Friday, May 4, 2012

الأراضي العربية المحتلة ومقاومة الاستعمار الإيراني

أولاً لم أفهم سبب الضجة التي صاحبت زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبي موسى المحتلة؟ ثانياً أستغرب أنها (قد) تكون الزيارة الأولى لمسؤول إيراني رفيع لجزر الإمارات المحتلة!! فإيران تحتل هذه الجزر وتحتل قبلها إقليم الأحواز العربي احتلالاً كاملاً يجعلها المتصرف الأول في مواردها والمدبر الأوحد لشؤونها حتى وإن كانت الجزر الإماراتية محل نزاع!! إيران تحتل جزر الإمارات منذ 30 نوفمبر 1971م، أي منذ ما يزيد عن 40 عاماً، وهي ترفض التوجه إلى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع بينها وبين الإمارات، ودول الخليج ممثلة في حكومة الاتحاد الإماراتي وأجهزة مجلس التعاون لم تقدم ما يدعم هذه القضية ويثبت أحقية الإمارات العربية بالجزر المحتلة، ولم يتجاوز السلوك الرسمي لدول مجلس التعاون أكثر من الشجب والاحتجاج والمطالبة.. الخ. في المقابل ولمن يعرف السياسة الإيرانية المتمثلة في المبادرات الاستباقية فإن إيران تصبح الأقدر على تثبيت سلطتها على الجزر المحتلة في ظل التراخي الخليجي والعربي، فهي تعمل على تغيير التركيبة الديمغرافية للمناطق المحتلة، وتعمل كذلك على طمس الهوية العربية فيها، وليست في انتظار شجب أو مباركة أي طرف كان. قضية احتلال إيران للأراضي العربية تحتاج أولاً لمجهود إعلامي ممنهج، ثم تحتاج لعمل حقوقي وسياسي منظم، إيران دولة احتلال!! احتلت الساحل الشرقي للخليج العربي بالكامل (ممثلاً في إقليم الأحواز) بالتواطؤ مع الاحتلال البريطاني، واحتلت الجزر الإماراتية في توقيت حرج تستعد فيه إمارات الاتحاد لإعلان الاستقلال والشروع في تشكيل الدولة وبناء مؤسساتها، بالتالي لا شرعية لتسمية الخليج العربي بالفارسي، فجميع الشعوب التي تعيش على ضفتي الخليج عربية تعود بأصولها إلى قبائل عربية مؤصلة استوطنت السواحل الخليجية منذ مئات السنوات، وهذه الشعوب الرازحة تحت الاحتلال الفارسي تحتاج منا الدعم لتثبيت هويتها العروبية، وحقوقها في الاستفادة من مواردها التي استنزفتها إيران ومقاومة تهميشهم من المشاركة في الحياة العامة والسياسية. شعب (الأحواز العربية المحتلة) ومواطنو (الجزر الإماراتية المحتلة) يحتاجون دعماً من مجلس التعاون الخليجي ومن الجامعة العربية للحصول على حق تقرير المصير في التحرر من الاستعمار الفارسي، ويتحمل باحثونا العرب والمتخصصون في الدراسات التاريخية مسؤولية التقصير في التنقيب عن الوثائق في الأرشيف البريطاني التي تثبت حقيقة المؤامرة البريطانية الفارسية في إسقاط الحكم العربي في الأحواز عام 1925م، وتبحث في صدقية المزاعم حول المساومات الفارسية البريطانية في احتلال جزر الإمارات. حقيقة أن (إيران دولة احتلال) احتلت الإقليم الشرقي للساحل الخليجي بالكامل مع الجزر الإماراتية احتلالاً عسكرياً استخدم فيه الإنزال البحري وقُتل فيه المواطنون العرب حقيقة يجب أن يعمل إعلامنا على ترسيخها، وحدث تاريخي موثق يجب أن يترسخ في الوعي العربي كما ترسخت نكبة فلسطين واحتلال إسرائيل للأراضي العربية بين عامي 1948 و1967م. وجه آخر من أوجه مقاومة الاحتلال الفارسي للأراضي العربية هو نقل المعارك الإيرانية إلى أراضيها، فإيران استباحت الأراضي العراقية لبسط احتلال من نوع خاص يتولى رعايته وكلاء إيران في العراق متمثلين في حزب الدعوة الذي واجهته نوري المالكي، ومؤسسة البيت الشيعي التي يتزعمها أحمد الجلبي، وتحاول استباحة الأراضي البحرينية لنشر الفوضى والإرهاب عبر عملائها المنضوين تحت التيار الولائي، فضلاً عن الحوثيين في اليمن وغيرها من بؤر التوتر التي نجحت إيران في زرعها في كل بقعة عربية، فإيران توسع نفوذها بالعمل داخل الجغرافيا العربية، في الوقت الذي تبقي فيه أراضيها بمنأى عن الصراعات، ولا يتحقق إعادة المعارك الإيرانية إلى جغرافيتها الحاضنة إلا بدعم المنظمات الأحوازية المجاهدة المطالبة بالاستقلال دعماً مادياً وإعلامياً وسياسياً دون خجل أو مواربة، فقضايا التحرر العربية هي قضايا عادلة وقد ماطل العرب فيها كثيراً وجاملوا بما يكفي لضياعها سنوات طوال. في خضم كل هذه المنازعات مع إيران نُفاجأ بالازدواجية الاقتصادية، فالخليج العربي أضحى سوقاً كبيرة للمنتوجات الإيرانية وحجم الصادرات الإيرانية بلغت أوجها مع دولة الإمارات المتحدة التي تعد الدولة العربية الأولى من حيث استيراد البضائع الإيرانية، فبناء على إحدى الإحصائيات الاقتصادية القديمة فإن قيمة الصادرات الإيرانية للإمارات تجاوزت 2.275 مليار دولار
أي بما نسبته 3.75% من إجمالي التجارة الإيرانية لعام 2003م، وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن قيمة الصادرات الإيرانية للإمارات ارتفعت في حقبة التسعينات بنسبة 419% عن عقد الثمانيات، فهل بعد كل هذا تستحق إيران منا دعم اقتصادها؟! نحن إذاً إزاء منهجين سياسيين متناقضين في الخليج العربي، إيران السباقة المبادرة في سياساتها وتحالفاتها، ودول الخليج المتلقية والمتصرفة بردة الفعل، والتي تنتظر من إيران أن تتوقف عن الفعل وتركن إلى السكون، وتلك منهجية سلبية تحتاج لإعادة نظر. إن زيارة أحمدي نجاد لأبي موسى ليست إلا استفزازاً للشخصية العربية التي يبدو أن الإيرانيين قد درسوها وعرفوا مفاتيحها، كما إن التصريحات الإيرانية حول اندماج عراقي كامل مع إيران لا تخرج عن هذا التفسير، ومن الواضح أن الإيرانيين قد أصبحوا يتصورون أن العرب ظاهرة صوتية انفعالية فأصبحوا يستمتعون باستفزازنا بأساليب أقرب إلى التهريج التي كان آخرها إعلان يوم 30 أبريل من كل عام يوماً وطنياً للاحتفال بالخليج الفارسي!! فمتى يبادر العرب بمقاومة الاحتلال الفارسي للأراضي العربية في الخليج العربي مقاومة تتجاوز قاموس الشجب والاحتجاج وترتقي من ردة الفعل إلى الفعل المبادر؟

كيف يمكننا أن نحفظ الأمــــن

من أعظم مداخل إضعاف أي شعب محاولة زعزعة أمنه والعبث في استقراره، فإن الأمن إذا ذهب عمّ الخوف وانتشر الرعب، وتفرغت الكلمة وحل الفقر والجهل فصاروا لا يهنئون بطعام ولا منام، وعلى النقيض فإن الأمن إذا ألقى بظلاله على الناس حفظوا دينهم وأموالهم وعقولهم وتوجهوا إلى إصلاح دنياهم بالبناء والتنمية والرقي بنظرة بعيدة وخطوات راسخة.
ولعل أبرز الأسئلة اليوم من قِبَل المؤسسات العامة والخاصة والجماعات والأفراد في ظل ما نشاهده من أحداث مؤسفة تمر بها البلاد وتزداد وتيرتها أحيناً وتخفت أخرى، كيف يمكن أن نحفظ أمننا، وما هو الدور المطلوب منا؟! قبل أن نسأل ما الذي يجب على غيرنا، فنحن نملك ما بأيدينا ولسنا بمسيطرين على الآخرين.
أول واجب بعد أن نجانا الله من هذه الأزمة وبعد أن تخطفتنا الرياح وهاجت بنا الأمواج ووصلنا إلى شاطئ البر أن نشكر الله على هذه النعمة العظيمة نعمة الأمان بعد الخوف التي تعادل ما في الدنيا من نعيم، فبالشكر تدوم النعم، وبالكفر ومقابلة نعمة الله بالمعصية بأنواعها كالسماح للخمور وانتشارها وعدم معاقبة متعاطيها ورعاية حفلات المجون والخلاعة تحت مسميات براقة والمجاهرة بمحاربة الله فتنتشر المنكرات وتترك الواجبات تحلّ النقم، يقول الله تعالى:
“وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”.

إن شكر النعم كما يكون بالقلب وباللسان وذلك بالإقرار بأن ما عندنا من خير فإنما هو من عند الله، تكون بسائر الجوارح وذلك بأن لا تصرف إلا لله وأن تطبق عليها شرع الله، فمتى فعلنا ذلك حصل لها الأمن ما لا يحصل لسوانا، وفتح لنا من أبواب الرزق الواسع التي تأتيها من كل مكان.
من أسباب الأمن والوسائل التي يحتاج إليها المسلمون لا سيما في أوقات الأزمات والفتن واختلال الأمن رد الأمر في المسائل العظام والحوادث الجسام إلى أولي الأمر من العلماء وأهل الحكمة والرزانة الذين يقيسون الأشياء بمقياس الشرع فإن العلماء هم ورثة الأنبياء الذي يقول الحق ويرأفون بالخلق، وأول وسائل الخذلان الانتقاص منهم وإثارة الناس عليهم وعدم الرجوع إليهم، يقول الله تعالى:
“وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا”.

ومما يؤسف له أن بعض الشباب يتسرع في نشر الأخبار دون تثبت أو تروي، ويتعاطى معها ويبني عليها الأحكام وتصدر منه التصرفات غير الحكيمة دون مشورة أو رجوع لأهل العلم، فيفسدون من حيث يريدون الإصلاح، وهم لا يشعرون.
مما نحفظ به الأمن تطبيق ما شرعه الله من الوسائل الرادعة لمن يحاول بث الرعب وإثارة القلاقل ويعتدي على أموال الآخرين وأنفسهم وأعراضهم، فإقامة الحدود فيها ردع للجناة وزجر للناس، والمجرم إذا لم يعاقب وسبق عفوه عقوبته تجرأ على قطع الطرق وضرب الاقتصاد وتزوير الأخبار وقلب الحقائق، وتهيج العامة.

من التعاون إلــى الاتحـــاد

في ظل الخطر الإيراني وتدخلاته في دول مجلس التعاون؛ أصبح الأمر ملحاً إلى الانتقال من مرحلة التعاون والتنسيق فقط إلى الاتحاد الكونفدرالي، وهو ما يتطلب إرادة صادقة وصلبة من قادة دول المجلس وإبعاد أية اختلافات، وليست خلافات، على هذا الاتحاد من أجل مستقبل وأمن شعوب المنطقة برمتها، وما المؤتمر الشبابي الذي عقد في الرياض مؤخراً إلا خير دليل على مدى تأثير الشباب ورأيهم في الاتحاد الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين في قمة الخليج الأخيرة، حين استشعر مدى الأخطار المحدقة على دول المجلس والمخططات التي تحاك ليل نهار من أعداء الأمة والعروبة. لقد كانت كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر الشباب مهمة، حيث نبه فيها إلى ضرورة الإسراع إلى الاتحاد بين دول مجلس التعاون مع تصعيد إيران وتحديها العالم فيما يتعلق ببرنامجها النووي واستفزازها المستمر لدول المجلس وتدخلاتها في الأمور الداخلية، وكان آخرها أحداث البحرين التي كانت طهران طرفاً ومحرضاً رئيسياً فيها مستغلة ما يسمى بـ«الربيع العربي» لتحقيق مآربها السياسية والتوسعية وإثارة النعرات الطائفية بين أبناء الوطن الواحد على أساس مذهبي. بعد كل تلك المؤامرات سواءً من إيران أو من يعاونها من دول ومنظمات وأفراد يجب على قادة دول مجلس التعاون أن يدركوا أن الأخطار والأعداء قد تكالبوا على دولهم وشعوبهم، الأمر الذي يتطلب عملاً جماعياً مشتركاً لمواجهة من يسعى إلى فرض هيمنته ونفوذه بالقوة والتهديد، وهو ما يجب حياله العمل بجد للتحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد بما يضمن أمن واستقرار دول الخليج الست مجتمعة وليست منفردة، فهو السبيل الوحيد لمواجهة أية أزمات على مختلف المجالات وعلى رأسها الصعيد العسكري والسياسة الخارجية الواحدة لدول المجلس وتمثيلها في المحافل الدولية. بلاشك إن التحول إلى الاتحاد الخليجي سيحقق مكاسب جمة حيث ستكون السياسة الخارجية موحدة ويكون القرار جماعياً في حال التفاوض على سبيل المثال في أي قضية كانت وهو ما سيؤدي إلى ضغط جماعي يحسب له ألف حساب على مستوى العالم وفي الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية، ويعطي زخماً أكبر لاسم ومكانة دول الخليج، كما إن الاتحاد أيضاً سيشكل ضمانة لردع أي تدخل أو عدوان خصوصاً إيران من التفكير في التعدي على أي من دول الخليج عسكرياً وهذا ما رأيناه واضحاً حين غزت العراق الكويت أمام مرأى العالم، فضلاً عن تجفيف منابع الإرهاب بكافة أشكاله بل والقضاء عليه من المنطقة. اقتصادياً فإن الانتقال إلى الصيغة الاتحادية سيعطي دول الخليج قوة اقتصادية هائلة في ظل ما تمتلكه من إمكانيات وثروات نفطية تصل إلى نحو 630 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، وتريليونين دولار من الاستثمارات الخارجية، حتى الإنتاج المحلي الخليجي بلغ العام الماضي أكثر من تريليون ونصف دولار أمريكي، وهو ما يضاهي أكثر من نصف الاقتصاد العربي مجتمعاً، وهذا يعني أن دولاً غنية لديها كل تلك المقومات يجب ألا يستهان بها وستشكل ثقلاً على خريطة العالم يوازي الدول العالمية الكبرى. في الحقيقة والواقع إن التحول إلى الاتحاد أصبح حلماً قديماً يراود كل مواطن خليجي بات قاب قوسين أو أدنى بأن يصبح واقعاً ملموساً، ولن يتحقق إلا من خلال سواعد الشباب الذين يمثلون 65% من إجمالي السكان، خصوصاً أن أبناء الخليج أثبتوا ومازالوا إمكانيتهم بناء الأوطان وتحمل المسؤولية فهم المستقبل المشرق للخليج والذين سيحملون الراية لتكون خفاقة والوقوف في وجه أعداء الأمة ومن يتربصون شراً بوطننا الخليجي الكبير، وهو ما يتطلب تضافر الجهود لتعزيز مسيرة التكامل والوصول إلى الاتحاد الذي حتماً سيكون صمام الأمان لاستقرار دول وشعوب الخليج ضد كل ما يهدد أمنها واستقرارها والحفاظ على المكتسبات التي تحققت على أيدي الآباء والأجداد.
همسة.. الاتحاد الخليجي حُلمٌ لطالما انتظرناه، فمتى سيرى النور ويكون واقعاً نلمسه بأيدينا؟

الموقف الأمريكي من الأزمتين البحرينية والسورية

ليس من قبيل المبالغة القول إن صورة أمريكا في العالمين العربي والإسلامي هي الأسوأ منذ سنوات طويلة، فرغم جهود ومحاولات واشنطن تحسين تلك الصورة بعد أحداث 11 سبتمبر2001 وصرف الكثير من الأموال وتعيين المسؤولين والخبراء لتغيير صورتها إلى الأفضل في إطار ما أسمته معركة “كسب القلوب والعقول”، إلا أن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح ومن غير المتوقع أن تحقق نجاحًا في المستقبل المنظور للعديد من الأسباب وفي مقدمتها سياستها الخارجية التي تحقق نجاحًا مشهودًا في كسب أعداء وناقمين وساخطين جدد باستمرار. ارتكبت واشنطن الكثير من الحماقات وتورطت في العديد من المغامرات العسكرية وانتهكت القيم الأخلاقية والمقدسات الدينية مما جعلها الدولة الأولى بامتياز من حيث العداء والكراهية لها، والحق أنه عداء مبرر وكراهية مفهومة باعتبارهما أقصى ما تستطيع دول العالم وخاصة المغلوب على أمرها فعله إزاء الأخطاء والجرائم الأمريكية. وقد كان عام 2011 مليئًا بالأحداث والأزمات العربية التي كشفت “غباء” السياسة الأمريكية وانحيازها الفاضح لمصالحها، وإن كان ذلك على حساب الشعوب الأخرى، فقد ابتعدت عن الثورة المصرية واكتفت بدور المراقب والمتابع فقط إلى أن اتضحت لها الصورة جيداً، وأدركت أنها ثورة حقة ومبررة وقادرة على إزاحة النظام فتحولت جهودها وسياساتها لتظهر بمظهر “راعي” هذه الثورة والمدافع عنها والمؤيد لها باعتبارها بداية للتحول الديمقراطي في مصر، وعندما وجدت صعوبة في إقناع الشعب المصري بذلك تحاول جاهدة إحداث الفوضى واستمرار حالة عدم الاستقرار في مصر من خلال ما تسميه المنظمات الحقوقية . كما انغمست واشنطن في الحرب ضد القذافي بزعم القضاء على نظامه الديكتاتوري وإقامة الدولة الديمقراطية، في حين أنها كانت تسعى للحصول على الثروات التي تتمتع بها ليبيا فيما بعد إسقاط القذافي. وفي مملكة البحرين، حاولت واشنطن أن تقوم بدور الناصح الحكيم؛ إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً، حيث كان التردد والتخبط مسيطراً والانحياز إلى فئة دون أخرى غالباً. والملاحظ أن واشنطن التزمت الصمت تجاه الأزمة البحرينية فترة طويلة وبعد أن نجحت الدولة في تجاوز المرحلة الأخطر منها ظهر الصوت الأمريكي “النشاز” مطالباً بالحوار “الجاد” بين الوفاق والحكومة. ويبدو أن هذه الدعوة فرضت فرضاً على صاحبها وهو الرئيس “باراك أوباما” حيث لم يوضح المقصود بالحوار الجاد وشروطه ومتطلباته، كما لم يقدم تفسيراً واحداً لاختياره الوفاق فقط دون غيرها من مكونات المجتمع للدخول في حوار مع الحكومة البحرينية، فضلاً عن تجاهله لحوار التوافق الوطني ومحاولات “الوفاق” إفشاله كما حاولت مع الانتخابات النيابية التكميلية. والمثير للدهشة فعلاً أن واشنطن لم تغير هذا الموقف رغم صدور تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، والذي أكد أن ما تسمى “المعارضة” هي المسؤولة عن الأزمة برفضها الحوار الذي دعا إليه سمو ولي العهد. ولم تكتف واشنطن بذلك، بل تدخلت بشكل غير مقبول في الشأن البحريني سواء عبر مسؤوليها الذين توافدوا تترا للمنامة والتقوا أشخاصاً تسببوا في إطالة أمد الأزمة وحالوا دون معالجتها بصورة جذرية، كما كانت السفارة الأمريكية مكاناً آمناً وساحة مفتوحة أمام بعض القوى البحرينية دون غيرها مما يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول تلك المواقف المنحازة لطرف تسبب في أزمة غير مسبوقة وقوى تحاول القفز على الشرعية وإسقاط الدولة بينما تتجاهل خطوات ومبادرات إيجابية متعددة من قبل القيادة والحكومة. أما في سوريا، فقد سقطت ورقة التوت الأخيرة عن عورات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث وضحت صورة المراوغ والمخادع الأمريكي وراحت واشنطن تتلاعب في التصريحات وتتذرع بالشرعية الدولية وتحتمي بالفيتو الروسي والصيني كي تبقي على النظام السوري قائماً وتبتعد عن الحل العسكري على غرار ما حدث في ليبيا. وفي الوقت الذي بحثت فيه واشنطن عما يجب على الدولة فعله في البحرين، تجاهلت خطايا النظام السوري وغضت الطرف عن آلاف القتلى والجرحى الأبرياء وركزت جهودها على المعارضة السورية حيث وجدت في تشتتها فرصة ذهبية للهروب من التدخل العسكري أو حتى تسليح هذه المعارضة بما يعينها على مواجهة قمع وبطش النظام السوري. الدرس الأبرز والأهم الذي يمكن أن نخرج به هو أن واشنطن لا تقيم وزنًا لصداقات ولا تعطي أهمية لتحالفات ولا تسعى سوى لمصالحها ومصالح إسرائيل.

العلاقات المصرية السعودية.. نحو اختبار قاس

تابعت بدقة أحداث العلاقات المصرية السعودية وما لحقها من هرج ومرج وتضارب بالأنباء. ولكن حالة الأســتاذ المحامي الجيزاوي تختلف عن كثير من الحالات. وبادئ ذي بدء أقول إنني من المناصرين لحقوق الإنسان المصري في أي مكان وخاصة في بلاد الغربة، كما إنني أشارك كثيرين الإعراب عن القلق لما حدث للمواطن المصري في أي دولة حول العالم، ولكن الأمر ليس بلا ظلال أو وجهات تنظر، ويهمني أن أشير إلى ملاحظات ثلاث بالغة الأهمية في هذا الصدد: الأولى؛ إذا كان صحيحاً أنه يحمل مواد مخدرات ولا أستطيع أن أجزم بشيء في هذا الصدد، ولكن هكذا هو الاتهام، وهذا المحامي ليس ملاكاً فإذا كان الاتهام صحيحاً فيجب معاقبته لخروجه على القواعد القانونية في أية دولة. ثانيا؛ إذا كان ناشطاً سياسياً وسافر لنشر فكره أو للدفاع عن المصريين في السعودية كما يروج البعض، فهذا في ذاته خروجاً على القانون، ولم يفوضه أحد أن يقوم بذلك ولا تقبل أية دولة عربية أو أجنبية مثل هذا السلوك من مواطن أجنبي، فهذه مهمة رسمية تتولاها السفارات المصرية والقنصليات في الخارج. ونحن تعرضنا هنا في البحرين عند قدوم أحد المصريين المقيمين في إيطاليا للبحرين أثناء زيارة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق ولقائه مع المصريين، إذ خرج عليه شخص يدعي انتهاك حقوق المصريين، وأنه جاء من روما خصيصاً للدفاع عنهم، لكن بمناقشته اتضح أنه شخص لا يعرف القانون ولا يفهم علاقات الدول، وتدخل البوليس وتم إبعاده من قاعة الاجتماعات مع رئيس الوزراء لاعتبارات أمنية، وفي اليوم الثاني ذهب للتظاهر ضد السفارة لأنها على حد قوله لم تدافع عنه وأنها لا تدافع عن المصريين، وبمناقشته أشار إلى عدم إمكانية استخدام رخصة قيادة سيارة أو استخراجها من السلطات المختصة وإصرارهم على إجراء اختبار قيادة له، هكذا يفكر بعض المصريين المتحمسين دون إدراك وجود قوانين أو لوائح في الدول الأخرى تحكم مثل هذه الأعمال، مثل الحصول على رخص القيادة للسيارات دون امتحان ونحو ذلك، وجاء البوليس مرة ثانية وأبعده عن السفارة، ولا أدري ماذا كانت النتيجة في النهاية، لأن سلوكه، وإن كان بحسن نية، فهو يتعارض مع الأعراف الدولية، ليس في البحرين أو الدول العربية بل في أوروبا وأمريكا، لأن الدفاع عن حق شخص يكون بوسائل قانونية معروفة، أما أن يأخذ كل شخص القانون بيده فهو وصفة ممتازة للفوضى ولتدمير علاقات الدول بعضها ببعض، فضلاً عن المساس بحقوق المصريين المشروعة التي يتصور الشخص أنه يدافع عنها. ولم نجد إلا قلة من الثوريين الحقيقيين من سلك مثل هذا المسلك سوى شي جيفارا، عندما ذهب إلى أدغال أمريكا الجنوبية متصوراً نفسه الثوري أو تروتسكي، وانتهي بهما المطاف للمجهول ولم يحقق أية ميزة لشعوبهم أو للشعوب التي تصوروا أنهم يدافعوا عنها. أنا من المؤمنين بالدفاع عن الحقوق بالطرق الشرعية والقانونية، وكذلك التظاهر والمطالبة يجب أن يكون إما من أصحاب الشأن أو من أنصارهم في أوطانهم، والادعاء بالذهاب للعمرة ثم العمل بغير ذلك يوقع الشخص في السعودية ودول أخرى كثيرة بتهمة الكذب في وثائق رسمية، تحت طائلة العقاب وها هو ساركوزي المرشح الفرنسي لإعادة انتخابه رئيساً يهدد بترحيل المسلمين والعرب القادمين لفرنسا بطرق غير شرعية. أنا من المؤمنين مثل كثير من الناشطين الحقوقيين ذوي المصداقية والبعيدين عن الهوى بقول الحق والرأي دون أن أهتم بشيء، لأنه ليست لدي مصلحة شخصية ولا طموح شخصي، ولا أرغب في تملق الجماهير، فوقف الظلم والضرب على يد الظالم حتى لو كان صديقاً أو شقيقاً أو من أبناء الوطن أو الحزب أو نحو ذلك، خير من تركه يتمادى ويؤدي بسلوكه أو جهله للإساءة لمن يرغب في خدمته، وهذا هو مغزى قول الرسول الكريم “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقيل عرفنا كيف ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال بكف يده عن الظلم”. وهذا أيضاً مغزى حديث الرسول الكريم عن قوم ركبوا سفينة بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها فقال الذين في أسفلها لو ثقبنا ثقباً في السفينة لشربنا من الماء بدلاً من الذهاب إلى أعلى السفينة وإيذاء من هم في أعلاها، فقال الرسول إنه إذا أمسكوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً وإذا تركوهم غرقوا وغرقوا جميعاً.

حتى في العرف الأمريكي.. استهداف الشرطة إرهاب

من قال ان امريكا ضد الارهاب؟ من قال ان امريكا ضد القاعدة؟ ومن قال ان أمريكا تعادي إيران؟.. أليست امريكا هي نفسها من حضنت ورعت ومولت ودربت بل وساهمت في ظهور القاعدة الى الوجود؟ واذا كانت امريكا تعادي ايران وتعتبرها احد اضلاع محور الشر، فكيف لها ان تدعم حكومة نوري المالكي في العراق وهي تعلم أن علاقته بطهران قديمة، وجذوره المتطرفة تدفعه للشعور بالتعاطف مع دولة المذهب؟ إذا وضعت كل هذه الأسئلة بجوار الاتهام الكلاسيكى، فستكتشف حقيقة من يرعى الارهاب في البحرين!! أنا من المؤمنين بأن الامريكان ومنذ خرجوا الى الوجود وهم لا يسعون لخير المسلمين والعرب ابدا ابدا، ومؤمن بأن للأمريكان دورا في ما يحدث في بلدي البحرين، وللأسف، إني اكتشفت ذلك بعد أن بلغت من هذا العمر ارذله، لذلك سأشطح فى كلامي ولا يهمنى فأقول: نعم اعلم ان سفارة امريكا هي من ترعى الوفاق، ومن هي الوفاق؟ هي من تستهدف كل يوم ميليشياتها عناصر الشرطة، ولدي من الشواهد الكثيرة والأدلة الكثيرة، لكنني قبل ان اسردها، اؤكد أني لا ألزم أحدا بأن يؤمن بما اقوله. ولنبدأ، منذ عشر سنوات أو يزيد، طلعت علينا «ماما امريكا» وهي تصرخ وتبكي: الحقووووني، الارهاب ضربني في مقتل واستباح هيبتي كأكبر قوى على كوكب الأرض، ومنذ ذاك الحين، الدنيا قامت ولم تقعد، فانتهكت سيادة دول وتدخلت امريكا حتى بالمناهج الدراسية زاعمةً أن بعضها يروج للإرهاب، ولو أننا جمعنا جماجم قتلى العدوان الأمريكي في افغانستان والعراق فقط، لشيدنا ارتالا من الجبال، وحينها خرج علينا الامريكان والغرب بتعريف للإرهاب؟ في الغرب، ربط الإرهاب بنظرية «صراع الحضارات» معتبرين أن من أهداف الإرهابيين «زعزعة استقرار البنى الاجتماعية والاقتصادية والدستورية لبلدٍ ما»، كما جاء في التعريف الذي وضعه الاتحاد الأوروبي في 2004 (مجلة القانون الألمانية، 1 مايو 2004)، اما امريكا نفسها فتبنت تعريفاً رسمياً للإرهاب اكثر شدة، وعملت به وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية الأمريكية وهو موجود في القانون الأساسي الأمريكي، البند 22، الفقرة 2656، ويقول هذا التعريف: «مصطلح الإرهاب يعني العنف المدفوع سياسياً، عن سابق إصرار، ضد أهداف غير محاربة، من قبل مجموعات شبه قومية، بغرض التأثير على الجمهور» وتم تعريف «الأهداف غير محاربة»، بأنها رجال الشرطة وافراد الجيش والتأكيد جاء وفقا للمركز القومي الامريكي لمكافحة الارهاب الذي أنشئ في ديسمبر 2004 لدمج وتحليل التقارير الاستخباراتية الامريكية عن الارهاب والذي اعطى توضيحا صريحا ودقيقا وشاملا بالمقصود بـ «الاهداف غير المحاربة» فقال: «العنف السياسي المقصود، هو كل ما يستهدف مدنيين وغير مقاتلين بينهم الشرطة وأصول الجيش خارج ساحات القتال»!! انتبه للتعريف الأمريكي والغربي الدقيق، لا، وهناك غير التعريف الرسمي الأمريكي والغربي عشرات التعريفات لمفهوم الإرهاب التي قد تختلف معه بهذه الجزئية أو تلك، سوى أنها تحتفظ بفكرة تجريم العمل العنيف خارج إطار الحروب الرسمية ومنه، اذا كان مهددا للحياة، واذا كان غير قانوني، واذا كان دافعه سياسي أو ديني، واذا كان يستهدف هدفا مدنيا، واذا كانت آليته هي التخويف او التهديد الموجه ضد الدولة أو المجتمع!! بذمتك، اليس الموضوع يجنن وياخذ العقل؟ كنت مثلك، أظن أن الارهاب في مضمون التعريف الامريكي، نمط واحد وصيغة لا تتغير، لكن اكتشفت أن المسألة شكلية تجميلية محضة، تخضع للأهواء والاطماع الامريكية ومشروع الشرق الأوسط الكبير. تصدق أن المسألة تحتاج إلى محللين نفسيين لا إلى محللين سياسيين؟ فأمريكا التي تعتبر استهداف عناصر الشرطة والجيش في اي دولة في العالم عملا أرهابيا، هي من تطالب عناصر الشرطة في البحرين والذي يواجه اسياخ الحديد والفخاخ المعدة للانفجار وكل انواع العنف والارهاب، بتلقي المولتوف على صدره وقبل ان تنفجر يمررها لزميله، وبادئ ذي بدء الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس.. شفتم ألم نقل لكم إنها لعبة مصالح، يا أخي، ملعون من يصدق ان امريكا ضد الارهاب!

كيف نصدّقكم

في البحرين رغم كثرة الردح الحقوقي والإنساني الذي لا يكاد يهدأ من قبل الأمريكان والأوروبيين، سواء على مستوى قادتهم أو وزرائهم أو سفرائهم أو مبعوثيهم أو منظماتهم وهيئاتهم أو مجالسهم أو ما شابه ذلك مما نقرأ ونسمع فإن هنالك مشكلة عدم ثقة في نزاهة وصفاء وبراءة هذه (المعزوفات). والسبب الرئيس في ذلك هو سقوط غالب تلك الجهات في اختبار المصداقية وعدم قدرتها على حمْلنا لتفهمها والتعاطف معها باعتبارها دعوات وبيانات مخلصة هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات والامتناع عن قمع حرية التعبير وما إلى ذلك من شعارات تثبت الممارسة عندهم مدى زيفها، وأنها ليست سوى غطاء يتسترون من خلاله لنيل مآرب أخرى لا علاقة لها إطلاقاً بديمقراطية وحرية وسلامة الإنسان البحريني، ولا لسواد عيونه.
ودائما إذا أردنا اختبار مصداقية تلك الدول والمنظمات فما علينا إلا أن نختار مبدأ معيناً ونراقب مدى تطبيقهم له والتزامهم به والصمود عليه في عدة مواقف وقضايا متماثلة. ولذلك فإن ارتماء المعارضة في أحضان تلك الدول ودكاكينها الحقوقية والإعلامية على نحو ما نراه ونتابعه إنما هو أحد أهم أسباب اعتقادنا أن المعارضة وتلك الدول بدكاكينها فقدت الصدقية والنزاهة اللازمتين لاستقطاب المؤيدين وتطمين المناوئين أو المترددين.
في اعتقادي أن المعارضة قد ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا بخروجها عن نطاقها المحلي وحرصها على استعداء الخارج، ثم ارتكبت خطأ مضاعفاً حينما استعانت في استعدائها بالخارج على بلدان ودكاكين تكيل بمكيالين أو تمارس التطفيف في الموازين والازدواجية في المعايير، فتارة تأخذ أمام حدث معين دور الناصح الأمين في مكان ثم في مكان آخر تلعب بطولة الدعم والإسناد تجاه نفس الحدث ثم في مكان آخر تستحوذ على الدور الفاعل المنفذ إلى حدّ العربدة نحو الحدث ذاته. وهكذا...
لا نحتاج إلى كثير عناء للتدليل على ما سبق، لكن يكفينا أن نقارن بين فزعة تلك الدول ودكاكينها للسجين المضرب عن الطعام عندنا في البحرين، عبدالهادي الخواجة - وهي فزعة محيّرة ومثيرة للاستغراب والريبة عن دوافعها - وموقفها من آلاف السجناء الفلسطينيين الرازحين في سجون الاحتلال الصهيوني، بلا تهم، ولا محاكمات. ومن هؤلاء الآلاف عشرات من السجناء بدأوا أيضاً إضراباً عن الطعام منذ نحو أسبوعين لم تفزع لهم تلك الدول ودكاكينها، ولم تعطهم حتى ما نسبته (١%) من البيانات والمطالبات والزيارات والمناشدات التي خصّت بها الخواجة.
بل ان من بين هؤلاء المعتقلين والمضربين الفلسطينيين رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وجمْعا من نوابه، وأحدهم كبير في السن تجاوز عمره (٧٤) عاماً هو النائب أحمد الحاج علي، لم تتحرّك لأجلهم أو لأجله النخوة الإنسانية والحقوقية عند تلك الدول ودكاكينها مثلما تحرّكت للخواجة، وبالتالي أي مصداقية ونزاهة وبراءة وحيادية ونظافة يمكننا أن نعتمد أو نصدَقها.

هذا ما يخططون له

بعد تفجر الثورات الشعبية في العديد من بلدان عالمنا العربي وما أدت إليه من سقوط الأنظمة الحاكمة فيها - فيما بات يعرف بالربيع العربي ــ وصعود قوى سياسية متضاربة المصالح والأهداف بما يهدد باندلاع حروب أهلية في تلك الدول نتيجة تلك الثورات الفوضوية وغير المنضبطة، فإن آخر معاقل القوة المتبقية لدى الدول العربية هي ارتباطاتها وعلاقاتها الشعبية، فعلى الرغم من أن الأنظمة العربية تتنافر سياسيا وتتقاطع مصالحها اقتصاديا، وكثيرا ما تنشأ الأزمات السياسية بينها من لا شيء، فإن ارتباطات الشعوب العربية بعضها ببعض هي الحصن الأقوى والأخير في الوجود العربي وبسقوطه تصبح الأمة العربية كلها في خبر كان، وهو الهدف الذي تسعى إليه الصهيونية العالمية التي تحرّك السياسة الأمريكية وتتلاعب بالإدارات الأمريكية المتعاقبة كالدمية تماما، وهو هدف تم التخطيط له بكل دقة وخبث طوال عقود مديدة من الزمان لتسقط ثروات ومقدرات الأمة العربية كلها بين أيدي العصابة الصهيونية الآخذة بتلابيب الاقتصاد العالمي اليوم والمتحكمة في معظم مراكز صنع القرار في دول العالم الكبرى، سواء بالتحكم المباشر كما هو الحال في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أو بالتحكم غير المباشر عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية كما هو الحال بالنسبة إلى بقية الدول الكبرى.
الخطة الصهيونية باتت واضحة المعالم تماما، إذ تعتمد على إسقاط الأنظمة العربية الحاكمة عبر إحداث ثورات شعبية عارمة باستغلال الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية في معظم تلك الدول تارة، أو باستغلال الطموحات الطائفية أو العرقية لفئات من الشعب تارة أخرى، أو باستغلال الكبت الفكري أو العقائدي تارة ثالثة، أو بإثارة الشغب والاضطرابات باستغلال العصابات الإجرامية والعمليات التخريبية تارة رابعة، وكلها في النهاية تصب في ذات الهدف الصهيوني التفتيتي لهذه الأمة التي تتهاوى بلدا تلو الآخر تحت تلك المطارق القاتلة.
ليس تفجير الأوضاع الداخلية في الدول العربية وحده ما يتم العمل عليه حثيثا الآن، بل وإثارة الخلافات والنزاعات والصراعات بين الشعوب العربية، وأصدق مثال على هذا الخلاف المتصاعد بين الشعبين المصري والسعودي على قضية مواطن مصري تم ضبطه في أحد مطارات المملكة العربية السعودية وبحوزته مواد مخدرة وما نجم عن ذلك من شن حملة مسعورة ضد المملكة على الإنترنت في مواقع مصرية مشبوهة الأهداف والنوايا، امتدت آثارها إلى فئات عريضة من الشعب المصري، مما أدى إلى احتشاد جماهير منها غاضبة أمام السفارة السعودية في القاهرة ومحاولاتها إحراق السفارة والاعتداء على العاملين فيها، مما اضطر الحكومة السعودية إلى استدعاء سفيرها وإغلاق مباني السفارة حتى إشعار آخر، على الرغم من احتمال قيام عملاء بدس تلك المواد لذلك المواطن المصري قبيل سفره إلى السعودية لإثارة هذه الأزمة والنفخ فيها لتدمير العلاقات السعودية المصرية وخصوصا بعد إعلان منح السعودية مساعدات اقتصادية واجتماعية لمصر بمليارات الدولارات لدعم الحكومة المصرية المنتخبة القادمة وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري.
إن الذي ينفخ في تلك القضية ليس الشعب المصري الطيب والمثقف، بل عصابات مأجورة تتخفى بين صفوف الشباب المصري لتستثير مشاعر المصريين وتوجّه فئات منهم نحو الاعتداء على السفارة السعودية وبعثتها الدبلوماسية في القاهرة لتتسع شقة الخلاف الرسمي والشعبي بين البلدين، وهو ما أكده اكتشاف السلطات المصرية مخططا منذ عدة أشهر لاغتيال السفير السعودي في القاهرة كان سيتم تنفيذه بأيدي عملاء تابعين لجهاز الاستخبارات الإيراني، ما يعطي دلالة واضحة لا شك فيها على أن الإيقاع بين الدول العربية شعوبا وحكومات هو الهدف الأكبر للصهيونية العالمية التي التقت أهدافها مع أهداف نظام ملالي إيران فتحالفا معا ضد أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج.
يجب على حكوماتنا العربية وبالذات منها الخليجية أن تضع حدا فوريا للتغلغل الإيراني في ديارنا، وخصوصا التغلغل الاقتصادي، وأن تسارع فورا إلى اتحاد خليجي كامل في جميع المجالات لحماية وجودنا، وأن تنأى بنفسها عن أي صدام مفتعل مع دول الجوار العربي وغير العربي والذي يستميت أعداء أمتنا في جرّنا إليه طوعا أو كرها.

الصبر مع تسارع الأحداث

يسعى النظام الإيراني الآن إلى ابتلاع العراق، وجعله رأس الحربة في مواجهة دول الخليج وباقي الدول العربية، إذ أنه أكثر من يستشعر قرب سقوط حليفه السوري، الذي وصلت الثورة الشعبية ضده إلى المعقل الأخير في دمشق التي لم يتبق فيها سوى أربعة أحياء لا تتظاهر، وهي الأحياء التي يقطنها مسئولو النظام السوري أنفسهم، وبدخول الثورة إلى عقر دارها يكون الجنين الثوري، الذي أمضى في أحشاء الوطن السوري أكثر من عام، قد أوشك على الخروج إلى النور.
يعتقد النظام الإيراني أنه بغرس مخالبه في العراق سوف ينجو بنفسه من موجة المد القادمة، وأنه سيتمكن من الاستمرار في التغول على دول المنطقة، إلا أن الواقع سوف يقتحم عليه عقر داره، وليس غريباً الآن أن مستوى التصعيد وضرب الأمن الذي يمارسه علينا هنا في دول الخليج سوف ينتقل إلى مرحلة أكثر شدة وضراوة، تستدعي الصبر واليقظة والتلاحم. إن الثورة السورية قد ضربت عقر دار المشروع الإيراني المتحفز للانقضاض على جيرانه، وهي بكل المقاييس قد باغتته في وقت كان يمني فيه نفسه باستغلال مناخات التغيرات الجذرية في البنية السياسية للوطن العربي، إلا أن هذا التحفز خاب وفشل، وفي انتظاره المزيد من الفشل أيضاً.
الرئيس التونسي منصف المرزوقي، أجرى قبل يومين لقاء مع صاحب موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج، وعرج في حديثه على «حزب الله» وزعيمه حسن نصرالله قائلاً: «إن شعبية حسن نصرالله انتهت تماماً هنا في تونس، وفي سائر البلدان العربية». كلام المرزوقي ليس عابراً، بل يدلنا على تغيير كبير في الواقع، يدركه أقل الناس فهماً، ربما ما عدا النظام الإيراني الذي تعميه عنجهيته عن الإبصار. إن «حزب الله» هو أحد أذرع النظام الإيراني في المنطقة، وقد تمكن في عام ٢٠٠٦ من خداع الرأي العام العربي بمسرحية مواجهته مع إسرائيل التي لم يسقط فيها صريعاً جندي إسرائيلي واحد. وحينما يقول الرئيس التونسي - وهو ابن الثورة التونسية- هذا الكلام عن «حزب الله»، بعد ٦ سنوات من مسرحية الحرب، فإن ذلك يعني من دون أية مواربة، أن الرأي العام العربي قد تغير جذرياًّ، وخصوصا بعد افتضاح النفس الطائفي للحزب وزعيمه، وتشريعه قتل السوريين، كنتيجة طبيعية للفتاوى الدينية التي صدرت من قم وطهران، بقتل السوريين وتشريدهم وإبادتهم.
إن التصعيد الحاصل في البحرين، وكذلك هناك على الجزر الإمارتية المحتلة، من قبل النظام الإيراني، إنما هو إشارة واضحة إلى أن هذا النظام بدأ يفقد أعصابه وهو يرى مشروعه ذا الثلاثين خريفاً يتهاوى في سوريا، وأن الجماهير العربية العريضة التي طالما ضحك عليها هذا النظام بأسطورة «الثورة الإسلامية» باتت هي اليوم من يقود الحراك المناهض للمشروع الفارسي في المنطقة العربية. وبالتالي فإنه لا بأس من الصبر ساعة في وجه هذا التصعيد، والتعامل معه بحكمة وحلم واقتدار، ريثما تنضج المواقف وتتشكل مع تسارع الأحداث.

أين العقـلاء

قبل ان أبدأ، لنقرأ هذه القصة الجميلة التي تقول»كان هناك صديقان يمشيان في الصحراء وخلال الرحلة تجادل الصديقان فضرب أحدهما الآخر على وجهه. الرجل المضروب تألم ولكن دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة، كتب على الرمال: اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي واستمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدا واحة بها عين ماء فقررا أن يستحما، وبينما هما يستحمان، علقت قدم الرجل المضروب في الرمال المتحركة، وبدأ يغرق، لكن صديقه أمسكه وأنقذه من الغرق. وبعد ان نجا الصديق من الموت قام وكتب على قطعة من الصخر: اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي. الصديق الذي ضرب صديقه وأنقده من الموت سأله: لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال، والآن عندما أنقذتك كتبت على الصخرة؟ فأجاب صديقه: عندما يؤذينا أحد علينا ان نكتب ما فعله على الرمال حيث رياح التسامح يمكن لها أن تمحوها، ولكن عندما يصنع أحد معنا معروفًا فعلينا ان نكتب ما فعل معنا على الصخر، حيث لا يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن يمحوها..» لذا يتحتم علينا ان نكتب آلامنا على الرمال وأن ننحت المعروف على الصخر.. في الأزمات يلجأ عامة الناس الى حُكمائهم والى عقلائهم الذين بحكمتهم وعقولهم وبُعد نظرهم وحسن تقديرهم لعواقب الأمور يهدّئون النفوس ويذكّرونهم بالمعروف وما يجمعهم مع خصمهم من وشائج عديدة ومترابطة ويؤدون الفتن في مهدها.
ما أجمل التسامح والترفع عن المخاصمة، لقد كنا ولزمن طويل وما زلنا كبارًا لا ننزل لسفاسف الامور ولا نرد على كيد الحاقدين وكنا دومًا نفوت الفرصة على المتربّصين وباغي الوقيعة، فماذا دهانا الآن ولماذا نسمع أبواقًا تدعو للقطيعة ولرد الصاع صاعين!! هل وقعنا في مصيدة المتآمرين والمتربّصين؟؟ يجب أن نكون حذرين وننتبه ونقول للمتربص ولباغي الفتنة وبصوتٍ عال: هل يمكن للأخ ان يستغني عن أخيه؟! مصر منا ونحن لمصر وما فعله ملكنا وقائدنا «سلمه الله» من سحب السفير السعودي في مصر وقفل السفارة لم يكن من باب الإضرار بمصر وانما كان لحماية أبنائه الموظفين من جَهلةٍ اضرّوا ببلدهم قبل ان يضرّوا بنا وسيبقى ما فعلوه بسفارة خادم الحرمين الشريفين عارًا وخزيًا يلاحقهم ما عاشوا. ثم لماذا نكلف انفسنا عناء الرد على مَن يعوي بغير حق، فوالله الذي لا إله إلا هـو فإن غالبية الشعب المصري لا يرضى بما حدث وهو مَن يدافع عنا، ومن لا يصدق فليذهب الى مصر وليتكلم على بلدنا بسوء ولينظر ما سيفعل به إخوتنا المصريون.
مصر ضحّت من أجل العروبة وخاضت حروبًا عديدة ضد العدو الصهيوني المشترك، لكنها الآن جريحة وبحاجةٍ الى ان نقف معها لا عليها، وهناك مَن يخطط ويتآمر لبقاء مصر غارقة في هذه الفوضى ويبعد إخوانها عنها لكي لا يمدّوا لها يد المساعدة، فهل نُعينهم في تآمرهم على مصر ام نقول لهم اخسأوا.. فمهما فعلتم فلن تبعدوا الأخ عن أخيه، فنحن كالبنيان المرصوص نشد أزر بعضنا البعض، وسنقف حكومة وشعبًا مع مصر العروبة حتى تتغلب على محنتها، ويسود النظام والوئام والمحبة أرضها، ولنَجِد العذر لمسؤوليها، فلو كان النظام سائدًا كما كان - وان شاء الله سيكون - لما وجدت هؤلاء الخارجين على القانون يهاجمون ويعيثون فسادًا في ارض النيل.
الشيء الآخر وهو على قدر من الأهمية وستكشفه الايام عاجلًا ام آجلًا، هو هل هذه السحابة هي لإلهائنا عما يحدث لإخواننا في الشام؟؟ وهل هذه الفئة مستأجرة من أعدائنا وتريد ان تشغلنا عن واجباتنا القومية؟؟ ان كان كذلك فإننا نقول لهم: «فلتموتوا بغيظكم، فلا أنتم ولا مَن استأجركم بالتومان يقدر أن يوقع بيننا وبين الأرض اللي بتتكلم عربي».

جمعة لكل «معارضة» في سوريا

مع بداية مهمة المراقبين الدوليين في سوريا تطرق الأمين العالم للجامعة العربية إلى حق الدول في النظر بجنسيات المراقبين. وذكَّرَ في غير سياق الحديث بأن «عبدالناصر في زمانه رفض مراقبين باكستانيين لأن زيهم العسكري كان مشابها لزي جنود العدو». متناسيا الفارق بأن المهمة هنا أولا للمراقبة وليس للفصل وحفظ السلام، وثانيا أنها داخل البلد نفسه بين شعب ونظام فقد شرعيته باستهداف شعبه. لكن ليس هذا هو المهم.. المهم أن الرسالة وصلت والتقطت المستشارة بثينة شعبان الخيط ودارت رحى تصريحات ممثلي النظام في التأكيد على أحقية نظامهم في الموافقة على المراقبين أو رفضهم بناء على جنسياتهم. وهكذا أخذ النظام بالنصيحة وأوجد له عذرا جديدا للمماطلة. وبهذا امتدت فترة نشر المراقبين وامتد معهم نهر الدم السوري النازف. المؤسف ألا ينتبه إعلامنا كالعادة إلى مثل هذه الجزئيات المتناسقة في مشاهد المسلسل السوري الدامي.. بعدها أنهى الأمين العام العربي اجتماع وزراء الخارجية العرب أواخر أبريل المنصرم بتصريحات حملَّ فيها المعارضة السورية مسؤولية إصرارها على إسقاط النظام. وألقى عليها اللوم لانقسامها. واختتم بالإشارة إلى جهوده لتوحيدها لكن في اجتماع أواسط مايو.. أي مزيد من الوقت للهدر والاستنزاف. ذلك إذا ما أخذنا بحكم العقل والواقع أن وجود المعارضة أو عدمه، انقسامها أو توحدها ليس أصل المشكلة التي تتلخص في «حكم عائلي استبد بالسلطة على شعب يرفضه لأربعين عاما ويريد المزيد».
عليه بات ملزما على أهلنا في سوريا ومعارضتهم الحقة أن يفضحوا عمليا خلط الأوراق هذا. وأن ينهوا عمليا وللأبد أسطوانة «انقسام المعارضة» المشروخة التي باتت عذرا تافها أقبح من سببه. ويُعبر أكثر عن المتعذرين به. ويمكن بهذا تجاهله لولا أنه قد تحول إلى شماعة تعلق عليها القوى العربية والإقليمية والدولية قصورها المتعمد والفشل في إنهاء هذه المعاناة الإنسانية. وأصبح بذلك علميا وميدانيا وسيلة مميتة ودائمة لأهلنا العزل الأبرياء في سوريا.
وهذا ما يدعونا إلى دعوة أهلنا في سوريا وخارجها لتقديم إجابة عملية تقطع الشك باليقين وتنزع «كارت انقسام المعارضة» من أيدي اللاعبين الدبلوماسيين، عرب وروس وعالميين. وفضح واهية عذرهم هذا أمام العالم بوضعهم على المحك وفقا للاقتراح التالي:
أولاً: تخصيص جمعتين متتاليتين لتظاهر كل من قسمي المعارضة السورية على انفراد «كل في جمعته». كما فعل إخواننا المصريون، مدنيون وإسلاميون في ميدان التحرير، وليُبين كل من الفريقين شعبيته على الملأ. عندها ستتضح المعارضة ذات الشرعية الحقة وتلك المدعية. وسيبدو تكرار الادعاء بانقسام المعارضة «فلما محروقا». وبهذا لن يكون بعدها من السهل على المجتمع الدبلوماسي الدولي بما فيه «روسيا وإيران وأمين الجامعة العربية والرئيس التونسي» العودة إلى هذا الفيلم واللعب بسهولة على حبل معارضة الداخل والخارج.
أ‌- الجمعة يجب أن تكون حصرا لتظاهر مؤيدي هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة بزعامة هيثم المناع ونظرائه في التوجه. أي إنه يجب أن تُعطى لهم الأولوية نظرا لأنهم يعتبرون أنفسهم معارضة الداخل. ويجب أن تُترك لهم ولمؤيديهم الساحات والشوارع العامة. أولا وقبل كل شيء في المدن التي باتت معروفة للجميع بأنها معاقل المعارضة الفاعلة. وبالتحديد حمص الأبية وحماة ودرعا ودير الزور والقامشلي وريف دمشق.. هذا فيما يلزم مؤيدو المجلس الوطني السوري المعارض بيوتهم ولا يخرجوا للشوارع حتى للمشي الطبيعي. وهم حتى بهذا الإجراء لن يتوقفوا عمليا عن الاحتجاج بل إن مثل هذا السكون المؤقت يُعتبر بحد ذاته مظهر احتجاج فعال وعليهم أن يتعاملوا معه كذلك. خصوصا وأنهم بهذا التصرف سيقدمون إجابة عملية للعالم لا مجال لإنكارها عن مدى شعبية هيئة التنسيق السورية . وبالتالي تبيان مدى جدية هذا الفريق في التحدث باسم السوريين. وأيضا مدى جدية الموقف الروسي في الإصرار على هذا الفريق كمحاور. ومدى شرعية دعوات الأمين العام نبيل العربي والعرب الرسميين لضرورة توحد المعارضة مع هذا الفريق.
ب‌- يجب الاحتياط بالطبع لمداهمات قوى النظام وغدرها خلال جمعة إخلاء الشوارع هذه. ما إن ينجح هدف الإخلاء بإيضاح حقيقة شعبية الفريق الآخر للمعارضة يجب مواصلة الاحتجاج فورا لمنع النظام من استغلال الموقف.
ج- الأمر لا ينسحب على المدن التي تخضع لهيمنة النظام. لأن النظام بالتأكيد سيستخدم «شبيحته» في تعبئة تظاهرات مؤيدة للمعارضة الأقرب إلى أطروحاته. ذلك وأن النظام نفسه سيكون أمام خيار صعب لو أنه وُضِعَ أمام اختبار تنظيم تظاهرات مؤيدة له في عدة مدن في ذات الوقت.
د‌- الجمعة القادمة يجب أن تكون جمعة تجديد التأييد للمجلس الوطني السوري. والأحرار المدافعين عن المدنيين أهلهم. ثم ليُقرر بعدها الأمين العربي أن يوحد «مين مع مين». لكن بناء على ما يُظهره الواقع على الأرض. وألا يكرر بعدها «أسطوانة انقسام المعارضة» لأنه من غير المعقول أصلا طرح هذه القضية. وأن يُنتظر من شعب كامل وقواه المعارضة كيفما وأينما ومتى ما كانوا أن يكونوا شيئا واحدا. فهذا هو نقيض الديمقراطية. بل إنه الديكتاتورية بعينها.
ثانيا: إذا ما استمر التعذر بـ «انقسام المعارضة» يجب على المجلس الوطني السوري:
أ‌- إبلاغ الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية في بيان جاد وواضح بضرورة احترام إرادة الشعب السوري المتجسدة في الجمعتين أعلاه في تحديد المعارضة الشرعية الحقة. والتوقف فورا في خطاباتها الرسمية عن التعذر بعذر انقسام المعارضة للتغطية على عدم رغبتها في إنهاء معاناة الشعب السوري. ذلك في غضون مهلة محددة «عشرة أيام». مع التأكيد على أن المجلس الوطني سيجد نفسه مضطرا بعد هذه المهلة وفي حالة عدم التوقف عن هذا العذر لإعلان تجميد نشاطه. ما يعني أن على هذه الدول والمنظمات أن تتعامل مباشرة مع الوضع داخل سوريا بصوره المروعة التي تتواصل إعلاميا. ودون غطاء «علاقات عامة» كما هي الحال حتى الآن من المجلس الوطني وممثليه.
ب‌- التوقف فورا عن الزيارات الشكلية غير العملية لعواصم العالم لاسيَّما العربية والتي تُستغل من قبل حكومات هذه الدول لإقناع الرأي العام الداخلي والعالمي بأنها تساند الشعب السوري. علما أن كل ذلك لا يعدو كونه دعاية إعلامية لهذه الدول وحكوماتها. وليس له أي مردود فعلي على الشعب السوري في محنته. هذا الأسلوب الدعائي الفارغ الذي يبين «إنسانية وحكمة زعماء دول عربية وإسلامية» معهود ومجرب مع محن الشعوب في البوسنة والعراق وغيرهما.
ت‌- احترام إرادة الشعب السوري من قبل الجامعة العربية
هذا مع اعتبار كل ما تقدم جزءا عمليا معتبرا من التعبئة المعنوية للثوار. والضغط النفسي والفعلي على المجتمع الرسمي العربي والعالمي في إطار الحراك السياسي العام الفاعل والمتناغم مع ضرورات مسيرة ثورة شعبنا السوري وهدفها القادم لا محالة بالنصر والتحرر.