Saturday, June 2, 2012

من قلب تل أبيب.. بدأت قصتنا

فيصل الشيخ
لننشط ذاكرتكم قليلاً، إذ ما يحصل اليوم في الوطن العربي -والذي تقع البحرين ضمن محيطه- تحت مسمى “ثورات الربيع العربي” رغم أننا واجهنا في البحرين “خريفاً طائفياً انقلابياً”، كله يقع في إطار سيناريو أمريكي معد له سلفاً. النظرة الأمريكية للعرب تغيرت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ورغم الكارثة التي حلت بالبشر هناك في الاعتداءات الإرهابية، إلا أنها شكلت بالنسبة للأمريكان الباحثين دوماً عن مصادر الطاقة والمال والقوة والنفوذ مدخلاً مثالياً لبعض البؤر المحورية في منطقة الشرق الأوسط، فكان التوجه إلى “نفط العراق” بذريعة محاربة الإرهاب، وكان التوجه لثروات “بحر قزوين” تحت ذريعة ملاحقة أسامة بن لادن. النظرة تطورت بعد مد النفوذ وتثبيت الأذرع باختلاف أنواعها بالأخص العسكرية في المنطقة، حتى جاءت اللحظة المقررة في يوليو من العام 2006 وتحديداً من تل أبيب. في ذلك الشهر كانت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في زيارة للأراضي المحتلة على خلفية الحصار الإسرائيلي على لبنان، حينها قالت رايس في تصريحات ضمن مؤتمر صحافي جمعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بأن الشرق الأوسط الكبير -وهي العبارة الأقدم لوصف منطقتنا العربية- سيتحول إلى “شرق أوسط جديد”. لم تكن جملة تلقى عبثاً، بل كانت تحمل مضامين هامة، وللأسف كالعادة نحن العرب آخر من يفك طلاسم الكلام الذي يلقى خاصة في الاجتماعات التي تجمع صناع القرار في واشنطن وتل أبيب. أتظنون صدقاً بأن مصلحة دول الخليج أو دول الوطن العربي تمثل أولوية بالنسبة لواشنطن إذا ما قورنت بمصلحة إسرائيل؟! في ذلك المؤتمر كشفت مسألة أكثر خطورة من مجرد ذكر المقولة، إذ المشروع المخطط له بخلق “شرق أوسط جديد” لم يكن مجرد خطة مستقبلية وضعتها الإدارة الأمريكية ليتم تطبيقها بعد سنوات، أو حتى تتوارثها إدارة تعقب إدارة جورج بوش الابن، بل في نفس المؤتمر قال الاثنان (رايس وأولمرت) بصريح العبارة بأن “مشروعاً لخلق شرق أوسط جديد قد انطلق من لبنان”. مدى التغلغل في الداخل اللبناني مازال موضوعاً يثير كثيراً من التساؤلات، لكن التحولات المتسارعة في العراق والتي وصلت بها لتتحول إلى ولاية إيرانية بامتياز من ناحية السيطرة والنفوذ، كانت كفيلة بحد ذاتها لإثبات بأن الخطة تمضي قدماً لإحداث انقلاب كبير في موازين القوى في المنطقة. أكبر الأخطار التي تهدد مشروع الشرق الأوسط الجديد كان ولايزال يتمثل في المملكة العربية السعودية باعتبارها القوة الكبرى في الإقليم، وباعتبار أن نجاح تنفيذ المخطط يعتمد على إضعاف أقوى السدود التي ستقف في وجهه. ما حصل في مصر كان استعراضاً أمريكياً واضحاً يهدف إلى إرسال رسالة لمن يهمه الأمر في الدول العربية، باعتبار أن أقوى حلفاء واشنطن الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك وثاني أكبر دولة متحصلة على الدعم المالي الأمريكي بعد إسرائيل وهي مصر يمكن لحالها أن يتغير بين ليلة وضحاها إن قرر البيت الأبيض ذلك. في العرف الأمريكي ليست هناك صداقة دائمة، بل المصلحة هي التي تكون أساس بناء أية علاقة، ومدى استمراريتها هو ما يحكم على العلاقة بالديمومة أو الانتهاء. أتظنون بأن الأمريكان يقبلون بسهولة أن تبسط إيران سطوتها على العراق وهو الذي تحتضن أراضيه أكبر آباء النفط العالم، دون وجود صفقة غير معلنة تؤمن للبيت الأبيض مكاسبه في بلاد الرافدين؟! من يفكر بحسن نية أثناء ممارسته السياسة، ويصدق وصف أن هذه دولة صديقة وتلك حليفة دون أن يساوره الشك بأي نسبة كانت، هو من يحكم على نفسه بالتمثل في موقف خطر يوماً ما مثلما حصل لحسني مبارك وغيره. نعم ما حصل في مصر ثورة شعب بأكمله، ونتيجة حتمية للمعاناة التي يعيشها الناس هناك، لكنها لم تكن ثورة بدون محركات بعضاً منها مخطط له وبفعل فاعل. أريد أن أصدق بأن الإدارة الأمريكية حريصة على مصلحة الشعوب وبأنها تهتم بضمان معيشة كريمة للناس في دول العالم، لكنني أرى الداخل الأمريكي وأقارن معيشة الناس هناك بحياتنا في دولنا الخليجية والعربية فأجد بأننا أفضل منهم إنسانياً. ولمن يريد التأكد مما نقول سواء على الصعيد السياسي والاجتماعي والمعيشي وحتى الصحي فليرجع لأفلام المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور. عموماً، مشروع الشرق الأوسط الجديد كان مبنياً على تقسيم العراق لثلاثة أجزاء، في نفس الوقت تأمين مداخل لآسيا الوسطى من خلال الشرق الأوسط. دول مثل أفغانستان وباكستان وبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة تمثل أفضل وسيلة للسيطرة على الباحة الخلفية لروسيا وريثة الاتحاد السوفيتي ومن تبقى على نفس المنهج من جمهوريات ظهرت بعد أن انهار القطب الآخر الذي كان يمثل التوازن السياسي على الخريطة العالمية. البحرين جزء من هذا المخطط، ومن يعمل اليوم من داخل بلدنا على الانقلاب على نظامه ويحاول إسقاطه بكل وسيلة يعرف تماماً تفاصيل اللعبة. نواب وجمعيات وحراك مجتمعي كانوا ومازالوا وسيظلون يدينون اللقاءات السرية والعلنية التي يقوم بها الدبلوماسيون الأمريكان في داخل حدود البحرين، سواء أكانوا في السفارة هنا أو مسؤولين زائرين بين الفينة والأخرى، مع منفذي مخطط الانقلاب. في حين أن الخطير في هذه الاجتماعات هو مضامينها الساعية للملمة صفوف مجموعات تحولت إلى فلول بعد فشل المخطط الانقلابي، كونها مرحلة متعطلة لإنهاء مهمة داخل محيط الشرق الأوسط باتجاه تحقيق التكاملية في المشروع الذي تكلمت عنه كوندوليزا رايس من قلب تل أبيب. فشل عملية البحرين يعني فشل التغلغل إلى السعودية، في حين جبهات تعمل في الكويت، بالتزامن مع مسك إيران للعراق من تلابيبه، ما يقود للجزم بأن الخطة (أ) فشلت بالتالي جاء الدور على الخطة (ب)، دون إغفال بأن الأمريكان أبداً لا يعتمدون على خطط بديلة تعد على الأصابع، بل هناك بدائل وبدائل لا تنتهي. هل سيغضب الأمريكان حلفاءنا وأصدقاءنا مما نقول؟! بالتأكيد سيفعلون، لكننا نبني ما نقوله على ممارسات تؤكد وجود تنفيذ ملموس لمخطط الشرق الأوسط الجديد، عبر التدخل المباشر في خلخلة كيانات دول، أو عبر دعم جماعات راديكالية لإحداث الفوضى الخلاقة، رغم أنها في البحرين تحولت إلى فوضى “إرهابية” والأمريكان يعرفون ذلك تماماً ولكنهم يغضون الطرف. الحديث يطول في هذا الجانب، فالملابسات عديدة وكثيرة، وطريقة عمل الأمريكان مفضوحة، هم يفضحون أنفسهم بنسبة ضئيلة، لكن الفضيحة الأكبر هي التي تأتي من قبل من يستخدمونهم في الداخل حينما يتحدثون بصوت عالٍ عن حقيقة المخطط في البحرين، وكونه في أساسه مخططاً أمريكياً، حتى المكوث في الدوار بهدف إسقاط النظام فرضية أمريكية مثلما قال عبدالهادي الخواجة. هل تريدنا أمريكا أن نتحدث عما سعت لفعله بشأن اتفاقيات السلاح مؤخراً، أم أنها تفضل استمرار الطيبين من أبناء البحرين بتصديق أنها “حليفة صديقة مخلصة” تعاملنا بمثل ما نعاملها؟!

حاصد الجوائز يتجاهل من ماتوا غدراً

نجاة المضحكي
لم يكتب حاصد جوائز المصداقية ونشر السلام عن المؤذن البنغالي الذي قطع لسانه، لم يذكر المنظر المروّع الذي كان فيه الأجانب يدفعون دفعاً من سيارة الإسعاف وهم مكبلون الأيدي ودماؤهم تنزف، وكان المجرمون حولهم يصفقون ويهتفون عندما نزلوا إلى ساحة مستشفى السلمانية خلال فترة المؤامرة الانقلابية، ولم يكتب عن رياض شيخ الذي مات حرقاً عندما حاصره المجرمون بقنابل المولوتوف، ولم يكتب عن الشرطي الذي تم دهسه بالسيارة والذي ظهر شريطه على القنوات الفضائية، لم يكتب أي شيء عما تعرض له الأجانب على يد المليشيات المجرمة التي فند مقالاته للدفاع عنهم وسماهم المناضلين. أما اليوم فهو يكتب وبالخط العريض “آسيويون يحترقون ويسقطون” كتب هذا المقال ليس حباً ورحمة فيهم بل ليخاطب منظمات حقوق الإنسان، ونذكر الفقرة التي كتب المقال لأجلها “والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: أين حقوق الإنسان؟ لأن هؤلاء بشر ولهم حقوق ولعل ما ذكره أحد المفكرين الخليجيين في إحدى كتاباته يشرح جانباً من واقع الحال، وهو أن سكوت الوافدين عن حقوقهم نابع من رغبتهم في الحفاظ على استمرار عملهم في ضوء تجاهل الدول المرسلة لحقوق مواطنيها.. وذلك حرصاً على استمرار إرسال عمالتها الفائضة والرخيصة إلى دول المنطقة” ويتابع “مازال أمامنا الكثير لتحقيقه لضمان حقوق الإنسان، ليس فقط للمواطنين، وإنما لكل من يعيش في بلادنا”. وسنبين هنا للعالم من هم الذين ينتهكون حقوق العمالة الوافدة، وذلك كما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي يطالب صاحب المقال وتطالب جمعيته بتنفيذه، حين يفيد ملخص هذا التقرير أنه “تم استهداف السكان من الرعايا الأجانب في البحرين بهجمات عنيفة منها إصابات جسدية وإتلاف الممتلكات وخسائر اقتصادية وسلب حرية التنقل والحرمان من الرعاية الطبية والتعرض للهجوم في أماكنهم ودور عبادتهم كما تم أثناء التظاهرات رفع شعارات وهتافات مناهضة للعمالة الوافدة، كما أمسك المتظاهرون بلافتات كتب عليها يا مرتزقة يا قتلة لقد حان رحيلكم” وقد ذكر التقرير بأن أربعة أجانب لقوا مصرعهم على يد المتظاهرين بينما أصيب 88 آخرون منهم، كما إن تلك الهجمات ضد الأجانب خلقت خوفاً لديهم نتج عنه مغادرة العديد منهم لمنازلهم واللجوء للعيش في أماكن الإيواء، ومنهم من خاف مغادرة منازلهم أو الذهاب إلى أعمالهم أو إلى دور العبادة”. سنذهب إلى أبعد من ذلك؛ إلى أحداث التسعينات وعندما قضى 7 عمال في حريق المطعم الذي قامت بحرقه المليشيات الإرهابية ثم قاموا بإغلاق الباب عليهم، وكذلك العائلة الهندية المكونة من الأب “كيه فيه بولوس” والأم “ألياما” وابنهما “سانديب” 10 سنوات وصديقه الطفل “جايا براكاش” 11 عاماً، الذين لقوا حتفهم في التسعينات إثر الحادث الإرهابي الذي أدى إلى إحراق المحل التجاري تحت شقتهم بالمنامة بعد استنشاقهم للدخان، وهذا الحادث مثبت في المحاضر، والتي لن يتطرق إليها حاصد جوائز السلام والمصداقية في أي من تقاريره ولا مقالاته الموجهة إلى المنظمات الأجنبية ولا إلى السفارات الدولية، كما يكتب اليوم في مقالاته عن حادث حريق نتج عنه وفاة عمال أجانب، وذلك حين وجد أنه يمكن من خلاله تحريض المجتمع الدولي على مملكة البحرين، وذلك بعد فشل المجموعة الإرهابية في أثبات صحة تقاريرها ضد البحرين في مجلس حقوق الإنسان، أنه حاصد الجوائز الذي يتباكى على عمال ماتوا قضاء وقدراً، ويشطب أسماء ضحايا الحوادث الإرهابية الذين قتلوا عمداً وغدراً.

مصر وانتخابات الرئاسة

سعيد الحمد
مصر لم تستطع أن تغادر الدائرة الضبابية في مستقبلها، فإما العودة الى النظام القديم «أحمد شفيق» أو العودة والتراجع الى الوراء «محمد مرسي»، وما بين الخيارين اللذين لا ثالث لهما هناك برلمان محكوم بالإخوان والسلفيين ولا ثالث لهما.. فماذا فعل «ربيع مصر» بمصر؟ هو أحد الاسئلة المعلقة على بوابة المعز لمن يريد ان يفهم ماذا يجري في العالم العربي، فمصر منذ بداية تاريخيها الحديث كانت المؤشر الذي تُقاس به اتجاهات المرحلة العربية في مختلف مفاصلها، لا سيما الكبيرة منها والمؤثرة، و«الربيع المصري» لاشك اختصر نتائج الربيع العربي في تحوّله الى خريف مبكر. وظن البعض ان حمدين صباحي يمثل «الربيع المصري»، وعوّلوا على نتائجه وعلى الاصوات التي ذهبت الى صندوقه حتى جاء ثالثاً بين المترشحين.. وهو ظن جاء كعزاء «للربيعين»، العرب حيث ان حمدين يمثل قوى سياسية ناصرية بالأساس، وهي ليست من صنع الربيع المصرية ولكنها امتداد للحقبة الناصرية بدرجة اساسية، وجيل حمدين هو جيل يوليو 52، وكان حضوره على الساحة السياسية قديماً يسبق الربيع المصري بعقود وهو الربيع الذي لم ينتج ولم يثمر قامة سياسية قادرة على خوض انتخابات الرئاسة والمنافسة فيها كما هو حاله مع انتخابات البرلمان، وهي الانتخابات التي خرج منها «الربيعيون المصريون» صفر اليدين، وهم الآن يفاوضون الاخوان المسلمين ويفاوضون حمدين نفسه على الاتفاق على وثيقة سياسية «ميثاق شرف» يلتزم فيه الاخوان وحمدين ببعض البنود التي تحفظ للربيعيين المصريين وجوداً في شكل المؤسسة المصرية السياسية القادمة.. ولو كان حمدين صباحي محسوباً على الربيع المصري لما فاوضه الربيعيون المصريون. ما نستطيع قوله سياسياً ان كتلة حمدين الشعبية هي الكتلة التاريخية للحقبة الناصرية بامتياز ولاعلاقة لها بكتلة شباب الربيع المصري الذي خرج من اللعبة بعد ان حرّك ميدان التحرير وانتهى دوره داخل حدود الميدان فقط. فيما تبقى المؤشرات الاخرى في الانتخابات المصرية ذات دلالات مهمة لا يجوز إهمالها أو التقليل من شأنها وهو ما يحتاج الى وقفات كثيرة تستجلي الصورة وتقرؤها سياسياً واجتماعياً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تراجع حظوظ عبدالمنعم أبو الفتوح وهو الوجه الاخواني الابرز، والذي شكل خروجه عن الاخوان والترشح مستقلاً في توقيت غامض حسبه البعض تكتيكاً سياسياً من الاخوان بالاتفاق مع أبو الفتوح ليتحرر من قيود الحزب ويقترب من الليبراليين والناصريين، وهو ما حدث الى حدٍ مّا حتى حسبه آخرون انه ترشح مستقلاً ليعيق وصول حمدين فيتقاسم معه اصواتاً كانت بالاساس لحمدين لو لم يترشح أبو الفتوح مستقلاً وترشح باسم جماعة الاخوان، وهي لعبة ان صحت فيها ذكاء وتكتيك عالي المستوى.. لكن ترشح ابو الفتوح وهو الحزبي القديم مستقلاً يطرح اكثر من علامة استفهام تحتاج الى تفكيك ألغازها وفتح علاقات استفهامها. وعلى الصعيد الحزبي والتنظيمي العام سيبدو الاخوان المسلمون الاكثر نفوذاً وتنظيماً والاكثر حضوراً في الساحة المصرية والاكثر قدرة على استقطاب اصوات الناخبين، لا سيما في تجربة برلمانية وانتخابية لم يختبر فيها الشعب بعد برامج الاحزاب والقوى والتنظيمات السياسية المختلفة، وهو ما ستتيحه له السانحة والمساحة الديمقراطية المنتظرة في مصر او الموعود بها الشعب المصري في استحقاق يستحقه ما لم يقفز المغامرون الى الميدان ثانية فيضعوا التطور الديمقراطي الطبيعي كما قفزوا في البحرين الى الدوار وقطعوا او بالأدق كادوا ان يقطعوا تطوراً ديمقراطياً مهماً وقلبوا الطاولة وخلطوا الاوراق ما كان له الأثر في المكاسب المتحققة ديمقراطياً على مدى العقد الماضي. ما نستطيع قوله باطمئنان سياسي ان «الربيع العربي» من وجهة نظر مدنية عطل التطور الطبيعي للديمقراطية وجاء لصالح غير الديمقراطيين، وإن كان قد نجح في مشروع «الفوضى الخلاقة»، وذلك نجاح يعود لأصحاب مشروع تلك الفوضى الذين بشّروا به قبل سنوات مضت إن كنتم تذكرون.

حرب مصر بين الفلول والإسلاميين

احمد المرشد
من الواضح ان المصريين لن يتنفسوا الصعداء قريبا حتى ما بعد انتهاء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة بين محمد مرسي ممثلا لحزب العدالة والحرية والاخوان، وبين احمد شفيق الذي يلقى معارضة شديدة من قبل الثوريين والاسلاميين بكافة توجهاتهم ومشاربهم الذين يرفضونه بصفته من فلول النظام المصري السابق. فنتيجة الجولة الاولى لم ترض عدوا ولا حبيبا كما يقولون، فثلاثة ارباع الناخبين الذين شاركوا بأصواتهم رفضوا مرسي الاخواني، وكذلك رفض ثلاثة ارباع الناخبين شفيق، لتقف المنافسة مناصفة بينهما في الجولة الحاسمة المقبلة. والمصريون اصبحوا في موقف صعب، فكلا المتنافسين مرفوضان من الاغلبية، ولكن يجب اختيار احدهما، اي ان الفائز سيكون مثل الدواء المر الذي لا يأخذه المريض الا مضطرا او اشرف على الموت وجرعة هذا الدواء هي السبيل الوحيد لانقاذه. وحيرة المصريين لها اسبابها المنطقية، فهم يرفضون الدولة الدينية في صورة مرسي، وكذلك عودة نظام الرئيس السابق في صورة شفيق. والامر الجيد او المبشر ان المصريين لم يسكتوا او يجلسوا مكتوفي الايدي، فانطلقت المبادرات والمقترحات بهدف الحصول على تأكيدات وضمانات من المرشحين ‏لتبديد مخاوف المصريين من سيطرة الدولة الدينية‏ وعودة نظام مبارك السابق.. وكلاهما مر كما اسلفنا لان الفائز سيكون واحدا من كابوسين خطرين، الاول الاستبداد الديني، والثاني اعادة تدوير نظام مبارك. وحاول مرسي استباق ثورة المصريين ضده في الجولة الثانية وحتى لا يخرج صفر الايدي بعد الامل الذي داعبه وحزبه والاخوان، ليتعهد بأن تضم مؤسسة الرئاسة -في حالة فوزه- عددا من مرشحي الرئاسة السابقين، والا يختار نوابه من الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، وان تضم مؤسسة الرئاسة أطياف الشعب كافة من نساء وأقباط وشباب ومستقلين وغيرهم.. ثم يقذف بحجر في بحر الاخوان ليعلن تراجعهم عن تشدد قديم بان يكون رئيس الحكومة من بينهم «إنه ليس شرطا ان يكون رئيس الحكومة من الإخوان، فقد يكون من المستقلين أو التكنوقراط من أصحاب الكفاءة». ولا اعرف سببا لماذا يحاول المرشح الاخواني تحمل مسؤولية كل اخطاء الجماعة على مدى الفترة الزمنية الماضية، ليعترف بالخطأ في تشكيل الجمعية التأسيسية. اما المرشح المنافس، فقد فاجأه معارضوه بحرب بجانبهم، اي من طرف واحد، ولكن قد تقترب ضد رغباتهم وتزيد تمسك الذين انتخبوه الجولة الاولى به ليقفوا معه في الاعادة. مشكلة المصريين في الوقت الراهن هو ضيق الوقت وتلاشي الفرص، بيد ان للخروج من المأزق الراهن حلا يتضمن ضرورة التوافق على حكومة إنقاذ وطني ولجنة تأسيسية لوضع دستور ديمقراطي. وربما يكون هناك حل اخر وفقا لما تراه القوى السياسية المصرية وهو ما تم تسريبه في اطار وثيقة مبادئ يلتزم المرشح الفائر بتطبيقها لضمان تبديد مخاوف المصريين من الكابوسين المشار اليهما. فاذا فاز المرشح الاخواني، عليه ان يتعهد بالاستقالة من رئاسة حزب الحرية والعدالة ليكون رئيسا لكل المصريين وألا يكون لجماعة الإخوان أو مرشدها أي تأثير عليه كرئيس، والانتهاء من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وفيما يتعلق بالمرشح الاخر احمد شفيق، فطالبته الوثيقة المقترحة بعدم التدخل في أحكام القضاء، وعدم إصدار عفو عن الجرائم، التي ارتكبت في حق الشعب او الثورة، أو إحياء الحزب الوطني المنحل، او الاستعانة بأي من رموز النظام السابق، والا يقوم بعسكرة الدولة، حتى لا يشعر المصريون بان ثورتهم سرقت او اختطفت منهم، وكأنهم ما فعلوا شيئا سوى قطع رأس النظام والمجيء باخر اشد قسوة او تشددا دينيا. بقدر ما استرعت الانتخابات الرئاسة المصرية اهتمام العالم اجمع، فانها أعطت مؤشرا على معادلة التوازنات الحزبية والتوجهات السياسية للرأي العام، حيث ان الاختيار فشل في احداث الانتقال السلس والسلمي للسلطة، بل على العكس، أثارت من الإشكالات أكثر مما حلت من مشاكل. فعدم القدرة على معرفة الرئيس القادم اربكت حسابات المصريين الذين اعتادوا معرفة الفائز قبل موعد اجراء الانتخابات، ويضاف الى هذه الاشكالية، قضية خلافية مهمة وتتمثل في وضع الدستور رغم عدم التوافق على ثوابت ومرجعيات الدولة والأمة والنظام السياسي، مما يزيد من متاعب المصريين السياسية وهم على اعتاب تجاوز اهم استحقاق لهم بعد الثورة، الامر الذي سيلقي على الرئيس الجديد مهاما ضخمة، لعل يكون اولها بالنسبة للمواطن المصري اعادة الامن والاستقرار وتدوير عجلة الاقتصاد وعودة السياحة. واذا كنا اسهبنا في المخاوف، فربما نشارك بلون ابيض في رسم الصورة القاتمة لما يجري الان في مصر، وهو ما اكدته صحيفة دايلي تليجراف البريطانية التي قالت إنه بعد خمسة آلاف عام اصبحت مصر للمرة الأولى بدون فراعنة، ورغم انه ليس من بين المرشحين من كانوا يصبون إليه كرئيس للبلاد بعد الثورة، إلا ان هذا لا يعني أن صورة الرئيس قد اختلفت لأنه اصبح مثل رجل الشارع العادي، حتى وان كان مبتغاهم الحقيقي هو البحث عن سوبرمان بدرجة رئيس. وهذا بالتأكيد امر صعب في المرحلة الراهنة وفي التجربة الانتخابية الحقيقية الاولى، وربما يتحقق لهم مرادهم في الانتخابات المقبلة ليجدوا وقتها زعيمهم الجديد الذي يحلمون به، اي رئيسا يتمتع بالذكاء وعزة النفس وأخلاق الفرسان وذي قلب طيب ومتدينا. وختاما.. فإن المعارك الديمقراطية القادمة كثيرة، وتبدأ بالدفاع عن حقوق المواطن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية وحريته الشخصية، وهذا يستلزم في تقديرنا المتواضع ان يضع المصريون مسودة عمل او مدونة سلوك قبل اختيار رئيسهم المقبل، على ان ترسم هذه المسودة ملامح هذا الرئيس. ومن تلك الملامح المهمة ان يكون قويا قادرا على قيادة مصر بكل مكوناتها السياسية وثرواتها البشرية والمادية باتجاه قيادة الأمة من جديد. وان يعي خطورة اللحظة التاريخية للأمة ويتمكن من السيطرة على زمام الأمور ليأخذ بعقال الأمة نحو عزتها من جديد. والاهم ان يكون رئيسا قادرا على استنفار القدرات الكثيرة الكامنة في الشعب المصري للنهوض به ليتبوأ موقعه بين الامم.

فتوى.. اسحقوهم.. وتداعياتها

محمد مبارك جمعة
بحسب ما نشرته الصحافة مؤخراً، وما صرح به أيضاً المستشار الإعلامي لجلالة الملك على «تويتر»، فإن جمعية «الوفاق» تحاول الوصول إلى مواقع صنع القرار في الدولة عن طريق وسيط أو وسطاء لإيجاد فرصة لحوار. ومحاولات «الوفاق» الوصول إلى هذا الهدف لم تخل من لجوء معتاد إلى وزارات الخارجية في واشنطن ولندن وبعض المسئولين، إلا أنهم فوجئوا بعدم القبول بهم، وقالوا لهم عليكم قبل كل شيء أن تصدروا بياناً واضحاً تدينون فيه العنف والحرق والتخريب الذي يجري في البحرين من قبل أطراف هم على صلة بكم، وخصوصا بعد فتوى «اسحقوهم» التي صدح بها «المرجع الديني السياسي» عيسى قاسم، وتحولت مباشرة إلى جحيم على رجال الشرطة الذين حرقتهم العبوات المتفجرة وقنابل المولوتوف. وحينها قالت لهم «الوفاق»: لا نستطيع أن ندين العنف الآن. لكن مؤخراً تم لقاء بين «الوفاق» ومستشار الأمن القومي الأمريكي بحضور السفير أيضاً، ولا يستبعد أن يكون الهدف هو البحث عن مخرج ووسيلة لإعادة التاريخ، ولسنا بالطبع في حاجة إلى معرفة لماذا لا تستطيع «الوفاق» إدانة العنف، إذ مثلما قلنا ونقول وسنظل نقول: هي مسيرة وليست مخيرة، ولا يوجد أحد فيها على الإطلاق، يستطيع أن يمرر خيطاً في ثقب إبرة من دون صدور فرمان بذلك من الولي الفقيه في طهران. هذه هي الحقيقة التي لا لبس فيها.
إن خوف إيران من أن تفقد ذراعها في البحرين ما تبقى لديها من قدرة سياسية، بالإضافة إلى ما تعانيه «الوفاق» من انحدار سياسي وتناقص، سوف يزيد بدرجة حادة بمجرد أن تقول إنها تدين العنف والتخريب في الشارع، ولهذا فإن رفض العنف والتخريب الذي تشرف عليه «الوفاق» من خلال سياسة تبادل الأدوار، ينطلق من هذا الأساس.
أمر مضحك حقاًّ، وحالة نادرة من نوعها، جمعية سياسية ترتفع شعبيتها لدى مؤيديها حينما تتمسك بخيار التخريب التصاعدي، وينفضّ الجمع من حولها حينما تدين العنف والتخريب، ولذلك فهي لا تجرؤ على هذه الإدانة. واللافت في الأمر، أن التسريبات وصفت منسوبي «الوفاق» الذين يريدون الوصول إلى الحكومة من أجل حوار عن طريق وسطاء بأنهم «معتدلون» و«واقعيون»، فإذا كان هذا الاعتدال لا يمكنهم من رفض العنف والتخريب، فكيف هو الحال إذن مع البقية الراديكالية؟
لكن لنقف عند السؤال الأهم: هل الحوار مرفوض؟ كمبدأ أعتقد أنه غير مرفوض، لكن المرفوض بتاتاً ولا نقاش فيه، عبّر عنه تجمع الوحدة الوطنية برفضه إجراء أي حوار في ظل سعي «الوفاق» العقيم إلى الانفراد بالحوار مع السلطة وتوجيه دفّة المطالب. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ومع القبول بالحوار من ناحية المبدأ فقط، فإن النتائج هي الأخرى قابلة للرفض.

عنان والتواطؤ الدولي مع النظام السوري

السيد زهره
ما الذي فعله كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا أو للشعب السوري منذ ان طرح خطته وبدأ مهمته حتى اليوم؟
الذي فعله بالضبط انه وفر غطاء للنظام السوري كي يمضي قدما في عمليات القتل والذبح للشعب السوري وفي استباحة المدن السورية.
الذي فعله بالضبط انه لعب دور الواجهة للتواطؤ الدولي، وتواطؤ القوى الكبرى، بوجه خاص، العملي مع النظام السوري وضد الشعب.
هذا هو التوصيف الدقيق لما «أنجزه» كوفي عنان منذ ان طرح خطته حتى يومنا هذا.
حين طرح عنان خطته، وأعلن النظام السوري قبوله لها ، كانت استراتيجية النظام واضحة تماما، وكان الكل في العالم يعلم بها.
كانت هي نفس الاستراتيجية التي سبق أن اتبعها حين أعلن قبوله للمبادرة العربية التي طرحتها الجامعة.
واستراتيجية النظام هي إعلان قبول الخطة وكل بنودها، فقط كي تخف عنه الضغوط، ويتاح امامه مزيد من الوقت للمضي قدما في خطته الأصلية المتمثلة في القمع الى أقصى حد، والقتل، ثم القتل، وذلك على أمل ان يتمكن عبر هذا من ذبح الثورة في نهاية المطاف.
فعل النظام هذا حين قبل المبادرة العربية، وكسب بضعة أشهر واصل فيها عمليات القتل والتنكيل بالمدن كالمعتاد.
وفعل هذا أيضا مع خطة عنان.
لقد تضمنت خطة عنان ستة بنود، حتى يومنا هذا، ورغم مرور كل هذا الوقت منذ ان دخلت الخطة حيز التنفيذ كما هو مفترض، لم ينفذ النظام السوري بندا واحدا من هذه البنود، ولم تدخل الخطة حيز التنفيذ أصلا في الواقع العملي.
ومنذ ان بدأ التنفيذ المفترض للخطة، تصاعدت عمليات القتل والتنكيل بالشعب السوري أكثر من ذي قبل بكثير، الى ان وصلت إلى ذروة البشاعة والهمجية في مجزرة الحولة قبل أيام.
ورغم كل هذا، فقد ظل كوفي عنان في تصريحاته العامة، يعطي الانطباع الزائف بأن تقدما يحدث، وبأن هناك أملا في ان تنجح خطته.
وظلت دول العالم، وعلى رأسها الدول الكبرى، تعلن تأييدها لخطة عنان، وتدعو الأطراف الى الالتزام بها، وتعلن أنها تنتظر لترى الأفعال لا الأقوال.. الى آخر هذه المواقف التي لا تعني إلا غض النظر تماما عن الواقع المأساوي الموجود في سوريا بالفعل.
أقصى ما تفعله الدول الكبرى، رغم كل المجازر التي وقعت في سوريا هو التحذير من حرب أهلية. وأقصى إجراءات عملية اتخذتها هي خطوات من قبيل طرد دبلوماسيين سوريين، أو الحديث عن احتمال فرض عقوبات على النظام. هذا مع ان كل دول العالم تعلم ان مثل هذه الإجراءات لا قيمة لها في نهاية المطاف، وان النظام الذي تقوم خطته على تصعيد القتل والتنكيل بالشعب الى أقصى حد، لا تعنيه مثل هذه الأمور ولا تؤثر في قراراته.
حقيقة الأمر ان موقف كوفي عنان والدول الكبرى على هذا النحو هو في جوهره تواطؤ مع النظام السوري، وتمكين له من الحصول على الوقت الذي يريد للمضي في خطة القتل والتنكيل بالشعب السوري. وفي غضون ذلك، يشاهد العالم يوميا أبناء الشعب السوري يذبحون ويسقطون قتلى.
لماذا يفعلون هذا؟
اللعبة معروفة ومكشوفة. مصالح القوى الكبرى تقتضي ذلك.
دولة كبرى مثل روسيا تعتبر سوريا احد آخر معاقل نفوذها وساحة لمساومة الغرب والدفاع عن مصالحها في المنطقة، ولهذا تدعم النظام السوري مهما ارتكب من مذابح.
أمريكا وباقي الدول الغربية، لحسابات مصالحها الخاصة، لا تريد ان تتدخل في سوريا، وليس يعنيها كثيرا في واقع الأمر ان تنزلق الى حرب أهلية، أو ان يستمر نزيف الدم هذا الى فترة طويلة أخرى قادمة.
سوريا أصبحت ساحة للعبة دولية كبرى مكشوفة. الذي يستفيد من ذلك هو النظام ، والذي يدفع الثمن هو الشعب السوري.
لا أحد يريد تدخلا عسكريا خارجيا في سوريا يمكن ان يفاقم المحنة أكثر مما يعالجها، لكن الأمر المؤكد ان هناك الكثير الذي يمكن عمله لإجبار النظام على الأقل ان يوقف آلة القتل والتنكيل بالشعب السوري، وان يوقف استباحة المدن وعمليات الذبح للأطفال والنساء والشباب والشيوخ التي يمارسها بدم بارد.
حتى هذا لا تريد الدول الكبرى ان تقدم عليه كما هو واضح.

بعض سفراء البحرين في الخارج هل يمثلون أنفسهم أم المملكة

أحمد سند البنعلي
إن كانت الأخبار صحيحة، فإننا نريد أن نسمعها واضحة بلا لبس، هل تريدون علاقات مع العدو الصهيوني، وتسعون لها أم لا، فقد سئمنا من سماع أشياء من جهة ورؤية أفعال من جهة أخرى؛ لذلك حبذا لو قال لنا المسئولون عن سياسة المملكة الخارجية ما إذا كانوا على اتصال بالعدو الصهيوني ويسعون للتطبيع معه أم لا، فما يحدث هو أمر غير طبيعي؛ نظرا للعلاقة بيننا وبين ذلك العدو.
ما تتداوله المواقع الإخبارية أن بعض السفراء البحرينيين شاركوا في مؤتمرات يهودية وهاجموإ إيران من خلالها ودعوا في هذه  المؤتمرات العدو الصهيوني لدعم البحرين في مواجهتها لإيران. سبحان الله، فقد أصبح العدو الصهيوني هو مصدر العون للمملكة (حسب زعم هؤلاء السفراء) في مواجهة إيران.
هل أصبح العدو الصهيوني هو الصديق الآن، وهل ترك هؤلاء السفراء جميع الحقوق التي اغتصبها ذلك العدو ومازال مغتصبا لها جانبا، وبدأوا في وضع خيوط الصداقة مع ذلك العدو، والأهم من كل ذلك هل يتعامل كل منهم من تلقاء نفسه في حضور مثل تلك اللقاءات، وإطلاق مثل تلك التصريحات، أم إنهم يتلقون تعليمات من المملكة تبارك تلك الأفعال أو تحثهم على القيام بها ظنا أنها لن تخرج إلى العلن، ولن يعلم بها أحد حتى تتم خطوات أخرى، أم إن وزارة الخارجية عندنا تريد وضعنا أمام الأمر الواقع مستقبلا وفي وضع لا نستطيع الفكاك منه كما هو حال الشعب المصري الشقيق الذي يريد إزالة اتفاقات العار مع ذلك العدو، ويبحث عن الطريقة التي تعفيه من الالتزامات الدولية التي أوجدتها تلك الاتفاقية؟ لقد نجحت السياسة الأمريكية في توجيه البوصلة صوب إيران بعيدا عن العدو الصهيوني، أو ربما بحث السفراء عن مبررات يسوقونها للتقرب من العدو الصهيوني ووجدوها في التدخل الإيراني في الشأن البحريني، وأعطتهم إيران ذلك المبرر المنطقي للإقدام على تلك الخطوة المرفوضة من قبل الشعب البحريني مما يعني بُعد السفراء عندنا عن السياسة التي يريدها الشعب.
عدونا الحقيقي والدائم هو العدو الصهيوني، أما إيران، فيمكن أن يكون الخلاف معها وقتيا واعتمادا على سياستها الخارجية تجاهنا وموقفها من الأراضي المحتلة من جانبها. أما العدو الصهيوني، فلا مكان له في الوطن العربي، وهم عصابات اغتصبت حقوقنا ومازالت، والصراع معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود، أي أن السلام لن يسود في فلسطين إلا بعودتها كاملة لأمتها العربية، وهذا لا يكون إلا بزوال ما يسمى بإسرائيل ليعود اسم فلسطين كما كان قبل العام 1948.
كنا نأمل أن تستدعي وزارة الخارجية هؤلاء السفراء وتؤنبهم على ذلك الفعل المرفوض شعبيا وتجلسهم في المملكة عقابا لهم على ما فعلوه، وإلا فإنها مطالبة بتفسير علني على ذلك، فإن كانت الوزارة على علم بما حدث ولم تفعل شيئا، فإن تلك مصيبة، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم، ومجلسا النواب والشورى من المهم أن يكون لهما موقف علني وواضح من تلك الأفعال، فما نعرفه أن هناك قانونا لم يخرج إلى النور يجرم أي فعل من ذلك النوع؛ لذلك على الأقل لابد وأن يمارس النواب ما أقروه في ذلك القانون، ويقدموا استجوابا لوزارة الخارجية. أما سكوتهم على ما يجري، فهو أمر يبعث على الريبة إن حدث.

طرد السفراء وماذا بعد

أحمد مبارك سالم
سمعنا مؤخراً على إثر وقع الجريمة الشنعاء التي قام بها النظام السوري في قرية الحولة بحمص عن قيام مجموعة من الدول الأوربية وأستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية بطرد السفراء الممثلين للنظام السوري من دولهم، وقد تم قبل ذلك طرد السفراء الممثلين للنظام السوري في دول مجلس التعاون وغيرها، وذلك كرد فعل على المجازر الشنيعة التي يرتكبها النظام السوري الطائفي الخانق على شعبه في بلاد الشام، ولكن نقولها وبأعلى صوت ... وماذا بعد؟
ماذا بعد طرد السفراء؟ وإلى متى سنظل ضمن بوتقة هذه الإجراءات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ ولماذا اتخذ الناتو قراراً بضرب نظام القذافي حتى سقط والأمر يختلف في ذلك بالنسبة لسوريا؟ هل لأن الإجرام الذي يمارسه النظام السوري في حق شعبه أخف وقعاً من الإجرام الذي مارسه القذافي قبل ذلك؟ أم إنها حسابات بين الدول العظمى، والدول العربية تضيع ضمن هذه الحسابات، فلا تتمكن من اتخاذ قرار ولا خطوة في ظل التعنت الروسي والصيني في الإصرار على عدم اتخاذ أي موقف صارم من النظام السوري.
تساؤلات كثيرة، وإجابات أكثر تشعباً ستبرزها الأيام القادمة حول هذا الملف الحساس، أما وقد آنت نهاية النظام السوري، فإن ذلك ليس لمواقف الدول العظمى، بل لإرادة من رب الأرباب، ومسبب الأسباب الذي ينظر إلى عباده من أهل الشام الذين يناضلون ليل نهار في سبيل إزاحة هذا النظام البائس، والذي عندما ينزاح ستنكسر شوكة الحزب الطائفي الذي يطلق على نفسه حزب الله، وستنكسر شوكة المشروع الاستعماري الصفوي التوسعي بعزيمة أبطال الشام الذين ينبغي ألا يقتصر دعمنا لهم على الدعم بالمال والدعاء، بل لابد من الجهاد معهم بوقفة رجل واحد تتحدى الصلف والتعنّت الإيراني.
ولا ننسى في خضم الحرب الطائفية الصفوية التي يقودها نظام الملالي في إيران، وتمتد فروعها بقيادة الطائفي المالكي في العراق، والمجرم بشار في بلاد الشام، والشخصية الطائفية المدعو حسن نصر الله في لبنان أن نكون صفاً واحداً منيعاً يقف أمام خطة هذا المد الصفوي البغيض، والذي أثبت بشاعته عندما أمسك بسدة الحكم في العراق وفي سوريا، وهو يسعى إلى ذلك في البحرين وفي السعودية وفي غيرهما في ظل مساعيه الاستعمارية البغيضة والعنصرية التي يوظف من خلالها الخيرات التي كان ينبغي أن يتنعم بها شعبه.
لا يكفي أن نتخذ هذه المواقف المهترئة من نظام يذبح شعبه كالنعاج، وينكل به ويذيقه ويسومه سوء العذاب، ونداء نتوجه به عبر هذا المنبر الإعلامي إلى حكام العرب والمسلمين بحكم قواسم الدين واللغة، وإلى مختلف الدول في العالم باسم الإنسانية التي انعدمت في شخص هذا النظام، أن تتخذ خطوات جادة في دعم إسقاط هذا النظام البائس بأقصى سرعة ممكنة أياً كانت التبعات.
وفي رأيي، فإن الانتصار قريب جداً، وسيكون على يد الجنود المخلصين من الشعب السوري، والذين يستعينون بالله ويركنون إليه، وموعدنا في رمضان القادم شهر الانتصارات، فعندها سنرى نهاية يتفكر فيها المتفكرون، ويتدبر فيها المتدبرون. إنها نهاية الطغاة والجبابرة من أمثال فرعون وهامان وبشار وخامنئي، وغيرهم كثر في هذا الزمان وفي غيره من الأزمان، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
زبدة القول
إن المواقف المهترئة التي يقوم بها المجتمع الدولي لم تعد مجدية، فمع كل موقف يتخذ ضد النظام السوري لردعه يكون في المقابل إصرار على الجريمة الشنعاء التي يمارسها هذا النظام في حق شعبه، فمازالت المذابح مستمرة، وهذا النظام قد قام بالكثير من الجرائم في حق شعبه، وهو ما لم يقم به حتى النظام الإسرائيلي المحتل، فقد أثبت من خلال شناعة جرائمه كمية الحقد الدفين الذي تستوعبه قلوب هؤلاء المجرمين.
نقولها وكلنا تعلق برب الأرباب ومسبب الأسباب، إن نصر الله قريب، وإن دعاءكم ووقفتكم أيتها الشعوب الإسلامية والعربية ستكون ثمرتها وموعدنا معها في رمضان القادم بحوله وقوته، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ونهاية هذا الطاغية نهاية سيعتبر لها المعتبرون، ولعل ما يجري على أرض الواقع اليوم يمثل بوادر لنهاية النظام الإيراني الذي يمثل مركز صناعة الإرهاب والتطرف والعنصرية البغيضة لتصديرها للعالم باسم المظلومية وتصدير الثورة المزعومة التي لم يجن منها الشعب الإيراني إلا الجوع والفقر والبأس على يد هذا النظام المنحل والبائس والوضيع.

عبدالحميد دشتي.. كمان وكمان

داود البصري
للنائب الكويتي المحترم عبدالحميد عباس دشتي في تصريحاته وأقواله وتحركاته المعلنة تناقضات غريبة وانقلابات عجيبة بعضها يثير الابتسامة والبعض الآخر يثير الحنق، ولكن الغالب الأعم في تلكم التصريحات الساخنة اتسامها بالإثارة الشديدة لكونها تحمل بين عناصرها الساخنة أطنان هائلة من الغبار و(الطوز) ولربما حتى (اليورانيوم المستنفذ)!!، فمواقف السيد دشتي من العديد من الملفات العربية والإقليمية والخليجية خصوصا معروفة للقاصي والداني ولا تحمل في طياتها أية أسرار أو مغاليق! فكله مفتوح ومباشر وعلى الهواء مباشرة، وموقفه في دعم النظام المجرم في سوريا بالتصريحات والاستثمارات المجزية بل والتبشير بقدسية وعدالة وروعة الدستور السوري المسخ الجديد الذي أصدره في الوقت الضائع زعيم وسيد وقاتل أطفالها ومحطم حرائرها الرفيق الفريق الدكتور بشار أسد هو من المواقف المناوئة بالكامل لمواقف الأغلبية الشعبية ليس في الكويت فقط بل في العالم العربي والإسلامي برمته!، كما ان مواقف السيد أبوطلال دشتي من أعمال التخريب الإيرانية في البحرين والمتدثرة تحت غطاء الشعارات الإصلاحية وتلك قضية حق أريد بها باطل لا تحتاج لمترجم كي يحلل شفراتها ويفك ألغازها ويفند أسبابها؟ أما عداؤه العلني والصريح والمعلن للمملكة العربية السعودية ودعوته اللندنية عليها وعلى نظامها بالهلاك فهو أمر مثبت وصريح في عوالم اليوتيوب وفي صولات أفلام الفيديو لمؤتمرات المعارضة البحرينية المدعومة إيرانيا في لندن الصمود والتصدي!!، أما اجتماعاته المارثونية وحضوره لمؤتمرات أحزاب إيران في العراق ومؤتمر النجف الأخير التشهيري والطائفي القح ضد عروبة وحرية واستقلال وسيادة وشرعية مملكة البحرين الدستورية فتلك من نوافل الأقوال والأمور، وطبعا لا أراني في حاجة لتفصيل مواقف السيد النائب المحترم دشتي من قضية (نجدة قوات درع الجزيرة لحفظ عروبة البحرين وسلامها الأهلي) وموقفه الرافض والصريح بل والمعادي لذلك التوجه وهو موقف في النهاية ينسجم مع توجهاته الفكرية والساسية والآيديولوجية، فالرجل لم تتحرك مشاعره أبدا لمناظر جثث أهالي سوريا في حمص وإدلب ودرعا ودير الزور والبوكمال ودمشق وحلب وحماة، ولم تهتز شواربه لمناظر تقتيل النساء والأطفال واستعمال السلاح الجوي السوري المهان أمام الطلعات الإسرائيلية والمستأسد ضد المدنيين العزل، ولم يقم بإدانة تدخل حرس خامنئي الثوري في دعم طغاة الشام ولا تدخلات حزب حسن نصر الله المعيبة وعصابات مقتدى الصدر وأحمد الجلبي في الشأن السوري، ولكنه من خلال الأزمة الإعلامية الأخيرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والشيخ يوسف القرضاوي تدخل بقوة وبشكل مخالف لكل توجهاته المعلنة السابقة وأطلق صواريخ الصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي الكلامية ضد جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي أدان تصريحات ناطقها الإعلامي السيد غزلان واعتبرها تصريحات غير مسؤولة! مؤكدا أي السيد دشتي (على أننا كدول خليجية يجمعنا هدف ومصير مشترك)!! وطبعا الكلام الآنف الذكر جميل جدا ولكنه على رأي الرفيق الراحل الفريق عبدالحليم حافظ (حاجة غريبة.. الليل ده كله كان إمبارح)!! ترى أين كان المصير الخليجي المشترك ودشتي يساند مذابح النظام السوري ضد شعبه على الضد من الإرادة الخليجية الجماعية؟ وأين هذا المصير المشترك ودشتي يتحالف ويساند أمراء الطوائف في العراق كالجلبي والجعفري وصولاغ ومقتدى أفندي المنغولي في تآمرهم العلني ضد مملكة البحرين؟ وهل يصمد رأي السيد دشتي حول المصير المشترك الخليجي فيما لو قررت دولة الإمارات العربية المتحدة تفعيل موقفها بالإصرار على استعادة الجزر الإماراتية المحتلة من قبل النظام العنصري الإيراني المتغطرس الذي يصر على فارسية تلك الجزر بل وعلى تبعية مملكة البحرين ذاتها لإمبراطورية الولي الفقيه!!، أعتقد أن عصر الفذلكات والتذاكي ولعب الثلاث ورقات واستغلال الأزمات لتغطية مواقف معينة قد انتهى تماما أمام الشفافية الإعلامية و مواقف الاصطفافات الصريحة، نتمنى فعلا أن تكون (فزعة) النائب دشتي لدولة الإمارات المقدمة الموضوعية لفزعته ونصرته لمملكة البحرين التي تقاتل اليوم كل شياطين الغدر لتبقى حرة عربية خليجية مرتبط مصيرها بالمصير المشترك لدول الخليج العربي! كما نتمنى على السيد دشتي الالتزام بالمصير الخليجي المشترك وإدانة النظام الإرهابي السوري المجرم، فمواقف الخليجيين واضحة ولا تقبل التأويل.. أما الاصطياد في الماء العكر فقد انتهت عروضه بالكامل، ننتظر بكل شوق المواقف الخليجية المصيرية الجديدة للنائب عبدالحميد عباس دشتي.. وهلوا وإحنا نهل.. ويا محلى جمع الشمل....!

هل الذكاء وبال على أهله

غسان سليمان العتيبي
نعمة الذكاء تكون وبالا وشقاء على اصحابها، اذا ما خالطوا الاغبياء والجهلاء، وفطن الشاعر الى الامر ذاته فقال: «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. واخو الجهالة في الشقاوة ينعم».
وهذا امر واقع وحاضر ملموس، ولا مفر للاذكياء من هذا الشقاء غير سلوك سبل المراوغة والنفاق، وعلى قولة المصريين «الاستعباط» او التغابي.. فهب انك تعمل مع رئيس لك غبي.. وحين اكتشافك لبعض اخطائه بفطنتك وذكائك اخبرته بان هذا خطأ، وما كان يجب ان يكون، ماذا يا ترى سيحل بك؟ واي جائزة ستمنح لك من هكذا رئيس غبي؟ بالطبع سيكون مصيرك الطرد، وستلفق لك ابشع التهم، وتتهم بالغباء والكسل وعدم العمل، وهذا كله لماذا؟ لانك انسان ذكي تعمل في محيط مجموعة من الاغبياء.
اما ان ادعيت الغباء، وسلكت سبل الاستعباط، واثنيت على رئيسك، واعلمته بانه المتفرد في ادارته، الفذ في ذكائه، البليغ في انتقاء كلامه.. فلا يكن عندك شك في انك ستعتلي اعلى الدرجات، وستحظى بجميع الترقيات.
ولا اكون مبالغا اذا قلت ان زمننا هذا هو زمن التغابي، ولا مكان فيه للجادين الاذكياء، فالكذب تغير اسمه فاصبح تجملا، والنفاق اصبح تجميلا للصورة وتمشية للمصالح، والرشوة اصبحت هدية.. فاصبح الذكي هو الغبي.. والغبي هو من يدعي الذكاء والفهم.
ويا ليتك تخبرني اخي القارئ كيف تعيش بغير ان تتجمل، وكيف تعيش من دون ان تتأفف وكيف تعيش بغير ان تقدم رشوة؟ وكيف ستكون حياتك ان امتنعت؟.. لا شك في انها ستكون جحيما، وتتحول كل الممكنات الى مستحيلات الا اذا قررت ان تحيا حياة الزهاد العباد.. فتقبع داخل صومعة وترتدي الصوف الخشن وتناجي ربك ليل نهار.. لعله ينقذنا من زمن الاشرار.. او تفقد عقلك وتنسى علمك.. ففاقد العقل لا يشعر بما يحاك تجاهه وما يدور حوله.. لذلك قالوا ان «المجانين في نعيم»، ولك عزيزي ان تختار ما بين فقدان العقل او الزهد.. او ان تتجمل وتستعبط وتقدم الهدايا.. لاصحاب العطايا.. اردت فقط ان اقول إن الغبي او المتغابي هو اذكى الاذكياء في زمن الاغبياء.

مذبحة الحولة.. رسالة دمشق للخليجيين

د‮. ‬ظافر العجمي
“بطانياتهم تشبه بطانياتنا، شبصات شعر البنت مثل التي عندي”، قالتها ابنتي ونحن نشاهد مقطع مصور بكاميرا تلفون نقال يظهرالجثث المبعثرة للثلاثين طفلاً الذين قتلهم النظام السوري. غطى على صوتها بعد ذلك صوت مرتفع يصيح بلهجة سورية “خمسا وعشرين خمسي ألفين وتنعش، الله أكبر، الله أكبر، كلهم أطفال”، غيرت المحطة وغيرت مكان منامها لتكون بجانبي تلك الليلة لأهدئ من روعها بعد أن شاهدت مقطعاً تعودت أن أحذف مثله قبل مشاهدته عندما يصلني على “الواتسب” مصحوب بتحذير بعدم مشاهدته من أصحاب القلوب الضعيفة، لكن كيف أحذف ما شاهدته “روان” ذات الثمانية أعوام من ذاكرتها؟ لقد وصلتها رسالة الأطفال القتلى وجثثهم تقول لها نشبهكم حتى في الدم الذي غير ملامحنا، لكن الأسد وبعد التمهيد لها بالقصف المدفعي أرسل بمذبحة الحولة رسالة طويلة للعالم منها للخليجيين عشر نقاط هي:
1- لا طائلة من فرض عقوبات اقتصادية أو تجميد أموال رموز النظام أو عزل دمشق عن الجامعة العربية والأمم المتحدة، فالحسابات الإقليمية لصالح الأسد، وطهران بتدخلاتها العبثية تحقق نجاحاً بعد آخر، وتركيا مرتبكة، وقد كشفت حرب ليبيا مشاكل رافقت تنفيذ عمليات الناتو الجوية، وستمنعه من مهاجمة سوريا.
2- إن اقتراب التظاهرات من دمشق والتي سيتبعها بالتأكيد نفس الأحداث التي تجري خارجها يعني سقوط النظام، وما تم في الحولة ليس سوى إجراء عسكري يعرف بخلق العوائق على محاور تقدم العدو.
3- الحل الأمني مستمر، والخطوة المقبلة بعد مجزرة الحولة هو عدم الاستقرار الذي سيقود البلاد إلى حرب أهلية، وعلى قناتي الجزيرة والعربية الكف عن تحريك الثورة وتجفيف منابع الدعم الإعلامي للتمرد.
4- لدى الأسد تصريح وتسهيلات دولية بالقتل، فرغم بشاعة ممارسات قواته إلا أن ذلك لم يمنع استمرار تدفق السلاح من روسيا، حيث تزامن وصول سفينة السلاح الروسية “تشاريوت” مع مذبحة الحولة، بينما نجح حلفاؤه في اعتراض سفينة السلاح الخليجية الليبية “لطف الله 2” في لبنان.
5- على الخليجيين الكف عن المراهنة على أي دور للجيش العربي السوري في تغيير النظام بعد أن فقد الشيمة بقتله الطفل والمرأة والرجل الأعزل البريء، وبصم منتسبوه بدم أطفال الحولة عقد شراكة أبدية مع النظام.
6- ما يحصل على الأرض هو جهد لإيصال العالم لقبول مرحلة طلب التنحي، كالتي قام بها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، بشروط منها بقاء الحزب ورموز النظام محميين من العدالة ليعودوا للسلطة بأقنعة جديدة، وعلى مجلس التعاون تجهيز مسرح الأحداث لمبادرة خليجية مشابهة في سوريا.
7- بسبب البعد القبلي يقف الخليجيون في موقع ملاصق لسوريا حيث لم ينجح النظام البعثي في تعطيل قنوات التواصل، ولن أحصر ذلك في سكان الجزيرة وهي نصف مساحة سوريا، كما لن أحصره في قبيلة “عنزة” التي منها نصف الأسر الحاكمة بالخليج، ورسالة بشار تقول بدأت بحرب عزوتكم من العشائر وستتحول جمعة العشائر إلى مذابح العشائر.
8- يريد الأسد أن يقول بخطأ من يراهن على أن مذبحة الحولة ستأتي بنتائج مذبحة سربرنيتشا في البوسنة، حيث كان من تبعاتها الحملة الجوية للناتو أغسطس 1995م التي أنقذت بقية المسلمين. فمذبحة دير ياسين في أبريل 1948م نتج عنها تسمية شوارع القرية عام 1980م بأسماء مقاتلي الأرجون وشتيرن الذين نفّذوا المجزرة ضد أهلنا في فلسطين، كما لم يطل من نفذ مذبحة صبرا وشاتيلا إلا التوبيخ فقط.
9- تسيل الدماء الآن لتجرف أساسات جسر التحالف السني الذي يبنيه الخليجيون مع سوريا الجديدة بعد سقوط نظام حزب البعث، لكون سوريا بلداً ذا غالبية سنية.
10- يعمل الأسد على تهيئتنا لتقبل ارتفاع بشاعة ممارساته، فما قطع أصابع الصبية في درعا إلا عتبة لقتل الشباب ثم النسوة وأخيراً الاطفال، والقادم هو سيناريو حلبجة. يريد نظام دمشق أن يقول لوزراء الخارجية الخليجيين خصوصاً، والذين سيجتمعون مع بقية نظرائهم العرب في الخليج بدعوة كويتية وضيافة قطرية لبحث ما يجري في سوريا “ما أنتم في الخليج إلا برميل نفط يصدر ضجيجاً حين يدحرج للحقول بعد إفراغه في الناقلة، فمازلتم رغم ضجيجكم تضخون النفط للصين وهي تحميني وتبيعون مشتقاته لروسيا وهي تسلحني، وتكفرون عن ذلك ببكاء نسائكم على مجزرة أطفال الحولة، ثم تقيمون حفلات الوجاهة بالتبرعات التلفزيونية”. فإما أن نساعدهم أو نكف عن دفعهم للهلاك كما حدث إبان الانتفاضة الشعبانية في جنوب العراق بعد حرب تحرير الكويت 1991، حيث لا يبقى إلا الدفع بمجلس الأمن لإصدار القرارات الواجبة لحماية الشعب السوري بما في ذلك ما تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو أضعف الإيمان، يوازيه تأثيث للعقلية الصينية والروسية الجوفاء بما يليق بها من ضغط وإقناع لتعديل موقفهما من نظام الأسد. وفي الوقت نفسه الاعتراف بالمعارضة والجيش الحر كممثل للشعب السوري ودعمهم إلى أبعد الحدود.

بالروح بالدم

طارق العامر
خير إن شاء الله، لماذا لم نشهد من الوفاق والمجلس العلمائي وما يسمي بـ «14 فبراير» استنكاراً بشعاً للجريمة النكراء والبشعة التى ارتكبها النظام العلوي السوري في مدينة الحولة والتي راح ضحيتها 108 مدنيين واكثر من 300 جريح معظمهم من النساء والأطفال؟ غريبة، لماذا لم نسمع تعليقاً واحدا من اية الله مجنسي؟ يا ترى يا «ولي الفقيه» لو كان الضحايا هؤلاء من الشيعة، هل كان لسانك سيخرس ويعجز عن الكلام؟ او أنهم من جملة من شملتهم فتوى «اسحقووووه»؟ مثل هذا الأمر يدفعك الى الاندهاش والتساؤل، عن السر الذي أخرس بسببه لسان ولاية الفقيه، ومكمن هذا الحقد الدفين المكبوت الذي لا تكف آلة الطائفية على مضاعفته، وتوليد انتاجه كعنف رمزي لا يرحم ولا يترحم حتى على دماء الاطفال والنساء من أهل الاسلام، رغم أن الصياغة النظرية الشيعية لما يعنيه «عموم ولاية الفقيه» تقول «ان الفكر الشيعي يجعل للرسول كل ما لله في سياسة المجتمع وعقيدة اهله، وبعد الرسول يصبح كل ما له للإمام، وبعد غيبة الإمام فإن كل ما للإمام هو للفقيه»!! هؤلاء الفقهاء، الذين ـ من المفترض ـ أنهم في منزلة الرسول، ولهم الولاية العامة في المجتمع، يراهم «رأي الضالين» مؤسس هذه الفكر والدولة الصفوية في ايران، الخميني على انهم: «قوم أصلحوا أنفسهم، وتخلقوا بأخلاق الله وأخلاق الأنبياء (...) ليكونوا أسوة حسنة لغيرهم»!! يا مثبت العقل والدين، ثبت ما تبقى من عقولنا، معقول أن أية الله مجنسي والذي لم ينبس بكلمة ضد جرائم بشار الاسد بحق مسلمين سوريا، يتخلق بأخلاق الله واخلاق الأنبياء؟ وهل يعقل أن اية الله مجنسي أسوة حسنة لغيره؟؟ ربما مناسبة الحديث تفرض علي ان اعرض عليكم ما أقلبه بين يدي حاليا وهو كتاب «تطور الفكر السياسي الشيعي.. من الشوري الى ولاية الفقيه» للكاتب الشيعي العراقي المعروف احمد الكاتب، وهو مشروع ابداعي تثقيفي عملاق، وربما تطورات هذه الأيام، زادته اهميته وجعلت من قراءته ظلا ظليلا في تفسير الحالة التى نعيشها ويعيشها ايضا اهالينا في سوريا وعاشها من قبل ومازالوا، اشقاؤنا في العراق. واعترف أن اعجابي بالكتاب دفعني للتفكير في ارتكاب جريمة اقتطاع أجزاء مشوقة وممتعة منه لكي أثير شهيتك لقراءتها يقول الكاتب: «إن اعطاء الفقيه العادل، وهو بشر غير معصوم ومعرض للخطأ والانحراف، صلاحيات الرسول الأعظم المطلقة وولايته العامة على النفوس والأموال، والتطرف في ذلك الى حد السماح للفقيه بتجميد القوانين الاسلامية الجزئية «الشريعة» كما يقول الامام الخميني (....) وهذا يتناقض تماما مع الفكر الامامي القديم الذي رفض مساواة أولي الأمر في وجوب الطاعة لهم كوجوب الطاعة لله والرسول (...) فإذا اعطينا الفقيه الصلاحيات المطلقة والواسعة التى كانت لرسول الله واوجبنا على الناس طاعته، وهو غير معصوم، فماذا يبقى من الفرق بينه وبين الرسول؟ (...) وما دام الفقيه انسانا غير معصوم فانه معرض كغيره للهوى وحب الرئاسة والحسد والتجاوز والطغيان، بل معرض اكثر من غيره للتحول الى خطر دكتاتوري يجمع بيديه القوة والمال والدين، وهو ما يدعونا الى تحديد وتفكيك وتوزيع صلاحياته اكثر من غيره، لا ان نجعله كالرسول او الأئمة المعصوميين، فذلك لأنه سيتحول الى ظل الله في الارض، ويمارس هيمنة مطلقة على الأمة كما كان يفعل الباباوات في القرون الوسطي». لا أريد أن أتورط أكثر فأقول إن الكتاب يجسد تشخيصا وتحليلا للخراب والألم الذي تسبب فيه مشروع ولاية الفقيه في كل بلد خطى باقدامه اليها، بدءا من لبنان وانتقالا الى العراق ومرورا بالبحرين التي يبدوا وانها ـ وحتى الآن ـ قد نجت، وانتهاء بالحالة السورية التي لم تنجو من براثين شر ولاية الفقيه وفي طريقها الى حرب اهلية، فالواقع أن الكتاب كشأن كل الأعمال العظيمة يصلح لأن يقدم الدليل على ان اية الله مجنسي، جاء الى البحرين كديكتاتور ومتسلط وحاقد استولى على فكرها، وجعل من انصاره تصفق له وتهلل بالروح بالدم نفديك يا هبل!!

مذبحــة الحولــة

حامد عزت الصياد
لا يتنصل أحد من المسئولية
مذبحة الحولة وغيرها من المذابح الجماعية «لأهل السنة والجماعة» في سوريا، ليست بسكاكين الأسد، أو حراب حزب الشيطان، أو خيانة أحفاد ابن العلقمي في حزب الدعوة، بل هي بتحالف صفوي إيراني مع الشيوعيين في روسيا والصين، وتفاهم صهيوني أمريكي غربي، وصمت عربي مخجل لا يمكن تبريره.
الكارثة المفجعة المؤلمة لـ ١١٤ ضحية من النساء منهم ٥٥ طفلا هي بكل المقاييس عار على «بان كي مون» ومنظمته الأممية، و«نبيل العربي» وجامعته العربية، ودكاكين حقوق الإنسان، والحيوان، والنبات، والجماد، وكل الأنظمة المستبدة في العالم.
لم يعدم أعوان إبليس وسيلة مع الأسد إلا واقترفوها للانتقام من أهل حمص، معقل أحفاد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين فتحوا بلاد فارس واخمدوا نيران كسرى، ورفعوا راية الإسلام في المدائن والقسطنطينية، وانهوا للأبد حلم قيام الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، وظلت عقدة الفرس والروم منذ ذلك التاريخ وهي كيف يثأر الاثنان من العرب الأقحاح أهل السنة والجماعة.
هذه الدول الضالعة في مذابح أهل حمص تكافئ إيران الآن على تسهيل مهمتها في احتلال أفغانستان والعراق وإثارة القلاقل في باكستان وتمهد بها لإضعاف العرب وإعادة تقسيم الخريطة إلى دويلات صغيرة من قبائل وعشائر.
بطون التاريخ حبلى بأطماع فارس في محيطها العربي، وفشلها حديثا في احتلال اصغر بقعة جغرافية على الأرض «تقاطع الفاروق» بالمنامة، يؤكد فشل مساعيها في عرقلة الإعلان عن قيام اتحاد دول الخليج العربي، وما ورد على لسان سفيرها في الكويت لصحيفة الرأي الكويتية يؤكد هذا الفشل حتى ان أشار السفير إلى استفتاء الشعوب التي تطالب به خلاياهم النائمة في البحرين والكويت والعوامية.
إيران غير المرغوب في صداقتها عربيا، جارة لا تقدس عهدا، ولا تعرف ميثاقا، ولا تفهم حق الجوار، والدليل على ذلك هو غيض من فيض:
(١) تفجير السيارات المفخخة وسط أحياء العرب السنة واستهداف رموزهم في العراق.
(٢) تشجيع خلاياها النائمة لإشعال الحرائق في البحرين والعوامية.
(٣) ذبح أهل حمص وحماه كما تذبح النعاج.
(٤) تهديد الجيران باستعمال القوة وكل ما تمتلكه لا يتعدى سوى تخصيب يورانيوم ذي خصوبة منخفضة في أنابيب الفصل بالطرد المركزي.
(٥) القيام بتحالفات مشبوهة مع القاعدة والحوثيين لزعزعة استقرار اليمن وجنوب السعودية.
(٦) إعدامات بالجملة لأهل السنة في الأحواز.
(٧) احتلال جزر امارتية لا تملكها.
(٨) تكريس الانقسام بين فتح وحماس.
(٩) تقسيم لبنان على أسس طائفية بغيضة.
(١٠) استهداف المنامة بـ ٧٠ قناة تلفزيونية لزعزعة امن واستقرار البلاد.
(١١) محاولات فاشلة للوقيعة بين مصر والسعودية بإعلام طائفي كاذب.
كما اجمع العلماء بأن مصر هي معقل أهل السنة والجماعة، فان السعودية هي الأساس في وأد محاولات المد الصفوي وان امتلك هذا المد ٢٠٠ رأس نووية.
وكما فشلت إيران في نشر مذهبها في مصر منذ سقوط الدولة الإخشيدية، وبدت مؤشرات فشلها في الظهور منذ إعلان «صلاح الدين» زوال الخلافة الفاطمية سنة ٥٦٧ هجرية، فقد حطم المجلس العسكري أحلام إيران للأبد أن يكون لها موطئ قدم في أرض الكنانة.

أسبابُ عجزِ القوميةِ الفارسية عن التطور الديمقراطي

عبدالله خليفة
تشبه القومية الفارسية في لحظتها التاريخية الراهنة العصبية القومية العربية في زمن الخمسينيات. حيث المركز العسكري الشمولي في هياجه السياسي، يحركُ صخبَ الجماهير الزبدي، ويفجر معارك لا لزوم لها، معارك ضد حلفاء ممكنين، أو أناس محايدين.
ابتلاع الدولة الفارسية لبلدان الأتراك والعرب والكرد والبلوش منذ تكون الإمبراطورية البهلوية شكّل آلةً حكومة عسكرية لم تقدم أيديولوجيا قومية أو إنسانية ديمقراطية لجميع الشعوب الداخلة في هيمنتها.
الابتلاع الأول جرى في ظروف الاستعمار الكولونيالي:
(منذ عام ١٩٢٠م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية الحاكمة للأحواز، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران. حيث مَنح البريطانيون الإمارةَ الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزعل على ظهر طراد بريطاني حيث أصبحت الأحواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران وأدى اكتشاف النفط في الأحواز وعلى الأخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى للسيطرة عليها بعد تفكك الدولة العثمانية «الرجل المريض»، وبعد ذلك عادت تسميتها القديمة الأهواز بعد سقوط الأسرة القاجارية إثر الاحتلال الروسي لإيران وتولي رضا بهلوي الحكم في إيران)، موسوعة ويكيبديا.
عملية تمدد القومية الفارسية جرت من خلال تهديدات الروس القومية المبتلعة للقوميات الأخرى من خلال شمولية رأسمالية حكومية، فقوى ذلك طابع رأسمالية الدولة الفارسية، وقدم لها الاستعمارُ البريطاني هديةً إيجابية مليئة بالنفط من أجل تقاسم النفوذ في العراق والخليج.
إن الطابع القومي العسكري لم يَهضم الحداثة الغربية إلا كتقنيات، وظل شمولياً في هيمنته السياسية الاجتماعية على الجمهور، سواء أكانت هيمنة ذكورية على النساء، أم هيمنة الارستقراطية الفارسية على الشعب وهيمنة القومية الفارسية على الأقاليم غير الفارسية.
يفاقم ذلك تباينُ النسبةِ العددية للقومية الفارسية عن القوميات الأخرى:
(عدد الفرس ٣٠% من تعداد السكان ضمن جغرافية ما تسمّى بإيران، وتشكل الشعوبُ غيرُ الفارسية النسبة المتبقية منها، وتتمثل في الآذريين الأتراك (٢٥ مليون نسمة)، الأحوازيين (عشرة ملايين)، الأكراد (عشرة ملايين)، البلوش (أربعة ملايين)، التركمان (أربعة ملايين)، إلا أن جميع السلطات في إيران تختزل في القومية الفارسية).
إن إمكانية النمو القومي الديمقراطي غير ممكنة، ولهذا فإن الأيديولوجيا القومية الفارسية الليبرالية لا تنمو، وتصطدمُ بنزعةِ هيمنةٍ كبيرة، مثل روسيا، فإذا نمت الليبراليةُ الديمقراطيةُ وركائزها من تعاونٍ إنساني وتعددية وعلمانية وحداثة فإن ذلك يعني انهيار السيطرة على القوميات الأخرى المُلحقة بالقوة للمركز.
كذلك فإن الارستقراطية الحاكمة لم تتحول لطبقة وسطى ولم تساعد على نشوء طبقة وسطى ديمقراطية، وأعطاها نمو الموارد وتحولها من الزراعة للصناعة والنفط إمكانيات كبيرة لتقوية المركز بشكل إداري عسكري.
من هنا نجد أن الارستقراطية الحاكمة تتبدل من مَلكية إلى (جمهورية) دون تغيير في العمق الاجتماعي الثقافي.
القومية الحادة والمذهبية شكلان للارستقراطية الحكومية الفارسية في نموها، فاسم الدولة (إيران) يأتي من اقتراح ألماني نازي سنة ١٩٣٦، مثلما أن خيارَ ولاية الفقيه يعكس عجز الارستقراطية القومية عن تَمثُل العناصر الديمقراطية الإنسانية سواءً في الإسلام أم في الثقافة الغربية.
العناصرُ الفاشيةُ المذهبية مكوناتٌ متداخلة ترفض العقلانية والديمقراطية وتُصعّد في الجموع الهياجَ العاطفي العصبي لتحويله لعنف، ولهذا يجري نشر هذه الثقافة خارج حدود إيران في (المجال الحيوي) وتسعير العداء القومي المذهبي.
ونظراً لضآلة عدد الفرس وعدم قدرة هذا العدد على تكوين (إمبراطورية الرايخ الفارسية) يتم تعويضه بالعنصر المذهبي حيث تتضخم القومية بشكل غير حقيقي.
لقد وجدت في المذهبية الإثني عشرية قناعاً تخفي به طابعها الاجتماعي السياسي، عبر تصعيد دور اللاعقلانية والأسطرة والعبادات الاحتفالية.
لقد شكلت لها المذهبية مخرجاً توسعياً كذلك.
كما أن وجود أهل المذهب في المناطق الزراعية المتدنية التطور يتيح للعناصر القومية الفارسية اللاعقلانية التغلغل واستغلال الكادحين والفقراء البسطاء في وعيهم وفي ظروف عيشهم الصعبة والذين لم يعبروا زمنية نهضة ديمقراطية ليبرالية.
ومع تحول هذا المشروع لآلة حربية واقتصادية كبيرة عبر الحرس الثوري يصل المشروع إلى مرحلة تنفيذ لا تجد منافذ سليمة ولا علاقات آمنة. لكونه يصطدم بالقوميات والأديان والمذاهب والدول الأخرى، فنجده ضد الغرب والعرب والشعوب في الداخل، ولهذا تحول القومية المتعصبة إيران لمشروع روسيا مستبدة عسكرية أخرى تنتظر التفكك الداخلي.