد على افتراءات الرئيس الايراني احمدي نجاد عندما وصف بعض حكام المنطقة بإطالة اللسان على جماهير الشعب الإيرانى الذي يسعى فقط للدفاع عن حقه وإحقاق العدالة والمصداقية.. فنجاد عندما استنكر أفعال وأقوال بعض الحكام ولم يتوقف عن إطلاق النيران في كل الاتجاهات وخاصة بشأن حكام دول مجلس التعاون، لم نسمع لهؤلاء صوتا.. في حين وصل التطاول الايراني مداه عندما وصفنا باننا نعمل ضد المبادئ الإسلامية واننا شعوبا عديمة الثقافة ومعادية للإسلام بل وللإنسانية نفسها، وان بعض حكامنا يسارعون في شراء أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات ممن وصفهم نجاد بـ «أسياد إسرائيل» في إشارة صريحة للولايات المتحدة الأمريكية. وبينما يلصق نجاد بنا كل هذه الافتراءات، نرى السلطات الايرانية التي تتشدق بحرية العقيدة والابداع تصادر 250 كتابا واعتبرتها كتبا ضالة، بعد ان جمعتها من معرض طهران للكتاب، بحجة أن بعض تلك الكتب تنشر الوهابية وأخرى تزور الحقائق حول الخليج «الفارسي» حسب تسمية السلطات الإيرانية وكتبا أخرى تروج لأفكار غير أخلاقية. ومن المؤسف ايضا اننا لم نسمع ابواق المعارضة توجه ألسنتها الى الجارة ايران وتتهمها بكبت الحريات الثقافية والدينية، في حين ان السلطات الايرانية منعت مباشرة مشاركة دور النشر لأهل السنة، وقام الأمن الإيراني بجمع أعداد كبيرة من الكتب في المعرض خاصة الكتب التي تتعلق بالقوميات غير الفارسية وبتاريخ الخليج العربي والكتب الإسلامية. نعود الى موضوع الاتحاد الخليجي من منظوره الاوسع والاتحاد السعودي – البحريني من منظوره الثنائي وإن لم يخرج ايضا عن فكرة الوحدة.. ولتوضيح الصورة اكثر فاكثر، ربما نرجع الى ما كتبه المفكر الكويتي المرموق محمد الرميحي عندما اقترب من المشكلة وبلغها بصورة لا لبس فيها وقال إن المعركة القادمة في الشرق الأوسط ستكون مركزة على دول الخليج، لأنها ولأسباب كثيرة هي الخاصرة اللينة في وضعها الحالي، والممكن التأثير فيها لقلب أوراق اللعبة في المنطقة. ومن اجل التغلب على هذه الاشكالية وتقوية كيان المنطقة، ليس امامها سوى طرح استراتيجية مختلفة لمواجهة كل تلك التحديات غير المسبوقة. هذه الاستراتيجية تتلخص في تدشين كيان سياسي موحد ليكون قادرا على مواجهة التحديات، هو «اتحاد دول الخليج» على ان يكون بديلا لمجلس التعاون. ولم يناور المفكر الكويتي في وصف اهم التحديات، فهي تكمن أساسا في التطلع الإيراني لتحقيق الحلم القومي القديم والمتجدد، وهو نشر النفوذ الإيراني على المنطقة، وإدخال الجميع تحت مظلة إيران السياسية والعسكرية، وهو طموح يستكمل من الوجهة الإيرانية في الفترة التاريخية الحالية ما بدأ فيه بالفعل، حيث تحقق النفوذ الإيراني في كل من سوريا والعراق وجزء واسع من لبنان، مع توسع في أماكن أخرى ربما بعضها قريب من بعض عواصم الربيع. ويحذر محمد الرميحي في رؤيته المهمة من اغفال الرغبة الايرانية في توسيع نفوذها وامكانياتها في المنطقة «فإن الجميع قد يكون مصابا بتعتيم سياسي تغلب عليه التمنيات ويُخدر بالوعود وتسري في عروقه فكرة خاطئة، بأن ما صح في الماضي قد يصح في اللاحق، وكل ذلك يمثل نظرة قاصرة استراتيجيا تفرط في مصالح الشعوب التي قد تجد نفسها مغلوبة أو مضطرة لمسايرة القوة الصاعدة من طهران». ومن التحليل الى الواقع.. فإننا نرى ان كلام الرميحي لم يكن بعيدا عن اجواء واروقة القمة الخليجية التشاورية التي استضافتها الرياض الاسبوع الماضي، حتى وإن فرح المعارضون وصفقوا بعدها لعدم اعلانها فكرة الاتحاد المرتقب، فهم لم يقرؤوا جيدا بين السطور ما جاء في البيان الختامي للقمة، حتى إنهم لم يحاولوا قراءته القراءة الصحيحة بتأن، فقط استعجلوا في الحكم ليأتوا بنتيجة تقترب من اهوائهم وميولهم وافكارهم الضيقة.. وهي بالقطع افكار تمليها عليهم انتماءاتهم لاسيادهم في قم وطهران. فلو كان هؤلاء على اقل قدر من علم التحليل السياسي لاكتشفوا على الفور ان فكرة تدشين الاتحاد الخليجي لم تفشل او تهملها قمة الرياض، وانما وضعت في مكانها الصحيح «اوصى قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم التشاورية في الرياض باستكمال دراسة مقترحات الاتحاد الخليجي لمناقشتها في قمة استثنائية تعقد في العاصمة السعودية في وقت لم يتم تحديده إلا أنه سيكون قبل قمة البحرين التي لا يفصلها عنها سوى ستة شهور». ولهؤلاء الذين لا يقرؤون ومن ثم لا يستوعبون، استكمل وزير الخارجية السعودي الامير الفيصل خلال مؤتمر صحافي الرؤية تصريحا ليصحح مفاهيم البعض الخاطئة «انطلاقا من الاهمية الكبيرة للموضوع والحرص على استكمال كافة جوانبه بشكل متأن.. يقوم المجلس الوزاري باستكمال دراسة تقرير الهيئة المتخصصة ورفع التوصيات الى قمة تعقد في الرياض» في اشارة الى الاتحاد الخليجي وهو ابرز ملفات قمة الرياض في ظل التهديدات التي تواجهها المنطقة، خاصة وان هذا الملف اي انتقال مجلس التعاون الخليجي الى مرحلة الاتحاد جاء بناء على مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه. وبطبيعة الحال.. كانت البحرين مع هذا الانجاز قلبا وقالبا، ولنا في وصف المليك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة النموذج الاصوب «قيام الاتحاد الخليجي مشاركة في الركب الحضاري العالمي واستجابة للمتغيرات والتحديات التي نمر بها فالحدود السياسية بين دولنا معابر للانجاز نحو مزيد من التعاون المشترك». وهذا يؤكد حتمية الاتحاد الخليجي سواء بمضمونه الاكبر او الاتحاد البحريني – السعودي، فكلاهما معا امرا ضروريا لمواجهة التحديات الناجمة عن الصلف الايراني في التعامل مع دول وشعوب المنطقة، مما يستلزم اقامة الاتحاد بمنظومته الامنية الموحدة لحماية دول وشعوب الخليج امام اي تجاوز اقليمي. فكرة الاتحاد ستبقي، وسيبقى معها الامل.

حفاظا على السيادة الوطنية

المحامي جاسم المطوع
يطرح الموقف الأمريكي من التطورات الراهنة في دول المنطقة ومنها البحرين جملة من التساؤلات الكبرى حول حقيقة الاستراتيجية الأمريكية و إدارتها لتحالفاتها القديمة والجديدة سواء من الزاوية المصلحية أو من منظور الصدقية في الوفاء بهذه التحالفات بما يراعي مصالح الأطراف الأخرى طبقا للقانون الدولي والمبادئ التي استقرت عليها الأسرة الدولية. من الوهم والسذاجة بمكان أن يراهن أحد على مصداقية في السياسة الأمريكية أو مراعاة لمصالح الحلفاء أيا كانت صلة الرحم بهم. اذ تطغى مصلحة أمريكا واحتكاراتها المدنية والحربية على أية مصلحة أخرى، و توظًف كل الوسائل العلنية منها والسرية، الناعمة والدموية، ويُرمى بالحلفاء في مقابل تحالفات مع خصومهم. اللافتة المرفوعة لهذا الانفلات اللا أخلاقي واحدة، حرية- ديمقراطية- حقوق الانسان، والجوهر واحد، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وشركاتها الاحتكارية. في التاريخ المعاصر أمثلة صارخة من المواقف الامريكية على ما نقول، في إيران والفلبين وبَنما وأخيرا وليس آخرا في تونس ومصر وليبيا. لمن يحتج علينا في الأمثلة عن الموقف الأمريكي من «الربيع العربي» وسقوط بعض حلفاء أمريكا المقربين، نورد ما قاله السيناتور الأمريكي جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعد زيارته الأخيرة الى مصر ودول أخرى في المنطقة، من أن المصريين بعد تشكيل حكومتهم وانتخابهم للرئيس «اذا قاموا فجأة بشد البساط من تحت اتفاقية السلام مع اسرائيل، أو وضعوا فجأة قوانين مقيدة، واذا أصبحوا غير قادرين على إبرام قرض صندوق النقد الدولي، فاننا ساعتها سنبدأ في التساؤل عما نفعله». ليس لدى أمريكا مشكلة أن يتولى الاخوان أو غيرهم الامساك بمفاصل الدولة المصرية، شريطة استمرارهم في نهج الرئيس المخلوع بما يخدم المصالح الاسرائيلية ومصالح صندوق النقد الدولي ويبقي الاقتصاد المصري تحت رحمة الاحتكارات المالية الغربية وسلطة الاقتصاد الطفيلي الليبرالي. تعتبر الولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقا مناطق حيوية لمصالحها وهذا مؤكد بحكم موارد الطاقة الهائلة التي تملكها أراضي و بحار هذه المنطقة ناهيك عن الأهمية الاستراتيجية الفريدة التي تتمتع بها. وقد أضيف الى احتياطات النفط و الغاز المعلنة في بلدان منطقة «المصالح الحيوية للولايات المتحدة» الاكتشافات الجديدة لما يسمى بالحوض المشرقي، الذي يحوي، وفقا لهيئة المسح والجيولوجي الأميركية، 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي 107 مليارت برميل من النفط في مياه كل من سوريا و لبنان واسرائيل و قبرص. هذا الاحتياطي في هذه المنطقة من العالم يمكن أن يخدم هدفين بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. فهو يلبي جزءا هاما من احتياجات أسواقهم من الطاقة ومن جانب آخر ينهي أو يقلص الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي وبالتالي ضرب روسيا اقتصاديا، اذا ما تدفق غاز البحر المتوسط ونفطه عبر أنابيب تبدأ من حقول الغاز في مصر واسرائيل ثم لبنان وقبرص لتمر عبر سوريا الى اليونان، اذا ما تسنى إسقاط النظام السوري وانتقال السلطة الى الاسلاميين منفردين او ضمن تحالف مع قوى سورية قريبة من الغرب أو شملتها حالة الفوضى الليبية أو ما هو أسوأ. هذا الواقع يطرح بالحاح موضوع العلاقة بين المصلحة الاستراتيجية للدول الكبرى وسياساتها البراغماتية التي تخدم هذه المصالح. ولقد رأينا أنه حين تم سحب البساط من تحت أقدام أقرب الحلفاء لم تدمع عين أحد في الولايات المتحدة أو الغرب. حتى في أفغانستان التي قتل فيها حتى الان أكثر من 3000 جندي من التحالف الغربي المعروف بايساف، يواصل الأمريكيون حوارهم مع طالبان خلف الكواليس وفي العلن حتى لو كان ذلك على حساب حليفهم كارزاي. ولا يبدو الأمر مستغربا فالأمريكيون وقفوا وراء تكوين حركة طالبان في بداياتها في الكتاتيب الدينية في باكستان و تنظيم تدريبها وتسليحها وتقديم الدعم اللوجستي لها، لاسقاط حكم الرئيس الأفغاني نجيب الله واخراج الاتحاد السوفياتي من أفغانستان، وقد كانت الولايات المتحدة في طليعة الدول التي اعترفت بحكومة طالبان، ولا يمكن أن نتصور الآن بأن حبل السر بين الجانبين قد قطع. ومن هنا يمكن رصد امكانية بروز تحالفات جديدة للولايات المتحدة مع الاسلام السياسي وانظمة اقليمية في المنطقة تلبي حدا من الاستقرار يضمن الانقسام المجتمعي على أسس طائفية ومذهبية، ولكن في الحدود التي لا تعرقل المصالح الحيوية والاهداف الاستراتيجية الغربية. خطورة الأمر تكمن في أن الاحتكارات والادارات الأمريكية المتعاقبة تنظر الى الأنظمة السياسية الحليفة على أنها حارس لمصالحها، وحين يتوعك هذا الحارس لن يتوانى الأمريكيون عن استبداله بحارس آخر، فهم لا يتعاملون مع الدول على أساس أنها كيانات سيادية حرة في تقرير مصيرها ونمط وسبل تطورها السياسي والاقتصادي، وقد تنكروا للقانون الدولي ومزقوا المواثيق التي تحكم العلاقات الدولية ومبدأ السيادة الوطنية وعدم التدخل في شئون الدول واحترام قراراتها وخياراتها الوطنية. بمعنى آخر فانه من منظور الاحتكارات ليست دول منطقة «المصالح الحيوية» سوى مساحات جغرافية تختزن ثروات طبيعية ينبغي التحكم بها واستغلالها من قبل الدول «النخبة»، ولا يحتاج الأمر لأكثر من إدارة محلية تلبي ضرورات التدفق الآمن للثروة، فاذا تبين أن الإدارة «السلطة» الراهنة عاجزة عن توفير الاستقرار لدرجة تتهدد فيها مصالح «الدول النخبة» حسب تعبير هنري كيسنجر، فلتأت ادارة محلية أخرى قادرة على تأمين استمرار التدفق الآمن للثروات الطبيعية وعلى رأسها مصادر الطاقة ضمن ترتيبات جديدة لا تستبعد التواجد العسكري المباشر. ليس فيما نعرض أوهاماَ، فالمعطيات والتقارير لم تعد سرية بل متداولة في الاعلام الغربي والعالمي ومسيرة التطورات الراهنة تنبئ بالاحتمالات التي نثيرها. يبقى السؤال هل يدرك المعنيون في بلادنا، سياسيون ودينيون، سلطة وموالاة ومعارضة، حجم المخاطر التي تترصد بنا وبسيادتنا الوطنية وحريتنا في اختيار طريق تطورنا السياسي والاجتماعي وبما يجنبنا الانقسام الطائفي وانكشافنا أمام المتربصين بنا وبخيراتنا؟

خليجنا واحد.. شعبنا واحد

محمد الأحمد
أصبح الآن اللعب على المكشوف، فبينما تنظم إيران الاحتجاجات ضد الاتحاد الخليجي بعد أن جن جنونها لتبعثر وتلاشي أحلامها مع بدء الخطوات العملية لهذا المشروع الشعبي الشامل، يتلقى عملاؤها الأوامر في الداخل لتبني فعاليات ومسيرات مناهضة للوحدة الخليجية.. أي مواقف هذه؟!.. وأي خليجيون هؤلاء؟!.. نعم لقد أصبح اللعب على المكشوف، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم معارضة في الوفاق يقولونها بكل وضوح: نعم نحن عملاء إيران ونحن ضد الاتحاد الخليجي ونحن في جبهة وخندق واحد مع جمهورية ولاية الفقيه الإيرانية، وفي المقابل يجتمع شعب البحرين اليوم في الفاتح ليعبر في رسالة إلى كل من يتآمر ضد البحرين أن الشعب الأبي لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يحاك من مؤامرات، ولن نسمح لأي كان سواء من الدول الكبرى أو العملاء في الداخل بأن يشق صف وحدتنا الوطنية مهما كان مذهبه ومهما كان توجهه. كل يوم يمر على البحرين، نزداد يقيناً أن هؤلاء الذين كانوا يمارسون علينا أبشع أنواع الكذب والتقية، كانوا لا يريدون إلا دمارنا وتسليمنا للذي ارتهنوا له، مارسوا كل أنواع التضليل والجرائم في سبيل مخططهم الذين باعوا من أجله وطنهم وباعوا شرفهم. نعم اسمعوا أصواتنا اليوم، اسمعوا صوت شعب البحرين وصوت الشعوب الخليجية اليوم التي تتجه نحو مصيرها وقدرها في الاتحاد، وتقف في وجه كل من له أطماع ومتآمر في الداخل أو الخارج.

أمس فوضى إيران.. واليوم كلمة البحرين وأهل الخليج

محمد مبارك جمعة
كان أمس وما قبله مناسبة للضوضاء والفوضى والصراخ الإيراني، ويقولون إن الصراخ على قدر الألم. أمرت طهران أتباعها في البحرين بالخروج في مسيرة تتزامن مع مسيرات أخرى في طهران، تعارض الاتحاد الخليجي. علي سلمان وزمرته، وكل من خرج معه منقاداً بعميانية، تنفيذاً لأوامر الولي الفقيه القابع في عاصمة الحريات المسلوبة والقمع والسحل، يكشفون كل يوم عن أنفسهم، وتتجلى الصورة واضحة كالشمس في كبد السماء، فهم مأمورون منصاعون لا قرار لهم، ولا قدرة عندهم على قول (لا) للولي الفقيه وفرماناته.
لا يهم، فالشرذمة التي تسبِّح بحمد طهران في البحرين، وتدعي أنها «معارضة» تظل شرذمة، وهم يعتقدون أنهم بهذه الفوضى وهذا التسبيح و«التشبيح» بحمد الوالي الإيراني سوف يثنون البحرين الخليجية العربية عن المضي قدماً في مشروع الاتحاد مع شقيقاتها في الخليج العربي. وإذا كان الأمس يوماً للفوضى والعمالة لإيران من قبل من تطلق على نفسها «معارضة»، والتي اختارت لها طهران يوم الجمعة لتسير أتباعها رفضاً للاتحاد، بما يتزامن توقيتاً وكيفاً ونوعاً مع مظاهرات طهران التي تدس أنفها في شئون دول الخليج، فإن اليوم سيكون يوم البحرينيين وأهل الخليج العربي فقط، حيث دعوة الائتلافات السياسية الوطنية إلى مساندة مشروع الاتحاد وتعريف شرذمة طهران في البحرين بحجمها الحقيقي. أقول إنه سيكون يوما لكل بحريني يشعر بالانتماء التام إلى هذه الأرض، ويرفض مجرد فكرة أن يتلقى أوامره من إيران.
وقع هذا اليوم سيكون مزلزلاً، فشعارات وأصوات البحرينيين الذين سيخرجون في طوفان بشري تأييداً ومباركة للاتحاد الخليجي العربي سوف يصل مداها إلى قم وطهران، وستصك آذان الزمرة الطامعة في أرض العروبة، وسيعرف علي سلمان ومن معه من أدوات ودمى طهران بأنهم لا يمثلون شعب البحرين، وأنهم ليسوا في ميزان الوطن سوى رقم هزيل لا يلتفت إليه.
لقد أبهجتنا تباشير انضمام جميع دول مجلس التعاون إلى الاتحاد، لنبدأ المسيرة معاً منذ البداية، بدل أن تقتصر على دولتين أو ثلاث، فمصير دول الخليج المشترك والنهائي هو الوحدة التامة الكاملة، وبها تنقلب الموازين ويعاد تشكيل الخريطة الجيوبوليتيكية في المنطقة العربية. ولذا فإنه ليس من الغرابة في شيء مقدار هذا الصراخ والهلع الذي يلف الجار الشرقي الذي طالما آذى البحرين ودول الخليج، ويوشك دابر أذاه أن ينقطع.

متى سنصبح نحن الخطر

عبدالله المناعي
قرأت قبل أيام رسالة ماجستير أعدّها طالب أمريكي يدرس في جامعة جورج تاون حول البحرين تحت عنوان «مثلث النزاع: كيف تحد الانقسامات الداخلية في البحرين من المصالحة». كانت هذه الرسالة بعد بحث ميداني قصير في البحرين وبحوث كتابية حول الوضع السياسي من دراسات وقراءات أجنبية ومحلية من قبل الباحثين اللذين أعدا الدراسة. وبالرغم من أن بعض مقاطع الدراسة شابتها بعض الأخطاء التاريخية وأخطاء في بعض «الحقائق» التي أخذت من بعض الشخصيات والكتابات, فإن شيئا واحدا فاجأني بشدة، وهو مدى الاهتمام الكبير بالشأن البحريني والدقة في التفصيل التي حاول فيها الكاتبان توضيح الوضع في البحرين. لم تكن الدراسة تلامس الواقع فحسب، ولكنها أعطت توصيات للساسة الأمريكيين لتوجيه دفة السياسة الأمريكية في اتجاه أو في آخر.
يقول الكاتبان في إحدى توصياتهما: «يجب على الولايات المتحدة أن تعمل لتخفف من اعتماد البحرين على المملكة العربية السعودية (وذلك مهم) في حال قررت المملكة العربية السعودية تغيير موقفها. فسحب الأسطول الخامس الأمريكي من البحرين لن يؤدي إلى شيء سوى خلق فراغ ستملأه السعودية لا محالة. وفي المقابل يجب على الولايات المتحدة أن تساعد البحرين في الوصول إلى رؤيتها الاقتصادية ٢٠٣٠ لتقليل اعتماد البحرين على المملكة العربية السعودية تدريجيا وذلك ابتداء من البناء على اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين والتي وقعت في ٢٠٠٦ ومنح الحوافز الاقتصادية في مقابل الإصلاحات».
ويضيف الباحثان: «وبالرغم من كون الاتحاد الخليجي يبدو متوقعا جدا في المستقبل القريب فإن الولايات المتحدة يجب عليها أن تساعد في تطوير الروابط بين البحرين ودول الخليج الأخرى بخلاف المملكة العربية السعودية للمساعدة على التخفيف من سيطرة المملكة العربية السعودية على مجلس التعاون الخليجي. وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة بإمكانها إعادة إحياء المخطط الذي ألغي لبناء خط أنابيب للغاز بين قطر والكويت مرورا بطريق البحرين».
بطبيعة الحال، لا أعتقد أنهم سيفهمون منطقتنا يوما من الأيام. ولكن النذير هو أنه إذا كان هذا الباحث يفكر بهذه الطريقة فما هو شكل السياسة الأمريكية الحقيقية؟ وكم باحثا توصل أو سيتوصل إلى هذه الاستنتاجات في القريب العاجل؟ أما السؤال الأهم فهو متى سنصبح نحن كتكتل عربي خليجي خطرا استراتيجيا على الولايات المتحدة يتطلب منها التخفيف من قوتنا أو إزالتنا كما فعلت بالعديد من الدول الأخر.

الاتحاد مطلب وضرورة

عبدالله الأيوبي
لا تختلف شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي على مطلب الهدف الاستراتيجي الذي يمثل حلما من أحلام مواطني دول المجلس والفضاء العربي، بشكل عام، حول أهمية الدفع بالعلاقات العربية العربية وبعلاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع بعضها بعضا إلى صيغ أكثر تطورا من التعاون، والانتقال إلى مرحلة متقدمة تلبي الطموحات والأحلام التاريخية التي عششت في وجدان أبناء الوطن العربي منذ حركة النهوض القومي التحرري التي تعرضت لمحاربة شرسة من القوى الاستعمارية والمتعاونين معها لمنع والحيلولة دون تحقيق هذا الهدف القومي المشروع، بل ذهبت هذه القوى والمتعاونون معها من الحكومات العربية إلى العمل باستماتة من أجل تكريس التقوقع القطري وإضعاف الشعور والانتماء القوميين لدى الشعوب العربية.
ومنذ تأسيس مجلس التعاون الخليج في ٢٥ مايو من عام ١٩٨١ كانت شعوب دول المجلس تطالب باستمرار بتطوير منظومة المجلس والارتقاء بها إلى صيغ تلبي طموحات وأماني أبناء الدول الست التي يتكون منها المجلس، فالشعوب الخليجية وقبل تأسيس مجلس التعاون الخليجي كانت في تداخل أسري ونسجت علاقات تاريخية، ودائما ما كان المواطن الخليجي يشعر بعدم الغربة حين ينتقل من وطنه الأم إلى دولة خليجية أخرى، وبالتالي فإن المقومات الشعبية لتطوير مؤسسات مجلس التعاون والانتقال بها إلى درجة أعلى من «التعاون» الذي ميز عمل المجلس منذ تأسيسه حتى الآن، هذه المقومات متوافرة.
ورغم التقلبات السياسية التي شهدتها دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بشكل عام، وتميز العلاقات بين الحكومات والقوى المجتمعية السياسية في دول المجلس بحالات من الصدام، فإن هذه القوى لم تقف يوما ضد تطوير منظومة مجلس التعاون الخليجي، بل كان مطلب الوحدة في أجندات هذه القوى يمثل ركنا أساسيا من أركان برامجها السياسية، ومن هنا فإن مطلب الاتحاد، إن لم يكن الوحدة الاندماجية الكاملة، ليس محل تجاذب أو خلاف، بل كان حلما شعبيا نريده أن يتحول إلى منطلق وقاعدة نحو الوحدة العربية الشاملة.
في الوقت الحاضر تشهد ساحة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي حراكا رسميا نحو تطوير منظومة المجلس والتهيئة للانتقال من حالة «التعاون» التي رافقت عمله أكثر من ثلاثة عقود إلى شكل من أشكال الاتحاد تماشيا مع مقترح الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الذي أطلقه في قمة الرياض الأخيرة، ونظرا للتطورات السياسية غير الطبيعية التي تشهدها المنطقة العربية كلها بما في ذلك منطقة الخليج العربي فإن هذه الدعوة من حيث المبدأ، لاقت ترحيبا في الأوساط الشعبية وإن اختلفت هذه الأوساط في آلية تحقيق هذا الحلم الشعبي، من منطلق الحرص على تحقيقه وليس مجرد ردة فعل عابرة بسبب ما يحيط بالمنطقة من مخاطر.
فالصيغة الاتحادية أو الوحدوية بصفتها حلما لدى شعوب دول مجلس التعاون الخليجي والشعوب العربية بشكل عام، فإن تحقيق ذلك وجعله حقيقة قابلة للحياة وليس مجرد سلعة في سوق المواقف السياسية التي تغطي سماء المنطقة الخليجية في الوقت الحاضر، فإن المشروع بحاجة إلى وضع قواعد صلبة يتوكأ عليها بنيان بحجم الدولة الاتحادية أو الدولة الواحدة، فمثل هذه المشاريع العملاقة لا تنجز بمجرد أن ثورة الحماسة في عروقنا أو ردة فعل على ما نعتبره تهديدا خارجيا لأوطاننا، فمثل هذا التهديد لم يتوقف، بل ان دولا عربية وقعت ضحية وقدمت (برفع القاف) لقمة سائغة إلى الأعداء الذين يمثلون مصدر التهديد الحقيقي لدولنا وشعوبنا.
فالدول التي تسعى وتعمل على تكريس نفوذها في دولنا الخليجية والعربية، سواء كانت إقليمية أو غير ذلك، هي التي جاهدت على مدى عقود للحفاظ وتكريس حالات التجزئة وإضعاف اهتمامات شعوبنا بقضاياها القومية والقطرية، ولنا أن ننظر إلى قضية فلسطين التي شكلت بالنسبة إلى الوجدان الشعبي العربي جرحا نازفا منذ نكبة ٤٨ حتى الآن، فهذه الدول عملت بكل ما تملك من قوة ووسائل لتغييب القضية الفلسطينية عن الوجدان الشعبي وقد نجحت كثيرا في ذلك، وهي سوف تستمر لتكريس التقوقع القطري سواء على مستوى أقطار دول مجلس التعاون الخليجي أم على المستوى القومي العربي.
كلنا يدرك أن قوتنا تكمن في اتحادنا، سواء جاء على مستوى مجموعات دول، كما هي حال مجلس التعاون الخليجي، أم اتسع نطاق هذا الاتحاد ليشمل دولا من خارج الإقليم الخليجي، وشعوبنا بحاجة إلى مثل هذا الاتحاد الذي يعزز من قوتها وقدرتها على مواجهة المخاطر الخارجية التي تهدد مستقبل أوطانهم وشعوبهم، ونحن بحاجة إلى اتحاد يعزز من المكاسب السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية لشعوبنا وينقلنا إلى مراحل متقدمة تتماشى والمعايير الدولية في العديد من الجوانب، لأن أي اتحاد لا يلبي طموحات الشعوب، لن يكتب له النجاح.

إيران والاتحاد.. الجنون والرعب

السيد زهره
بمجرد الإعلان في القمة التشاورية لقادة مجلس التعاون الاعداد العملي لإعلان قيام الاتحاد الخليجي العربي قريبا، وما ترافق مع ذلك من حديث جدي عن الاتحاد بين البحرين والسعودية، اصيب النظام الايراني بحالة من الجنون. تسابق المسئولون الايرانيون في اطلاق التصريحات والتهديدات الهستيرية ضد البحرين وكل دول الخليج العربية. هذه الحالة من الجنون هي في حد ذاتها تعبير واضح عن الرعب الذي يجتاح ايران خوفا من الاتحاد.
رد الفعل الايراني على هذا النحو على مستوى التصريحات وعلى مستوى السلوك العملي، ليس مجرد تعبير عن موقف سياسي للتعبير عن رفض ايران للاتحاد أو التحفظ على قيامه، وليس مجرد تدخل في شئون داخلية لدول المنطقة العربية.
ايران بما فعلته تجاوزت كل الحدود، وذهبت بعيدا جدا في اعلان عدائها الصريح لدول وشعوب المنطقة.
ولنا ان نتأمل الجوانب التالية التي ينطوي علها ما تفعله ايران وما يعبر عنه رد فعلها:
١ – ايران اقحمت نفسها في امر لا يعنيها من قريب او بعيد وليس لها الحق اصلا في ان تبدي رأيا فيه.
ايران بما تفعله تريد اغتصاب سيادة دول وشعوب الخليج العربية التي هي وحدها التي لها حق تقرير كل ما يتعلق بالاتحاد.
بشكل صفيق ومستفز يتحدث المسئولون الايرانيون كما لو كان لهم الحق في ان يقرروا هم ما يجب وما لا يجب ان تفعله دول وشعوب المنطقة.
٢ – وايران في غمرة حالة الجنون والرعب التي اجتاحتها، اظهرت بشكل سافر مقيت ان نواياها العدوانية تجاه البحرين وشعبها، وتجاه سيادتها واستقلالها وعروبتها، هي نوايا عدوانية متأصلة لم تتغير.
٣ – وايران في اظهارها لعدائها للبحرين وشعبها تجاوزت كل واي حد. المسئولون الايرانيون لديهم من الصفاقة والعدوانية ما يكفي كي يجعلهم يتحدثون باسم شعب البحرين وباسم مصلحة البحرين.
هذا الموقف للمسئولين الايرانيين هو في حد ذاته جريمة بحق القانون الدولي وكل القيم والاعراف التي تحكم العلاقات بين الدول.
٤ – وايران برد فعلها ازاء الاتحاد على هذا النحو، اكدت بشكل جازم ما نعرفه بالفعل من اطماع توسعية ايرانية، ومن مخططات ايرانية تسعى الى فرض سطوتها وهيمنتها على المنطقة كلها وبشكل عنصري مقيت.
ايران برد فعلها هذا اظهرت بجلاء انها لا تتردد في محاربة أي خطوة تقدم عليها دول وشعوب المنطقة ويكون من شأنها تقوية جبهة دول الخليج العربية، ومن شأنها تمكين دول المنطقة من مواجهة التهديدات والأخطار بشكل جماعي.
ايران اظهرت بجلاء انها تريد للمنطقة ان تغرق في الانقسام وفي الفوضى الطائفية، كي تتمكن هي من فرض مخططاتها بعد ذلك.
٥ - وينبغي ان نضيف الى كل هذا، ان رد الفعل الذي اظهرته القوى الطائفية الموالية لإيران في البحرين وفي كل دول الخليج العربية ازاء قيام الاتحاد، اظهر الخطورة البالغة التي اصبحت تمثلها هذه القوى على المصالح الوطنية لكل دول المنطقة العربية.
هذه القوى، رضوخا للإرادة الايرانية واستجابة لتعليمات الايرانيين، وفي سبيل مصالح طائفية ضيقة، اظهرت استعدادها التام للانخراط في المخططات الايرانية ومحاربة ارادة دول وشعوب المنطقة في الاتحاد.
اذا كان هذا هو ما يعنيه رد الفعل الايراني ورد فعل اتباعها في المنطقة من اتحاد دول الخليج العربية، فيجب ان نسجل ان له جوانب ايجابية، وخصوصا من زاويتين:
اولا: ان رد الفعل الايراني على هذا النحو، اسقط بشكل نهائي لا رجعة فيه اية اوهام قد تكون لا تزال موجودة لدى البعض حول حقيقة الاطماع الايرانية في المنطقة، وحقيقة النوايا الايرانية تجاه دول وشعوب المنطقة.
رد فعل ايران واتباعها، اظهر بشكل نهائي انه لا توجد أي رغبة او نية ايرانية في احترام سيادة واستقلال دول المنطقة، ولا توجد أي نية او رغبة ايرانية في التعايش مع دول وشعوب المنطقة على اساس الاحترام المتبادل. اظهر ان ايران لا تكن لدول وشعوب المنطقة الا العداء.
وثانيا: اظهر رد فعل ايران واتباعها ان الاتحاد هو بالفعل حتمية تاريخية، وان قيامه يمثل ضربة استراتيجية موجعة لأعداء دول وشعوب المنطقة وعلى رأسهم النظام الايراني.
اظهر رد الفعل هذا ان الاتحاد هو بالفعل الرد الاستراتيجي على مؤامرات ايران ومخططاتها، ومعها عملاؤها في المنطقة الهادفة الى فرض الهيمنة العنصرية الطائفية على المنطقة.
وعلى ضوء كل هذا، لا بد ان نطرح التساؤل حول, ما الذي يجب ان تفعله دول وشعوب المنطقة في مواجهة هذا العدوان الايراني؟

تصدير المجزرة

عماد الدين أديب
حذرنا عدة مرات من انتقال الحالة السورية إلى لبنان، وتحويل الفشل الأمني الرسمي السوري في التعامل مع الرفض الشعبي العارم ضد النظام إلى حالة مقايضة مع استقرار شمال لبنان.
وما يحدث في شمال لبنان ومدنه هو الشكل الفاضح الذي يدرس في «سنة أولى سياسة» للحرب بالوكالة بين أطراف خارجية تستغل أرض ومواطن دولة أخرى لإدارة وتنفيذ صراع دموي!
ولعل الانقسام السياسي العلني بين قوى متعددة حول تقسيم أحداث الثورة السورية هو المحرك الرئيسي للمصادمات الدموية التي تشهدها مدن الشمال في لبنان.
نحن أمام رؤية واضحة لمجموعة «8 آذار» التي تؤمن بأن الثورة الشعبية في سوريا ليست سوى مؤامرة طائفية ممولة من قوى إقليمية ودولية لإسقاط نظام د. بشار الأسد القومي، العروبي، الممانع، المساند للمقاومة اللبنانية وللدور العظيم للجمهورية الإسلامية الإيرانية!
أما مجموعة «14 آذار» فكانت وما زالت تعتقد مثلها مثل مئات القوى في هذا العالم، أن ما يحدث في سوريا هو جريمة ومجزرة مستمرة ومروعة من نظام حكم يفقد شرعيته بسرعة جارفة، يحاول فرض وجوده بواسطة القهر وسلطة التعسف العسكري وحكم السجون والزنازين والتعذيب.
هذا الانقسام الحاد يمارس خلافاته منذ فترة من خلال المعارك السياسية داخل البرلمان اللبناني وبرامج التوك شو، ثم تحول إلى حالة من التلاسن الحاد في محافظات الشمال.
وكما علمنا التاريخ بشكل عام، وتاريخ لبنان المعاصر بشكل خاص، فإن العنف اللفظي عادة ما يتحول إلى عنف دموي بأسرع مما يتوقع أي مراقب على الأرض!
الخوف الذي ينتابني هذه الأيام هو توسيع رقعة الصراع من الأراضي السورية إلى محافظات الشمال اللبنانية، مما يحقق حالة من التداخل بين المعارك السورية واللبنانية، وبالتالي يختلط الحابل بالنابل وتصبح أطراف الصراع المؤيدة لسوريا في لبنان طرفا مباشرا داخل الأراضي السورية.
وهناك «معلومات» وتقارير صحافية أكدت الأسبوع الماضي دخول وحدات مقاتلة من قوى حزب الله إلى بعض المدن السورية المشتعلة، إلا أنه لم يمكن تأكيد هذه المشاركة من قوى مستقلة.
الخوف كل الخوف أن تتدخل قوى حزب الله داخل الأراضي السورية، أو أن تتدخل قوى يمينية مسيحية مؤيدة لسوريا في محافظات الشمال اللبناني، مما قد يفتح الباب وبقوة نحو عودة كارثة الحرب الأهلية اللبنانية التي ظلت تهدد لبنان والمنطقة لمدة 17 عاما.
وكما يقول أهل مصر: ربنا يستر.

الاعتراف بفشل ما يسمى بـ الربيع العربي

عبد الله بن بجاد العتيبي
قبل عام كانت عبارة «ما يسمى بالربيع العربي» تثير ردود فعل مستنكرة ومهاجمة، وربما مستهجنة لها ولمن يطلقها، ولكنها اليوم تبدو منطقية وواقعية لدى كثير من مستنكريها ومهاجميها ومستهجنيها سابقا، فلقد تكشّفت سجف الغيب عن واقع جعل هذه العبارة جديرة بالاستحضار والإشادة حتى لدى مستنكريها آنذاك، الذين كانت تملأ رؤاهم الأحلام العريضة والآمال الواسعة (كل بحسبه) مما جعلها تروق لهم في خضم أحداث تاريخية واستثنائية.
لقد عرفت البشرية أشكالا متعددة ومصطلحات متداولة للتعبير عن الانتقالات النوعية من حال إلى حال في هذا المجال أو ذاك، ففي العلم كما في الاقتصاد كانت بعض الاكتشافات أو التغيرات الكبرى يعبر عنها بمصطلح «الطفرة»، وفي السياسة والمجتمعات غالبا ما يعبّر عنها بمصطلح «الثورة»؛ سواء صدقت عليها التسمية أم لا.
وفي سفر التاريخ الطويل ثورات متعددة ومتنوعة، ذات أشكال شتى وأنواع بلا حصر، وكما اختلفت الأشكال والأنواع، فقد تباينت الدوافع واختلفت النتائج، فليس للثورات مسار واحد ولا يجمعها نمط فرد، وما جرى بالأمس ينطبق على ما يجري اليوم، والاعتبار بالتاريخ كنز الحصيف كما أن محاولة استقراء المستقبل عدة الباحث والمثقف أيا كان مكانه أو مكانته.
وبعيدا عن نمط الثورة الفرنسية التي أثر حجم الثقافة والوعي في قيامها، كما في نتائجها، وبعيدا كذلك عن الثورة الروسية، التي أثر حجم وتنظيم الحزب الشيوعي في قيامها كما في نتائجها، فإن في التاريخ القديم والحديث ثورات مهمة وإن لم يتمّ تداولها مؤخرا على نطاق واسع، كثورات الخوارج وثورة الزنج في التاريخ الإسلامي القديم، وكثورات أوروبا الشرقية أو أميركا اللاتينية في التاريخ الحديث.
لا شكّ أن محاولات الحصول على مشتركات كبرى لوصف الثورات السياسية والاجتماعية تحديدا هي محاولات جديرة بالتركيز والاهتمام، ولكن بعض من يركز على المشتركات لا يبالي بحجم الأخطاء المنهجية التي قد يقع فيها لأن اهتمامه منصب على أمل الانتقال أو التفشي لمثل هذه الثورات لأغراض خاصة أكثر من الاهتمام بفهمها ومحاولة تفسيرها، ولذلك قد تدفع البعض الحماسة الثورية إلى المجازفة العلمية مع تسجيل أن بعض المحاولات من هذا النوع حين التزمت بالمنهج العلمي لا بالأحلام خرجت بنتائج علمية محترمة وأبانت عن حجم الجهد البحثي الجدير بالثناء.
من هنا فإنني أحسب أن النظر للفروق بين الثورات ومحاولة فهم كل ثورة على حدة هو عمل يفترض فيه أن يكون أكثر دقة في القراءة والتوصيف والتحليل، وبالتالي أكثر احتراما وأنجع تأثيرا لكل مهتم من مؤرخين وساسة ومثقفين، أقول هذا لأن في الطريق الثاني ما يمنح قدرة على اكتناز كثير من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما الدينية والإثنية والطائفية، تلك الكبيرة الواسعة وأختها الصغيرة الضيقة، وهو يمنح رؤية أكثر واقعية من سابقه.
مع هذا، فإن قراءة الثورات تخضع دائما للمنطلق الذي يعتمده الباحث أساسا لرؤيته، فثمة من يقرأ الثورات ليفهم كيف جرت؟ وما الذي مهد لها؟ وإلامَ ستنتهي؟ وثمة من يقرأها ليعرف كيف يؤثر في حراكها وتوجهها؟ وثمة من يقرأها ليعرف كيف يستفيد منها على الصعيد الشخصي أو التنظيمي.
في محاولة لقراءة سريعة تنظر بعين لكلا الطريقين السابقين وبالنظر لدول ما يسمّى بـ«الربيع العربي» وما جرى فيها وتحديدا النموذج المصري نجد أنّه في لحظات «الفوران الثوري» تتضخم الذوات وتنتفخ الجماعات ويتكاتف الناس على هدف واضح وغاية محددة، ثم حين تحقيقها تنفلت الخلافات والتمايزات من عقالها فيمتلئ كل طرف بيقين جارف بأحقية رؤيته وصدق منهجه، وأنه بالتالي يجب أن يكون الطرف الأكثر حصدا لمكاسب الثورة والأولى في تحديد مآلاتها.
بعد هذا يظهر ما سميته في مقالة سابقة «إدمان الثورة واستبدادها» لأن التيارات الثائرة ومع الغرق الكامل في هدفها وهو هنا إسقاط النظام لا تجد بعد تحققه بديلا عن الاستمرار فيه، لأن البدائل غير مكتملة، فيلجأ الجميع للتشكيك في تصرفات الآخرين، فتتفشى نظريات المؤامرة وتنتشر النزاعات، ويعود رفاق الثورة للتصارع، ومن هنا ينصرفون كلية بعد تحقيق الهدف الكبير إلى أهداف صغرى يتشظى فيها الرفاق بتياراتهم وجماعاتهم وأفرادهم.
بعد هذا تأتي مرحلة يمكن تسميتها بـ«الملل الثوري» حيث يغدو عامة الناس متعبين ومضنين من استمرار الفعل الثوري وتأثير فوضاه على حياتهم وأمنهم، وتنغيص غوغائيته على استقرارهم وقوتهم وقوت عيالهم، فينقسمون إلى ساخط على الثورة يدفعه سوء الواقع إلى الترحم على سوء الماضي، أو باحث عن أي سبيل للنجاة أو عن أي قشة يتعلق بها للنجاة من الغرق في هذا السوء الجديد.
هذه القشة قد تأتي من شخص حازم يمتلك الكاريزما الكافية لإقناع الناس برؤيته ومشروعه، ومن هنا يعود مستبد آخر بلباس جديد، وقد تأتي من حزب منظم قادر على جمع الناس، وغالبا ما يكون متطرفا، وقد تأتي عبر انقلاب عسكري بعد أن يصل سخط الناس أقصاه.
أحسب أن من المهم الاعتراف سريعا بفشل ما سمّي بثورات الربيع العربي، خاصة من قبل النخب الثقافية والسياسية الواعية، لأن الاعتراف وإن تأخر خير من المكابرة، فهو أول طريق استعادة الوعي والرؤية وبالتالي البحث عن مخارج آمنة تقلل الخسائر وتسعى لصناعة بارقة أمل وإن بعد لأي قد لا يكون يسيرا.
نحن بحاجة لمثقفين يمتلكون من الوعي والجرأة أن يقولوا الآن - وأرجو أن لا يكون الوقت متأخرا - مثل ما قاله المفكر الفرنسي كورنيليوس كاستورياديس حين قال: «إن الثورات التي عرفها الغرب الليبرالي منذ ثورة الأنوار، وأيضا تلك التي عرفها الشرق الاشتراكي - وبالتحديد في أوروبا الشرقية والصين - لم تحقق الاستقلالية المأمولة والديمقراطية المنتظرة. فالحركات الاجتماعية التي حملت مشروع الثورة فشلت، ولهذا فإن المطلوب هو إعادة قراءة مسار هذه الحركات وتقييمها من أجل استشراف آفاق أخرى».

مع التعجيل لا التأجيل

محمد الرميحي
أصيب جزء كبير من الرأي العام في دول الخليج بشيء من الإحباط عندما انتهى اجتماع القمة الخليجية التشاوري الأسبوع الماضي في الرياض بعدم الحديث الإيجابي في الخطوات الوحدوية التي كان ينتظر الإعلان عنها حتى ولو بإشارة مطمئنة لتحديد سقف زمني لاتخاذها، وقد زاد ذلك التشاؤم بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل، حيث أفصح عن إرجاء الفكرة لمزيد من «دراسة التفاصيل وتفاصيل التفاصيل»! شخصيا، شعرت بأن هناك في ثنايا تصريح الوزير رنة حزن مكتومة، لأنه أقرب من يعرف حجم التحديات الماثلة أمام دول الخليج قاطبة، وخاصة الدول الصغرى في الحجم والسكان والموارد، مع استعداد للدولة الأكبر، وهي المملكة العربية السعودية، أن تقوم بالقيادة، وربما ببعض التضحية لتمكين تلك الخطوة المستحقة والمطلوبة من التحقق على الأرض، أي تحويل التعاون إلى اتحاد. في إطار المصلحة البحتة، الدول الصغيرة أكثر احتياجا اليوم من الكبيرة في منظومة نقل التعاون إلى الاتحاد، وأريد أن أدلل بما أعرف، فلولا موقف المملكة العربية السعودية بقيادة المرحوم الملك فهد ومعاونة من أخيه الملك عبد الله، والذي كان وقتها وليا للعهد، لما تطورت أمور تحرير الكويت في عام 1990 كما عرفه التاريخ القريب، ولولا مبادرة مجلس التعاون - مرة أخرى - بقيادة المملكة في منع تطورات سالبة وكارثية في البحرين لما استقام أمر الأمن في هذه المنطقة، كما تم له حتى الساعة، وهناك أمثلة أخرى كثيرة في الجانب الشرقي من الجزيرة، والجنوبي في اليمن، تؤكد ذلك المنحى الذي تقدمت المملكة فيه لأخذ المبادرة، ومنها بالطبع مبادرة الملك عبد الله بتطوير التعاون إلى اتحاد.
ليس أكثر عبثية من المنظور السياسي من التحجج بأن «مجلس التعاون» لم يستنفد أغراضه أو أن هناك مشكلات حدودية لم ينته منها حتى الآن، تلك ذرائع يحتج بها للتأجيل في الخطوة المستحقة التي يمكن لها أن تنقذ الجميع من المخاطر الشاخصة حولنا، وهي مخاطر لم تعد خافية، ولم تعد بعيدة أيضا. تصريح الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع الإعلام الروسي، أول من أمس، يقول بوضوح، إن «من يصدر الفوضى لنا سوف تعود إليه الفوضى»! وليس بخاف أن الإعلام ورجال السياسة السورية يقولون لنا ليل نهار، إن «الإرهابيين السوريين»، في إشارة للمقاومة السورية التي بهرت العالم، مدعومون من دول الخليج، حتى بلغ الأمر في بعض الأحيان إلى الإشارة لدول معينة بأسمائها من قبل تلك المصادر! وذلك عطفا على التصريحات التي انطلقت من إيران، سواء من القيادات العسكرية أو البرلمان الإيراني بالتهديد والوعيد إلى درجة العودة إلى ما كان يطمح إليه شاه إيران السابق واعترف بعدم قدرته عليه، بأن تكون البحرين المحافظة الرابعة عشرة لإيران، هل يحتاج أحد للتذكير بمقولة صدام حسين حول الكويت، إنها المحافظة رقم 19؟
هل هي غفلة أن نؤجل إحدى الخطوات الرئيسية في الدفاع الاستراتيجي عن المنطقة ونحن أيضا نسمع ونشاهد نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي يدعو صديقه في بغداد نوري المالكي للوحدة الفورية بين بغداد وطهران، وهل نتجاهل الرغبة الحقيقية في بغداد لتصدير مشكلاتها العميقة باتجاه الجنوب كما فعل صدام حسين ذات مرة، وقد تسربت بعض الأنباء عن رغبة بهذا الخصوص وصلت إلى أطراف من الإدارة الأميركية؟! عدم التأهب للمتغيرات الكبرى المباشرة أو غير المباشرة هو من الغفلة التي يجب ألا تمر دون أن يقرع جرس الإنذار عاليا ومدويا حولها، فترك موضوع الاتحاد إلى «البيروقراطيين» وتسويفه إلى أجل غير مسمى، كالقول بأن تعقد قمة طارئة له متى ما أكمل البيروقراطيون الدراسة لتفاصيل التفاصيل! هو أمر يبتعد عن النظرة الاستراتيجية ليغرق في الآنية، كما أنها تجاهل لوضع إقليمي بالغ الخطورة. وقد يكشف هذا التجاهل سريعا ظهر المنطقة إلى تأثيرات لا ينفع بعدها احتضان السيادة، فبعد الاحتجاج بعدم فقدان بعضها، قد يغامر البعض بفقدانها كلية. لم يخف السياسي الإيراني ولا وسائل الإعلام المرتبطة بطهران غبطتها من إعلان تأجيل النظر في الاتحاد، بل تبجح بعضهم بالقول إن التأخير جاء بسبب نجاح الضغوط التي أشهرت من إيران وحلفائها في المنطقة! لا يجدي الحديث المكرر بأن الاتحاد المقترح لا يلغي خصوصية المكتسبات المحلية، كما لا يجدي بيان المصالح الكبرى الاقتصادية والاستراتيجية التي سوف تحصل من خلاله، كما لا يجدي البوح بضخامة الخسائر الفادحة التي تترتب على التشرذم والفرقة، والتي تتيح التدخل من الخارج وقضم منطقة الخليج قطعة بعد قطعة، كما لا يجدي الحديث عن الأخطار المحدقة من الغرب والشرق والشمال والجنوب، فكلها إن لم يكن جلها، شاخصة أمام من يريد أن يرى، ولكنه التردد والمراوحة في المكان والتحجج بالصغائر التي تريد الاحتفاظ بالجزء وربما تخسر الكل. المصلحة الحقيقية لأبناء المنطقة قاطبة هي بالإسراع في الخطوات التي دعا إليها العاهل السعودي الملك عبد الله في نظرة استراتيجية ثاقبة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث دعا إلى تطوير التعاون إلى اتحاد، لأن أي ثمن سوف يدفع الآن سيكون أقل تكلفة من الأثمان التي يمكن أن تدفع من الجميع في حال وصول التسونامي السياسي الذي يضرب اليوم الإقليم برياحه العاتية.
آخر الكلام:
ربيع العرب ينتج بعضا من المتوقع السلبي، ففي ليبيا ينادى بقانون يمنع انتقاد الثورة، وفي مصر يفكر بقانون يحصن البرلمان المصري من أحكام المحكمة الدستورية العليا! إنها الحرية التي تستخدم لوأد الحرية!

تحويل مجرى التيار ليصبح ضد بشار الأسد

جوزيف ليبرمان
بعد أكثر من تسعة أشهر من إعلان الرئيس أوباما ضرورة تنحي الرئيس بشار الأسد، بات من الواضح عدم قدرة الدبلوماسية وحدها أو العقوبات وحدها على خلع الحاكم السوري المستبد. على الجانب الآخر، لا يزال قتل الأسد للشعب مستمرا، ولا يلوح أي أمل في تسوية دبلوماسية، مما يدفع سوريا نحو حرب أهلية طائفية طويلة دموية إلى أن يتحول ميزان القوى داخل البلاد ليصبح ضده. للأسف لم تتخذ الولايات المتحدة أي إجراء حاسم لتأليب الجيش ضد الأسد، ولا تقوم أي دولة أخرى أو تحالف من الدول بما يكفي في ظل غياب القيادة الأميركية.
وفي ما يلي استنتاجاتي بعد زيارتين للشرق الأوسط خلال الشهر الماضي، تقابلت خلالهما مع قادة من المجلس الوطني السوري المعارض والجيش السوري الحر، ولاجئين سوريين هربوا مؤخرا إلى تركيا ولبنان، وشباب سوري شجاع يشارك في تنظيم المقاومة في بلدهم، وقادة دول كبيرة في المنطقة. من الرسائل التي تلقيتها من المعارضة السورية وشركاء الولايات المتحدة على حد سواء إحباطهم من عدم قيام الولايات المتحدة، التي دعت الأسد إلى التنحي، بالكثير لتحقيق ذلك. وتساءلوا عما إذا كان ذلك يرجع إلى استعداد واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران لوقف برنامجها النووي في مقابل الإبقاء على الأسد في السلطة، وهل من أسباب ذلك الضغط الإسرائيلي لحماية الأسد على أساس أن الشيطان الذي يعرفونه خير من الذي لا يعرفونه. نظريات المؤامرة هذه لا تمت للحقيقة بصلة، كما أوضح مسؤولون أميركيون وإسرائيليون رفيعو المستوى، لكنها توضح مدى عمق شعور السوريين بأن العالم تخلى عنهم. ما يحدث في سوريا كارثة إنسانية، حيث بلغ عدد القتلى 10 آلاف على الأقل، وجاوز عدد النازحين المليون، ويتم ارتكاب انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان يوميا، منها استخدام الاغتصاب المنتشر المتعمد وأشكال العنف الجنسي الأخرى كأسلحة.
تتسم الأحداث التي تشهدها سوريا بأهمية استراتيجية بالنسبة إلى المنطقة، حيث سيمثل سقوط الأسد أكبر نكسة شهدتها إيران خلال ربع قرن.
على الجانب الآخر، تشعر المعارضة السورية بالقلق من أن يؤدي امتداد الصراع في هذا الاتجاه إلى المزيد من التكتل والتطرف داخل المجتمع السوري، ويفتح الباب لتنظيم القاعدة وفروعه، وينذر بتحويل الدولة إلى دولة فاشلة تتسبب في تقويض الاستقرار في الشرق الأوسط. إنه سيناريو مخيف بالنظر إلى مخزون سوريا الهائل من الأسلحة الكيميائية. لهذا لا تمثل الحيلولة دون انزلاق سوريا إلى حرب أهلية وفوضى مهمة إنسانية فحسب، بل أيضا ضرورة للأمن القومي الأميركي.
أولا يجب أن نزيد من جهودنا الرامية إلى تزويد المعارضة السورية بما يمكنها من الدفاع عن نفسها أمام الأسد، بحيث يصبح من الواضح أنه غير قادر على الفوز بالمعركة، وأن عليه التفاوض على كيفية الخروج. ومثلما حدث في ليبيا لا ينبغي أن تدخل قوات أميركية سوريا، ولا ينبغي لها أن تتدخل وحدها. لدى شركائنا في المنطقة الأموال والأسلحة والأراضي اللازمة لبذل جهود واسعة النطاق في تدريب وتجهيز المقاومة ضد الأسد وضمان استمراريتها وقدرتها ومهنتيها وشموليتها. وتبدو تلك الدول على استعداد للقيام بذلك، لكن ما نفتقر إليه، وما تعتقد كل من المعارضة السورية وحلفاؤنا الإقليميون أن الولايات المتحدة هي وحدها القادرة على تقديمه، هو القيادة والتنظيم والاستراتيجية. أعلنت إدارة أوباما العام الحالي التزامها بتقديم دعم «غير مميت» للمعارضة.
ومع ذلك فإن الدعم «غير المميت» وحده لا يكفي. هناك حاجة إلى تنسيق الجهود مع شركائنا الإقليميين وجعلها أكثر شمولا لدعم المقاتلين من المعسكر المناهض للأسد بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية المرحلية والمساعدات القتالية الأخرى. وتشير بعض التقارير إلى أن الجهود تتجه نحو تكثيف هذه المحاولات على الأقل. وسيمثل هذا في حال حدوثه تطورا مرحبا به جديرا بدعم الكونغرس. وستسهم مهمة التدريب والتجهيز، التي تتولى الولايات المتحدة تنسيقها، في تحسين توحيد صفوف المعارضة وجعلها أكثر اتساعا، بحيث تشمل كل الأطراف الفاعلة في المجتمع السوري وتؤثر على سلوكها.
يجب على المقاتلين السوريين الذين يريدون المساعدة رفض «القاعدة» والإرهاب، والامتناع عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وأعمال القتل الثأرية، والامتثال لقيادة المعارضة المدنية وتسليم أي أسلحة تقع عليها أيديهم. وفي الوقت الذي ينبغي أن تكون الأولوية فيه لتقوية وتوحيد المعارضة المسلحة على الأرض، ربما لا يكفي ذلك لتغيير ميزان القوى ضد الأسد بالسرعة المطلوبة. لهذا ينبغي على الولايات المتحدة أن تبدأ مناقشات مع شركائنا حول شن حملة جوية لمنع الأسد من قيادة قواته وإقامة مناطق آمنة على طول الحدود مع سوريا، بحيث تتمكن المعارضة من تنظيم صفوفها داخل بلدها.
سيكون الطريق صعبا، فهناك العديد من العقبات التي تحول دون توفير المساعدة لمقاتلي المعسكر المعارض داخل بلادهم. ومن المؤكد أن سوريا ستواجه الكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية خلال حقبة ما بعد الأسد. وسيتضمن أي تدخل مخاطر، لكن من الواضح أنه من دون تدخل أكبر، سوف يقودنا المسار الحالي إلى خطر أكبر متمثل في كارثة إنسانية واستراتيجية تتعلق بقيمنا الأخلاقية ومصالح أمننا القومي. ويمكن تفادي هذه النتيجة من خلال تغيير ميزان القوى العسكري داخل سوريا سريعا، ويعتمد هذا بالأساس على القيادة الأميركية.

التحول الإسرائيلي ضد الأسد

عبد الرحمن الراشد
ليس من طبع المؤسسة الإسرائيلية، سياسية وعسكرية، أن تجلس متفرجة على الأحداث والنيران على حدودها. وخلال عام لم تصدر عن الحكومة الإسرائيلية مواقف واضحة حيال الثورة السورية، مع أنها أهم حدث يواجه إسرائيل منذ حرب عام 1973. أما لماذا نصنفها أخطر مما يحدث في مصر، أو ما حدث في لبنان لسنين من أزمات، فالسبب يعود إلى أن النظام بقي في مصر وسقط حكم مبارك، حيث إن الجيش هو عموده الأساسي. ولبنان كانت أزماته وتهديداته تزعج إسرائيل، لكنها لم تكن قط تمثل خطرا على أمنها القومي. في سوريا الحال مختلف، حيث توجد ثورة كاملة هدفها اقتلاع كل النظام المهم لإسرائيل، الذي لعب دورين في أربعين عاما، في صورتي الشرطي والمشاغب.
وهناك من يؤكد أن إسرائيل أسهمت في إقناع الجانبين الأميركي والروسي بعدم دعم الثورة، أي أنها عمليا ساندت نظام الأسد في دمشق، وأنا أعتقد أن لها فضلا كبيرا في إذكاء الحماس الروسي الداعم للأسد الذي لم ينقطع، عسكريا ودبلوماسيا. والمنطق الإسرائيلي حيال أحداث سوريا ليس صعبا علينا فهمه، وهو يقوم على أن إسرائيل أكثر أمنا في ظل نظام الأسد من نظام سوري جديد مجهول الملامح، أو نظام إسلامي متطرف يفتح جبهات حرب مع الدولة اليهودية.
اللافت أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك خرج بتصريح قوي تحدث فيه بشكل واضح هذه المرة معبرا عن قناعته بحتمية سقوط نظام الأسد. والأهم من تحليل باراك العسكري أو السياسي هو تبديل اللغة الإسرائيلية بإعلانه أن سقوط نظام الأسد أمر يخدم المصالح الإسرائيلية ضد إيران.
وكما هو متوقع، أسعدت تصريحات باراك وسائل الإعلام المحسوبة على النظام السوري، لأنها اعتبرتها شهادة حسن سيرة وسلوك لنظام الأسد الذي انحدرت سمعته في العالم العربي إلى درك أسوأ حتى من إسرائيل. والماكينة الدعائية السورية تظن أنها لو أقنعت ملايين العرب بما قاله باراك فإنهم مستعدون للعفو عن جرائمها، على اعتبار أن الجماهير العربية ستقف ضد أي فريق يؤيده الإسرائيليون. فقد وقفت مع صدام وإيران وحزب الله من قبل رغم ما ارتكبوه من جرائم بشعة في حق شعوبهم بحجة أنهم عدو لإسرائيل. وباسم العداء لإسرائيل منحت البطولة والشعبية لأنظمة مجرمة مثل إيران وصدام والأسدين والقذافي. وهذه الأنظمة لا تزعج إسرائيل لأنها أنظمة تقوم على أكاذيب وبطولات زائفة لم ولن تتجرأ على مقاتلتها فعليا أو تهديد أمنها.
أما لماذا غيرت إسرائيل موقفها وتخلت عن دعم النظام السوري، هذا إذا كانت قراءتي صحيحة، فإن ذلك يعود لسبب أساسي، وهو أن النظام عاجز عن النجاح في مكافحة الثورة. خلال الأسبوع الماضي بلغ عدد المظاهرات السلمية التي خرجت في أنحاء سوريا نحو ثمانمائة، وهو رقم أعلى من المظاهرات في مطلع أيام الثورة. أي أن الناس لم تيأس ولم تقهر ولم تعد تخاف. وما نراه من تعاظم القتل والتدمير بصورة لم نعرف لها مثيلا في أي حروب أهلية من قبل يبين لنا مسار الثورة، ويوحي بشكل أكيد بأن النظام ساقط. والإسرائيليون الذين يجلسون على الطرف الأعلى من هضبة الجولان أكثر الأطراف الإقليمية اطلاعا على ما يحدث، ولا بد أنهم يدركون أن العدو الحليف، نظام الأسد، لا مستقبل له. وبالتالي ما قاله باراك قد يرضي الإعلام السوري دعائيا، لكنه سيقلق كثيرا القيادة السورية. باراك، وهو وزير الدفاع، أعلنها في الولايات المتحدة بعد صمت إسرائيلي طويل، بأن الأسد محكوم عليه بالسقوط، وتحدث عن أهمية الدور الروسي في إخراج عملية تغيير الحكم في سوريا بإسقاط الأسد مع الحفاظ على المؤسسات السورية الكبيرة، بما فيها الأمن والجيش. إن قدرة الشعب السوري على اقتلاع الضرس الحاكم لم ولن تكون سهلة. والحقيقة الأعجوبة ليست صمود النظام الأمني العسكري السوري، بل الأعجب إصرار الشعب السوري لأنه هو الذي يتلقى الضربات الموجعة.. وقد ظهر أكبر من كل توقعاتنا. ما يواجهه الشعب السوري ليس الكارثة المروعة وحسب، بل إنه يخوض حربا على جبهات متعددة اتفقت جميعها ضده. ومهم أن يدرك العالم أكاذيب النظام الذي يريد تصوير أن الثورة ليست إلا عملا مدبرا من الخارج، وأنها جماعات إرهابية، وعلى الجميع أن يدرك أن ثورة بهذا العمق والاتساع والإصرار لن تتوقف إلا في دمشق بعد إسقاط النظام.

بل قصدهم لبيك يا إيران

طارق الحميد
أوليس من العجيب أن تعلن المعارضة البحرينية الشيعية عن مظاهرات كبرى أمس (الجمعة) في البحرين بعنوان «لبيك يا وطني» ضد الاتحاد بين السعودية والبحرين، وهو الأمر الذي لم يحدث بعد، بالوقت نفسه الذي خرجت فيه دعوات إيرانية لفعل الأمر نفسه في إيران؟
أكثر الحركيين - أو قل الساسة – غباء، كان سيتنبه لمثل هذا الأمر، وكان سيقول للمعارضة البحرينية الشيعية إن التوقيت خاطئ، ولا تخرجوا بمظاهرات الآن، فخروجكم يعني تبعيتكم لإيران، وسواء خرجت المظاهرات بالبحرين أم لا، فإن الأهم أن الجمعيات المعارضة الشيعية في البحرين قد قامت بالدعوة للقيام بتلك المظاهرات، ومنهم جمعية الوفاق، ومجرد الدعوة للقيام بتلك المظاهرات، وبعد الدعوة الإيرانية بيوم، يعني تلقائيا أن المعارضة الشيعية في البحرين طائفية وتبعيتها لإيران. ولذا فعندما نقول «عجيب» فليس القصد التفاجؤ، أو التصيد، للقول بأن المعارضة الشيعية بالبحرين طائفية، فهذا أمر واضح ولا لبس فيه، لكن المدهش هو: هل يمكن أن تقول لنا المعارضة البحرينية الشيعية ما هو النموذج الديمقراطي في إيران الذي يريدون تطبيقه بالبحرين؟ هل هو تداول السلطة، رغم أننا لا نرى بإيران إلا حكم العمائم، ورجال الحرس الثوري، وتزوير الانتخابات؟ فهل يرون مثلا سطوة للبرلمان الإيراني أم أنهم تواقون لنموذج الولي الفقيه؟ وهل يريدون إعلاما بحرينيا على غرار الإعلام الإيراني، حيث يقتل الصحافيون، ويسجنون، وتغلق الصحف، أم ماذا؟ أم أن المعارضة البحرينية تريد نموذج الانفتاح الاقتصادي، ومفهوم التنمية، وهو الأمر غير الموجود في إيران المنبوذة بعقوبات دولية من قبل أكثر من نصف المجتمع الدولي؟ بل هل تلحظ المعارضة البحرينية الشيعية أن المعارضة الإيرانية لنظام الولي الفقيه يفوق عددها تقريبا عدد نصف الخليجيين إن لم يكن يساويه، ناهيك عن سنة إيران المقموعين، وغيرهم من غير الشيعة؟
أمر محير بالفعل، لكنه يفضح المعارضة البحرينية الشيعية، ويفند شعاراتها الديمقراطية المزيفة، كما يرد على كل من يحاولون تضليل وسائل الإعلام الغربية، والمنظمات الدولية، كما يفضح كل من يتعاطف معهم بالخليج، أو المنطقة، والأمر هنا ليس تكريسا للطائفية في الخليج، بل هي دعوة لنبذ الطائفية، وهذا أمر لن يتم إلا عندما يتحرك مثقفو الشيعة بالخليج، والبحرين بالطبع، ويقولون قولة حق، ويتصدون لمتطرفيهم حتى لو كان الثمن مكلفا، فهذا ما فعله السنة بالخليج، وتحديدا في السعودية، عندما أراد المتطرفون، أيا كانت ميولهم، اختطاف الرأي العام وشحنه ليكون قنبلة تخلف، وتحويل العالم إلى دار حرب. وقف العقلاء، وما زالوا، على كل مستوى، وحتى الحكومات، لردع المتطرفين، وإصلاح من يمكن إصلاحهم، وتحييد الرأي العام، فلم يترك العقلاء الساحة مفتوحة لمتطرفي السنة، سواء صدام حسين أو «القاعدة»، أو غيرهما.
اليوم لا بد أن يقف عقلاء الطائفة الشيعية موقفا جادا ضد إيران، وحسن نصر الله، وبشار الأسد، فعار أن تقف المعارضة البحرينية الشيعية موقف الصامت تجاه ما يحدث بسوريا، لا بد أن يتحدث العقلاء، خصوصا وهم يرون المعارضة البحرينية الشيعية تخرج في مظاهرات لا يمكن تسميتها بمظاهرات لبيك يا وطني، بل هي «لبيك يا إيران»!