Tuesday, June 19, 2012

القاعدة + الشعب الخليجي x الولايات المتحدة الأمريكية

سوسن الشاعر
سأبدأ من حيث انتهى الرئيس أوباما بتأبينه للأمير نايف بن عبدالعزيز الذي نعزي فيه الأمة العربية لفقدها هذا الرجل، فقد قال الرئيس أوباما بأن الأمير نايف أنقذ الآلاف من أرواح الأمريكيين.. وهذا صحيح. فالتعاون الأمني بين الاثنين حفظ أمن المنطقة والأمن الإقليمي والدولي من خطر القاعدة، هذا تعاون لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تنكره، لكنها الآن تكاد تفسد ما نجحت فيه سابقاً!! التحالف الأمريكي مع دول مجلس التعاون أثمر بالفعل بنتائج أدت إلى تقليص نفوذ وقوة القاعدة في كافة دول مجلس التعاون، وعموماً لم يجد هذا الفكر له سوقاً رائجة في دول مجلس التعاون -خصوصاً في البحرين- طوال فترة الحرب على الإرهاب، فهو فكر إقصائي متعصب يميل للعنف على عكس طبيعة الشعب الخليجي. إنما يستطيع أي مراقب أن يرى صعود هذا الفكر (خليجياً) في الكويت والبحرين على وجه التحديد تلك الدول التي قاومت هذا الفكر لأكثر من عقد من الزمان، ولا يمكن أن أبرئ ساحة السياسة الأمريكية في المنطقة من ردة الفعل العكسية هذه. فمن بعد الانحياز الأمريكي لحزب الدعوة العراقي، ومن بعد إقصاء سنة العراق، ومن بعد أحداث البحرين والانحياز السافر السياسي الأمريكي لحزب الدعوة البحريني، شعر السنة بخطر تهديد المصير في الخليج العربي كله لا في البحرين فقط مما جعلهم (يتفازعون) لبعضهم بعضاً. مما سمح لفكر القاعدة المتطرف أن يجد فسحة من العلنية والانتشار، وممكن ملاحظة ذلك بسهولة، صحيح ليس هناك نشاط ميداني لتنظيم القاعدة في دول الخليج، إنما تزايد شريحة المتعاطفين وحده يعد مؤشراً خطيراً؛ إذ بالإمكان تتبع شريحة تتسع من شباب السنة تبدي تعاطفاً ملحوظاً مع فكر القاعدة المناهض للغرب، وبدأ التيار يعلن عن نفسه بشكل سافر، وبدأ أنصاره في تزايد وبدأ يعمل ضمن أطر الدولة الدستورية؛ أي يستفيد من قوانينها بعقد الاجتماعات العلنية وبتسيير المسيرات، أي أنه يمارس كل ما هو متاح له أن يمارسه ليعبر عن رأيه المناهض للغرب. هذا متغير لا يجوز إسقاطه من حساباتنا، ولا يمكن أن استبعد أن يجد هذا الفكر من يفعله ميدانياً، أضف له متغيراً جديداً وهو الحراك السني على مستوى دول مجلس التعاون متمثلاً في الفزعة للبحرين ومن ثم الفزعة لسوريا. ولا نتحدث هنا عن الموقف الرسمي؛ بل الموقف الشعبي، وهو موقف يحمل الطابع التنظيمي وممكن قياس مؤشراته بسهولة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. فاليوم نرى عملاً تنسيقياً يتجاوز جمع التبرعات لمساعدة المتضررين من أحداث سوريا، اليوم نرى دعماً لوجستياً، بل حتى دعماً قتالياً ميدانياً (للتذكير فقط حين قمع نظام الأسد الأب سكان حماة في الثمانينيات لم يخلق ذلك ردة فعل “مذهبية” وتكتلاً مذهبياً في دول الخليج العربي، إنما اليوم فإن التدخلات الإقليمية والدولية، ومنها سياسية الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، حفزت الشعور بالخطر والحاجة للتكتل المذهبي). فالسنة لا يثقون بالموقف الأمريكي في سوريا على أرض الواقع لأنه موقف لا يتفق مع خطابها، ويرون سياسيتها هي استمرار لدعم وإبقاء النظام العلوي الشيعي الحليف لإيران.. وهذا ما يهم. ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر أخطائها الاستراتيجية في المنطقة بدعمها وانحيازها لعمامة دينية شيعية في ثلاث دول عربية؛ العراق البحرين وسوريا، وهي عمامة لا تمثل في إقليمها العربي سوى الأقلية في منطقة يغلب عليها المذهب السني، إنها تعرض مصالحها وتعرض أمنها والأمن الدولي للخطر، والأهم أنها تعرض الأقلية الشيعية كجماعة سكانية للخطر بمحاصرتها بين حزب الدعوة الذي لا يمثلها وبين سنة يضعونها في سلة واحدة مع ولاية الفقيه الإيرانية، فالبيئة التي تدور فيها الصراعات المذهبية بيئة ليس لديها ترف الوقت للتفرقة والتمييز. في البحرين يصل الاستفزاز الأمريكي اليوم ذروته بتزامن خروج عمامة شيعية تهدد أهل البحرين بلبس الأكفان، بفتوى واحدة من كلمتين تخرج عشرات الآلاف من مجاهديها، مع قدوم بوسنر للبحرين ليهين قضائها ويلزمها أن تقول سمعاً وطاعة لمجرمين انتهكوا شرف المهنة وأمانتها تابعين لتلك العمامة، هذا التحالف يشكل أكبر استفزاز للتطرف السني وأكبر تحفيز له، وهو ما لا نتمنى حدوثه. ولا تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن هذا التطرف سيوجه سهامه للأنظمة، فالتهديد الذي تشعر به الأنظمة من قبل السياسة الأمريكية يدفعها نحو الحائط ولا يترك لها خياراً سوى بالبحث عن مساعدة. كما لا تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن الغالبية السنية ستسعى للتغير غافلة عن محرك الأحداث الخفي، وهو سياستها الخارجية، فالتهديد أصبح يطال الاثنين معاً (الأنظمة والشعوب الخليجية) والمصدر هما الاثنان أنتم وحزب الدعوة الخليجي. وبهذا تدفع الولايات المتحدة الشعب البحريني والشعوب الخليجية التي ترى نفسها اليوم في عزلة أمام تحالف عمامة شيعية مع قوة عظمى ضده ضد كرامته وسيادته، تدفعه لأن يلجأ لعمامة مضادة تستصدر الفتاوى هي الأخرى المقابلة والنقيضة، وتدعو للبس أكفان مقابل أكفان، فتتحول البحرين لعراق آخر يموت فيها الشيعة والسنة بتفجيرات وتفجيرات مقابلة، فهل هذا هو الهدف والمراد؟ إنها تدفع الشعوب الخليجية السنية، وهي تشكل غالبية سكان المنطقة 95%، أن تتحد ضد أقلية لا تزيد عن 5% لا ذنب لها، لكنها ستؤخذ بجريرة العمالة نتيجة انحياز دولة كالولايات المتحدة لعمامة شيعية لا تمثل سوى شريحة تصغر إلى حد لا ترى بالعين المجردة مقابل شعوب المنطقة كلها بسنتها وشيعتها. سنة الخليج يرون في تعاونكم مع شيعة العراق ومع شيعة البحرين تهديداً لكيانهم ومصيرهم، إنكم تعرضون كل مصالحكم في المنطقة للخطر، وتعرضون الأقلية الشيعية للخطر، وتقسمون المنطقة تقسيماً طائفياً مقيتاً لأنكم لا تبقون للشعب الخليجي خياراً سوى الانتفاض لكرامته. أهذا الذي تسعون له؟ أتسعون لتحويل المنطقة لبؤرة صراع طائفي لا يهمكم خسارة الأرواح فيها؟ أتسعون لتهديد مضائق البحر وتسعون لارتفاع أسعار البترول نتيجة زيادة المخاطر في المنطقة؟ هل يعقل أن تكون هذه التبعات غائبة عن حساباتكم؟ أشك في ذلك. الحرب التي خضتموها في العالم تمت بمساعدة الشعوب الخليجية وأنظمة دول مجلس التعاون التي رفضت الإرهاب ورفضت وصاية رجل الدين عليها، وإن كان سنياً، لكنكم اليوم تهددون السنة وتهددون الشيعة الذين لا يريدون الخضوع لعمامة ولي فقيه، وتجبرونهم على ما امتنعوا عنه طوال فترة الحرب على الإرهاب، لأنه إن كان لابد من عمامة.. فلتكن عمامة الأغلبية!

ربط الخدمات بوقف الإرهاب

هشام الزياني
لدينا إيمان تام وحقيقي أن أهل البحرين جميعاً يستحقون أن تمتد إليهم أفضل الخدمات في كافة المجالات، وكثيراً ما قلنا أن هذا من مسؤوليات الدولة، ونحمد الله أن الدولة تلبي احتياجات المواطنين في كل أرجاء البحرين. حتى وإن كان هناك نقص في أماكن بعيدة نسبياً كمناطق جو وعسكر والدور؛ إلا أنه حتى هذه المناطق يزورها قادة البلاد ويلبون مطالبهم، وكانت تلبية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله لمطالب جو وعسكر والدور (وكذلك الزلاق) انعكاساً كبيراً ليس على أبناء هذه المناطق وحسب، إنما على أهل البحرين. اليوم تشكل بريطانيا قبلة وداعماً ومسانداً قوياً للمؤزمين والإرهابيين في البحرين، وتستضيفهم هناك وتقدم لهم اللجوء، فبريطانيا بالنسبة لهم أنموذج، ومن هذا المنطلق فإننا نطالب بالتجربة البريطانية وما فعله رئيس الوزراء البريطاني حين قرر خلال أزمة الأيام الأربعة في لندن سحب الشقق والوحدات من أي شخص يقوم بفعل الإرهاب، ولم يكن ذلك مرتبطاً بحكم قضائي. وكان لذلك مفعول كبير في وقف الإرهاب حين ارتبط الإسكان بالإرهاب. كاميرون لم يحتمل أربعة أيام من الإرهاب، ونحن نعاني منه منذ التسعينيات بدعم إيراني وتنفيذ أيادي إيران المجنسة؛ علي سلمان وعيسى قاسم وأتباعهما، فلماذا لا تربط الدولة الخدمات (كل الخدمات بوقف الإرهاب)؟ يوم بعد آخر نسمع عن مشاريع تطوير بملايين الدنانير، أو بمشروعات إسكانية كبيرة وضخمة (مع إيماننا بحق هذه الخدمات لمن لا يرهبون) في مناطق الإرهاب، فهل هذا يعقل؟ ابحثوا عن بيوت الإسكان التي بنتها الدولة وكتبت عليها عبارات مسيئة لرموز الوطن، ابحثوا عن الحدائق التي تخرب كلما أعيد تركيب أجهزتها. ابحثوا عن حرق الإطارات التي تؤثر كثيراً على الإسفلت وعلى زراعة الأشجار والنخيل على جانبي الشارع. ابحثوا عن تضرر أعمدة الإنارة في الطرقات التي يدمرها الإرهابيون وتأتي الدولة تعيد تجديدها وتحرق مرة أخرى. انظروا ماذا يفعل الظلاميون حين يحرقون المدارس وأماكن العلم، والدولة تجددها بعد التخريب. انظروا إلى تخريب محطات الكهرباء وكم أنفقت الدولة عليها؟ انظروا إلى حرق أي نصب تذكاري داخل الدوارات. هل الدولة بإعادة تجديد كل ما يحرق تحرق أموالها..؟ هل ميزانية البحرين تسمح بذلك؟ لماذا لا تجمع أرقام كلفة التخريب والإرهاب من كل وزارة وتعرض أمام الرأي العام ككلفة تدفعها الدولة للإرهاب والتخريب؟ نتمنى أن نعرف الرقم منذ التسعينيات، وحتى اليوم، أو على أقل تقدير منذ 14 فبراير وحتى اليوم. لا نريد أن يظلم أحد هذا لا نحبه، ولا نقبله، وأعرف أن الدولة لا تريد هذا، وقادتها لا يميزون بين الناس، لكن من يحرق البلد هل نتفرج عليه، من يحرق ميزانية الدولة ومن ثم يقول لم تعطني الدولة في بكائيات المطالب ألا ترد عليه الدولة..؟ فقط نريد أن تقدموا للإرهابيين نموذجاً بريطانياً، الإنجليز ربطوا الخدمات والإسكان بوقف الإرهاب. فلماذا لا يطبق منع أي مدان في قضية إرهابية من الحصول على خدمات إسكانية، وسحبها منه إن انتفع بها؟ وقف الإرهاب لا يحتاج من الدولة التفرج، أو أن تقول لمن يرهب تعال للحوار، هذا لا تفعله الدول العظمى، ولا تفعله دولة تريد البقاء، وإنما وقف الإرهاب يحتاج تضافر كل الجهود من أجل قطع أيادي من تحرق البلد والمجتمع.

إيران ستحتل البحرين في ساعات

فيصل الشيخ
صدقوني، ليست تصريحات استفزازية أبداً تلك التي أطلقها السفير الإيراني السابق في باريس صادق خرازي بأن إيران بإمكانها احتلال البحرين -لو أرادت- في غضون بضعة ساعات باستخدام قوات الرد السريع. أبداً ليس استفزازاً، بل هو تعبير عما يختلج في قلوبهم، ومثلما نقول “كل إناء بما فيه ينضح”، فالساسة الإيرانيون مهما تبدلت الحقب وتغيرت طريقة إدارة الجمهورية لديهم فإن “احتلال البحرين” يبقى لديهم حلماً أثيراً كانوا ومازالوا يحلمون به. بيد أننا هنا لابد من شكر خرازي على كلامه، خاصة حينما أورد كلمة “الاحتلال”، إذ هو تأكيد في مقام أول بالحقيقة التي يخفونها دائما بأن البحرين ليست تابعة لهم ولن تكون، وما مطامعكم فيها إلا مطامع “احتلالية”. قد يقول “الأذيال” الآن بأنها تصريحات مسؤول سابق خارج من سلك الحكومة ولا تمثل شيئاً، لكننا لا ننسى هنا أنه تصريح جديد يضم إلى سلسلة طويلة من التصريحات التي تتصدرها تصريحات شخصيات رسمية كلها تستهدف سيادة وعروبة البحرين وكلها تكشف النوايا الإيرانية في “احتلال” البحرين. يقرأ الناس تصريحات خرازي وعلى الفور يتساءلون عن موقف حزب الله البحريني منها، وهل ستصدر عنه إدانة وشجب واستنكار. يا جماعة، المغفل وحده من يضيع وقته في البحث عن إدانة “العبد” لـ«سيده” و«ولي نعمته”. ألم يقولوا إنهم سيوف في غمد أسيادهم، خدم لهم سواء لممثلي النظام الإيراني في الداخل، أو لمسؤولين إيرانيين ذهب لهم من يدعون الولاء للبحرين ليقولوا لهم نحن “خدمكم”. مجنون من يبحث عن إدانة منهم. المفارقة أن تصريحات خرازي هذه يرقص عليها من ينتظر اللحظة التي يقيم فيها احتفالاً صاخباً بمناسبة سقوط البحرين، يهتف لها من يريد لإيران أن تأتي بقواتها لـ«تحتل” البحرين، من “يبح” صوته وهو ينهش لحم بلده في القنوات الإيرانية ليلاً نهاراً. لن نلوم خرازي أبداً، فهو يرى أن بلاده قادرة على احتلال البحرين في ساعات، لا لاعتبارات القوة العسكرية فقط، بل لأنه يعرف تماماً بوجود “طابور خامس” لدينا في الداخل، طابور يدعي أنه “بحريني” وأنه يحب هذه البلد، لكنه في اللحظة الحاسمة سيخلع كل رداء بحريني ويهتف باسم المرشد الأعلى والولي الفقيه. لا يتحدث أحد بهذه الصلافة والوضوح إلا حينما يعلم أن هناك في البلد الذي ينوي “احتلاله” أناساً يقبلون ببيع بلدهم برخص التراب. هنيئاً لهم وقوف إيران معهم، هنيئاً لكم “العمالة” و«الخيانة” التي تؤكدها التصريحات الإيرانية الدائمة وأنتم تسمعون وتسكتون ولا تنبسون بكلمة واحدة. يبقى التأكيد هنا وسط الأطماع الإيرانية الموجودة والباقية بأن البحرين لن تسقط في سويعات، أتظنون أن هذا البلد خالٍ من المخلصين الذين يقبلون بالموت فداءً له عوضاً عن القبول بأن يكونوا عبيداً لدى “محتلين”؟! أتظنون أن البحرين ستفتح أيديها محتضنة قوات احتلال غازية؟! هذه الأرض لن تذهب لقمة سائغة، ولن تسقط طالما فيها أبناء مخلصون يدافعون عنها. حاولوا طوال عقود مضت احتلال البحرين، حاولوا أخذها حتى من خلال الأمم المتحدة، حاولوا بكل فعل ممكن، لكنهم فشلوا، واليوم يحاولون مجدداً ومحاولتهم أقوى بكثير، إذ بالنسبة إليهم هي فرصة سانحة طالما أنه تكشف لهم وجود من يدين لهم بالطاعة، وولاؤه أقوى لهم من بلده الذي احتضنته وأكل من خيره. بائعو البحرين، هنيئاً لكم حضن إيران، وليتكم تذهبون لها سلفاً منذ الآن لتجربوه.

جدل حول بوسنر

يوسف البنخليل
مازلنا في جدل كبير بشأن الزيارة الأخيرة للمسؤول الأمريكي للمنامة، وما وراء هذه الزيارة التي يشوبها الكثير من الغموض، ولكن هذا الغموض بدأ بالانكشاف بشكل تدريجي وبطيء، وأتوقع أن يعرفها الجميع خلال أيام بعد أن تتضح خيوطها أكثر فأكثر. أعتقد أن البحرين الآن تشهد إرهاصات الموجة الثانية من الهجمة على الدولة داخلياً وخارجياً، وصارت الاستعدادات شبه جاهزة، فالضمانات الدولية تم تأكيدها، والتجهيزات المحلية تم ربط خيوط تفاصيلها. لذلك يمكننا ملاحظة أصداء زيارة المسؤول الأمريكي للعاصمة البحرينية الأسبوع الماضي، فيومياً باتت القوى السياسية تصدر بيانات ومواقف واضحة بشأنها، لأنها تدرك جيداً أن ما تم في أروقة بعض الأماكن هي تفاصيل ومرئيات باتت نتائجها ظاهرة سريعاً، وصار مفعولها منسكباً على أرض الواقع منذ تصريحات أمين عام الوفاق مؤخراً. الجدل حول بوسنر وزيارته الأخيرة لم يأت من فراغ، فمادام هناك غموض كبير يلف هذه الزيارة، فضلاً عن بعض أجندته المكشوفة، فإننا بصدد رسم خيوط طويلة للعديد من الأحداث المقبلة التي ينبغي الانتباه لها، وهي أحداث قد تكون في صالح البحرين، وقد لا تكون. كما إنها أحداث قد تكون في صالح بوسنر وبلاده، وقد لا تكون. المهم هنا أن جميع الأطراف تعلب الآن لعبة مكشوفة أجندتها، وتحركاتها، ومساراتها، وأبعادها أيضاً. ولم يعد هناك أمر مخفي كما كان عليه الحال خلال الأزمة في فبراير 2011، وما قبلها. ما يميّز الصراع السياسي في البحرين الآن، أن جميع الأطراف تعمل ضد بعضها بعضاً، وإذا كانت هناك مجاملات، فإن جميع الأطراف تدرك أنها مجاملات. وإذا كانت هناك إشادات بعمق العلاقات بين هذه الأطراف، فإن جميع الأطراف تدرك أيضاً أنها لا تتعدى المجاملة السياسية فاقدة القيمة. هذه الحالة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر، وأن تظل الدولة البحرينية في حالة اللاحسم، ولكن المؤسف أن هذه الحالة قد تظل فترة طويلة من الزمن. ولذلك ينبغي عدم الرهان كثيراً على التطورات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد منطقة الخليج العربي، بقدر الاعتماد على إحداث تطورات محلية يمكن أن تساهم في الإسراع من إنهاء حالة اللاحسم.
اعتذار.. أعتذر للقراء الكرام كثيراً على غموض مقال اليوم، ولكنني على ثقة بأن هذا الغموض سينكشف سريعاً خلال أيام.

لا يا المعارضة.. إنها قلة ذوق وقلة أدب

فريد أحمد حسن
السبت الماضي؛ مباشرة بعد الإعلان عن رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية رحمه الله، عبر البعض عن “أصله” بطرق لا تمت إلى الإنسانية بصلة، حيث اعتبر هذا البعض الذي أكد أنه قليل أدب وقليل ذوق ذلك الخبر الحزين سبباً لنقيضه، فملأ بتغريداته القبيحة مواقع التواصل الاجتماعي متناسياً أنه لا شماتة في الموت وضارباً بعرض الحائط كل الأعراف والتقاليد الإسلامية والعربية والخليجية. شخصياً لم أتوقع أن يكون بين “المعارضة” من ينحدر إلى هذا المستوى فيستغل مناسبة حزينة كهذه لإفراغ ما في جوفه من حقد دفين ويخلط بين المواقف السياسية والمواقف الإنسانية، ولم أتوقع أن يصمت “قادتهم” عن تصرف أهوج مثل هذا التصرف البعيد عن الذوق وعن كل ما يمت إلى الإنسانية بصلة، فهذا أمر مؤلم، أما الأكثر إيلاماً فهو أن من الذين شاركوا في هذه الحماقة أفراد يفترض أنه لايزال في رؤوسهم شيء من العقل مثل قاسم الهاشمي الذي يمتطي فضائية السوسة يومياً ينادي بمبادئ لا يطبقها، ومثل (أمين عام) إحدى الجمعيات السياسية الذي استكثر على الجمعيات السياسية حتى إرسال برقية تعزية لخادم الحرمين الشريفين. هذا التصرف الأحمق والانحدار إلى هذا المستوى شارك فيه للأسف آخرون ممن يفترض أنهم “عقلاء ورموز” وهو أمر يعبر عن هزالة ما يسمى بالمعارضة وبعدها عن السياسة أيضاً وليس فقط عن اللياقة والكياسة والذوق والأدب. أبداً ليست هذه أخلاق الإنسان البحريني، حيث البحريني (الأصيل) ينسى كل خلاف بينه وبين الآخر الذي ابتلاه الله بمصيبة ويبادر لا إلى الأخذ بخاطره فقط ومجاملته ولكن إلى وضع كل إمكاناته تحت تصرفه. إن رحيل سياسي فذ بقامة الأمير نايف مصيبة ليست بالهينة على المملكة العربية السعودية وعلى دول مجلس التعاون بل على الأمتين العربية والإسلامية قاطبة يتوقع معها المرء أن يترك السياسيون خلافاتهم جانباً ويسارعوا إلى القيام بالواجب لا خذلان المبادئ الإنسانية. بالتأكيد سينبري بعد قليل من “المعارضة” من يقول إن من قام بتلك الأفعال “اشوية جهال” وأن فعلهم هذا لا يعبر عن المعارضة ولا يمثلها وقد يقومون بمعاتبتهم، لكنهم للأسف لن يقوموا بأي فعل غير هذا النفي المردود عليه، وبالتأكيد لن يتجرؤوا على القول إن الهاشمي ومن شاركه فعله الآثم ذاك من ضمن “اشوية الجهال”. الأعمار بيد الله، والموت علينا حق، والموت الذي اختطف الأمير نايف سيختطف آخرين مؤثرين في أقوامهم، لكنهم لن يجدوا بين العرب من يشمت أو يفرح، فالموت ليس مجالا للشماتة وليس من دواعي الفرح. ما قيل في ذلك اليوم وما بعده سواء من بعض البحرينيين أو غيرهم أمر غير مقبول وينبغي شجبه من “المعارضة” ولا بد من وقفة مراجعة حقيقية تقوم بها “المعارضة” فهذا لمصلحتها، ولا بد من محاسبة من تجاوز حدوده من عناصرها (إن لم يكن ذلك تنفيذاً لتوجيهات صادرة منها)، ذلك أن معارضة بهذا المستوى لا قيمة لها ولا وزن، وهي إن رأت أن ما فعله أولئك خطأ فعليها أن تتخلص منهم وأن تعلن على الملأ أنها ضد ما قالوه وما فعلوه وأن تبادر بتقديم اعتذار عملي بالسفر لتقديم التعازي، فهي إن لم تبادر بتنفيذ هذه الخطوات فإنها تكون شريكة في ذلك الفعل ومحرضة عليه وبالتالي لا تستحق أي احترام. رحم الله الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وأسكنه فسيح جناته، وعزاؤنا أنه سعى في الخير فكان فيه أمير وسعى لتطوير الناس من حوله فنجح.. إلا مع القليل منهم!

خوش كلام والحرب أولها كلام

كمال الذيب
يبدو أننا أصبحنا نعيش في زمن التهريج العام والخاص، انعدمت الفواصل بين المنطق واللامنطق، بين العقل واللاعقل، بين الجد والهزل، بين الرشد والسفه ولنستعرض نماذج دالة من الحكي الذي لا يمكن أن يصنف إلا في باب التهريج، ولا يمكن في جميع الأحوال أخذه مأخذ الجد، إلا من حيث كونه يسهم في إشاعة البلبلة والفوضى ونشر الكراهية والصدام بين مكونات المجتمع: - حقوقي إنساني يهتم بكل شيء إلا بما يتعلق بحقوق الإنسان، وبحماية المدنيين والدفاع عن حقهم في الحياة والتنفس والراحة والكلام والنوم(!)، نفس هذا الحقوقي الإنساني الذي يفترض به أن يكون أول من يحترم الإنسان قبل حقوقه، لا يرى مانعاً في التهجم على أخيه الإنسان، ونعته بما يكره من الصفات التحقيرية، تحت عنوان حرية الرأي.!! خوش كلام!!
سياسي يصنف المواطنين إلى الفئات التالية: شرفاء- مرتزقة- أحرار وطبالين- سلميين وبلطجية- أصليين ومجنسين... وعليك أن صنف المواطنة في الدولة المدنية التي يبشرون بها!! خوش كلام!!
كاتب بارز وعقلاني يتحدث عن مواطنين أصليين ومواطنين غير أصليين في دولة المواطنة الجديدة. وعليك أن تختار درجة المواطنة التي سترتقي إليها بإذن الله.!! خوش كلام!!
رجل دين محترم يتحدث عن رافضة وناصبة وكفرة.. وهو يصف قسماً مهماً من شركاء الوطن. وهذه كارثة أخرى!! خوش كلام!!
سياسي مخضرم ورجل دين ذو مكانة مرموقة يهدد ويتوعد بالنار الموقدة التي لا تبقي ولا تذر.. وهذا منتهى السلمية التي تدعو إلى الطمأنينة بخصائص الديمقراطية الموعودة (ذات المعنى)!! خوش كلام!!
سياسي وكاتب يساري (ديمقراطي - عقلاني) يتحدث إلى إذاعة أجنبية فيورد قصصاً وحكايات عن (القتل والتعذيب والاغتصاب الجماعي)، وكأننا “سيبرينتشا البوسنية” أو في “حرستا” السورية.. خوش كلام!! خوش كلام في خوش كلام، وكما قال الشاعر العربي: أرى تحت الرماد وميـض نار ويوشك أن يكون لها ضــرام فإن النـار بالعــيدان تذكي وإن الحـرب أولــها الكلام فإن لم يــطفها عقلاء قوم يـكون وقودها جـثث وهام.. فئات أخرى تأتي من خارج انفلات الكلام تمارس حالة من التهريج الإعلامي والطائفي للإثارة والاستغلال والانتهازية في بعض الأحيان، تجدهم في مقدمة طابور الصارخين والمحتجين، نهاراً، وفي مقدمة طابور المتسولين ليلاً، مستغلين فروق التوقيت بين الليل والنهار لتمرير حيلهم التي سريعاً ما تنطلي على بسطاء الخلق من أمثالنا، ولأن حبل الكذب قصير فإنهم سريعاً ما ينكشفون وتنكشف عوراتهم وزيف ابتساماتهم.. ومن حسن الحظ أن هذه الدنيا التي ضاق بها أفق النقاء لاتزال تزدان بالشرفاء والمخلصين والعقلاء في كل مجال، من الذين يعملون دون كلل أو ملل، لصالح العباد والبلاد، لأنهم جبلوا على حب الخير، ولم يصبهم وباء التهريج الفتاك... ولكن ماذا عسانا نقول أمام هذه الحالة من الانفلات، فإذا كان هؤلاء هم من بين عقلائنا، وإذا كان هؤلاء هم من بين من يشكلون جزءاً من نخبنا السياسية والدينية والفكرية والإعلامية، فلا غرابة أن يكون حالنا على ما هو عليه وأن تكون الأحقاد هي السائدة والعقل هو الغائب والحكمة هي ما نبحث عنه دون جدوى، وأن نكون طوال هذه الفترة ندور في حلقة مفرغة دون القدرة على الإهداء إلى ما يخرجنا من هذه الورطة..
همسة.. سياسيون (برلمانيون وبلديون) يملؤون الدنيا صراخاً والصحف تصريحات ويملؤون علينا الشوارع والطرقات والأحياء وأسوار البيوت والمدارس والملاعب بصورهم الشخصية مع عبارات التهنئة الفجة الجوفاء بمناسبة وبغير مناسبة، وتظل صورهم معلقة في الشوارع أياماً وأسابيع بابتساماتها الفجة المتكلفة -مع أن الناس لا ترى على الأرض أفعالهم الخيرة ولا تريد أصلاً أن ترى وجوههم المستفزة- بالرغم من أن تكلفة إعداد وأجر وتعليق الصور العملاقة في وجوهنا صباح مساء يكفي لتحقيق إنجاز على الأرض ولو كان صغيراً!! ألم نقل إننا في عصر التهريج!!!

قراءة داخلية في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية

عبيدلي العبيدلي
بعد مارثون انتخابي طويل، ومعركة سياسية شرسة ومعقدة في جوهرها الداخلي، ومتعددة الأوجه في شكلها الخارجي، وصل مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي إلى كرسي رئاسة مصر. ومن الطبيعي أن تكون لدولة بحجم مصر السكاني، وموقعها الاستراتيجي، وتنوعها الاجتماعي، وتطورها السياسي، أسباب تاريخية، ونتائج مستقبلية، ستترك بصماتها الواضحة على مسار مصر على الصعيدين الداخلي والخارجي، يمكن تحديد معالم الأولى، وهي الأهم والأكثر إلحاحاً، في النقاط التالية: 1. نجاح العملية السلمية الحضارية للوصول إلى السلطة، فصندوق الانتخابات هو الذي أوصل محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة. وفي انتظار ردود فعل منافسه أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء مصر في عهد الرئيس السابق محمد مبارك، والطعون التي يمكن أن يسوقها، يمكننا القول إلى بأن الانتخابات الرئاسية في مصر قد سارت وفق قوانينها الصحيحة المتعارف عليها دولياً، إذا استثنينا بعض التجاوزات المحدودة، وبعضها كان فردياً معزولاً، لم تؤثر على مسار الانتخابات، ولا النتائج الصحيحة التي انتهت إليها. وتوحي النتائج المتقاربة بين المتنافسين، بعد فرز حوالى 97% من الدوائر الانتخابية، التي أعطت 52.5 % لصالح مرسي، مقابل 47.5 % لصالح منافسه شفيق، بالكثير من مصداقية تلك الانتخابات، وشفافيتها أيضاً. 2. قبر، ويأمل المواطن المصري أن يكون ذلك إلى غير رجعة، نظام السلطة العسكري، ومعه نظام الاستفراد بالسلطة، الذي جثم على صدور مصر منذ ما يربو، في أقصر القياسات، ما يزيد على النصف قرن. هذا الكنس الديمقراطي لذلك النظام، يضع مرسي، ومعه جماعة الإخوان، وربما القوى والمؤسسات الإسلامية الأخرى ذات العلاقة، وعلى قدم المساواة، أمام خيارات تاريخية ومعقدة، لا تقف حدودها عند الموقف من القوى الأخرى المختلفة مع الإسلام السياسي المصري على المستوى الديني مثل الكنيسة المصرية، وحضورها السياسي في مصر، والقوى الأخرى من علمانيين، ومدنيين، أو حتى تلك التي تختلف معه في نطاق الفكر الإسلامي مثل جماعة السلف. هذه الخيارات ليست مجرد المناظرات الفكرية، وإنما هي التشريعات الدستورية، والقوانين والأنظمة، سوية مع الإجراءات الإدارية، التي سيقدم عليها مرسي خلال فترة حكمه القادمة التي ستمتد إلى أربع سنوات قادمة. 3. التصرف، بحنكة وحكمة، في التركة الضخمة التي ورثها، المثقلة بشكلاتها وتعقيداتها، وهي مهمة ليست بالسهلة، كما قد تبدو من الوهلة الأولى، تكفي التوقف عند التعديلات الدستورية التي أصدرها المجلس العسكري، بما فيها تلك الخاصة بصلاحيات الرئيس القادم، وفي القلب منها حل البرلمان، وتلك المواد المكملة، وما تفرع عنهما من حقائق على الأرض، لا يستطيع الرئيس المنتخب أن يتحاشاها أو القفز فوقها. هذه المعالجة، لم يعد في الوسع الإقدام على خطواتها، بشكل منفرد، أو بقرارات فوقية، بل تتطلب التقيد، قدر الإمكان، بأقصى سلوكيات المدرسة الديمقراطية، بما في ذلك التشاور مع القوى المختلف معها. بعد ذلك، لا بد للرئيس المنتخب إن يلتفت نحو ذلك الجانب الاقتصادي والسياسي من تلك التركة، كي يتناول أوضاعها، بمنهج جديد يمحو من ذاكرة المواطن، تلك الصور المحبطة، ويستبدلها بتلك الواعدة القادرة على نقل المجتمع المصري من أوضاعه المتردية، إلى تلك المشرقة. من الطبيعي أن يجد مرسي نفسه يسير في حقل من الألغام، الذي ليس في وسعه أن يجازف بانفجار أي منها، لأن تداعيات انفجاره لن تكون محدودة بل مدمرة، في هذه الفترة الحساسة، التي يسيطر عليها ترقب المواطن المشوب بنظرة متشككة في مصداقية النظام الجديد، مصدرها انعدام الثقة المتراكم من العلاقة التي نسجها النظام العسكري السابق مع ذلك المواطن. 4. بناء العلاقة المجدية مع القوى الاجتماعية المستفيدة من النظام السابق، وهي ليست قليلة في العدد، ولا ضعيفة في الحضور. ولعل في نتائج الانتخابات المتقاربة، التي وإن جاءت لغير صالح شفيق، وهو أحد الرموز الممثلة لتلك القوى، تأكيد على عدم استسلامها، وإصرارها على العودة من أبواب أخرى للسلطة من أجل الاستمرار في الإمساك بها، والاستفادة من تلك الامتيازات التي كانت تنعم بها، ويهددها مجيء مرسي للحكم، وعبر صناديق الاقتراع. لكن ذلك التقارب، ( 52.5 % مقابل 47.5 %) بالقدر الذي يؤكد إصرار المواطن على طي صفحة وبدء صفحة أخرى جديدة، يؤكد الثقل الكبير الذي ما تزال تلك القوى تتمتع به، والأوراق القوية التي ما تزال بحوزتها، ويضع مرسي في موقع لا يحسد عليه. 5. قطف جماعة الإخوان المسلمين في مصر ثمار مسيرة طويلة تعود إلى العام 1954، عندما وقفوا حينها وجهاً لوجه أمام ثورة 1952 الناصرية، والتي انتهت بالصدام بينهما، وما تلا ذلك من حملات متتالية أدت إلى إعدام أهم رموز الجماعة وفي المقدمة منهم مرشدهم حسن البنا، والزج بأعداد كبيرة منهم، من بينهم كوادر قيايدية مرموقة في غياهب السجون. ما يبدو اليوم، وخاصة بعد تصاعد حرارة خلافاتهم مع الرئيس الأسبق لمصر محمد أنور السادات قبيل اغتياله، في نهاية السبعينات من القرن الماضي، أن جماعة الإخوان المسلمين قد أعادت ترتيب صفوف تنظيمها، ورصها وفق خطة مرسمومة، ارتكزت على مكونات واضحة هدفت إلى حماية الذات، وتحاشي الدخول في صدامات مباشرة مع النظام، حتى بعد رحيل السادات، وصعود الرئيس المصر المخلوع محمد حسني مبارك، والتهيؤ لفرصة مثل تلك التي أتاحتها ثورة 25 يناير 2012. 6. وضع جماعة الإخوان المسلمين أمام خيارات صعبة أمام إعادة بناء الدولة القادمة، وهيكلة أركانها. فهناك قائمة طويلة من الاستحقاقات التي تطالب باتخاذ مواقف محددة منها في سياق التأسيس للدولة القادمة، يأتي على رأسها: الدستور القادم لمصر، وهل سيلتزم الرئيس الجديد، كونه ينحدر من رحم جماعة الإخوان السلمين، بحذافير الشريعة الإسلامية، ويجعلها المصدر الوحيد للتشريع، أم يقبل بها كأحد المصادر، بعد أن يكتفي بتصنيف مصر كإحدى الدول الإسلامية، يلي ذلك السياسات الاجتماعية، وفي المقدمة منها الموقف من المرأة وحقوها، وإلى أية كفة سينحاز الرئيس المنتخب، وبعدها تأتي السياسات التنموية والاستراتيجيات الإقتصادية، وجميعها بحاجة، إن أريد لها تحقيق النجاح الحقيقي المتوخى لها، إلى وقفة جادة، قادرة على التمييز بين الالتزام العقيدي، والتطبيق الواقعي، من أجل الوصول إلى معادلة خلاقة بينهما. 7. تحقيق طموحات، ومعها آمال القوى الاجتماعية التي أطلقت عيار ثورة 25 يناير 2012 الأول، وشكلت العمود الفقري لجسدها، وخاصة في المراحل الأولى منها، والتي أدى إصرارها، إلى رحيل مبارك، بل وحتى وصولها إلى الانتخابات التي أوصلت مرسي إلى كرسي الرئاسة. كيف سيتعامل مرسي مع هذه الكتلة الاجتماعية المتنوعة، ذات البرامج السياسية المختلفة، إلى حد بعيد، في رؤواها ؟ وما هي الخطوات التي سيقدم عليها من أجل التأليف بين قلوبها أولاً، والمؤالفة بين قلوبها وقلوب الجماعة ثانياً؟. لقد ناشد مرسي المصريين أن يطووا صفحة الماضي، وأن “ينظروا نحو الأمام ولا يلتفتوا إلى الخلف”، ويأمل المواطن المصري أن تكون تلك الدعوة صادقة وثابتة، ويتطلع إلى رؤيتها مطبقة على أرض الواقع في الفترة القربية، وليس البعيدة، القادمة. تلك كانت قراءة داخلية لنتائج إنتخابات الرئاسة المصرية، وغداً ستكون قراءتها الخارجية.

قراءة في المؤتمر الصحافي للسفارة الأمريكية

نجاة المضحكي
في البدء يجب أن نوضح لأمريكا أن شعب البحرين على درجة كبيرة من الوعي السياسي، ويعلم تمام العلم أن ما حدث في البحرين ليس أزمة سياسية ولا مطالبة بالديمقراطية، إنما مؤامرة انقلابية قام بها أتباع الولي الفقيه مدعومة من إيران وأمريكا، وهذا ما أكده المؤتمر الصحافي لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية مايكل بوزنر، والذي بدا واضحاً أن الحوار الذي تسعى إليه أمريكا بين الدولة والجمعيات السياسية التي قادت هذا الانقلاب سوف يصب نتائجه لصالح هذه الجمعيات التي تريد أمريكا أن تضمن لها صفقة تؤهلها لتتمكن من قيادة الانقلاب القادم بنجاح، وذلك قبل إعلان الاتحاد الخليجي الذي تيقنت أمريكا أنه سيعلن لا محالة، ومضمون هذه الصفقة هو ما جاء في جواب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية مايكل بوزنر حين قال “إن هناك عدداً من المجالات التي يجب أن تسير على مسار مواز، وهي تتعلق بخطوات لبناء الثقة وزيادة الثقة، وهناك قضايا ترتبط بتكوين الشرطة”، وهي المسألة الأخطر والأهم، حيث حاولت الوفاق سابقاً اختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية، مما يعني اليوم أن أمريكا تؤكد هذا المسار، حين يقول مايكل بوزنر “فإن ذلك يساعد على خلق بيئة مناسبة لإنجاح الحوار السياسي”، أي عندما يخترق جهاز الأمن الداخلي سوف يسهل على الجمعيات السياسية مهمتها، حين اتضح بالنسبة لأمريكا أن سبب فشل الانقلاب هو قوة الجهاز الأمن الداخلي التي أساسها كفاءة تكوينه من مواطنين ليست لهم ولاءات خارجية أو انتماءات سياسية أو عقدية، إذ أنه من المعروف سياسياً أن أهم أسباب نجاح أي مؤامرة انقلاب هو الانشقاق في صفوف الأجهزة الأمنية والعسكرية وانخراطها في المؤامرات الانقلابية. إن أمريكا اليوم قد بدلت نهج سياستها الخارجية بعد الخسائر التي منيت بها في أفغانستان والعراق، التي كانت تستخدم قوتها العسكرية لإحداث أي تغيير في الأنظمة الحاكمة في الدول، وارتأت أن أفضل وسيلة هي أن توكل عنها أحزاب سياسية داخل هذه الدول تطمع في الوصول إلى السلطة، وهي نفس الطريقة التي تعتمدها، إيران وهو الاتفاق التي تمخض عنه مفاوضات الشرق الأوسط الجديد، حيث كانت الركيزة لهذا الاتفاق هي الخلايا الإيرانية النائمة في دول الخليج، والتي كانت شريكاً أساسياً في هذه المفاوضات، وما تنقلات أعضاء هذه الجمعيات بين إيران والعراق وبعض دول الخليج واجتماعاتهم مع الحكومة العراقية والإيرانية والسفارات الأمريكية والغربية في الخارج، واستمرار هذه اللقاءات بعد عودتهم إلى البحرين مع هذه السفارات إلا دليلاً أكيداً على أن أعضاء الجمعيات السياسية شركاء أساسيون في هذه المفاوضات التي أوكلت لهم المهمة الصعبة وهي تسهيل الاحتلال عن طريق قيادة الانقلابات في الدول الخليجية الذي بدء في البحرين، والذي كان صلابة المؤسسة الأمنية والعسكرية السبب الرئيسي في إفشال هذا الانقلاب، من ذلك نرى أن تطرق مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية مايكل بوزنر إلى “تكوين الشرطة” لم يأت عبثاً، وإنما جعله عاملاً رئيساً في إنجاح الحوار. إن الموافقة على إعادة النظر في “تكوين الشرطة”، تعني انتقال الأمن الداخلي للدولة والذي يشمل الموانىء والمطارات والمؤسسات الحكومية والمنشآت الحيوية وأمن المناطق إلى أشخاص مرجعيتهم ليس الوطن، إنما الولي الفقيه وممثله في البحرين “عيسى قاسم” الذي أفتى لهوءلاء الأشخاص بسحق رجال الأمن، وهم من تسعى أمريكا والجمعيات السياسية اليوم لانخراطهم في المؤسسة الأمنية وغداً المؤسسة العسكرية، وبالتأكيد هذه العقليات لا يمكن أن يطرأ عليها أي تغيير حتى لو أتيحت لها شرف الخدمة في الأجهزة الأمنية والعسكرية. وهاهي المؤامرة الانقلابية قد كشفت عن مسؤولين كبار في الدولة، منهم الوزير وعضو مجلس الشورى والبرلمان وأطباء ومهندسين ومعلمين وتجار وطلبة مبتعثين على نفقة الدولة، شاركوا بكل قوة في هذه المؤامرة، أي أن هذه المناصب وما حظوا به من مكان رفيع في الدولة وتقريب القيادة لهم وكرمها من عطايا وهبات وأفضلية في جميع الخدمات، لم يكن لها حسبان حين أفتى الولي الفقيه في إيران باحتلال البحرين، أي أن العملية ليس سببها تهميشاً أو مظلومية أو مطالبة بديمقراطية، أو كما ذكر مساعد وزير الخارجية مايكل بوزنر “هناك قضايا ترتبط بتكوين الشرطة وما يتعلق بقطاعات الصحة أو الإسكان”، إنما هو تمويه فيه خلط المسعى الأساسي “تكوين الشرطة”، وأضيف له قطاع الصحة والإسكان لإلباسه كعامل من عوامل أسباب الأزمة السياسية المزعومة والتي هي في الأصل مؤامرة انقلابية صريحة شاركت فيها الجمعيات السياسية والأشخاص الذين تسعى أمريكا بانخراطهم في الأجهزة الأمنية وجميع المسؤولين الذين ذكرناهم ، جميعهم شاركوا في هذه المؤامرة سواء كانت بعبارة صريحة أو بمشاركة في مسيرات أو استقالات. لكن لا بد اليوم أن يصل إلى مسمع مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية مايكل بوزنر أن شعب البحرين لا يعيش مأساة كما يعيشها اليوم الشعب العراقي الذي حرقتم أرضه ثم سلمتموها إلى الولي الفقيه الإيراني، ولا يعيش مأساة كمأساة الشعب السوري الذي اكتفى وزير الدفاع الأمريكي باختصار ما يحدث من ذبح الأطفال نحراً وقصف المنازل بالقذائف والصواريخ والأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري بقوله “إنه لا يوجد علاج معجزة لحل الوضع المأسوي والمعقد في سوريا، وإن السلطات السورية تقوم بأعمال عنف مشينة”، لكن في البحرين يصف الحل مساعد وكيل وزيرة الخارجية الأمريكية “أن الحل هو حوار يتعلق بخطوات لبناء الثقة وزيادة الثقة وهناك قضية ترتبط بتكوين الشرطة”. إن تجرية المؤامرة الانقلابية المرة التي عاشها شعب البحرين لم يعشها مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية ولم يعشها الشعب الأمريكي الذي تدافع حكومته عن أمنه وسلامته بشن حروب على دول تبعد عنه محيطات وقارات، وتجيز لنفسها قتل ملايين من البشر الآمنة في أوطانها، وذلك كرامة لمكانتها وحفظاً لهيبتها وخوفاً على أمنها. لذا على دولة البحرين أن تقوم بما تقوم به أمريكا وهو حماية شعب البحرين وهيبة البحرين بأن تقف في وجه التدخل الأمريكي السافر، حيث نرى أن البحرين أصبحت عراقاً آخر عندما تتحكم السفارة الأمريكية في الشأن السياسي والاجتماعي والأمني، وعلى وزارة الخارجية البحرينية أن تفسر لنا كيف تسمح للسفارة الأمريكية بإقامة مؤتمرات تمس باستقلال سيادة البحرين، كما نسأل وزارة الخارجية هل تستطيع أن تقوم بهذا الدور في العراق وأفغانستان أو أمريكا نفسها، كي تسمح بعدها لأمريكا بممارسة هذا الدور الذي ليس له قراءة إلا بداية استعمار أمريكي على غرار ما حدث في العراق عندما دخلت أمريكا العراق ثم سلمتها للولي الفقيه الإيراني، وها هي تسعى إلى نفس السياسة في البحرين وإن اختلفت الطريقة إلا أن مسارها واحد، بعد حين تتمكن الخلايا الإيرانية أولاً من وزارة الداخلية ثم بعدها وزارة الدفاع والذي يضمن لأمريكا نجاح مشروع الأوسط الجديد الذي تبدأ خريطته من الاستيلاء على البحرين.

مؤامرة

طفله الخليفة
لم تعد الأمور تخفى على أحد ولم تعد كلمات وتصريحات المسئولين الأمريكيين والغربيين تستطيع حتى ان تذر الرماد في العيون، وذلك فيما يتعلق بمخططاتهم ومؤامراتهم تجاه البحرين ودول الخليج بشكل عام وإنها تخطط لتحويل منطقة الخليج إلى عراق آخر تستولي عليه إيران بمساعدتها، وطبعا هي لا تساعدها لوجه الله وإنما لتقتسم الغنائم ولتكون إيران شرطيا للمنطقة، وهو الدور الذي لعبته دائما لصالح الولايات المتحدة والغرب سواء لبس رؤساؤها البدلة أو العمامة.
وطالما الأمور قد انكشفت فالمطلوب هو تحديد استراتيجية المواجهة على مستوى البحرين أولا وعلى مستوى مجلس التعاون ثانيا وعلى المستوى الأهلي من ناحية والمستوى الرسمي من ناحية أخرى.
وأعتقد ان على نوابنا وجمعياتهم السياسية البدء في عقد اجتماعات للبحث في مستقبل البحرين ومستقبل أمن الخليج وماذا أعددنا لهذه الأزمة وهذه المؤامرات التي لم تعد فقط تلوح في الأفق بل أصبحت واضحة للعيان.
وبالطبع فإن عليهم أيضا ان ينسقوا مع نواب الكويت ومع حركات المقاومة في كل من العراق وسوريا ومع الفئات الشعبية المؤثرة في كل دول الخليج، ولا بد من ان يتم شيء مشابه على المستوى الرسمي فإلى متى سنظل نتخبط ونتعامل مع الأحداث بمنطق رد الفعل بدلا من ان نكون مستعدين لأي حدث.

إقصاء الآخر.. ثقافة الولي الفقيه

محمد الأحمد
من الغرابة بمكان أن تصدر جمعية الوفاق بياناً تقول فيه بكل جرأة: «نرحب بدعوات المجتمع الدولي للحوار الجاد والشامل الذي يفضل لحل سياسي طويل الأمد يستجيب لتطلعات جميع البحرينيين.. ونحن مع الدعوة لحوار جاد لا مشروط من أي طرف، وأنها جاهزة للجلوس على طاولة الحوار، لأنها تعتقد أن المخرج الوحيد للأزمة هو في حوار حقيقي». من الغريب جداً أن تصدر هذه الجمعية بياناً بهذا الشكل، في الوقت الذي يخطب فيه رئيسها بخطاب تأزيمي صحا فيه من النوم للتو من كلام المشير الذي يبدو أنه أصابه بالصدمة، التي حالت دون استيعابه للكلام في ذلك الوقت من العام الماضي. إن النفاق والدجل في بيان الوفاق يتمثل في فضح وجهها الحقيقي - كما هو ذلك دائماً – حيث كان هناك تصريح في الوقت نفسه لوزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان يؤكد فيه أن تلك الجمعية تشترط الجلوس مع الدولة لوحدها على الطاولة دون أحد آخر!. لا يزال هؤلاء يعيشون في الأجواء الإقصائية التي عهدناها منهم منذ العام الماضي، ولم يتغير ما في أنفسهم من عدائية تجاه مكون المجتمع الأخرى، هذه الدكتاتورية المستمدة من النظام الإيراني للولي الفقيه، التي تريد الوفاق إلباسه عنوة للبحرين وشعبها، ولم تعِ حتى الآن أن هذا مستحيل، ولن يكون. إن أمثال هؤلاء، لا يريدون السكينة للوطن العربي، لديهم مشروع انقلابي في المنطقة، وما هم إلا جزء لا يتجزأ مما يجري حولنا، أو بشكل أوضح ذراع من الأذرع الإيرانية التي تلبس لباس المواطنة، وإلا لكنا رأينا أمراً آخر منذ مبادرة ولي العهد للحوار. إن جمعية الوفاق في الواقع، هي جمعية لنواطير سياسيين، لا يملكون من أمرهم شيئاً، ينتظرون الأمر من الخارج، وإن لم يأتِ هذا الأمر من هناك، فمن المستحيل أن تجده يخرج من أفواههم..

علي سلمان واستدعاء الفتوى

سعيد الحمد
في استدعائه لسلطة الفتوى يُعلن علي سلمان بوصفه اميناً عاماً لجمعية الوفاق فشله وخيبته بعد عام .... شهور من المناورات والمراوغات السياسية التي دفع اتباعه تكاليفها بلا فائدة تذكر وبدؤا يحاسبونه ويطالبونه بإخراجهم من النفق الذي ادخلهم فيه ومن التيه والضياع الذي وضعهم على دروبه.. فما كان منه وقد افلس سياسياً سوى ان يستدعي الفتوى الدينية والطائفية المذهبية لعلها تنقذه وتنجده من ورطته وتنتشله من مأزقه بوصفه قائداً وزعيماً سياسياً وصل بجماعته إلى طريق مسدود بسبب من رعونته وطيشه السياسي في لحظة غرور وغلو رفض معه كل الحلول وكل المبادرات المطروحة من كل الجهات للوصول إلى توافقات وطنية يمكن لها ان تطوي صفحة الانقلاب الطائفي الاسود. وما خطابه الاخير سوى المسمار الاخير يدقه علي سلمان بنفسه في انقلابه حتى وان غلف خطابه المشوش بلغة تهديد لا مكان لها في سياق موضوعه وان كانت تعبر في الوقت نفسه عن خوف من ردة فعل مكونات الشعب والمجتمع التي تضررت كثيراً وعانت طويلاً من انقلابه ومن تداعيات ذلك الانقلاب، وبالتالي فقد بدأت مع فشل الوفاق ترتفع في النفوس الوفاقية مخاوف وهواجس من ردات الفعل تنطلق من المكونات الشعبية ضد الانقلابيين واعوانهم الذين نقلوها إلى زعيم الوفاق فخاطب المكون الاجتماعي الآخر بلغة تهديد بأثر رجعي، هي في الواقع رجاء وتوسل بان لا تكون لهم ردات فعل قاسية على الانقلابيين واعوانهم وقد فشل انقلابهم وعجزت محاولاتهم في الهروب إلى الامام مما يتصورون ان مكونات الشعب والمجتمع ستحاسبهم عليه حساباً عسيراً وقد خططوا وقاموا بانقلاب طائفي مذهبي خطير كادوا معه ان يسلموا البحرين لصاحب الاطماع الايراني المترصد ببلادهم منذ حقب بعيدة. ثنائية استدعاء الفتوى والتهديد بوصفهما رجاءً وتوسلاً وخوفاً مما سيترتب في النهاية على اصحاب المحاولة الانقلابية يكشف عن تشوش حقيقي اوقع فيه علي سلمان نفسه وجماعته، فهو لا يملك حلاً بعد الكارثة وبالنتيجة فهو يتعلق بأذيال الفتوى ويلقي بالكرة في ملعب آياته العظمى الذين حركوه وحرضوه ويخشى ان يبيعوه بعد ان يتركوه وحيداً يواجه مصيره المحتوم، فقام بحركة استباقية وطالبهم بفتوى تنقذه وتنجده مما هو فيه من مأزق، وكأني به يقول لآياته العظمى «تحملوا مسؤولياتكم فأنتم من حرض ومن دفع بي إلى هذه الحالة»، وهو من جهة ثانية يستدعي عاطفة الطائفة ويطلب منها الفزعة له حين يقول «لم نظهر قوتنا بعد»، وكأنه يطلب الحماية من الطائفة ليلعب مرة اخرى على الوتر الطائفي البغيض، ناسياً ان الطائفة الشيعية الكريمة اعلنت اكثر من مرة ان الوفاق لا تمثلها ولكنها تمثل حزباً وتنظيماً سياسياً ايديولوجياً ولائياً فقط. صحيح ان لغة الخطاب استفزت المواطنين وأثارت غضبهم وهم الذين تحلوا بأقصى درجات ضبط النفس والتسامح ومارسوا مع شركاء الوطن انبل واشرف الاساليب، لكنه خطاب لو تأملنا بهدوء بعيدا عن الغضب لاكتشفنا انه تعبير حقيقي يعكس مأزق علي سلمان على المستوى الشخصي وعلى المستوى السياسي ما جعله يتخبط حيناً ويخرج عن طوره حيناً آخر فلا يستقر مضمون خطابه على حال ويبدو مضطرباً ومتذبذباً بين استدعاء الفتوى والاحتماء والاستنجاد بها وبين التطاول والتهديد والوعيد بما ينبئ ان الرجل يعيد انتاج اسوأ حالات ازمته في اسوأ خطاب له. وربما يكون هذا الخطاب المأزوم بقوة بداية لخطابات أخرى شبيهة له تصدر من اتباع الوفاق الذين ولاشك استشعروا ازمة زعيم الوفاق فضاقت بهم السبل ولن يجدوا سوى تقليده في اعادة انتاج خطابات شبيهة بخطابه، وهي في الواقع اعلان بالفشل والافلاس. وفي هذا السياق سنلاحظ مغامرات وتصعيداً هو تعبير عن لفظ الانفاس الاخيرة للانقلابيين.

العصاعص قامت

صلاح الجودر
ما كنا نخشاه ونحذر منه هي مرحلة «الرؤوس إذا نامت والعصاعص إذا قامت»، وهي مرحلة حمقاء بليدة متوترة، أماراتها وعلاماتها ظهور أنصاف المتعلمين ورويبضة السياسة الذين يدفعون بالشباب والناشئة للصراع والصدام في الشوارع، تدميراً وتخريباً وإفساداً تحت شعار القربى لله، وهي في حقيقتها عصاعص قامت في ظل غياب الرؤوس!!، فاليوم والمجتمع يتصدى لمخطط التآمر الإقليمي القادم من إيران«انظر خطب القادة الإيرانيين وهم يتدخلون في الشأن البحريني ويتغاضون عن القتل وسفك الدماء في سوريا»، في الوقت الذي نرى فيه غياب المثقف ودعاة السلام عن قول كلمة الحق فيمن يرمي الناس ورجال حفظ الأمن بالقنابل الحارقة المالوتوف، وقد فسر البعض غياب المثقف ودعاة السلام بأنهم بعد أحداث دوار مجلس التعاون اختاروا التدثر بالعباءة الطائفية التي كانت سبباً في الفتنة والمحنة التي يعيشها أبناء هذا الوطن، الأمر الذي دفع بالعصاعص أن تقوم وتخرج من كهوفها بعد أن كانت خلايا نائمة كما ذكرها قائد شرطة دبي ضاحي خلفان. الشاهد على ذلك أن «العصاعص لما قامت» اختارت ثقافة «المعارضة من أجل المعارضة»، فهي تريد أن تكون معارضة لكل المبادرات الإنسانية، بل تسعى لمزيد من التأزيم وإشعال الساحة، والسبب أنها لا تمتلك أجندة سياسية في الدولة المدنية، مشروعها ديني طائفي متشدد أعلنته بالعام الماضي حينما رفعت شعارات«التسقيط والموت والترحيل»، لذا أي مبادرة للحوار ستقابلها بالرفض المشروط خوفاً من افتضاح أمرها وانكشاف زيفها وسقوط ادعاءاتها، والمتأمل في تعاطيها مع القضايا يجد أنها لا تجيد سوى «الولولة والتحلطم والبكائيات»، وأسطوانتها المشروخة على مواقع التواصل الاجتماعي «أن الحكومة غلطانه» ولا شيء غير ذلك، مع أن تقرير بسيوني حمل جميع الأطراف مسئولية ما جرى في المجتمع بما فيها الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات المجتمعية، بل إن التقرير تحدث وبشكل صريح على أن المخرج لا يكون إلا من خلال الحوار المباشر والصريح مع مختلف مكونات المجتمع. العصاعص لما قامت افتضحت أمام الناس لأنها ضعيفة لا تقوى على المواجهة والخروج في النور، فحججها واهية، وأدلتها باطلة، قائمة على الكذب والدجل والافتراء، ويكفي مداخلة واحدة على قناتها الطائفية«قناة العالم الإيرانية» ليرى حجم الأكاذيب والأراجيف التي تهتز لها الجبال الراسيات!، ومع ذلك تحاول تصوير نفسها على أنها الملاك الطاهر، ففي الوقت الذي أعترف الجميع بأخطائه وسعى لتصويب مساره، لا تزال مصرة ومكابرة على أنها«مريم العابدة» في طهارتها وعفتها!، فترفع شعار التعددية وحرية التعبير وهي تمارس مبدأ «إما معي أو ضدي»، ليس لديها مساحة للحوار مع الآخر، لذا الدعوة للحوار تعتبرها القشة التي ستقصم ظهرها، فتتمسك بكل ما يعرقل الحوار، وتشترط حواراً ثنائياً لأنها ضعيفة هشة لا تقوى على الجلوس مع الآخرين، ففي الوقت الذي تتنقل في القنوات الفضائية الخارجية لنشر الغسيل والإساءة للوطن نجدها لا تستطيع أن تجلس تحت طاولة للحوار مع مختلف القوى، هذه هي نقطة الضعف لديها، وهذا ما تخشاه، فبيتها أوهن من بيت العنكبوت!. عدم قبول الآخر المختلف أصبح مسلكها، لذا ترتفع عقيرتها وتنتفخ أوداجها لرأي مخالف هنا أو هناك، رأي فيه نقد صريح ومباشر لأدائها السيئ القائم على العنف والتخريب والتدمير، ومما زاد الطين بلة أنها تبحث عن كل ساقط ولاقط من أجل الكذب والدجل والضحك على الناس، فترسل كل من هب ودب للدفاع عن مخططها التآمري الذي بدأ بالتكشف مع التدخل الإيراني والميلشيات العراقية وحزب الله بلبنان!. ما يدمي القلب ويجعل النفس في حالة غثيان أن تجد من أتباعها من يحمل الفكر الأحادي، حاملاً معه كل نعوت الإقصاء والاستئصال والاستبعاد والنفي، فبعد سلسلة من المقالات الناقدة للشأن العام وما وقعت فيه جمعية الوفاق وتوابعها المسجلين وغير المسجلين تحت قانون الجمعيات، نجد من يخرج بين ثناياها ليكشف عن الوجه الآخر لها، فهي عصاعص قامت وخلايا استيقظت، ففي الوقت الذي نمارس دورنا النقدي«عبر الصحافة» لتصحيح المسار وتصويب الخطأ يخرج من يحاول إقناعنا بأن ما جرى إنما هي نزهة سياسية!!، فإذا كان من حقه الكذب والتدليس فإن من حق أبناء هذا الوطن الرد عليه بالحقائق والأدلة، وصدق من قال: العصاعص نامت

حان الوقت لسياسة خليجية جديدة - 2

محمد مبارك جمعة
استكمالاً لحديث يوم أمس، بشأن ضرورة انتهاج دول مجلس التعاون سياسة خارجية مختلفة، في التعامل مع التصريحات الإيرانية المتزايدة باتجاه دول الخليج منذ العام الماضي، نتحدث اليوم عن التدخلات الغربية في الشئون الداخلية لدول الخليج، وفي البحرين على وجه الخصوص.
هناك توجس كبير من الأدوار التي تمارسها بعض الشخصيات الغربية التي تدخل إلى البحرين وتجتمع بمن أرادت عدة أيام، والواضح أن هذه الاجتماعات تتعلق بشكل مباشر بالدولة ووضعها الداخلي. ولا أعتقد أن أحداً يشكك في ذلك، بمعنى أننا نتحدث عن مسئولين، يأتون من الخارج، حاملين في حقائبهم أجندات معينة، ويدخلون إلى البحرين، ليلتقوا أفراداً وجماعات، ويتحدثوا معهم في أمور تخص البحرين وتتعلق بشئونها الداخلية، وقد تكون في كثير من الأحيان، تهدف إلى تغليب كفة طرف على الطرف الآخر، أو توريط البلاد في المزيد من الاحتقان.
مثل هذا الأمر خطير جداًّ، ويحدث أمام مرأى ومسمع الجميع، في ظل غياب تفاصيل كاملة حول طبيعة ما يقال وما تتم مناقشته وما يتم الاتفاق عليه، رغم أن الدولة تعلم والمراقبين يعلمون، أنه لن يكون نقاشاً فيه خير للبحرين بقدر ما يحمل من نوايا خفية.
الدولة تستقبل أي دبلوماسي أو مسئول غربي يأتي إليها، مهما كان الهدف، وليس من البروتوكول الدبلوماسي أصلاً أن يتم رفض زيارة مسئول غربي مهما كانت الدولة تعلم عن أهدافه، تماماً مثلما سمحت للسفير الدنماركي بزيارة المواطن حامل الجنسية الدنماركية «عبدالهادي الخواجة» من أجل الاطمئنان على وضعه بعد سيل الشائعات التي انتشرت حول احتمال موته، وبالطبع هذا أمر مفهوم ومفروغ منه، بل إن القيام بعكسه هو ما سوف يتسبب للبحرين بحرج أكبر. لكننا سمعنا مؤخراً الكثير من الأقاويل حول «حوار» مزمع تشترك فيه مختلف الأطراف لصياغة مخرج من الأزمة التي تعيشها البحرين، وتم في الوقت نفسه إعلان إنشاء مؤسسة لـ «المصالحة». وبغض النظر عن الكيفية التي اكتسبت من خلالها هذه المؤسسة شرعية لدى شعب البحرين، وقبولاً بأن تكون هي من يمثله في «مصالحة» تعقب أزمة عاصفة، فإن السؤال الأهم هو توقيت زيارات المسئولين الغربيين بشكل يتزامن مع دعوات «الحوار» و«المصالحة»، إذ هل من المتوقع أن تؤدي هذه الزيارات إلى ما فيه مصلحة البحرين وخيرها واستقرارها؟ ما أراه من تصريحات بعض السادة النواب، الذين يبدو أنهم لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل يمتلكون معلومات مقلقة من مصادر موثوقة، أن دور هؤلاء سوف يكون هداماً وليس في صالح استقرار البلد، وعليه فإن أبسط ما يمكن أن تفعله الدولة هو أن تتمهل في منح الضوء الأخضر للمسئولين الغربيين للقدوم إلى هنا، وخصوصاً في مثل هذه الأوضاع المحتقنة ومحاولات صنع الانفراج.
لا نقول ارفضوا طلباتهم بالمجيء، لكن نقول تريثوا قليلاً واطلبوا منهم الانتظار حتى الوقت المناسب.

وما هي الحكاية بالضّبط

إبراهيم الشيخ
منذ أن عيّن السفير الأمريكي الجديد في البحرين «توماس كراجيسكي» قبل عام تقريبا، والتدخّل الأمريكي في الشئون البحرينية يسير في خط متصاعد.
«بوسنر» وغيره من المسئولين الأمريكان باتوا يحجّون إلى البحرين حجّا، حيث زارها هو بنفسه خمس مرات تقريباً خلال أشهر قليلة!
منذ أن عيّن السفير الجديد، وأمريكا باتت تحسب نفسها ربّ البيت، تتدخّل في أحكام القضاء، وتوزّع «الشرهات» يمنة ويسرة! حتى دبلوماسيوها أصبحت أدوارهم شبيهة بالمراكز الأمريكية التي تبشّر بالديمقراطية، عبر اختراق الدول بنشر جواسيس (حقوق الإنسان) فيها، بينما وظيفة أولئك الحقيقية هي كسر العمود الفقري للدولة!!
صور السفير الجديد باتت تُشاهد يومياً في الصحف المحليّة، حيث زياراته الرسمية لجميع مؤسسات الدولة أصبحت مثار الاستغراب!
يزور طلبة جامعة البحرين ليخبرهم أن أمريكا لها علاقة خاصة بالكيان الصهيوني الحقير، وعليكم التعايش مع الإرادة الأمريكية!
هذا ما نعلمُه، أمّا ما لا نعلمُه فهو الاجتماعات السريّة المغلقة التي تُعلن في مواقع التواصل الاجتماعي لقاءات خاصة تجمع السفير بدعاة العنف والتحريض في البحرين، كأمثال جمعية الوفاق وغيرها!
كلّ الأحداث في البلد تُشير إلى العودة الى المربع ما قبل الأوّل!! والفضل في ذلك لجهود الإدارة الأمريكية ومندوبها الدبلوماسي في البحرين!
تحرّك الإدارة الأمريكية الأخير المشبوه في الدّفاع عن فئة منحرفة مهنيا، وتجاوز ذلك الى المطالبة بإطلاق سراحهم لا يعني سوى قلّة احترام لسيادة الدولة، ومع ذلك لم نسمع بياناً من وزارة الخارجية يضع الأمور في نصابها؟!
تعوّدنا أن نقرأ بيانات تردّ على التدخّلات الإيرانية، لكن ماذا عن التدخّلات الأمريكية الاستفزازية المتكرّرة، التي تريد استباحة البلد وتسليمها لإيران على طبق من دم! كما فعلت في العراق، وبنفس الوجوه التي كانت تدير ذلك العمل هناك!
الجميع يحذّر، وبقدر ما نثق بالله ثمّ بمصادر القوّة عندنا، والمتمثّلة في إخلاص الشعب وارتباطه بقيادته، ووثوقه في جيشه وبعده الخليجي العربي، فإنّنا نحذّر من طعنة من تقولون عنهم إنّهم أصدقاء، وما يراهم الشّعب إلاّ وسطاء لنشر الفوضى في البلد، وتسليمها لمن يمكر بأمّتنا الليل والنّهار.
برودكاست: ما فائدة المجالس البلدية المُنتخبة، إذا كانت وزارة البلديات تقوم بدور تلك المجالس في إقرار المشاريع المناطقية؟!
مشروع «حديقة المحرّق الكبرى»، مشروع ينتظره المواطنون منذ سنة «ديقيانوس»! لكن أن يمرّر بتلك الطريقة «القراقوشية»، وعبر قفزة بهلوانية تتجاوز أهل الاختصاص، فإنّ علامات الاستفهام ستظلّ تلاحق المشروع.
كيف يُتجاوز المجلس البلدي حتى لو كان مليئاً بالصراعات؟ من هو المستثمر؟ متى عُرضت المناقصة؟ ولماذا قاطع نصف أعضاء المجلس البلدي حفل التوقيع ورفضوا فرض المشروع عليهم؟! كلّها أسئلة نوجّهها الى وزارة البلديات والى مجلس المحرّق البلدي.
نرجوكم، إذا كانت معلومات الصّحف ناقصة، فانشروا الحقيقة لنقرأها جميعا!

واشنطن.. هل تستخدم الوفاق فتيل حرب في المنطقة

عبد المنعم ابراهيم
إيران عبر سفيرها السابق في باريس تهدد باحتلال البحرين في غضون ساعات!.. بينما أمريكا التي تعتبر البحرين حليفاً استراتيجياً لها مشغولة هذه الأيام بتمكين (الوفاق) من حكم البحرين عبر ما تسميه (حوار سياسي)!
وهكذا نجد (الطبخة) قد تم إعدادها جيداً، ولا يهم ان كان (الشيف) أمريكا أم إيران؟!.. المهم أن إيران هي المستفيدة من (الطبخة) الأمريكية داخل البحرين.. فالتهديدات الإيرانية تستمر لتشكل ضغطاً سياسياً من الخارج، بينما في الداخل تواصل أمريكا التدخل السافر في الشئون الداخلية لتمنح (الوفاق) حصة الأسد في السيطرة السياسية على الحكم في البحرين.. باختصار أمريكا مازالت مصرة على تطبيق (النسخة العراقية) على البحرين.. فالوفاق تقوم بدور (المالكي)، وبلا شك ستجد لها (سيستاني) يقوم بدور (ولاية الفقيه) في البحرين.. وهكذا تتحول (البحرين) إلى عراق آخر!
ويبقى السؤال: لماذا تصر أمريكا على تقديم (البحرين) هدية إلى إيران؟.. تصر على ذلك كجزء من (صفقة) سياسية تم ترتيبها منذ سنوات، لكي تكسب (واشنطن) رضا (طهران) على وجودها في المنطقة، وبالتالي عدم تعريض مصالحها للخطر، وإيران مستعدة للقبول بالوجود الأمريكي في المنطقة إذا أعطيت مزيداً من النفوذ السياسي في دول مجلس التعاون الخليجي، ولا تكتفي بنفوذها في (العراق) الذي صار يدار الحكم فيه من (طهران)!
وأمريكا تعلم ان (دول التعاون) وبالتحديد الشقيقة السعودية ترفض (السيناريو الأمريكي - الإيراني) في البحرين، ولن تسمح بالمساس بالسيادة الوطنية للبحرين، ولذلك فإن (واشنطن) سوف تطلق يد إيران للعبث بالأمن والاستقرار في كل دول التعاون وليس البحرين وحدها.. على أمل أن تقود هذه التدخلات الإيرانية إلى اندلاع حرب جديدة في مياه الخليج العربي.. تكون (واشنطن) وأوروبا هي المستفيد الأول من اندلاعها.. لا الشعب الخليجي ولا الشعب الإيراني!.. وكلما ازدادت الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وزادت «الافلاسات» الحكومية والبنكية في الغرب.. زادت الرغبة في تسريع وتيرة اندلاع حرب في الخليج!
واشنطن تريد حرباً جديدة في المنطقة، بأي شكل من الأشكال، ولا يهم ان استخدمت (الوفاق) سبباً في اندلاعها.

أمريكا وبريطانيا وإيران ارفعوا أيديكم عن البحرين

فوزية رشيد
التدخلات الأمريكية والبريطانية والإيرانية في الشؤون الداخلية في البحرين، لا تحتاج اليوم إلى تحليل أو استقراء أو الإبحار في الفكر بعيدا، فهي واضحة وضوح الشمس في يوم صيفي ساخن، وهي التدخلات التي تشابكت في (الأداء والهدف) للوصول إلى نتيجة مؤداها في النهاية محاولة استنساخ النموذج العراقي في البحرين والخليج، كما يعرف الجميع، وهو النموذج الذي كان ثمرة «زواج المتعة» بين أمريكا وإيران، الذي أثمر تدمير هذا البلد العربي العريق الكبير، وفي كل النواحي باسم مناصرة الحقوق والديمقراطية على اللسان الأمريكي طبعا، وباسم مناصرة المستضعفين والمظلومين على اللسان الإيراني، والنتيجة لا حقوق ولا ديمقراطية، والنتيجة زيادة الظلم والعنصرية الطائفية بعد التوغل الإيراني، وتغيير وجهه الحضاري إلى الوجه الكارثي الذي نراه اليوم وتحقيق الأجندة الاستعمارية.
ذات «الحلف الغادر على العرب الذي بدأ بتدمير العراق» بين إيران التي أفشت معتقدها الخميني الصفوي الفاسد، وبين أمريكا التي تريد تصدير نموذجها العراقي في الديمقراطية والحريات والحقوق، هو الذي أصحابه يتحالفون به اليوم على البحرين كبداية، وعلى السعودية والكويت وبقية الخليج العربي، ويريد طرفاه أو أطرافه كتابة (عقد زواج متعة تعددي جديد) في بلادنا، بالاستخدام المستفيض لأبناء الغدر والخيانة، الذين ينتقلون من حضن الأم الإيراني إلى حضن العم سام أو الأخ الأكبر الأمريكي، إلى حضن الأب الروحي البريطاني، فالأم ترضعهم بمعتقداتها الولائية الصفوية الفاسدة، والأخ الأكبر يدربهم في منظماته ويمولهم ويرعاهم، فيما الأب الروحي يستخدم أخبث ما لديه مما هو معروف به استعماريا، لفرضهم باعتبارهم أدوات التغيير السياسي المطلوب، وبين أذرعهم التي لا تتلقف إلا أبناء الغدر والخيانة الوطنية يُراد اليوم «بالحيلة والفتيلة» رسم المستقبل المظلم للبحرين، وتغيير مسارها الصحيح، وزرع الفتنة والفوضى فيها، وتضييع مصير شعبها ووضعه على حافة الهاوية والجحيم.
لذلك ليس غريبا «التزامن المريب» مجددا بين الضغوط الأمريكية ـ البريطانية، وبين التهديدات الإيرانية باحتلال البحرين خلال ساعات، وتهديدات «حصان طروادة الوفاقي» بمواجهة المؤسسة العسكرية وبالفتوى التي من كلمتين لتحريك كل من بداخل ذلك الحصان الخشبي من قطيع الانقلاب والعنف والإرهاب، فيما الدولة تترك علامات الاستفهام القاتلة تسمم عقول أبنائها المخلصين والوطنيين، وهم يرون هدوءها وسكونها، فيما السفينة البحرينية تبحر بين المحيط الهادئ وبحر المانش ومياه الخليج، وسط العواصف والأنواء ولربما تقبل بصفقة يمليها هؤلاء، وحيث الأم الإيرانية لأبناء الغدر والخيانة، تزبد وترعد طوال الوقت كأنها (رداحة الهوشات) في أحد الأحياء المكتظة، فيما الأخ الأكبر والأب الروحي يضغطان ويأمران، كأن البحرين بلد غير مستقل وبلا سيادة ومتروك وحده، فينتقلان من جلسة مغلقة مع ذات الوجوه الغادرة ببلدها والخائنة له، إلى جلسة مغلقة أخرى، ويعملان على القضاء على دولة القانون والمؤسسات وتقويضها وتقويض الإصلاح والديمقراطية، وإبراز ذات الوجوه «الانقلابية» التي ارتكبت كل الخطايا في حق الوطن والشعب باعتبارهم وباعتبار مشاركتهم السياسية (العالية وذات المغزى) هي الطريق الوحيد للإصلاح وللديمقراطية، فيما الإصلاح البحريني والحريات والحقوق والديمقراطية قطعت معا أشواطا لا يحلم بها أي مواطن عربي أو إيراني، بل إنها ومقارنة بالديمقراطية الأمريكية والبريطانية، أعطت من الحريات والحقوق ومناخات الانفتاح السياسي ما أضر بها كدولة أصلا حيث جعل الجمعيات السياسية تسيء استخدامها، إلى حد الانتقال إلى ما نعتبره (الديمقراطية الفوضوية) ورغم ذلك فان العم سام أو الأخ الأكبر الأمريكي والأب الروحي البريطاني الخبيث، يعبران عن خذلانهما لأنهما يريدان سريعا: النموذج العراقي والحرب الطائفية والمزيد من الفوضى والإرهاب، متحققة معا من خلال هذه الجمعيات الانقلابية والإرهابية، التي يتم تبرير جرائمها السياسية والجنائية، ليس باعتبارها جرائم وخيانة للوطن كما هي في حقيقة أمرها ومحاكمة الأطباء نموذجا، وإنما باعتبارها «حرية رأي وتعبير» بما لا تسمح به في أمريكا أو في بريطانيا ولا حتى واحد في الألف منه، لأنهما في بلديهما يتعاملان بالقوة المفرطة مع أي خروج عن النص، ان أصاب شعرة من جسد الأمن القومي الأمريكي أو البريطاني، وفي مثل هذه المسرحية الأمريكية والبريطانية المثيرة للغثيان، بسبب حجم التلاعب بالمفردات والمصلحة الوطنية والقومية البحرينية أو الخليجية، تقف (الرداحة الإيرانية) «متلمظة» ومنتظرة نهاية المسرحية، التي ستؤول نتائجها إليها أيضا، وبالتالي لا تكف عن تهديداتها المقززة للبحرين كأنها تذكر اللاعبين الكبار، بأنها تلعب معهم لعبة الفتنة واستلاب العقول الطائفية التابعة لها، لتفعل ما تفعله في العراق اليوم في البحرين والخليج وبسرعة.
إن أخبث المخططات يعمل البريطانيون والأمريكيون والإيرانيون بالتحالف الغادر معا، على تمريرها على هذا البلد الصغير، الذي صمد في وجوههم جميعا إلى الآن، باتكال شعبه على (الله) في حفظه وأكثر ما نخشاه هو أن يستسلم القائمون على هذا البلد لفحوى المخططات الخبيثة عبر الصفقات المريبة باسم التحالف والشراكة والصداقة، وهي التي تعمل على تقويض الدولة وان ببطء، فمتى ما فقدت مؤسسات الدولة حقوقها في المواجهة القانونية والقضائية والسياسية والإعلامية، وتركت الحبل على الغارب للأقزام وللخونة للتطاول المستمر على كل مؤسساتها السيادية والوطنية وعلى رموز الدولة وقيادتها ومؤسستها العسكرية فان الدولة والوطن سيكونان في مهب الريح، فيما العنف والإرهاب لن يتوقفا مهما تنازلت الدولة، وأوهمها الحلفاء بالصفقات المريبة لوضع الأساس لإصلاح ومصالحة طويلة الأمد، فيما الحقيقة تمكين الانقلابيين والخونة، من العمل مجددا لاختطاف البحرين، حتى تتنفذ مطالب «الثورة المهدوية العالمية» و«مطالب الفوضى الخلاقة»، «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى» لذلك فليس أمام الدولة وشعب البحرين إلا مواجهة التحديات بشرف واقتدار، وخلع رداء الاستكانة، والاتكال على الله وحده، والأخذ بالأسباب (وما أكثرها!)، ونوجه صرخة الشعب البحريني الوطني والمخلص لوطنه في وجه أمريكا وبريطانيا وإيران: (ارفعوا أيديكم عن بلدنا، فنحن بأتم نعمة من دونكم، ولهذا البلد رب يحميه لأن عيونكم في النهاية على مكة والسعودية، وأنتم معا في الحقيقة تحاربون الله وشرائعه وتعبثون بالبشرية كلها، وليس بهذا البلد أو ذاك فقط.

الاستقواء بالخارج بين الخيانة والوجاهة

حمد الهرمي
الاستقواء بالخارج شأن احترفته المعارضة العربية ليس من اليوم او بدءا بالأزمات العربية الاخيرة التي اطلق عليها الاخوان المسلمين بالربيع العربي وتلقفتها الدول التي تم الاستقواء بها بترحاب تام وهيأت لها الحملات الترويجية عبر وسائلها الاعلامية، لا بل منذ زمن ليس بقليل وهذا ما اوهم به الاتحاد السوفيتي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي المعارضة العربية التي نطلق عليها يسارية في ذات الوقت.
بعد ذلك مارست القوى الشيعية في العراق ومنطقة الخليج العربي ذلك الاستقواء في اكثر صور الاستقواء تجليا بعد الثورة الايرانية (ثورة الخميني) الذي عاش وترعرع سياسيا في منفاه في فرنسا بلد الثقافة والجمال حتى جاء في النصف الثاني من السبعينيات على طائرة اوروبية ليصفي كل حلفائه وفي مقدمتهم حزب توده، ما ان استقر الخميني على عرشه حتى قوت شوكت التيارات الشيعية في العراق والخليج العربي وبدأ صوتهم يصبح اعلى كتيار شيعي صرف ويطالب بحقوقه في كيكة الثروة والسلطة في دول المنطقة، في اشارة صريحة بانهم جزء لا يتجزأ من الثورة الايرانية وانهم امتداد طبيعي لهذه القوة التي ينبغي ان يحسب لها حسابا اقليميا رغم انهم كشيعة اقلية في المنطقة من ناحية واقلية لا تذكر في العالم الاسلامي اجمع من ناحية ثانية.
في الوقت ذاته بدأت القوى الاسلامية السنية الاخرى تمد خيوطها التي ستؤهلها لاحقا الى الاستقواء بالخارج ايضا، لكن كانت تلك التيارات في بلدها الام لا تزال متضعضعة ولا تملك السلطة الكاملة التي تجعلها تبرز شخصيتها الطائفية او الحزبية التي تمكنها من اعتبارها قوة محسوبة على الساحة العربية ما يزكي ذيولها او اتباعها في دول الخليج العربي لتبدأ برفع صوتها مستقوية بالمرجعية او الاصل باعتبارها فروع لها.
رغم كل تلك الخارطة المتشعبة من حالات الاستقواء التي مارستها المعارضة والتيارات العربية الا ان هذا الامر ظل محسوبا على الجانب اللااخلاقي في العمل الوطني، واعتبرت الشعوب العربية لجوء تيارات محلية لقوى خارجية يعبر عن نقص شديد في وطنية تلك التيارات والقائمين عليها، وهذا في رأيي ما حافظ على اخلاقيات العمل الوطني في منطقة الخليج العربي بصورة خاصة، بل وجعل من نظرة الناس للمعارضين نظرة تقدير واحترام وانطلاقا من هذه الحقيقة كان الناس ببساطة يميزون المعارضين النشطين بكلمة هؤلاء جماعة (يحيا الوطن) كلنا دون استثناء نتذكر هذه الكلمة التي كان الناس يطلقها احتراما للمشاركين في الحراك السياسي اليساري المعارض.
ما الذي حدث اليوم؟ انهارت كل المفاهيم والمبادئ الوطنية ليصبح الاستقواء بالخارج امر مقبول ومتاح لأي قوى تحظى بقبول لدى الدول الكبرى التي لديها استعدادا ان تضع يدها في يد الشيطان اذا كان سيحقق لها مصالحها وسيترك لها المجال مفتوحا لتغرف ثروة الدول العربية لتحرم شعوبها منه كما كانت تفعل ابان الاحتلال في العهود الماضية.
لا أنكر على الدول الغربية الطامعة ان تحاول شفط ثرواتنا لكن ما لا يمكنني ان اقبله بأي شكل من الاشكال ان تتمكن تلك الدول من شفط ثرواتنا عبر كوادرنا الوطنية وتياراتنا التي تقول انها وطنية لتتحول الى خراطيم شفط تلك الدول فيحرم الوطن وابناءه من هذه الثروة ليس لشيء سوى رغبة بعض التيارات للاستحواذ على المقاعد والمناصب وان كلفهم هتك عرض دولهم واراقة دماء شعوبهم وانتهاك اعراض نسائهم.
ربما احدهم سيقول انني ابالغ او اميل الى صف الحكومات العربية، وانا لا هذا ولا ذاك فمن يلقي نظرة على واقع العراق اليوم يعرف الى اي نتيجة ستتجه اي دولة تستقوي قواها الوطنية بمرجعيات خارجية ودول كبرى كل همها الثروة، فالمشهد العراقي يؤكد ان الضباع نشبت مخالبها وانيابها فيها وان القوى الوطنية التي جاءت على دبابات الدول الكبرى اصبحت لا حول لها ولا قوة ولا يمكنها ترميم الشروخ والتهتك الذي اصاب بنيان الدولة واركانها التي احدثتها الدول التي تم الاستقواء بها تحت ذريعة محاربة الارهاب واحلال النظام وغيرها من الاطلاقات الوهمية التي تتلبسها تلك الدول لتغنم قدر ما امكنها من ثروة البلد الذي كنا نعول عليه بان يكون قائدا لنهضة دول المنطقة العلمية والسياسية والاقتصادية والادبية والفنية كذلك.
نحن اليوم امام بزوغ قوة جديدة في الشارع الخليجي اصبح لمرجعيتها ثقلا حقيقيا وهم الاخوان المسلمين فبعد الخميني واستقواء الشيعة بإيران اصبح لدى التيارات السنية التابعة ايديولوجيا الى جماعة الاخوان المسلمين جهة تستقوي بها، فمصر على كف عفريت والحكام الجدد لديهم نزعة اصيلة للتوسع في العالم العربي والاسلامي، وبناء على استحقاقات المنافسة مع ايران ستنشب معارك ستكون ميادينها في منطقتنا الخليجية، ناهيك عن المعارك مع الانظمة القائمة في المنطقة حيث ستكون التهديدات اكثر شراسة من تلك التهديدات التي مارستها التيارات الشيعية على الانظمة القائمة، لان كوادر الاخوان اكثر تغلغلا من اي كوادر لحزب او تيار آخر.
اعتقد ان الاستقواء بالخارج بعد ان كان ولفترة طويلة نوعا من انواع الخيانة الوطنية سيصبح مع الاخوان من جهة والتيارات الشيعية من جهة اخرى احد علامات النزاهة والوجاهة الوطنية، حينها ستفقد الدولة كل هيبة وسيفقد الناس هويتهم الاصيلة التي كانت تغذي انتماءهم الفطري لبلدهم.

العلاقة مع إيران تعني التعاون مع الصهاينة

أسامة الماجد
يقول السفير الإيراني صادق خرازي إن إيران بإمكانها أن تحتل البحرين في ساعات كما أوضحت وكالة أنباء فارس.
هكذا وبكل بساطة يخرج علينا هذا المعتوه الإيراني ويطلق مثل هذه التصريحات التي لا تنم إلا عن تخبط واضح وانحدار في مستوى عقلية رجال السياسة الإيرانيين ويدفع بحلمهم التوسعي الخميني إلى نهايته المحتومة.
ولعلنا لا نأتي بجديد عندما نتحدث عن هذه الردة والرجعية الإيرانية في العلاقات السياسية، فهم بين فترة وأخرى يطلقون تصريحات مماثلة يختبرون فيها ردة فعلنا، كما لاحظنا أيضا أن معظم التصريحات الاستفزازية التي تطلقها إيران ضدنا، تأتي من دبلوماسيين أو نواب في مجلسهم المبتور.
بمعنى أنهم يدفعون بمسؤولين درجة ثالثة ورابعة وخامسة ويبعدون الكبار، حتى إذا قوبل أي تصريح بالاستنكار يقولون وبكل حقارة إن هذا المسؤول ليس رفيعا حتى يؤخذ بكلامه... ولو حللنا هذا الموقف المتكرر من إيران لاكتشفنا أنها لعبة وخطة إعلامية محكمة.. فهم يحاولون إبقاء إعلامنا في موقع الدفاع، وبذلك يكون تحركه ضعيفا ومسيرا نحو الميدان الذي يختاره له الإعلام الإيراني الكاذب. نعم.. من الضروري الرد على أساليب إعلامهم المضاد القذر ودراسة طرقه المبنية على الإقناع والإغراء والتهديد والكذب، ولكن في الوقت نفسه يجب ان يكون إعلامنا هجوميا يحاول إبراز نقاط الضعف القائمة فيه والتركيز عليها وجره إلى مجالات إعلامية يحاول التهرب منها مثل قضية الاحواز العرب والأقليات والتمييز العنصري، وارتباط ملالي طهران بالنظام الصهيوني.
ان هذا الأمر في تصوري يتطلب دراسة مسبقة للنظام الإيراني، لكي تكون انطلاقتنا مدروسة وعملية، ومن ناحية أخرى فمن الضروري ان يكون لدينا مخطط إعلامي مدروس موجه للإيرانيين في إيران وخارجها
لأننا على ثقة بأنه سيأتي اليوم لشعب إيران ان ينتصر على جلاديه وان يقيم نظاما وطنيا يعرف كيف يتعامل مع جيرانه.
فإعلامنا اليوم ومعنا بالتأكيد إخواننا في دول الخليج العربي مهمته ان يقاتل العدو (ملالي طهران) ومن اجل ان تتحقق هذه الجبهة الموحدة يجب أن تقوم منظومة خليجية إعلامية قوية جدا، فالمرحلة الحاضرة التي نعيشها مع هذه الدولة الصفوية العنصرية ليست مرحلة تطور طبيعي، بل هي مرحلة صدام مباشر مع عدو يحاول أن يغير مجرى القضية ككل... أن يؤثر على مصير وطبيعة مستقبل دول الخليج الذي يحاول عبثا أن يزرع في تربته بذور الفتن والقلاقل.
نحن اليوم نرى تحركات الإعلام الإيراني وبشكل واضح أكثر من أي وقت مضي، ونرى جنونهم وشعوذتهم، وأنا اجزم ان إعلامنا تجاوز مرحلة تكوين الروح القتالية ومرحلة الخطوات البطيئة المستكشفة. فهناك عدو وهناك مغتصب، يجب ان نتحرك وبكل قوانا في سبيل القضاء عليه.
اما فيما يختص بعلاقات حسن الجوار كما يقال عنها دائما مع هذه الدولة الشاذة التي تعتبر اكبر لص يهدد بسرقة أراضينا، فأنا أرى ان المسألة تحتاج إلى نظرة جديدة لطبيعة هذه العلاقة من قبل دولنا الخليجية.. فإيران ونقولها للمرة المليون لقادتنا تخطط لمغامرة قذرة في منطقة الخليج، وتحاول بكل يأس ان تشغل بتهديداتها السوداء “كعمائم ملاليهم” الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية كونها قوة كبرى ولها وزنها في الوطن العربي عن أداء واجبها بشكل تام، والعلاقة مع إيران تعني باختصار التعاون مع الصهاينة.
نريد في حقيقة الأمر إنذارا عربيا شاملا إلى إيران لتدخلاتها واعتداءاتها السافرة في البحرين، إنذارا يحافظ على هيبة الدول العربية وعلى سيادتها، ثم قطعا للعلاقات الخليجية الإيرانية، باختصار... “فكونا من شرهم وبلاويهم!!”.

الجماعة لا يؤمنون بالديمقراطية

حمد الهرمي
أول من يكفر بالديمقراطية واستحقاقاتها هم المعارضة الذين ملأوا الدنيا بالشعارات المطالبة بها، كما هو الحال حينما خرج البعض الى الشوارع وكتب على حيطان الدولة كلها شعار (البرلمان هو الحل) ومع اول امتحان لهذا الشعار قاطعت وعد والوفاق الانتخابات فقط لأنها تريدها على هواها ضاربين عرض الحائط الاجراءات الديمقراطية، ربما في هذا المقال لست بصدد البحرين بتلك الشعارات التي استبسل لترويجها جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وعند اول امتحان وهي الانتخابات الرئاسية بدأوا يمارسون اشد انواع السلوك والتصرفات المستبدة والارهابية.
لست شخصيا مع المرشح شفيق لكنني لا اقبل اي شكل من الاشكال لو كنت مصريا بان يكون رئيس مصر هو مرسي الذي عبر عن نزعات دكتاتورية في سلوكه، الذي انكشف بوضوح وهو يحاول اقصاء شفيق وحرمانه من حقه كمواطن مصري في الترشح للانتخابات الرئاسية وللأسف فإن كثيرا من الشباب الذين تسيطر عليهم فكرة اعادة انتاج نظام مبارك التي ابتكرها مفكرو الاخوان، وتجعلهم في فوبيا من كل ما له علاقة بالنظام السابق، يصطفون مع مرسي اصطفاف القطيع المدفوع الى مساره بفعل الخوف لا العقل والتفكير.
انا شخصيا متأكد من ان الاخوان المسلمين سيدخلون مصر في نفق التخلف الذي لن ينجيهم منه شيء فجماعة الاخوان المسلمين حينما كانوا بلا قوة ولا تأثير سياسي استطاعوا التغلغل واشاعة الارهاب بين الاوساط الثقافية والفنية وغيرها، فكيف وهم يطبقون بأيديهم على كل متنفسات الحياة في مصر وبيدهم السلطة التي تمكنهم من القرار ليس في الشأن السياسي فحسب بل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ايضا.. اعتقد ان مصر مع الاخوان ستكون مقبلة على كارثة حضارية.
ان الاشارات الصريحة التي صدرت عن مرسي وعن مدى فهمه لمعنى ان يكون رئيسا للجمهورية تؤكد انه ليس فقط سيعيد انتاج النظام السابق بمعناه المتسلط والباطش بل انه سيزيد عليه انه سيحول الابتسامة المصرية الشهيرة الى عبوس ووجوه غاضبة بسبب التعصب والتطرف، سيفعل الاخوان كما يفعل حزب النهضة في تونس سيطلقون يد السلف في الشارع ليبدوا للناظر دائما ان تيار الاخوان المسلمين هو الجزء المنفتح والوسطي من الاسلام السياسي، فيقبل الفرقاء بهم دائما.
الى متى ستنطلي لعبة تبادل الادوار التي يمارسها الاخوان بينهم كمنفتحين واصلاحيين وبين متشدديهم السلف في مختلف اصقاع العالم العربي والاسلامي، الى متى ستنطلي على جموع الجماهير العربية، انا شخصيا اعتقد ان الشباب خصوصا في مصر سيتجرعون الصفعات من الاخوان بعد ان يحققوا كل اهدافهم على حساب هؤلاء الشباب الذين اتابعهم على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وأرى بوضوح ما هم ذاهبون اليه من عشر الى عشرين سنة مظلمة حتى يستطيعوا اعادة موازين القوى في مصر.
لن تحمي الشباب المصري المتحمس اليوم للوقوف ضد شفيق نواياه الحسنة، فالمرحلة مرحلة عمل سياسي وليس ثوري، وفي العمل السياسي يكون التحرك مختلفا تماما عن التحرك الثوري او الانفعالي الذي كانت تعيشه مصر خلال مرحلة الثورة، واذا استمروا في الاستسلام للتنويم المغناطيسي الذي يخضعهم له تيار الاخوان المسلمين فإنهم سيفيقون متأخرين وقد يفيقون ويجدوا انفسهم في المعتقلات والسجون والبعض سيتم اغواؤه بالمناصب والمراكز غير المؤثرة في القرار.
فلينظر الشباب الى موقف الاخوان المسلمين من قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، الا يعبر عن عدم ايمان بالديمقراطية ودولة القانون؟ الا يعبر ذلك عن رغبة في الاستحواذ على القرار حتى ان كان مبنيا على باطل كما هو الحال مع مجلس الشعب وانتخاباته التي لم تكن دستورية بحكم المحكمة الدستورية المصرية العريقة؟
ما يروج له الاخوان هو ان هذا القرار يقف وراءه المجلس العسكري في طعن صريح في نزاهة المحكمة الدستورية المصرية دون ان تطرف لهم عين، وهذا يعني انهم بمجرد ان يمسكوا بزمام الامور فإنهم سيعيدون تشكيل المحكمة الدستورية لتكون تحت امرهم تفصل لهم ما يريدونه وهو ما سيجعل عمرهم على سدة القرار أبديا، ماذا يختلفون في هذا عن حسني مبارك، انا رأيي ان الاخوان المسلمين سينجزون تجربة فادحة السوء في مصر ونتائجها لن يكون لمصر طاقة لترميم شروخها لاحقا.
مع احترامي للشباب المصري الا ان حواراتهم التي تكثر عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع تعبر عن هشاشة سياسية لا يمكن لها ان تؤسس لدولة عصرية قادرة على معالجة ما احدثته السنة الاخيرة من خلل سياسي واعطاب اقتصادية كثيرة ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي شوهت كثيرا نسيج المجتمع المصري سواء على الصعيد الطائفي او العرقي.
على كل حال الانتخابات المصرية بكل معنى الكلمة مصيرية وخطيرة وسيكون لها تأثير مباشر على الدول العربية كلها، فاذا كان الاخوان من انتصر فسنرى في البحرين رؤوسا ستبرز بقوة وستتحدث بنفس المنتصر الذي سيعتقد ان على الدولة ان تزيد من احترامه والا فإنه سيجعل مصر تغضب علينا باعتبار ان تواصله مباشر مع الجماعة بوصفه جزء من الجماعة.. الله المستعان.

سوريا إلى أين

أحمد سند البنعلي
أورد هنا البيان الذي أصدره قبل ثلاثة أيام المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا.. وأورد فقرات منه كما هي على أن يكون التعليق في مقالات قادمة نظرا لطول البيان:
يتحمل النظام المسؤولية عن هذا المسار الدموي الخطير الذي تدفع البلاد إليه دفعا فهو قرر سياساته الإجرامية لمواجهة الثورة الشعبية منذ يومها الأول، هذه السياسات القائمة على العنف الدموي والقمع والقتل والإنكار التام لحق الشعب في تحقيق ما يريده من أهداف مشروعة، وعلى الاعتماد على أجهزة المخابرات والميلشيات الإجرامية المعروفة بالشبيحة لمواجهة المتظاهرين العزل، وعلى بث الفرقة الطائفية وتخويف أطياف من الشعب من المستقبل ومن أي تغيير يمس نظام الحكم، بزعم انه لا بديل لهذا النظام سوى حكم الجماعات المتطرفة، والفوضى والصراعات الأهلية والطائفية المدمرة، ومع استمرار الثورة وإصرار الشعب على نيل حقه في الخلاص من الاستبداد والفساد، لم يوفر النظام وسيلة خبيثة إلا استخدمها لدفع الأمور في هذا الاتجاه التدميري للشعب والبلاد، ومازال اليوم بعد خمسة عشر شهرا يوغل في تعنته وعناده المجرم، بعد أن وصل إلى حد زج الجيش في مواجهة واسعة مع الشعب وأعطاه الأوامر بقصف البيوت والأحياء والمدن الآمنة بالمدافع والراجمات وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وهو ما تسبب حتى اليوم بتدمير أجزاء واسعة من مدينة حمص والرستن واحياء وبلدات وقرى كثيرة في حوران وحماة وحلب ودير الزور وإدلب وريف دمشق وغيرها، وقاد إلى هجرة وتهجير أكثر من مليون مواطن داخل البلاد، واستشهاد أكثر من خمسة عشر ألفا، واعتقال عشرات الآلاف واختفاء الآلاف منهم بلا اثر، ولجوء عشرات الآلاف أيضا إلى البلدان المجاورة بحثا عن الأمان وصون حياة عائلاتهم.
وها هي سياسات النظام الإجرامية التي عملت على ضياع حق السوريين في تقرير مستقبل بلادهم ونظام حكمهم، ووضعته بين أيدي الدول المختلفة خارجهم، هاهي توصل البلاد إلى حافة الهاوية، وتوصل الدولة وأجهزتها بما فيها الجيش إلى حدود الانهيار والتفكك، وتهدد بانزلاق المجتمع كله إلى التمزق والفوضى الشاملة، لا لشيء سوى إصرار حفنة من القابضين على السلطة بالاستمرار في احتكارهم لها، وفي قهر الشعب ونهب ثرواته، ورفضهم الاعتراف بحقه في إقامة النظام الديمقراطي الذي ينشد، وإصرارهم على الحل العسكري الأمني المجرم الذي ثبت فشله الذريع وأوصل الأمور إلى ما وصلت إليه من وضع كارثي.
من جهة أخرى فان قوى ومجموعات مسلحة ذات أجندات خارجية أو ذات مشاريع سياسية غير ديمقراطية تعمل وتدعو للعسكرة واستخدام العنف من اجل تحقيق أهدافها ومشاريعها بعيداً عن الإجماع الشعبي تلعب ادوارا مكملة لادوار النظام في تمزيق البلاد والمجتمع، ومما يزيد الطين بلة أن هذه الجماعات تحصل على الدعم بالمال والسلاح من دول عدة في الإقليم والجوار وتسخر لها وسائل إعلامية تمارس عبرها الشحن الطائفي والمذهبي وتحرض السوريين بعضهم ضد بعض آخر، وتدعو إلى العنف والكراهية لتكون النموذج المعادي للنظام ولكن من طبيعته ذاتها ولتقف معه في المحصلة العملية ضد ثورة الشعب وأهدافه في بناء دولة ديمقراطية مدنية دولة المواطنة والمساواة التامة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز بسبب الدين او المذهب أو المعتقد أو الجنس أو غير ذك.
وفي الوقت الذي يجب فيه إدانة هذه الجماعات وعنفها ومشاريعها السياسية غير الديمقراطية، فلا بد من التمييز تماما بينها وبين النسبة الكبرى من المواطنين الذين حملوا السلاح للدفاع عن أرواحهم وعائلاتهم وبيوتهم ضد الانتهاكات والاعتداءات الوحشية التي تمارسها أجهزة النظام وشبيحته المجرمين، وكذلك بين هذه المجموعات وبين الجيش السوري الحر الذي يتألف من أبناء الشعب العسكريين الشرفاء الذين رفضوا أوامر إطلاق النار على أبناء شعبهم العزل، الذين يلتزمون بالروح والقيم الوطنية الرفيعة في مسؤوليتهم تجاه شعبهم وبلادهم وأرواح مواطنيهم، ويتمسكون بالدفاع عن سلمية الثورة، فهؤلاء يستحقون كل الإكبار والتقدير الواجب.
إن إيقاف العنف اليوم وحقن دماء السوريين واستعادة مناخات الحل السياسي بات يتطلب تعاونا دولياً وإقليميا بدل التدخل الدولي الراهن الذي يحقن ويدعم العنف والتطرف ويمد أطرافه بالسلاح والمال وبالدعم السياسي لحسابات ومصالح آنية واستراتيجية لهذا الفريق الدولي أو ذاك. لان استقرار المنطقة وبناء الدول الديمقراطية في سورية سيكون عاملاً مساعداً لبناء علاقات دولية وإقليمية مع سورية وفي المنطقة على أساس المصالح المشتركة، وبما يخدم مبادئ الحق والعدل الإنساني، ولعل هذا ما يدفعنا لدعم أية مبادرة تحظى بإجماع دولي ولتأييد أي مؤتمر أو تفاهم في هذا الاتجاه.
إنكم مدعوون اليوم وقبل فوات الأوان للالتفاف حول الثورة السلمية ومبادئها في التغيير الديمقراطي الشامل. وحول الوحدة الوطنية وكل ما يجمع الصفوف في مواجهة الاستبداد والتطرف ومدعوون بالأساس لاستمرار النضال السلمي وتصعيده حتى تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة كاملة.