Thursday, May 31, 2012

المبادرة لا الانتظار

سوسن الشاعر
تسببت حماقة حزب الدعوة وحزب الله والشيرازيين الذين قادوا الانقلاب الشيعي في منطقة الخليج العربي “الكويت والبحرين والسعودية” في أزمة حقيقية للطائفة الشيعية في المنطقة كلها.
وتسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهم بحماقة قل مثيلها في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية بتنامي المشاعر السيئة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، أو على أقل تقدير عدم اعتبارها حليفاً معتمداً حتى عند المعتدلين من الشيعة والسُنة، بل إن الصدمة التي يمر بها جيل أحب الحياة الأمريكية لأنه تعلّم ودرس وأحب الولايات المتحدة الأمريكية ثقافة ونمطاً هي صدمة كبيرة جداً، ولم يفق منها بعد في الكيفية التي تخلت فيها الإدارة الأمريكية عن القيم والمبادئ التي تتغنى بها ولطالما حلموا بتقليدها حين وجدتهم يتحالفون مع تيارات ولايات الفقيه البحرينية بازدواجية غير مفهومة ومبررة وبمعايير متناقضة قضت على تلك الصورة الجميلة لبلد طالما أحبوه.
وسواء كان حراك أحزاب ولاية الفقيه بتحريض من الأمريكان بحجة دعمهم كأقليات، أو بتحريض من إيران خدمة لمصالحها؛ إلا أنه في النهاية وخلاصة القول بأن المحصلة النهائية لهذه الأزمة هو عزلة وانكفاء للجماعات الشيعية في منطقة الخليج عزلة أخذ فيها الظالم والمظلوم.
المحصلة الثانية هي تنامي ظهور القوى السياسية الراديكالية الأخرى على الجانب السُني وتوحدهم خليجياً وتنسيقهم وعملهم المشترك الذي أصبح الآن مسألة وجود وتهديد مصيري بالنسبة لهم، مما اضطر حتى تيارات الاعتدال أن تفسح لهم الساحة وتنكفئ هي الأخرى وذلك لعجزها وعدم قدرتها التنظيمية في الدفاع عن مكتسباتها.
وكأن هذا هو هدف المخطط؛ أي خلق تيارين متشددين لمواجهة بعضهما بعضاً وإغراق المنطقة في حالة من الفوضى، وبالتأكيد لن تكون فوضى خلاقة.
المَخرج من هذا المنزلق لابد أن يكون بوعي على الصعيد الرسمي والصعيد الشعبي بهذا المخطط والانتباه له وللوجوه المكلّفة بتنفيذه.
الحل يكون بأخذ زمام المبادرة وعدم الاكتفاء أو انتظار الخطوة التالية لخصمك.
الحل هو بعدم وجود خطوط حمراء أو حواجز أمام التفكير في المخارج؛ فعلى الصعيد الرسمي بالإمكان فتح خط التفاوض مع إيران، باستخدام الوساطة العُمانية على سبيل المثال، لإقناع الإيرانيين بحاجتهم لدعم دول المنطقة مقابل رفع يدها عن التدخل في شؤونها والكف عن تصدير ثورتها والتلويح بأوراق الضغط الأخرى التي تملكها دول المنطقة في إيران.
فإيران في النهاية دولة لها مصالحها القومية وبها مشكلاتها الداخلية ومرشحة لأزمات داخلية وإغراؤها ممكن إنما بحاجة لمهندس علاقات يعرف كيف يتفاوض وأوراق ضغط فاعلة بيده.
ثانياً الإسراع بإعلان الاتحاد الخليجي والدمج العسكري بلا تأخير، فالتعامل الدولي والإقليمي مع الكيان الخليجي متحداً غير التعامل معه متعاوناً.
الكف عن تقديم الدعم بلا مقابل لأي اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإن كانوا بحاجة لموقع أسطولهم فليقدموا البرهان على حرصهم على مصالحنا مثلما يريدون منا أن نكون حريصين على مصالحهم، لم تعد تنفع طريقة المجاملات والحياء واستمرار اعتبارهم ذوي فضل علينا، اليوم يوم المصالح المتبادلة فعلاً، فلا خطوة إلا بمقابل خطوة، ولن يحترمنا الآخرون ما لم نعتز بكرامتنا وبقيمتنا، فحاجتهم لنا لا تقل عن حاجتنا لهم.
أما على الصعيد المحلي الداخلي فهناك شرخ يحتاج لرأب الصدع فيه وأول الدواء هو استبدال الوجوه التي تسببت في الأزمة من حزبي الدعوة و الشيرازيين حتى لو تطلب الأمر أن يكون هناك استفتاء شعبي داخل الكتلة الشيعية على قياداتها من جديد، فلا تختطف ذات الوجوه المؤزمة قرار الشيعة وتتحدث نيابة عنهم.
الحل يحتاج للإيثار والتضحية، فالوجوه المؤزمة تبحث عن مخرج لحفظ ماء وجهها وتحقيق مكاسب شخصية لها هي أكثر مما تبحث عن مخرج للجماعة، لهذا لا بد من تغيير الوجوه الموسومة بالخيانة وباختطاف القرار المصيري للشيعة والتسبب في أذيتهم وضررهم بلا مشورتهم وبلا استئذانهم، تلك الوجوه عليها أن تكتفي بما سببته من آلام لجماعتها وتتوارى وتترك المجال لوجوه لم تحترق شعبياً، وهذا يتطلّب حراكاً داخل الجماعة، ليس على المستوى الاجتماعي فحسب، كالجماعات التي تحرّكت لرأب الصدع ولمّ الشمل فتلك لن تؤتي أُكلها، لابد من الحراك على المستوى السياسي وأخذ زمام المبادرة إنقاذاً لما يمكن إنقاذه.
اليوم هناك رفض شعبي حتى للجلوس مع الوجوه المؤزمة قبل أن يكون هناك رفض رسمي، هذا الرفض هو الذي يمنع الآن أي تنازل للسلطة وأي جلوس منفرد مع الوجوه المؤزمة الخائنة، وهذا وضع أكثر من يدفع ثمنه هم الجماعات الشيعية التي ظُلمت واختُطف قرارها بالتهديد وبالاستسلام لقدَرها.
فإن تحرّكت الجماعة تجاه التغيير على الجميع تشجيع مثل هذه الخطوة وفتح الباب تسهيلاً وتشجيعاً وإعطاء الإشارات الإيجابية.
الخلاصة؛ إن هناك مخارج إنما تحتاج لمبادرات وتحرك وعدم انتظار الفعل لتحديد رد الفعل.

استبداد الجمعيات السياسية

يوسف البنخليل
جميع الجمعيات السياسية البحرينية المتزايدة أعدادها باستمرار ـوهي ظاهرة صحيةـ تطالب بدعم الإصلاحات والتحول الديمقراطي دائماً، ولكن من النادر أن يتم الحديث عن ديمقراطية هذه الجمعيات من الداخل، بمعنى مدى تمثيل مواقف وقرارات هذه الجمعيات لمواقف واتجاهات أعضائها وكوادرها وحتى جماهيرها انطلاقاً من قاعدة (التنظيمات السياسية الديمقراطية يجب أن تكون ديمقراطية في قراراتها ومواقفها وتمثل إرادة الجماهير). عندما أعلن عاهل البلاد فتح المجال أمام مختلف التيارات السياسية التي تزخر بها البحرين منذ أكثر من 90 عاماً لتشكيل تنظيماتها السياسية في هيئة جمعيات تقوم بدور الأحزاب السياسية ضمن مشروع الإصلاح الذي بدأه جلالته في العام 2001، كانت التوقعات تشير إلى أن هذه التيارات ستقوم بإنشاء جمعيات خاصة بها لتمارس دورها في السياسة والشأن العام. ولم يكن حينها متوقعاً ألا تكون هذه الجمعيات غير ديمقراطية وتعاني من الاستبداد السياسي، رغم وجود اتجاه كان يراهن على صعوبة أن تتخلص التيارات السياسية المختلفة من عقدة الاستبداد السائدة في الثقافة السياسية العربية ودليلها وجود أحزاب سياسية في مختلف الدول العربية تعاني من الاستبداد بأقصى درجاته، ومن مظاهر ذلك وجود قيادات سياسية في رئاسة الأحزاب لعقود طويلة من الزمن. بحرينياً، استطاعت مجموعة من الجمعيات السياسية تطوير هياكلها الداخلية وآليات اتخاذ القرارات فيها، ولكنها مع ذلك لم تتمكن من التخلص من عقدة الاستبداد السائدة في الثقافة السياسية العربية والتي جاءت الثقافة السياسية البحرينية منها. هذا الواقع خلق عدة نماذج:
النموذج الأول: نموذج الجمعيات السياسية التابعة للمؤسسات الدينية:- يقوم هذا النموذج على التبعية السياسية من التنظيم السياسي لإحدى المؤسسات الدينية التي تتحكم بقرارات الجمعية ومواقفها المختلفة. ونتيجة هذا النموذج هيمنة المؤسسة الدينية على الجمعية السياسية وارتهان الأخيرة بالأولى، وعليه ينتج عن الديمقراطية التنظيمية الداخلية فيها الاستبداد وصعوبة التغيير الداخلي لخضوعه لمعايير المؤسسة الدينية النافذة على الجمعية التابعة. ومثال ذلك جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي لم تتمكن من التقليل أو إنهاء نفوذ المؤسسة الدينية العلمائية التي تمثل تيار ولاية الفقيه عليها. الأمر الذي أدى إلى عدم تغيير الأمين العام لجمعية الوفاق لمدة 10 سنوات، وهو ما يعد شكلاً من أشكال الاستبداد السياسي.
النموذج الثاني: نموذج الجمعيات السياسية التابعة لجمعيات أخرى نافذة:- يقوم هذا النموذج على وجود جمعيات سياسية تواجه تحديات تتعلق بنفوذها وقدرتها على التأثير السياسي بسبب أيديولوجيتها أو عدم ملائمة توجهاتها للجماهير. وهو ما يجعل هذه الجمعيات في مأزق حقيقي يتعلق باستمرارها المستقبلي؛ لأن القدرة لديها في العمل السياسي تكون غير فاعلة بسبب غياب الجماهير العريضة التي يمكن الاستفادة منها في إحداث التأثير والضغط السياسيين. هذا الواقع السياسي المهم يدفعها دائماً للبحث عن بدائل، ويكون البديل الأسهل هو تحويلها إلى جمعيات سياسية تابعة لإحدى الجمعيات السياسية النافذة داخل النظام السياسي. ومن أمثلة هذا النموذج الجمعيات السياسية اليسارية (وعد، التجمع القومي، الإخاء.. إلخ) التي تواجه تحدياً يتعلق بعدم قبولها من قبل المجتمع المحلي، الأمر الذي دفعها للتحالف مع جمعية الوفاق باعتبارها جمعية نافذة في النظام السياسي رغم الاختلاف الكبير في التوجه السياسي والأيديولوجي بين الطرفين.
النموذج الثالث: نموذج الجمعيات السياسية ذاتية النفوذ:- يعتمد هذا النموذج على قدرة عدد من التيارات السياسية التي أسست جمعيات سياسية لاحقاً من التغلغل داخل النظام السياسي ومؤسسات الدولة، واستطاعت إنشاء آليات للتجنيد السياسي والتعبئة وكونت لها مؤسسات تابعة مختلفة تمكنها في التأثير في القواعد والجمهور بشكل عام. في هذا النموذج فإن الجمعيات السياسية التي تمثله ليست بحاجة للتمسك بخيار الاستبداد السياسي على مستوى قيادة الجمعية السياسية، ولكنها قد تتمسك بهذا الخيار عندما يتعلق بأيديولوجيتها ومواقفها السياسية التي يجب أن تكون واضحة وغير قابلة للنقد بشكل كبير. من أمثلة هذا النموذج جمعيتا الأصالة والمنبر الإسلاميتين اللتين قدمتا تجربة مختلفة عن بقية الجمعيات السياسية فيما يتعلق بالديمقراطية التنظيمية الداخلية وشهدتا تغييرات لافتة منذ تأسيسهما على مستوى الأمانة العامة.
النموذج الرابع: نموذج الجمعيات السياسية الهامشية:- ليس المقصود في هذا النموذج أن الجمعيات السياسية التي تمثله “هامشية” في دورها، وإنما هامشية داخل النظام بمعنى محدودية دورها السياسي وقدرتها على التأثير بسبب ضعف نفوذها لأسباب عدة تتعلق بحداثة تجربتها السياسية وتحديات مماثلة لتلك السائدة في نموذج الجمعيات السياسية التابعة لجمعيات أخرى نافذة، ولكن ما يميّزها خاصية (التمرد) لأنها ترفض أن تكون تابعة لإحدى الجمعيات السياسية الأخرى النافذة وإن كانت بحاجة لذلك، ومع ذلك فإنها قابلة وقادرة على التعاون والتنسيق معها بمختلف الأشكال. واللافت أن جمعيات هذا النموذج لديها القدرة على التخلص من الاستبداد السياسي والقدرة أيضاً على تغيير قياداتها باستمرار. ومن الأمثلة على ذلك بعض الجمعيات السياسية الحديثة، وتلك التي تمثل أيديولوجيات مختلفة عن السائد، ومثالها: جمعية الوسط العربي الإسلامي، وجمعية الميثاق، وجمعية الشورى.. إلخ. الخلاصة أن جميع الجمعيات السياسية تتفاوت في ديمقراطيتها الداخلية وقدرتها على التخلص من ظاهرة الاستبداد. ولكن التناقض الكبير يتم عندما ترفع بعض الجمعيات السياسية شعارات تتعلق بالديمقراطية ومحاربة الاستبداد، وهي نفسها تعاني من الاستبداد بسبب استمرار شخصيات معينة في أمانتها العامة لسنوات طويلة!­

الحوار.. الوفاق.. الوسيط والآخرون

فيصل الشيخ
مشكلة الوفاق أنها ليست صريحة مع شارعها، مازالت تستغفله وتستغله، ومازالت تلعب فيه كورقة تثير من خلالها أجواء الداخل وتؤزم بها الأوضاع، لا مشكلة إن حرقته، ففي النهاية النار لن تصيبها هي. في المقابل إيجابي أن يعي كثيرون ممن استغلوا الآن تفاصيل اللعبة، فأنتم أصلاً لا تهمون الوفاق كبشر لكم حقوق وتريدون العيش في بلدكم بسلام وكرامة حقيقية، أنتم بالنسبة لهم أدوات و«عتبات” من خلالها يصلون إلى ما يريدون من مكاسب. من يقف وسط الحشود ويقول لهم صمود ولا عودة للوراء وضحينا من أجلكم، ماذا يطلق عليه حينما يقاتل بالخفاء لأجل مد جسور تواصل مع النظام لأجل عقد حوار كلنا نعرف أن هدفه حفظ ماء الوجه واستعادة جزء من المكاسب التي تخلوا عنها طوعاً، أو عفواً، أجبرتهم أوامر الولي الفقيه بالتخلي عنها. من يمارس هذا الفعل ماذا يطلق عليه؟! أليس أفاقاً متلوناً مخادعاً يلعب على كل الأوتار، وأخطر لعبة يمارسها هي اللعب في الناس ومصائرهم؟! الناس تضررت، بينما عناصر الوفاق تسرح وتمرح وتسافر هنا وهناك، وطبعاً الله يبارك في التمويل الجزيل الذي من خلاله يتم التكفل بالسفر والتنقل والإعاشة. الناس هم من تضرروا في حياتهم على مختلف الأصعدة، فئات باتت تعيش اليوم عزلة قسرية بفضل هذه الممارسات، شرخ كبير أصاب المجتمع هو أكبر إنجازات الوفاق بممارساتها وحراكها الطائفي، واليوم تأتي لتوكل “وسطاء” لدى الدولة ليفتحوا حواراً جديداً وكأن شيئاً لم يحصل! رغم ذلك، إلا أن العنجهية تستمر، يريدون حواراً انفرادياً مع الدولة، حواراً لا يقبلون فيه بالآخر، وهم أصلاً فئة صغيرة في المجتمع لا حق لها أن تجبر المجتمع كله أن يقبل بما تريده هي أو تسعى إليه. من يريد التحاور عليه ألا ينسى بأن الحوار ليس مقصوراً عليه وعلى الدولة فقط، بل هو حق لكل مواطن في هذا البلد، ولكل أطيافه ومكوناته. أليست الوفاق هي من أطلقت الدعاية الإعلامية خلال الحوار الوطني الذي دعا له جلالة الملك حفظه الله وقالت بأن الشعب يجب أن يكون كله ممثلاً بالحوار؟! اليوم نقول لكم بأن أي حوار يقتصر عليكم وعلى الدولة مرفوض من قبل بقية أطياف الشعب. أي حوار اليوم ليس بشروطكم أبداً، أنتم من أضعتم فرصة التحصل على مكاسب عديدة حينما تعنتم في الحوار الأول، بالتالي حوار اليوم من يحق له وضع الشروط هم المخلصون لهذه البلد، لأنهم هم الأحرص منكم على مستقبل هذه البلد، ليسوا هم من يخرجون يومياً ليشوهوا صورة البحرين، وليسوا هم من يحرض على الفوضى، ويرفض إدانة العنف أو وقفه، وليسوا هم من يأتمرون بالخارج، يتحركون يمنة تجاه ما تريده إيران، ويتحركون يسرة تجاه ما يريده الأمريكان. إن كان من حوار وطني قادم فكل ما نشدد عليه هو أن يكون بالفعل حواراً “وطنياً”، يجلس إلى طاولته “الوطنيون” فقط، فما كاد أن يضيع الدولة إلا حينما ارتدت عناصر الخيانة رداء غريباً عليها أطلقت عليه رداء “الوطنية”، في حين أنها وطنية زائفة وكاذبة. الوطني لا يفعل ما فعلتموه أبداً، نحمد الله أننا في هذا البلد بتنا نعرف من قلبه على البحرين ومن قلبه ينتظر التهليل لأجل سقوط البحرين، وهي التي لن تسقط بإذن الواحد الأحد.

إيران وأمريكا والجمعيات السياسية.. ماذا وراء تبدل المواقف

نجاة المضحكي
لا نستغرب إعلان الجمعيات السياسية قبولها للحوار دون شروط مسبقة، فقد جاء مواكباً لإعلان إيران تراجعها عن معارضتها لمشروع “الاتحاد الخليجي”، حيث أكد سفيرها بالكويت روح الله قهرماني مساندة بلاده لوحدة الدول العربية والإسلامية، شريطة أن تكون بموافقة الشعوب بعد استفتائها، أي أن إعلان هذه الجمعيات يدخل ضمن المشروع الإيراني - الأمريكي لإفشال الاتحاد الخليجي حين تشترط إيران موافقة الشعوب، وأن الإعلان الإيراني وموافقة الجمعيات السياسية للحوار غير المشروط ليس فقط المحاولة لإفشال الاتحاد الخليجي؛ بل أيضاً يخدم أتباع إيران في البحرين حين يكون هذا التصالح يدخل من ضمنه تمكين الجمعيات الصفوية، وتقدم الدولة بعض المكافآت لبعض شخصياتهم، ومن خلاله يمكن إعادة تأهيل الخطة الخمسينية التي تحطمت أعمدتها بفشل المؤامرة الانقلابية. كما إن خيبة الأمل الكبيرة التي أصابت الجمعيات السياسية في مجلس حقوق الإنسان، واصطفاف الدول العربية مع البحرين، وفشل الجانب الغربي بمنظماته في إدانة البحرين حين اكتشف الحضور أن أدلة المعارضة لا تخرج عن أفلام مفبركة وشهادات مزورة، وقرب ساعة سقوط بشار كلها أسباب اجتمعت ليعلن الجانب الإيراني قبوله بالاتحاد وقبول الجمعيات السياسية البحرين بالحوار مع الدولة دون شروط، أملاً أن يكون هناك استفتاء قبل إعلان الاتحاد، حين تتخبط الدولة بهذا الصلح وينتج عنه أن يكون للجمعيات المعارضة رأي في الاتحاد، وذلك على غرار حزب الله اللبناني عندما قبلت به الحكومة اللبنانية وجعلته شريكاً لها في جميع قراراتها المحلية والدولية. إن التغيير المفاجئ في الموقف الإيراني والجمعيات السياسية البحرينية المدعومة من إيران، يكشف مدى عمق اللعبة الإيرانية والأمريكية في المنطقة وخصوصاً في البحرين، حين نقرأ تواكب هذا التغيير مع تصريح مستشار الأمن الأمريكي بين رودز الذي قال فيه “إننا نسعى لاستخدام شراكتنا لتمكين القوى داخل البحرين التي تحاول العمل على قضايا صعبة جداً بطرق سلمية وفعالة في صفوف الحكومة والمعارضة، أعتقد أنه بإمكاننا أن ندعم جهود الإصلاح”، ويأتي معه إعلان المدعو الخواجة بفك الإضراب بزعمه أنه حقق هدفه المنشود، كلها أمور توضح أن أمريكا وإيران والجمعيات السياسية تسعى إلى إعادة الهدوء السياسي في البحرين وإدخال هذه الجمعيات وتمكينها، حيث يصبح بعدها لا حاجة لاتحاد خليجي لأن “الخطر” الذي قررت الدول الخليجية إعلان اتحاد من أجله قد “زال”. اليوم أصبح أمامنا موافقة إيران مشروطة باستفتاء شعبي، وإعلان الجمعيات السياسية، وقرار الخواجة بالتوقف عن الإضراب؛ كلها آليات اتفق عليها الحليفان الأمريكي والإيراني ووسطاؤهما في الخليج، وذلك حين فشلت كل جهودهم؛ بدءاً من فشل المؤامرة الانقلابية وفشل إدانة البحرين دولياً وقرب سقوط بشار الأسد، حيث أُجبرت هذه القوى على تغيير استراتجيتها باللعب بما تبقى لها من أوراق على أمل أن يكون لها مدخل جديد تتحرك من خلاله، واستراتجيتها الآن تتركز على إفشال الاتحاد الخليجي، وتمكين الجمعيات السياسية المعارضة من الحكومة، وهو ما صرح به مستشار الأمن الأمريكي. نقول لنظام الحكم الإيراني ومستشار الأمن الأمريكي وهذه الجمعيات السياسية، إن شعوب دول الخليج ليست قطيع أغنام يسوقها خامنئي ومستشار أمريكي وجمعيات سياسية صفوية، فهي شعوب عربية إسلامية حكامها أمراء وملوك وقد ملكوا الشجاعة والحكمة والقوة، وهم أصحاب القرار في تقرير مصير شعوبهم والتي اجتمعت على ضرورة إعلان الاتحاد الخليجي، ويجب على أمريكا وإيران أن تحترم إرادة هذه الشعوب وحقها بالالتفاف حول حكامها، وإن محاولة أمريكا بإيصال حكومة من المعارضة أو مشاركة المعارضة في الحكم لصالح النظام الإيراني تحت دعوى دعم جهود الإصلاح في البحرين، فهذه مؤامرة كشفت خيوطها حين حاولت أمريكا سحب أسطولها الخامس من مياه البحرين بعد أن حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والاستخبارات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية بتاريخ 20 مارس 2011 “أن هناك تحركات عسكرية بحرية كثيفة لقوات إيرانية في المياه الإقليمية الإيرانية، وحشود بوارج وزوارق حربية، فيما يحتمل أنه استعداد لغزو البحرين، وأن مئات من العناصر من الحرس الثوري الإيراني ومن جماعات حزب الله اللبناني باتوا متواجدين في البحرين”، وهذا ما كشف الدور الأمريكي الإيراني في المؤامرة الانقلابية على الحكم الخليفي

ادعاءات المهزوم على منصة مجلس حقوق الإنسان

أحمد عراد
كان واضحاً أن هناك مؤامرة تحاك في مبنى الأمم المتحدة ضد مملكة البحرين بين من يسمون أنفسهم بالمعارضة أو بمنظمات حقوقية أو وفود أهلية بحرينية، حيث باتت الإشاعات تتناقل عبر الإعلام الأصفر وبعض مناطق التواصل الاجتماعي ذات العين الواحدة تشكو حالها لدى رئيسة مجلس حقوق الإنسان، وتدعي أنهم سيتعرضون للاعتقال والمحاسبة فور عودتهم للبحرين، بما يعني أنهم يعدون الطبخة للمعازيم للأكل منها بنهم الجائع على المال والسلطة. فلم لا وتباشير الإشاعات المغرضة بدأت تنشر غسيلها الوسخ على حبال الجيران مدعية أن الحبال هي الوسخة، وأن التشهير بهذه الثياب خيانة عظمى لا يوجد من يتصدى لها في نظرهم إلا رئيسة مجلس حقوق الإنسان، وخير من واجهها بالحجة والبرهان هو العارف لألاعيبهم السافرة والمضحكة، عندما فند هذه الادعاءات، وقال الدكتور صلاح علي (إنه لا يوجد أي جهة تهدد أي شخص سواء كان مشاركاً في هذا الاجتماع أو غيره من منظمات حقوق الإنسان واعتبر هذا الكلام عارياً تماماً عن الصحة). ولأن ديدن هؤلاء الفبركات دون أي وازع أخلاقي فقد أعدوا العدة الممنهجة تطبيلاً وتزميراً كمقدمة تمهيدية تسبق القدوم، وقالوا افتراءً على الوطن والمواطن (تابعنا ما ينشر في بعض وسائل الإعلام ضدنا، وهو ما يترك لدينا مخاوف مشروعة من أن يتبع هذا التشهير الإعلامي التحقيق أو الاعتقال، ولذلك أبلغنا رئيسة المجلس، بما لدى المجلس من صلاحيات في حماية المتعاونين مع الأمم المتحدة)، وهذا كله لأجل أن تفتح لهم مجالس الأفراح بقدوم الفائز والمنتصر للفئة الباغية، وتفتح معها خزائن البترودولار واليورو ليقبضوا، إذ إن مصطلحات الاعتقال والتعذيب والانتهاكات وقمع الحريات والاغتصاب والتنكيل والتفتيش من زوار الليل، كلها مصطلحات رنانة في أروقة مجلس حقوق الإنسان وبعض الدكاكين الحقوقية، كيف لا وهم يبحثون ويتصيدون للإنسان من لحم الإنسان ذاته حتى تشبع غريزة النهم الممنهج بطريقة الخاسر في معركة صيد بري أو بحري، حيث يشعر فيها أنه هو المنتصر الأوحد، لكنه دون ضمانات تحميه للاستحواذ على الفريسة غانماً هانئاً، لهذا لا نستغرب من هذه الافتراءات وإلا كان للمعارضة في حال استشعارهم الإحساس بأن هناك نية أن تطلب من رئيس البعثة البحريني بحكم منصبه أو من سفيرنا في البعثة الدائمة، وإذا لم تتلق استجابة وتطمينات مكتوبة أو شفهية تلجأ إلى من تريد من أعضاء مجلس الإنسان بما فيها الرئيسة، لكنها أرادت استعمال الضربة الاستباقية الوقائية وتمثيل دور الضعيف البائس الفقير الذي لا حول له ولا قوة بالاستقواء برئيسة المجلس وتحريضها على تغيير موقفها حول تقرير مملكة البحرين الرسمي الذي صعق المعارضة ومن يلف في فلكها. ويكفينا فخراً واعتزازاً من وقف في وجه الرئيسة السفيرة لورا ديبوى التي تجاوزت حدود اللباقة السياسية والأعراف الدولية، مما دعا مندوبي جمهورية بيلاروسيا والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت والجمهورية اليمينة إلى رفض الادعاءات التي وردت في تقرير رئيس مجلس حقوق الإنسان أثناء مناقشة التقرير الدوري الشامل لمملكة البحرين، واعتبروا إثارة قضايا تتعلق بممثلي منظمات غير حكومية خلال مناقشة تقارير الدول الأعضاء إخلالاً بنظام وإجراءات الجلسة، وسابقة غير معهودة في نظام عمل مجلس حقوق الإنسان. تحية إجلال وتقدير لهذه الدول التي عرفت معنى الحق ومن هم أصحابه، واستطاعوا بحكم خبرتهم المميزة التصدي لرئيسة المجلس وأجبروها على عدم الإخلال بنظام وإجراءات الجلسة المخصصة للدول الأعضاء، وأنه ليس لها شأن بالمنظمات غير الحكومية لتطرح تقريرها مشمولاً بشكوى كيدية لا يساندها دليل واحد من مجموعة لا تعرف للحقوق طريقاً؛ اللهم طريق الكذب والفبركة والافتراء لتحطيم منجزات الوطن وبيعه رخيصاً في المحفل الدولي بأبخس الأثمان لدولة جارة بحكم الإقليم والتوزيع الرباني للدول، والتي بدأ لعابها يسيل ولسانها يلهث منذ أكثر من ثلاثين عاماً للاستحواذ على هذا الوطن العربي الأصيل وضمه وتغيير ديموغرافيته ولغته ودينه مجاناً، وفصله عن إخوانه المتماسكين كالطود الشامخ.

أمريكا التي خرجت عـن نص قيمها

كمال الذيـب
أمريكا كما تخيلها رجل القانون توماس جيفرسون الجمهوري على طريقة اليونان القديمة تختلف عن أمريكا التي يقودها سياسيو اليوم. ففي حين أراد جيفرسون بناء أمة مسالمة متميزة عن أوروبا “الغارقة آنذاك في الحروب والدماء والصراعات والثارات”، قامت في الواقع أمة محاربة، وفي منافسة مستعرة مع نفسها ومع سكانها الأصليين عبر الإبادة الجماعية المعروفة، كما قامت أمة عدوانية خارج الحدود استهوتها لعبة الهيمنة على العالم وتسييره. أما النموذج الذي حلم به جفرسون، وفي المقابل ألهم مشروع ويلسون البناء الأوروبي الراهن أكثر مما أثّر في الولايات المتحدة، وللأسف فالوجه الأكثر فظاعة أصبح اليوم مرتبطاً بالممارسات الأمريكية الخارجية، لا احترام للإنسان في البلدان التي يتم احتلالها أو التعدي عليها جواً وبحراً وبراً من العراق إلى أفغانستان وباكستان وليبيا وغيرها. إن الولايات المتحدة على مر الزمن مارست في حق البلدان الأخرى ما كان آخذه جيفرسون على الفرنسيين في عهد نابليون: (محاولة فرض مفهومهم الخاص للحرية على جيرانهم). الأمريكان تجاوزوا تلك الأفكار والممارسات البريطانية والفرنسية القديمة، ولم يعد لجميع الشعارات المتعلقة بالحريات مثل حرية التفكير والتعبير والتجارة والمعتقد والحق في الحياة والبحث عن السعادة وحق مغادرة الوطن وحق التواصل بين الناخبين وممثليهم والاتجار مع البلدان المجاورة والعمل لكسب لقمة العيش والدفاع في وجه المعتدين والأشرار والحفاظ على حرمة المسكن الخ..، لم يعد لها أي أهمية عندما يتحرك الأمريكي خارج أمريكا، إذ يبدأ الاحتقار والتجاوز والقسوة والتعذيب: كل شيء مباح على الطريقة الإسرائيلية. ولا يجب هنا أن ننسى أن الولايات المتحدة كانت قبل عدة عقود فقط بلد التمييز العنصري الرسمي (على غرار إفريقيا الجنوبية) ضد الملونين، وفي أيامنا هذه لاتزال ترتسم داخل غالبية المدن، كبيرة وصغيرة، حدود يصعب تجاوزها بين مختلف الفئات الاجتماعية والجماعات الإثنية. والعاملان هنا يتقاطعان، فمن “الغيتوات” السوداء إلى الضواحي اللاتينية وصولاً إلى “الجماعات المغلقة” وغيرها من مجمعات “الكاونتري كلوب” المخصصة لأصحاب المليارات، تبدو الولايات المتحدة رمزاً للتقطيع الاجتماعي في المكان. إن التبريرات العديدة التي تم تسويقها في السنوات القليلة الماضية حول ما بات يطلق عليه (الميل إلى العنف والتوحش في السياسة الأمريكية) التي تبدو مفارقة تماماً لمنطق الحرية وشرعة حقوق الإنسان والمبادئ التي كافحت البشرية من أجلها منذ قرون، تحتاج اليوم إلى إعادة قراءة، لأنه لا أحد تقريباً يمكنه أن يقبل الرواية الإعلامية الرسمية للعنف والقتل الذي مارسته القوات الأمريكية في أكثر من مكان، وخصوصاً في أفغانستان والعراق، بالإضافة إلى ممارسات غير عادية من التعذيب الذي سجلته كاميرات التاريخ في أبو غريب تحيل على ما هو أسوأ الممارسات في مجال انتهاك حقوق الإنسان.. إن السلوك الأميركي المتسم بالمعاملة غير إنسانية للسجناء في غوانتانامو أو فتح النار على النساء والأطفال وسط الحشود في بغداد أو صيد المعارضين للهيمنة الأمريكية بالطائرة بدون طيار في تعز اليمنية أو في قندهار الأفغانية ليس فقط ترجمة لمنطق القوة والتي تدعي فرض قانونها على العالم ، بل إنها ترجع في جذورها التاريخية إلى مفهوم للحياة هو بمثابة نفي لمفهوم المجتمع المدني في حد ذاته.
همس.. هناك عشرة آلاف شخص يسقطون قتلى بالرصاص في الولايات المتحدة سنوياً مقابل عشرات في كندا أو في فرنسا على سبيل المثال كما تدل على ذلك الإحصائيات.

احذروا الهوليغتر في المدارس

صلاح الجودر
في عام 2003 وبالتحديد في يوم 4 يناير عرض تلفزيون البحرين حلقة خاصة عن ظاهرة (الهوليغيز) التي بدأت ملامحها بأعمال الشغب والتخريب في الشوارع، حرق الإطارات ورمي الحجارة وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، فعرض تلفزيون البحرين حينها صور العنف والتخريب، واستطلع معها آراء الجمعيات الأهلية والسياسية والصناديق الخيرية والمواطنين الذين شجبوا الأعمال الإرهابية والتخريبية القادمة مع مشروع تغير هوية أبناء المنطقة. ظاهرة الهوليغنز والعنف المجتمعي لم تقف ولم تتلاش، ولكنها استمرت وتصاعدت حينما اختلطت بسموم وأدواء العصر حتى طالت المدارس الحكومية، في ظاهرة مجتمعية غريبة، فحسب آخر الإحصائيات التي نشرتها الصحف المحلية الأسبوع الماضي تبين أن عدد حالات الاعتداء على المدارس خلال العام الدراسي الحالي(2011-2012م) بلغ 83 مدرسة، وأغلبها جاءت من خارج الحقل التعليمي برمي القنابل الحارقة (المالتوف)، والسبب هو لنشر الثقافة العنفية بين الطلبة لتغير هويتهم. ظاهرة الهوليغنز والعنف المجتمعي انتشرت في بادئ الأمر في الدول الغربية بين الفئات الشبابية الممتلئة بالحيوية والنشاط، وتم تطعيمها بفيروسات العنف والتطرف في المدارس، وسرعان ما خرجت على المجتمع تدمر كل ما يعترض طريقها، ولكن تصدت لها المجتمعات الغربية بعلاجات مجتمعية قائمة على تعزيز العلاقة بين البيت والمدرسة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. عند دراسة هذه الظاهرة في المجتمعات نرى أن أبرز معاولها هم فئة الشباب والناشئة الذين تبنوا الفكر العنفي، واعتقدوا بأنها من البطولات التاريخية التي يجدونها في الأفلام الأمريكية، والحقيقة أنها متعة عبثية تسعى لتدمير المجتمع وتخريب مؤسساته، وأبرزها المؤسسات التعليمية. للبحث عن مخارج للسلوكيات الغريبة ومنها ظاهر الهوليغتر والعنف المجتمعي لا بد من أجراء الدراسات وعمل اللقاءات بين البيت والمدرسة، ودراسة كل حالة بمفردها، ومن ثم إعادة غرس مبادئ الدين وأسس الأخلاق والقيم من جديد، والتحذير من الثقافة المستوردة من بعض القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية. المتأمل في معتنقي الهوليغتر والعنف المجتمعي يرى أن أتباعها يعودون في الأصل إلى بيئات منغلقة على ذاتها، فيرفض أصحابها الحوار والجلوس مع الآخر المختلف، بل أن أصحابها يتملكهم الخوف عند مناقشة هذه الظاهرة، لذا يلجؤون إلى العنف لقطع الطريق على دعاة التسامح والتعايش. الحلول كثيرة ولكن يبقى الحل الأمني هو آخرها، لذا يثار تساؤل كبير لماذا لا يتم مواجهة هذا الفكر بطرحه على أعلى المستويات، والحديث عنها كداء ووباء تم نثره في المجتمع وداخل شرايينه، العنف ليس مقتصراً على فئة أو مذهب أو فكر، ولكن يمكن أن يصيب أي فرد، لذا هو ينتقل من فرد إلى آخر، فالحديث عن العنف ليس من أجل توجيه الاتهام لجماعة بعينها، ولكن لمن يحمل هذا الفكر، لذا العلاج الذي يقوم به الطبيب في بعض حالته يحتاج إلى فتح الجرح إلى العظم ليرى حجم الإصابة، ومن ثم يصف الدواء والعلاج. لزاما على أصحاب المواقع الحساسة والمسؤوليات الكبرى في المجتمع تلمس الجرح وبكل جرأة، والبحث عن الأسباب دون النظر إلى الآثار، فما حدث في المدارس الحكومية (83مدرسة) يعتبر عدوانا وإجراماً ليس في حق المدارس ووزارة التربية والتعليم فقط، وليس في حق الوطن ومكتساباته، ولكنه جريمة في حق الطلبة والطالبات الذين ينهلون العلم أسوة بطلبة العالم المتحضر. ما وقع في تلك المدارس يدعونا للتأمل في تلك الأحداث ومرتكبيها، ولنتساءل هل هناك فرد بحريني يرضى بأن يرى المؤسسة التعليمية وهي تتعرض للتخريب والتدمير؟!، ثم ما هدف المخربين والتدميريين من ذلك؟ لا يمكن أن يكون العنف قانوناً وعرفاً بين الناس، ولا يمكن أن يكون دينا او عقيدة بين البشر، ولكنه خلل أصاب مجموعة من الصبية بعد الترويج لهم بأنها أوامر إلهية وواجب شرعي وتكليف ديني! فإذا كان هذا هو التعدي على مراكز التعليم، وتلك أسبابها وآثارها فإن الواجب على أبناء هذا الوطن المخلصين السعي لتحصينها والدفاع عنها، والتصدي للعنف وتجفيف منابعه، فالمسؤولية ليست على وزارة التربية والتعليم من خلال تأمين المدارس والمعاهد والجامعات، وليست على وزارة الداخلية من خلال حراسة تلك المؤسسات ومنع المخربين من إلحاق الأذى بها، ولكن هناك مسؤولية تقع على أولياء أمور الطلبة من خلال مراقبة أبنائهم ومتابعتهم، فالجميع اليوم يعلم بأن دعاة العنف والتطرف يسعون لتخريب المؤسسات التعليمية وشل حركة التنمية في الوطن، وهذا هدفهم من رمي القنابل الحارقة على المدارس.

إلى أي هاوية يأخذ الغرب نفسه ويأخذنا معه

د. محمد جابر الأنصاري
كان فلاسفة «التقدم» الغربي «يبشرون» الإنسانية إن الغرب قد دخل مرحلة العقل والتعقل، وأنه لن يُقدم على أية خطوة غير متعقلة. كان هذا «التبشير» طوال القرن التاسع عشر الميلادي وقبل قيام الحربين العالميتين الأولى والثانية. فلما وقعتا وقٌتل فيهما الملايين وخُربت المدن ومعالم الحضارة وبرز «توحش» الإنسان الغربي «الذي دخل مرحلة العقل والتعقل» حسب أولئك الفلاسفة، اختفى ذلك التنظير وثبت أنه مخالف للواقع! ويبدو أن المجتمعات الغربية التي «تطورت» ومرت بأطوار «الرفاهية» في ظل ديمقراطيتها، تتجه نحو مزيد من الفردية والأنانية التي لا تعبأ بالآخرين وهمومهم. منذ زمن كانت الملاحظة أن الأبناء لايذهبون إلى زيارة والديهم، إلا إذا استلموا مقدماً ثمن البنزين. وقد نصح علماء النفس والتربية ، قبل ذلك ، الآباء بأن يتركوا أبناءهم الصغار يفعلون مايريدون. وقد تنبّه أولئك العلماء أنفسهم إلى خطورة ما دعوا إليه عندما رأوا «الشباب» يطلقون النار عشوائياً على مرتادي «المولات» ومن هم في الشارع.. ويقتلونهم! لذلك تخلوا عن دعوتهم الضارة الخطيرة بترك «الحرية» للصغار ، ونصحوا الكبار بتوجيههم وضبطهم! ولكن «التيار» أثبت إنه أقوى منهم ومن دعوتهم الجديدة وصحوتهم «المستعادة».. فالمجتمعات الإباحية : (Permissive Societies) لاتتقبل إلا الحرية المطلقة لأعضائها.. يفعلون ما يشاؤون ! وقد لوحظ أن الحركات «الشبابية» الجديدة في الغرب ـ وفي الشرق أيضاً، فالعدوى تنتشر بسرعة البرق ! كحركة احتلوا «وول ستريت» وغيرها من حركات «احتلوا...» والسلام.. لوحظ أن تلك الحركات تعتبر إذا طُلب منها التوقف عن قرع الطبول ـ لأن الآخرين لايستطيعون النوم! ـ افتئاتاً شنيعاً على «حريتها»!.. وتصر على قرع الطبول حتى لو لم ينم الآخرون.. وليذهبوا إلى الجحيم! لقد ظلت البشرية تؤمن «أن حريتي تنتهي حيث تبدأ حريات الآخرين». إلا أن حركات «احتلوا الجديدة.. «تغيّر لديها هذا المفهوم الذي استقر عليه البشر وصارت تعتقد إن «حريتها» أن تقرع الطبول متى شاءت.. ولو منعت الآخرين من النوم! هذا وقد جاء في الأنباء، أن «الجماهير» في بلد أوروبي، حقق تقدماً ملحوظاً في الحياة وفي الديمقراطية قد خرجت تطالب بمنحها حرية تناول الماريجوانا.. لم تطالب تلك «الجماهير» بالمزيد من التنمية والديمقراطية بل طالبت بحرية تناول الماريجوانا.. وهي نبتة تدخل في عداد المخدرات التي تذهب بالعقل وتعطله وتُشعر من يتناولها بسعادة وهمية! والأدهى من ذلك أن رئيس أكبر دولة في العالم قد أعلن تأييده لزواج المثليين.. من أجل أصوات انتخابية وأعتقد أنه قرار حزبي صادر عن الحزب الديمقراطي الأمريكي المعروف بمواقفه هذه! ولكني لا أعتقد أن الغالبية الساحقة من الأمة الأمريكية ، وكذلك السيدة الفاضلة ميشيل أوباما، ولا الرئيس نفسه.. يقبلون برفع علم شبيه بالأعلام الفاضحة في «كاليفورنيا» فوق «البيت الأبيض» الذي تسكنه عائلة محترمة. وللإيضاح أذكر أني كنت في «كاليفورنيا» قبل سنوات ولاحظت أن بعض المنازل ترفع أعلاماً ملونة.. ليست العلم الوطني، ولا أي علم في العالم.. وسألت عن تلك الأعلام فقيل لي أن هؤلاء ـ من هم في البيوت ويرفعون الأعلام فوق منازلهم ـ هم من الشواذ، وهم يتحدون الآخرين «المحافظين» بالإعلان عن شذوذهم. وخطر لي أن هؤلاء يعكسون الوصية الكريمة: «إذا بليتم فاستتروا» إلـى: «إذا بليتم ، فانفضحوا»! والخلاصة: إن مجتمعات «الرفاهية» في الغرب تنتج أفراداً «أنانيين» لا يهتمون بالغير. إن «الشباب» الذي يرتكب أشنع الجرائم في تلك المجتمعات هم أناس افتقدوا حنان الأم منذ الصغر، لأن الأم طلبت الطلاق وتركت أسرتها وأطفالها لتذهب مع عشيقها! ولا يقتصر الأمر على النساء، فالأب يمكن أن يترك أبناءه ويذهب مع «العشيقة». ونرى في المجتمعات الغربية أسراً بعائل واحد ـ الأم أو الأب ـ لأن الآخر ترك الأولاد والبنات، منطلقاً وراء أنانيته، رافضاً «التضحية» من أجل أولئك الصغار! ولا يقتصر الأمر على المجتمعات الغربية، أن هذه الظاهرة الخطيرة تزحف إلينا في مجتمعاتنا الشرقية وثمة آباء وأمهات في شرقنا يتركون الأسرة ويدعونها تتفكك ، ويذهبون وراء شهواتهم للأسف. إن ظاهرة «الأنانية» و»الفردية المفرطة» داء يزحف في العالم كله. وهو نتيجة لمجتمعات الرفاهية! عقد عدد من القضاة ورجال القانون مؤتمراً لإحياء تجرع الفيلسوف اليوناني «سقراط» للسم، دفاعاً عن حرية التعبير. فهل كان سقراط سيؤيد قرع الطبول فوق رؤوس النائمين.. وترك الأطفال جميعهم وراء العشيقة والعشيق. ومما يؤسف له أن المجتمعات الشرقية الناهضة ـ كاليابان والصين ـ جعلت من المتعة الفردية للمواطن هدفها؟ ولاتجد في التجارب العالمية ما يقف في وجه «المتعة»! إن ضبط الحزب الشيوعي الصيني: لمجتمعه الكبير ولقواته المسلحة أمر إيجابي ، لكنه مهدد بالنزعة «الديمقراطية» في عالمنا. وكذلك عودة روسيا ـ بقيادة بوتين ـ إلى الانضباط «السوفيتي» مسألة جديرة بالترحيب. ولكن في سياستهما الشرق ـ أوسطية ثمة حاجة لإعادة النظر! أنني لا أنتقد تلك الظاهرة من موقع «الفضيلة الكاملة» ولا أتظاهر بها ، ولكني لست من دعاة «الرذيلة الكاملة» وإعلانها.. فأنا من مدرسة الآية القرآنية الكريمة: «لقد خلقنا الإنسان في كبد، أيحسب أن لن يقدر عليه أحد» صدق الله العظيم «سورة البلد الآيتان: 4 ـ 5» .

حتى لا نزايد بديمقراطيتنا على ديمقراطية دول المصدر

فوزية رشيد
إن الدول الديمقراطية الأوروبية ومعها الولايات المتحدة، وهي دول المصدر لتلك الديمقراطية الغربية التي فرضت نموذجها على العالم كله اليوم على الرغم من بعض الاختلافات، تمارس الديمقراطية وفق معادلات حاسمة جازمة لا تقبل القسمة ولا التلاعب ولا التهاون:
١- الحقوق الديمقراطية مكفولة وتقابلها الواجبات في ظل الديمقراطية تجاه الوطن وتجاه حقوق الآخرين، أي الحقوق تقابلها المسئولية والواجبات.
٢- لا مجال لاستغلال أي من آليات الديمقراطية بما يمس أو يهدد الأمن الوطني أو الأمن القومي، أو يثير النعرات المهددة للسلم الأهلي أو الاستقرار، وإلا كان القانون رادعا قويا لكل متلاعب أو مخالف. أي ان الديمقراطية يقابلها القانون الرادع ومن خلال المؤسسات ولا تهاون في ذلك.
٣- الحريات مكفولة للأفراد بما لا يضر بالحريات العامة أو بحريات الآخرين، وممارستها تتم في إطار الواجب والمسئولية الذاتيين والقوانين أيضا.
٤- الولاء التام للوطن شرط أساسي من شروط المواطنة وحقوقها، ومن ولاؤه لغير وطنه ليس له حق المواطنة، أو حقوقها النابعة منها.
٥- تقاس معايير نجاح الديمقراطية بحجم الإسهام في بناء الوطن وتطويره، فالديمقراطية الغربية ليست فضاء مفتوحا للتلاعبات أو التجسس أو الولاء لغير الوطن أو ارتكاب الخيانة في حق الوطن، أو الإضرار بمصالح الدولة والناس، أو تعطيل الخدمات أو التسبب في الفتن والفوضى، أو محاولة إعاقة الاقتصاد ومشاريعه وفعالياته، أو الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة.. كل ذلك وغيره كثير يدخل في باب الجرائم والجنايات أو في باب التخريب والإرهاب وليس في باب الحقوق أو الحريات، وفي كل الأحوال يقف القانون بالمرصاد لكل من يقوم بأي من ذلك، ويُعالَج (معالجة أمنية) وبضراوة، وخاصة لمن يقود العنف أو التخريب أو الإرهاب أو الفوضى وفق أطر فئوية أو فردية خاصة أو في إطار الفتنة أو الانقلاب على الدستور عبر العنف والإرهاب.
٦- إن المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي تلتزم بها الدول الغربية لا صلة بتطبيقها حين يحاول أي طرف داخلي (استغلالها) من أجل الإضرار بالمصلحة الوطنية العامة المدرجة فيما سبق (من ١ إلى ٥)، أو حين الإضرار بالأمنين الوطني والقومي، ولذلك حين حدثت أحداث لندن وأحداث «وول ستريت» كانت المواجهة الأمنية بل استخدام القوة المفرطة وقمع المتظاهرين طبيعيا حين امتد بهم الطموح، من أجل إعادة الحياة الطبيعية إلى مجراها، بل في بريطانيا امتدت العقوبات إلى حد حرمان المخربين من كل امتيازات المواطنة وخدماتها وعلى أساس (المواطن الصالح والمواطن الطالح)، ولم يتم وضع أي اعتبار لا لمنظمات حقوق الإنسان، ولا للاتفاقيات، ولا لحريات المتظاهرين، ولم يعتبروا ذلك خرقا للديمقراطية مثلا.
في البحرين هناك من يقع بين معادلتين كلتاهما خطأ في فهم الديمقراطية: الأولى: من جانب الدولة في فهمها للديمقراطية بأنها ديمقراطية فالتة وحريات سائبة وقانون متهاون وردع غائب، لكأن (الطيبة هي سياسة استراتيجية) تدور البحرين وحدها في فلكها من دون العالم كله، مما يدل على عدم وضوح الرؤية لدى الدولة بما يخص معايير الديمقراطية والحريات وكيفية تطبيقها، وبما يخص الحقوق التي تقابلها الواجبات والحريات التي تقابلها المسئوليات.
المعادلة الثانية: سلوك مختل من فئة تدعي أنها معارضة، ترتكب كل الحماقات والجنايات بل الجرائم باسم الديمقراطية وباسم الحريات، وفي ذات الوقت تضع الدولة في قفص الاتهام بالديكتاتورية والقمع واختراق حقوق الإنسان والبطش إلى غير ذلك من المصطلحات التلفيقية الكاذبة رغم السيولة الديمقراطية من جانب الدولة، والنتيجة أن هناك خللا فادحا في فهم هذه الفئة أيضا سواء لمعنى الديمقراطية والحريات أو للسلوكات الديمقراطية في إطار سياسي ناضج.
وما بين القصور في فهم الديمقراطية وآلياتها في الحقوق والواجبات، وما بين الحرية والمسئولية، وحيث الدولة أو الأفراد والجماعات معا من المفترض أن تلتزم بمعايير واضحة فيها، ولا نطالب في تطبيقها إلا بمعايير دول الغرب العريقة في ممارسة الديمقراطية، نجد أن الخلل أصبح أزمة، وأن أطراف من تسُمي نفسها المعارضة أصبحت أكبر مصدر تهديد للأمنين الوطني والقومي، وللمصالح الوطنية والشعبية، لأن الدولة لم تستوعب (حقوقها) كدولة مقابل واجباتها في الديمقراطية، مثلما من تسمي نفسها المعارضة لم تستوعب (واجباتها) مقابل حقوقها في الآليات الديمقراطية وآليات الحريات وممارساتها.
الدولة تمارس شيئا من التخبط في تطبيق المعايير التي تحفظ أمن البلاد واستقرارها وتحفظ مصالح الغالبية الشعبية من انفلات تلك الفئات الضالة، وأهم المعايير عدم التهاون في تطبيق القوانين الرادعة فتتهاون، والتعامل مع الإرهاب بما يستوجبه من معالجة جذرية فتتباطأ، وعدم السكوت على المحرضين فتسكت، والتعامل إلى جانب عدم تطبيق بنود الدستور بما يخص الخيانة والولاء لغير الوطن والتحريض على الفتنة وعلى العنف واستغلال المنابر الدينية.
ومثل الدولة، المعارضة الطائفية تريد الحرية المنفلتة، وعدم قيام الدولة بممارسة أي من حقوقها المكفولة دوليا حسب المواثيق، وبالتالي فإن تلك الفئة تواصل التأزيم باسم الديمقراطية والحريات، وتضرب كل أسس الدولة والوطن والثوابت الوطنية مقابل ابتزازاتها الرخيصة، أيضا باسم الديمقراطية والحريات، والنتيجة أن تضيع كل المعايير الصحيحة في هوجة (عدم النضج في الممارسة الديمقراطية) سواء من جانب الدولة أو من جانب خونة وعملاء وفوضويين ومخربين وإرهابيين يمارسون إرهابهم بكل تلك الصفات تحت غطاء آن رفعه وهو غطاء انهم معارضة ولديهم مطالب الخ.
لنصل بعدها إلى نتيجة فريدة من نوعها وهي أن كلا من الدولة ومن يسمون أنفسهم المعارضة يزايدون اليوم بالديمقراطية في البحرين على ديمقراطية الدول العريقة في الممارسة الديمقراطية، وهكذا يضيع في البحرين وفي هوجاء ديمقراطيتها الفريدة كنوع في العالم، يضيع كل ما تضعه الدول المتقدمة من معايير ومعادلات وعقوبات وروادع ما بين حقوق وواجبات بوصلتها النهائية هو الوطن نفسه وحفظ أمنه واستقراره، وحيث لا حقوق للمواطن قبل أداء واجباته، ولا حريات قبل تحمّل مسئولياته ولا حريات فالتة لأي جماعات سياسية أو حقوقية أو غيرها.
فهل البحرين دولة وشعبا مستعدة لمراجعة كل أوراقها الديمقراطية اليوم تحديدا ووضع النقاط على الحروف لنخرج من هذه الأزمات المتتالية؟

قطع الرّأس

إبراهيم الشيخ
٨٤ مدرسة تعرّضت للاعتداء والتخريب والرمي بالمولوتوف منذ بداية العام الدراسي، بينما تجاوز عدد حالات الإيذاء النفسي أكثر من خمسة آلاف حالة، ناهيك عن أكثر من خمسين حالة اعتداء بدني مباشر، هذه هي حصيلة «السلمية» والمطالبة بـ «الحقوق» التي تدّعيها الوفاق!
أمام تلك الحالات، كم كان يتمنّى المرء أن يشاهد خطبة واحدة صريحة على الأقلّ من بعض الرموز الدينية تحرّم تلك الجرائم الإرهابية في حقّ أبنائنا الطلبة، لكن يبدو أنّهم تفرغوا لخطب «اسحقوه»، لأنّها ترضي الطرفين!
أتساءل أحياناً عن الدوافع التي تشجّع تلك الفئات المنحرفة، على حرق المدارس، أو إشعال الإطارات في الشوارع، أو رمي المولوتوف على المواطنين وعلى رجال الأمن. من يدير تلك الشبكات؟ ومن يموّلها؟ ومن هي رؤوس الأفاعي في الداخل والخارج؟!
أتساءل أيضا، هل هناك أطراف خارجية موجودة هنا بصفات دبلوماسية أو سياحية تدير وتنظّم وتموّل؟ بل وتُشرف على إخراج ونشر فيديوهات العمليات؟! فلن تستغرب إذا وجدت المسحة اللبنانية والعراقية على الكلمات المستخدمة، مثل استخدام «بلدة» بدل «قرية»، هذا غير استنساخ الأحداث وردّات الفعل بصورة مشابهة لما حدث هناك!
لو بحثنا عن إجابة لسؤال: ما الفائدة من حرق المدارس؟ أو رمي المولوتوف على سيارات المواطنين في الشارع؟ فلن نصل إلى نتيجة؛ سوى أنّه إرهاب مدفوع الثمن يدار من الخارج، ويموّل من أطراف داخلية وخارجية مفضوحة.
بالتأكيد، حتى لو قبضت الدولة على جميع من قام بتلك العمليات الإرهابية المجرمة، فسوف يخرج غيرهم ليقوموا بنفس تلك الأدوار، فالعملية شبيهة بالقبض على من يعمل داخل دار للرذيلة، بينما يُترك صاحب الدّار ليجلب غيرهم لتنفيذ أدوار شبيهة!
إذا لم تقطع الدّولة الرأس، فلن تتوقّف تلك الأعمال، بل ستزيد؛ لأنّها ستصبح مجالاً للمزايدة عبر الصفقات والضغوط السياسية! من الدّاخل والخارج على حدٍ سواء!!

آخر السّطر: يبعث له رسالة على تويتر يقول له فيها: كيف تدين مقتل الأطفال في فرنسا بينما لا تدين مجزرة الحولة؟!
بعدها يقوم بإرسال رسالته ليدين فيها مجزرة الأطفال في الحولة، ولا ينسى أن يضمّنها عبارات متداخلة تحتمل التأويل، بإمكانها أن تبرّئه إذا تمّ انتقاده من وليّه ووليّ نعمته!!
أنتم عار على الحركات الوطنيّة، تعسًا للعبيد.

الإمام الأكبر ورسالته الحازمة إلى إيران

السيد زهره
ما فعله الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشريف الدكتور احمد الطيب قبل نحو أسبوع يعتبر تطورا مهما يستحق التوقف عنده.
نعني ما فعله حين تصدى بحزم لمحاولات إيران نشر التشيع في مصر وشق صف الوحدة الوطنية المصرية واثارة الطائفية، ووجه رسالة واضحة حازمة إلى إيران.
الذي حدث ان البعض، وبترتيب إيراني بالطبع، أقدم على فتح «حسينية» في احد مناطق القاهرة. وترافق مع هذا تقارير كثيرة معروفة على نطاق واسع عن وجود مخطط إيراني لنشر التشيع عبر وسائل وأساليب كثيرة أولها المال.
السلطات المصرية بادرت وأغلقت الحسينية، لكن الإمام الأكبر إذ استشعر خطورة المخطط الإيراني، تحرك على الفور ليضع حدا لهذه القضية وليضع النقاط فوق الحروف.
الأمام الأكبر جمع علماء الأزهر الشريف وعلماء الدعوة السلفية والصوفية والاشراف، وعقد معهم اجتماعا مطولا لتحديد موقف محدد واضح من هذه المسألة.
والموقف الذي انتهى اليه العلماء، لخصه الإمام الأكبر في الجوانب التالية:
١ - التحذير من اقامة أي مساجد طائفية لمذهب مخصوص او فئة بعينها تنعزل عن سائر الأمة وتشق الصف وتهدد الوحدة الروحية والاجتماعية لمصر وشعبها سواء سميت بـ «الحسينينات» أو غيرها، وهو ما يكشف عن نزعة طائفية لا يعرفها أهل السنة والجماعة في مصر.
٢ - ان الأزهر الشريف ليس في عداء مع أي دولة إسلامية، لكنه يرفض رفضا تاما قاطعا أي محاولات لزرع الطائفية وثقافة كره أصحاب رسول الله، والاساءة إليهم.
والمصريون هم أكثر شعوب الأرض قاطبة حبا واحتراما وإجلالا لآل بيت رسول الله وصحابته الكرام ولا يقبلون في ذلك مزايدة ولا احتيالا.
٣ - ان مصر في تاريخها الطويل تميزت بالسماحة الفكرية والفقهية والتقت على أرضها جميع المذاهب جنبا إلى جنب، والأزهر لا يقبل ان يتهدد النسيج الروحي والاجتماعي لمصر وشعبها.
٤ - ان الأزهر هو الحصن الحصين لأهل السنة والجماعة في العالم كله لن يسمح باختراق المجتمعات السنية من طرف أي مذهب كان، ولا يمكن للوحدة الإسلامية ان تقوم الا بالاحترام المتبادل والتعددية المذهبية، وان التبشير بالتشيع لا مكان له بالمجتمعات السنية.
وقال الإمام الأكبر انه على ضوء كل هذا، وفيما يتعلق بمحاولات إيران نشر المذهب الشيعي في مصر فان «الأزهر الآن يضبط نفسه حفاظا على وحدة المسلين، ولكن إذا لم تتم السيطرة على هذه الحالة فسيكون للأزهر خيارات أخرى للدفاع عن اهل السنة والجماعة».
اذن، هذا هو الموقف الحازم القاطع الذي أعلنه الإمام الأكبر واتفق معه فيه كل العلماء في مصر.
بالإضافة إلى هذا، حين طلب القائم بالأعمال الإيراني مقابلة الإمام الأكبر، وتحدث معه عن أهمية الحوار والوحدة وما شابه ذلك من شعارات طالما يتحدث عنها الإيرانيون في كل مرة يثار فيها الحديث عن مخططاتهم الطائفية.. حين فعل هذا، ابلغه الإمام الأكبر موقفا واضحا قاطعا أيضا.
قال الإمام الأكبر ان هناك شروطا محددة لمواصلة التفاهم والحوار مع الدوائر الشيعية. في مقدمة هذه الشروط، إصدار فتاوى صريحة من مراجع الشيعة تحرم سب الصحابة وأمهات المؤمنين، وتحريم نشر المذهب الشيعي في بلاد أهل السنة والجماعة.
وحين قال القائم بالأعمال الإيراني ان هناك فتوى من المرشد الإيراني خامنئي بتحريم سب الصحابة وأمهات المؤمنين، رد عليه فورا ان هذه «فتوى سياسية» لا تكفي، وان المطلوب هو ان يصدر مراجع الشيعة المعتبرين في قم والنجف فتاوى ملزمة لكل اتباع المذهب الشيعي تحرم سب الصحابة والسيدة عائشة وتحرم نشر المذهب الشيعي في بلاد السنة. وقال الإمام الأكبر انه من دون تلك الشروط لن يكون هناك حوار ولا تفاهم.
هذا هو موقف الإمام الأكبر والأزهر الشريف.
والإمام الأكبر بقدر ما هو عالم الدين الأكبر بالنسبة للعالم الإسلامي هو عالم سياسة أيضا، وعلى دراية عميقة وتفصيلية بما يحاك للوطن العربي عموما من مخططاتي سواء من قوى دولية أو اقليمية.
بعبارة أخرى، هو يعلم تمام العلم ان محاولات إيران نشر التشيع في مصر يندرج في إطار مخطط سياسي ايراني له أبعاده الخطيرة التي لا بد من التصدي لها.
بعبارة ثانية، هذا الموقف ليس موقفا دينيا وحسب، وانما له أهميته السياسية والوطنية البالغة.
وعلى أية حال، فان الرسالة التي وجهها الإمام الأكبر إلى إيران عبر هذا الموقف هي رسالة واضحة محددة مؤداها، ألزموا حدودكم، وكفوا عن مخططات محاولات شق الصف وتهديد الوحدة الوطنية واثارة الطائفية في مصر، وان كنتم تريدون حقا حوارا وعلاقات طيبة، فهذه هي الشروط.

ولاية الفقيه هل تنتقل إلى مصر

أحمد سند البنعلي
لن يعي من أعطوا أصواتهم لمحمد مرسي وأحمد شفيق، لن يعوا نتاج ما فعلوا إلا تاليا حين تظهر نتائج ذلك الفعل ويستولي احدهما على سدة الحكم ويتصرف بناء على ما يحمل من فكر، الأول إقصائي انفرادي لا يقبل التعامل مع الغير ويتبع أوامر قيادة عليا تسمى المرشد العام والآخر صورة مكررة لنظام فاسد مفسد حول مصر إلى مرتع للقوى الخارجية وحول تلك القامة الشامخة والقائدة للأمة العربية وبتاريخها الضارب في العمق إلى مجرد تابع لقوى خارجية تسيرها كيفما تريد ونسي الشعب صاحب الحق في بلده وخيراتها بل قمع ذلك الشعب ونكل به في كل الأوقات وحول المشروع الحضاري الرائد الذي وضعه عبدالناصر إلى مجرد مشروع استهلاكي رأسمالي مخالف لإرادة الشعب ومطامحه.
لذلك نستطيع القول إن أحمد شفيق لو قدر له الوصول إلى الحكم سيعود بشرعية الصندوق ويستمر في ما كان عليه النظام السابق بشرعية الصندوق ويحتج بهذه الشرعية أمام كل من يعارضه، بل سينكل بجميع من ساهم في الثورة وينتقم منهم بتلك الشرعية ولا يستطيع لا فرد من الداخل ولا نظام من الخارج أن ينكر عليه ما يفعل كونه أتى بشرعية الشعب التي حددها الصندوق وسيكتوي الشعب المصري بما فعل هو نفسه حين وضع ورقته وعليها احمد شفيق، كل ذلك واضح لمن يريد المعرفة والقراءة المستقبلية، ولكن ما هو غير واضح ما يمكن أن يفعله منافسه (حتى الآن) وهو محمد مرسي لو وصل لسدة الحكم.
الدكتور محمد مرسي كان قد أقسم على السمع والطاعة في جميع الظروف والأوقات للمرشد العام وهو القسم الذي وضعه مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا وبهذا القسم لا يكون للعضو رأي مستقل بل هو منفذ لما يقوله المرشد العام حتى لو كانت له وجهة نظر أخرى أو رأي مخالف لما يقوله فضيلة المرشد، بالتالي ماذا سيكون موقف رئيس جمهورية مصر العربية حين تعرض عليه قضايا الأمة، هل سينتظر ليرى رأي المرشد العام وبالتالي يؤخر القرار حتى ولو كان قرارا مهما ومستعجلا أو أنه سينفذ رأي المرشد حتى لو كان مخالفا لما يراه الخبراء من حول الرئيس؟
لو حدث ذلك فإننا سنكون أمام ولاية الفقيه عند أصحاب المذهب السني وهو المبدأ الذي يراه الآخرون مبدأ يحمل تخلف نظام الدولة ويعود بنا لقرون إلى الخلف حين كانت تحكم الدول باسم الدين والآلهة قبل الإسلام والتي يسميها أهل القانون “الدولة الثيوقراطية”، وما يعرفه الجميع أن هذا المبدأ غير موجود في مذهب أهل السنة والجماعة ولا حتى في المذهب الجعفري ولكن سارت عليه إيران وطوره الخميني ليستطيع من خلاله بسط قبضته على مفاصل الدولة في إيران ليس إلا، وأضحت الدولة الإيرانية بعيدة عن الديمقراطية الحقيقية أو شبه الواقعية وسارت على درب حكم الفرد حتى بعد الثورة على حكم الفرد “الطاووسي” الذي كان يمثله شاه إيران.
المهم هو ما سيحدث في مصر لو وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم بعد أن أحكمت قبضتها ومعها أصحاب التيار السلفي على السلطة التشريعية، ولو حدث ذلك تكون قد أحكمت القبضة على سلطتين مهمتين من السلطات الثلاث ومن خلالها يمكن أن تسيطر على السلطة القضائية عن طريق سن القوانين المطلوبة التي تسير عليها السلطة القضائية، بل سيصل الأمر إلى الدستور الذي ستتحكم فيه عند وضعه في الأيام القادمة ونصل في نهاية الأمر إلى ديكتاتورية التيار بعد أن تخلص الشعب المصري من ديكتاتورية الفرد، فهل يريد الشعب المصري الوصول إلى هذه الحال؟
الخيار سيكون صعبا جدا أمام الناخب المصري في الأيام القادمة والقرار في هذا الشأن سيكون مهما ومعقدا فقد وضع الناخب ومعه رأس المال السياسي الذي استخدمه الطرفان “مرسي وشفيق” لكسب الأصوات، وضعا الشعب المصري بين شقي الرحى كما يقال وأضحى أمام خيارين أحلاهما مر وهو وضع تم التخطيط له مسبقا بتقويض حالة الأمن في الشارع المصري لدفع فئة من البشر إلى البحث وبدون وعي عن ذلك الأمن في من يمثل النظام السابق ولم تجد غير احمد شفيق.

الحقيقة Canvas ماهي

http://www.alwatannews.net/image.aspx?ID=ZotH2NNYo6MXYCyK/kjpHdsVogMuX/gnf20ccyIqlLP9ES3jR78VaK8UwQ5xHcLM
عندما وضعت الولايات المتحدة مشروعها لشرق أوسط إعتمدت على وسائل و منظمات لإحداث التغيير الذي تسعى إليه و هو تغيير من الأسفل و لكن هو تغيير لمجر التغيير. قامت منظمة "موفمنتس" و هي المنظمة الأم و هي مسئولة عن تدريب و تنظيم و تمويل و توفير سبل التكنولوجيا و النصائح و الاستراتيجيات اللازمة لتغيير الأنظمة و مواجهة التحديات في كل الدول العربية و الأجنبية الداخلة في الأجندة الأمريكية و حتى وفروا سبل الدخول على الانترنت أثناء قطع الاتصالات في مصر و هذا يفسر نشاط كثير من الصفحات على الفيسبوك و تويتر و غيرهم أثناء قطع الحكومة المصرية للانترنت فهم لم يكونوا أدمنز بالخارج بل كانوا نشطاء يتبعون تعليمات موفمنتس من مصر، حيث وفرت المنظمة أرقام دولية للدخول علي الانترنت من خلالها عن طريق الDSL.
أحد برامج التدريب التي وفرتها موفمنتس هي تدريبات في عدة دول أجنبية منها بلغراد. من موّل التدريب في بلغراد؟
1- Center for Applied Nonviolent Action and Strategies
اختصاراً : CANVAS في بلغراد
2- (International Center for Nonviolent Conflict (ICNC
و التي أسسها و موّلها المليونير Peter Ackerman و الذي ترأس أيضا
Freedom House بين 2005-2009 و يضم "اختصاصيين تغيير أنظمة حكم" وهو الوصف الحرفي.
تم الاتفاق علي أربع طرق أساسية لإحداث التغيير هي :
1. الإقناع بالتغيير .
2. الضغط البسيط .
3. الإجبار علي تقديم تنازلات .
4. تفكيك النظام ، و هو أكثر الوسائل خطورة لأنه يعني حالة اللادولة كالصومال
خطورة التدريبات أنها كلها لتفكيك النظام و سقوطه فقط و ليس هناك اي تكنيك و لا استراتيجيات و لا خطط لإعادة البناء بأي طريقة كانت. لذلك فإننا نجد أن هناك أصوات في مصر ما زالت تطالب بالتغيير برغم رحيل الرئيس حسني مبارك و إجراء الإنتخابات الرئاسية، كذلك الحال في ليبيا و تونس.
من الإستراتيجيات التي تعتمدها المنظمة هو الإستعانة بالخارج و فبركة الأحداث بأسلوب مقنع و هو ما شاهدناه و نشاهده على الساحة الخليجية و خاصة في البحرين من خلال التمثيليات و الفبركات التي إستخدمها أفراد تدربوا على إحداث التغيير.
ما نشاهده من رفع صور لشعار Canvas و هي القبضة في بلغراد و مصر و البحرين يبين إرتباط أفراد هذه المجوعات بـ Canvas.
كذلك من إستراتيجات المنظمة التي دربت عليها أعضاءها ( كسب تعاطف الشرطة و الجيش و ذلك عن طريق تقديم الورود و الطعام و قد حدث ذلك بالفعل في مصر و البحرين.
و يقوم أفراد المنظمة بأساليب التدخل السلمي عن طريق:
1. التدخل الإقتصادي ( الإضراب العكسي، إضراب البقاء كما حدث في الدوار، الإستيلاء السلمي كما شاهدناه في إحتلالهم للمرفأ المالي، تحديد الحصار ، تزييف ذو دوافع سياسية و هو ما يقوم به بعض المحسوبين على الحقوقيين و على رأسهم نبيل رجب و الخواجة، الشراء الجماعي .... و غيرها من الأساليب.
2. التدخل السياسي (تثقيل النظام اداري و تعطيل المصالح بأي أسلوب، الكشف عن هوية الشرطة، العصيان المدني، العمل بدون تعاون، السيادة المزودجة و الوصول لتشكيل حكومة)
ملاحظة أخيرة للنظر هي أن كانفاس كانت وراء : "الثورة الوردية" في جورجيا "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا، وتعمل حاليا مع شبكات من 50 بلداً وبيلاروس وميانمار (بورما). و مع إلقاء نظرة على أنشطتها وجدول أعمالها للعولمة، فمن الواضح أنهم متورطون في تغيير النظام العالمي و سوف تساعد مباشرة في التطويق على روسيا والصين.

التدخل المدمر

سوسن الشاعر
أثارني ما قاله بين رودز نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الإصلاح! إصلاح؟ إصلاح؟! أي إصلاح هذا الذي دعمتموه في البحرين؟ لقد كنتم كالثور الذي يتحرك في محل لبيع الكريستال، لقد أفسدتم علينا حياتنا.
تطور العملية السياسية كان مطرداً، ووضع الإصلاحات قبل عام أفضل ألف مرة من الآن بعد تدخلكم.
كانت البحرين مشغولة قبل عام بمتابعة مراجعة تقرير حقوق الإنسان وكانت أهم التوصيات وعلى رأسها ما هو الآن موضوع في أسفل سلم التوصيات، فهل دعمتم الإصلاح أم تراجع الإصلاح؟
قبل عام من الآن كنا نتكلم على تلفزيون البحرين عن التقرير المتوازي بكل أريحية ونتصافح بعده رغم اختلافنا على ما جاء فيه.
هكذا قطعت البحرين شوطاً في مجال حقوق الإنسان قبل أن تدعموا التغيير وتمكين الأقليات ليمتطي حصانكم أو -ثوركم- الأهوج قوى سياسية تعاني من عقد الاضطهاد ومن إرث الصراعات السياسية القديمة، فتقلب البحرين رأساً على عقب وتتراجع عندنا المكتسبات، فماذا فعلتم بنا؟ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم، هل تدعمون الإصلاح أم تدعمون الخراب والدمار وتراجع الإصلاح؟
كنا قطعنا شوطاً إصلاحياً سياسياً وحقوقياً وتنموياً، البحرين بدت واحة وجنة ونموذجاً يقتدى للتطور المدروس للملكيات الدستورية في المنطقة، وكانت المكاسب تعم على الجميع والثمار تؤتي أكلها، وكل المواطنين يتمتعون بها بما فيها الحزب الذي حرضتموه ودربتموه.
مناصب ومراكز حكومية وتمويل لرواد أعمال صغار مفتوح للجميع دون تمييز، ودخل فرد متنامي، واقتصاد منفتح وصل ذروته، وفرص عمل جديدة، ومشاركة المجتمع في السلطتين تتنامى. وكانت القوى السياسية كلها ممثلة في البرلمان وفي الهيئات شبه الحكومية بمشاركة منتخبة، وكسر احتكار للوكالات وصحف يتزايد عددها وجمعيات مدنية و.. و.. وحريات دينية وامرأة يتعاظم دورها وأقليات دينية تتمتع بمساحات كبيرة قلما وجدت في المنطقة، ومجتمع مدني يتسع ويكبر وتتصاعد كل هذه المكاسب، كنا أبعد ما يكون عن (الثورة)، وحتى الوفاق الكاذبة رفضت المشاركة في 14 فبراير لأنها كانت تريد المشاركة في الانتخابات الثالثة وفاز كل مرشحيها. فهل توجد في المنطقة تجربة مشابهة؟ أليست هذه التجربة أجدر بالدعم والمؤازرة من دعم حزب عمائمي يضع نفسه خادماً لعمامة هي الوكيل الشرعي لإيران.
لقد ظلمتم البحرين وحرضتم حزباً ظلم طائفته وظلم شعبه وظلم النظام السياسي بإنكار كل تلك المكتسبات ظناً منكم أن التطوير وتحقيق المزيد من المكتسبات ممكن بتمكين تيار ديني متشدد، وأن تدخلكم سيعجل بمزيد من المكتسبات لجماعتهم، لكن ذلك تحول إلى كابوس لنا ولهم.
خسائر في الأرواح وانقسام لمجتمع متحاب متعايش، وخسائر في الأحوال المعيشية وخسائر اقتصادية وحرائق يومية، فأين هذه المكتسبات عما كانت عليه البحرين قبل عام؟
مناطق في البحرين أصبحت كأنها خارجة من حرب؛ حرائق ودخان وبيوت مهجورة وظلام يلفها وأسوار شائكة تحيط بها، هذه المناطق كانت ضمن حزام التطوير في برامج الحكومة قبل عام، وللتو اكتملت البنية التحتية لها ورصفت شوارعها وزينت سواحلها ودشنت حملات ارتقاء لها بتعاون الجميع بكل حب وود، وخصصت لها الميزانيات وكنا نكافح سويا من أجل تنفيذ تلك البرامج ووضعها موضع التنفيذ إعلاماً ونواباً وبلديين.. أتذكرون؟ أين أصبحنا الآن من هذا التعاون البناء لخدمة الوطن دون تمييز؟ فهل دعمتم الإصلاح أم دمرتموه؟
وقفنا سوياً مع طلبات استجواب الوفاق حين كانوا نواباً، ووقفنا سويا ضد أي مشروع أو ملف تقسيم أو تآمر طائفي حتى إن كنا خارج السرب، ووقفنا معهم ضد منعهم من إقامة مآتم في أي منطقة يريدون وعملنا معهم على إقرار علاوة الغلاء وحقوق المعاقين، وأيدناهم في لجان التحقيق البرلمانية التي وقفت في وجه الفساد، وحركنا سوياً ملف السواحل والجزر، كل تلك المكتسبات السياسية والحقوقية تمتع بها شعب البحرين حين تضافرت القوى السياسية والإعلام لنصرتها بالأدوات السياسية الإصلاحية القوية المتاحة للشعب البحريني، فأين نحن الآن من تلك الأجواء؟
تحالفتم مع حزب سياسي رغم علمكم بمن يحركهم ومكانة العمامة عندهم ومن أين تستقي عمامتهم قرارها، ومع ذلك أغريتموهم بالمكاسب، فجرى ما جرى لنا ولهم.. فمن هو الرابح الآن؟!
أين نحن من ذلك العمل المشترك؟ أين نحن من تلك المكتسبات التي تحققت من خلال الإصلاحات السياسية؟ أين جماعتهم من تلك الإنجازات التي تحققت بتضافر القوى السياسية والشعبية والمواطنين أفراداً ومؤسسات؟ تحالفكم شيطاني مدمر مخرب، ذهب ضحاياه العديد من الطائفتين وانقسم المجتمع وتراجعت التنمية والاقتصاد وبدأ الناس يكفرون بالإصلاحات السياسية بعد أن كانت تتمتع بها.
لقد كنا نبني.. ووضعنا الأساس سوياً ووصلنا للدور الثالث فجئتم لتهدوا البناء كله، فهل البحرين هي التي كانت عليه قبل تحريضكم لهذا الحزب على الخيانة؟ هل زادت مكتسبات الشيعة أم قلت؟ هل تقدمت الإصلاحات أم تراجعت؟ انظروا ماذا فعلتم بنا.

Wednesday, May 30, 2012

إذا أردتم وقف الإرهاب اسحبوا الجنسيات والخدمات

هشام الزياني
كثير من الإجراءات التي يطالب بها الناس أصبحت (للتهويش) وللإعلام فقط، ولم نر منها شيئاً على الواقع، ومن ضمنها سحب جنسيات الإرهابيين والمحرضين ومن يستهدفون الأمن الاجتماعي للبحرين، ومن يستهدفون رجال الأمن بالقتل المتعمد. أزعم أن سحب جنسيات الإرهابيين والمحرضين والممولين سوف يكون له أثر أكثر من أحكام الإعدام، مع أهمية حكم الإعدام لأخذ الحقوق والقصاص كما جاء في الشريعة الإسلامية. خذوها منا، إن سحب الجنسية من عشرة أشخاص فقط سوف يجعل البقية يرتدعون، وسوف يجعل من يحرضون ويمولون يخافون ويخشون على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم خاصة إذا ما سحبت الخدمات ممن سحبت جنسياتهم. وضعنا اقتراحاً لوجه الله وللبحرين أمام المجلسين وأمام الدولة، فقط تعطيل الرقم الشخصي للإرهابي يجعله لا يستطيع أن يفعل أي شيء من الخدمات، لكن ابن عمك أصمخ. الأمن هو الركيزة الأساسية لاستقرار ونهضة وبناء وتقدم أي مجتمع، وإن فرطنا في حفظ الأمن فسوف نفرط في استقرار المجتمع وربما تكون البحرين هي الضحية. لا أعرف لماذا الخوف ومما الخوف؟ حقوق المجتمع أبقى من حقوق الإنسان، فمن يرهب الناس ويضع حقوق المجتمع لا نخشى من عقابه بالقانون، هكذا تفعل أمريكا وتفعل بريطانيا وفرنسا. فحين هدد الأمن في فرنسا بالإرهاب، خرج الرئيس السابق ساركوزي مهدداً بسحب الجنسيات حتى ممن يدخلون المواقع الإرهابية ويهددون من خلالها. أما نحن فنخشى من كل شيء ونتراجع، ونضيع أمن البحرين. أهل البحرين صبروا صبراً كبيراً شديداً مريراً على ضياع الأمن، وعلى حالة الإرهاب وعلى قطع الطرقات، وعلى العبوات الناسفة، وعلى المولوتوف. فالرحمة بهم والرحمة بالقطاع التجاري والاقتصادي، فاقتصاد البحرين لا يحتمل ضياع الأمن لمدة عامين والدولة تخاف أن تتخذ إجراءات قانونية. للأسف أن من يضرب أمن البحرين، والذي يقول (ارحلوا نحن السكان الأصليين) أو كما قالها بنفس طائفي بغيض رئيس التحرير إلى الدكتورة هند الفايز (أحنا الباقيين وأنتوا الطالعين) وبالتأكيد كان يقصد البحرين، نقول للأسف لم يحترموا من منحهم الجنسية وخذوا يطبقون أكذوبة اكذب اكذب حتى يصدقوك، هذه حقيقة (السكان الأصليين) الذين يمارسون الإرهاب اليوم.

قوى سياسية بحرينية تستهوي أوباما

يوسف البنخليل
في مطلع العام الماضي 2011 قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما واتخذ قراراً يتم بمقتضاه وقوف الإدارة الأمريكية مع قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط بما فيها طبعاً البحرين. وهو القرار الذي تم بموجبه دعم واشنطن لقوى المعارضة الراديكالية بهدف تغيير النظام السياسي باسم الديمقراطية والإصلاح السياسي والحريات المدنية. وتأكيداً لهذا القرار أدلى نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بين رودز بتصريح مهم في صحيفة (الشرق الأوسط) أمس الأول، قال فيه: “في البحرين نسعى لاستخدام شراكتنا لتمكين القوى داخل البحرين التي تحاول العمل على قضايا صعبة جداً بطرق سلمية وفعالة في صفوف الحكومة والمعارضة” نفهم من التصريح ما يلي: أولاً: القضايا الصعبة جداً التي تحدث عنها المسؤول الأمريكي يقصد بها تلك القضايا المتعلقة بالإصلاح والتغيير السياسي. وبالتالي فإن واشنطن لن تدعم أي قوى سياسية أخرى تقف ضد الإصلاح والتغيير السياسي إلا إذا كانت قادرة على تحقيق عناصر السلام الدائم التي وصفها الرئيس الأمريكي عندما ألقى خطابه الشهير الذي أشاد فيه بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في 20 سبتمبر 2011 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذه العناصر الأربعة: الانتخابات الحرة والنزيهة، والحكم الذي يتسم بالشفافية والمساءلة، بالإضافة إلى احترام حقوق المرأة والأقليات، وتحقيق العدالة المتساوية والمنصفة. ثانياً: المقصود باستخدام الشراكة الأدوات التي أعلن عنها الرئيس أوباما في سبتمبر من العام الماضي كأدوات للتغيير في المنطقة، ولدى القوى السياسية التي تعتزم واشنطن التحالف معها. وهذه الأدوات تشمل: زيادة التجارة والاستثمار، والشراكة مع الحكومات، والشراكة مع المجتمع المدني وتحديداً الطلاب ورواد الأعمال، بالإضافة إلى الشراكة مع الأحزاب السياسية والصحافة، ومنع منتهكي حقوق الإنسان من السفر إلى الأراضي الأمريكية. تبقى الإشكالية الأساسية المتعلقة بطبيعة نهج القوى السياسية التي تعتزم واشنطن تمكينها سياسياً، فتصريح أوباما سابقاً، والآن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي يعتمد على “الطرق السلمية والفعّالة”، وهنا يكون السؤال: ما هي درجة السلمية المقصودة؟ هل تشمل إرهاب المولوتوف والقنابل الحارقة؟ وهل تشمل تخريب الممتلكات العامة والخاصة؟ وهل تشمل أيضاً مواجهة رجال الأمن بالأسياخ الحديدية والقنابل محلية الصنع؟ هناك غموض وعدم وضوح بالنسبة للحد الفاصل بين (السلمية) وممارساتها وأدواتها مقابل الإرهاب، وهي مسألة يجب أن تكون واضحة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنامة، لأنها فعلاً غير واضحة على مستوى النخب، فضلاً عن مستوى الرأي العام المحلي. أما مسألة مساعي واشنطن لتمكين القوى السياسية الداعمة للإصلاح سواءً كانت في (صفوف الحكومة والمعارضة)، فإنها واضحة لأن واشنطن تدرك جيداً تغلغل كوادر المعارضة الراديكالية في مختلف المؤسسات الحكومية وقدرتهم على التحكم في العديد من هذه المؤسسات، وبالتالي يمكن الاستفادة منهم في عملية التمكين السياسي المدعومة أمريكياً.

بل خيانة بدرجة الامتياز

فيصل الشيخ
أبدعت الزميلة العزيزة سوسن الشاعر على امتداد الأيام الماضية في تفنيد مفهوم “الخيانة”، وبيان حقيقة الخيانة التي طالت البحرين ممن يتابكون اليوم في الخارج ويدعون بأنهم مهددون ومستهدفون. الخيانة لا تحتمل تفسيرات عديدة، هي عملية واضحة تماماً، معاييرها ثابتة، وأكبرها خيانة الأوطان، وهذا ما حصل لدينا في البحرين. ماذا نسمي من يبيع وطنه؟! ماذا نسمي من يسقط نظامه وقيادته؟! ماذا نسمي من يستهدف المكونات الأخرى على أساس طائفي؟! ماذا نسمي من يترجى ويتوسل الخارج أياً كان ليتدخل في بلده؟! ماذا نسمي من يغير علم بلاده الوطني ويشوهه؟! ماذا نسمي من يأتمر بأوامر خارجية تحت ذريعة الدين والمرجعية؟! ماذا نسمي من يجحف بحق كل ما تحقق له على هذه الأرض وتحصل عليه من مزايا ومكاسب؟! بل ماذا نسمي من تنعم بخيرات بلده وأسبغت عليها قيادتها الكثير ثم عاد ليطعنها في الظهر؟! في فترة الحوار الوطني تقدم لي أحد أعضاء مجلس الشورى يريد أن يعاتبني على وصف من خان بلده بالخائن! والله عجيب هذا العتب. قال يا أخي ظلمتونا حينما قلتم بأننا خنا البحرين. أجبته ماذا تسمي بعضاً من أعضاء تولوا مناصب بمراسيم ملكية صادرة من قبل جلالة الملك حفظه الله ظلوا ساكتين طوال ثلاثة أسابيع على مهزلة الدوار وما تم فيه، وهربوا من شاشة التلفاز حينما دعوهم للحديث عن وطنهم، بل وخرج بعضهم فيه ليدافع عن أشخاص كان هتافهم بإسقاط النظام ومطالبات الرحيل لقادتنا بدلاً من أن يدافعوا عمن وضعهم في مناصبهم وكرمهم؟! بل ماذا أسمي من سكت طوال هذه المدة وحينما انتقلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين لحماية المنشآت الحيوية من تخطيط خارجي كان في خطواته الأخيرة قبل التنفيذ قاموا برمي استقالاتهم، رغم أن انتقال القوات جاء بناء على طلب جلالة الملك الذي عين هؤلاء في مناصبهم؟! هل أسمي كل هذه الأفعال بالوطنية؟! والله إنها خيانة بامتياز. اليوم من يقتل نفسه لتطريز أي جملة تصدر عن دكاكين حقوق الإنسان المشبوهة أو أي كلام عام يصدر من دولة هنا وهناك بناء على معلومات مضللة مغلوطة، هل نسميه بأنه يمارس وطنية منقطعة النظير. هؤلاء يدّعون الوطنية وحب البحرين في وقت يسلخون فيه جلد البحرين يومياً في الخارج والداخل. يدعون الوطنية وقنواتهم المحببة التي ينهشون لحم بلادهم فيها هي القنوات الإيرانية. يدعون الوطنية ولسانهم يعجز عن إدانة التهديدات الإيرانية الصريحة والمباشرة بحق البحرين. الوطني هو من يدافع عن بلده حتى الرمق الأخير، حتى لو كانت تعاني من مشكلات وقضايا عديدة، لكن من يبيعها برخص التراب ويحرق فيها ويدمر ويرهب ويستهدف الآخرين ويقتل المدنيين ويعلن جهاداً مقدساً ضد رجال الأمن، ألا يستحق لقب خائن بامتياز؟! هؤلاء قدموا أنفسهم لبقية مكونات الشعب البحريني على أنهم خونة لوطنهم، بائعون لهم، قابلون بأن تقول إيران بأنهم يقبلون بضم البحرين لها، بالتالي هل المطلوب من بقية الشعب أن يصفهم بالوطنية، وأن يأمن جانبهم، وأن يجبر نفسه على التعايش مع من لا يضمن إخراجه لنصل سكين غادرة حينما تحين الفرصة مجدداً؟! ليست العملية مرهونة بالقول فقط، بل بالأفعال، وما شهدناه من أفعال طوال عام كامل سواء في الأزمة أو بعدها، يبين لنا بكل سهولة من يقف مع البحرين ومن يقف ضدها. هؤلاء وصفوا الوطنيين الذين وقفوا مع دولتهم وقادتها ودافعوا عنها بأنهم بلطجية ومأجورون ومرتزقة، تخيلوا من يدافع عن وطنه وصف بهكذا أوصاف، واليوم ينزعجون من وصفهم بالخونة رغم أنهم هم من ارتموا في أحضان الخارج، وتكلموا ليل نهار في القنوات الإيرانية، وطالبوا بالتدخل الأجنبي، وقالوها صراحة أنتم ترحلون ونحن الباقون. أجمل شيء أنهم يعترفون بممارسات احتلالية، ألم يقل عبدالجليل السنكيس في الدوار موجهاً مريديهم بأن “احتلوا المؤسسات الحكومية”؟! من يستخدم لفظة الاحتلال في بلده أليس يعد محتلاً، يعتبر طابوراً خامساً، وخائناً مع سبق الإصرار والترصد؟! لم نشاهد في البحرين فقط “خيانة”، بل شاهدنا فيها خيانة بدرجة “الامتياز”!

ماذا تريد منا إيران.. فيتو على اتحاد الخليج

كمال الذيـب
إيران الجارة الإسلامية التي تربطنا بها أواصر التاريخ والثقافة والدين والجوار تحتل جزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث، استناداً إلى منطق القوة والغطرسة فقط وليس استناداً لأي حق أو قانون، فقط لأنها الأقوى ولأنها تستخف بدول الجوار العربي، وتستشعر أن الدول الكبرى لا تتحرك إلا من منطق مصالحها فقط، وأن إيران تجيد هذه اللعبة في الوقت الحاضر. إيران الجارة المسلمة التي مدت لها دول الخليج العربية يد الأخوة والصداقة الإسلامية، وتتبادل معها المصالح التجارية بالمليارات، يدعي بعض رموزها تبعية البحرين الدولة العربية المستقلة، بالرغم من عروبتها الراسخة وعروبة سكانها وبالرغم من تاريخها العربي وهواها العربي الخليجي، وبالرغم من أنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة وعضو في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية التي تحظى فيها بالمكانة والتقدير أكثر مما تحظى بهما إيران الملالي. إيران الإسلامية لا يمكن اليوم وصفها -استناداً إلى الأفعال والأقوال الصريحة- إلا بـكونها (دولة احتلال وتوسع وأطماع )، طالما أنها لاتزال تحتل أراضي عربية، وترفض أي حل سلمي لإنهاء احتلالها لها، بعرضه على محكمة العدل الدولية، فلا فرق بين هذه السياسة العدوانية وسياسة المحتل الإسرائيلي للأراضي العربية؟ إيران الإسلامية التي تسيطر على إقليم الأهواز العربي منذ أكثر من ثمانية عقود لاتزال تصر على ممارسة سياسة مسخ الهوية العربية والتطهير العرقي ضد عرب هذا الإقليم، ولذلك فهي آخر من يمكن أن يتحدث عن التمييز والحرية والمشاركة والديمقراطية وحقوق الإنسان والاضطهاد وغير ذلك من العبارات التي تتكرر في الإعلام الإيراني الموجه للخارج فقط، ولذلك يحق لنا أن نتساءل: ما الفرق بين هذه السياسة والسياسة الإسرائيلية في الضفة والقدس؟ إيران الإسلامية اليوم تقدم المساعدة المادية والبشرية والدعائية والسياسية لنظام بشار الأسد على استباحة دماء شعبه بنفس التعنت والغطرسة التي يمارسها النظام الإيراني في الأحواز العربية، وهو الذي يدعم نظام الطائفية والمحاصصة في العراق، بل ويشكل ويدرب ويسلح ويمول الميليشيات في لبنان واليمن والبحرين والسعودية والعراق لزرع الفتن بين أبناء البلد من منطلقات طائفية ضيقة تصب في النهاية في مصلحة النظام في إيران الذي يناور ويستخدم هموم الناس وقضاياهم المشروعة منها وغير المشروعة، ويحولها إلى أوراق مساومة في بورصة المفاوضات والمساومات مع الغرب ومع الشرق على حد سواء؟ وحتى لا نتهم بالتجني أو التلفيق فقد أعلن العميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني أن نظام بلده حاضر في الجنوب اللبناني والعراق، وأن هذين البلدين يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، زاعماً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانها تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومة إسلامية على طريقتها. وفي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الإيرانية الرسمية برفض الاتحاد الخليجي ووصفه بكونه”خيانة عظمى” أعلن السيد محمد رضا رحيمي نائب الرئيس الإيراني بإعلان رغبة بلده بالاتحاد مع العراق بقوله “وحدة إيران والعراق تشكل قوة كبرى في العالم”.

المنظمات الدولية والعين الواحدة

محمد الأحمد
لم يكن مستغرباً علينا في البحرين أن ننصدم بمنظمات دولية عريقة يفترض أن تتبنى مواقف حيادية وتبحث عن الحقيقة، وتدافع عن الجميع، أن تتبنى مواقف ضد مملكة البحرين مع الأطراف المعادية.. فما معنى أن تطلب رئيس مجلس حقوق الإنسان بحماية من يسمون أنفسهم معارضة، فيما تتجاهل طلبات من جهات أهلية أخرى تعرضوا للتهديد!. ليس مستغرباً أن نرى مثل تلك المنظمات الدولية ذات الثقل العالمي وهي تنظر من عين واحدة، فالمجازر السابقة في سوريا لم تنهض بضمير تلك المؤسسات أن تطلب حلاً فورياً وجدياً كما حدث في ليبيا «مثالاً»، ولكنها لا تزال تنظر وتتفرج على ذبح الأطفال والنساء والمدنيين، وكل ما حدث في كوم، ومجزرة الحولة في كوم آخر التي راح ضحيتها 92 قتيلاً بينهم 32 طفلاً.. ألا تعتقدون أن هؤلاء يتاجرون بالبشر ويتاجرون بالدول وفقاً لمصالحهم.. هل ظلت هناك مصداقية أمام هذا الكم الهائل من التناقضات التي صدمنا منها خلال فترة وجيزة؟!.. رسالة نبعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. أين ضمير المؤسسة التي أنت مؤتمن عليها مما يجري في سوريا.. لا أريد أن أسالك عن البحرين والإجحاف الذي لاقته في جلسة حقوق الإنسان من قبل رئيسة الجلسة.. إن هذا نقطة في بحر.. ألازلت بالفعل مؤمنا بأن الموضوع من الممكن أن يحل سلمياً مع نظام فقد عقله وإنسانيته بهذا الشكل؟.. إننا نناشد ضمير الإنسانية بأن يتحرك وينقذ منظمة الأمم المتحدة التي يفترض فيها الدفاع عن الشعوب.. لأننا كشعوب فقدنا الثقة فيها نهائياً.

عروبة البحرين بين خيانة الشاه وإنسانية الملال

داود البصري
تصوروا خطورة المنطق المتعالي المتغطرس الجديد لقادة التيار الصفوي المتسلط اليوم على رقاب الشعب الإيراني وهم يرتعدون رعبا لخطوات الوحدة الخليجية وخصوصا ما يحصل من توحيد استراتيجي بين مملكتي السعودية والبحرين؟ فقد أطارت المفاجأة أبراج عقولهم وأجبرتهم على التقيؤ بكلمات لايجرؤون عادة على الإفصاح عنها والتلفظ بها فيما لو كانوا يفكرون بشكل طبيعي!، لقد وصف أحد النواب الإيرانيين موقف الشاه الإيراني الراحل بالاعتراف باستقلال البحرين عام 1972 ووفقا لنتائج الاستفتاء الأممي وقتذاك بكونه موقفاً خيانياً؟؟؟ فتأملوا الموقف والتصريح المثير للقرف والقمة في العنصرية. فشاه إيران الراحل رغم جبروته وتسلطه وروحه العنصرية وسعيه لبناء إمبراطورية إيرانية عظمى تسيطر على الشرق الأوسط وتمتد للمحيط الهندي حسبما أعلن أكثر من مرة تحول أمام غلمان الولي الفقيه لخائن للمصالح القومية الفارسية!! فتأملوا طبيعة الأجندة الخفية والمفضوحة التي يسير على هديها نظام الولي الفقيه وهو يمضغ بالشعارات الدينية ويلوح برايات المظلومية وأهل البيت زيفا ونفاقا، ويعمل على تخطيط وتفعيل استراتيجية سيطرة وهيمنة إقليمية كبرى وكترجمة حرفية وعملية لمبدأ «تصدير الثورة» والذي لم يتوقف بل تحول العمل به نحو الناحية التكتيكية الصرفة ولكن دون تجاهل الهدف الاستراتيجي الواضح والمعلن. لقد انزعج النظام الإيراني أشد الانزعاج من خطوات التقارب الخليجية والتي ستؤدي في النهاية لحالة من الاندماج السياسي والأمني والمصيري وبما يجعل أحلام حكام طهران تتطاير كالهشيم ويتفتت مشروعهم الصفوي التخريبي الطائفي المريض الذي ركز بعضا من أسسه في العراق ولبنان مؤقتا وهي حالة لن تستمر قطعا بل سينهار ذلك المشروع ويتجرع أهله ورافعو شعاره سم الهزيمة الزعاف وبما يمزق أوصال كل مخططات التخريب والهيمنة، وحالة الهياج العصبي الإيرانية إزاء مشروع الوحدة السعودية/البحرينية تعكس حالة عدوانية إيرانية مريضة وبما يفضح طبيعة المخططات الإيرانية الهادفة للهيمنة المطلقة على البحرين ومن ثم القفز لعمق وقلب جزيرة العرب وهو أمر لن يحدث أبدا ولا يمكن أن يمر مهما كانت الظروف والأحوال، فالهضبة الإيرانية ستكون المقبرة التي يدفن فيها النظام الإيراني المتفرعن الحقود أحلامه، والاستراتيجية الأمنية الخليجية إن أرادت إحداث نقلة نوعية وتعبوية في حالة المواجهة فلا بد من التخلي عن الأسلوب الدفاعي المرهق في مواجهة الهجمة الإيرانية الشرسة والانتقال نحو الحالة الهجومية متمثلة في الانفتاح على أهم ملف قوة عربي مهمل وهو ملف «الثورة الأحوازية» الجاهز للتفعيل والعمل الميداني بعد استكمال بعض الإجراءات الفنية والسياسية وأهمها توحيد راية النضال القومي والوطني الأحوازي في جبهة واحدة موحدة وتحت رعاية دول الخليج العربي التي بإمكانها قلب الطاولة على رؤوس العنصريين وإجبارهم على الزحف على بطونهم طلبا للعفو والمغفرة، لقد هدد نواب مجلس الشورى الإيراني بزعامة قائدهم «لاريجاني» بفوضى في الخليج في حال إقرار المشروع الوحدوي الخليجي. رغم أنهم يعلمون بأن إشعال الفوضى في إيران هو أمر سهل ولا تنقصه سوى تفعيل الإرادة السياسية لدول الخليج لكي تنقلب الصورة استراتيجيا، فمن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا!، لم يعد من الممكن السكوت والتغاضي عن قلة أدب السياسة الإيرانية التي تجاوزت كل الحدود وأفرزت كل هذا الكم الهائل من العنصرية والأحقاد التاريخية المريضة، والبحرين لم تكن يوما منذ أن فتحها الصحابي العلاء بن الحضرمي وحتى قبل ذلك التاريخ أرضا إيرانية بل ان إيران ذاتها كانت جزءا من الدولتين الأموية والعباسية، أما الأحواز فهو عربي الوجه واليد واللسان والامتداد الطبيعي والتاريخي للسهل الرسوبي العراقي، واستقلال وتحرر الأحواز ليس في النهاية سوى مسألة وقت وكذلك الحال مع كردستان إيران وآذربيجان إيران وحتى بلوشستان إيران!!، فليحذر أقطاب النظام الإيراني من غلاة العنصريين من التلاعب بالملفات القومية والسيادية، فإمبراطورية الولي الفقيه مجرد واجهة زجاجية تنهار مع رمي أول «حصوة»!! فلا يأخذ الغرور القاتل تلك النفوس المريضة التي جعلت كل عنصرية وسطوة الشاه الإيراني الراحل مجرد ألعاب أطفال أمام نفسيتها المريضة والعدوانية، شاه إيران الراحل برغم عنجهيته وعدوانيته وغطرسته وغروره كان بمثابة عدو عاقل يعرف تماما حدود قوته الفعلية ومتى يتوقف؟ أما المعتوهون الحاكمون في طهران اليوم فهم يهرفون بمصطلحات خرافية ويتمنطقون بمنطق غرور حاقد ويمارسون ألعابا بهلوانية خطرة ستحرق أصابعهم وبيوتهم قبل الآخرين، لن تكون البحرين أبدا المحافظة الرابعة عشرة كما يردد عنصريو نظام الولي الفقيه، وستكون مملكة البحرين المقبرة الحقيقية لكل أطماع الفاشية العنصرية المعممة الجديدة.

هل نجحت الوفاق في جنيف

طارق العامر
مبروك للوفاق جالك النصر، لكن هذا النصر طلع «حمل كذاب»، نعم الوفاق نجحت في إقناع رئيسة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السفيرة لورا ديبوي والشلة اللي معاها، بأنها «يا خلف جبدى» مسكينة وغلبانة ومجني عليها، وانها تعرضت لأكبر جريمة إبادة وانتهاك لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية من قبل جموع الشعب البحريني، والسفيرة ديبوي صدقت وشربت كذبة الوفاق وتم التلاعب بها، فمَن ادَّعى أصلا بأن الوفاقيين مطاردون او معرضون للاعتقال، هو أصلا حد يقدر؟ النتيجة النهائية هو انتصار مدوي للوفاق، اما الدولة فلم تنتصر لذلك فإنها ستعيد السنة، وهنا نسأل من الخاسر؟ في مثل هذه الحالات وأمام هذه المحفل الدولي وبحضور كل هذا الجمع من اقطاب العالم، من مسؤولين وحقوقين ووسائل اعلام عالمية، فإن الخاسر الأكبر هو الوطن، ولماذا؟ لأننا والى الآن لا نريد أن نستوعب بأننا نتعامل مع اردأ انواع البشر ممن لا ينتمون لهذه الأرض ولا يمتون للوطنية بصلة، والشاعر يقول «النذل نذل وإن تكنّى، وصار ذا منطق وشان». هذه مفارقة عجيبة، ولماذا عجيبة؟ لأننا ما زلنا نجتر نفس الأخطاء المأساوية، فقد ذهبنا الى جنيف بفصيل واحد حكومي وبنفس الوجوه، ولم نحاول ان نستفيد مما يسمى بـ»التحالف الوطني» ولماذا؟ لأن هؤلاء المساكين، مكانهم فقط بـ»الفاتح» في الحر وتحت لهيب الشمس، طيب والوفاق، عرفت كيف تلعبها، فتخيرت من كل بستان «شوكة»، ولماذا؟ لأنها تعرف كيف تلعب سياسة، ولا ننسى أيضا أن الوفاق استفادت من أخطائنا، والسياسة كما كرة القدم، فاللاعب المهاري يحرز هدفا حين يخطئ مدافع الخصم، وعلى رأي «مارتن لوثر كينغ» «لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت». فهل ظهر في جنيف أننا تعلمنا من أخطائنا؟ أغلب الظن، اننا لم نتعلم!! إذن الوفاق نجحت ولا لم تنجح؟ لا والله نجحت، واللي مو مصدق او غير مستوعب فعليه مطالعة صحيفة «الفبركة»، وتليه رجاء إن كنتم من الشرفاء، فقرؤوا معي سورة الفاتحة ترحما على روح البحرين والتي وضعت الوفاق رأسها على مقصلة الكذب والتزييف والتدليس والغش وتشويه الحقائق، أو اشعلوا شمعة على دم الضحايا التي سالت بفعل إجرام الوفاق، أو صبوا اللعنات على روح كاتب هذه السطور، لأنني ولآخر لحظة كنت اعتقد بأن الدولة قد تعلمت من دروس الأمس، كما أني ما زلت ساذجا وتصورت ان في الوفاق خيرا، لكن طلع أن الخير في البقر تلقه. اه ياراسي، منذ 14 فبراير 2011، والصداع لا يريد أن يفارقني!! ها ها ها.. نعم أضحك وهلل وارقص يا علي سلمان فلقد نجحت، ونجحت لأن معركة الكذب ليست اصلا معركتنا وليس لنا فيها سبيل، المؤسف -لا إطلاقا- بل المفيد ان القناعات كل يوم تترسخ اكثر وأكثر، وتعطي الدلالات باستحالة أن يتعايش هذا الشعب مرة اخرى مع الوفاق. هذا أمر يا رجل إن شاء الله محسوم تماما!! ذلك لأن الوفاق لم تعد قادرة على صنع شيء إلا الكذب، والأكاذيب يا سادة لا تحتاج إلى أكثر من ضمير ميت ليختلقها وضمائر ميتة لتتعهدها بالرعاية، ومن يعش في الكذب لن يكون سويا أبدا، ورغم أهمية الكذب القصوى والضرورية بالنسبة للوفاق، الا إن ذلك الداء لا يمكن لمعشر الشرفاء ان يتعاطى معه الا بالكي، لانه آخر الدواء، فالكذب استفحل بهؤلاء الى درجة اصبحوا فيها اشبه بمعشر «بني مسيلمة الكذاب»، ولا يمكن أن يردعهم، لا عقل ولا منطق، ولا القول السديد، إذا أطفئوا انوار «الحوار» ودعونا نرجع نغط في نوم عميق، واذا سمعت بأن هناك حوارا، فأرجوك ثم أرجوك، لا تزعجني وخليني نايم ولا تصحيني.

عجز الثّقات

إبراهيم الشيخ
يدّعي أنّه (شيخ) أو (عالم)، يربّي ذقنه ويقصّر ثوبه باسم السنّة، وما هو إلاّ «شبّيح» على هيئة «كائن حي»، ركب موجة التديّن ليتاجر بها، ينفخ بها بطنه، ويملأ بها جيبه، يعيش في أفخم القصور، ويركب أغلى السيارات!!!
يخرج على شاشات التلفاز يحرّم الخروج على الحكّام، يحمل أسفاره على ظهره، ينهى النّاس عن الخروج على الأنظمة الدكتاتورية القمعية، كنظام بشّار العلوي الفاجر في سوريا، وغيره من الأنظمة التي رسّخت الاستبداد والفقر والقهر والنّهب طوال عقود من الزّمن!! وكان هو مربوط اللسان، يمارس هواية الخَرس.
تراه موطوءًا كالجورب في رٍجل الطاغية والمستبد، وهو يصرّ على تسميته وليّ الأمر، وقد هتك وانتهك كل براءة وسِتر!
يطبّل للحاكم ويزيّن له كل سوءاته، كما يفعل الشبّيح حسّون في سوريا، عليه من الله ما يستحق، ويقف في وجه المظلومين ويدافع عن المستبدين، لأنّه لا يرى أبعد من «خنفرته»!
يثبّطون النّاس عن الإصلاح واسترجاع حقوقهم عبر ما تتيحه لهم كلّ الشرائع السماوية والإنسانية، والسبب واضح، حيث منفعتهم تزول مع زوال أيّ نظام مستبد، حيث يُخلعون حينها كما تُخلع الجوارب ذات الرائحة النتنة، والتي تتعذّر منها حتى المزابل - أجلّكم الله -!
لَكَم غيّر علماء الأمّة واقع أمّتهم، لو صدقوا مع أنفسهم قبل أن يصدُقوا مع غيرهم، ولَكَم ابتليت أمّتنا بمن وضع عمامة التديّن، ولبس «بِشت» المشيخة، وهو مُرتزق أو منافق أو عميل أو خائن!!
مرّت على الأمّة أحداث وأحداث، لم تبدأ بالعراق وأفغانستان، ولم تنته بغزّة وأحداث سوريا الأخيرة، والسؤال الذي مازال يتردّد صداه: أينكم يا علماء الأمّة؟ أينكم يا ورَثة الأنبياء؟ وكم بقيَ منكم مَن مازال مُستمسكاً بعُرى النّصر وثوابت التمكين؟!
لقد انشغل علماء الأمّة ورموزها بالتغريد على «تويتر»، وشغلهم الشيطان عن دورهم الميداني في لمّ شتات النّاس، وتكوين جبهات صلبة تحفظ الأمّة وكيانها من الاختراق.
قد نلوم الحكّام على تآمرهم الذي أسقط العراق وأفغانستان وقدّمهما لقمتين سائغتين للمشروع الصليبي الصفوي، يستفرد بهما!
قد نلومهم على صمت القبور الذي يلفّهم حول ما يحدث بسوريا من مجازر ومذابح يقوم بها الصفويون والعلويون على مرأى ومسمع من العالم أجمع!
لكن يحقّ لنا أن نسأل: أين علماء الأمّة عن هذه النّصرة؟! مَنعوكم من التبرّعات هنا أو هناك، ما هي خطواتكم الأخرى لتبرأوا بها أمام الله يوم الحساب؟!
دعاء: اللهم إنّا نعوذ بك من جَلَد الفاجر وعجز الثـّقة.
برودكاست: الدول الأوروبية قامت بطرد شبّيحة النّظام السوري رداً على مجازره. أما آن لدولنا أن تبادر الى طرد الشبّيحة الذين يعملون في السفارات الإيرانية بدولنا، فهم والله أشدّ خطراً من أولئك، وهم رأس الأفعى التي يجب أن تُقطع.

الحولة وصمة عار في وجوه القتلة

عبدالله الأيوبي
من السهل على الأطراف الخارجية ذات الصلة بالصراع الدموي الذي تشهده الجمهورية العربية السورية الشقيقة منذ أكثر من أربعة عشر شهرا أن تلقي باللائمة أو حتى توجه الاتهام للقوات النظامية السورية أو للجماعات المسلحة المناوئة لها فيما يتعلق بمجزرة بلدة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مائة مواطن بمن فيهم أطفال ونساء، فهذه الجريمة البشعة ليست سوى واحدة من إفرازات الصراع الذي تطور إلى هذه الدرجة من العنف ودخول أطراف خارجية لها مصلحة في عدم استقرار سوريا والمنطقة بشكل عام، على خط الصراع من خلال تسهيل وتمويل ونقل السلاح إلى داخل الأراضي السورية لحساب جماعات تصر على انتهاج أسلوب العنف في تعاطيها مع الصراع السياسي هناك.
قبل كل شيء لا يمكن لصاحب ضمير أن يقف متفرجا على الأعمال الإجرامية التي تحصد يوميا عشرات المواطنين السوريين، بسبب استمرار الصراع المسلح ولجوء أطراف الصراع إلى استخدام مختلف أصناف الأسلحة، ناهيك عن دخول جماعات إرهابية على خط الصراع وتنفيذها العديد من الجرائم على غرار تلك التي استهدفت التجمعات المدنية في العراق بعد جريمة الغزو الأمريكي لهذا البلد عام ٢٠٠٣ وتحول العراق إلى مرتع لهذه الجماعات ومن ثم مصدر لها إلى الكثير من دول الجوار بما فيها سوريا حاليا.
فيما يتعلق بمجزرة بلدة الحولة، فإن أيا من أطراف الصراع يمكن تصديق ضلوعه في ارتكابها، وبالقدر الذي لا يمكن استبعاد قيام قوات النظام بارتكاب هذه المجزرة، بغض النظر عن الأهداف التي تخطط لتحقيقها من وراء ارتكابها، بالقدر نفسه من المرجح أيضا أن تكون أطراف في «المعارضة» السورية، وخاصة تلك المحسوبة على تنظيم القاعدة الإرهابي تقف وراءها، للوصول إلى هدف طالما طالبت به، وهو جر المجتمع الدولي للتدخل العسكري في هذا البلد.
هذه المجزرة تمثل نقلة نوعية دموية في الصراع، وهي قد تكون بداية الدخول في الحرب الأهلية الشاملة التي من شأنها أن تقضي على أخضر سوريا ويابسها، والمسئولية الإنسانية والأخلاقية تستدعي تضافر الجهود للحيلولة دون انتقال الوضع السوري إلى هذه المرحلة الخطرة، ولكن ذلك يجب ألا يكون على حساب الضحايا الذين سقطوا في مجزرة الحولة، كونها تمثل أخطر جريمة جماعية تحدث في سوريا حتى الآن، وبالتالي من المهم العمل على فتح تحقيق محايد لكشف الطرف الذي يقف وراءها ومحاسبة المسئولين عن ارتكابها، وليس مجرد إطلاق الاتهامات التي لا تستند إلى أدلة دامغة تدين هذا الطرف أو ذاك.
النظام السوري ـ كغيره من الأنظمة الشمولية غير الديمقراطية ـ يمارس كغيره من تلك الأنظمة مختلف أساليب القمع والتنكيل بمعارضيه، بما في ذلك التصفيات الجسدية والاغتيالات وشتى أصناف التعذيب في المعتقلات والسجون، فمثل هذه الأنظمة لا تتردد لحظة واحدة عن ارتكاب أبشع الجرائم لحماية مصالحها السياسية، وما ينطبق على النظام السوري وأشباهه من الأنظمة، ينطبق أيضا على الجماعات الإرهابية التي أثبتت على أرض الواقع أنها لا تتردد لحظة واحدة عن سفك دماء الأبرياء والتنكيل بجثثهم، فشواهد العراق ماثلة للعيان، كما تمثل أمامنا الآن النماذج السورية حيث التفجيرات الإرهابية تضرب العديد من الأحياء المدنية.
ولكن مهما تكن هناك من اختلافات في المواقف السياسية من الوضع السوري، سواء من نظام الرئيس بشار الأسد أو من الجماعات المناوئة للنظام، وخاصة المسلحة منها، فإن ما يحدث للمواطنين السوريين، من جانب القوات الحكومية أو من قبل الجماعات المسلحة هو جريمة بكل المقاييس، بعيدا عن درجة مساهمة هذا الطرف أو ذاك في هذا الوضع المأساوي، فالذي يحدث في سوريا الآن لا يخدم مستقبل الشعب السوري ولا تطوير العملية السياسية هناك، بل على العكس من ذلك فإن هذا التصعيد وتعمد بعض الأطراف الخارجية تأجيج الوضع من خلال إغراق سوريا بالأسلحة، كل ذلك من شأنه أن يقود إلى تدمير المجتمع والدولة السوريين.
وكما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: «المهم الآن إنجاح خطة كوفي عنان لوقف اندفاع سوريا نحو حرب أهلية، أما مسألة الحكم فيحددها الشعب السوري»، لكن هناك جهات مختلفة لا تريد أن تسير سوريا نحو هذا الطريق، وإنما تعمل على صب الزيت على النار وتأجيج الصراع كي تدخل سوريا النفق نفسه الذي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية العراق إليه وفرضت عليه أثمانا باهظة لم يقدر على التخلص منها حتى الآن، مثل هذه النتائج لا تبني أوطانا قوية ومجتمعا متماسكا مبنيا على احترام جميع مكوناته العرقية والدينية.

إيران تريد اختطاف كل شيعة المنطقة

عبد المنعم ابراهيم
زيارة الوفد البرلماني الكويتي للبحرين ضمن جولة خليجية خطوة في المسار الصحيح، ونتمنى أن تتسع الدائرة، فتكون هناك زيارات متبادلة بين وفود برلمانية خليجية ووفود شعبية ومؤسسات المجتمع المدني فيما بينهم، لكي ترسخ مفهوم (الوحدة الخليجية)، وترد على أقاويل أولئك الذين هم مرتهنون للقرار السياسي الإيراني الرافض لمشروع (الاتحاد الخليجي).
كلما ازدادت أواصر المحبة والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي صار ذلك بمثابة الجذور الراسخة التي تحمي مشروع (الاتحاد الخليجي) المقبل، وهذا هو العنصر القوي في المعادلة الخليجية الذي يزعج إيران.. فهي دولة تعاني من تفكك (قومي وديني وطائفي)، ولو اندلعت فيها (حرب أهلية) سوف تتمزق إيران إلى أكثر من (دويلة): فارسية وعربية وتركمانية وأذرية وكردية وبلوشية وأرمينية وغيرها.. بينما تتميز دول مجلس التعاون الخليجي بوجود تناغم اجتماعي (عروبي) بين شعوبها، وهذا ما يغيظ (إيران) التي ترى في بنيتها الذاتية ضعفا، بينما ترى في بنية المجتمع العربي الخليجي قوة وتماسكا أكثر.
ولكي تفرض إيران حالة من (التناضح العكسي) في ميزان القوى بينها وبين دول الخليج العربية (بما في ذلك العراق واليمن) تحاول تفكيك المجتمعات الخليجية.. في السابق كان ذلك عن طريق الترويج للعنصر القومي الفارسي في دول الخليج العربي، ولكن ذلك لم يفلح بسبب اندماج وانصهار غالبية هؤلاء في المجتمعات العربية الخليجية، بل بعضهم أصبحوا (مواطنين) يكرهون الغطرسة الإيرانية! وبعد مجيء الثورة الخومينية وقيام (الجمهورية الإسلامية) وولادة (ولاية الفقيه) عام ١٩٧٩ غيرت إيران من سياستها في تفكيك المجتمعات الخليجية، حيث اعتمدت سياسة التركيز على الانتماء المذهبي الديني، وصار هدفها اختطاف الطائفة الشيعية الكريمة في كل دول (التعاون) بالإضافة إلى شيعة العراق واليمن، ونصبت نفسها دولة (الممثل الشرعي الوحيد) لهم في العالم!
وصرفت إيران مبالغ وميزانيات هائلة لكي تجذب إليها ولاء الطائفة الشيعية الكريمة، بما في ذلك تأسيس أحزاب سياسية طائفية خاصة بهم مثل (الوفاق) في البحرين، وتشكيل حوزات دينية، وتجنيد عناصر عسكرية في فروع (حزب الله) بالمنطقة وفيلق القدس وربطهم بشبكة عنكبوتية تنتهي بالحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى!
فعلت إيران ذلك في البحرين والسعودية والكويت واليمن والعراق ولبنان، وتحاول الآن أن تفعله في (مصر).. لذلك أفضل رد على هذه السياسة الإيرانية هو المزيد من الاندماج (العروبي) بين دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية.. بانتظار ذلك اليوم الذي يكون هناك وطن عربي واحد.. من المحيط إلى الخليج.

هل تم اختطاف الثورة

أحمد سند البنعلي
لم يثر الشعب المصري منذ الخامس والعشرين من يناير العام الماضي بكافة مكوناته ليصل إلى هذه النتيجة التي نراها الآن وهي أن يستولي الإخوان المسلمون على الحكم بكافة مفاصله أو يعود النظام السابق بعد طرده، فما يعرفه القاصي والداني أن للإخوان أجندتهم الخاصة بهم والتي ليس من الضروري أن تلتقي مع الأجندة الشعبية المتمثلة في الثورة المصرية وأهدافها ففي معظم مفاصل الثورة ومنذ سنوات حيث أن ثورة الشعب المصري لم تنطلق في يناير 2011 بل كانت لها إرهاصات كثيرة قبل ذلك في المواقف التي تبنتها المعارضة الحقيقية للنظام السابق سواء في النزول للشارع في صورة معارضة علنية أو في الوقوف ضد النظام في التعديلات الدستورية أو غير ذلك من مواقف معارضة النظام طوال العقد الماضي وفي جميع تلك المواقف كان الإخوان المسلمين بعيدون عن الشارع ومنحازون للنظام بالرغم من الاعتقالات التي جرت لهم على يده إلا أنهم كانوا ينأون بأنفسهم عن الصدام المباشر معه ويهادنونه طمعا في مكاسب أو خوفا من عواقب.. وفي الثورة الأخيرة لم ينزلوا للشارع إلا بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة وبعد أن أيقنوا نجاحها وخوفا من ردة فعل الجماهير عليهم لو واصلوا الامتناع أو الحيادية التي اعتادوا عليها.
لم يعارض الإخوان النظام السابق من منطلق شعبي جماهيري بل من منطلق تنظيمي خاص بجماعتهم ومع ذلك استولوا على السلطة التشريعية ومعهم السلفيون الذين لم يعارضوا الثورة فقط بل ساندوا النظام السابق من منطق وجوب طاعة ولي الأمر، ثم هيأت أرضية العمل الخيري للجماعتين الوصول إلى السلطة التشريعية والإمساك بزمام التشريع بعيدا عن المحرك الحقيقي للثورة المصرية المباركة وخرج أصحاب الثورة من الباب ليدخل الآخرون من النافذة.
ثم يأتي الطرف الآخر من المعادلة وهو ابن النظام السابق وآخر رئيس لوزرائه والشخص التي نادت جماهير ميدان التحرير والميادين الأخرى في المدن المصرية كالإسكندرية وبورسعيد والسويس وطنطا وغيرها بسقوطه مع رئيسه، يأتي هذا الطرف ليكون الخيار الآخر للشعب المصري لرئاسة الجمهورية فأي مصيبة وقعت بها الثورة المصرية وجماهيرها بهذا الخيار.
هذا الخيار الثاني عمل على وأد الثورة وقت اندلاعها وعمل على محاولة الترقيع للنظام السابق وحماية رئيسه مما هو قادم إليه ولا نستبعد تعاونه مع أعداء هذا الشعب الذين وقفوا معه في الانتخابات الأخيرة فكيف يمكن قبول أن تعطي الجماهير المصرية ثقتها في كل أولئك وتبعد أبناء الثورة الحقيقيون وعلى رأسهم حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم ممن كانوا في الثورة منذ انطلاقتها الأخيرة وقبل ذلك بكثير.
فعلا لقد تم اختطاف الثورة المصرية بهذه النتيجة واختطفت أهدافها والخوف من اختطاف مستقبلها إن لم يعي الذين أعطوا أصواتهم لمن لا يستحق الأمر ويتحركوا لمنع حدوث ما هو متوقع وهو لا يعدو أمرين، إما استيلاء جماعة الإخوان المسلمين على كل شيء وقيامها بإقصاء جميع من يختلف معها والانتقام منهم بصورة أو بأخرى أو العودة إلى النظام السابق بكل ما فيه من مساوئ وظلم عاناه الشعب المصري لثلاثة عقود مضت والشروع في الانتقام من كل من مارس أو ساند الثورة وبشرعية صندوق الانتخاب، فأي الخيارين يريده الشعب المصري.
تم اختطاف الثورة المصرية من قبل تحالف قوى كثيرة كان المال احدها والسلطة عنصرها الثاني والعمل الخيري عنصرها الثالث وكنا نأمل أن تصل الثورة المصرية إلى بداية بر الأمان للشعب المصري والشعب العربي الذي تابع ما يحدث خلال اليومين الماضيين وكأنه شان محلي في كل بلد عربي ولا زلنا نأمل في أن تتغير الأمور لما هو أفضل للأمة العربية حتى مع اختطاف الثورة في مصر.

الضمير العالمي في إجازة

عبدالله الكعبي
بيانات الشجب والاستنكار التي صدرت من بعض دول العالم وليس كله على ما ارتكبه النظام السوري الدموي بحق المدنيين العزل في قرية الحولة في ريف حمص والتي راح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء، يؤكد على أن الضمير العالمي لازال في إجازته المفتوحة التي أخذها منذ زمن بعيد ولم يعد بإمكانه العودة لعمله لمراقبة ومحاسبة الجزارين الذين أوغلوا في طغيانهم وغاصوا حتى أذنيهم في دماء البشر.
لا ننتظر بالطبع أي ردة فعل من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي لا يمكن أن تحركه مثل تلك المذابح التي رأينا مثلها الكثير في العراق وأفغانستان طوال سنوات العقد الماضي وأمثالها في البوسنة والهرسك والشيشان في آخر عقود القرن المنصرم وفي فلسطين على أيدي اليهود على مدار أكثر من ستين سنة كانت قد سبقتها الكثير من المجازر على أيدي المستعمرين الأوروبيين الذين تحكموا في رقاب أهل الشرق لسنوات طوال قتلوا فيها وشردوا ونهبوا وأسهموا وحتى وقتنا الحاضر في زرع القنابل الموقوتة سواء بشرية أو حدودية والتي تتسبب بين الحين والآخر في إذكاء الصراعات في المنطقة.
العالم الصليبي عندما اضطر صاغراً أن يقدم اعتذاره عن المذابح المزعومة ضد اليهود من قبل النازيين ودفع ما دفع من تعويضات إرضاءً لللوبيات اليهودية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، لم يعامل المجازر التي ارتكبت في حق العرب والمسلمين على يد المستعمرين بالمثل وإنما امتنع وفي كبرياء عن الاعتراف بها واعتبار الضحايا أنهم مجرد قطعان من الحيوانات أو مجموعة جرذان لا قيمة لها. فخطأ القياس الذي فرق بين قتلى مذابح النازية وقتلى الاستعمار الغربي يتواصل اليوم ليحصد المزيد من الضحايا من دون أن يتحرك أحد لتغيير آلية ذلك القياس الظالم الذي وضعت أسسه الدول الكبرى من أجل كتابة فصل جديد من فصول البشرية يقوم على مثل تلك الممارسات غير الإنسانية بالرغم من إنهم يصفون هذا العصر بعصر حقوق الإنسان والدفاع عنه وعن حقه في الحياة الكريمة التي امتهنوها بالكامل.
أعمال يندى لها الجبين ترتكب الآن في سوريا يسكت عنها بشكل مريب. فما جرى من مجازر في عموم سوريا وفي الحولة على وجه الخصوص حتى وإن غضضنا الطرف عن الفاعل وعن هويته ودوافعه، فلا يوجد مبرر للسكوت على هذه الأعمال التي تم فيها تقطيع الأطفال وتقييد أياديهم قبل ذبحهم وغيرها من الأعمال الوحشية التي لا اعتقد أن الوحوش في البراري قامت بها سابقاً. ما تم في الحولة كان من المفترض أن يحرك الضمير العالمي ولو بشكل جزئي انتصاراً للطفولة والبراءة التي انتهكت أمام مرأى كل المنظمات الدولية التي تتباكى في كل يوم على حقوق الإنسان المهدورة ولكنها تصمت صمت القبور عندما يبلغ الأمر هذا الحد المخيف من الاستهانة بحق البشر في الحياة.
التمادي في الصمت لا اعتقد أنه حل يمكن أن يوصل من يقف وراء هذه المجازر ويدعمها إلى النهاية التي يبتغيها. فالدم الذي يراق اليوم في سوريا بغزارة لن يكون سوى ثمناً لتبدل المعادلة وتحولها لصالح أصحاب الدم الذين لن يستطيع أحد بعد ذلك أن يمنعهم من أخذ ثأرهم من النظام المجرم والشبيحة وكل المقاتلين القادمين من وراء الحدود ( إيران – العراق – لبنان ). فالتحرك المضاد الذي يتوقع أن تقوم به القوى الكبرى التي ستتدخل عندما يتحول ميزان القوة لصالح الشعب السوري لا أظنها ستنفع في منع امتداد الحريق إلى بقية الدول المجاورة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجري في سوريا من مثل إسرائيل ولبنان والعراق. وحينها فقط سيكون الأمر أكثر تعقيداً من اليوم ولن تكون مجازر اليوم سوى نزهة صغيرة أمام ما يمكن أن يجرنا إليه المشهد الحالي من دموية بالغة الخطورة يصعب السيطرة عليها أو حتى ردعها ولو استخدمت ضدها كل أنواع الأسلحة الفتاكة.
سوريا ليست العراق ولا هي تشبه لبنان في شيء. سوريا عبارة عن شعب كامل متجانس يقاتل اليوم ضد نظام دخيل لا ينتمي إليها ولا إلى شعبها، وهي بالتالي موعودة بالنصر المؤزر مثلما انتصرت في السباق على الصليبيين على يد صلاح الدين وعلى المغول في عهد المماليك.

حقوق الإنسان.. أكذوبة أم حقيقة

أحمد مصطفى الغـر
في وقت تداس فيه حقوق الانسان من قبل الأنظمة القمعية في بلدان العالم الثالث، على حد السواء سنجد أنظمة أخرى تدعي أنها تصون تلك الحقوق وترفع الشعارات وتدّعي التحضر الانساني والمدني مستغلة ذلك في الصاق التهم بكل الدول دونها، صحيح أن حقوق الانسان تنتهك بشدة في بلادنا العربية حيث القمع والقبضة الحديدية للسلطات التي تحمي النظام أكثر مما تحمي الشعب، الا أن هذا لا يعني أن الدول الغربية لا تنتهك تلك الحقوق أيضا، ويكفينا هنا مثالا واضحاً عندما قالها رئيس الوزراء البريطاني صراحة : “انه عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا فلا يحدثني أحد عن حقوق الانسان “!
فالغرب أحيانا يستغل مسألة حقوق الانسان في سياسة الابتزاز والضغط على دول بعينها، بينما تغض الطرف عن دول أخرى، وهذا بالطبع من أجل الوصول الى مصالح وغايات تخصهم، ومن يراقب كيفية تعامل الجيش الأميركي وقوات حلف الناتو مع أبناء الدول التي دخلوها كأفغانستان والعراق سيجد كيف تنتهك حقوق الانسان بشكل واضح، ومن أمثلة الانتهاكات يكفينا التذكير بسجن أبوغريب بالعراق ومعتقل جوانتناموا بكوبا، والسجون والمعتقلات الأميركية الأخرى في دول العالم، وقذف الطائرات بدون طيار من وقت لآخر للمدنين سواء في أفغانستان أو حتى عندما تنتهك الأراضي الباكستانية المجاورة، ويكفي ما شاهدناه مؤخراً لفيديو منتشر على الانترنت يظهر فيه جنود أميركيون وهم يدنسون جثث قتلى في أفغانستان، في الواقع ان الأمثلة والنماذج كثيرة ولن يتسع المجال لذكرها كاملة.
والمضحك المبكي في ذلك هو أن تجد المفوضية الأوروبية تصدر بياناً تنتقد فيه 13 دولة أوروبية تتهمها باساءة معاملة الدجاج، والأغرب أنه ضمن البيان جاءت هذه الكلمات: “ يتعين تربية الدجاج في أقفاص تبلغ مساحتها 750 سنتيمترا مربعا على الأقل، كما يجب تزويد هذه الأقفاص بعش وقش ومكان لرقود الدجاج وآلات لتقصير المخالب مما يسمح للدجاج باشباع احتياجاتها البيولوجية والسلوكية “، أتساءل لماذا لا تصدر المفوضية بياناً حول اساءة معاملة المسلمين والمحجبات في بلادهم ؟!، أو حتى في البلاد التي غزتها قوات دول الاتحاد الاوروبي سواء في الماضي أو حتى في حاضرنا ألان ؟!
في الواقع ان قضية حقوق الانسان التي تشغل اهتمام العالم قضية جوهرية، لكن لا يمكن التعامل معها الا وفق منظور انساني بعيدا عن كافة أنواع التسلط التي تمارسها الأنظمة الغربية وتدّعي زوراً وبهتانا ممارسة الديمقراطية وحرية التعبير، في الوقت الذي تمنع فيه بعض الدول الأوربية حرية ارتداء النقاب وبناء المآذن، وتزرع في نفوس أبنائها الخوف والرعب تجاه المسلمين من خلال تشويه حقيقة الدين الاسلامي ونشر معلومات مغلوطة تبتعد كثيراً عن تعاليم الدين الاسلامي السمحة، ثم تأتي تلك الدول في النهاية لتتقمص شخصية الواعظ وتبدأ في نشر مفاهيم الديموقراطية وحقوق الانسان على باقي الدول، بل وتصنفها على حسب أهوائها بمقاييس وضعية تم وضعها وفقاً لمعايير جوفاء لا تتماشى سوى مع سياسات تلك الدول.
أشعر كثيراً أن وثائق حقوق الانسان ما هي الا أكذوبة العصر وشعارات لا معنى لها، فهي ورق بلا حبر، وكلمات بلا معنى.. مادام كل ما جاء بها لا يتم تنفيذه على أرض الواقع، وما دامت دول الغرب لا تحترم حقوق الانسان على أرضها بغض النظر عن جنسيته أو دينه او لونه.. فلا داعي الى التشدق من وقت الى آخر عن ضرورة احترامها، ومادامت أنظمة بلدان العالم الثالث لا تحترم ارادة الانسان وتعي ضرورة احترام آدميته، فلا سبيل أمام شعوبها سوى الثورة على تلك الأنظمة واقتلاعها من السلطة تماما، في محاولة أخيرة كي يحيا الانسان كانسان !