Thursday, May 10, 2012

من تصدير الثورة إلى خطف الثورات العربية

أسامة شحادة
عُقد في طهران يومي 29 - 30/1/2012 "المؤتمر الدولي للشباب والصحوة الإسلامية"، والذي يعد الحلقة الثانية بعد "المؤتمر الأول للصحوة الإسلامية" الذي عقد في طهران أيضا قبل خمسة شهور!!
الجديد في هذا المؤتمر أنه حاول تجاوز ضعف وفشل المؤتمر الأول الذي شهد غياب كبريات الجماعات الإسلامية، فجعلوا المؤتمر للشباب بحيث لا يظهر غياب الأسماء الكبيرة والمعروفة من جهة، ومن جهة أخرى لظنهم أن اختراق الشباب سيكون أسهل.
في الجلسة الافتتاحية كان بارزاً الحضور الشيعي الكبير برعاية الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وكلمات علي ولايتي وزير خارجية إيران السابق، وإبراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق السابق، وإبراهيم السيد رئيس المجلس السياسي لحزب الله، وعمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى في العراق، وافتخار نقوي رئيس مؤسسة النور الشيعية في باكستان. 
أما على الجانب السني فكان المشاركين: د. رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، ود. محمد المدهون وزير الشباب والرياضة في حكومة حماس بغزة، وصبحي عتيق عضو المجلس التنفيذي لحركة النهضة في تونس، والشيخ تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا، وكانت تصريحات شلح والهلالي على وجه الخصوص مليئة بالتمجيد والافتخار بالثورة الإيرانية والخميني والخامنئي.
إن هذا المؤتمر محاولة يائسة من إيران للتغطية على فضيحتها وفضيحة أعوانها ووكلائها في عدوانهم على ثورة الشعب السوري الباسل، والذي يواجه بصدوره العارية جنود وأسلحة بشار والخامنئي وحسن نصر الله.
ويتضح هذا الهدف من تصريحات متعددة للمشاركين والمتحدثين في المؤتمر، فهذا شلح يقول: "إن إيران اليوم حليف ونصير وسند لكل قضايا الأمة ويجب الوقوف معها كتفا بكتف"، ولا أدري هل يشمل هذا دعم الموقف الإيراني بدعم بشار ضد شعبه، هل يدعونا شلح لدعم بشار الأسد كتفا بكتف؟؟
أو زعم علي ولايتي "أن صاحب لواء هذه الصحوة الاسلامية العظيمة هو الإمام الخميني"، ومعلوم أن الصحوة الإسلامية بدأت منذ بداية السبعينات ولم تسمع بالخميني إلا بعد عشر سنوات، وأغلبية الصحوة الإسلامية ترفض الخميني فكراً وسلوكاً، ولكنها البجاحة الإيرانية في فرض وصايتهم على الصحوة الإسلامية السنية.
وهذه المحاولة البائسة لتحسين صورة إيران وأعوانها بعد موجة الثورات العربية والتي فضحت الانتهازية الإيرانية، حيث حاولت إيران اختطاف الثورات العربية عبر تصريحات خامنئي في بداية الثورة المصرية، إلا أن جميع المصريين رفضوا هذه المحاولة علناً، ولعل ما شهده المؤتمر من قيام بعض الشباب المصري في مؤتمر الشباب والصحوة بتحية الثورة السورية وترديد هتافاتها وسط ذهول المنظمين الذين لا يعترفون بالثورة السورية والذين لم يدعوا أحداً ليمثلها أسوة ببقية الثورات!! عند عودة الوفد المصرى اكتشف رجال الجمارك مجموعة كبيرة من الكتب الشيعية الدعائية مع بعض أعضاء الوفد !!
بعد قيام ثورة الخميني تبنت إيران سياسة تصدير الثورة، فشهدت دول الخليج العديد من العمليات الإرهابية في الثمانينيات التي قامت بها خلايا إيرانية وشيعية، ولكن بعد هزيمة إيران أمام العراق (1980 – 1988) تم تبديل السياسة الإيرانية في عهد الرئيس خاتمى باللجوء إلى التركيز على الغزو الثقافي لحين التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق، ولذلك شهدنا مرحلة ظهور المؤسسات الشيعية الثقافية والسياسية والحقوقية، والتي تبنت سياسة طائفية بحتة لكن بخطاب حقوقي وسياسي، ومع اندلاع ثورة تونس ومصر استعجل شيعة البحرين بالعودة لسياسة تصدير الثورة، فرأينا المطالبة باسقاط النظام والعمل على إقامة جمهورية بالقوة رغماً عن شركائهم السنة في البحرين!! ولعل تجدد أعمال الشغب هذه الأيام في البحرين والسعودية هو بهدف إضعاف الدور الخليجي في دعم الثورة السورية.
ها نحن نرى اصطفاف كل الشيعة العرب والفرس، المتدينين والعلمانيين خلف بشار الأسد ضد الثورة السورية!! وذلك أن سياسة تصدير الثورة هي بهدف الاستيلاء على الدول الأخرى لصالح إيران، ولأن الثورة في سوريا تسير في الاتجاه المعاكس وهو إخراج سوريا من التبعية لإيران كما أثبت ذلك عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري سابقا في كتابه "التحالف السوري الإيراني والمنطقة" فإن إيران تقف بقوة ضدها.
المطلوب من إيران أن تكف عن سياسة تصدير الثورة أو خطف ثورات الآخرين من جهة، والالتفات إلى مطالبات شعبها بالعدل والحرية والكرامة، حتى يمكن لإيران أن تكون جاراً مقبولاً لدى جيرانها ونخرج من حالة الاستقطاب والتوتر بسبب سياسات إيران العدوانية والتي تقوم على زرع عملاء لها في الدول الأخرى مما يهدد السلم الأهلي.
والمطلوب من الجماعات الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس والتي أرسلت شبانا منها لحضور المؤتمر أن توضح للجميع حقيقة موقفها من الأطماع الإيرانية ومشروع الغزو الشيعي الذي يمارس من خلال هذه المؤتمرات.

المسألة الطائفية بين السنة والشيعة

بوزيدي يحيى
تطرح في المنطقة العربية حاليا المسألة الطائفية بين السنة والشيعة بشكل كبير في الأوساط السياسية والإعلامية نظرا لبروزها كأهم محدد سياسي في هذه المرحلة يدفع للحديث عن هلال شيعي رغم عدم بلوغه درجة التكامل الإستراتيجي، فإنه يوجد خيط متين يجمع بين كل عناصره، والإشكالية التي يطرحها الموضوع تكمن في تضارب المصالح الإقليمية والدولية واستثمارها في كل الأوراق المتاحة الأمر الذي يترتب عليه خلط في القضية والتعتيم على بعض زواياها خدمة لتلك الأطراف.
إذ يتفق الجميع على أن إسرائيل والولايات المتحدة والغرب بشكل عام وراء (أو على الأقل يفيدهم) تأجيج هذه الصراعات التي تعيد من خلالها رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد خدمة لمصالح إسرائيل ومن ورائها مصالح الغرب حيث يعمل على تقسيم ديني للمنطقة تشكل فيه دول على أسس دينية تماشيا مع رغبة الكيان الصهيوني بتعريف دولتهم على أنها دولة يهودية، غير أن تحديد طبيعة هذا الدور وحدود مسؤولية كل طرف فيه هي محل خلاف وجدال، وغالبا ما يكون أهل السنة والجماعة الضحية الأولى لهذا الواقع كما يدلل عليه الوضع السوري اليوم، حيث تدعي كل الأطراف الخارجية والداخلية حرصها على الأقليات مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران والمجلس الوطني السوري ممثلا في رئيسه برهان غليون.
وحتى النظام الذي حذر من حرب أهلية في حين أنه مرّت أكثر من سنة والأخير ماض في تقتيل أبناء الشعب السوري معتمدا في ذلك على الشبيحة والأجهزة الأمنية التي لا يخفى على أحد انحدارها من العلويين دون أن يتدخل ما يصطلح عليه بالمجتمع الدولي لوقف المجازر الطائفية ويريد بدلا من ذلك ضمانات مسبقة لهذه الطائفة أو تلك ممن دماؤهم تنزف والأسوأ من ذلك أن يساير من يفترض به تمثيلهم الغرب ويتحدث عن وجود متطرفين إسلاميين بين الثوار.
المسألة في إطارها السني
نظرا لسيطرة الاتجاهات العلمانية على وسائل الإعلام والثقافة وحتى مراكز الأبحاث في الكثير من الدول العربية فإن هذه التيارات هي التي تتصدر لقراءة المسألة الطائفية في الجانب السني!! وقدمت إجابات أخذت بشكل شبه قطعي وأصبحت حقائق من كثرة تداولها رغم أنها لا تعبر بشكل حقيقي عن المنظور السني للقضية، إذ أن الرؤية العلمانية تنطلق من ممارسات فردية تربط بفتاوى العلماء بطريقة انتقائية المقصود منها محاولة تقديم الأطروحة العلمانية على أنها العلاج الحقيقي للمشكلة وأن الرؤية الدينية هي السبب في الأزمة، في حين أن المتمعن في الاجتهادات السنية يجد أنها تنطلق من أحكام ثابتة ومؤصلة متعلقة بموقف الشرع من الانحرافات العقدية دون أن يعني ذلك الاعتداء على المخالف في بدنه أو ماله أو شرفه فضلا عن حياته لأن حرمة دم الإنسان بغض النظر عن دينه وملته هي من الثوابت التي لا تتجاوز، والشيعي ليس استثناءً من ذلك وهذا ما أكده الشيخ عدنان العرعور في نداءاته لكل الطوائف في سوريا مبينا أن حقوق الجميع محفوظة وفي مقدمتهم العلويون الذين لم يشاركوا النظام جرائمه انطلاقا من قوله عز وجل : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [الزمر: 7].
والمسألة في سياقها الديني ليست محصورة على السنة والشيعة ولا المسلمين وحدهم فهي موجودة في كل الأديان ولا شك أن الكل يرى أن دينه هو الأصح ويرى أن غيره في ضلال. والنشاط الدعوي السني سواء الموجه إلى جمهور أهل السنة والجماعة لتحصينهم أو إلى جمهور الشيعة فإنه يقوم على حب الخير لهم والشفقة عليهم (باستثناء الذين يمارسون القتل والتنكيل بحق أهل السنة كميليشيات جيش المهدي وفيلق بدر في العراق، والشبيحة النصيرية في سورية، وغيرهم من المجموعات الطائفية المسلحة المعتدية)، وهو أيضا خطاب يرجو هدايتهم إلى سواء السبيل بتحذيرهم من علمائهم الذين ضلوا وأضلوا بكشف كل ما تحتويه العقيدة الشيعية من ضلالات جعلت الشيعة أدوات بيد مراجعهم الذين امتصوا أموالهم وبلغ بهم ذلك حد التقاتل وحرق مكاتب الوكلاء من أجل فتح الفروع في مناطق النفوذ كما حصل مؤخرا في العراق بين مقلدي السيستاني والصرخي.
لكن لما يقوم الطرف الآخر بممارسة أفعال ضد أهل السنة من منطلقات طائفية فإنه يحق لأهل السنة أن يوضحوا تلك الأمور لأمتهم ويكشفوا الحقائق التاريخية لتبيان خطر هذه الفرق على الأمة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الطائفية تبرز عندما  تمارس السلطة (حكومة أو جماعة منظمة) سياسات إقصائية وتهميشية مبنية على أسس وخلفيات مبدئية من الطرف الآخر المختلف معه في الدين أو بعض المعتقدات وقد لا تقتصر تلك الممارسات الممنهجة على الإقصاء و التهميش، بل تتعداهما إلى المنع من ممارسة الطقوس والشعائر الدينية بوسائل مباشرة أو غير مباشرة وقد تصل إلى حد التعدي على أهم حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة.
وعلى هذا الأساس فإن متابعة الأحداث تكشف على أن من يقوم بهذا وينطلق من خلفيةٍ هدفُها الأخير إلغاء الآخر جملة وتفصيلا هي تلك الجماعات الشيعية كما حصل في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وفي سورية اليوم، فإن النظام الأسدي كشف عن خلفيته الطائفية أيضا في طريقة تعامله مع الثورة والتي كان يغطي عليها بشعار المقاومة والممانعة.
أما التكفيريون السنة الذين تحاول بعض الأصوات تعميم فكرهم على كل أهل السنة والجماعة، فإضافة إلى أنهم يكفرون السنة ابتداء وأول من اكتوى بنارهم وضحاياهم هم أهل السنة أنفسهم ووقوف العلماء منهم موقفا حاسما وحازما، فإن الظاهرة التكفيرية عموما هي استثناء في الحالة السنية وأصل في الحالة الشيعية، وذلك لأنه في حين ينطلق السنة في قراءتهم للتاريخ من أن ما جرى بين الصحابة وفي مقدمته الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما على أنه اجتهاد من الطرفين وأن عليّاً كان اجتهاده هو الصحيح وأكثر من ذلك فهي "دماء طهر الله منها أيدينا فلنطهر منها ألسنتنا".
وأما الشيعة فإنهم ينطلقون من مسائل أبعد من هذا بكثير حين يتهمون الصحابة بداية بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بأنهما أول أعداء آل البيت ويصفون أهل السنة والجماعة بالنواصب وينعتونهم بأحفاد بني أمية بما تحمله هذه الكلمة من معانٍ ودلالات ثأرية وانتقامية يؤسسون لها من لحظة استشهاد الحسين رضي الله عنه في كربلاء، فمن يستحضر التاريخ ويجعل منه طقسا دينيا مثل يوم عاشوراء وغيرها من المناسبات وعندما يمتلك السلطة والقوة فإن أول ما سيفكر فيه هو تحقيق ما عمل عليه أسلافه من قبل وما يحفزه على ذلك أكثر أن مهديه المنتظر صاحب الزمان سيعجَّل فرجه ويُبارك أعماله.
موقع إيران من المسألة
تقرر الدراسات المختصة أن الشيعة في الخليج العربي في مرحلة الخمسينات والستينات وحتى السبعينات كانوا يميلون إلى النشاط ضمن التيارات اليسارية، وفي لبنان أيضا يؤرخ للحركات الشيعية التي اتجهت إلى العمل السياسي انطلاقا من خلفية دينية بعد تأسيس موسى الصدر حركة أمل ومع نجاح الثورة في إيران سنة 1979 ووصول الملالي إلى الحكم هناك، حيث اندفعت القوى الشيعية المتأثرة بالخمينية إلى محاولة محاكاة ثورته في بلدانها، ولم يقف نظام الجمهورية الإسلامية مكتوف الأيدي أو يكتفِ بتشجيع تلك الحركات فقط بل عمل على فتح فروع لها ودعمها بمختلف الوسائل والتنسيق بينها لمدِّ نفوذه في المنطقة ومحاولة تأسيس أنظمة شبيهة بنظامه وخاضع لسلطته تمهيدا لظهور المهدي المنتظر.
من هنا تبرز إيران في المسألة الطائفية في هذا العصر كأهم مؤجج لها، غير أن الإشكال يكمن في نفس التيارات التي تنظر إلى الاتجاهات والحركات الإسلامية السنية من منظور ديني بحت وتتهمها بالطائفية في حين تحاول قراءة المشهد الإيراني من زاوية مختلفة، وهذا ما يعكس  التناقض في الموقف من إيران!!
فمثلا يرى الدكتور هاني فارس أن إستراتيجية الأمن القومي التي اعتمدتها الولايات المتحدة تعتبر إيران وتحالفها مع سوريا وحماس وحزب الله أعداء للمصالح الأمريكية في المنطقة، ولمواجهة هذه الحلف جمعت الإدارة الأمريكية الحكومات العربية الموالية لها تحت أيديولوجية حرّكتها الدوافع الإثنية والطائفية، ويقول في نفس الدراسة إن الإدارة الأمريكية اعتمدت في سعيها وراء أهدافها الإقليمية عددا من أدوات السياسة لتسهيل مهمتها أهمها التحريض على الاضطراب المدني واستغلال الطائفية.
وفي حالة العراق اندمجت الأداتان، وهو يرى أن هناك سلسلة متصلة بين ما يجري في العراق ولبنان وفلسطين وأنه لن يتم تحقيق الاستقرار في المنطقة إلا إذا حلت النزاعات الثلاثة، وهنا التناقض فبما أن إيران لها نفوذ كبير في العراق فمصدر قوته هو الأحزاب الشيعية، فوفق ما جاء في تقرير حالة الأمة العربية (2006- 2007) "تحظى إيران بالذات بنفوذ سياسي ومذهبي واستخباري ومالي، فضلا عن تأثيرات على ميليشيا فيلق بدر وعلى أطراف في الحكومة العراقية بحكم التقارب العقدي والمذهبي ناهيكم المصالح الخاصة"( ) وهذا يدل على أن إيران وظفت الطائفية واستغلتها على غرار الولايات المتحدة، وإذا كان المشروع الأمريكي شاملا ومتكاملا فإن المشروع الإيراني لا يختلف عنه من حيث الأهداف والوسائل ولا يمكن تجزئته.
والحالة العراقية رغم تجلي البعد الطائفي الإيراني فيها منذ اليوم الأول للاحتلال لم تكن مقنعة بالنسبة للكثير من النخب السياسية والفكرية العربية حتى بداية الثورة السورية حيث لم يعد هناك مجال للتغطية على الخلفية العقدية التي تحرك القوى الشيعية في المنطقة.
ويكون تساؤل ياسر الزعاترة يحمل بين طياته إجابة عن موقع إيران من المسألة حين يقول: "إذا كانت البحرين التي تعيش جزءاً من منظومة خليجية (بغالبية سنية)، هي عنوان الثورة في وعي إيران وحلفائها رغم أن الشيعة فيها لا يصلون بحال 60 % من السكان، فهل يكون ثلاثة أرباع سكان سوريا طائفيين حين يثورون على نظام دكتاتوري فاسد؟"!( ).
الموقف من الحوثيين بأثر رجعي
الموقف الإيراني من الحوثيين لا يخرج عن هذا الإطار فهو جزء من الخطوط العريضة للمشروع الإيراني في بعده الطائفي وذلك لأن الإعلام الإيراني كان ينظر لحرب صعدة على أنها محاولة للقضاء على أتباع مذهب آل البيت في اليمن بتآمر سعودي، وبغض النظر عن أسباب الحرب وأخطاء النظام اليمني السياسية فإنه لا أحد يستطيع النفي أن الحوثيين لم يحرموا من المشاركة السياسية إذ كانت لديهم مقاعد في البرلمان إلا أنهم انسحبوا منه وتبنوا الخيار المسلح، وهذا يتنافى مع ما كانت تصوره الفضائيات الإيرانية وعلى رأسها الكوثر والعالَم، والمنار التابعة لحزب الله إضافة إلى دعم بعض الأحزاب الشيعية العراقية للحوثيين وفتح مكتب لهم هناك وتبرير ذلك بوجود بعض البعثيين من النظام السابق في اليمن.
والربط بين هذه الحلقات والسلوك الإيراني في العراق يبرر على الأقل التوجس من الهلال الشيعي الذي ظهرت الكثير من ملامحه بعد احتلال العراق (وليس قبله) ويحمل الدول العربية على عدم الاطمئنان لكل الدعوات الإيرانية للتعاون وصياغة أمن المنطقة من جهة والتعاون لتجاوز الاحتقان الطائفي والعمل على الوحدة الإسلامية من جهة أخرى إذ لا يتناسب مع الوقائع والأحداث التي تسجل يوميا في الاتجاهين تكون البصمات الإيرانية حاضرة فيها.
بعدما تفجرت الثورة السورية تبين أن تلك التوجسات العربية لم تأت من فراغ حين سخرت إيران كل إمكاناتها للدفاع عن النظام النصيري هناك ودفعت بعملائها في العراق إلى تنحية خلافاتهم مع دمشق جانبا ومساعدته في إجهاض الثورة وقد تحدثت تقارير إعلامية مؤخرا عن سعي بعض القوى الشيعية العراقية إلى حد تشكيل جيش من المتطوعين للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد اصطلح عليه (جيش الحسين) والاسم لوحده يعبر عن الجوهر الطائفي.
الخلاصة
المتأمل في حقيقة وواقع الإشكال الطائفي يجد أن من يمارسه هو الفِرق الطائفية وأبرزها الشيعة التي خرجت على الأمة الإسلامية (أهل السنة والجماعة) خاصة عندما تتمكن من الوصول إلى السلطة، وحتى لا تستعدي الأمة تغلف نفسها بعناوين وشعارات عامة وفي المنعطفات الحاسمة التي يفترض أن تعبر عن التعاون والتآزر الإسلامي فإن الشيعة (والمقصود هنا بشكل أدق مَن يقفون في قمة الهرم السلطوي الديني والسياسي كالحكومات أو الأحزاب والمرجعيات) يسهمون في إحداث الشرخ في الأمة وتشتيت طاقاتها وقدراتها بإلهائها بمعارك داخلية خدمة لأعدائها.
ومما يؤكد أيضا أن المسألة دينية بالدرجة الأولى وليست مسألة حقوق سياسية واجتماعية هو مواقف تلك الأحزاب الشيعية في لبنان والعراق والبحرين والكويت التي لم تتجاوز الإطار الطائفي ولم يسجل لها أي موقف واضح وصريح في تاريخها ضد نظام ولاية الفقيه في إيران بما في ذلك القضايا الوطنية فضلا عن القضايا العربية وأكثر من ذلك فإنها كرست كل حقوقها وأموالها ومناطق نفوذها لخدمة مشروعه الديني.

المصدر: الراصد

الدور المشبوه لمؤسسة طابة الصوفية في مرحلة الربيع العربي

أسامة شحادة
تمهيد:
منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي والصحوة الإسلامية محط أنظار دوائر صنع القرار في العالمين الغربي والشرقي، وذلك من أجل فهم الصحوة الإسلامية والوصول لمفاتيح التعامل معها بما يحقق المصالح الغربية أقيمت آلاف الندوات والمؤتمرات لذلك، وأصبح هناك الكثير من الباحثين والمؤسسات المتخصصة بدراسة وبحث الصحوة الإسلامية.
وكانت الخلاصة المركزية التي تم الوصول لها هي: المد الإسلامي أو الإسلام السياسي - بتعبيرهم- قادم لا محالة وسيكون في كرسي الحكم ولا بد من التعامل معه كأمر واقع لا مرد له، ومن ناحية أخرى لا بد من دعم ورعاية اتجاهات إسلامية بديلة أكثر قابلية للتعاون أو التهاون مع المصالح الغربية، والمرشح الوحيد كان التيار الصوفي بتنوعاته وتلوّناته.
ودعم التيار الصوفي من قِبل الغرب كان أمراً واضحاً لكل المراقبين، فهذا د.عبد الوهاب المسيري يقول: "ومما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية، ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي"[1].
ويقول فهمي هويدي: "وفي حين تُطرح العلمنة حلا لمشكلة الأمة الإسلامية‏,‏ فإن التقرير – تقرير راند - لايخفي دعوة صريحة إلى تشجيع التصوف‏,‏ وهو ما يعد نوعا من الدعوة إلى التعلق بما يمكن أن نسميه بـ الإسلام الانسحابي الذي يقلص التدين في دائرة روحية لا يتجاوز حدودها‏,‏ فهو يتحدث صراحة عن أهمية تعزيز الصوفية وتشجيع البلدان ذات التقاليد الصوفية القوية على التركيز على ذلك الجانب من تاريخها‏,‏ وعلى إدخاله ضمن مناهجها الدراسية‏,‏ بل ويلح على ذلك في عبارة أقرب إلى الأمر تقول‏:‏ لابد من توجيه قدر أكبر من الانتباه إلى الإسلام الصوفي"[2]‏.‏ 
ويقول دانيال بايبس – وهو من أشد مناوئي الإسلام اليوم -: " الغرب يسعى إلى مصالحة التصوف الإسلامي، ودعمه لكي يستطيع ملء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة، وإقصائه نهائياً عن قضايا السياسة والاقتصاد"[3].
ومما يحسن التنبيه عليه هنا ملاحظة د. إسماعيل الفاروقي وزوجته لويس لمياء في كتابهما    "أطلس الحضارة الإسلامية"[4] عن قوة انتشار الصوفية بين المسلمين الجدد البيض في الغرب، حيث أن الخواء الروحي بسبب المادية الطاغية جعلت الكثير منهم يقبل على التصوف، وقد أصبح كثير من هؤلاء المسلمين في موقع التوجيه سواء للغرب أو العالم الإسلامي بسبب خلفيتهم الثقافية العالية مثل روجيه غارودي[5] ومراد هوفمان[6]، مما يفتح المجال للبحث عن تأثير هؤلاء المسلمين الجدد المتصوفة في سياسة الغرب على غرار دور الشيعة المتغربين في سياسة الغرب تجاه إيران وقضايا التشيع كأمثال: والي نصر، تقي راي، تريتا بارسي، فؤاد عجمي، كنعان مكية. مؤسسة طابة:
طابة هي مؤسسة صوفية مقرها في أبو ظبي بدولة الإمارات، أسسها ويديرها الداعية الصوفي اليمني علي الجفري، والمؤسسة جاءت لتصبغ النشاط السابق لسنوات، للجفري ومن معه، بصبغة رسمية.
تعرف المؤسسة على نفسها في موقعها الإلكتروني[7]، بما يلي: "مؤسسة طابة هي مؤسسة غير ربحية تسعى إلى تقديم مقترحات وتوصيات لقادة الرأي لاتخاذ نهج حكيم نافع للمجتمع بالإضافة إلى إعداد مشاريع تطبيقية تخدم المثل العليا الخالدة لدين الإسلام وتبرز صورته الحضارية المشرقة؛ ومن خلال ذلك نضع مقاييس جديدة ومعايير قِيَميّة لأنظمة العمل المؤسساتي".
ورؤية المؤسسة والتي تنص على: "إعداد الدراسات والكوادر والمؤسسات لتطوير خطاب إسلامي واضح وإيصاله للعالم بأسره بطريقة تؤدي للإدراك".
فهي إذاً مؤسسة تتعامل مع قادة الرأي وصناع القرار، ومعلوم أن مثل هذه الخطوة تعتبر من أعلى درجات التركيز للتغيير الشامل والرسمي والسريع!!
أما المجلس الاستشاري الأعلى لمؤسسة طابة فهو يجمع أقطاب الصوفية في المنطقة، وهم:
1- د. محمد البوطي، رئيس قسم العقائد والأديان في كلية الشريعة بجامعة دمشق.
2- د. عبد الله بن بيّه، رئيس مركز التجديد والترشيد (لندن)، وهو من موريتانيا لكنه مقيم بالسعودية.
3- د. علي جمعة، مفتي الديار المصرية.
4- الحبيب عمر بن حفيظ، مؤسس وعميد دار المصطفى باليمن.
وكان معهم د. نوح القضاة رحمه الله، مفتي عام الأردن الذي توفي عام 2010.
ويلاحظ أن هؤلاء هم أعمدة الصوفية في سوريا ومصر والأردن واليمن والسعودية وموريتانيا، ويشير موقع المؤسسة (طابة) إلى أن أعضاء المجلس الاستشاري حصلوا على مراتب متقدمة ضمن الشخصيات الإسلامية الأكثر تأثيراً في العالم لعام 2011، بحسب تقرير المركز الملكي للبحوث والدراسات الإسلامية بعمان بالتعاون مع مركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون.
وقد جاء ترتيب د. علي جمعة رقم 12، ود. البوطي رقم 20، ود. عبد الله بن بيه رقم 31، ثم الحبيب عمر بن حفيظ رقم 37، أما علي الجفري فكان رقم 42 ضمن التقرير.
ومن الشخصيات غير العربية في مؤسسة طابة: الأمريكي الشيخ جهاد هاشم براون أحد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة طابة وكبير أعضاء مجلس الأبحاث في المؤسسة، بعد أن شغل منصب مدير الأبحاث لعدة سنوات في مرحلة التأسيس.
وهو دارس لعلم النفس ودراسات الشرق الأدنى من جامعة روتجرز بولاية نيو جيرسي عام 1994، ثم توجه للدراسات الشرعية على يد عدد من العلماء مثل: أديب محمد كلاس، د. البوطي، وله نشاط واسع بالتدريس وإلقاء المحاضرات والبرامج التلفزيونية الفضائية في الغرب.
الدور المشبوه لمؤسسة طابة:
مما سبق يتبين لنا وجود توجه سياسي غربي معلن بدعم التصوف كبديل عن الصحوة الإسلامية، وكحليف مضمون الولاء للمصالح الغربية، ويتبين لنا أن صوفياً نشيطاً وهو علي الجفري قد أقام مؤسسة صوفية تجمع أقطاب التصوف وتسعى للوصول لقادة الرأي وصناع القرار والتأثير فيهم من جهة، وتعمل على بناء كوادر متخصصة لذلك من جهة أخرى.
وبمتابعة بعض نشاطات المؤسسة والبارزين فيها تبين:
* وجود علاقات لهذه المؤسسة مباشرة وغير مباشرة مع الغرب والدوائر السياسية فيه تحديداً.
* السعي الحثيث لترسيخ وجهات نظر ومفاهيم تصب في صالح المصالح الغربية.
* وجود ممارسات شاذة عن الخط الإسلامي يفرح بها الغرب.
* دعم الأنظمة القمعية ضد شعوبها والتيارات الإسلامية.
* شرعنة التطبيع السياسي والديني مع إسرائيل.
ويبدو أن الربيع العربي والذي فاجأ الغرب والأنظمة العربية قد عدل قليلاً من دور الصوفية في هذه المرحلة، فبعد أن كان الرهان على التصوف كبديل للحركات الإسلامية عند الغرب، وجد الغرب نفسه أمام أمر واقع بوصول الإسلاميين لسدة الحكم، فقرر بواقعية وعقلانية التعامل معهم وعدم تضييع الوقت بخلاف الأنظمة العربية، فتم عقد مؤتمر لمؤسسة كارنيغي في واشنطن بتاريخ (5/4/2012) والذي جمع ممثلي الإخوان المسلمين من مصر وتونس وليبيا والأردن مع الساسة الأمريكان، وهذا لا يعني عدم مواصلة دعم ورعاية التصوف ليكون له موضع مستقبلا في الساحة السياسية[8].
أما الأنظمة العربية فيبدو أنها أخذت بخيار تفعيل وتسريع الرهان على التصوف في وجه الحركات الإسلامية، وقد تنوعت طرائقهم في ذلك، ففي سوريا الدور المطلوب هو إخماد الثورة، وفي مصر حجز مكان في الساحة السياسية، وفي الأردن محاولة إيجاد منافس لجماعة الإخوان.نشاطات مشبوهة للمؤسسة والقائمين عليها:
1- مشاركة الجفري في المؤتمر العالمي للطرق الصوفية، مؤتمر (سيدي شقير) بالمغرب عام 2004 بحضور مندوب أمريكي[9]:
حيث كان الجفري رئيسا للوفد الحضرمي في هذا المؤتمر الذي يتزعمه اللبناني النقشبندي هشام قباني والذي يعد حلقة الوصل الأساسية بين الإدارة الأمريكية والأوساط الفكرية الغربية وبين الطريقة النقشبندية الصوفية التي يتزعمها الشيخ (ناظم الحقاني) المقيم في قبرص[10].
وقد شارك في المؤتمر مع الجفري وشيوخ الطرق الصوفية: الأمريكي "داود كيزويت" رئيس اللجنة المغربية الأمريكية للتعاون الثقافي والتربوي، وبعض النساء غير المحجبات!!
2- خرق الجفري لقرار العلماء بمقاطعة الدنمارك بسبب الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم:
فرغم اتفاق العلماء على مقاطعة الدنمارك للضغط عليها لتقديم اعتذار عن الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسوم الكاريكاتيرية، إلا أن الجفري شارك مع عمرو خالد وطارق السويدان بخرق ذلك وزيارة الدنمارك وعقد مؤتمر حوار معهم!! وذلك في عام 2006م.
وقد علق د. القرضاوي على هذه الخطوة المستفزة بقوله: "إن هذا يشبه قول أحدهم لك (اللعنة على أبيك)، وردك عليه بالقول: (من فضلك لنتحاور)"، وأضاف أنه "قبل أن يدعونا إلى الحوار ندعوهم إلى الاعتذار".
3- عيادة الجفري للبابا شنودة بسبب مرضه، مع أنه لم يزر كثيراً من العلماء المسلمين!!
نشر موقع الجفري خبر زيارته للبابا شنودة في 6/10/2009، وأنه صرح لقناتي أغابي وCTV المسيحيتين أن زيارته للمقر البابوي "جاءت للاطمئنان على صحة قداسة البابا بعد عودته من رحلته العلاجية بالخارج من ناحية، ولأننا من ناحية أخرى أبناء منطقة واحدة نجتمع على قواسم كثيرة مشتركة…".
وأشاد الجفري بشنودة وما يوصف به من أنه "بابا العرب"؛ بأن "كثيراً من الألقاب تأتي ثمرة لمواقف، وأن للبابا شنودة موقفاً منذ أكثر من ثلاثين عاماً في منع أقباط الكنيسة الأرثوذكسية من الذهاب إلى القدس في ظل الاحتلال الغاشم، وهو نوع من المواقف التي تدل بحق على شخصية الرجل وانتمائه"[11]، والعجيب أن الجفري اليوم يسير على عكس سياسة البابا شنودة عقب وفاته!! وهو ما سنفصل فيه لاحقاً.
وبعد وفاة شنودة عام 2012 سيشارك الجفري بنفسه في مجلس عزاء البابا شنودة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويغرد على تويتر: أعزي إخواننا المسيحيين الأقباط بوفاة البابا شنودة الثالث[12].
والعجيب أن الكثير من علماء المسلمين الذين يخالفون الجفري مرضوا وماتوا ولم يزرْهم الجفري ولم يعزِّ فيهم ولم يغرد لمحبيهم!!
4- إقامة مركز د.عبدالله بن بيه والمركز العالمي للتجديد والترشيد مؤتمر "ماردين دار السلام" بتاريخ 27-28/3/2010، في مدينة ماردين بتركيا، وكان هدف المؤتمر هو: إيجاد وصف جديد للعلاقة بين الدول الإسلامية وغيرها، بدل الوصف القديم الوارد في كتب الفقه (دار سلام، ودار حرب)، سماه بـ "فضاء سلام"، أو "فضاء للتسامح والتعايش"[13].
وطبعاً المؤتمر الصوفي سيعدل فتوى ابن تيمية السلفي، ولكنه من أجل ذلك يمارس التزوير والتحريف كما بين ذلك د.ناصر الحنيني في توضيحه أنه لم يوقع على البيان لوجود ملاحظات عليه.
وكانت الخلاصة التي خرج بها المؤتمر حصر الجهاد في حالة رد العدوان مع أنهم لم يستقدموا أحدا من علماء البلاد الإسلامية المحتلة!! وذلك كله تحت غطاء الرد على جماعات العنف والتطرف!!
ويبدو أن هذا المؤتمر سيشكل الخطوة التمهيدية لزيارة الجفري وعلي جمعة للقدس بعد عامين وتحديدا في 2012!!
5-  دعم علي جمعة وعلي الجفري لمبارك ضد ثورة الشعب المصري
إن تأييد علي جمعة لحسني مبارك استمر حتى اللحظة الأخيرة واعتبر أن ثورة المصريين خروج على الشرعية وأن فعلهم فتنة وحرام حرام[14]، أما الجفري فوصف المتظاهرين في ميدان التحرير بأنهم "فئة غوغائية"[15].
6- دعم البوطي للمجرم بشار الأسد
وهذا الدعم والتأييد ليس له نظير ولا مثيل، ولا يزال البوطي يجرّم الثورة السورية ويصطف مع نظام بشار، ولا يكترث بآلاف القتلى والشهداء وسواهم من الجرحى والمهجرين، ولم يصدر عن مؤسسة طابة طوال أكثر من سنة من عمر الثورة إلا بيان بخصوص مقتل الشيخ أسامة الرفاعي ولم يسموا فيه القاتل!!
وطبعاً هم مشاركون للبوطي وبشار في هذه الجرائم لأنهم لم يتبرؤوا من النظام السوري ولا من البوطي، بل لا يزال البوطى يُستضاف ويؤخذ برأيه كما سنثبت لاحقاً.
7- المشاركة في مؤتمر "التصوف منهج أصيل للإصلاح" بالقاهرة (24 - 26 /9/2011) برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والذي نظمته "أكاديمية الإمام الرائد لدراسات التصوف وعلوم التراث بالعشيرة المحمدية". وشارك فيه رموز مؤسسة طابة ومنهم البوطي برغم موقفه الشائن من الثورة السورية، مما يؤكد أن القضية موقف صوفي عام وليس خطأ فرديا!!
8- الإشراف على وقفية كرسي الإمامين الغزالي والرازي في القدس وعمان
تجسيداً لغاية المؤسسة من مخاطبة قادة الرأي تم اعتماد عدد من الهيئة الاستشارية للمؤسسة مشرفين علميين على الوقفية وهم: البوطي وعلي جمعة والجفري وعمر باحفيظ، وقد جعلوا من شروط أستاذ الكرسي أن يكون من أهل السنة والجماعة (الأشاعرة/ الماتردية)!!
حيث أوقف الملك عبد الله الثاني في 25/1/2012 مبلغ  مليوني دينار أردني لكل كرسي على حدة.
وتهدف الوقفية الأولى والتي سميت بـ"الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الغزالي"، لتدريس فكر الإمام الغزالي ومنهجه في جامعة القدس والمسجد الأقصى المبارك[16].
أما غرض الوقفية الثانية والتي سميت بـ "الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الرازي" فهو تدريس فكر الإمام الرازي ومنهجه في الجامعة الأردنية وجامعة العلوم الإسلامية العالمية ومسجد الحسين بن طلال، وإنشاء جائزة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للدراسات التي تتناول الإمام الرازي وفكره ومنهجه[17].
والعجيب أنهم في ديباجة وقفية كرسي الغزالى أشاروا إلى إقامة الغزالي بالقدس بنوع تقدير، رغم أن من أكبر المؤاخذات على الغزالي سكوته عن احتلال الصليبيين للقدس ومجزرتهم التي قتل فيها 70 ألف مسلم!! وأيضاً خلو كتابه "إحياء علوم الدين" من باب الجهاد وعدم إشارته بتاتاً لاحتلال القدس في كتبه رغم أنه عاش 12 عاماً بعد احتلاله!!
وكأن المقصود من بث فكر الغزالي اليوم وفي القدس هو السكوت عن احتلال القدس من قبل اليهود ونزع الجهاد من قلوب وعقول المسلمين، وذلك تمشياً مع مفاهيم الصوفية المنحرفة بالرضى بالاحتلال بوصفه قضاء الله الذي يجب قبوله، لأن الفاعل واحد بحسب عقيدة وحدة الوجود، وبسبب العقائد الجبرية التي تلبس بها الفكر الصوفي !!
قال د. زكي مبارك: "بينما كان بطرس الناسك يقضي ليله ونهاره في إعداد الخطب وتحبير الرسائل لحث أهل أوروبا على امتلاك أقطار المسلمين، كان الغزالي (حجة الإسلام) غارقاً في خلوته، منكباً على أوراده، لا يعرف ما يجب عليه من الدعوة والجهاد"[18].
وهنا نجد الملاحظات التالية:
أن المؤسسة نافذة بحيث تنفذ وتشرف على وقفيات الملك عبدالله الثاني.
أن المؤسسة ومن خلال هذه الوقفيات ستكون في موقع التوجيه والتأثير في الجامعات والباحثين وعموم الناس، وينفذون أجندة خاصة بهم قد لا تعرف بها السلطات الأردنية.
أن المؤسسة تعمل على إيصال رسائل خفية للغرب بالانفتاح والتعاون والسلام ونبذ الجهاد.
أن وقفية الغزالي بالقدس ستكون بوابة للتطبيع السياسي والديني مع إسرائيل، كما حدث في زيارة الجفري وعلي جمعة للقدس، بحجة تفقد الوقفية!!
9 – زيارة القدس برضى الجيش الإسرائيلي
فاجأ الجفري المسلمين بزيارة مدينة القدس في 4/4/2012 دون سابق تمهيد، مما أثار ردود أفعال قوية ضده وضد زيارته، ولذلك كتب الجفري في موقعه يوضح دواعي الزيارة فقال: "عملاً بقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدِ الْأَقْصَى"؛ وشوقاً إلى القبلة الأولى ومسرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ واستجابة لدعوة الشيخ محمّد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية، المسلمين لزيارة المسجد الأقصى نصرة له ودفاعاً عن قضيته وتأييداً لأهله المرابطين في وجه غطرسة الصهاينة وانتهاكاتهم ومخططاتهم لتهويد القدس وطمس هويّتها العربية الإسلامية، فقد شاورت بعض كبار علماء الأمة واستخرت الله تعالى في شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى فانشرح الصدر لذلك وتيسّرت أسبابه"[19].
ولم تكد تفيق الأمة من الصدمة حتى رأت علي جمعة، مفتي مصر، يوم 18/4/2012 في القدس أيضاً!!
وزيارة علي جمعة أكدت ووضحت قول الجفري "شاورت بعض كبار علماء الأمة"، إذ لحق به جمعة ولم يفتِه فقط، ولذلك ننتظر الآن زيارة البوطي وبن بيه وعمر باحفيظ، فالمسألة مسألة وقت ليس إلا.
والعجيب أنه في الوقت الذي عارض فيه غالب العلماء من فلسطين وغيرها بل حتى الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية هذه الزيارات، وقف يؤيدها فقط مفتي أبو مازن والبوطي، والعجيب أن البوطى خطب الجمعة لتأييد زيارة القدس[20] برغم أن الحكومة السورية تعاقب أي فلسطيني يزور فلسطين وتمنعه من زيارة سوريا بحجة دعم فلسطين!! فاحترنا من نصدق! وعرفنا مدى تلون البوطي وكونه مفتيا تحت الطلب.
ورغم أن الجفري كان يثني على البابا شنودة بسبب منعه من زيارة القدس، نراه اليوم ينسجم مع قوافل الأقباط التي زارت القدس عقب وفاة البابا، فهل كان  الجفري يخشى غضب البابا؟؟
ولماذا يقبل الجيش الإسرائيلي بزيارة الجفري وعلي جمعة للقدس، في الوقت الذي يمنع فيه الشيخ رائد صلاح من دخولها؟ ويمنع فيه غالب الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن الخمسين؟ وتمنع قوافل المؤيدين لفلسطين والقدس من نشطاء العالم من تجاوز صالة المطار بتل أبيب؟؟ وكيف يصح القول بعد ذلك أن هذه الزيارة دعم لفلسطين والقدس وأهلها؟؟ 
ومن الملفت للنظر أن الشيعة وحزب الله وقنوات المنار والعالم لم تنتقد الجفري ولا علي جمعة على هذه الزيارة ولا مؤتمر نصرة القدس في دمشق!!!
10- مؤتمر "نصرة القدس" بدمشق 10/4/2012
وهو اليوم الذي كان يفترض فيه بدء وقف إطلاق النار بحسب مبادرة كوفي عنان، عقد هذا المؤتمر من قبل رابطة علماء الشام برئاسة وزير الأوقاف السوري ومشاركة البوطي، وكانت أبرز توصياته:
* تأييد بشار الأسد ضد الثورة السورية.
* إنشاء اتحاد لعلماء الشام برئاسة البوطى!!
* عدم إنكار زيارة الجفري القدس، وذلك لأن للجفرى نفوذاً كبيراً في رابطة علماء الشام، والتي تعد مقربة من حزب الله.
الخاتمة:
نعتقد أن الحقائق السابقة تؤكد وجود مشروع صوفي عابر للدول العربية يعمل على تحقيق هدفين:
1- نشر ثقافة صوفية تصالحية مع أعداء الأمة، وممارسة هذه الثقافة من خلال التطبيع الثقافي والسياسي والديني.
2- خدمة الأنظمة القائمة ولو كانت مجرمة كنظام بشار، وذلك لترسيخ وجودها المهدد إذا وصلت فصائل الصحوة الإسلامية للسلطة.
ونلاحظ أن جميع رموز مؤسسة طابة مشتركون في كل أعمال الخيانة والعمالة التي يقوم بها بعضهم، لكونهم لا يزالون للحظة لم يتبرأ أي منهم من أي تصرف خياني أو شخص أجرم بحق أمته، بل لا يزالون يتعاونون معاً.  
[1] - مقال (الإسلام والغرب)، الجزيرة نت 26/12/2004.
[2] - مقال (عن القراءة الأمريكية للحالة الإسلامية)، جريدة الأهرام 10/8/2004. وقد بين الأستاذ محمد عبدالله المقدي في كتابه "التصوف بين التمكين والمواجهة" تفاصيل الحث والدعم الغربي للتصوف.
[3] - انظر كتاب (ولتستبين سيبل المجرمين) د. محمد يسري، ص 116، وهو مهم في كشف هذا التوجه بدعم التصوف.
[4] - ص 264، وهذه الملاحظة كتبت قبل عام 1986، حيث تم اغتياله وزوجته في أمريكا!! وقد طبعت ترجمة الأطلس في مكتبة العبيكان سنة 1998م.
[5] - انظر كتاب (فكر جارودي بين المادية والإسلام)، الأستاذ عادل التل.
[6] - انظر كتاب (استدراكات مراد هوفمان على الإسلام، عرض ونقد) د. عبد العظيم المطعني.
[8] - انظر تفاصيل المؤتمر، جريدة الغد الأردنية 8/4/2012
[9] - مقال (مؤتمر صوفي عالمي لم يُعلن عنه في موقع الجفري؟!) موقع الصوفية.
[10] -  مقال (محمد هشام قباني النقشبندي) لمحمد المقدي، موقع مجلة الصوفية عدد 7.
[13] - مقال (مؤتمر ماردين 2010 دراسة ومناقشة) د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه، منشور على صفحته بموقع صيد الفوائد.
[18] - كتاب (الأخلاق عند الغزالي) ص25، بواسطة كتاب (أبو حامد الغزالي والتصوف) عبدالرحمن دمشقية، ص410.
[20] - صفحته على الفيس بوك http://ar-ar.facebook.com/Dr.albouti

مصر الجديدة ومستقبل العلاقة مع إيران

أسامة الهتيمي
الناظر إلى واقع العلاقات المصرية الإيرانية خلال القرن الميلادي الماضي وحتى الآن يلحظ أن التوتر كان هو السمة الغالبة على هذه العلاقات إذ ارتهنت طوال هذا التاريخ للبيئة السياسية على المستويين الإقليمي والدولي التي خضعت في فترة من فتراتها لإرادة الاحتلال الغربي الذي كان يفرض سيطرته على أغلب بلدان المنطقة العربية والإسلامية فيما خضعت في فترة أخرى لحالة الاستقطاب السياسي بين القوتين الكبيرتين المتنازعتين "الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي".
ففي الأربعينات من القرن الماضي وخلال فترة الاحتلال البريطاني لكل من مصر وإيران اتسمت علاقة البلدين بالتقارب الشديد بينهما، لكن هذا التقارب سرعان ما انقلب إلى توتر شديد بعد وقوع أحداث ثورة الثالث والعشرين من يوليو في مصر والتي كانت سببا في إجلاء جنود الاحتلال البريطاني عن الأراضي المصرية وإسقاط حكم الملك فاروق وتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية، بالإضافة إلى العدوان الثلاثي عام 1956م وتطور العلاقات المصرية السوفيتية التي كانت في مقابل تدهور العلاقات المصرية الأمريكية.
لقد كانت إيران آنذاك واحدة من مجموعة حلف بغداد الذي كانت تقوده واشنطن ولم يكن مقبولا أن تكون القاهرة وطهران على علاقة من الوئام خاصة وأن القاهرة محسوبة في هذا الوقت على الاتحاد السوفيتي، ولذلك نجد أن عبد الناصر يرحب بدعم المعارضين للشاه ولو كانوا من التيارات الدينية التي حاربها عبد الناصر بضراوة ووحشية بالغة.
لكن واستجابة لمسارات وطبيعة الحياة السياسية المتقلبة فقد تراجعت العلاقات المصرية السوفيتيه في عهد الرئيس المصري أنور السادات الذي بدأ يتحول وبشكل ملحوظ إلى معسكر الولايات المتحدة الأمريكية ما أدى بالتبعية لحدوث تقارب مصري إيراني في زمن الشاه انتهى باندلاع الثورة الإيرانية بقيادة الخميني عام 1979م وهي الثورة التي كانت ترى في سلوك السادات - الذي دوناً عن بقية رؤساء العالم سمح باستضافة الشاه على الأراضي المصرية - سلوكا شائنا ومضادا للثورة.
وتزامن مع هذا الموقف ما قام به السادات أيضا من التوقيع على معاهدة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني عام 1979م وهو ما دفع الخميني إلى الاستجابة لطلب الرئيس الراحل ياسر عرفات بقطع العلاقات الإيرانية بمصر وهي العلاقات التي لم ترْقَ حتى اللحظة إلى تمثيل دبلوماسي كامل في كلا العاصمتين على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على توقيع هذه المعاهدة.
الاستقلال المفقود
يتبين من الاستعراض التاريخي السابق والسريع لمنحنيات العلاقة بين مصر وإيران على مدار أكثر من نصف قرن من الزمان أن الإرادة السياسية لكلا البلدين لم تكن هي المعبر الوحيد عن شكل هذه العلاقة وبالتالي لم يكن يستحضر قادة النظامين في البلدين المحددات الرئيسية للعلاقات بين الدول فهذا مما لم يشغلهم على الإطلاق بالقدر الذي شغلهم اتّباع البوصلة المحددة من قبل القوى الدولية التي كان لها النفوذ الأكبر على اتخاذ القرار في هذه البلدان.
ومن ثم فقد اختفى من المشهد الاختلاف المذهبي بين البلدين فليس من المؤثر كون مصر واحدة من أكبر البلدان السنية التي تحتضن الأزهر الشريف الجامع والجامعة السنية، وأن إيران أكبر البلدان الشيعية في المنطقة والتي تحاول وبالتوافق مع تاريخ حكامها العمل على التوسع الشيعي وتزايد النفوذ في المنطقة وخاصة في بلدان الخليج العربي.
وإذا نظرنا إلى المسلك السياسي الذي اتبعه الرئيس المصري البائد حسني مبارك في تحديد مسارات العلاقة مع إيران وجدنا أن هذا كان بالنسبة له أمرا مستبعدا أيضا فمبارك لم يكن يلتفت للدين إلا من زاوية كون الإسلاميين خطرا لا بد من إزاحته عن المشهد السياسي المصري وهو ما دفعه إلى أن يتحسس كل خيط يمكن أن يكون عونا أو دعما للإسلاميين بمختلف توجهاتهم حتى يقوم بقطعه.
وكانت إيران بالنسبة لمبارك وبحسب تصوره إحدى الجهات الداعمة لأطراف إسلامية فاعلة في الحياة السياسية ومن ثم كان يجب أن يتم التعاطي معها بحذر شديد وهو في حقيقة الأمر فهم قاصر إذ كانت إيران بدورها تتعاطى مع الإسلاميين من باب اعتبارهم أداة ضغط سياسي على مبارك للدفع به لإحداث تقارب بين النظامين وهو ما أدركته ووَعته الإدارة الأمريكية التي أحسنت استغلال التقارب بين إيران وبعض الأطراف الإسلامية للمقايضة على حزمة من المصالح والأهداف الأمريكية في العديد من البلدان.
كذلك فقد كان التباعد بين مصر وإيران ورقة أراد بها مبارك نيل رضى الطرف الأمريكي بعد أن توترت العلاقة بين واشنطن وطهران ليس إلا لنزاع بينهما حول فرض السيطرة وتزايد النفوذ في المنطقة العربية والإسلامية بما يفسر التباطؤ الأمريكي والصهيوني في اتخاذ خطوات حقيقية لوقف ما اسمياه بالبرنامج النووي الإيراني الذي يبدو أنه توافق مع ما تستهدفه أمريكا وقوى الغرب من الدفع بإيران باعتبارها فزاعة لبلدان المنطقة.
مستقبل العلاقات
كان من الانتقادات الموجهة للنظام المصري البائد هو تدهور العلاقات المصرية الإيرانية فقد كانت العديد من القوى السياسية ترى أن هذا التدهور وكما أشرنا آنفا شكل من أشكال التبعية السياسية للولايات المتحدة وأن تحقيق الاستقلال يستتبع تحسناً في هذه العلاقات وهو ما دفع بالعديد من المرشحين المحتملين للرئاسة في مصر سواء كانوا من الإسلاميين أو من غيرهم إلى الإعلان عن أنهم سيعيدون النظر في هذه العلاقات في حال وصولهم لسدة حكم البلاد.
غير أن هؤلاء المرشحين يدركون تماما حجم الاستياء الشعبي تجاه إيران التي وبحسب العديد من التقارير وشهادات الداعين للتقريب بين السنة والشيعة - في مرحلة زمنية معينة - وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي تتبنى مخططا رسميا لنشر التشيع في البلدان العربية وعلى رأسها مصر وهو ما يمثل خطرا على الأمن والسلام الاجتماعيين في مصر وغيرها.
وعليه فإن التصريحات الخاصة بالمرشحين للرئاسة في مصر فيما يخص إيران تنطلق من مبدأ البراجماتية السياسية وحسابات المصلحة والمنفعة التي وبحسب تصريحات المرشحين أنفسهم تفرض على الرئيس المقبل أن يوازن بين العلاقات المصرية الإيرانية من جهة، وبين العلاقات المصرية العربية من جهة ثانية، وبين العلاقات المصرية الأمريكية من جهة ثالثة.
أبو إسماعيل وإيران
يدرك المتابع للمشهد السياسي في مصر أن شخصية مثل الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل هي رقم صعب في الانتخابات الرئاسية في مصر إذ تمكن الرجل من إيجاد شعبية جارفة له في أنحاء مصر كلها حتى أضحى واحدا من أهم المنافسين على الموقع الرئاسي.
ويرى أبو إسماعيل أن السياسة الخارجية لمصر أوسع من مجرد شكل علاقة مع دول معينة إنما هي عملية متكاملة وضخمة تقوم على دراسة مصالح مصر مع كافة دول العالم مثل التركيز على العمق الأفريقي والبعد العربي والمحيط الإسلامي بالإضافة إلى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بتوفير (البدائل الدولية) التي تقوم على مد جسور العلاقات مع العديد من دول العالم وليس الارتباط بقطب واحد نسير في فلك سياساته بما يسمح لنا بالحفاظ على استقلالية قرارنا والحفاظ على كرامتنا الوطنية بعيدا عن الهيمنة والاستسلام والانبطاح المفروض علينا من الغرب.
في هذا الإطار يشير أبو إسماعيل إلى أنه يدرك أن لإيران أهدافاً إقليمية في المنطقة وأن الاقتراب منها  له آثار سلبية على العلاقة بدول الخليج العربي وأمريكا كما أن هناك اختلافا عقائديا بين "السنة والشيعة".
لكنه يرى أن مصر يجب عليها أن لا تستسلم لاتجاه واحد في السياسة الخارجية يجعلها ضعيفة وباهتة كما كانت في عهد النظام السابق حيث لم تتعامل مع إيران ولم توثق علاقاتها بدول أمريكا الجنوبية كالبرازيل وفنزويلا وبالتالي لابد من إقامة علاقات مع تلك الدول تحقق المصلحة الوطنية وفي نفس الوقت تحفظ استقلالية القرار والأداء الدبلوماسي المصري بعيدا عن الهيمنة والتبعية.
غير أنه ومع وضوح موقف أبو إسماعيل من تحسين العلاقة مع طهران إلا أن هذا لم يمنعه من أن يتخذ موقفا حاسما من إيران لمساندتها للرئيس السوري بشار الأسد في سياساته وحملاته القمعية بحق الشعب السوري وثورته المباركة بما يعني أن موقف أبو إسماعيل يقوم كما أكد هو على تبادل المنفعة وليس نتيجة لانحياز أيدلوجي.
ويأتي أخيرا الاتهام غير المباشر الذي وجهه الشيخ حازم أبو إسماعيل لإيران باعتبارها أحد طرفين خلف ما ادعاه أحد الشباب المصريين الشيعة المقيمين بالولايات المتحدة بشأن أن والدة أبو إسماعيل أمريكية الجنسية وهو أمر تم في إطار مؤامرة تهدف إلى إزاحته من سباق الانتخابات.
وسواء بقي أبو إسماعيل أو انسحب من هذا السباق إلا أنه يظل بفكره يعبر عن قطاع جماهيري عريض سيكون بلا شك له تأثيره في مسار الأحداث.
العوا والتشيع
لا يمكننا عند البحث في موقف الدكتور سليم العوا من إيران أن نغض الطرف عما حدث منذ سنوات من خلاف شديد بينه وبين الدكتور يوسف القرضاوي إذ خرج الدكتور العوا رافضا وبشدة تصريحات الدكتور القرضاوي التي حذر فيها من خطر المخطط الإيراني لنشر التشيع في مصر والبلدان العربية وهو الموقف الذي لاقى استهجانا شعبيا إذ كان الأولى بالدكتور العوا أن يدعم موقف الدكتور القرضاوي في ذلك.
وقد كان هذا الموقف سببا في أن تتجه أصابع الاتهام للدكتور العوا بأنه لا يعارض نشر التشيع خاصة وأنه من المدافعين وبشدة عن فكرة التقريب المذهبي بين السنة والشيعة فضلا عن أنه من القائلين بأن مساحة الخلاف بينهما أقل بكثير من مساحة الاتفاق.
وكان لهذا الموقف أيضا تداعياته على تبني أحد الأحزاب الإسلامية لترشيح العوا في الانتخابات الرئاسية وهو ما كان سيوفر عليه جهدا ووقتا في جمع نحو ثلاثين ألف توكيل من المحافظات المصرية للتقدم بها للجنة العليا للانتخابات.
ففي تصريحات لحزب النور المحسوب على التيار السلفي قال يسري حماد المتحدث الرسمي باسم الحزب إن علاقة العوا بإيران قيد على ترشيح الحزب له في السباق الرئاسي.
وقد أدرك الدكتور العوا أن موقفه من إيران وموقفه من الأحداث في البحرين وموقفه من الثورة السورية يمكن أن يجر عليه مشكلات كبيرة جدا ستؤثر سلبا على وضعه في الانتخابات الرئاسية وهو ما دفعه للحرص على أن يؤكد مرارا وتكرارا في أحاديثه الصحفية على أنه ومع حرصه على تحسين العلاقات المصرية الإيرانية إلا أنه لن يسمح بالعلاقات التبشيرية أو بالمد الشيعى في البلاد السنية، ولكنه في هذه الحوارات واللقاءات بقي يثير الكثير من الشكوك بسبب أجوبته غير الواضحة والتي تبقي الباب موارباً حيال الشيعة وإيران.
ومع إظهار رغبته في فتح القنوات مع كل الأطراف الإسلامية يؤكد د. العوا أنه سيعمل على خلق محورين فى السياسة الخارجية وهما: المحور المصري التركي الإيراني بما يمتاز من بُعد تكنولوجي وتسويقي، والمحور الثاني هو المصري السوري السعودي بما يمتاز من عودة العروبة المصرية التي هي أصل الهوية للدولة المصرية. 
مدرسة الإخوان
ربما لا تختلف توجهات الإخوان المسلمين حول إيران كثيرا عن طرح الدكتور العوا، فالرجل في النهاية ينتمي لمدرسة الإخوان وخارج من عباءتها إلا أنه وللموضوعية يوجد فارق جوهري يمكن أن يميز الإخوان عن العوا وهو أن الإخوان جماعة لها أتباعها وأنصارها ومن ثم فإن قراراتها تخضع لتطلعات وطموحات هؤلاء الأتباع والأنصار الذين يتأثرون بما هو عليه الشعب المصري الذي يرفض رفضا قاطعا فتح الباب على مصراعيه أمام الإيرانيين والشيعة لنشر مذهبهم وأفكارهم بين الشعب المصري وبالتالي فإن تحسين علاقة بلادهم بإيران مرهونة بأن تحترم إيران عقيدة الشعب المصري وبما يراه هذا الشعب ويقتنع به.
ويتضح هذا الموقف جليا في مقال كتبه الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، في أعقاب المقال الذي كتبه يوسف ندا أحد قادة الجماعة بالخارج دفاعا عن الشيعة في الموقع الرسمي للجماعة وهو المقال الذي أثار لغطا شديدا حول الجماعة وموقفها من الشيعة والتشيع.
وفي هذا المقال بين غزلان أن إيران ومنذ قيام ثورة 1979م تتطلع للعب دور في المنطقة بدءاً بفكرة تصدير الثورة ثم غُلِّف هذا الدور بدعم بعض الحكومات والأحزاب والجماعات مستغلةً في ذلك عوامل عدة منها الإعجاب بالثورة ووجود ملايين من الشيعة في العراق والسعودية ودول الخليج ولبنان وصمودها ضد محاولات حرمانها من استخدام الطاقة النووية ونجاحها في التغلب على العقوبات الاقتصادية.
وأوضح غزلان أن كل هذا أغرى إيران بالسعي لمزيد من التسلُّل الناعم عن طريق نشر المذهب الشيعي باعتباره الطريق الناجع لاكتساب- ليس التعاطف - فحسب وإنما الولاء والانتماء وحدثت بعض النتائج لهذا المسعى في المغرب العربي وبعض الأفراد في مصر وغيرها من الدول الأمر الذي أزعج الدكتور القرضاوي فشنَّ حملةً على المذهب الشيعي.
وأضاف غزلان أنه ورغم اعتقادنا بصحة ما جاء في كلام القرضاوي إلا أننا امتعضنا منه لإمكان استغلاله من قِبَل بعض الحكومات والأحزاب وأجهزة الإعلام لتأييد المشروع الأمريكي الصهيوني.
وتأتي أهمية استعراض موقف الإخوان من إيران لكونهم وقبل أيام قليلة من غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية أعلنوا عن تقديمهم لمرشح رئاسي هو المهندس خيرت الشاطر.
وينقلنا هذا لاستعراض موقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح للرئاسة والقيادي إلى وقت قريب في جماعة الإخوان المسلمين إذ هو لا يتجاوز في طرحه فيما يخص العلاقة المصرية الإيرانية ما تراه الجماعة وما كان قد أعلنه الدكتور القرضاوي الذي بارك ترشح أبو الفتوح دون بقية المرشحين.
وكان أبو الفتوح وفي تصريحات صحفية له قال إن علاقات مصر مع إيران وغيرها تربطها المصلحة العليا للبلاد وأنه من الممكن أن تكون هناك علاقات اقتصادية جيدة مع إيران والعلاقات السياسية يمكن أن تجنب البلاد كثيراً من المشاكل وأن المد الشيعي في مصر شيء مستحيل.
وأضاف في تصريحات أخرى أنه في حال فوزه بمنصب الرئيس سوف يعمل على أن تكون لمصر علاقات متوازنة مع كل من تركيا وإيران بالإضافة إلى دول الخليج، معتبراً أن هذه الدول تمثل ركائز هامة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأن مصر يجب أن يكون لها علاقات متوازنة مع جميع هذه الأطراف.
العلمانيون والقوميون
لا تخرج رؤية المرشحين المحسوبين على التيار العلماني عن رؤية الإسلاميين فيما يخص العلاقة مع إيران إذ تحكمهم أيضا في ذلك البراجماتية التي تسعى وبحسب تعبيرهم للحفاظ على مصالح مصر.
فلو تأملنا تصريحات المرشح عمرو موسي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية نجدها تتركز حول ذلك فنرى موسى يؤكد ضرورة عدم استمرار القطيعة بين مصر وإيران داعيا إلى جلوس الطرفين على طاولة المفاوضات وإعادة العلاقات بين البلدين.
وقال موسى إنه دعا من قبل إلى حوار عربي مصري جماعي مع إيران خاصة أنها من أكثر الدول اهتماما بالمشاكل العربية وأكثرها تأثيرا في العلاقات الدولية بالمنطقة العربية ولكن هناك بعض الدول العربية رفضت هذا الحوار مشددا على أنه من المصلحة أن يبدأ حوار مفتوح مع إيران للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف العربية والإيرانية على حد سواء ومؤكدا أن إيران لن تأخذ مكانة مصر فى المنطقة فمصر هي التاريخ والحضارة وإيران أيضا وكل دولة لها دورها على الصعيد العربي والدولي.
أما الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل أيضا فيرى أن عودة العلاقات مع إيران مسألة استراتيجية ليس لأسباب سياسية فقط معربا عن اعتقاده بأن التنسيق مع الطرف الإيراني هو حل لتناقضات كثيرة مع المشروع الإيراني.
وأضاف أن هناك حساسيات دولية في العلاقات مع إيران إلا أن هناك مصالح مصرية حقيقة في عودة هذه العلاقات على مستوى الاستثمار والخبرات والتعاون الإقليمي وذلك مع احترام خصوصية كل دولة مشيرا إلى أنه لا توجد أي مخاوف لديه من الدور الإيراني فى المنطقة ولابد من الاعتراف بذلك. 
أما المستغرب فعلا فهو موقف المرشح حمدين صباحي المحسوب على التيار القومي الناصري الذي يفترض أن يكون على علاقة عدائية أو على الأقل على علاقة فاترة بإيران نظرا لتعارض المشروعين القوميين العربي والفارسي.
ويأتي موقف حمدين وتياره ربما استجابة للعلاقة التي تربطهما بتيار حزب الله اللبناني الذي ينظر له حمدين على أنه تيار المقاومة العربي الذي يجب دعمه ومساندته وهو ما يفسر التقارب بين حمدين وطهران حتى أن رجال حمدين كانوا ضيوفا على مؤتمر الصحوة الإسلامية الذي عقد منذ شهور على الرغم من أن تيار حزب الكرامة بزعامة حمدين ليس إسلاميا[1].
هذا وقد بدا منذ فترة موقف صباحي من التقارب مع الدولة الإيرانية ففي لقاء له مع سفير ايران بالقاهرة أكد صباحي على أهمية العلاقات مع إيران ودعم مشروعها النووي موضحا أن العلاقة مع إيران هي جزء طبيعي من دائرة العالم الإسلامي التي تنتمي إليها مصر بعد انتمائها للدائرة العربية ثم الإفريقية. وأن المثلث الذي يكونه العالم العربي مع تركيا وإيران هو بؤرة المجتمع الإسلامي فى العالم وأن العلاقات الجيدة فيما بينهم ضامن مهم لصيانة مصالح تلك الدول.
غير أن صباحي وفي محاولة للانسجام مع تياره القومي لا يفوته أن يوجه انتقادات للسياسة الإيرانية ومن أهمها موقفها من العراق التي أسهمت أو على الأقل صمتت عن احتلاله بالإضافة إلى زيادة نفوذها وتدخلاتها فى دول الخليج العربي التي تسبب إزعاجاً لتلك الدول.
الخلاصة أن كل المرشحين لمنصب الرئاسة المصرية يستحضرون في برامجهم ملف العلاقات المصرية الإيرانية ويتّفقون على أهمية إعادة هذه العلاقة وإن اختلفت نسبيا دوافعهم لهذا وهو أمر لا يختلف عليه عاقل غير أن السؤال الأهم هو حول كيفية التعاطي الإيراني مع هذا التقارب المنتظر وهل سيكون أداة من أدوات توسعة النفوذ الإيراني في المنطقة أم أن إيران ستعي دروس التاريخ القريب والبعيد وتدرك الحدود التي لا يجب تجاوزها مع جيرانها العرب والمسلمين؟


[1] - هناك شكوك على علاقات أوثق وأقدم لحمدين صباحي بالشيعة تصل لحد اتهامه شخصيا بالتشيع، ولذلك أيده الشيعة في مصر. الراصد.

المصدر: الراصد

ولاء الشيعة لمن

لا تزال ردود الفعل تتوالى على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك الأخيرة بخصوص " ولاء الشيعة " هل هو لأوطانهم أم لإيران ؟
فقد استنكر أغلب قيادات الشيعة الدينية والسياسية في المنطقة هذه التصريحات، كما شنت المنابر الإعلامية الشيعية حملة إعلامية منظمة ضد مبارك، تذكر بالحملات اليهودية التي تشن على كل من يقترب من التابوهات اليهودية "المقدسة" ! وهذا أسلوب سبق للشيعة استخدامه ضد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عندما حذر من " الهلال الشيعي " ، وهذه الحملات ضد الزعماء العرب لا تتورع عن سبهم ولعنهم بكل قوة ، وذلك لخلق حالة من الخوف من مجرد التفكير بالاقتراب من الشيعة !!!
وبالفعل فإن هذا هو ما حصل، فقد اضطر الأردن للقيام بسلسلة من الخطوات الدبلوماسية للتخفيف من الغضب الشيعي عليه ، كما أن الرئيس المصري اضطر لتوضيح مراده من التصريحات السابقة بأنه لم يكن يقصد سوى ارتباط الشيعة بالأماكن المقدسة شيعياً في إيران !!!
وبغض النظر عن تصريحات مبارك وتوضيحها يبقى السؤال : " ولاء الشيعة لمن ؟ " قائماً يبحث عن إجابة .
بداية من المقرر أن التعميم في الأحكام خطأ كبير ، و ذلك أن الشيعة مثل غيرهم من الطوائف فيهم المتعصب وفيهم الموالي للطائفة والمرتبط بالمرجعية وفيهم المعتدل وفيهم المنشغل بدنياه وفيهم العلماني ، وهناك صراعات بين هذه التيارات وإن كان المعتدلون والعلمانيون من الشيعة يحاربون بضراوة من قبل قادة الشيعة عموماً بسبب التعصب الطائفي، لذلك ما سنصل إليه من إجابة على هذا السؤال ليس بالضرورة عاماً لكل الشيعة ، وإن كان قد يشمل قطاعاً كبيراً منهم بحسب الحقائق التي سنعتمد عليها للوصول إلى الإجابة الصحيحة بإذن الله .
وستكون الإجابة من ثلاثة محاور :
1- العقيدة والفكر الشيعي .
2- السلوك السياسي للشيعة في التاريخ .
3- الواقع السياسي المعاصر للشيعة .
المحور الأول : العقيدة والفكر الشيعي
· التقية بوابة الفهم الشيعي :
التقية هي أهم المفاتيح لفهم العقلية والسلوك الشيعي بعامة والسياسي بخاصة ، والمراد بالتقية كما يشرحها الشيخ المفيد: ( التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا ) ،شرح عقائد الصدوق، فصل التقية ص 241 .
ويبين لنا الخمينى ضرورة التقية وأهميتها في السلوك الشيعي فيقول : ( ثم إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره، بل الظاهر أن المصالح النوعية صارت سببا لإيجاب التقية من المخالفين فتجب التقية وكتمان السر لو كان مأمونا وغير خائف على نفسه ) كتاب الرسائل 2/201 .
وهذا حسن الصفار أحد زعماء شيعة السعودية يقول في مقابلة صحفية : ( القرآن الكريم فيه آيات عديدة تؤكد أن الإنسان إذا كان في موقع يخاف على نفسه الضرر،أو يكون في موقع يسبب له مشكلة من إظهار رأيه وعقيدته فإن له أن يلجأ إلى التكتم على رأيه وعقيدته حفاظاً على حياته ومصلحته ). في مكاشفة مع عبد العزيز القاسم في ملحق الرسالة التابع لجريدة المدينة الجمعة ( 17 شعبان 1425هـ الموافق1 أكتوبر 2004م ) .
فما هو الفرق بين الكتمان لأجل المصلحة والخيانة ؟؟؟
إذا كانت التقية القائمة على الكتمان لأجل المصلحة هي أسلوب الشيعة في التعامل مع الآخرين فكيف سنعرف الولاء الحقيقي لهم ؟؟ سؤال يبحث عن إجابة .
· ما هو الموقف الشيعي من الحكومات والدول قديماً وحديثاً ؟
الدول تنقسم بحسب الشيعة لقسمين : قسم يؤمن بالإمامة الشيعية كدولة البويهيين، و دولة الفاطميين، و دولة الحمدانيين، و دولة الصفويين .
وقسم لا يؤمن بالإمامة الشيعية كدولة الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والعثمانيين والدول القطرية المعاصرة فضلاً عن الدول غير الإسلامية .
وحين ننظر في التراث الشيعي تجاه الدول والحكومات نجد الروايات التالية :
1- "كل رايةٍ ترفع قبل راية القائم صاحبها طاغوت". و يضيف المازندراني شارحاً : "و إن كان رافعها يدعو إلى الحق"!! (شرح المازندراني 12/371).
2- " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى سلطان وإلى القضاة أيحل ذلك ؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت " ( الكافي للكلينى ) .
وأما عن فهم هذه الروايات سنجد الخميني يقرر: "على الشعب المسلم ألا يرجع في أموره إلى سلاطين و حكام الجور و القضاة العاملين لديهم حتى لو كان حق الشخص المراجع ثابتاً ".    ( كتاب الحكومة الإسلامية ص 136) .
أما موقف حسن الصفار من البويهيين، و الفاطميين، و الحمدانيين، و الصفويين فهو عدم الشرعية حيث يقول : "الفكر الشيعي لا يسبغ على هذه الدول الشرعية، لأن للحكم الشرعي مواصفات لم تتحقق عند أغلب هذه الحكومات المنتمية للشيعة" ، بل "و كان الحكم الشاهنشاهي في إيران محسوباً على الشيعة، لكن علماءهم لم يسبغوا عليه الشرعية و أخيراً أسقطوه" !!     ( في مكاشفة مع عبد العزيز القاسم ) .
أما حول سبب عدم شرعية هذه الحكومات عموماً والحكومات والدول الشيعية خصوصاً ، فيوضحه الأستاذ بندر الشويقي في رده على مقابلة الصفار هذه بقوله : (معضلة الفقه الشيعي أنه لا يمكن أن يسبغ الشرعية إلا على دولة يقودها الإمام المعصوم!!
أو على الأقل فقيه شيعي إمامي ينوب عن هذا الإمام!!
و هذا القول الأخير يقول به قلة من علماء الشيعة ممن أيدوا زعامة الخميني و ثورته باعتباره فقيهاً ينوب عن المعصوم في الإمامة. و أما الأكثرون فلا يسبغون الشرعية إلا على دولة الإمام المعصوم وحده دون سواه.
و على كلا الحالتين فلا يمكن أن يثبت الفقه الشيعي الولاء لدولة يحكمها غير فقهائهم ) .
و بهذا الموقف الرافض لشرعية جميع الحكومات سوى حكومة الإمام أو من ينوب عنه نتساءل لمن سيكون ولاء الشيعة ؟
· ما هي مهمة كل شيعي في زمن غيبة الإمام ؟
يقول الشيخ الصفار في رسالته " الإمام المهدي أمل الشعوب": "المؤمن الذي يعيش في عصر الغيبة، منتظراً لخروج الإمام القائد وظهوره، لابدّ وأن يهيئ نفسه لاستقبال الإمام، والانضمام إلى جبهته، والعمل تحت لوائه. وهذا لا يتأتى للإنسان إذا لم يرب نفسه ويهيئها من الآن للساعة المنتظرة قبل أن تأتي تلك الساعة وهو يفقد زمام نفسه وتخونه إرادته. ولأن موعد الظهور مجهول لدى الإنسان المؤمن فيجب أن يكون على أُهبة الاستعداد دائماً وأبداً، ويتوقع الأمر في كل لحظة".
لكن إذا تعارضت مواقف الإمام المهدي مع موقف الدولة التي ينتمي لها الشيعي فمع من سيكون ولاؤه ؟
يقول الأستاذ بندر الشويقي : (و قد رأيت الشيخ الصفار في رسالته التبشيرية عن إمام الزمان (المهدي المنتظر) يوصي الشيعة بجملة من الأدعية، و يرغبهم في ملازمتها. و في تلك الأدعية إعلان تجديد البيعة و الولاء للإمام الحق الغائب في سردابه !!
و هذا أحد نصوص تلك الأدعية و التراتيل، أنقلها للقراء الأكارم من كتاب الشيخ الصفار : "اللهم بلّغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك (صلوات اللَّه عليه وعلى جميع آبائه الطاهرين) عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها.... اللهم إني أجدد في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً".
(بيعة) و (عقد) و (عهد) في صبيحة يومه، وفيما عاش من أيامه!
بيعة في عنق الشيخ لا يحول عنها و لا يزول أبداً!
فماذا بقي من ولاء و انتماء ؟!
و إذا استثنينا الجمهورية الإيرانية، فهل توجد اليوم دولة أو بلد تسير على تعاليم ذاك الإمام المنتظر، بحيث يكون لها نصيب من هذا الولاء، و الانتماء، و البيعة، و العقد، و العهد، الذي لا يزول و لا يحول أبداً؟!
نرجع مرةً أخرى لرسالة الشيخ الصفار، فنراه يقول مخاطباً إمامه الحق : "متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر؟ أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ، وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً، وأبدت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين، ونحن نقول الحمد للّه رب العالمين".
ثم يسرد الشيخ الصفار دعاءً آخر يقترح قراءته كل ليلة من ليالي رمضان المبارك، يقول فيه:
"اللهم إنا نرغب إليك في دولةٍ كريمةٍ تعز بها الإسلام و أهله، و تذل بها النفاق و أهله، و تجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك و ترزقنا كرامة الدنيا و الآخرة.... اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا، و غيبة ولينا، و كثرة عدونا، و قلة عددنا...".
و يزيد الصفار على هذا، فيدق طبول الحرب، و يتمثل قول الشاعر مخاطباً مهدي سامراء:
فهاك قلِّبها قلوب الورى ... أذابها الوجد من الانتظار.
متى تسل البيض من غمدها... و تشرع السمر و تحمى الذمار.
لن أسأل لأي شيء يستعجل الشيخ الصفار سلَّ السيوف البيض، و إشراع الرماح السُّمر.
و لن أسأل من هم أعداء المهدي المنتظر، و من هم جحدة الحق الذين سوف يسل عليهم صاحب الحق سيوفه البيض ؟ و من هم أهل النفاق الذين سوف يذيقهم الهوان و العذاب؟ ) .أ.هـ كلام الأستاذ بندر الشويقي .
· إذا خرج المهدي ماذا يصنع ؟
وننبه القارئ الكريم لضرورة معرفة أعمال المهدي الشيعي إذا خرج ، لأن هذه المعرفة قد تعطينا فكرة عن حقيقة " ولاء الشيعة لمن ؟ " ولذلك سأذكر بعض الأعمال التي يقوم بها المهدي إذا خرج :
1- بماذ يحكم المهدي ؟" إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ولا يسأل بينة "،   ( الكافي 1/462 ) . مع أن شريعة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ناسخة لما قبلها من الشرائع .
2-المهدي عنده القرآن الحقيقي : " إذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط يعلم فيها القرآن على ما أنزل فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف " ( كتاب الإرشاد للمفيد ص 365 ) .
3-موقفه من الحرمين الشريفين: " القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله إلى أساسه " ( كتاب الغيبة للطوسي ص282) . وذلك أنهم يكفرون سائر المسلمين فلا داعي لمسجد كبير !
4-موقفه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما : يقوم " بكسر الحائط الذي على القبر .. ثم يخرجهما ( الشيخين ) غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذريهما في الريح " ( بحار الأنوار للمجلسي 52/386 ) .
5- موقفه من أهل السنة : " فإذا قام القائم عرضوا كل ناصب ( سني ) عليه فإن أقر بالإسلام وهي الولاية وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الذمة " ( بحار الأنوار 52/373) . وفي رواية أخرى " لو يعلم الناس ( أهل السنة ) ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس .. حتى يقول كثير من الناس : ليس هذا من آل محمد ، لو كان من آل محمد لرحم " !! ( بحار الأنوار 52/354 ).
6-جنود المهدي ! : " إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع وصي موسي ، ومؤمن آل فرعون ، وسلمان الفارسي ، وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر " ( بحار الأنوار 52/346 ) .
ويبقي السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ " .
· المرجعية وقيادة الشيعة :
ويقصد بالمرجعية " الجهة المتولية لشؤون الأمة أو الفرقة أو الطائفة بأجمعها ، وبيدها الإدارة لتدبير أحوالها وأوضاعها الدينية ، ويسمى المتقمص بها بالمرجع " (الحوزة العلمية في النجف للبهادلي ص 182) .
وهذه الجهة هي فقهاء الشيعة الجامعون للشرائط ، ويكون الأعلم هو المرجع الأعلى ، و تكمن خطورة هذه المرجعية في طبيعة العلاقة بين المرجع و الفرد الشيعي ، حيث أن الشيعي لابد له من تقليد مرجع في أحكام الدين ، كما أن الشيعي لا بد له من مرجع للقيام ببعض العبادات والشعائر كالخمس .....
وأخطر من هذا كله أن المرجع لا تقتصر مرجعيته على دولته فحسب بل هي عابرة للحدود والقارات !!
ولذلك تم اعتماد وكلاء للمراجع في المحافظات والدول الأخرى ، يقومون بربط الناس بمرجعهم البعيد في الفتيا وقبض الأخماس وقضاء الحوائج .
وهنا نتساءل لو تعارض رأي المرجع مع رأي الدولة التي ينتمي لها الشيعي لمن سيكون ولاء الشيعي ؟
· ولاية الفقيه :
ولايو الفقيه هي النظرية التي بلورها الخميني بشكلها المعاصر، والتي استقرت على أن الفقيه(المرجع ) كما أنه ينوب عن الإمام الغائب في أمور الفتيا والقضاء، فإنه يمكن أن ينوب عنه في أمور الحكم و إدارة الدولة .
وقد زاد الخميني من صلاحيات الولي الفقيه حتى أوصلها إلى : " أن الحكومة شعبة من ولاية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المطلقة ، وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام ، ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم و الحج .... إن الحكومة تستطيع أن تمنع مؤقتاً وفي ظروف التناقض مع مصالح البلد الإسلامي إذا رأت ذلك أن تمنع من الحج الذي يعتبر من الفرائض المهمة الإلهية " . ( تطور الفكر السياسي لأحمد الكاتب ص 331 ) .
وهذه الولاية للفقيه على الدولة تعطي للدولة الشرعية عند الشيعة ، وذلك لأنها ترفع رايته نيابة عنه ! وبذلك تحصل الدولة على التأييد الشيعي ، ولكن هل هذا التأييد محصور فقط في داخل الحدود السياسية الحادثة ؟
يجيب عن هذا السؤال الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي وهو من كبار مراجع إيران وأحد المرشحين لمنصب المرشد الأعلى حالياً في بحثه " سلطة الولي الفقيه خارج حدود بلده " والمنشور على شبكة الإنترنت ، والذي أورد فيه السؤال التالي:
( س ـ إذا كان هناك بلدان إسلاميان تبنى أحدهما نظام ولاية الفقيه و بايع الفقيه الجامع للشرائط، فيما يدار البلد الثاني بنظام حكومي آخر، هل يجب على شعب البلد الثاني اتباع الولي الفقيه للبلد الأول أم لا؟ )
فكان خلاصة الجواب : (يحق لمثل هذا الشخص الولاية على الناس، و يكون أمره نافذا على كل مسلم و يجب عليه تنفيذه .... سواء بايع أم لم يبايع ...- مع - إمكان افتراض صورة نادرة أخرى و هي أن مسلمي البلد الآخر، إذا كانوا يرون حكومتهم ـ اجتهادا أو تقليدا ـ شرعية و واجبة الطاعة( حتى و إن كانت تدار بنمط آخر يختلف عن ولاية الفقيه)، يكون واجبهم الظاهري هنا طاعة حكومتهم، و ليس طاعة الولي الفقيه الذي يحكم في بلد آخر) .
و كان يزدي قد قرر في بحثه وحدة بلاد المسلمين و لذلك فإن ولاية الفقيه تمتد لتغطيها ، وإن كان الواجب الظاهري طاعة الحكومة المحلية !!
ويبقي السؤال لمن ولاء الشيعة ؟
المحور الثاني : السلوك السياسي للشيعة في التاريخ
حين نعود للتاريخ نطالعه لنستفيد من عبره ودروسه ، تستوقفنا بعض المحطات والتي تستحق وقفة تأمل لفهم مدلولاتها وأبعادها علها تساعدنا في الإجابة عن السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
1-  أرسل بدر الجمالي وزير المستعلي – الفاطمي الشيعي – سنة 490هـ سفارة من قبله إلى قادة الحملة الصليبية الأولى تحمل عرضًا خلاصته أن يتعاون الطرفان للقضاء على السلاجقة السنة في بلاد الشام، وأن تقسم البلاد بينهما بحيث يكون القسم الشمالي من الشام للصليبيين في حين يحتفظ الفاطميون بفلسطين.
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
2- وقد كان سقوط بيت المقدس بيد الصليبيين بسبب خيانات الشيعة وما يحدثونه من قلاقل واضطراب تشغل الخليفة والسلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه عن التفرغ لحرب الفرنج ؛ اسمع ما يقوله ابن كثير رحمه الله تعالى:
في سنة 494هـ عظم خطب الباطنية – الشيعة – بأصبهان ونواحيها فقتل السلطان منهم خلقًا كثيرًا وأبيحت ديارهم للعامة، ونودي فيهم أن كل من قدرتم عليه فاقتلوه وخذوا ماله، وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأول قلعة ملكوها في سنة 483هـ، وكان الذي ملكها الحسن بن صباح أحد دعاتهم.. ، وفي سنة 500هـ حاصر السلطان محمد بن ملكشاه قلاعًا كثيرة من حصون الباطنية فافتتح منها أماكن كثيرة، وقتل منهم خلقًا، واشتد القتال معهم في قلعة حصينة في رأس جبل منيع بأصبهان كان قد بناها السلطان ملكشاه ثم استحوذ عليها رجل من الباطنية يقال له أحمد بن عبد الله بن عطاء، فتعب المسلمون بسبب ذلك، فحاصرها ابنه السلطان محمد سنة حتى افتتحها وسلخ هذا الرجل وحشى جلده تبنًا وقطع رأسه وطاف به في الأقاليم" .
وهكذا كان حصار قلعة من قلاع الباطنية يستهلك من جهد المسلمين سنة كاملة والمسجد الأقصى أسير في أيدي الفرنجة؟ إنهم كالخنجر في الظهر.
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
3- ذكر ابن كثير في أحداث سنة 564 هـ: طغت الفرنج بالديار المصرية وذلك أنهم جعلوا شاور( الوزير الفاطمي الشيعي ) شحنة لهم بها ( حامية عسكرية ) ، وتحكموا في أموالها ومساكنها أفواجًا أفواجًا، ولم يبق شيء من أن يستحوذوا عليها ويخرجوا منها أهلها من المسلمين وقد سكنها أكثر شجعانهم فلما سمع الفرنج بذلك أتوا من كل فج وناحية في صحبة ملك عسقلان في جحافل هائلة، فأول ما أخذوا مدينة بلبيس وقتلوا من أهلها خلقًا وأسروا آخرين ونزلوا بها وتركوا أثقالهم موئلاً لهم، ثم تحركوا نحو القاهرة.. فأمر الوزير شاور رجاله بإشعال النار فيها على أن يخرج منها أهلها؛ فهلكت للناس أموال كثيرة، وأنفس، وشاعت الفوضى، واستمرت النيران أربعة وخمسين يومًا، عندئذ بعث العاضد الفاطمي إلى نور الدين بشعور نسائه يقول: أدركني واستنقذ نسائي من الفرنج، والتزم له بثلث خراج مصر، فشرع نور الدين في تجهيز الجيوش لتسييرها إلى مصر، فلما أحس شاور بوصول جيوش نور الدين، أرسل إلى ملك الفرنج يقول: قد عرفت محبتي ومودتي لكم، ولكن العاضد لا يوافقني على تسليم البلد، فاعتذر لهم وصالحهم على ألف ألف دينار وعجل لهم من ذلك ثمانمائة ألف ليرجعوا؛ فانتشروا راجعين خوفًا من عساكر نور الدين وطمعًا في العودة إليها مرة أخرى، وشرع شاور في مطالبة الناس بالذهب الذي صالح به الفرنج وتحصيله وضيق على الناس .
ويبقى السؤال " ولاء الشيعة لمن ؟ "
4- ذكر المقريزي في الخطط والآثار ( 2/2 ) أن صلاح الدين الأيوبي لما تولى وزارة العاضد الفاطمي وقوى نفوذه في مصر ، حنق عليه رجال القصر ودبروا له المكائد، وقد اتفق رأيهم على مكاتبة الفرنجة ودعوتهم إلى مصر فإذا ما خرج صلاح الدين إلى لقائهم قبضوا على من بقي من أصحابه بالقاهرة، وانضموا إلى الفرنجة في محاربتهم والقضاء عليه.
وفعلاً جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة 565هـ، وضيقوا على أهلها وقتلوا أمما كثيرة، وكان من فضل الله أن فشلت هذه الحملة، وانصرف الفرنجة عن دمياط .
ويبقى السؤال " ولاء الشيعة لمن ؟ "
5- ويذكر ابن كثير في أخبار سنة 656هـ ، دور الوزير الشيعي مؤيد الدين أبي طالب محمد بن أحمد العلقمي في استيلاء التتار على بغداد ، فيقول : ( وجيوش بغداد في غاية الضعف ونهاية الذلة، لا يبلغون عشرة آلاف فارس وهم بقية الجيش، فكلهم كانوا قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كله من آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي، وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير، فاشتد حنقه على ذلك، فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات، ولهذا كان أول من برز إلى التتار – أي ابن العلقمي – فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه، فاجتمع به السلطان هولاكو خان لعنه الله، ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة،.... ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خوجة نصير الدين الطوسيوالوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئًا كثيرًا من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفسية، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عامًا أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة.
فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله، ويقال: إن الذي أشار بقتله هو الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي، وكان النصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت وانتزعها من أيدي الإسماعيلية، وكان النصير وزيرًا لشمس الشموس ولأبيه قبله علاء الدين بن جلال الدين، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك، فقتلوه رفسًا وهو في جوالق لئلا يقع على الأرض شيء من دمه.... ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ، والكهول والشبان .... ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانًا بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم . وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش، وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبًا من مائة ألف مقاتل منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر والأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار وطمعهم في البلاد وسهل عليهم ذلك وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعًا منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة، وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين والله غالب على أمره ) .
والعجيب أن شيعة اليوم ينظرون بعين التعظيم والإجلال لهذا الوزير الشيعي الخائن و زميله الطوسي ! يقول الخميني في كتابه ( الحكومة الإسلامية ص 128) : ( ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي و أمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام ) وهنا نتساءل هل كان الخميني يجهل دوره في تدمير بغداد ؟ ويقول الخميني أيضاً (ص 142) : (وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين، ونصير الدين الطوسي رحمهما الله) . وهنا نسأل الخميني ما هو النصر الذي حققه الطوسي للمسلمين ؟؟
وإذا تساءلت من هو ابن يقطين ؟
يأتيك الجواب من رواة الشيعة أنفسهم، كالعالم الشيعي الملقب بصدر الحكماء ورئيس العلماء نعمة الله الجزائري في كتابه المعروف (الأنوار النعمانية 2/308 طبعة تبريز بإيران)، ومحسن المعلم في كتابه "النصب والنواصب ص622 ط دار الهادي – بيروت" ونصها:
"وفي الروايات أن علي بن يقطين ، وهو وزير هارون الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين، وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدموا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا، فأرادوا الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم فكتب عليه السلام : بأنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إليَّ فَكَفِر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه " .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
6- وفي الوقت الذي كان فيه العثمانيون يركزون نشاطهم في شرقي أوروبا والبلقان، ويبذل المماليك في السنوات الأخيرة من عمر دولتهم محاولات مستميتة من أجل التصدي للخطر البرتغالي في البحر الأحمر والمحيط الهندي، كان الشاه إسماعيل الصفوي يسعى إلى استغلال الأوضاع القائمة لتحقيق أطماعه متجاهلاً المصالح الإسلامية، فرسم سياسته التوسعية على أساس التحالف مع البرتغاليين في الخليج العربي والتنسيق مع القوى المعادية للدولة العثمانية ودولة المماليك في مصر والشام، وبعث وفوده إلى أوروبا مفاوضاً ملوكها للتحالف ضد سلطان مصر واقتسام ممتلكاته على أن تكون مصر وفلسطين من نصيبهم، بينما يستحوذ هو على بقية بلاد الشام، وقد تزامنت مشاريع الشاه هذه مع سعيه إلى انتزاع الأناضول وإنهاء الدولة العثمانية[1] .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
( تنبيه : النقاط 1-5 مستلة من كتاب " خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية " للدكتور عماد علي عبد السميع حسين ، ونقطة 6 من بحث " تاريخ الرافضة " ليونس العلي) .
المحور الثالث : الواقع السياسي المعاصر للشيعة
نستعرض في هذا المحور محطات من السلوك السياسي لدى الشيعة علها تفيدنا للإجابة على السؤال " ولاء الشيعة لمن ؟ " مستعرضين الدول العربية التي يتواجد فيها الشيعة .
ونستذكر هنا وصية الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، لكافة أفراد الشيعة بضرورة الاندماج الوطني، وعلى حد عبارته : «أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم» (الوصايا).
أولاً : العراق :
1- هرب قسم كبير من الشيعة العراقيين لإيران بعد قيام دولة الخميني و أنشأوا هناك    " المجلس الأعلى للثورة الإسلامية " بقيادة محمد باقر الحكيم، وشاركوا في الحرب ضد بلدهم ، وتعذيب الأسرى العراقيين !!
2- عاش هؤلاء في إيران لمدة ربع قرن تحت رعاية المخابرات الإيرانية ، وقد تزوج الكثير منهم بإيرانيات ، ولما عادوا مؤخراً للعراق لم يعرف بدقة ولاؤهم لمن ؟ فقد طالب زعيم المجلس الحالي عبد العزيز الحكيم ( العراقي ) العراق بدفع تعويضات ضخمة لإيران عن الحرب العراقية الإيرانية ، مع رفضه لدفع تعويضات مماثلة للكويت المعتدى عليها أيضاً من قبل صدام ؟؟؟
3- دعا عبد العزيز الحكيم إيران للتفاوض مع أمريكا حول العراق ! ولا يعرف بأي صفة يدعو الحكيم إيران لذلك ، فهل هو مزدوج الجنسية ؟ أم هي العمالة فقط ؟ أم البحث عن مكاسب خاصة ؟
4- ما هي دلالة سكوت مراجع الشيعة وقياداتهم السياسية عن جرائم الاحتلال ضد المواطنين السنة ؟
5- التغلغل الإيراني في أوساط المنظمات الشيعية العراقية والمؤسسات الرسمية التي تسيطر عليها ، حتى أصبح من الدارج التحدث باللغة الفارسية في الوزارات ؟
6- على ماذا تدل وصية المرجع محمد صادق الصدر ( والد مقتدى ) لأتباعه باعتماد مرجعية كاظم الحائرى في إيران بعد وفاته ؟
7- كيف يكون المرجع الكبير السيستانى إيراني الجنسية وهو الذي ينتظر الجميع رأيه في الوضع السياسي في العراق ؟ علماً أنه يرفض الجنسية العراقية للآن !!!
8- الشيعة ذوو الأصول الإيرانية في العراق مع من سيكون ولاؤهم ؟
9- رفض الشيعة تدخل الدول العربية في شؤون العراق مع الترحيب بالتدخل الإيراني إلى ماذا يرمي ؟
10- لقد تم تعديل قانون الجنسية العراقي فحظر على مزدوجي الجنسية شغل مناصب سيادية، وذلك بسبب الحيرة في ولائهم، وأغلبهم يحملون الجنسية الإيرانية !!
11- يقول الكاتب " رشيد الخيون " - وهو صحفي عراقي شيعي- في كتابه " الأديان والمذاهب في العراق " في فصل الشيعة : ( تستدعي هذه الحال التأمل في صلة منطقتنا ومناطق الشيعة العراقية الأخرى بالدولة، التي أشار الاختلاف في إعلان العيد إلى سنيتّها، وما يترتب على ذلك من موقف منها ومن دوائرها بين ربوعنا الشيعية، منها تحديها بشعور له خلفيته التاريخية ) ص 226 . وذلك تعليقاً على اختلاف بداية الصوم والعيد بين الشيعة والسنة في العراق ، لارتباط الشيعة بإعلان النجف لذلك !! ويقول أيضاً ص 230 : (وعمق ذلك من التمييز بين الطائفة أو المذهب وبين الدولة، يظهر ذلك في ممارسات عديدة منها، كما أسلفنا، الاستقلال بيوم الفرح، وهو تأخير إعلان العيد، فمثلما لا تشاركهم السنّة في حزنهم السنوي لا يود الشيعة المشاركة في الفرح أيضاً) .
ويبقي السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
ثانياً : لبنان :
1-نشأ حزب الله في إيران بتأثير ولاية الخمينى على الشيعة كافة ، يقول نائب الأمين العام لحزب الله قاسم نعيم : ( كان هناك مجموعة من المؤمنين ... تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء ، لا يفصل بين مجموعاتها و بلدانها أي فاصل ، ... وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص إلى إيران ولقاء الإمام الخميني (قدس) وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس و تكوين الحزب اللبناني ، فأيد هذا الأمر وبارك هذه الخطوات ) كتاب المقاومة في لبنان ،أمين مصطفي ، دار الهادي ص 425 .
2-ذكرت مجلة الشراع بتاريخ 14/8/1995 ( نقلاً عن حزب الله ، د. غسان عزي ص 34) وجود عضوين إيرانيين في قيادة حزب الله !
3-كيف يستقيم أن يكون حسن نصر الله ، ( وهو زعيم حزب لبناني وأحد زعماء الطائفة الشيعية في لبنان ) وكيلاً لمرشد إيران الأعلى علي خامنئي ، وقد نشرت له عدة صور يقبل فيها يد خامنئي ، بالرغم من وجود مرجعيات لبنانية مثل محمد حسين فضل الله !!
    فلو تنازعت لبنان مع إيران كما يبدو في الأفق الآن فلمن سيكون ولاء نصر الله ومن ورائه الحزب و الطائفة ؟
4-لقد سبق في تاريخ أمل وحزب الله التحاكم إلى القيادة الإيرانية عند الاختلاف فيما بينهم ، ( دولة حزب الله ، وضاح شرارة ، ص 119 ) .
5-أعلنت حركة أمل في المؤتمر الرابع في آذار 1982 أنها جزء لا يتجزأ من الثورة الإسلامية في إيران . ( دولة حزب الله ، وضاح شرارة ، ص 119 ) .
6- وبسبب تبعية حزب الله لولاية الفقيه، يقرر الباحث الإيراني د. مسعود أسد اللهي في كتابه " الإسلاميون في مجتمع تعددي " ص 321 ما يلي : بما أن حاكمية الخميني كولي فقيه لا تنحصر بأرض أو حدود معينة فإن أي حدود مصطنعة وغير طبيعية تمنع عمل هذه الولاية ، تعد غير شرعية . لذا فإن حزب الله في لبنان يعمل كفرع من فروع حزب الله الواسعة الانتشار ...الآراء المذكورة آنفاً توضح أن حزب الله كان مستعداً لإنجاز أي مهمة يأمر بها الولي الفقيه ) .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
ثالثاً : السعودية :
1- لا يزال الناس يذكرون دعوة الخميني لشيعة المنطقة الشرقية عام 1979 للثورة على النظام السعودي والثورات التي اندلعت إثر هذا التحريض .
2- نشرت " منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية " ، والتي رأسها حسن الصفار في عام 1986 كتاب"دماء في الكعبة حقائق عن أحداث المسجد الحرام سنة 1979"     تمجد فيه جريمة جهيمان في الحرم ، وجاء في الصفحة الأولى منه : ( ست سنوات كافية لدراسة الإنتفاضة العظيمة التي فجرها المؤمنون في مكة ) .
3- جاء في تقرير مجموعة الأزمات الدولية المعنون بـ " المسألة الشيعية في السعودية " ونشره موقع راصد ( الشيعي )عن تكوين القيادات السياسية لشيعة السعودية ما يلي : ( أما القيادة الشيعية السياسية النشطة والتي التي تدير دفة الوسط السياسي الشيعي فقد تبلورت في الخارج بالتزامن مع اتجاهات أكثر انفتاحا في المشهد الشيعي في الستينات والسبعينات. وأبرزها الدعوة إلى قوة سياسية أعظم تحت سلطة ولاية الفقيه الصادرة عن الإيراني آية الله روح الله الخميني، ....وأمضى نشطاء عراقيون شيعة ومناضلون من حزب الدعوة تحديدا بعض الوقت في الكويت ومارسوا تأثيرهم على نظرائهم السعوديين .....فظهرت في 1987 أعداد قليلة من حزب الله في العربية السعودية؛ وبمساعدة إيرانية كما أشيع، سافر مناضلون كما قيل إلى إيران ولبنان، حيث يزعم أنهم تلقوا تدريبات في معسكرات حزب الله.....) وعن تطلعاتهم السياسية قال التقرير : ( وسواء أقنع ذلك بقية السعوديين أم لا، يبقى هنالك وبقوة قناعات ملتبسة في أوساط السنة، من أن الشيعة يصارعون الوقت للحصول على الدعم الخارجي -من الولايات المتحدة أو غيرها - لإقامة دولتهم المستقلة ).
4-  سُئل الصَّفار عن فترة إقامته بإيران، وهل تمكن نظام الخميني من استغلاله ضد وطنه، أجاب قائلاً: "لم يبدِ الإيرانيون اهتماماً بالوضع في المملكة إلا بعد ما حصل في مكة)) للإيرانيين)) في حج عام 1408هـ". في مكاشفته مع عبد العزيز القاسم . ومعلوم أن الإيرانيين هم الذين اعتدوا على حرمة بيت الله الحرام والمحرمين من الحجاج !!
5-  نشر منتدى " واسم " التابع لشيعة السعودية ، كتابات عديدة تعبر عن فرحها بوفاة الملك فهد بن عبد العزيز ، ويظهر منها الشماتة بهذا المصاب و الدعاء على الملك فهد بالعذاب والنار !! ويقال أن حسن الصفار هو مستشار للموقع ، و من كتاب هذا المنتدى الصحفي الشيعي بجريدة الرياض محمد رضا نصر الله .
6- أعلنت مكتبة مسجد الزهراء بقرية الشعبة عن نيتها إقامة حفل تأبين للخمينى في ذكرى وفاته وذلك عام 2005 !!
7- كما أعلن في جزيرة تاروت - إحدى نواحي القطيف - عن إقامة مهرجان أنوار العروج بمناسبة ذكرى رحيل الخميني ، مع أن الخميني يصرح بلعن وكفر الدولة السعودية !!
8-  نشرت مجلة الجسور (21/05/2004م ) مقابلة مع حسن الصفار جاء فيها قوله عن إيران : (في البداية ليس الشيعة هم الذين يسألون: لماذا لديهم تدفق عاطفي نحو إيران؟ وإنما الأخوة المعترضون يسألون: لماذا هم لا تتدفق عواطفهم نحو إيران؟ ) وعن تصدير الثورة قال : (تصدير الثورة هذا موضوع سياسي وخاطىء، وإيران تراجعت عنه. ثم هو لم يكن سياسة عامة، كان مجرّد تصريحات خاطئة تراجعت عنها إيران، فلا يلام الشيعة على عواطفهم نحو إيران وإنما يلام الذين لا يبدون تعاطفاً مع إيران هم يجب أن يسألوا هل هذا من منطلق طائفي؟ إذن هم طائفيون لأنهم لم يتعاطفوا مع إيران، أما الشيعة عندما تعاطفوا مع إيران فهم منسجمون مع وجدانهم ومع عواطفهم الدينية والإنسانية . هناك أخطاء حصلت عند الإيرانيين نحن لا ننزه الإيرانيين عن الأخطاء، وهم يعترفون بأنهم حينما جاءوا إلى الحكم لم تكن لديهم خبرة سياسية، ولم توجد لديهم كذلك تجربة سابقة ) .
9-  شهدت مدينة العوامية بالقطيف تعليق صور قيادات شيعية إيرانية ولبنانية في الشوارع العامة على اللوحات المرورية بشكل غريب !!
10- ذكرت مجلة المراقب العربي ( عدد أكتوبر 2005 ) عن نية المعارضة الشيعية السعودية إنشاء قناة فضائية ، وسيكون التمويل من شخصية دينية إيرانية كبيرة !!
11- نشرت وكالة الأنباء الشيعية تصريحات زعماء الشيعة التي تشير لقرب تحسن أوضاع شيعة السعودية وذلك بعد الصعود السياسي لشيعة العراق !! ( الوكالة الشيعية 25/4 ، 12/5 ، 14/5 /2005 ) .
12- أصدرت رابطة عموم الشيعة في السعودية في عام 1991 كتاب " الشيعة في السعودية الواقع الصعب و التطلعات المشروعة " ، تغافلت فيه عن مواقف الشيعة تجاه اعتداءات إيران على الحجاج والحرم المكي في فصل " المواقف الوطنية للشيعة " فعددت مواقف الشيعة من زمن القرامطة حتى عام 1980 فقط ؟؟؟؟ ومن ثم قفزت لاستنكار غزو العراق للكويت ؟؟؟
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
رابعاً : البحرين :
1- من المقرر لدى كافة الباحثين أن نجاح ثورة الخميني كان سبباً في ظهور حركات سياسية شيعية في البحرين ، تدين بالولاء لإيران وتعمل لنقل الثورة الإيرانية إليها ، ولجأت إلى أساليب العنف والإرهاب المسلح ، و لا زالت هذه الحركات موجودة على الساحة السياسية لكن بواجهات جديدة ، بسبب الإصلاحات السياسية التي أنجزها الملك حمد آل خليفة .
2-  ومن الحركات التي تبنت العنف المسلح " الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين " لإسقاط سلطة آل خليفة ، بدعم من إيران ، وحين أعلن ملك البحرين الجديد الشيخ حمد عن مشروعه الإصلاحي في عام 2000 ، رفضت هذه الجبهة في البداية هذا المشروع وحرضت الشعب على رفضه والاستمرار في نهج المقاومة ، ومن ثم عادت و شكلت جمعية العمل الإسلامي . ( الحركات والجماعات السياسية في البحرين ، د. فلاح المديرس ص 99 ) والغريب أن الاسم الجديد هو نفس اسم التنظيم الذي يتبع للمرجع الشيعي العراقي هادي مدرسي في العراق " منظمة العمل الإسلامي " ، والمدرسي هو من مؤسسي " الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين ".
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
3- من الحركات التي ظهرت بعد ثورة الخميني " حركة أحرار البحرين الإسلامية " ، وكان مركزها لندن ، وقد اتخذت موقفاً رافضاً لإصلاحات ملك البحرين و أطلقت عليها تسمية " الميثاق الخليفي " ، ولكنها عادت وأعطت أعضاءها الحرية في التصويت على الميثاق ، وكونت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ( الحركات والجماعات السياسية في البحرين ، د. فلاح المديرس ص 105 ) .
4- كشفت السلطات البحرينية عام 1996 عن القبض على أعضاء " حزب الله البحريني" و أنهم وراء أعمال العنف أثناء الانتفاضة الدستورية ، و " حزب الله البحريني" أحد فروع حزب الله الإيراني العالمي ( الحركات والجماعات السياسية في البحرين ، د. فلاح المديرس ص 107 ) .
5-  من الشعارات التي رددها الشيعة في تاريخهم السياسي " بالعلم والعدد سنحكم البلد " ، ولذلك شهدت البحرين في الستينات من القرن الماضي حركة هجرة إيرانية للبحرين مع تجنيسهم . ( وجاء دور المجوس ص 316 ، مجلة الوطن العربي عدد 1462 ص 39 ) .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
6- ما هي الدلالات التي يفهمها الجميع من رفع صور قيادات إيران في مسيرات شيعة البحرين ؟؟
7- ما هو المقصود من تصريحات الشيخ البحريني " خالد منصور سند" وهو مدرس بالحوزة في مدينة قم والتي أطلقها من إيران بتاريخ 26/12/2005 والتي طالب فيها : الأمم المتحدة إلى إصدار تقرير حول مستقبل البحرين ، وحين أوقفته السلطات في مطار البحرين ، قام أتباعه بأعمال شغب و تكسير لقاعة الاستقبال في المطار ؟؟
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
8- ما هي دلالات المطالبة بأن يضاف للدستور البحريني مادة تنص على الرجوع للمرجعية الشيعية العليا ، وذلك في موضوع قانون الأحوال الشخصية ، كأحد حلين للنزاع ، ولن يتم تحديد اسم المرجعية في الدستور لغرض عدم تقييد الاتفاقبمرجعية زمانية ومكانية محددة في حال تغير المرجعية مستقبلا . وطبعاً لن يكون المرجع بحرينياً !!!!
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
9- قال وزير الدفاع البحريني رداً على سؤال حول العلاقات مع إيران : " ... عن أي إيران تتكلم ... إيران التي ترغب في مد يد التعاون ... فإننا نرحب بذلك ، أما إذا كان الحديث عن النظرة الإيرانية القديمة المعروفة فإننا دون شك ضد هذا .... إن أصحاب التوجه الثاني في إيران لديهم برامجهم لمساعدة المجموعات الموجودة في لبنان والبحرين ...." الشرق الأوسط 17/7/2002 .
10- كيف يسوغ رفض المشاركة في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية البحريني استناداً إلى فتاوى صادرة من " قم والنجف " تحرم التعامل مع المجلس ؟ ( العربي عدد 1448 ) . وذلك لبقاء مؤسسات الطائفة بمعزل عن سلطة الدولة .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
خامساً : الكويت :
1- أصدر شيعة الكويت بياناً بسبب منع الكويت دخول الخميني إليها تحت عنوان "حين تكون الكويت محمية إيرانية " مليء بالشتم والتحقير لأمير الكويت ، وجاء دور المجوس ص 340 .
2- شهدت الكويت العديد من أعمال العنف والإرهاب التي نفذها " حزب الله – الكويت " تحت مسميات عديدة شملت تفجيرات للمنشآت النفطية والحكومية ومحاولة اغتيال للأمير ، وبعد التحرير سمحت الحكومة بعودة بعض رموز هذا الحزب ، وبقي قسم من هذا الحزب على مواقفه من الكويت ونقل مركزه الإعلامي من طهران إلى لندن، والغريب أن القوى السياسية الشيعية لم تشجب أعمال هذا الحزب ومواقفه ! ( الحركة الشيعية في الكويت ، د فلاح المديرس ، ص 29، 64 .
3- لقد شارك بعض شيعة الكويت في أحداث العنف والإرهاب ضد الحجاج في مكة في الثمانينات والتي نظمتها الاستخبارات الإيرانية ، ولا تزال بعض المجموعات الشيعية تمجد هذه المجموعة وتعتبرها " شهداء " !!
4- استدعت الخارجية الكويتية القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية احتجاجاً على عقد اجتماعات سرية بين مسؤلين إيرانيين و مندوبين عن التحالف الوطني الإسلامي     ( الذراع السياسي لحزب الله – الكويت ) لبحث نتائج مرشحي الحزب في الانتخابات النيابية وكيفية الوصول للبرلمان ، و تناولت الاجتماعات تحسين العلاقات مع بعض المجموعات الشيعية الكويتية الأخرى . جريدة الوطن ، الوكالة الشيعية للأنباء 13/5/2004 .  
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
5- رفض شيعة الكويت رقابة وإشراف الدولة على الأوقاف الشيعية أسوةً بالأوقاف السنية ، بحجة أن الوقف من صلاحية المتولي أو الحاكم الشرعي وهو مرجع التقليد ، حسب فتوى السيستاني .
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
وخــتـامــاً
من المعلوم للباحثين أن إيران في سياستها الخارجية تنطلق من منطلقات شيعية فارسية ، ويتجلى ذلك بتمسكها بكل المظالم السياسية لنظام الشاه ، كما في موضوع الجزر الإماراتية واضطهاد عرب الأحواز غيرها ، وتذكر الباحثة نيفين مسعد أن اتفاقاً بين مختلف الأجنحة والتيارات في إيران مفاده (ما حصل عليه الشاه لا تتنازل عنه الجمهورية الإسلامية) !!!
ولكن السؤال ما هو مواقف الشيعة العرب تجاه هذه المظالم الشيعية ؟؟ والاحتلال الإيراني الشيعي لأرض عربية ؟؟؟
وبعد كل هذا هل وصلنا لجواب على السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "



[1] "العراق في التاريخ"، بغداد، دار الحرية، 1982م، (564 ـ 568).

المصدر: الراصد