Wednesday, May 30, 2012

إذا أردتم وقف الإرهاب اسحبوا الجنسيات والخدمات

هشام الزياني
كثير من الإجراءات التي يطالب بها الناس أصبحت (للتهويش) وللإعلام فقط، ولم نر منها شيئاً على الواقع، ومن ضمنها سحب جنسيات الإرهابيين والمحرضين ومن يستهدفون الأمن الاجتماعي للبحرين، ومن يستهدفون رجال الأمن بالقتل المتعمد. أزعم أن سحب جنسيات الإرهابيين والمحرضين والممولين سوف يكون له أثر أكثر من أحكام الإعدام، مع أهمية حكم الإعدام لأخذ الحقوق والقصاص كما جاء في الشريعة الإسلامية. خذوها منا، إن سحب الجنسية من عشرة أشخاص فقط سوف يجعل البقية يرتدعون، وسوف يجعل من يحرضون ويمولون يخافون ويخشون على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم خاصة إذا ما سحبت الخدمات ممن سحبت جنسياتهم. وضعنا اقتراحاً لوجه الله وللبحرين أمام المجلسين وأمام الدولة، فقط تعطيل الرقم الشخصي للإرهابي يجعله لا يستطيع أن يفعل أي شيء من الخدمات، لكن ابن عمك أصمخ. الأمن هو الركيزة الأساسية لاستقرار ونهضة وبناء وتقدم أي مجتمع، وإن فرطنا في حفظ الأمن فسوف نفرط في استقرار المجتمع وربما تكون البحرين هي الضحية. لا أعرف لماذا الخوف ومما الخوف؟ حقوق المجتمع أبقى من حقوق الإنسان، فمن يرهب الناس ويضع حقوق المجتمع لا نخشى من عقابه بالقانون، هكذا تفعل أمريكا وتفعل بريطانيا وفرنسا. فحين هدد الأمن في فرنسا بالإرهاب، خرج الرئيس السابق ساركوزي مهدداً بسحب الجنسيات حتى ممن يدخلون المواقع الإرهابية ويهددون من خلالها. أما نحن فنخشى من كل شيء ونتراجع، ونضيع أمن البحرين. أهل البحرين صبروا صبراً كبيراً شديداً مريراً على ضياع الأمن، وعلى حالة الإرهاب وعلى قطع الطرقات، وعلى العبوات الناسفة، وعلى المولوتوف. فالرحمة بهم والرحمة بالقطاع التجاري والاقتصادي، فاقتصاد البحرين لا يحتمل ضياع الأمن لمدة عامين والدولة تخاف أن تتخذ إجراءات قانونية. للأسف أن من يضرب أمن البحرين، والذي يقول (ارحلوا نحن السكان الأصليين) أو كما قالها بنفس طائفي بغيض رئيس التحرير إلى الدكتورة هند الفايز (أحنا الباقيين وأنتوا الطالعين) وبالتأكيد كان يقصد البحرين، نقول للأسف لم يحترموا من منحهم الجنسية وخذوا يطبقون أكذوبة اكذب اكذب حتى يصدقوك، هذه حقيقة (السكان الأصليين) الذين يمارسون الإرهاب اليوم.

قوى سياسية بحرينية تستهوي أوباما

يوسف البنخليل
في مطلع العام الماضي 2011 قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما واتخذ قراراً يتم بمقتضاه وقوف الإدارة الأمريكية مع قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط بما فيها طبعاً البحرين. وهو القرار الذي تم بموجبه دعم واشنطن لقوى المعارضة الراديكالية بهدف تغيير النظام السياسي باسم الديمقراطية والإصلاح السياسي والحريات المدنية. وتأكيداً لهذا القرار أدلى نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بين رودز بتصريح مهم في صحيفة (الشرق الأوسط) أمس الأول، قال فيه: “في البحرين نسعى لاستخدام شراكتنا لتمكين القوى داخل البحرين التي تحاول العمل على قضايا صعبة جداً بطرق سلمية وفعالة في صفوف الحكومة والمعارضة” نفهم من التصريح ما يلي: أولاً: القضايا الصعبة جداً التي تحدث عنها المسؤول الأمريكي يقصد بها تلك القضايا المتعلقة بالإصلاح والتغيير السياسي. وبالتالي فإن واشنطن لن تدعم أي قوى سياسية أخرى تقف ضد الإصلاح والتغيير السياسي إلا إذا كانت قادرة على تحقيق عناصر السلام الدائم التي وصفها الرئيس الأمريكي عندما ألقى خطابه الشهير الذي أشاد فيه بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في 20 سبتمبر 2011 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذه العناصر الأربعة: الانتخابات الحرة والنزيهة، والحكم الذي يتسم بالشفافية والمساءلة، بالإضافة إلى احترام حقوق المرأة والأقليات، وتحقيق العدالة المتساوية والمنصفة. ثانياً: المقصود باستخدام الشراكة الأدوات التي أعلن عنها الرئيس أوباما في سبتمبر من العام الماضي كأدوات للتغيير في المنطقة، ولدى القوى السياسية التي تعتزم واشنطن التحالف معها. وهذه الأدوات تشمل: زيادة التجارة والاستثمار، والشراكة مع الحكومات، والشراكة مع المجتمع المدني وتحديداً الطلاب ورواد الأعمال، بالإضافة إلى الشراكة مع الأحزاب السياسية والصحافة، ومنع منتهكي حقوق الإنسان من السفر إلى الأراضي الأمريكية. تبقى الإشكالية الأساسية المتعلقة بطبيعة نهج القوى السياسية التي تعتزم واشنطن تمكينها سياسياً، فتصريح أوباما سابقاً، والآن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي يعتمد على “الطرق السلمية والفعّالة”، وهنا يكون السؤال: ما هي درجة السلمية المقصودة؟ هل تشمل إرهاب المولوتوف والقنابل الحارقة؟ وهل تشمل تخريب الممتلكات العامة والخاصة؟ وهل تشمل أيضاً مواجهة رجال الأمن بالأسياخ الحديدية والقنابل محلية الصنع؟ هناك غموض وعدم وضوح بالنسبة للحد الفاصل بين (السلمية) وممارساتها وأدواتها مقابل الإرهاب، وهي مسألة يجب أن تكون واضحة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنامة، لأنها فعلاً غير واضحة على مستوى النخب، فضلاً عن مستوى الرأي العام المحلي. أما مسألة مساعي واشنطن لتمكين القوى السياسية الداعمة للإصلاح سواءً كانت في (صفوف الحكومة والمعارضة)، فإنها واضحة لأن واشنطن تدرك جيداً تغلغل كوادر المعارضة الراديكالية في مختلف المؤسسات الحكومية وقدرتهم على التحكم في العديد من هذه المؤسسات، وبالتالي يمكن الاستفادة منهم في عملية التمكين السياسي المدعومة أمريكياً.

بل خيانة بدرجة الامتياز

فيصل الشيخ
أبدعت الزميلة العزيزة سوسن الشاعر على امتداد الأيام الماضية في تفنيد مفهوم “الخيانة”، وبيان حقيقة الخيانة التي طالت البحرين ممن يتابكون اليوم في الخارج ويدعون بأنهم مهددون ومستهدفون. الخيانة لا تحتمل تفسيرات عديدة، هي عملية واضحة تماماً، معاييرها ثابتة، وأكبرها خيانة الأوطان، وهذا ما حصل لدينا في البحرين. ماذا نسمي من يبيع وطنه؟! ماذا نسمي من يسقط نظامه وقيادته؟! ماذا نسمي من يستهدف المكونات الأخرى على أساس طائفي؟! ماذا نسمي من يترجى ويتوسل الخارج أياً كان ليتدخل في بلده؟! ماذا نسمي من يغير علم بلاده الوطني ويشوهه؟! ماذا نسمي من يأتمر بأوامر خارجية تحت ذريعة الدين والمرجعية؟! ماذا نسمي من يجحف بحق كل ما تحقق له على هذه الأرض وتحصل عليه من مزايا ومكاسب؟! بل ماذا نسمي من تنعم بخيرات بلده وأسبغت عليها قيادتها الكثير ثم عاد ليطعنها في الظهر؟! في فترة الحوار الوطني تقدم لي أحد أعضاء مجلس الشورى يريد أن يعاتبني على وصف من خان بلده بالخائن! والله عجيب هذا العتب. قال يا أخي ظلمتونا حينما قلتم بأننا خنا البحرين. أجبته ماذا تسمي بعضاً من أعضاء تولوا مناصب بمراسيم ملكية صادرة من قبل جلالة الملك حفظه الله ظلوا ساكتين طوال ثلاثة أسابيع على مهزلة الدوار وما تم فيه، وهربوا من شاشة التلفاز حينما دعوهم للحديث عن وطنهم، بل وخرج بعضهم فيه ليدافع عن أشخاص كان هتافهم بإسقاط النظام ومطالبات الرحيل لقادتنا بدلاً من أن يدافعوا عمن وضعهم في مناصبهم وكرمهم؟! بل ماذا أسمي من سكت طوال هذه المدة وحينما انتقلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين لحماية المنشآت الحيوية من تخطيط خارجي كان في خطواته الأخيرة قبل التنفيذ قاموا برمي استقالاتهم، رغم أن انتقال القوات جاء بناء على طلب جلالة الملك الذي عين هؤلاء في مناصبهم؟! هل أسمي كل هذه الأفعال بالوطنية؟! والله إنها خيانة بامتياز. اليوم من يقتل نفسه لتطريز أي جملة تصدر عن دكاكين حقوق الإنسان المشبوهة أو أي كلام عام يصدر من دولة هنا وهناك بناء على معلومات مضللة مغلوطة، هل نسميه بأنه يمارس وطنية منقطعة النظير. هؤلاء يدّعون الوطنية وحب البحرين في وقت يسلخون فيه جلد البحرين يومياً في الخارج والداخل. يدعون الوطنية وقنواتهم المحببة التي ينهشون لحم بلادهم فيها هي القنوات الإيرانية. يدعون الوطنية ولسانهم يعجز عن إدانة التهديدات الإيرانية الصريحة والمباشرة بحق البحرين. الوطني هو من يدافع عن بلده حتى الرمق الأخير، حتى لو كانت تعاني من مشكلات وقضايا عديدة، لكن من يبيعها برخص التراب ويحرق فيها ويدمر ويرهب ويستهدف الآخرين ويقتل المدنيين ويعلن جهاداً مقدساً ضد رجال الأمن، ألا يستحق لقب خائن بامتياز؟! هؤلاء قدموا أنفسهم لبقية مكونات الشعب البحريني على أنهم خونة لوطنهم، بائعون لهم، قابلون بأن تقول إيران بأنهم يقبلون بضم البحرين لها، بالتالي هل المطلوب من بقية الشعب أن يصفهم بالوطنية، وأن يأمن جانبهم، وأن يجبر نفسه على التعايش مع من لا يضمن إخراجه لنصل سكين غادرة حينما تحين الفرصة مجدداً؟! ليست العملية مرهونة بالقول فقط، بل بالأفعال، وما شهدناه من أفعال طوال عام كامل سواء في الأزمة أو بعدها، يبين لنا بكل سهولة من يقف مع البحرين ومن يقف ضدها. هؤلاء وصفوا الوطنيين الذين وقفوا مع دولتهم وقادتها ودافعوا عنها بأنهم بلطجية ومأجورون ومرتزقة، تخيلوا من يدافع عن وطنه وصف بهكذا أوصاف، واليوم ينزعجون من وصفهم بالخونة رغم أنهم هم من ارتموا في أحضان الخارج، وتكلموا ليل نهار في القنوات الإيرانية، وطالبوا بالتدخل الأجنبي، وقالوها صراحة أنتم ترحلون ونحن الباقون. أجمل شيء أنهم يعترفون بممارسات احتلالية، ألم يقل عبدالجليل السنكيس في الدوار موجهاً مريديهم بأن “احتلوا المؤسسات الحكومية”؟! من يستخدم لفظة الاحتلال في بلده أليس يعد محتلاً، يعتبر طابوراً خامساً، وخائناً مع سبق الإصرار والترصد؟! لم نشاهد في البحرين فقط “خيانة”، بل شاهدنا فيها خيانة بدرجة “الامتياز”!

ماذا تريد منا إيران.. فيتو على اتحاد الخليج

كمال الذيـب
إيران الجارة الإسلامية التي تربطنا بها أواصر التاريخ والثقافة والدين والجوار تحتل جزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث، استناداً إلى منطق القوة والغطرسة فقط وليس استناداً لأي حق أو قانون، فقط لأنها الأقوى ولأنها تستخف بدول الجوار العربي، وتستشعر أن الدول الكبرى لا تتحرك إلا من منطق مصالحها فقط، وأن إيران تجيد هذه اللعبة في الوقت الحاضر. إيران الجارة المسلمة التي مدت لها دول الخليج العربية يد الأخوة والصداقة الإسلامية، وتتبادل معها المصالح التجارية بالمليارات، يدعي بعض رموزها تبعية البحرين الدولة العربية المستقلة، بالرغم من عروبتها الراسخة وعروبة سكانها وبالرغم من تاريخها العربي وهواها العربي الخليجي، وبالرغم من أنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة وعضو في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية التي تحظى فيها بالمكانة والتقدير أكثر مما تحظى بهما إيران الملالي. إيران الإسلامية لا يمكن اليوم وصفها -استناداً إلى الأفعال والأقوال الصريحة- إلا بـكونها (دولة احتلال وتوسع وأطماع )، طالما أنها لاتزال تحتل أراضي عربية، وترفض أي حل سلمي لإنهاء احتلالها لها، بعرضه على محكمة العدل الدولية، فلا فرق بين هذه السياسة العدوانية وسياسة المحتل الإسرائيلي للأراضي العربية؟ إيران الإسلامية التي تسيطر على إقليم الأهواز العربي منذ أكثر من ثمانية عقود لاتزال تصر على ممارسة سياسة مسخ الهوية العربية والتطهير العرقي ضد عرب هذا الإقليم، ولذلك فهي آخر من يمكن أن يتحدث عن التمييز والحرية والمشاركة والديمقراطية وحقوق الإنسان والاضطهاد وغير ذلك من العبارات التي تتكرر في الإعلام الإيراني الموجه للخارج فقط، ولذلك يحق لنا أن نتساءل: ما الفرق بين هذه السياسة والسياسة الإسرائيلية في الضفة والقدس؟ إيران الإسلامية اليوم تقدم المساعدة المادية والبشرية والدعائية والسياسية لنظام بشار الأسد على استباحة دماء شعبه بنفس التعنت والغطرسة التي يمارسها النظام الإيراني في الأحواز العربية، وهو الذي يدعم نظام الطائفية والمحاصصة في العراق، بل ويشكل ويدرب ويسلح ويمول الميليشيات في لبنان واليمن والبحرين والسعودية والعراق لزرع الفتن بين أبناء البلد من منطلقات طائفية ضيقة تصب في النهاية في مصلحة النظام في إيران الذي يناور ويستخدم هموم الناس وقضاياهم المشروعة منها وغير المشروعة، ويحولها إلى أوراق مساومة في بورصة المفاوضات والمساومات مع الغرب ومع الشرق على حد سواء؟ وحتى لا نتهم بالتجني أو التلفيق فقد أعلن العميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني أن نظام بلده حاضر في الجنوب اللبناني والعراق، وأن هذين البلدين يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، زاعماً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانها تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومة إسلامية على طريقتها. وفي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الإيرانية الرسمية برفض الاتحاد الخليجي ووصفه بكونه”خيانة عظمى” أعلن السيد محمد رضا رحيمي نائب الرئيس الإيراني بإعلان رغبة بلده بالاتحاد مع العراق بقوله “وحدة إيران والعراق تشكل قوة كبرى في العالم”.

المنظمات الدولية والعين الواحدة

محمد الأحمد
لم يكن مستغرباً علينا في البحرين أن ننصدم بمنظمات دولية عريقة يفترض أن تتبنى مواقف حيادية وتبحث عن الحقيقة، وتدافع عن الجميع، أن تتبنى مواقف ضد مملكة البحرين مع الأطراف المعادية.. فما معنى أن تطلب رئيس مجلس حقوق الإنسان بحماية من يسمون أنفسهم معارضة، فيما تتجاهل طلبات من جهات أهلية أخرى تعرضوا للتهديد!. ليس مستغرباً أن نرى مثل تلك المنظمات الدولية ذات الثقل العالمي وهي تنظر من عين واحدة، فالمجازر السابقة في سوريا لم تنهض بضمير تلك المؤسسات أن تطلب حلاً فورياً وجدياً كما حدث في ليبيا «مثالاً»، ولكنها لا تزال تنظر وتتفرج على ذبح الأطفال والنساء والمدنيين، وكل ما حدث في كوم، ومجزرة الحولة في كوم آخر التي راح ضحيتها 92 قتيلاً بينهم 32 طفلاً.. ألا تعتقدون أن هؤلاء يتاجرون بالبشر ويتاجرون بالدول وفقاً لمصالحهم.. هل ظلت هناك مصداقية أمام هذا الكم الهائل من التناقضات التي صدمنا منها خلال فترة وجيزة؟!.. رسالة نبعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. أين ضمير المؤسسة التي أنت مؤتمن عليها مما يجري في سوريا.. لا أريد أن أسالك عن البحرين والإجحاف الذي لاقته في جلسة حقوق الإنسان من قبل رئيسة الجلسة.. إن هذا نقطة في بحر.. ألازلت بالفعل مؤمنا بأن الموضوع من الممكن أن يحل سلمياً مع نظام فقد عقله وإنسانيته بهذا الشكل؟.. إننا نناشد ضمير الإنسانية بأن يتحرك وينقذ منظمة الأمم المتحدة التي يفترض فيها الدفاع عن الشعوب.. لأننا كشعوب فقدنا الثقة فيها نهائياً.

عروبة البحرين بين خيانة الشاه وإنسانية الملال

داود البصري
تصوروا خطورة المنطق المتعالي المتغطرس الجديد لقادة التيار الصفوي المتسلط اليوم على رقاب الشعب الإيراني وهم يرتعدون رعبا لخطوات الوحدة الخليجية وخصوصا ما يحصل من توحيد استراتيجي بين مملكتي السعودية والبحرين؟ فقد أطارت المفاجأة أبراج عقولهم وأجبرتهم على التقيؤ بكلمات لايجرؤون عادة على الإفصاح عنها والتلفظ بها فيما لو كانوا يفكرون بشكل طبيعي!، لقد وصف أحد النواب الإيرانيين موقف الشاه الإيراني الراحل بالاعتراف باستقلال البحرين عام 1972 ووفقا لنتائج الاستفتاء الأممي وقتذاك بكونه موقفاً خيانياً؟؟؟ فتأملوا الموقف والتصريح المثير للقرف والقمة في العنصرية. فشاه إيران الراحل رغم جبروته وتسلطه وروحه العنصرية وسعيه لبناء إمبراطورية إيرانية عظمى تسيطر على الشرق الأوسط وتمتد للمحيط الهندي حسبما أعلن أكثر من مرة تحول أمام غلمان الولي الفقيه لخائن للمصالح القومية الفارسية!! فتأملوا طبيعة الأجندة الخفية والمفضوحة التي يسير على هديها نظام الولي الفقيه وهو يمضغ بالشعارات الدينية ويلوح برايات المظلومية وأهل البيت زيفا ونفاقا، ويعمل على تخطيط وتفعيل استراتيجية سيطرة وهيمنة إقليمية كبرى وكترجمة حرفية وعملية لمبدأ «تصدير الثورة» والذي لم يتوقف بل تحول العمل به نحو الناحية التكتيكية الصرفة ولكن دون تجاهل الهدف الاستراتيجي الواضح والمعلن. لقد انزعج النظام الإيراني أشد الانزعاج من خطوات التقارب الخليجية والتي ستؤدي في النهاية لحالة من الاندماج السياسي والأمني والمصيري وبما يجعل أحلام حكام طهران تتطاير كالهشيم ويتفتت مشروعهم الصفوي التخريبي الطائفي المريض الذي ركز بعضا من أسسه في العراق ولبنان مؤقتا وهي حالة لن تستمر قطعا بل سينهار ذلك المشروع ويتجرع أهله ورافعو شعاره سم الهزيمة الزعاف وبما يمزق أوصال كل مخططات التخريب والهيمنة، وحالة الهياج العصبي الإيرانية إزاء مشروع الوحدة السعودية/البحرينية تعكس حالة عدوانية إيرانية مريضة وبما يفضح طبيعة المخططات الإيرانية الهادفة للهيمنة المطلقة على البحرين ومن ثم القفز لعمق وقلب جزيرة العرب وهو أمر لن يحدث أبدا ولا يمكن أن يمر مهما كانت الظروف والأحوال، فالهضبة الإيرانية ستكون المقبرة التي يدفن فيها النظام الإيراني المتفرعن الحقود أحلامه، والاستراتيجية الأمنية الخليجية إن أرادت إحداث نقلة نوعية وتعبوية في حالة المواجهة فلا بد من التخلي عن الأسلوب الدفاعي المرهق في مواجهة الهجمة الإيرانية الشرسة والانتقال نحو الحالة الهجومية متمثلة في الانفتاح على أهم ملف قوة عربي مهمل وهو ملف «الثورة الأحوازية» الجاهز للتفعيل والعمل الميداني بعد استكمال بعض الإجراءات الفنية والسياسية وأهمها توحيد راية النضال القومي والوطني الأحوازي في جبهة واحدة موحدة وتحت رعاية دول الخليج العربي التي بإمكانها قلب الطاولة على رؤوس العنصريين وإجبارهم على الزحف على بطونهم طلبا للعفو والمغفرة، لقد هدد نواب مجلس الشورى الإيراني بزعامة قائدهم «لاريجاني» بفوضى في الخليج في حال إقرار المشروع الوحدوي الخليجي. رغم أنهم يعلمون بأن إشعال الفوضى في إيران هو أمر سهل ولا تنقصه سوى تفعيل الإرادة السياسية لدول الخليج لكي تنقلب الصورة استراتيجيا، فمن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا!، لم يعد من الممكن السكوت والتغاضي عن قلة أدب السياسة الإيرانية التي تجاوزت كل الحدود وأفرزت كل هذا الكم الهائل من العنصرية والأحقاد التاريخية المريضة، والبحرين لم تكن يوما منذ أن فتحها الصحابي العلاء بن الحضرمي وحتى قبل ذلك التاريخ أرضا إيرانية بل ان إيران ذاتها كانت جزءا من الدولتين الأموية والعباسية، أما الأحواز فهو عربي الوجه واليد واللسان والامتداد الطبيعي والتاريخي للسهل الرسوبي العراقي، واستقلال وتحرر الأحواز ليس في النهاية سوى مسألة وقت وكذلك الحال مع كردستان إيران وآذربيجان إيران وحتى بلوشستان إيران!!، فليحذر أقطاب النظام الإيراني من غلاة العنصريين من التلاعب بالملفات القومية والسيادية، فإمبراطورية الولي الفقيه مجرد واجهة زجاجية تنهار مع رمي أول «حصوة»!! فلا يأخذ الغرور القاتل تلك النفوس المريضة التي جعلت كل عنصرية وسطوة الشاه الإيراني الراحل مجرد ألعاب أطفال أمام نفسيتها المريضة والعدوانية، شاه إيران الراحل برغم عنجهيته وعدوانيته وغطرسته وغروره كان بمثابة عدو عاقل يعرف تماما حدود قوته الفعلية ومتى يتوقف؟ أما المعتوهون الحاكمون في طهران اليوم فهم يهرفون بمصطلحات خرافية ويتمنطقون بمنطق غرور حاقد ويمارسون ألعابا بهلوانية خطرة ستحرق أصابعهم وبيوتهم قبل الآخرين، لن تكون البحرين أبدا المحافظة الرابعة عشرة كما يردد عنصريو نظام الولي الفقيه، وستكون مملكة البحرين المقبرة الحقيقية لكل أطماع الفاشية العنصرية المعممة الجديدة.

هل نجحت الوفاق في جنيف

طارق العامر
مبروك للوفاق جالك النصر، لكن هذا النصر طلع «حمل كذاب»، نعم الوفاق نجحت في إقناع رئيسة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السفيرة لورا ديبوي والشلة اللي معاها، بأنها «يا خلف جبدى» مسكينة وغلبانة ومجني عليها، وانها تعرضت لأكبر جريمة إبادة وانتهاك لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية من قبل جموع الشعب البحريني، والسفيرة ديبوي صدقت وشربت كذبة الوفاق وتم التلاعب بها، فمَن ادَّعى أصلا بأن الوفاقيين مطاردون او معرضون للاعتقال، هو أصلا حد يقدر؟ النتيجة النهائية هو انتصار مدوي للوفاق، اما الدولة فلم تنتصر لذلك فإنها ستعيد السنة، وهنا نسأل من الخاسر؟ في مثل هذه الحالات وأمام هذه المحفل الدولي وبحضور كل هذا الجمع من اقطاب العالم، من مسؤولين وحقوقين ووسائل اعلام عالمية، فإن الخاسر الأكبر هو الوطن، ولماذا؟ لأننا والى الآن لا نريد أن نستوعب بأننا نتعامل مع اردأ انواع البشر ممن لا ينتمون لهذه الأرض ولا يمتون للوطنية بصلة، والشاعر يقول «النذل نذل وإن تكنّى، وصار ذا منطق وشان». هذه مفارقة عجيبة، ولماذا عجيبة؟ لأننا ما زلنا نجتر نفس الأخطاء المأساوية، فقد ذهبنا الى جنيف بفصيل واحد حكومي وبنفس الوجوه، ولم نحاول ان نستفيد مما يسمى بـ»التحالف الوطني» ولماذا؟ لأن هؤلاء المساكين، مكانهم فقط بـ»الفاتح» في الحر وتحت لهيب الشمس، طيب والوفاق، عرفت كيف تلعبها، فتخيرت من كل بستان «شوكة»، ولماذا؟ لأنها تعرف كيف تلعب سياسة، ولا ننسى أيضا أن الوفاق استفادت من أخطائنا، والسياسة كما كرة القدم، فاللاعب المهاري يحرز هدفا حين يخطئ مدافع الخصم، وعلى رأي «مارتن لوثر كينغ» «لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت». فهل ظهر في جنيف أننا تعلمنا من أخطائنا؟ أغلب الظن، اننا لم نتعلم!! إذن الوفاق نجحت ولا لم تنجح؟ لا والله نجحت، واللي مو مصدق او غير مستوعب فعليه مطالعة صحيفة «الفبركة»، وتليه رجاء إن كنتم من الشرفاء، فقرؤوا معي سورة الفاتحة ترحما على روح البحرين والتي وضعت الوفاق رأسها على مقصلة الكذب والتزييف والتدليس والغش وتشويه الحقائق، أو اشعلوا شمعة على دم الضحايا التي سالت بفعل إجرام الوفاق، أو صبوا اللعنات على روح كاتب هذه السطور، لأنني ولآخر لحظة كنت اعتقد بأن الدولة قد تعلمت من دروس الأمس، كما أني ما زلت ساذجا وتصورت ان في الوفاق خيرا، لكن طلع أن الخير في البقر تلقه. اه ياراسي، منذ 14 فبراير 2011، والصداع لا يريد أن يفارقني!! ها ها ها.. نعم أضحك وهلل وارقص يا علي سلمان فلقد نجحت، ونجحت لأن معركة الكذب ليست اصلا معركتنا وليس لنا فيها سبيل، المؤسف -لا إطلاقا- بل المفيد ان القناعات كل يوم تترسخ اكثر وأكثر، وتعطي الدلالات باستحالة أن يتعايش هذا الشعب مرة اخرى مع الوفاق. هذا أمر يا رجل إن شاء الله محسوم تماما!! ذلك لأن الوفاق لم تعد قادرة على صنع شيء إلا الكذب، والأكاذيب يا سادة لا تحتاج إلى أكثر من ضمير ميت ليختلقها وضمائر ميتة لتتعهدها بالرعاية، ومن يعش في الكذب لن يكون سويا أبدا، ورغم أهمية الكذب القصوى والضرورية بالنسبة للوفاق، الا إن ذلك الداء لا يمكن لمعشر الشرفاء ان يتعاطى معه الا بالكي، لانه آخر الدواء، فالكذب استفحل بهؤلاء الى درجة اصبحوا فيها اشبه بمعشر «بني مسيلمة الكذاب»، ولا يمكن أن يردعهم، لا عقل ولا منطق، ولا القول السديد، إذا أطفئوا انوار «الحوار» ودعونا نرجع نغط في نوم عميق، واذا سمعت بأن هناك حوارا، فأرجوك ثم أرجوك، لا تزعجني وخليني نايم ولا تصحيني.

عجز الثّقات

إبراهيم الشيخ
يدّعي أنّه (شيخ) أو (عالم)، يربّي ذقنه ويقصّر ثوبه باسم السنّة، وما هو إلاّ «شبّيح» على هيئة «كائن حي»، ركب موجة التديّن ليتاجر بها، ينفخ بها بطنه، ويملأ بها جيبه، يعيش في أفخم القصور، ويركب أغلى السيارات!!!
يخرج على شاشات التلفاز يحرّم الخروج على الحكّام، يحمل أسفاره على ظهره، ينهى النّاس عن الخروج على الأنظمة الدكتاتورية القمعية، كنظام بشّار العلوي الفاجر في سوريا، وغيره من الأنظمة التي رسّخت الاستبداد والفقر والقهر والنّهب طوال عقود من الزّمن!! وكان هو مربوط اللسان، يمارس هواية الخَرس.
تراه موطوءًا كالجورب في رٍجل الطاغية والمستبد، وهو يصرّ على تسميته وليّ الأمر، وقد هتك وانتهك كل براءة وسِتر!
يطبّل للحاكم ويزيّن له كل سوءاته، كما يفعل الشبّيح حسّون في سوريا، عليه من الله ما يستحق، ويقف في وجه المظلومين ويدافع عن المستبدين، لأنّه لا يرى أبعد من «خنفرته»!
يثبّطون النّاس عن الإصلاح واسترجاع حقوقهم عبر ما تتيحه لهم كلّ الشرائع السماوية والإنسانية، والسبب واضح، حيث منفعتهم تزول مع زوال أيّ نظام مستبد، حيث يُخلعون حينها كما تُخلع الجوارب ذات الرائحة النتنة، والتي تتعذّر منها حتى المزابل - أجلّكم الله -!
لَكَم غيّر علماء الأمّة واقع أمّتهم، لو صدقوا مع أنفسهم قبل أن يصدُقوا مع غيرهم، ولَكَم ابتليت أمّتنا بمن وضع عمامة التديّن، ولبس «بِشت» المشيخة، وهو مُرتزق أو منافق أو عميل أو خائن!!
مرّت على الأمّة أحداث وأحداث، لم تبدأ بالعراق وأفغانستان، ولم تنته بغزّة وأحداث سوريا الأخيرة، والسؤال الذي مازال يتردّد صداه: أينكم يا علماء الأمّة؟ أينكم يا ورَثة الأنبياء؟ وكم بقيَ منكم مَن مازال مُستمسكاً بعُرى النّصر وثوابت التمكين؟!
لقد انشغل علماء الأمّة ورموزها بالتغريد على «تويتر»، وشغلهم الشيطان عن دورهم الميداني في لمّ شتات النّاس، وتكوين جبهات صلبة تحفظ الأمّة وكيانها من الاختراق.
قد نلوم الحكّام على تآمرهم الذي أسقط العراق وأفغانستان وقدّمهما لقمتين سائغتين للمشروع الصليبي الصفوي، يستفرد بهما!
قد نلومهم على صمت القبور الذي يلفّهم حول ما يحدث بسوريا من مجازر ومذابح يقوم بها الصفويون والعلويون على مرأى ومسمع من العالم أجمع!
لكن يحقّ لنا أن نسأل: أين علماء الأمّة عن هذه النّصرة؟! مَنعوكم من التبرّعات هنا أو هناك، ما هي خطواتكم الأخرى لتبرأوا بها أمام الله يوم الحساب؟!
دعاء: اللهم إنّا نعوذ بك من جَلَد الفاجر وعجز الثـّقة.
برودكاست: الدول الأوروبية قامت بطرد شبّيحة النّظام السوري رداً على مجازره. أما آن لدولنا أن تبادر الى طرد الشبّيحة الذين يعملون في السفارات الإيرانية بدولنا، فهم والله أشدّ خطراً من أولئك، وهم رأس الأفعى التي يجب أن تُقطع.

الحولة وصمة عار في وجوه القتلة

عبدالله الأيوبي
من السهل على الأطراف الخارجية ذات الصلة بالصراع الدموي الذي تشهده الجمهورية العربية السورية الشقيقة منذ أكثر من أربعة عشر شهرا أن تلقي باللائمة أو حتى توجه الاتهام للقوات النظامية السورية أو للجماعات المسلحة المناوئة لها فيما يتعلق بمجزرة بلدة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مائة مواطن بمن فيهم أطفال ونساء، فهذه الجريمة البشعة ليست سوى واحدة من إفرازات الصراع الذي تطور إلى هذه الدرجة من العنف ودخول أطراف خارجية لها مصلحة في عدم استقرار سوريا والمنطقة بشكل عام، على خط الصراع من خلال تسهيل وتمويل ونقل السلاح إلى داخل الأراضي السورية لحساب جماعات تصر على انتهاج أسلوب العنف في تعاطيها مع الصراع السياسي هناك.
قبل كل شيء لا يمكن لصاحب ضمير أن يقف متفرجا على الأعمال الإجرامية التي تحصد يوميا عشرات المواطنين السوريين، بسبب استمرار الصراع المسلح ولجوء أطراف الصراع إلى استخدام مختلف أصناف الأسلحة، ناهيك عن دخول جماعات إرهابية على خط الصراع وتنفيذها العديد من الجرائم على غرار تلك التي استهدفت التجمعات المدنية في العراق بعد جريمة الغزو الأمريكي لهذا البلد عام ٢٠٠٣ وتحول العراق إلى مرتع لهذه الجماعات ومن ثم مصدر لها إلى الكثير من دول الجوار بما فيها سوريا حاليا.
فيما يتعلق بمجزرة بلدة الحولة، فإن أيا من أطراف الصراع يمكن تصديق ضلوعه في ارتكابها، وبالقدر الذي لا يمكن استبعاد قيام قوات النظام بارتكاب هذه المجزرة، بغض النظر عن الأهداف التي تخطط لتحقيقها من وراء ارتكابها، بالقدر نفسه من المرجح أيضا أن تكون أطراف في «المعارضة» السورية، وخاصة تلك المحسوبة على تنظيم القاعدة الإرهابي تقف وراءها، للوصول إلى هدف طالما طالبت به، وهو جر المجتمع الدولي للتدخل العسكري في هذا البلد.
هذه المجزرة تمثل نقلة نوعية دموية في الصراع، وهي قد تكون بداية الدخول في الحرب الأهلية الشاملة التي من شأنها أن تقضي على أخضر سوريا ويابسها، والمسئولية الإنسانية والأخلاقية تستدعي تضافر الجهود للحيلولة دون انتقال الوضع السوري إلى هذه المرحلة الخطرة، ولكن ذلك يجب ألا يكون على حساب الضحايا الذين سقطوا في مجزرة الحولة، كونها تمثل أخطر جريمة جماعية تحدث في سوريا حتى الآن، وبالتالي من المهم العمل على فتح تحقيق محايد لكشف الطرف الذي يقف وراءها ومحاسبة المسئولين عن ارتكابها، وليس مجرد إطلاق الاتهامات التي لا تستند إلى أدلة دامغة تدين هذا الطرف أو ذاك.
النظام السوري ـ كغيره من الأنظمة الشمولية غير الديمقراطية ـ يمارس كغيره من تلك الأنظمة مختلف أساليب القمع والتنكيل بمعارضيه، بما في ذلك التصفيات الجسدية والاغتيالات وشتى أصناف التعذيب في المعتقلات والسجون، فمثل هذه الأنظمة لا تتردد لحظة واحدة عن ارتكاب أبشع الجرائم لحماية مصالحها السياسية، وما ينطبق على النظام السوري وأشباهه من الأنظمة، ينطبق أيضا على الجماعات الإرهابية التي أثبتت على أرض الواقع أنها لا تتردد لحظة واحدة عن سفك دماء الأبرياء والتنكيل بجثثهم، فشواهد العراق ماثلة للعيان، كما تمثل أمامنا الآن النماذج السورية حيث التفجيرات الإرهابية تضرب العديد من الأحياء المدنية.
ولكن مهما تكن هناك من اختلافات في المواقف السياسية من الوضع السوري، سواء من نظام الرئيس بشار الأسد أو من الجماعات المناوئة للنظام، وخاصة المسلحة منها، فإن ما يحدث للمواطنين السوريين، من جانب القوات الحكومية أو من قبل الجماعات المسلحة هو جريمة بكل المقاييس، بعيدا عن درجة مساهمة هذا الطرف أو ذاك في هذا الوضع المأساوي، فالذي يحدث في سوريا الآن لا يخدم مستقبل الشعب السوري ولا تطوير العملية السياسية هناك، بل على العكس من ذلك فإن هذا التصعيد وتعمد بعض الأطراف الخارجية تأجيج الوضع من خلال إغراق سوريا بالأسلحة، كل ذلك من شأنه أن يقود إلى تدمير المجتمع والدولة السوريين.
وكما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: «المهم الآن إنجاح خطة كوفي عنان لوقف اندفاع سوريا نحو حرب أهلية، أما مسألة الحكم فيحددها الشعب السوري»، لكن هناك جهات مختلفة لا تريد أن تسير سوريا نحو هذا الطريق، وإنما تعمل على صب الزيت على النار وتأجيج الصراع كي تدخل سوريا النفق نفسه الذي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية العراق إليه وفرضت عليه أثمانا باهظة لم يقدر على التخلص منها حتى الآن، مثل هذه النتائج لا تبني أوطانا قوية ومجتمعا متماسكا مبنيا على احترام جميع مكوناته العرقية والدينية.

إيران تريد اختطاف كل شيعة المنطقة

عبد المنعم ابراهيم
زيارة الوفد البرلماني الكويتي للبحرين ضمن جولة خليجية خطوة في المسار الصحيح، ونتمنى أن تتسع الدائرة، فتكون هناك زيارات متبادلة بين وفود برلمانية خليجية ووفود شعبية ومؤسسات المجتمع المدني فيما بينهم، لكي ترسخ مفهوم (الوحدة الخليجية)، وترد على أقاويل أولئك الذين هم مرتهنون للقرار السياسي الإيراني الرافض لمشروع (الاتحاد الخليجي).
كلما ازدادت أواصر المحبة والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي صار ذلك بمثابة الجذور الراسخة التي تحمي مشروع (الاتحاد الخليجي) المقبل، وهذا هو العنصر القوي في المعادلة الخليجية الذي يزعج إيران.. فهي دولة تعاني من تفكك (قومي وديني وطائفي)، ولو اندلعت فيها (حرب أهلية) سوف تتمزق إيران إلى أكثر من (دويلة): فارسية وعربية وتركمانية وأذرية وكردية وبلوشية وأرمينية وغيرها.. بينما تتميز دول مجلس التعاون الخليجي بوجود تناغم اجتماعي (عروبي) بين شعوبها، وهذا ما يغيظ (إيران) التي ترى في بنيتها الذاتية ضعفا، بينما ترى في بنية المجتمع العربي الخليجي قوة وتماسكا أكثر.
ولكي تفرض إيران حالة من (التناضح العكسي) في ميزان القوى بينها وبين دول الخليج العربية (بما في ذلك العراق واليمن) تحاول تفكيك المجتمعات الخليجية.. في السابق كان ذلك عن طريق الترويج للعنصر القومي الفارسي في دول الخليج العربي، ولكن ذلك لم يفلح بسبب اندماج وانصهار غالبية هؤلاء في المجتمعات العربية الخليجية، بل بعضهم أصبحوا (مواطنين) يكرهون الغطرسة الإيرانية! وبعد مجيء الثورة الخومينية وقيام (الجمهورية الإسلامية) وولادة (ولاية الفقيه) عام ١٩٧٩ غيرت إيران من سياستها في تفكيك المجتمعات الخليجية، حيث اعتمدت سياسة التركيز على الانتماء المذهبي الديني، وصار هدفها اختطاف الطائفة الشيعية الكريمة في كل دول (التعاون) بالإضافة إلى شيعة العراق واليمن، ونصبت نفسها دولة (الممثل الشرعي الوحيد) لهم في العالم!
وصرفت إيران مبالغ وميزانيات هائلة لكي تجذب إليها ولاء الطائفة الشيعية الكريمة، بما في ذلك تأسيس أحزاب سياسية طائفية خاصة بهم مثل (الوفاق) في البحرين، وتشكيل حوزات دينية، وتجنيد عناصر عسكرية في فروع (حزب الله) بالمنطقة وفيلق القدس وربطهم بشبكة عنكبوتية تنتهي بالحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى!
فعلت إيران ذلك في البحرين والسعودية والكويت واليمن والعراق ولبنان، وتحاول الآن أن تفعله في (مصر).. لذلك أفضل رد على هذه السياسة الإيرانية هو المزيد من الاندماج (العروبي) بين دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية.. بانتظار ذلك اليوم الذي يكون هناك وطن عربي واحد.. من المحيط إلى الخليج.

هل تم اختطاف الثورة

أحمد سند البنعلي
لم يثر الشعب المصري منذ الخامس والعشرين من يناير العام الماضي بكافة مكوناته ليصل إلى هذه النتيجة التي نراها الآن وهي أن يستولي الإخوان المسلمون على الحكم بكافة مفاصله أو يعود النظام السابق بعد طرده، فما يعرفه القاصي والداني أن للإخوان أجندتهم الخاصة بهم والتي ليس من الضروري أن تلتقي مع الأجندة الشعبية المتمثلة في الثورة المصرية وأهدافها ففي معظم مفاصل الثورة ومنذ سنوات حيث أن ثورة الشعب المصري لم تنطلق في يناير 2011 بل كانت لها إرهاصات كثيرة قبل ذلك في المواقف التي تبنتها المعارضة الحقيقية للنظام السابق سواء في النزول للشارع في صورة معارضة علنية أو في الوقوف ضد النظام في التعديلات الدستورية أو غير ذلك من مواقف معارضة النظام طوال العقد الماضي وفي جميع تلك المواقف كان الإخوان المسلمين بعيدون عن الشارع ومنحازون للنظام بالرغم من الاعتقالات التي جرت لهم على يده إلا أنهم كانوا ينأون بأنفسهم عن الصدام المباشر معه ويهادنونه طمعا في مكاسب أو خوفا من عواقب.. وفي الثورة الأخيرة لم ينزلوا للشارع إلا بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة وبعد أن أيقنوا نجاحها وخوفا من ردة فعل الجماهير عليهم لو واصلوا الامتناع أو الحيادية التي اعتادوا عليها.
لم يعارض الإخوان النظام السابق من منطلق شعبي جماهيري بل من منطلق تنظيمي خاص بجماعتهم ومع ذلك استولوا على السلطة التشريعية ومعهم السلفيون الذين لم يعارضوا الثورة فقط بل ساندوا النظام السابق من منطق وجوب طاعة ولي الأمر، ثم هيأت أرضية العمل الخيري للجماعتين الوصول إلى السلطة التشريعية والإمساك بزمام التشريع بعيدا عن المحرك الحقيقي للثورة المصرية المباركة وخرج أصحاب الثورة من الباب ليدخل الآخرون من النافذة.
ثم يأتي الطرف الآخر من المعادلة وهو ابن النظام السابق وآخر رئيس لوزرائه والشخص التي نادت جماهير ميدان التحرير والميادين الأخرى في المدن المصرية كالإسكندرية وبورسعيد والسويس وطنطا وغيرها بسقوطه مع رئيسه، يأتي هذا الطرف ليكون الخيار الآخر للشعب المصري لرئاسة الجمهورية فأي مصيبة وقعت بها الثورة المصرية وجماهيرها بهذا الخيار.
هذا الخيار الثاني عمل على وأد الثورة وقت اندلاعها وعمل على محاولة الترقيع للنظام السابق وحماية رئيسه مما هو قادم إليه ولا نستبعد تعاونه مع أعداء هذا الشعب الذين وقفوا معه في الانتخابات الأخيرة فكيف يمكن قبول أن تعطي الجماهير المصرية ثقتها في كل أولئك وتبعد أبناء الثورة الحقيقيون وعلى رأسهم حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم ممن كانوا في الثورة منذ انطلاقتها الأخيرة وقبل ذلك بكثير.
فعلا لقد تم اختطاف الثورة المصرية بهذه النتيجة واختطفت أهدافها والخوف من اختطاف مستقبلها إن لم يعي الذين أعطوا أصواتهم لمن لا يستحق الأمر ويتحركوا لمنع حدوث ما هو متوقع وهو لا يعدو أمرين، إما استيلاء جماعة الإخوان المسلمين على كل شيء وقيامها بإقصاء جميع من يختلف معها والانتقام منهم بصورة أو بأخرى أو العودة إلى النظام السابق بكل ما فيه من مساوئ وظلم عاناه الشعب المصري لثلاثة عقود مضت والشروع في الانتقام من كل من مارس أو ساند الثورة وبشرعية صندوق الانتخاب، فأي الخيارين يريده الشعب المصري.
تم اختطاف الثورة المصرية من قبل تحالف قوى كثيرة كان المال احدها والسلطة عنصرها الثاني والعمل الخيري عنصرها الثالث وكنا نأمل أن تصل الثورة المصرية إلى بداية بر الأمان للشعب المصري والشعب العربي الذي تابع ما يحدث خلال اليومين الماضيين وكأنه شان محلي في كل بلد عربي ولا زلنا نأمل في أن تتغير الأمور لما هو أفضل للأمة العربية حتى مع اختطاف الثورة في مصر.

الضمير العالمي في إجازة

عبدالله الكعبي
بيانات الشجب والاستنكار التي صدرت من بعض دول العالم وليس كله على ما ارتكبه النظام السوري الدموي بحق المدنيين العزل في قرية الحولة في ريف حمص والتي راح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء، يؤكد على أن الضمير العالمي لازال في إجازته المفتوحة التي أخذها منذ زمن بعيد ولم يعد بإمكانه العودة لعمله لمراقبة ومحاسبة الجزارين الذين أوغلوا في طغيانهم وغاصوا حتى أذنيهم في دماء البشر.
لا ننتظر بالطبع أي ردة فعل من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي لا يمكن أن تحركه مثل تلك المذابح التي رأينا مثلها الكثير في العراق وأفغانستان طوال سنوات العقد الماضي وأمثالها في البوسنة والهرسك والشيشان في آخر عقود القرن المنصرم وفي فلسطين على أيدي اليهود على مدار أكثر من ستين سنة كانت قد سبقتها الكثير من المجازر على أيدي المستعمرين الأوروبيين الذين تحكموا في رقاب أهل الشرق لسنوات طوال قتلوا فيها وشردوا ونهبوا وأسهموا وحتى وقتنا الحاضر في زرع القنابل الموقوتة سواء بشرية أو حدودية والتي تتسبب بين الحين والآخر في إذكاء الصراعات في المنطقة.
العالم الصليبي عندما اضطر صاغراً أن يقدم اعتذاره عن المذابح المزعومة ضد اليهود من قبل النازيين ودفع ما دفع من تعويضات إرضاءً لللوبيات اليهودية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، لم يعامل المجازر التي ارتكبت في حق العرب والمسلمين على يد المستعمرين بالمثل وإنما امتنع وفي كبرياء عن الاعتراف بها واعتبار الضحايا أنهم مجرد قطعان من الحيوانات أو مجموعة جرذان لا قيمة لها. فخطأ القياس الذي فرق بين قتلى مذابح النازية وقتلى الاستعمار الغربي يتواصل اليوم ليحصد المزيد من الضحايا من دون أن يتحرك أحد لتغيير آلية ذلك القياس الظالم الذي وضعت أسسه الدول الكبرى من أجل كتابة فصل جديد من فصول البشرية يقوم على مثل تلك الممارسات غير الإنسانية بالرغم من إنهم يصفون هذا العصر بعصر حقوق الإنسان والدفاع عنه وعن حقه في الحياة الكريمة التي امتهنوها بالكامل.
أعمال يندى لها الجبين ترتكب الآن في سوريا يسكت عنها بشكل مريب. فما جرى من مجازر في عموم سوريا وفي الحولة على وجه الخصوص حتى وإن غضضنا الطرف عن الفاعل وعن هويته ودوافعه، فلا يوجد مبرر للسكوت على هذه الأعمال التي تم فيها تقطيع الأطفال وتقييد أياديهم قبل ذبحهم وغيرها من الأعمال الوحشية التي لا اعتقد أن الوحوش في البراري قامت بها سابقاً. ما تم في الحولة كان من المفترض أن يحرك الضمير العالمي ولو بشكل جزئي انتصاراً للطفولة والبراءة التي انتهكت أمام مرأى كل المنظمات الدولية التي تتباكى في كل يوم على حقوق الإنسان المهدورة ولكنها تصمت صمت القبور عندما يبلغ الأمر هذا الحد المخيف من الاستهانة بحق البشر في الحياة.
التمادي في الصمت لا اعتقد أنه حل يمكن أن يوصل من يقف وراء هذه المجازر ويدعمها إلى النهاية التي يبتغيها. فالدم الذي يراق اليوم في سوريا بغزارة لن يكون سوى ثمناً لتبدل المعادلة وتحولها لصالح أصحاب الدم الذين لن يستطيع أحد بعد ذلك أن يمنعهم من أخذ ثأرهم من النظام المجرم والشبيحة وكل المقاتلين القادمين من وراء الحدود ( إيران – العراق – لبنان ). فالتحرك المضاد الذي يتوقع أن تقوم به القوى الكبرى التي ستتدخل عندما يتحول ميزان القوة لصالح الشعب السوري لا أظنها ستنفع في منع امتداد الحريق إلى بقية الدول المجاورة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجري في سوريا من مثل إسرائيل ولبنان والعراق. وحينها فقط سيكون الأمر أكثر تعقيداً من اليوم ولن تكون مجازر اليوم سوى نزهة صغيرة أمام ما يمكن أن يجرنا إليه المشهد الحالي من دموية بالغة الخطورة يصعب السيطرة عليها أو حتى ردعها ولو استخدمت ضدها كل أنواع الأسلحة الفتاكة.
سوريا ليست العراق ولا هي تشبه لبنان في شيء. سوريا عبارة عن شعب كامل متجانس يقاتل اليوم ضد نظام دخيل لا ينتمي إليها ولا إلى شعبها، وهي بالتالي موعودة بالنصر المؤزر مثلما انتصرت في السباق على الصليبيين على يد صلاح الدين وعلى المغول في عهد المماليك.

حقوق الإنسان.. أكذوبة أم حقيقة

أحمد مصطفى الغـر
في وقت تداس فيه حقوق الانسان من قبل الأنظمة القمعية في بلدان العالم الثالث، على حد السواء سنجد أنظمة أخرى تدعي أنها تصون تلك الحقوق وترفع الشعارات وتدّعي التحضر الانساني والمدني مستغلة ذلك في الصاق التهم بكل الدول دونها، صحيح أن حقوق الانسان تنتهك بشدة في بلادنا العربية حيث القمع والقبضة الحديدية للسلطات التي تحمي النظام أكثر مما تحمي الشعب، الا أن هذا لا يعني أن الدول الغربية لا تنتهك تلك الحقوق أيضا، ويكفينا هنا مثالا واضحاً عندما قالها رئيس الوزراء البريطاني صراحة : “انه عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا فلا يحدثني أحد عن حقوق الانسان “!
فالغرب أحيانا يستغل مسألة حقوق الانسان في سياسة الابتزاز والضغط على دول بعينها، بينما تغض الطرف عن دول أخرى، وهذا بالطبع من أجل الوصول الى مصالح وغايات تخصهم، ومن يراقب كيفية تعامل الجيش الأميركي وقوات حلف الناتو مع أبناء الدول التي دخلوها كأفغانستان والعراق سيجد كيف تنتهك حقوق الانسان بشكل واضح، ومن أمثلة الانتهاكات يكفينا التذكير بسجن أبوغريب بالعراق ومعتقل جوانتناموا بكوبا، والسجون والمعتقلات الأميركية الأخرى في دول العالم، وقذف الطائرات بدون طيار من وقت لآخر للمدنين سواء في أفغانستان أو حتى عندما تنتهك الأراضي الباكستانية المجاورة، ويكفي ما شاهدناه مؤخراً لفيديو منتشر على الانترنت يظهر فيه جنود أميركيون وهم يدنسون جثث قتلى في أفغانستان، في الواقع ان الأمثلة والنماذج كثيرة ولن يتسع المجال لذكرها كاملة.
والمضحك المبكي في ذلك هو أن تجد المفوضية الأوروبية تصدر بياناً تنتقد فيه 13 دولة أوروبية تتهمها باساءة معاملة الدجاج، والأغرب أنه ضمن البيان جاءت هذه الكلمات: “ يتعين تربية الدجاج في أقفاص تبلغ مساحتها 750 سنتيمترا مربعا على الأقل، كما يجب تزويد هذه الأقفاص بعش وقش ومكان لرقود الدجاج وآلات لتقصير المخالب مما يسمح للدجاج باشباع احتياجاتها البيولوجية والسلوكية “، أتساءل لماذا لا تصدر المفوضية بياناً حول اساءة معاملة المسلمين والمحجبات في بلادهم ؟!، أو حتى في البلاد التي غزتها قوات دول الاتحاد الاوروبي سواء في الماضي أو حتى في حاضرنا ألان ؟!
في الواقع ان قضية حقوق الانسان التي تشغل اهتمام العالم قضية جوهرية، لكن لا يمكن التعامل معها الا وفق منظور انساني بعيدا عن كافة أنواع التسلط التي تمارسها الأنظمة الغربية وتدّعي زوراً وبهتانا ممارسة الديمقراطية وحرية التعبير، في الوقت الذي تمنع فيه بعض الدول الأوربية حرية ارتداء النقاب وبناء المآذن، وتزرع في نفوس أبنائها الخوف والرعب تجاه المسلمين من خلال تشويه حقيقة الدين الاسلامي ونشر معلومات مغلوطة تبتعد كثيراً عن تعاليم الدين الاسلامي السمحة، ثم تأتي تلك الدول في النهاية لتتقمص شخصية الواعظ وتبدأ في نشر مفاهيم الديموقراطية وحقوق الانسان على باقي الدول، بل وتصنفها على حسب أهوائها بمقاييس وضعية تم وضعها وفقاً لمعايير جوفاء لا تتماشى سوى مع سياسات تلك الدول.
أشعر كثيراً أن وثائق حقوق الانسان ما هي الا أكذوبة العصر وشعارات لا معنى لها، فهي ورق بلا حبر، وكلمات بلا معنى.. مادام كل ما جاء بها لا يتم تنفيذه على أرض الواقع، وما دامت دول الغرب لا تحترم حقوق الانسان على أرضها بغض النظر عن جنسيته أو دينه او لونه.. فلا داعي الى التشدق من وقت الى آخر عن ضرورة احترامها، ومادامت أنظمة بلدان العالم الثالث لا تحترم ارادة الانسان وتعي ضرورة احترام آدميته، فلا سبيل أمام شعوبها سوى الثورة على تلك الأنظمة واقتلاعها من السلطة تماما، في محاولة أخيرة كي يحيا الانسان كانسان !

ما بين إرهاب البحرين والقاعدة أين نقطة النظام

http://www.albiladpress.com/newsimage/13383409881.jpg
جريدة البلاد
من الأمور المهمة التي تطرق إليها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي خليفة بن سلمان آل خليفة في حديثه مؤخرا لمجلة دير شبيجل الالمانية هو ضرورة التمييز بين “المعارضة” وبين الجماعات الإرهابية التي تنتهج العنف وتسعى إلى الدمار ، وأن جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تضع من الآليات والوسائل ما يكفل ردع والقضاء على الإرهاب بل وصل الأمر إلى شن حرب ضد أفغانستان للقضاء على تنظيم القاعدة .
والحقيقة أن هناك أوجه شبه كثيرة بين تنظيم القاعدة في أفغانستان والمتطرفين في مملكة البحرين ، ففي البداية حظي تنظيم القاعدة بدعم وقبول واسع لتبنيه فكرة “الجهاد” ضد المحتل السوفيتي ونجح بالفعل في تحقيق هذا الهدف وطرد المحتل شر طردة بفضل هذا الدعم الإسلامي والدولي سواء لاسباب دينية تتعلق بفريضة الجهاد في سبيل الله أو لاسباب استراتيجية ترتبط بالصراع والتنافس من أجل السيطرة على ميزان القوى الدولي .
الأمر نفسه حدث مع “معارضة” البحرين التي رفعت شعارات براقة كالإصلاح وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وغيرها من الشعارات التي جذبت لها التأييد وحفزت الكثيرين على التعاطف معها ومع مطالبها التي هي محل اتفاق بين الجميع قيادة وحكومة وشعبًا.
وبعد أن تحققت الاهداف تغيرت الأفكار والممارسات سواء في تنظيم القاعدة في أفغانستان أو عند المتطرفين في البحرين، حيث تحول مفهوم الجهاد ومقاومة المحتل السوفيتي إلى الحرب ضد كل ما هو أجنبي ومخالف لشرع الله وفقًا لتفسير واجتهاد قادة التنظيم وابرزهم اسامة بن لادن وايمن الظواهري، الذين قاموا بتلقين أتباعهم والمتعاطفين معهم دروسًا في فن العنف والإرهاب.
وتورط تنظيم القاعدة في الكثير من التفجيرات الإرهابية والأعمال الإرهابية في شتى بقاع العالم وكلها أعمال وجرائم بعيدة تمامًا عن صحيح الدين الإسلامي الحنيف ومبادئه السمحة وأخلاقياته السامية. وقدم التنظيم بذلك المبررات الكافية لدول كالولايات المتحدة للتدخل في شؤون العالم أجمع بحجة محاربة الإرهاب وكان الغرض الأساسي هو تحقيق مصالحها وتقوية نفوذها وإضعاف باقي دول العالم .
كل ذلك، أدى إلى العزوف عن التنظيم من قبل جميع الدول والأشخاص باستثناء قلة تشربت الفكر العنيف على ايدي زعماء التنظيم وآمنت بهذا الفكر بسبب ضيق أفقهم وقلة وعيهم وانسداد إدراكهم.
وبعد أن قطعت مملكة البحرين اشواطًا متقدمة وحققت نجاحات إصلاحية متتالية وخاصة مع تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم في عام 1999 حيث توالت المبادرات الإصلاحية والحقوقية التي خلقت وضعًا خصبًا وبيئة صالحة للعمل الوطني المسؤول وأرست مناخًا ديمقراطيًا يقوم على سلطة تشريعية قوية تتكون من مجلسين أحدهما منتخب والآخر معين ، واحترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وهي نجاحات تفوق ما كانت تطالب به المعارضة التي رفضت في البداية المشاركة في الانتخابات النيابية التي أجريت عام 2002 ولكنها غيرت موقفها وشاركت في انتخابات عام 2006 بعد أن تأكد لها جدية عملية الإصلاح ورغبة القيادة الحقيقية والجادة في النهضة والتطوير.
إلا أن جماعة التطرف نكصت على عقبيها مرة أخرى في عام 2011 وتسببت في أزمة غير مسبوقة بالمملكة بعد أن تبنت مفهومًا خاصًا للإصلاح ومباديء مختلفة للديمقراطية والحرية وتخلت عن مسؤوليتها الوطنية ومواقعها النيابية، فبات الإصلاح رهينة بإسقاط النظام الشرعي القائم والحوار الوطني مشروطًا بجملة من المطالب التعجيزية والمشاركة في المبادرات الوطنية معلقًا بإقصاء جميع الأطراف المجتمعية الأخرى. وكما حدث مع تنظيم القاعدة ، انصرف الكثيرون عن المتطرفين في البحرين بعد أن تيقنوا أنهم انخدعوا بالشعارات التي رفعتها وتأكد لهم أنهم تعرضوا للتضليل على أيدي قياداتها التي استغلت هؤلاء المؤيدين والأتباع لتحقيق مصالحها ومصالح دول أخرى إقليمية تسعى للهيمنة والسيطرة على ممكلة البحرين، ورأوا بأعينهم الدمار والخراب الذي لحق بحياتهم أولاً قبل أن يلحق بالوطن بفعل الأعمال التخريبية والتدميرية المتواصلة التي لا يمكن أن تصدر عن أي جهة تحرص على مصلحة الوطن وتطلعات مواطنيه، ولم يتبق للمعارضة سوى قلة استمرت على تأييدها سواء بسبب خوفهم من الخروج منها أو بسبب عمليات غسيل “المخ” المستمرة التي تعرضوا لها وجعلت منهم دمى تحركهم قيادات باعت نفسها للخارج كيفما شاءوا.
وأخيرًا، فكما أن تنظيم القاعدة يعيش الآن وضعًا صعبًا بعد اكثر من عام من وفاة زعيمه الروحي ومموله الرئيسي أسامة بن لادن، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا في مملكة البحرين حيث تمر فئة التمرد بأسوأ مراحلها وباتت على شفا الزوال إن لم تستدرك الأمر وتنهض إلى العمل الوطني المسؤول وتشترك مع باقي مكونات المجتمع في التعمير والبناء.

ماذا فعلت الوفاق بنفسها حين استهدفت أهل السنة

هشام الزياني
من الأمور الطريفة وربما التي تدعو للتندر، أن يضرب الخواجة 110 أيام عن الطعام لكنه يبقى صحيحاً سالماً يمارس الرياضة ولم يصبح مومياء يشبه فراعنة مصر! لا نريد لأحد الموت من الإضراب؛ لكن إذا فعل صاحبه بنفسه ذلك فهذا قراره. 110 أيام دون طعام والرجل يقابل المراسلين وأهله وليس به سوء، يا أخي تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية؛ فأنت وقافلة الصحراء صنوان تعيشان على الماء والشاي والبسكويت، وأنا أدعو كل من يريد الحمية النافعة أن يأخذ بنصائح الخواجة، أحسن من الدكتور دشتي! حين جلست الوفاق مع أمينها علي سلمان على مقاعد البرلمان، وحين اعترف أمينها بأن الانتخابات البحرينية نزيهة تماماً (وأهل البحرين ليسوا في حاجة لشهادته) حقق هو وجمعيته كثيراً من المكاسب وفُتحت لهم الأبواب وحصلوا على الامتيازات المادية وغيرها. في ذلك الحين لو أن الوفاق طرحت ملفات وطنية تمس أهل البحرين جميعهم سنتهم وشيعتهم ومسيحييهم ويهودهم، وأخفت طائفيتها خلف ظهرها، لكانت قد استقطبت تعاطفاً كبيراً من الشارع البحريني الذي يبحث عن تحسين المعيشة (الإسكان، الصحة، الدخل)، فكلها قضايا تمس أهل البحرين بكل مكوناتهم، لكن الوفاق فوتت الفرصة وانشغلت بملفات بعضها ظاهره معيشي وباطنه فئوي، والبعض الآخر فئوي بامتياز، كما انشغلت بالتناحر مع بقية الأعضاء ورئيس المجلس. خلال الأزمة التي مرت في 2011 (وبإذن الله لن تعود بعد الفشل الذريع في ذكرى الخروج الطائفي) وقفت الوفاق موقفاً طائفياً بحتاً استهدفت فيه المكون الرئيس في الدولة، حتى خرجت شعارات (ارحلوا يالسنة إلى السعودية)، وقالوا للأسرة المالكة (ارحلوا)، وفي ذات الوقت يرفعون لافتة صغيرة تقول (إخوان سنة وشيعة)، ولا نعرف هل هذا (استهبال) أم أنه (للشو) الخارجي وللإعلام البريطاني والأمريكي. الوفاق وقفت خلف تحركات الدوار وما صاحبها، وكانت تدافع باستماتة عن أفعال وأقوال كل من خرج لاحتلال المنامة، حتى حدثت الحوادث التي استهدفت أهل السنة والجماعة من قطع لسان مؤذن لمسجد سني إلى استهداف (فتاة البسيتين) عند المرفأ المالي في موقف مخزٍ يفعله عشرات الرجال لاستهداف فتاة وحيدة (إن كانوا رجالاً)! ثم تم استهداف مناطق السنة بالهجوم من جهة قرية عالي باتجاه الرفاع، وتذرعوا بأنهم ذاهبون للديوان الملكي يوم جمعة، وهو إجازة رسمية عند المسلمين، وكلها أكاذيب وأستار كان الهدف منها التناحر الطائفي على الأرض، ونحمد الله أنه لم يحدث بحكمة قادة البلد. حوادث استهداف السنة في السلمانية، حادثة اغتيال سائق التاكسي، حادث الجامعة والاعتداء على الفتيات من أهل السنة، وحادث التجمع على طالب وحيد معزول وضربه بشكل همجي عنصري في موقف لا ينم عن رجولة. كل ذلك أفقد الوفاق الكثير (أكثر مما كانت تفقده) من بعض التعاطف بهذا الاستهداف الطائفي لأهل السنة، فحتى من كان يسمع للوفاق قبل الآن حين كانت توهم الناس أنها تريد الإصلاح، أصبح اليوم يكره سماع اسم الوفاق، صار الاسم لديه مرتبطاً بالإرهاب والمولوتوف والقتل والارتماء في الحضن الإيراني واستهداف أهل السنة. الوفاق اليوم في موقف لا تحسد عليه؛ حالة الانحشار في زاوية طائفية مظلمة قاتمة السواد، وأنتم تحبون السواد، فلن تجدي نفعاً أبداً أن تستميلوا السنة لتبني خطابكم، كما إني أشكر الشيخ الفاضل عبداللطيف المحمود حين قال لن نتحاور مع الوفاق، فالحوار معها يا شيخ سوف يفتح عليك غضب الجماهير، وسوف يسبغ على الوفاق الشرعية وهذا بعيد عنها وهي تستهدف السنة بشكل طائفي مريض. هم اليوم يبحثون عن نافذة من أجل الدخول في الحوار بعد كل الفشل الداخلي والخارجي، وبعد حالة الفوبيا التي أصابتهم من كلمة (الاتحاد.. مع أن هذه الكلمة جميلة جداً حين يتعلق الأمر باتحاد العراق مع إيران، واتحاد ايران مع سوريا) لكن لا يجب اليوم أن نتحاور مع أيادي الإرهاب والمولوتوف والقتل والعبوات الناسفة، واستهداف أهل البحرين في الطرقات بشكل عشوائي، هذا إجرام لا يقبل في أي دين وملة؛ فأي دين لمن يفعله؟ فلا حوار مع الوفاق وأذنابها الصغار (وعد المختطفة) والبقية الذين لا أعرف أسماءهم. أدخلتم البلد في شقاق وفي فتق لا يلتئم يا من خرجتم خروجاً طائفياً، وقلت الشعب يريد، وكان أجدر بكم للحق والحقيقة أن تقولوا شريحة من الطائفة تريد. كانت الوفاق في البرلمان وكل الأمور تمام، فلماذا خرجتم إلى إرهاب الشارع واحتلال المنامة (كما احتل حزب الله بيروت)، فمن الذي أوصلنا للذي نحن فيه الآن؟ من هم المتسببون في الكارثة، ألا يوجد عاقل يسأل نفسه هذا السؤال؟
نصر الله يدعو لحفظ الأمن في لبنان! حسن نصر الله دعا أنصاره في لبنان إلى عدم قطع الطرقات وإلى حفظ الأمن في لبنان وإلى وقف كل أشكال أعمال العنف بعد اختطاف لبنانيين في سوريا. يا أخي والأمن في البحرين ألا يحتاج إلى حفظ، لماذا تحرض على الإرهاب في البحرين بينما تدعو لحفظ الأمن وعدم قطع الطرقات في لبنان؟ حسن نصر الله فقد كثيراً من المصداقية العلنية بسبب تباين موقفه من سوريا والبحرين، يقول هناك كلاماً ضد الثورة ويقول للبحرين كلاماً تحريضياً على الثورة.. لا يوجد مبدأ أبداً إنما الطائفة سيدة الموقف.
«وعد» عندها «بعد نظر»! جمعية وعد المختطفة من القلة المسيطرة عليها والتي ذهبت بالجمعية الليبرالية إلى أحضان جمعية الولي الفقيه، قالت في بيان لها إنها تدين مجزرة الحولة التي حدثت في سوريا! وطالبت بالكشف عن المتسببين في المجزرة..! يا جماعة والله أنكم أعجبتموني.. بصراحة كنا ننتظر بيان إدانة للمجزرة لكن يبدو أن الإخوة في وعد لديهم (بعد نظر)! يشاهدون الأعمال الإرهابية في سوريا ولا يشاهدونها في البحرين..! أنا أتمنى من وعد يكون عندها (قصر نظر) فترى ما يحدث في البحرين بعين الحقيقة (ولا نريد غير ذلك).. أقول سلامة الشوف بس..!

الروليت الأمريكي.. أخطر

فيصل الشيخ
يحللون المشهد، ويقولون بأن ما أشعل الفوضى في البحرين وما قاد إلى مؤامرة الانقلاب هو تخطيط لجهات خارجية يتم تنفيذه من قبل جهات داخلية، وإيران هي المتهمة الأُولى بتحريك كل الأمور، لكن يبقى هذا التحليل منقوصاً، باعتبار أن هذه الفوضى لم يكن لها أن تتحرك إلا حين وجدت «حاضنة دولية» لها. وثائق الويكيليكس التي كشفت عن علاقات المعارضة واتصالاتها بالسفارة الأمريكية هي بحد ذاتها دليل على أن «صفارة الانطلاق» كانت صادرة من قبل الحليفة والتي قدمت كل دعم معنوي وحتى تدريبي لعناصر قادت الفوضى. البحث والتساؤلات والنقاشات في هذه اللقاءات كانت تتمحور دائماً حول أُسرة آل خليفة المالكة، كان حديث المعارضة عن التغيير في أعلى الهرم، وعن تحويل الدولة إلى دولة مذهبية، وعن أفضل الطرق لاختطاف صناعة القرار فيها. الولايات المتحدة التي نطالبها اليوم بأن تقول كلمة حق هي أفضل العارفين بتفاصيل اللعبة الدقيقة، تعرف تماماً كيف دارت الأمور، وتعرف قبل الكل كيف هو الارتباط الإيراني بالانقلابيين في الداخل. لسنا ممن يحتاج إلى إثبات ضلوع إيران للولايات المتحدة الأمريكية، فالأخيرة تعرف تماماً ما يحصل في البلد، خاصة وأن سفراءها لم يلعبوا أبداً دور السفراء الاعتيادي، بل مارسوا عملاً سياسياً على الأرض عبر التدخل في الشأن المحلي «عيني عينك». المعارضة بنفسها تعرف تماماً أن ضمان استمرار «الحضانة الأمريكية» مرتبط بعملية المكاشفة التامة مع صناع القرار فيها، بالتالي لا أصدق من يقول من الأمريكان بأنهم لا يعرفون تماماً ما يحصل في البحرين وما هو الهدف مما يحصل أصلاً، إذ لم تصل الأمور إلى ما وصلت إليه إلا بعد أن وضعت الأطراف المؤزمة أوراقها مكشوفة على الطاولة الأمريكية. تغيير الشرق الأوسط هو مشروع أمريكي بحت وضعت ملامحه منذ سنوات، وبدأ عمله بهدف واضح قائم على استبدال وتغيير الأنظمة حسب ما تقود إليه مسارات المصلحة والاستفادة. اليوم مصلحتهم مع النظام فإنهم سيدعمونه بقوة وسيبررون له كل شيء، وغداً مصلحتهم مع المعارضة بالتالي سيتحدثون بلغة تدعمهم وتضغط على الدولة، وهكذا دواليك. مصير كثير من الدول لعبت فيه الولايات المتحدة، استقرار الدول كان ومازال يُدار على طاولة روليت أمريكية، أي رقم سيحقق الفائدة يوضع عليه الرهان الأكبر، ولا ضير من التجربة مراراً وتكراراً، إذ لعل بعض الأرقام تصيب أكثر من مرة. التلاعب في الدول هواية نعرف تماماً من يحبها ويعشقها، اللعب على الحبلين جملة وجدنا تجسيداً واقعياً لها بالفعل عند الحليفة الأمريكية، تصدر بياناً فيه إدانة لاستخدام «المولوتوف» ثم تعقب بجملة أخرى تدعم فيها الإرهاب وصنّاعه. ليتهم فقط يخبرونا بالمعايير التي استندوا عليها في «إخماد» و»قمع» حركة «وول ستريت»، أليست نوعاً من الممارسة الديمقراطية في التعبير عن الرأي؟! أليست حركة احتجاجية سلمية لم تستخدم «المولوتوف» ولم تستهدف الشرطة ولم تقتلهم؟! احترام سيادة الدول جملة تُقال لذر الرماد في العيون، لكن الحقيقة تكمن في التدخلات الدائمة في شؤوننا، وأخطرها الناتج عن اجتماعات سرية وخفية ومشبوهة. تخيّلوا أن الأمريكان كانوا طرفاً مؤثراً في سير المحادثات الأُولى بشأن الحوار مع سمو ولي العهد عبر تأثيرهم على المعارضة، تخيّلوا أنهم سبب في خلق هالة من التشويش والبلبلة لدى المعارضة خاصة حينما تتصادم رؤاهم مع توجيهات الولي الفقيه، بحيث عاشت المعارضة قلقاً دائماً من فقدان «حاضنتها الأمريكية». البحرين عليها الوصول إلى «نقطة شديدة الوضوح» مع الحليفة الأمريكية، هل مازال الحلفاء داعمين لمن يريد إشاعة الإرهاب في بلدنا، أم أنهم بالفعل دعاة للسلام والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أي إنسان؟! وجهنا أسئلة عديدة للسفير الأمريكي في البحرين لكنه لم يجب عليها إطلاقاً، رغم أنهم يدعون احترام آراء الناس العاديين ويبررون تواصلهم مع الجمعيات على أنها من منطلق التواصل، ونحن مقتنعون أصلاً بأن أية إجابات لن تأتينا نحن أبداً، خاصة ونحن نرى بأن واشنطن وعبر سفارتها في البحرين لعبت دوراً فيما وصلت إليه بلادنا. هل الدولة قادرة اليوم على مساءلة الحليفة عن حقيقة موقفها، لا بكلام دبلوماسي اعتيادي، بل بكلام واضح وصريح يضع النقاط على الحروف. هل مازلتم حلفاء لنا تعملون وفق معايير العدالة والإنصاف، أم أنكم تمارسون دوراً مزدوجاً يميل لكفة من يريد سرقة البحرين؟! لسنا نأتي بكلام من وحي خيالنا، عبدالهادي الخواجة قال في الدوار للمتواجدين فيه بأن الولايات المتحدة قالت لهم إن كنتم تريدون إسقاط النظام فابقوا في الدوار! وهنا بالتأكيد يعرف الأمريكان عن ماذا نتحدث.

ماذا لو حرضنا مثل رجب

أماني خليفة العبسي
ليس الغريب أن يوقف ويحاكم شخص مثل نبيل رجب؛ بل الغريب هو كيف بقي محصناً ضد هذا الوضع إلى يومنا هذا؟ والإجابة ليست سراً، والأغرب فعلاً هو أن يبرأ ويخرج من التوقيف كالعادة بزفة المنتصرين. هناك سؤال بسيط، إجابته معروفة؛ لو أقدمت أنا أو أنت على فعل واحد مما أقدم عليه نبيل رجب خلال عام ونيف أين سنكون الآن يا ترى؟ في الواقع هناك قوانين تجرم التحريض وتجرم توجيه إهانات علنية لأجهزة الدولة ورموزها، وهي قوانين تطبق بكل سلاسة أحياناً وأحياناً أخرى تصاب بعسر تطبيق ونعرف أيضاً لماذا. التحريض معروف بأنه خلق فكرة الجريمة وخلق التصميم عليها في عقل الجاني، هو مساهمة معنوية تؤدي لارتكاب الجريمة، هو الحث على ارتكاب الجريمة، قد يكون مقدمة أساسية لا تقع الجريمة دونها، والجريمة التي نتحدث عنها قد تصل إلى القتل، إذاً التحريض ليس بالشيء الهين ولا الذي يسكت عنه شهوراً وأعواماً. المحرض على ارتكاب جريمة ما يُعد شريكاً في الجريمة استناداً لقانون العقوبات البحريني، حيث نص على أنه “يعد شريكاً في الجريمة من حرض على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا التحريض”. وفيما يختص بالجرائم التي تمس الدولة وأمنها، فالقانون يعاقب على التحريض ولو لم يترتب عليه أثر، أو هكذا يفترض، فالجرم حينها تترتب عليه آثار أخطر بكثير مما يحدث في الأحوال العادية، هذه دولة بحالها وشعب بكامله وأرواح تزهق وأمن يمس واقتصاد يهتز. لو أنا أو أنت -القارئ العزيز- حرضنا على الفوضى التي تحصل في الشارع كل يوم لكنا وقعنا على الفور تحت طائلة القانون، لأننا جميعاً تحت مظلة قانون ارتضيناه ودعونا إلى أن يطبق على الكبير قبل الصغير حتى يكتسب هيبة ويتأصل في الوعي الجمعي، ويتسنى لمجتمعنا أن يرتاح من الفوضى ويركن لمنظومة عادلة من القوانين تعامل الكل كأسنان المشط لا فضل لواحد على الآخر، وحين نرفض القانون ونعتبره في حاجة لإعادة نظر فإن ذلك أيضاً يكون بالقانون ومن خلال القنوات الشرعية، نطرحه للنقاش مجتمعياً ويحال الأمر لممثلي الشعب وللجهات المعنية بالدولة لتعديله أو إلغائه، فهو في النهاية قانون وضعي قابل للتغيير، لكننا لا نتمرد ونقتل ونشكل كتائب عسكرية ونعيث في الأرض فساداً. قد لا يكون رجب قد دعا صراحة إلى سحق وفرم عظام جماعة من البشر لكنه دعا بصورة متكررة إلى الخروج إلى الشارع وإحداث فوضى، ونحن نعلم تماماً ماهية الفوضى التي حصلت منذ العام الماضي وما آثارها المدمرة على الفرد والأسر البحرينية وعلى الشعور العام وعلى النسيج الاجتماعي، لا يمكن أن ننسى ما لرجب من دور فيما حل بالوطن منذ فبراير الماضي وحتى اليوم، وكيف استغل وضعه وحصانته ليتخطى كل القوانين، حسب ما نذكر تماماً فهو من دعا مراراً وتكراراً إلى التظاهر في كل مناطق البحرين متجاهلاً ما لدعواته من آثار وخيمة حدثت ومازالت تتوالى. لو كان أي بحريني آخر -بحريني عادي بلا جنسية أخرى ولا حصانة دولية- دعا للتظاهر في باب البحرين وفي كل مكان وبالذات العاصمة والمركز المالي وعصب الاقتصاد؛ هل كان ليترك حراً طليقاً يمارس المزيد من التحريض بلا رادع كما حصل مع رجب؟ وهل يحق لأي واحد منا أن يمارس حريته في التعبير بنفس الطريقة التي يتبناها أتباع رجب المخلصين ويدعمهم فيها بكل ما أوتي من قوة ويمنحهم مباركته ويمطرهم بتشجيعه؟ هل يحق لنا أم أنه حق خاص برجب؟

مزاعم الانتهاكات وجرائم الإبادة.. أبو غريب وغوانتانامو مثالاً

نجاة المضحكي
ما ورد في تقرير الخارجية الأمريكية عن مزاعمها بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين يستحق الرد عليه بتقرير مثله وهو أضعف الإيمان، ومثلما تدعي على البحرين مزاعم وشهادات ملفقة من أشخاص محسوبين على إيران، فمن باب أولى أن تحاسب أمريكا، وإن كان ليس بمقدورنا محاسبتها في مجلس الأمن ولا أن تحاسب نفسها، في حين أنها تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وتتعاطف مع مجموعة من الإرهابيين الذين لا يخرجون عن مفهوم الإرهاب الذي تحاربه أمريكا. لن نذكر هنا انتهاكات أو حبس، إنما جرائم قام بها الجيش الأمريكي، وذلك ما نقلته “رويترز” عن تقرير لمنظمة العفو يقول “يبدو أن الولايات المتحدة نفذت وتعاونت في أعمال قتل مخالفة للقانون في اليمن، وتعاونت بشكل وثيق مع قوات الأمن اليمنية في مواقف لم يجر فيها مراعاة حقوق الإنسان كما ينبغي، وذلك عندما هاجمت طائراتها بدون طيار أفراداً مشتبهاً فيهم بأنهم أعضاء تنظيم القاعدة أسفرت عن مقتل 41 مدنياً نصفهم أطفال”، ومقارنة بما جاء في التقرير الأمريكي ضد البحرين الذي يفيد أن قوات الأمن البحرينية ارتكبت عمليات قتل تعسفية أدت إلى وفاة 19 شخصاً، نوجه السؤال لوزارة الخارجية الأمريكية؛ هل هاجمت قوات الأمن بمدافع وصواريخ وطائرات أو أجهزت عليهم وهم في مراقدهم؟ فهناك فرق بين قتل مدنيين بنيران طائرات وهم في منازلهم وساحات مدارسهم، وبين من تعرض للقتل نتيجة قيامه بأعمال إرهابية يعاقب عليها النظام الأمريكي بتعقب أصحابها بين الجبال والوديان وقتلهم بالصواريخ كما فعلت في أفغانستان، ونكتفي بذكر جريمة واحدة دموية تتلخص بقيام جندي أمريكي باقتحام ثلاثة منازل في مدينة قندهار الأفغانية وقتل كل من تواجد فيها من مدنيين، حيث بلغ عدد القتلى 16 بينهم 9 أطفال، وكذلك في باكستان قامت طائرة بدون طيار بإطلاق صاروخين على مدرسة دينية وقتل 8 من طلابها. أما بالنسبة لأعداد القتلى في الحرب الأمريكية الإيرانية على العراق فقد بلغ المليوني قتيل، وسنذكر إحصائية لموقع إيرك بادي كاونت من خلال تقارير إعلامية حيث بلغ عدد القتلى 113125، وعدد المصابين 159710، وهي تقديرات كما يقول الموقع أقل من العدد الحقيقي للخسائر البشرية، ونضيف إلى ذلك موت ما يزيد على مليون طفل نتيجة الحصار الظالم الذي ضربته أمريكا على العراق منذ 1990، أما ضحايا الأسلحة الفتاكة مثل اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض الذي استخدمته في هجماتها على الفلوجة عام 2004 مما تسبب بكارثة للتشوه الولادي، حيث ذكرت الدكتورة سميرة العاني أخصائية أطفال في مستشفى الفلوجة أن هناك أنواعاً من التشوهات التي لا تتوافر مصطلحات طبية لوصفها، وأغلب المواليد يموتون خلال 20 إلى 30 دقيقة من ولادتهم، ومن يعش يكون مشوهاً ومصاباً بأنواع من السرطانات وأورام وإعاقات وعدم القدرة على السيطرة على عضلات الجسم، فهذا قليل من كثير، أما عن فضائح الانتهاكات الإنسانية والجرائم ضد البشرية التي لم يعرفها تاريخ البشرية فيكفي أن نضرب مثالاً ما حدث في سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو. إن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية نسخة طبق الأصل لتقارير الحركة الصفوية في البحرين، لا يختلف عنه في حرف ولا فاصلة، إنها نفس الادعاءات التي يرفضها الشعب البحريني الذي شهد الأحداث لحظة بلحظة وشاهد بعينه جرائم الانقلابيين، إنه الشعب المتضرر الذي هوجم أبناؤه في الجامعة، ومنع مرضاه من العلاج، وفرض عليه الحصار في شوارعه، وقتل أبناؤه في الطرقات وفي الحراسات، إنه الشعب الذي لم تقم وزارة الخارجية الأمريكية بالتعرف عليه ولا أخذ أقواله ولا قبول شهادته، وذلك لأن تقاريره وشهادته تقطع خارطة الشرق الأوسط الجديد.

الاتحاد وثقافة الوحدة

سعيد الحمد
عندما تابعت بعض الاصوات عالية الزعيق وهي ترفض فكرة الاتحاد والوحدة الخليجية العربية وهو رفض يأتي هذه المرة من جهة المحسوبين على المعارضة.. أدركت اننا نعيش لحظة المفارقات العجيبة والمحيرة او ان شئتم المفارقات الصادمة. فهي بحق مفارقة صادمة تحتار في تفسيرها وينغلق عليك فهمها في سياق فهمك لتاريخ ولسيرة ومسيرة المعارضة الخليجية عموماً والبحرينية بوجهٍ خاص، والتي تاريخها منذ التكوين الاول تاريخ وحدة واتحاد وتجسد ذلك منذ «وحدة وتحرر ثار مروراً بوحدة حرية اشتراكية وصولاً الى حرية وحدة اشتراكية» وهي المبادئ والشعارات التي توزعتها الحركات الوطنية القومية على امتداد الوطن العربي الكبير، وكان للبحرين وللمعارضة القديمة نصيب حركي فاعل فيها وبينها منذ العام 1958 عندما كلفت حركة القوميين العرب اثنين من أعضائها البحرينيين لتأسيس فرع الحركة في البحرين، وكان البعث قد سبقها في شعار الوحدة الذي طبع الحركات القومية والناصرية والتحررية الفلسطينية وغير الفلسطينية بطابعه.. فكانت الوحدة جزءاً من الثقافة العربية الوطنية بامتياز، واتجاسر بالقول هنا لم تجرؤ حركة وطنية عربية في المعارضة او خارج المعارضة ان تقف ضد الوحدة وان تعلن ذلك على رؤوس الاشهادة حتى لو كانت في داخلها ضد الوحدة لان مثل ذلك الموقف يعني نهايتها شعبياً وسقوطها الذريع جماهيرياً.. وهي حقيقة يعرفها كل سياسي عربي وكل من تابع وعايش المرحلة السياسية العربية الحديثة. فكيف انقلبت الآية الآن وتحولت بعض تيارات المعارضة الى الضد من الوحدة والاتحاد، وقد كان هذا أحد اهم عناوين نضالها ومبادئها واهدافها؟.. كيف غدت الانظمة تحمل دعوة الوحدة وفكرة الاتحاد وتسعى جادة وجاهدة لتأطيره وفق المشروع العام لها؟.. فهل هي المفارقات العربية التي يذهل المحلل السياسي لتفكيك ما اعتراها من غرائب؟. وفي القراءة الطريفة سياسياً ستبدو بعض المعارضات انها تأسست وجاءت لتعارض، هكذا فهمت دورها السياسي كمعارضة وهكذا تنتقل في مواقفها من النقيض الى النقيض ليس بهدف مصالح الشعوب والجماهير ولكن بهدف معارضة الحكومات فقط، فالمعارض يعارض الحكومة حتى ينال شرف لقبه وكلما توغل وتطرف وتشدّد في معارضة الحكومة كلما احتل مكاناً مرموقاً وقيادياً بارزاً في المعارضة، وهي مسألة خطيرة على مستوى مستقبل الشعوب ومصالحها التنموية التي قد تفتح وتهيئ لها الحكومات السبل والمشاريع فنهدمها وتعطلها المعارضة فقط لانها مشاريع حكومية او جاءت فكرتها من الحكومة بما يضيع فرصاً تاريخية لا تعوض على الشعوب التي تزعم وتدعي هكذا معارضات تمثيل مصالحها. وفي غمرة بحثها عن كل ما يُعارض ويعترض على الحكومات وعلى مشاريعها سوف نلاحظ هذه النوعية الطارئة من المعارضات العربية انها تنقض وتهدم ركناً اساسياً من اركان تاريخ المعارضة العربية الوطنية الحديثة التي كانت الوحدة مبدءاً من مبادئها الاساسية بل ان حركات وطنية كبيرة ومؤثرة كحركة القوميين العرب وهي كبرى الحركات الوطنية العربية قامت على قاعدة الوحدة وبهدف الوصول الى مشروع الوحدة العربية من المحيط الى الخليج. وسوف نذكر هنا ونستذكر نحن جيل الستينات ايام كنا طلاباً صغاراً في الاعدادي حين نخرج في تظاهرات متناغمة مع التظاهرات دعوة للوحدة اطلقها زعيم او رئيس عربي.. وسوف نقارن بين حالتين لمظاهرات كانت تؤيد وتشجع ومظاهرات الان تخرج لتعترض على الوحدة تقودها معارضة عربية يفترض فيها بداهةً انها مع الوحدة.. انها تناقضات ومفارقات لحظة عربية تستعصي علي الفهم وعلى التحليل وعلى العقل العربي العام الذي دخل مرحلة الذهول العظيم وهو يرى ما يرى ويسمع ما يسمع فلا يدرك ابعاد ما يراه ولا يفهم لغة ما يسمع.!!

بلا شك السعودية

صلاح الجودر
المتأمل في إنتاج البحرين للنفط الخام لعام 2011م يرى أنه عند مستوى 69 مليون برميل، منها 16 مليون برميل من حقل البحرين، والباقي 53 مليون برميل من حقل أبو سعفة المشترك بين البحرين والمملكة العربية السعودية حسب اتفاقية عام 1965م، وتقدر إيرادات البحرين النفطية حسب تقرير شهر إبريل الماضي بـ 680 مليون دولار والتي تشكل نسبة 70% من الدخل القومي للبحرين. فقد تم اكتشاف حقل أبو سعفة في المياه الضحلة بين البلدين في عام 1963، وتم توقيع الاتفاقية بين البحرين والسعودية على اقتسام النفط بينهما، إلا أن السعودية قد تنازلت عن حصتها كاملة للبحرين في عام 1992، بالإضافة إلى منحة سعودية من الزيت الخفيف تبلغ 50 ألف برميل، بالإضافة إلى أن البحرين تكرر 262 ألف برميل يومياً من النفط السعودي حسب اتفاقية عام 1945، وهذه الموارد النفطية ليست ببسيطة لبلد تعد موارده النفطية محدودة، فمع أن البحرين تعتبر الدولة الأولى في المنطقة التي تم اكتشاف النفط فيها عام 1932 إلا أنها تعتبر الأقل انتاجاً من بين الدول الخليجية. فنسبة 70% من الدخل القومي من النفط القادم من حقل أبو سعفة، والذي تنازلت الشقيقة السعودية بحصتها للبحرين ليست بالسهلة والبسيطة، فأبرز موارد البحرين تأتي من هذا الحقل الذي عزز العلاقات بين البلدين، لذا يعتبر المصير بين البلدين واحد لارتباطهما ببعض بالهوية العربية الأصيلة. في المقابل وفي الضفة الأخرى من الخليج تقف إيران للبحرين وشعبها بالمرصاد، فما من فتنة أو محنة تتعرض لها البحرين والدول الخليجية إلا ويشتم رائحتها من الشرق «إيران»، فقد أصبحت الفتن والمحن التي تتعرض لها البحرين من جارتها إيران عنوان الكثير من الصحف والقنوات الفضائية، بل من أبرز التحليلات السياسية للأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير العام الماضي 2011، فقد عادت الأسطوانة المشروخة من بعض القيادات الإيرانية التي تتحدث بأن الخليج بأسره تابع لإيران ونظامها السياسي!. فنظام الحكم في إيران والذي تديره المؤسسة الدينية عاد من جديد للحديث عن الدول الخليجية وأبرز البحرين في سابقة خطيرة لإعادة ملف التأزيم الذي قبر منذ سنوات حين قبل شاه إيران محمد رضا بهلوي بقرار الأمم المتحدة التي خلصت إلى أن شعب البحرين «عربي»، فقد كانت أولى التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني في ثمانينيات القرن الماضي حينما تم تدبير محاولة قلب نظام الحكم، والتدخل المباشر في البحرين على يد المؤسسة الدينية في إيران، ولكن هدأت الأوضاع بسبب انشغال إيران بحرب الثماني سنين مع العراق، وانشغالها بحرب الخليج الثانية وحرب تدمير العراق وتحويله إلى كنتونات طائفية وعرقية. اليوم المجتمع البحريني وهو يواجه المخطط الإيراني لتدمير دول الخليج العربية وتغير هويتها بين خيارين، فهو بين الانتماء العروبي والذي يتمثل في مقترح الملك عبدالله بن عبدالعزيز «الاتحاد الخليجي» أو التبعية الفارسية التي يحاول النظام الإيراني الترويج لها من خلال الضرب على الحس الطائفي والمذهبي والشعوبي، والحقيقة التي عليها أبناء البحرين والدول الخليجية الأخرى أنهم عروبيون حتى النخاع، ولا يمكنهم التخلي عن هويتهم العربية مهما تم نثر السموم والأدواء لتغير هوية أبناء المنطقة. فأبناء البحرين اختاروا هويتهم في عام 1970 أمام مبعوث الأمم المتحدة بأنهم عرب وليسوا إيرانيين، من هنا فإنه ليس هناك وجه مقارنة بين السعودية وإيران، بين العروبة والفارسية، فالمشروع المطروح اليوم في المنطقة ليس ضمن «الربيع العربي» كما تحاول قناة العالم الإيرانية الترويج له، ولكنه ضمن مشروع إيران التدميري الذي يشاهد هذه الأيام في العراق وإيران، فقد صرح أكثر القادة الإيرانيين بأن دول الخليج لهم، وأنهم يريدون شعوب الدول الخليجية خدماً وأتباعاً لهم، ولكن هيهات أن يغير أبناء المنطقة الخليجية هويتهم العربية.

ديبوي لاسير وجه الحقيقة الزائفة لحقوق الإنسان

يوسف الحمدان
إن السلوك الأرعن واللامسئول الذي فاجأت به رئيسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لورا ديبوي لاسير، الوفد الرسمي البحريني بجنيف، حين طالبت بأن تضمن حكومة البحرين حماية أعضاء الوفد الأهلي البحريني، المشارك في جلسات الاستعراض الدوري الشامل للبحرين، بعد عودتهم إلى بلادهم، وذلك على إثر التهديدات التي وُجهت لأعضاء الوفد في تقارير إعلامية، على حد قولها، يعكس مدى دعم بعض ممثلي حقوق الإنسان للإرهاب ومنظماته في العالم، واعتقادهم السائد والمنظم في آن، بأن أغلبية الحكومات في العالم هي حكومات بطشية وإرهابية وفاشستية شأنها شأن النظامين السوري والإيراني وما انضوى تحت رايتهما السوداء، وللأسف لم تقف ولم تدن الجرائم الكبيرة التي ارتكبها هذان النظامان ومنظماتهما التابعة إليهما في حق الشعوب المنتهكة حقوقها الإنسانية وأهمها حقها في الحياة.. وللأسف الشديد، أن لاسير لم تنتظر حتى ما سينجم عنه تقرير الوفد البحريني الرسمي من تقصيات ونتائج بعد قراءته، وكما لو أنها تعلن مسبقا موقفها الجاهز من الوفد ومن حكومة البحرين.. كنا نتمنى على لاسير أن تتساءل أو تدين الإرهاب الفتكي اليومي الذي تمارسه جماعات الوفاق وأعوانها على الناس الآمنين في الوطن، والتخريب المستمر للممتلكات العامة والحرائق والفوضى التي ليس لها ما يبررها على الإطلاق غير تنفيذ أجندة ولائية خبيثة لحكومة طهران، والجرائم المجانية التي راح ضحيتها بعض رجال الأمن وبعض الناس الآمنين في الوطن، والخلايا الانقلابية التي تريد النيل بالوطن وهويته وشعبه.. ولم تتساءل لاسير أيضا عن مساحات الحوار المفتوحة التي هيئتها الحكومة للمعارضة الإرهابية إبان الأزمة وحتى يومنا هذا، ولم تقف على الكذب الإعلامي المقيت الذي احترفته هذه المعارضة عبر قنواتها الخاصة وقنوات الدعم الانقلابي في إيران، إضافة إلى ممثليها من المحسوبين (حقوقيا) على منظمات ومجالس حقوق الإنسان في العالم.. وبعد.. أليس من الأجدى على لاسير أن تتساءل: كيف لهذا المجلس أن يستقطب في جلساته واجتماعاته ومؤتمراته وفدا حقوقيا غير مرخص ويتبنى كل مشاريع الإرهاب في البحرين؟ ألم تخش لاسير على الوفد الرسمي البحريني من تعرضه لمؤامرة إرهابية ضلعت حكومة طهران في حياكتها ضد معارضيها في العالم كله؟ من هو الأولى بالحماية أولا إذن؟ وفد الوفاق أم الوفد الرسمي؟ وفد الحوار والشفافية أم وفد الإرهاب والانقلاب الاستقوائي؟ يا ترى أية ديمقراطية التزمتها لاسير في تهديدها للوفد الرسمي وهي التي حسمت عدم أهمية هذه الديمقراطية بتكميمها أفواه الحقيقة قبل أن تدلي برأيها؟! هدى نونو.. هدى نونو ركزت في كلمتها أثناء انعقاد الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للبرلمان الأوروبي اليهودي التي نشرتها جريدة الأيام اليوم، على مدة التسامح الديني الذي تنعم به البحرين، والذي اعتبرته نونو جسرا تعبر من خلاله التجارة العالمية منذ آلاف السنين، متفهمة بطء وتيرة التغيير كون الديمقراطية في البحرين لا زالت في بدايتها وداعية إلى ضرورة الحوار الخلاق بين أطراف ومكونات المجتمع البحريني وبين الحكومة.. ... امرأة مثلت بلدها خير تمثيل وبشفافية متعقلة ولم تنحز إلى أصولها اليهودية لأغراض سياسية.. امرأة قدمت ثلاثة دروس أساسية، درس في التسامح بين الأديان ودرس آخر في التسامح بين المعارضة والحكومة، ودرس آخر في كيفية توصيل رسالة مشرفة عن وطنها البحرين إلى المجتمع الدولي الذي شارك في هذه الجلسة وخاصة اليهود منهم.. هذه الدروس أليس أحرى بمن يزعم الوطنية من سياسيي المعارضة المطأفنة وتجار حقوق الإنسان الموالين لحكومة طهران في البحرين استيعابها والتمثل بها بدلا من تشويه سمعة الوطن ورموزه وتاريخه وحضارته في كل محفل يقام وبدعوة لهم ومن غير دعوة ؟ وبناء عليه.. علينا أن نفهم الفرق بين هدى نونو ولميس ضيف وبنات الخواجة!! نعم نحن عرب ولكن!! أرجو أيها الأخوة ألا تنزعجوا من رأيي.. إذ لماذا نعطي الأحمق والجاهل والمتخلف أكبر من حجمه، فنقنعه في أي تجمع يعقد بأننا عرب شاء أم أبى، وكما لو أننا نشك فعلا في عروبتنا ونريد حسم أمرها مع أنفسنا وكما لو أن من ينفيها على صواب؟ نعم نحن عرب.. لغتنا عربية قرآننا عربي عاداتنا تقاليدنا نتاج مجتمع عربي إسلامي.. نعم نحن عرب ولكننا نتعاطى لغات أخرى غير عربية ونحترم اللغات الأخرى وكذلك عادات وتقاليد وثقافات المجتمعات غير العربية.. إن موقفنا ممن يريد النيل بوطننا ومجتمعنا سياسي بالدرجة الأولى ولا نريد أن نزج بمجتمعنا في قاع الهرطقات الشوفينية والعنصرية، فنكره إزاء هذا السلوك من كان غير عربي ولكنه من أحباب هذا الوطن وممن وقف مع الوطن في محنته.. قال سبحانه وتعالى: إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم. لا تدعوا الحمقى يستشيطوا بجهلهم فيثقوا فيما توهموه.. إن البحرين عربية من اسمها، ومن تاريخها، وما الحضارات التي تقاطرت على أرضها وموانئها وبحرها والتي أثْرت بوجودها ثقافتنا وهويتنا كما أثّرت هويتنا وحضارتنا فيها وهذا دليل ساطع على أن البحرين بلد عربي عريق وأصيل تمكن من استقطاب ثقافات غير عربية وتصدير ثقافته العربية بالمقابل إليها، وكم كنا نحن مؤثرون فيها.. ليكن العقل سيد أي تجمع يقام.. علي الشرقاوي.. كثيرون هم الذين كتبوا قصائد عن الوطن «البحرين»، ولكن مثل قصيدة «عشق ما ينشرى وينباع» التي كتبها الشاعر علي الشرقاوي وتغنى بها أهم المطربين البحرينيين، مثلها قليل ما قرأت.. قصيدة لو تأملها كل إنسان بحريني لأدرك قيمة ومعنى الوطن في كل تفاصيل حياته، ولاستخدم هذه القصيدة حرزا يقي من خلاله نفسه من مهالك الطائفية المقيتة، ولسعى ملبيا نداء الوطن من أجل توحيد الصفوف بين كافة مكونات المجتمع .. قصيدة رائعة وبسيطة وعميقة في معانيها ودلالاتها ومؤثرة بشكل غير عادي على النفس، ما إن تستمع إليها حتى يأخذك حنين غير عادي لهذا الوطن الأم والحب والوصل، وتتمنى في الوقت نفسه بان يرددها معك كل بحريني وكل إنسان ولد أو أقام على هذه الأرض.. بلـد عيــني وبلـد قلـبي وبلـد روحـي بلد مثل العشق ما ينقسم نصين بلد اصلي وبلد فصلي وبلد اهلي بلد شق البحر فوق السما بحرين بلد آموت عشان اسمه بلد آعيش عشان اسمه وعند الموت يكفيني اشوف بين الزمن بحرين بـدونك يـا بلد والله أنا لا شي بدونك يـا بلد والله انا لاشـي انا لاشـي انا لاشي بلا البحرين. من سيفرج عن أزمة البحرين؟! بعد إسقاط دولة الإمارات العربية بعض الديون عن مواطنيها المتعثرين في سدادها، ارتأى بعض بل أغلبية من «بهدلتهم» هذه الديون واستنزفت صحتهم من المواطنين بضرورة الاحتذاء بدولة الإمارات وتخفيف العبء عن كاهلهم، مسترشدين بدول أخرى مجاورة ومتسائلين: متى تنفرج الأزمة في البحرين.. السؤال الجوهري في رأيي: من سيفرج عن أزمة البحرين بعد ضرب الوفاق وأعوانها المستمر للاقتصاد في البحرين وشل حركة السوق المحلية والعربية والدولية وهجرة الشركات والبنوك ورؤوس الأموال الأجنبية من البحرين وارتفاع أو تذبذب حركة العرض والطلب في السوق البحرينية نتيجة هذه الأحداث المؤسفة والخسائر التي تكبدتها الدولة والقطاع الخاص بسبب إمعان الوفاق وأعوانها في ضرب الاقتصاد بجانب الاختلاسات الخطيرة والمروعة التي أسقطت ومن شأنها أن تسقط شركات ومؤسسات كبيرة تعيل آلاف العائلات.. أليس كل ذلك من شأنه أن يدعونا لطرح هذا السؤال الجوهري: من سيفرج عن أزمة البحرين؟ لغة إنتاج الفوضى!! اللغة في علم الدلالة تتجاوز حيز الكلام واللفظ، لتصبح مساحة مفتوحة على التعبير المتعدد والمتنوع للفعل، وبالتالي ممكن أن يصبح الكلام فعلا في حيز هذا التعدد والتنوع، كما أن تدريب الفرد على التعبير من خلال الصوت يمكن أن يأخذ مساحة متعددة ومتنوعة في منطقة واحدة من حيز اللفظ إذا تم تدريبها جيدا وبوعي لأهمية استثمارها لأكثر من طريقة تعبيرية.. يحدث التوازن الخلاق وليس الاطمئناني السائد والمعهود تقليديا، عندما ندرك بأن اللغة مساحة حرة للتعبير عن كافة أفعال الجسد بما فيها الكلمة واللفظ، فاللغة لا تعني الكلمة والنطق كما يعتقد كثير من علماء الاجتماع والمحللين اللغويين، اللغة نسق متوالد ومتجدد لأفعال كثيرة، منها الكلام والنطق.. أن تكون متوازنا يعني أن تكتفي بما توصلت إليه من حلول، ولكن أن تكون خارج نطاق هذا الفهم السائد والمعتاد فإنك تبحث فعلا عما يجدد ويتجاوز هذا التوازن ليصل إلى مرحلة الخلق في كل مفردة تنبثق منك أو تتعاطاها من أحد كتأثير مباشر على سلوكك اليومي.. التوازن هو أن تكون قادرا على تحدي ما يدفعك للاطمئنان إلى توازنك، كي تكون قادرا على استنبات لغة أخرى تتصل بالخلق والتجدد والمغايرة، ولكن من كانت لغته قائمة ومؤسسة على فعل الفوضى والتخريب كيف يدرك مساحات الخلق التعبيري في لغته؟ وإذا أدركها للأسف الشديد فستظل مراوحة في مساحة إنتاج هذه الفوضى وهذا التخريب.. مجرد اجتهاد..

الإخوان مطالبون بطمأنة الجميع

فهمي هويدي
هذه لحظة الاستنفار والاحتشاد وإنكار الذات، بعدما أصبحت مصر الثورة عند مفترق طرق، وغدا طريق «الندامة» ظاهرا للعيان، وصار التهديد الماثل ينذر بإجهاض الثورة، الأمر الذي يدعو جميع فصائل القوى الوطنية إلى ضرورة إعادة النظر في مواقفها، وفي المقدمة منها جماعة الإخوان المسلمين.
(١)
لا أنسى أننا خارجون لتونا من نظام مستبد دمر الحاضر وأمات السياسة وشوه المستقبل، وأننا نخطو خطواتنا الأولى في رحلة الديمقراطية، وأفهم أننا لا ينبغي أن نتوقع انتقالا إلى ديمقراطية كاملة الأوصاف. وأن إحدى قواعد تأسيس النظام المنشود أن نقبل ونحترم كلمة صندوق الانتخاب، طالما توافرت للعملية شروط النزاهة والحرية. أدرى أيضا أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ المصري التي يتولى السلطة في البلد رئيس خارج من الصندوق، ومنتخب من بين ١٣ مواطنا آخرين، توسم كل واحد منهم أن بوسعه أن يرأس مصر.
هذا كله أقدره ولا أستطيع أن أتجاهله. لكنني أيضا لا أستطيع أن أغض الطرف عن أن نتائج فرز الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وضعتنا أمام تحد لم يكن في الحسبان. إذ في حين دخلنا في تلك الجولة مخيرين بين مرشحين يتنافسون على كيفية تحقيق أهداف الثورة، فإن نتائج الفرز فاجأتنا بأننا صرنا مخيرين بين أن تكون الثورة أو لا تكون. وأن أركان الثورة المضادة أطلوا بوجوههم وفرضوا أنفسهم على المشهد الانتخابي بعدما ارتدوا مسوح الثوار ورفعوا أعلامهم.
ذلك تطور يقلقنا لا ريب. لكنني أزعم أنه لا يخيفنا ولا ينبغي له أن يشيع اليأس بيننا، بل أزعم أنه على سوئه ليس شرا كله، ولكن يمكن أن يكون له مردوده الإيجابي إذا فتحنا أعيننا جيدا واستخلصنا منه الدرس الذي يقوي من عزائمنا ويعزز من صفوفنا، بحيث تتحول الأزمة إلى فرصة كما يقول الصينيون.
(٢)
إذا سألتني كيف؟ فردي تلخصه النقاط التالية:
- إن النتيجة كشفت لنا عن جانب في المشهد كان غائبا عن الأذهان، يتمثل في ظهور رموز الثورة المضادة، وثبوت قدرتهم على التحرك والتأثير. وإذا صرفنا النظر عن عددهم أو حجم تأثيرهم فالشاهد أن النظام الذي استمر طيلة ثلاثين عاما لم يسقط بسقوط رأسه، وإنما أتاحت له المدة الطويلة التي قضاها في الحكم أن يشكل طبقة مستفيدة في عمق المجتمع. وأن يزرع أيادي وأصابع له في معسكر الإدارة وأروقة السلطة. وقد كان لهؤلاء وهؤلاء دورهم الذي لا ينكر في تعزيز مرشح الثورة المضادة في بعض الأوساط. يؤيد ذلك الادعاء أن عناصر فريق (الفريق) الذين يحيطون به ويبثون دعايته هم من أبواق النظام السابق، وبعضهم من كبار رجال الأمن السابقين في الداخلية، حتى بعد الثورة.
- إن المفاجأة شكلت تحديا جديدا للجماعة الوطنية والقوى السياسية في مصر سوف يرغمها على التوافق، الذي تمنعت عنه في السابق. ذلك أن الجميع أدركوا الآن أنهم إذا لم يتوافقوا فيما بينهم من خلال التقارب والتفاهم فإن رياح الثورة المضادة سوف تعصف بهم جميعا، لذلك أزعم أنه ما كان خيارا تطوعيا قبل الانتخابات بات ضروريا بعدها. وما كان نافلة في السابق أصبح فريضة بعد «الآذان» المدوي، الذي رفعته الانتخابات.
- إن تصويت الجماهير العريضة أثبت أنها تعي ما تفعل، وأنها ليست ذلك «القطيع» المتهالك الذي ينساق وراء أكياس الأرز وزجاجات الزيت وأنابيب البوتاجاز كما صورتها وسائل الإعلام. ولكنها بوعي شديد عاقبت الإخوان على مواقفهم، وانحازت إلى من اعتبرته أكثر قربا منها، وأفضل تعبيرا عن أشواقها. وتلك شهادة ينبغي تسجيلها ووضعها في الاعتبار.
- حين اختلفت مواقف الإخوان والسلفيين، بدا واضحا للكافة أن الطرفين ليسا شيئا واحدا كما يشاع. بل تبين أن السلفيين أنفسهم ليسوا شيئا واحدا. فقد أيد بعضهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. وأيد فريق آخر من السلفيين الدكتور مرسي. ولا أستبعد أن يكون بعضهم قد صوت لصالح حمدين صباحي. بالتالي فمن الآن فصاعدا لا ينبغي أن يتم التعامل مع «الإسلاميين» باعتبارهم كتلة تصويتية واحدة. ولابد أن يشار هنا إلى أن قيادات الدعوة السلفية وحزب النور قد تصرفت بدرجة ملفتة للنظر من الرشد والمسئولية، حين اعتبرت أن هناك مصلحة وطنية في الظرف الراهن تقتضي الالتفاف حول الدكتور أبوالفتوح واعتبرت أن المصلحة الوطنية تشكل نقطة لقاء، لا تنفي وجود مسافات بينها وبينه في نقاط أخرى.
- النقطة التي لا تقل أهمية عن كل ما سبق، وقد تزيد، أن المجتمع بعث من خلال التصويت العقابي برسالة تنبيه وتحذير الى الإخوان، عبرت فيه الجماهير عن عدم رضاها عن سلوكهم وأدائهم السياسي بوجه عام سواء في تراجعهم عن بعض ما وعدوا به «في عدم الترشح للرئاسة وفي نسبة المقاعد التي أرادوا الحصول عليها في البرلمان»، أو في موقفهم من لجنة الدستور التي أرادوا تشكيلها تبعا للأغلبية وليس تبعا للكفاءة والتمثيل المجتمعي. ومعلوماتي أن هذه الرسالة تلقاها الإخوان، حين وجدوا أنهم خسروا نحو خمسة ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية مقارنة بالانتخابات التشريعية، وهذه نقطة إيجابية تحتاج إلى وقفة.
(٣)
قلت في الأسبوع الماضي إن الخوف سيد الموقف في الانتخابات الرئاسية، سواء كان خوفا من الإسلاميين أو خوفا من الفلول وأركان النظام السابق. والأول أهم وأخطر لأنه ينعكس على المستقبل المفتوح، أما الخوف من الفلول فهو يظل جزءا من الماضي ومنسوبا إلى الثورة المضادة، التي تقف على النقيض تماما من الجماعة الوطنية المصرية.
للدقة فإن الخوف من الإسلاميين ليس مصدره سلوك الإخوان فقط، لكن أسهم فيه سلوك وخطاب ــ وربما مناظر - بعض السلفيين الذي أصاب الناس بالذعر، كما عمم الخوف وأشاع بين الناس موقف وسائل الإعلام التي لم تقصر في الاصطياد وتشويه الصورة والتركيز على الأخطاء والمبالغة فيها. وهو ذات الإعلام الذي لم يتغير في أساليبه شيء بعد الثورة، وإنما ظل متمسكا بتقاليد ومفردات خطاب الفزاعة المتراوح بين الإسلاميين والإخوان.
رغم تعدد مصادر الخوف وأسبابه فإنني أزعم أن الإخوان يتحملون القسط الأكبر من المسئولية عنه، لسبب جوهري هو أنهم يشكلون القوة السياسية الكبرى في البلد، إضافة إلى تمتعهم بالأغلبية في البرلمان، الأمر الذي لفت إليهم الأنظار والأضواء.
لقد أصبح مصطلح الاستحواذ لصيقا بالإخوان، إلا أنه لا يخلو من مبالغة ذهبت إلى حد اتهام الإخوان باستنساخ دور الحزب الوطني، الذي كان مهيمنا على كل المناصب الرئيسية في البلد، من رئاسة مؤسسات الدولة إلى مناصب الوزراء والمحافظين والمجالس العليا والسفراء ومديري الجامعات...الخ. ورغم أن الإخوان «أعجبتهم كثرتهم» وتصوروا أن الأغلبية التي حازوها تقتضي توليهم رئاسة مجلس الشعب والشورى والحكومة ولجنة الدستور إلى جانب دفعهم بمرشح لرئاسة الجمهورية، فإنهم لم يدركوا أن المجتمع ليس مستعدا لاحتمال وهضم هذه الصورة، بمعنى أنه غير مستعد لأن يرى «المحظورة» قد ملأت عليه الأفق وشغلت أهم أربعة أو خمسة مناصب في الدولة، متجاهلة الجماعات والقوى السياسية الأخرى. وإذا أضفت إلى ذلك ما شاع عن قلق الأقباط والنساء والمبدعين والكلام عن التدخل في الحياة الخاصة للناس، فلك أن تتصور حجم الخوف الذي انتاب الناس مما اعتبروه تغولا للإخوان أثار ارتيابهم وتوجسهم.
(٤)
إذا اعتبرنا أن خوف الناس من الإسلاميين عامة والإخوان خاصة وراء تراجع شعبيتهم وتقدم غيرهم، بمن في ذلك مرشح الفلول، فإن طمأنة الناس وكسب ثقة القوى السياسية يصبحان واجب الوقت. وهذه الطمأنة لا تتحقق إلا بعد نقد ذاتي يكشف عن مواضع الخلل، وفي ظل شجاعة تدفع إلى الكشف عن الثغرات ومواضع الخلل وتحث على علاجها بسرعة وحزم.
في مقام سابق استشهدت بنجاح تجربة التوافق في تونس بين حركة النهضة الإسلامية وحزبي المؤتمر والكتلة العلمانيين، إضافة إلى عدد من الأحزاب اليسارية والقومية الأخرى. وعرضت لخلاصة ما انتهت إليه هيئة ١٨ أكتوبر للحقوق والحريات حين بدأت في عام ٢٠٠٥ تحضير عدة أوراق تترجم التوافق حول بعض العناوين الأساسية المتعلقة بالتعايش في إدارة شئون المجتمع. وقد كان ذلك التوافق كامنا في خلفية ما جرى بعد الثورة، حين تولت حركة النهضة رئاسة الحكومة وتولى رئاسة الدولة رئيس حزب المؤتمر كما شغل رئيس حزب الكتلة منصب رئيس اللجنة التأسيسية الأقرب إلى البرلمان.
أشرت في السابق أيضا إلى تنازل حركة النهضة عن إيراد كلمة الشريعة في الدستور التونسي الجديد والاكتفاء بالاعتبار الإسلام دينا للدولة، وكيف أن الشيخ راشد الغنوشي قبل بهذه الخطوة حفاظا على وحدة الجماعة الوطنية وتجنبا لإحداث أية شروخ أو تصدعات في المجتمع.
ما ذكرته أردت به تأييد اقتراح من جانبي أدعو فيه الإخوان إلى السعي بشكل جاد لطمأنة المجتمع والقوى السياسية وإزالة أسباب الخوف التي سحبت من رصيدهم وأضعفت من موقف الجماعة الوطنية في الانتخابات الرئاسية. إلا أن ذلك الاقتراح يظل منقوصا إذا لم يطالب القوى العلمانية والليبرالية بوقف إطلاق النيران باتجاه الإسلاميين، ولو على سبيل الهدنة، حين يجتاز الجميع المرحلة الحرجة الراهنة، ذلك أننا لا نستطيع أن نطالب الإخوان بتقديم تنازلات للتوافق مع الآخرين، بينما هم يواصلون قصفهم ليل نهار والدعوة إلى إقصائهم بمختلف السبل.
إنني أدعو الإخوان إلى إصدار إعلان باسم الجماعة يقرر عدة أمور منها ما يلي: ان رئيس الحكومة القادم. إذا نجح مرشح الإخوان، سيكون كفاءة مستقلة من خارج الجماعة - ان نائب رئيس الجمهورية أو أحد نواب الرئيس سيكون من شباب الثورة المستقلين - ان الجماعة متمسكة بالقيم الديمقراطية وفي مقدمتها التعددية السياسية وتداول السلطة - ان الأقباط والنساء والشباب سيمثلون في المجلس الاستشاري للرئيس - ان الجماعة تتعهد باحترام الحريات الخاصة وحرية الإبداع كما أنها ملتزمة باحترام حقوق الإنسان بما في ذلك حرية التفكير والتعبير - انها ملتزمة بتثبيت قيمة المواطنة وبعدم التمييز بين المواطنين في الدين أو الرأي أو الجنس - ان النهضة الحقيقية لا تقوم إلا من خلال العدل الاجتماعي والانحياز إلى الفقراء.
إذا فعلها الإخوان فربما استطاعوا أن يهدئوا من روع الناس بما يبدد بعض مشاعر الخوف والقلق، التي لن تختفي إلا إذا ترجمت الأقوال إلى أفعال.

خطاب مفتوح إلى بان كي مون

أنور عبدالرحمن
السيد بان كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة.
بداية، إننا ندين التصريح الشاذ الذي أدلت به رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا ديبي لاسر والذي زعمت فيه ان أشخاصا بحرينيين مشاركين في اجتماع المراجعة الدورية بمجلس حقوق الإنسان في جنيف قد تعرضوا لتهديدات.
هذا التصريح الغريب المستهجن لم يصدمنا نحن فقط في صحافة البحرين الوطنية، إنما صدم أيضا ممثلين محترمين لعديد من الدول مشاركين في الدورة.
ان السؤال الكبير الذي نطرحه هو: لماذا فعلت هذا؟ هل هي ضحية معلومات مغلوطة مضللة؟ أم انها جاهلة تماما بالبحرين وبما هو متاح فيها من حقوق وحريات واسعة في التعبير عن الرأي؟
لمعلوماتك الخاصة، إن الحريات المتاحة في البحرين ليست موجودة حتى في بعض الدول الغربية. ان هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم ممثلين لمنظمات المجتمع المدني أو المعارضة لديهم حريات كاملة في التعبير عن الرأي، والمشاركة في المسيرات والمظاهرات، وإجراء الأحاديث واللقاءات التلفزيونية، وكل صور التعبير عن الرأي، من دون أي قيود او شروط. هم يتمتعون بهذه الحريات الواسعة لدرجة ان الكثيرين يعتبرون ان الأمر تجاوز الحد حتى بالمعايير الأوروبية.
ولهذا، فإن هذا الاتهام الذي وجهته رئيسة مجلس حقوق الإنسان هو اتهام فارغ ومستفز ولا يستند إلى أي أساس على الاطلاق. ليس هذا فحسب، بل ان هذا الاتهام يكشف قلة وعي، ويكشف عن جهل مريع مفزع وسذاجة تصل الى حد الحماقة . والعجيب حقا ان يكون هذا هو حال مسئولة تحتل هذا المنصب الكبير الحساس.
لقد سبق ان أتيح لي شخصيا ان أحضر عديدا من الجلسات واللقاءات في جنيف. وقد كان أمرا مفزعا بالنسبة إلي ان اكتشف ان أروقة الأمم المتحدة مخترقة، تحت غطاء حقوق الإنسان، من جانب جيش صغير من الإيديولوجيين المتطرفين الذين يروجون عن عمد تام لمعلومات مضللة مغلوطة ويقومون بتمريرها الى المسئولين في الأمم المتحدة.
والحقيقة ان هذا الأمر بلغ حدا مفزعا من الخطورة. والأمم المتحدة إذا أرادت ان تحافظ على حيادها وعلى مصداقيتها، فإن عليها ان تشكل فريقا تكون مهمته التدقيق في المعلومات والحقائق المزعومة التي تقدم لمسئوليها، بحيث يميز بين الحقيقة والأكاذيب، وبين ما هو حقيقي وما هو من نسج الخيال، وبين ما هو دعاية مضللة وحقائق مؤكدة.
ولك ان تتصور التالي: في احدى الجلسات التي حضرتها وكانت مخصصة لمناقشة الأوضاع في البحرين، كان رئيس الجلسة مواطنا إيرانيا وهو احد رجال الدين الإيرانيين ويقيم في لندن! . وعندما التقينا ممثل بريطانيا، نصحنا بأن نكثف وجودنا في جنيف كي نستطيع التصدي للادعاءات التي يروج لها أمثال هؤلاء، وان نلتقي ممثلي مختلف الدول وخصوصا الدول الكبرى كي نوضح مواقفنا ونعرض آراءنا.
وفي احد الاجتماعات، تحدثت سيدة فرنسية تعمل طبيبة واحتجت على ذكر اسمها من جانب هؤلاء على اعتبار انها شاهدة على الأحداث في مستشفى السلمانية أثناء الأزمة في العام الماضي. هذه السيدة الفرنسية قالت إنها لم تزر البحرين أبدا، وان معلوماتها محدودة جدا عن حقيقة الموقف، وكل ما في الأمر ان لها اهتماما عاما جدا بأي شيء يتعلق بحقوق الإنسان. أكثر من هذا انها طلبت مني شخصيا الا اذكر اسمها لأنها تريد ان تظل بعيدة عن الإعلام.
الواجب كان يحتم على السيدة لاسر قبل ان تنطق بكلمة واحدة عن هذا الأمر ، ان تتأكد على الأقل من صحة ما وصل إليها من معلومات وان تسعى لمعرفة الحقيقة من بعثة الأمم المتحدة في البحرين، ومن المسئولين في وزارة الداخلية. كان عليها ان تفعل هذا بداهة ان كانت تريد الالتزام بمبادئ الحياد والموضوعية.
ان من الحقائق المعروفة في عالم اليوم ان هناك العديد من المنظمات الإرهابية تعمل تحت غطاء منظمات تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان. لكن الأمر هو كما أوضحه وزير الداخلية في البحرين عندما قال: «ان القانون هو الذي يحمي حقوق الإنسان، لكن يجب ألا ننسى ان منظمات حقوق الإنسان ليست فوق القانون».
وكي نوضح وجهة نظرنا أكثر، فإننا نعتقد ان الأمم المتحدة يجب ان تكون لديها معايير وطرق محددة للتدقيق في خلفية أي شخص يشارك في مثل هذه الجلسات والمؤتمرات الدولية وتعرف حقيقة ارتباطاته. وتحقيق هذا ليس بالأمر الصعب.
ان ما قالته رئيسة مجلس حقوق الإنسان واتهامها الأهوج للبحرين شوّه سمعة بلد يبذل كل ما بوسعه وطاقته كي يضمن الحريات الشخصية وعلى أعلى مستوى. ولو لم يكن هذا هو حال البحرين، لما كان قد تم السماح لهؤلاء الأشخاص بان يغادروا البلاد أصلا ويصلوا إلى جنيف، ولما كان بمقدور هؤلاء ان يعودوا إلى البحرين وهم آمنون من دون ان يوقفهم أو يسائلهم احد أو يحقق معهم.
السيد بان كي مون المحترم.
ان الحرية لها قدسية وحرمة. واساءة استخدام الحرية هي جريمة مروعة ولها تبعات كارثية. ولأنك تحتل موقعا نعتقد انه يجب ان يعبر عن ضمير الأمم والإنسانية، فإننا نعتقد ان الواجب يحتم عليك ان تجري تحقيقا في الانتهاكات والخطايا التي يرتكبها بعض مسئوليك الكبار مثل هذا الذي ارتكبته رئيسة مجلس الحقوق الإنسان بحق البحرين.
وفي النهاية، أود ان ألفت نظرك إلى ما تعرفه بالضرورة من انه في مدخل بهو الأمم المتحدة في نيويورك، هناك مقولة منقوشة كتبت قبل اكثر من ٨٠٠ عام، كتبها الشاعر والفيلسوف سعدي الشيرازي، تصف حقوق البشرية، المعنى العام الواسع:
ان الخلق جميعا جوهرهم واحد ... هم جميعا من تراب أصلهم واحد
إذا أصيب عضو واحد منهم وتألم ... كل الأعضاء تشعر بنفس الألم
يا سيادة السكرتير العام .. اننا نطلب منك ان تتحرك وتوقف مسئوليك هؤلاء الذين لا يتحلون بأي قدر من المسئولية عند حدهم وما يتسببون فيه من «ألم للبحرين»، بشكل ظالم.

انتخابات مصر.. لماذا الغضب

السيد زهره
«خياران أحلاهما مر». هذا هو التعبير الذي أصبح الأكثر شيوعا في مصر في اليومين الماضيين وما شابهه من تعبيرات. من قبيل «السيئ والأسوأ» وهكذا.
المقصود هنا بالطبع ما أسفرت عنه انتخابات الرئاسة من نتائج، وضعت المصريين أمام الخيار في جولة الإعادة بين مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي ومرشح «الفلول» أحمد شفيق.
كما ذكرت في مقال الأمس، هذه النتيجة سببت حالة من الصدمة والغضب العارم لدى قطاع واسع من الشعب ومن النخب والقوى السياسية.
هذه الحالة من الصدمة والغضب والشعور والإحباط مفهومة أسبابها، لعل اهمها ما يلي:
١ – انه في حين تتطلع مصر الى المستقبل بعد الثورة وتحلم باقامة نظام جديد يحقق اهداف الثورة وغاياتها، فان المرشحين الفائزين ينتميان الى الماضي. مرشح الاخوان معروفة افكار ومبادئ الجماعة التي لا يمكن القول انها افكار تغيير او مستقبل. وشفيق ينتمي الى النظام السابق فعليا، وبحكم افكاره ايضا.
٢ – ان المرشحين الفائزين لا علاقة لهما بالثورة ولا يمكن اعتبارهما باي حال يمتان اليها بصلة. الاخوان في احسن الاحوال ركبوا موجة الثورة التي لم يكن لهم أي فضل في اندلاعها واستماتوا من اجل جني ثمارها لحسابهم هم فقط. وشفيق معروف موقفه العدائي من الثورة اصلا، وتعلقه بالنظام القديم كمثل اعلى معروف ومعلن.
٣ – انه بالنسبة الى الكثيرين فان فوز أي من الاثنين بالرئاسة في جولة الاعادة، يهدد فعليا بقتل الثورة وقتل الآمال المعلقة بإقامة نظام جديد. بالنسبة الى الكثيرين، ورغم اعلان كلا المرشحين حرصهما على الثورة واهدافها، فان البلاد يمكن ان تكون مهددة اما بفاشية دينية في ظل حكم الاخوان، واما بديكتاتورية عسكرية في ظل حكم شفيق.
٤ – ويضاف الى هذا، هناك احساس عام بالحسرة والالم لأن ابرز المرشحين الممثلين للثورة والتغيير، وهو حمدين صباحي، كان قاب قوسين او دنى من دخول انتخابات الاعادة، ولم يكن من العدل ابدا ان ينتهي الامر باقصائه وانحسار المنافسة بين هذين الاثنين.
إذن، كما قلت، حالة الصدمة والغضب هذه التي شعرت بها قطاعات واسعة لها مبرراتها الكثيرة.
لكن في غمرة هذا، لا بد من طرح السؤال: لماذا حدث هذا؟.. كيف انتهت الانتخابات الى هذه النهاية؟.. كيف نفسر هذه النتائج التي اسفرت عنها الانتخابات؟.
طرح هذا السؤال مهم لأننا اذا حاولنا الاجابة عنه بشكل هادئ، فسوف نكتشف ان هناك عوامل واسباب كثيرة موضوعية تفسر هذه النتائج ربما تجعل من هذا الغضب غير مبرر تماما.
نقصد ان هذه النتائج هي تعبير عن حال المجتمع، وعن حقيقة الاوضاع في مصر بعيدا عن آمال وتصورات النخبة السياسية.
قبل يومين، نشرت وكالة «رويترز» تحليلا للانتخابات استطلعت فيه آراء خبراء ومحللين مصريين اعتبروا ان نتيجة الانتخابات هي فشل للنخبة المصرية، واعتبروا ان هذه النخبة هي المسئولة عن هذه النتيجة. وقدموا اسبابا كثيرة لذلك منها ان النخبة ابتعدت عن الواقع وتفتقر الى التواصل مع الشعب، ومنها انها منقسمة الصفوف ولا تجيد غير الصراع والكلام.. الى آخره.
والحقيقة ان القضية اكبر بكثير من مجرد دور للنخبة السياسية والفكرية المصرية.
نعني ان هناك عوامل كثيرة لا بد من التوقف عندها لتفسير هذه النتائج. نشير باختصار شديد هنا الى العوامل الرئيسية التالية:
١ – ثورة ٢٥ يناير نجحت في اسقاط النظام السابق، او بالاصح في اسقاط قمة النظام، لكن النظام نفسه ما زال قائما. على امتداد العقود الماضية كان لرجال النظام السابق شبكة تنظيمية واسعة، وشبكة واسعة من المصالح. هذا عامل من الواضح انه لعب دورا اساسيا في الانتخابات. وكما قال بعض المحللين، فان رجال النظام السابق خاضوا ما اعتبروا انها معركة حياة او موت، ووقفوا وراء شفيق بكل قوتهم.
٢ – ان الثورة وان نجحت في جعل مطالب التغيير مطروحة بكل قوة، فانها بداهة لم تنجح بعد في تغيير الثقافة العامة السائدة في المجتمع. والثقافة السائدة في المجتمع لا تجعل اختيار المرشح بحسب معايير الكفاءة الوطنية بالضرورة او لأنه الأصلح بالضرورة. الذين صوتوا لمرشح الاخوان مثلا صوتوا في الغالب الاعم بحكم الالتزام التتنظيمي او الديني.
حتى فكرة اهمية المشاركة السياسية في حد ذاتها لم تترسخ بعد بدليل ان اكثر من نصف المصريين قاطعوا الانتخابات.
٣ – ان الانتخابات اثبتت ان هناك قطاعات لا يستهان بها من الشعب لها اولويات اخرى غير تلك التي تراها النخب السياسية.
وكما ذكرت أمس، اتضح مثلا ان قضية الامن والاستقرار والخوف من الفوضى تمثل هاجسا بالنسبة الى قطاعات واسعة اكبر بكثير مما تتصوره النخبة.
هذه فقط بعض الجوانب المهمة في فهم نتيجة الانتخابات, لكن هذا كله لا يعني فشل الثورة كما ذهب بعض المحللين ولا يعني فشل الداعين الى التغيير الشامل وخاصة ان هناك كما ذكرت أمس قيودا فرضها الشعب على رئيس قادم، كما ان المرشحين الممثلين للتغيير والثورة حصلوا في النهاية مجتمعين على اصوات اكثر من التي حصل عليها المرشحين الفائزين.
كل ما في الأمر ان هذه النتيجة للانتخابات تعني ان الطريق ما زال طويلا امام مصر كي تحقق التغيير الشامل المنشود.

صفقة إيرانية أمريكية من تحت الطاولة

عبد المنعم ابراهيم
على الرغم من الرسائل المتناقضة التي ترسلها (واشنطن) إلى (طهران) بخصوص ملفها النووي.. مرة تهدد بأنها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ومرة أخرى تصرّح بإمكانية الوصول إلى حلول سلمية للملف النووي الإيراني!
على الرغم من كل ذلك التناقض الذي لا يخلو من تأثيرات حمى الانتخابات الرئاسية في أمريكا، فإن المؤشرات الأولية والمعلومات المتواترة تؤكد وجود اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين أمريكا وإيران، للتوصل إلى صفقة جديدة تنهي موضوع الملف النووي الإيراني بطريقة تحفظ للطرفين (ماء الوجه)! أو لكي يشعر كل طرف «بأنه أكل العنب من دون أن يقتل الناطور»!
وبالتالي فإن الخلاف الحالي حول نسبة تخصيب اليورانيوم سوف يتم الاتفاق عليها في الجولة القادمة من المباحثات في (موسكو) في منتصف يونيو القادم.. فأمريكا تريد حصر التخصيب في نسبة ٥ بالمائة وإيران تريد التخصيب بنسبة ٢٠ بالمائة، وهذه النسبة تسمح لإيران من خلاله بداية بإنتاج سلاح نووي.
أمريكا تريد إغراء إيران بالدخول في تحالف استراتيجي معها بالمنطقة، لكي تؤمن سلامة جنودها في أفغانستان واليمن والعراق والخليج العربي، ولكي تضمن وجود استقرار سياسي في المنطقة بعد انسحاب «قوات الناتو» من أفغانستان في عام ٢٠١٤، وبالنسبة إلى واشنطن تعتبر إيران مهمة لحفظ التوازنات السياسية والأمنية في العراق، وبالتالي سوف تبقى (طهران) راضية عن (واشنطن) ما دامت تعطيها صلاحية التصرف السياسي واتخاذ القرارات الاستراتيجية الداخلية في العراق.
لكن يبقى السؤال: هل ستكتفي إيران بهذا الحجم من الغنائم في منطقة الخليج أم إنها تريد من (واشنطن) أن تعطيها (ضوءا أخضر) لتطلق يدها في البحرين والسعودية والكويت واليمن؟!
بحسب نظرية المصالح في اللعبة السياسية، أمريكا لا يهمها ما يمكن أن تفعله إيران في هذه الدول (بما فيها البحرين)، ولكن كل ما تريده (واشنطن) هو موافقة (إسرائيل) على صفقة إنهاء الملف النووي الإيراني، لذلك طارت المندوبة الأمريكية في مفاوضات (بغداد) إلى (تل أبيب) وقابلت (نتنياهو) لإطلاعه على تفاصيل ما دار في المفاوضات الإيرانية - الغربية!
ثمة صفقة أمريكية إيرانية تجري من تحت الطاولة! وعلى دول مجلس التعاون الخليجي أن تفتح عيونها جيدا، فقد تجد نفسها تباع في سوق النخاسة من حيث لا تدري.