Saturday, May 26, 2012

الحوار مع العميل الإيراني

فيصل الشيخ
في هذه الأزمة سمعنا كلمة “حوار” أكثر مما سمعنا كلمات أخرى داخلة في سياق محاولات تهدئة الأمور وإيجاد الحلول ومساعي إعادة الوضع لما كان عليه سابقاً، هذه المساعي التي أوصلت البعض حتى لمستوى “خداع” أنفسهم واعتبار أن شيئاً لم يحصل، وأن الحل سيكون بكبسة زر، أو كلام عام يطلق، أو عبر حل أكثر خداعاً للعقل وتخديراً للنفس باعتبار أن كل ذلك كابوس سينتهي حينما يصحون من النوم. إن كان هذا التعويل فإن “نوم” هؤلاء سيطول، فالبحرين ليست بحاجة اليوم لأحلام يقظة، ليست بحاجة للحالمين في خيالات تتكسر على أرض الواقع، بل بحاجة للعاملين على تصحيح الوضع بطريقة عملية وبأسلوب يمكن أن يقاس فعلياً. نرى أغلب الأطراف في المعادلة البحرينية تورد هذه الكلمة، باعتبار أن “الحوار هو الحل”، لكن المسألة لا تتعدى الكلام بالنسبة لأطراف معينة. الدولة تقدم فرصة الحوار في مرة أولى فيتم “التعنتر” عليها، تقيم حواراً ثانياً، فيتم الانسحاب منه، تتباكى بعدها الأطراف المؤزمة على حوار جديد فترسل الدولة مؤشرات إيجابية، لكن حالة “التعنتر” تعود لتبرز، تفرض شروطاً جديدة، يُغلق الباب فيعودون للحديث بأنهم يقبلون حواراً بلا شروط، وهكذا دواليك. نسمع الجميع يقول “حوار”، لكن في قناعتنا بأن هذا لن يحصل في ظل الأجواء السائدة حالياً، ومع حقيقة يحاول البعض عدم الاعتراف بها، تتمثل بأن من يتباكى على الحوار لن يقبل إلا بما يريده هو، وما يريدونه لا يخرج عن هدف سرقة البلد، وتغيير نظام الحكم. إن كان وزير العدل قال مؤخراً بأن الدولة مستعدة لأي حوار وفي أي وقت، ويقول بما يفرضه المنطق والعقل أن من يريد الحوار عليه أن يثبت جديته أولاً بإدانة العنف والعمل الجاد لإيقاف التوتر على الأرض، إن كان هذا هو الاشتراط فإننا نبشركم بأن أي حوار مزمع مع تلك الأطراف التي حاولت اختطاف البحرين وإسقاط نظامها لن يحصل أبداً. لكنني هنا ألفت الانتباه إلى مسألة أكثر أهمية بخصوص “الحوار”، مسألة لا يجب نسيانها أو إغفالها، خاصة بعدما كشفته الأسابيع الأخيرة. كانت الفكرة من الحوار هو تجميع جميع الأطراف البحرينية على طاولة واحدة لتتباحث في شأنها الداخلي، ولتصل إلى صيغ من خلالها يتم حل الوضع، ويتم من عبر النقاشات وضع اليد على الجروح وإيجاد العلاجات لها. المشكلة كانت بأن جهة واحدة سعت لإلغاء جميع مكونات المجتمع واختزلت الوطن ومؤسساته المدنية في نفسها، هذه الجهة أصلاً كانت ومازالت في موضع الاتهام بشأن أهدافها قياساً بما تسعى له الجهات الأخرى في هذا الوطن، ولكنها اليوم بعد أن خرجت تلبية لأوامر إيرانية للتظاهر ضد الاتحاد الخليجي، وبعد صمتها وقبولها الضمني بقول إيران إن البحرينيين المتظاهرين ضد نظامهم يريدون الانضمام لإيران، أثبتت بأنها قوى عميلة للخارج وولاؤها بالداخل موضع شك كبير. كل ذلك يفرض علينا توجيه سؤال للدولة، ولكل من يعطي مؤشراً بشأن إمكانية إقامة أي نوع من أنواع الحوار، إذ أفيدونا مع من نتحاور هنا؟! المسألة الآن ليست متعلقة بإدانة العنف عبر بيانات ستعتبر صكوك قبول لإقامة حوار، وليست المسألة أصلاً مرتبطة الآن بعد المتغيرات التي حصلت على مواقف ضبابية وجمل هلامية يطلقها هؤلاء تأخذها الدولة بحسن نية وتفسرها بالطريقة “الطيبة” لتعلن فتح حوار جديد. المسألة اختلفت تماماً، وهنا سنسألكم مراراً وتكراراً: مع من نتحاور الآن؟! هل نحن نتحاور مع طيف بحريني “صادق في وطنيته”، أم نتحاور مع عناصر أثبتت بأنها طابور خامس صريح موالٍ لإيران؟! عفواً هذا ليس حواراً بحرينياً خالصاً حينما تجلسون المكونات كلها في المجتمع البحريني مع فئة تدين بالولاء والانتماء للنظام الإيراني وترى في الخامنئي مرجعها السياسي والمذهبي والآمر الناهي في كل شيء. تجلسونها في حوار بناء على رغبة جهات لا يمكنها إثبات مصداقية انتمائها للبحرين. الاشتراط يجب أن يتغير اليوم، لا يكفي أن يدين هؤلاء العنف والإرهاب الآن ليقطعوا تذكرة دخول لأي حوار قادم، اليوم هؤلاء مطالبون بأن يثبتوا وبكل طريقة وأسلوب بأنهم غير مرتبطين بولاية الفقيه الإيرانية، عليهم أن يفسروا سبب “خرس ألسنتهم” عن الرد على التهديدات الإيرانية الصريحة والتصريحات المستفزة والادعاء بأن البحرين ولاية إيرانية، وأن الفرع يجب أن يعود للأصل، وأن يحددوا موقفهم من القبول أو الرفض من قول الإيرانيين بأن البحرينيين يريدون الانضمام لإيران بدلاً من السعودية أو الخليج. نتحاور مع من هنا، مع ممثلي إيران في البحرين؟! مع أتباع الولي الفقيه؟! مع أناس ولاؤهم لإيران أكثر من البحرين (نتحداكم أن تثبتوا العكس، أدينوا إيران ومسؤوليها صراحة لو تجرؤون)؟! إن كان من حوار فلابد من أن يكون حواراً بحرينياً، لا نريد دخلاء، ولا عملاء، ولا موالين للخارج، وموالين لجهة تعادينا صراحة. لا توجد دولة في العالم تقبل أن تتحاور مع فئة تمثل ذراعاً تابعاً لنظام خارجي، ومع فئة هدفها الواضح الانقلاب على النظام. البحرين لا تمتلك معارضة بحرينية، البحرين فيها معارضة ضد البحرين، معارضة تنتمي للخارج وتدين بالولاء لها، خيانتها واضحة، وإرهابها أشد وضوحاً، ومع ذلك مازالت بعض الأطراف تريد أن تتحاور معها. الحوار مع هؤلاء لا يمكن أن يتم إلا بحضور الوصي عليهم وولي أمرهم،لا يتم إلا بحضور من يقولون له بأنهم “خدم” له. نقول ذلك لأن الحوار مع هؤلاء لن يكون إلا حواراً مع إيران ومع أتباعها في داخل البحرين.

من سيحكم مصر

انتصار البناء
جميع العرب أعينهم على مصر، ودعاؤهم للمصريين بالتوفيق والسداد في اختيار رئيس لمصر يعيد لها دورها الذي افتقده العرب، بدا العرب وهم يتابعون انتخابات مصر كأن كل واحد منهم سينتخب رئيسه، وكأن كل واحد منهم سيحسم مصيره هو؛ إيماناً منهم أن كل حدث مستجد في مصر سيؤثر على مجريات الأحداث في باقي الدول العربية. تكتسب الانتخابات المصرية أهميتها من أنها أول انتخابات حقيقية في مصر، وأنها المرة الأولى التي توجه فيها الشعب المصري للإدلاء بأصواتهم وهم لا يعرفون من الفائز سلفاً، وستكون نتيجة الانتخابات تقييماً حقيقياً لنتائج ثورة 25 يناير، ولكنها، بالطبع، قد لا تكون الحكم النهائي عليها، أو النتيجة المرجوة منها. جرت الانتخابات في ظروف غير نموذجية، فالمجلس العسكري يتولى السلطة دون شريك من باقي الأحزاب أو من الشخصيات المدنية، مما خلق حالة من سوء الفهم بين الجيش وبين قطاع واسع من الشعب، ومنهم شباب الثورة الذين أعلن أغلبهم مقاطعة الانتخابات رفضاً لإقامتها في ظل حكم العسكر، كما إن الدستور المصري لم يكتب بعد، لذلك فإن رئيساً قادماً سيفوز وهو لا يعلم بالضبط ماهي صلاحياته وما هو نظام الحكم الذي سيتولاه، هل هو نظام جمهوري رئاسي يعطيه الصلاحيات الواسعة، أم هو نظام جمهوري برلماني يعطي رئيس الوزراء وحكومته الصلاحيات الكبرى. وتكتسب الانتخابات أهميتها الإقليمية في أن الرئيس القادم سوف يكون عليه مواجهة تركة ثقيلة من مشكلات مصر الاقتصادية والتنموية والسياسية والاجتماعية، فالاقتصاد المصري يعاني كثيراً وقد تدهور بشكل خطير في السنوات الأخيرة بما لا يتناسب مع إمكانات مصر الجبارة في مجال الزراعة والصناعة وفي وفرة الأيدي العاملة وكفاءتها وإمكانية تدريبها، لكن الملف الأخطر الذي سيواجه الرئيس إلى جانب ملفات قضايا الإصلاح الداخلي التي لا حد لها، هو ملف العلاقات الخارجية، فكثير من الخبراء يثيرون مسألة غموض العديد من بنود معاهدة كامب ديفيد وسريتها، والتي ربطت الحكومة المصرية السابقة بموجبها بعض إجراءاتها المختلف عليها ببنود هذه المعاهدة، ومنها اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل بواقع 40% من سعره الحقيقي في السوق. وليست العلاقة مع إسرائيل هي التي تحتاج لتوضيح وإعادة تنظيم، بل علاقة مصر بالعديد من الدول العربية والأفريقية والغربية، لأن أغلبها في السابق كان يعتمد على شخص الرئيس مبارك وعلاقاته، وعلى سياسات الحزب الوطني الحاكم وأنشطته الاقتصادية، لذلك فإن العلاقات الخارجية المصرية كانت تشهد تذبذباً وتصاعداً وفتوراً مع العديد من الدول بناء على المواقف الشخصية. إن المشكلات الكثيرة التي تواجهها مصر تجعلنا نسأل من هو الشخص المرشح، ليس للفوز في الانتخابات، بل لمواجهة هذه المشكلات؟ فحكم مصر شرف تاريخي، لكنه مسؤولية تاريخية كذلك والتزام مؤرق لمن سيتولاه. شارك في السباق الرئاسي ثلاثة عشر مرشحاً بعضهم صار في مراتب متقدمة من حيث تقبل المواطنين المصريين له، وبعضهم مازال مجهولاً، والبعض كان علماً ولكنه فقد بريقه مثل الدكتور محمد سليم العوا والدكتور عبدالله الأشعل، وبعضهم يحظى بتاريخ وقبول وبمشروع جيد، مثل المرشح القومي الناصري حمدين صباحي، لكن المصادفات والمفاجآت قد لا تسعفه لاعتبارات عديدة، ولكن أغلب المناقشات والجدل المصري في الفترة الفائتة كان حول تيارين، إن صح التعبير، من تيارات مرشحي الرئاسة الأول يصفه المصريون بأنه من فلول النظام السابق والثاني هو التيار الإسلامي. المرشحان الرئاسيان اللذان توليا مناصب رفيعة في الحكومة السابقة هما عمر موسى وأحمد شفيق اللذان يؤخذ عليهما تقدمهما في السن، نسبياً، بالنسبة لمتطلبات حكم بلد مثل مصر، كما إنهما يوصفان بأنهما محسوبان على النظام السابق، العديد من المصريين يتحفظون على أداء عمر موسى أثناء توليه وزارة الخارجية المصرية زمن مبارك حيث عجزت الخارجية المصرية، تحديداً، عن تقديم حلول مقبولة لمشاكل السلطة الفلسطينية في غزة حيث كانت توصف السياسة الخارجية المصرية بأنها أميل إلى كفة المصالح الإسرائيلية، وكذلك عجزت الجامعة العربية في عهده عن حل كل الأزمات العربية الخطيرة التي واجهاتها، كما إن إجاباته بدت غير مقنعة للمصريين في المناظرة التي أقيمت بينه وبين عبدالمنعم أبو الفتوح. أما أحمد شفيق فيواجه اتهامات لم ترفع للقضاء حول قضايا فساد وتبديد أموال الدولة أثناء توليه منصب وزير الطيران المدني، فضلاً عن أنه قبل رئاسة الحكومة التي عينها مبارك حين كان نظامه يتهاوى، إلا أن الاثنين، رغم هذه المآخذ، يمتلكان حظوظاً جيدة ومرتفعة أحيانا باعتبارهما رجلا دولة سابقين ويمتلكان خبرة في مجال السياسة والاقتصاد، وهو ما يفتقده كثير من المرشحين الذين لم يخوضوا تجارب سياسية من قبل، كما إنهما من الوجوه المعروفة التي يميل الشعب البسيط إلى اختيارها بدلاً من اختيار من لا يعرف، ويرى العديد من المحللين المصريين المخالفين لهما أن وصول أحدهما، موسى أو شفيق، إلى الحكم هو دليل أن شيئاً لم يتغير في مصر بعد الثورة وأن النظام السابق مستمر وأنه تمكن من استعادة سيادته بالكامل بتولي أحد رجاله السابقين حكم مصر، وأن مصر ستعيد بذلك إنتاج سياساتها السابقة للثورة. التيار الثاني وهو التيار الإسلامي، وهو الذي حظي بنصيب الأسد في نقاشات المصريين وخلافاتهم، ويمثل التيار الإسلامي بالدرجة الأولى محمد مرسي؛ مرشح حزب العدالة والحرية، وبالدرجة الثانية عبدالمنعم أبوالفتوح؛ القيادي الإخواني المستقيل من الجماعة، وتبدو حظوظ الاثنين مرتفعة ومتساوية نظراً للقاعدة الجماهيرية الواسعة للتيار الإسلامي، وللكفاءة الجيدة التي ظهر عليها أبو الفتوح في برنامجه وفي المناظرة التلفزيونية مع عمر موسى، ولكن التيار الإسلامي قد وضع نفسه في جملة من التناقضات والإحراجات قد تؤثر في فرص مرشح الإخوان المسلمين الذي يتحالف معه السلفيون أيضاً. المشكلة الأولى التي يواجهها الإسلاميون وجماعة الإخوان المسلمين تحديداً هي الأداء الضعيف في مجلس الشعب الذي فاجأ المصريين والذي انصرف عن مناقشة القضايا الجوهرية مثل؛ رفع أجور المصريين واستعادة أموال مصر المجمدة ومحاكمة رموز النظام السابق وانساق خلف قضايا هامشية، كما إن العديد من المصريين يحملون جماعة الإخوان تحديداً مسؤولية الإخفاق في تشكيل لجنة صياغة الدستور نتيجة تعنتهم في الاستحواذ على مقاعد أكبر في اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، المشكلة الثانية هي إعلانهم عدم خوض الانتخابات الرئاسية واستقالة عبدالمنعم أبو الفتوح بناء على هذا القرار ثم تراجعهم عن قرارهم وترشيحهم لخيرت الشاطر للرئاسة ومن ثم محمد مرسي كمرشح بديل. المشكلة الثالثة المهمة التي تواجهها الجماعة هو البنية التنظيمية للجماعة، فتنظيم الإخوان يشترط أن يقسم كل عضو فيه بالولاء للمرشد الأعلى للجماعة، مما سيطرح السؤال حول ولاء رئيس مصر إن وصل مرشح الإخوان للرئاسة، وسؤالاً آخر حول من يحمكم مصر الرئيس أم المرشد؟ كما إن الجماعة ذاتها لم تعدل وضعها قانونياً، فهي لم تسجل نفسها رسمياً بعد الثورة وبعد رفع الحظر لدى الحكومة المصرية كجمعية أهلية أو جمعية نفع عام الأمر الذي يعد مخالفة قانونية في حقها. لكن المشكلة الكبيرة التي خلقها دخول التيار الإسلامي معترك انتخابات مصر سيل التصريحات التي اعتبرت خطيرة حول إسلامية مصر، والحريات العامة وغيرها..، وعملية الترويج الديني التي تولتها الرموز الدينية البارزة لمرشح الإخوان باعتبار ترشيحه واجباً دينياً ووصوله للرئاسة تمكين لدين الله، وأن برنامجه هو برنامج محمد صلى الله عليه وسلم، ووصف مخالفيه بالعلمانيين الملحدين مستحقي الحرب، والتهديد أن عدم فوزه سيؤدي إلى سيل دماء الشهداء!! وهو الأمر الذي أقلق كثيرين واعتبروه انحرافاً في التصريحات عن أسس الدولة المدنية والتعددية والحرية التي ينتظرها المصريون. ربما لم يعتن المصريون كثيراً بدراسة برامج المرشحين ومناقشتها، وسؤالهم عن مصادر تمويلها، وعن أهميتها وأولويتها للمرحلة القادمة، وكان اهتمام المصريين مقتصراً على الشخوص بالدرجة الأولى وتاريخها وكفاءتها، لكن أياً كانت المناقشات والنتائج فإنها ستصب بلا شك في تطوير التجربة الانتخابية الجديدة على المصريين بل على الوطن العربي بأكمله، وإلى أن تظهر النتائج النهائية نتمنى لإخواننا المصريين رئيساً ينصفهم ويعيد لهم دولتهم التي يحلمون ونحلم معهم بها

دروس لليسار من الثورة الإيرانية

فهد المضحكي
مهدي كيا كاتب ايراني كتب مقالاً سياسياً عنوانه «ثمانية دروس لليسار من الثورة الايرانية»، والمقال نشر باللغة الانجليزية قامت بترجمته مريم النقر، وفي مقدمة المقال قال الكاتب: ملأت الثورة الايرانية الطريق السياسي بالعديد من العقبات بهدف التخلص من جميع اشكال اليسار في ايران، ونجحت بالفعل في انهاء عدد كبير منها فلم تنبح إلا الفصائل القوية فقط. ففي أوائل السبعينات استطاعت اساليب القمع الوحشية لنظام الشاه ان تحطم اليسار الثوري بشكل تام تقريباً وحتى الذين نجوا من الاعدام واجهوا مصيرهم في غياهب السجون وحين فتحت الامواج الثورية بوابات السجن عام 1978 كان اليسار ضئيلاً مهمشاً ومعزولاً عن الاحداث الاجتماعية طوال الجزء الاكبر من العقد ولكن وفجأة وفي السنتين اللاحقتين وجد نفسه في بؤرة اهتمام جميع الذين استطاعوا التنبؤ بالفتح الذي يعده الملالي لجميع شعارات الديمقراطية الخاصة بالجماهير الثورية. فبين ليلة وضحاها انفتحت هذه المنظمات الصغيرة بمئات الألوف من المؤيدين الجدد. توافدت أعداد غفيرة من العمال والطلبة والفلاحين وموظفي الدولة الذين تمكنوا من السيطرة على مصانعهم او مكاتبهم او جامعاتهم على مقرات اليسار يريدون التوجهات الخاصة بالخطوة القادمة، كما اسس اليسار إدارات محلية لتولي شؤون المحافظات الكردية والتركمانية كذلك مثل اليسار قوة كبيرة يحسب حسابها في الجامعات وحصل مرشحوه على مئات الألوف من اصوات المدن الكبرى في انتخابات المجلس الاول وهيمن العمال ذوو الميول اليسارية على الكثير من مجالس الشورى بالمصانع (مجالس الشورى هي لجان في المصانع وأماكن العمل والجامعات ولها وظيفة ادارية في بعض الاماكن)، كان اليسار من منظمة مجاهدي خلق لاعباً اساسياً في المشهد السياسي الايراني خلال السنتين التاليتين لنجاح الثورة وتطلع لها الجميع من اراد الحفاظ على المكاسب الديمقراطية للثورة وزيادتها ممن اجل حمايتهم من سُحب الاسلام المتعصب المنذرة وبلطجية حزب الجمهورية الاسلامية. ومع ذلك تمت تصفية اليسار ومعه المجاهدين من الساحة السياسية بحلول منتصف عام 1981 بمعنى لعب القمع الوحشي دوراً اساسياً في ذلك، حيث تم اعدام عشرات الآلاف وسجن مئات الألوف ولكن القاء اللوم على القمع فقط ما هو الا تجنب لسؤال: لماذا تمت مفاجأة اليسار على هذا النحو في غفلة شديدة منه؟ وللاجابة على هذا السؤال يرى الكاتب ان اليسار اما انه لم يرَ العاصفة او انه جرد نفسه من وسائل مواجهتها. ويضيف سيكون من الحمق ان ننظر للماضي ونحاول التنبؤ بأثر رجعي بالتأثيرات النسبية التي سببها الارهاب من الخارج وعدم الفهم من الداخل في انهيار اليسار. لعبت الاخطاء الداخلية دوراً كبيراً بالفعل، لكن في حين انه لا يمكن فعل شيء محدد حيال ارهاب الدولة، فإن تجنب الاخطاء في ايدينا. ولهذه الاسباب يقول: ان الدروس التي تعلمها بعض اليساريين الايرانيين لها معانٍ ودلالات مهمة ليس فقط لانها تلقي ضوءاً على ما يتكشف من احداث على الساحة الايرانية اليوم ولكنها مهمة ايضاً لليسار في العالم كله، حيث لا يزال العديد من اطياف اليسار داخل وخارج ايران غافلاً عن هذه الدروس. في ضوء ما تقدم يسترسل الكاتب في استعراض هذه الدروس قائلاً: في العدد الاخير من النشرة الايرانية IRANIAN BULLCTIN يشير محمد رضا شلقوني لبعض اهم النقاط في هذا الصدد وهذه المقالة محاولة اضافية لتلخيص بعض الدروس الواضحة. حقيقة لا يمكن ان تستعرض في هذه المساحة كل الدروس الثمانية التي عالجت اخطاء اليسار الايراني وإنما سنتكفي بذكر بعضها، وذلك لما له اهمية قصوى في هذه المرحلة بالذات. ومن بين هذه الدروس أولاً قد يكون النظام ضد الامبريالية ورجعياً في نفس الوقت: اطاحت الثورة بواحد من أكثر حلفاء الامبريالية الموثوق بهم وأحد اهم شرطييها في منطقة الخليج والشرق الاوسط ومن هنا تمت تنحية اية شكوك متبقية جانباً عندما اتم حكام الجمهورية خطابهم ضد الامبريالية بتمثيلية احتلال السفارة الامريكية تلك الحادثة والغزو العراقي لايران قسما اليسار في المنتصف تماماً. ساعد في ذلك ان اليسار في العالم كله وبجميع اطيافه – ما عدا فصيل صغير – احتفى بالثورة الايرانية وانقسم فدائو خلق الى اغلبية تدعم توده والخميني وأقلية تتغذى عليها آلة القمع الخمينية. ومن هنا ركز الجدل حول طبيعة الجمهورية الاسلامية على الطبيعة الطبقية للنظام الحاكم، هل هو نظام ينتمي للبرجوازية الصغيرة ام للبرجوازية ام «لبرجوازية صغيرة ميسورة» معسكر توده ذهب للخيار الاول في حين ان النظام الجديد وبغض النظر عن مضمونه الطبقي رجعي في ممارساته وسياساته اليومية فهو يقمع الطبقة العاملة ويدمر مجالس الشورى المستقلة كما انه يسحب المكاسب الديمقراطية التي حققتها الثورة وكان واضحاً ان الطبقة الحاكمة الجديدة من رجال الدين تحمي نمو الانتاج الرأسمالي من الهجوم القادم من الاسفل. بدأ وكأن اليسار غافلاً عن النصف الثاني من الشعار الاساسي للثورة «الاستقلال، الحرية، الجمهورية الاسلامية»، وقد شارك جزء كبير ومهم من اليسار والجماهير الثورية في الوهم الكارثي القائل بأن الاستقلال يتدفق عبر الجمهورية الاسلامية بينما كانت الحريات في طريقها الى الإلغاء التام. وثانياً الحاجة للتعددية داخل الحزب ووجود ارادة مشتركة ووجود بنية تستطيع الدمج بين النشاط العلني والعمل السري تحت الارض الذي هو اساسي للبقاء على قيد الحياة في ظل الدولة القمعية. وثالثاً يجب على اليسار العالمي ان يخلق جذوراً شعبية لحركة حقوق انسان خاصة به بنيت الثورة الايرانية اهمية التضامن العالمي. وبعد عشرين عاماً فقد العالم احادي القطب بعضاً من وسائل الضغط العالمية التي سمحت للثورات بالتنفس، حيث يتم فرض الهيمنة الامريكية المطلقة بطرق عسكرية صارخة عن طرق استعمال مؤسسات عالمية مختلفة كالأمم المتحدة وحلف الناتو والمحاكم الدولية.. الخ في ظل استخدام منتقى بعناية لراية حقوق الانسان!! هذه دعوة لتنظيم حركة شعبية من الجذور على مستوى العالم لوقف جرائم الدول في حق مواطنيها حركة تماثل في طبيعتها الحركة الخضراء والحركة النسوية والحركة النقابية العالمية وتهدف الى تدمير شرعية الدول القمعية مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية كما تهدف الى انهاء شرعية استغلال حقوق الانسان بشكل انتقائي للغاية لخدمة النظام العالمي الجديد. ومن بين هذه الدروس تحدث الكاتب عن عداء الحكام الاسلاميين في ايران لحقوق المرأة ولحرية الرأي والتعبير وعن الكفاح المزيف ضد الإمبريالية وعن معاداة الجمهورية الاسلامية للمجتمع المدني والدولة المدنية وغيرها من الانتهاكات لحقوق الانسان.

المثقف والربيع العربي

سعيد الحمد
أشفق على مثقفنا العربي وهو يقف في المنطقة الرمادية الآن بعد ان تحمس قبل شهور معدودة لما يسمى بـ «الربيع العربي» وتعبيراً عن أزمته الذاتية في العجز تعلق بأذيال ذلك «الربيع» وراح يدبج قصائد المدح وتحول الى مروج بدلاً من ان يكون محللاً ومفسراً ليصدم في النهاية «بربيعه» أو في «ربيعه» وليعود أدراجه الى دائرة الخيبة والعجز مبرراً حماسياته حينا ومعلقاً فشل «ربيعة» على مشجب الآخر. المثقف العربي حالة استثنائية بين مثقفي العالم في مسألة الهروب الى الامام نتيجة وقوعه في مصيدة اليوثوبيا والوهم، فهو لم يلامس ولم يعايش تفاصيل واقعه بواقعية حقيقية قادرة على سبر الاغوار وظل في برجه العاجي يملك النظرية ويفشل في التطبيق كونه بعيداً عن دائرة واقع التطبيق، فظل يلاحق الاحلام حد الواهم وكلما تحرك الواقع كلما تحمس له ولحراكه دون ان يطرح السؤال الكبير من يقف وراء ذلك الحراك ومن له المصلحة ومن سوف يقطف الثمرة؟ في لحظة الانفجار لا يملك مثقفنا القدرة على طرح الاسئلة وأما يتحوّل الى مجرد متلقٍ في عقلية القطيع ويركب موج اللحظة، متوهماً بالوصول الى الشاطئ المنتظر ليجد نفسه في نهاية ارتطام الموج وقد عاد الى ما وراء الوراء وفقد اشياء كثيرة ليدخل عقدة الخيبة من جديد ويواصل انكسار الذات. معظم المثقفين العرب «الثوريين» الذين تابعناهم في الفضائيات وقرأنا لهم المقالات لحظة انفجار «الربيع» نتابعهم الآن في دهشة الحيرة من نتائج «ربيع» لم يقرؤه جيداً وها هم يُفاجئون خيبة بنتائجه المريرة التي اصابتهم هم أولاً وقبل الآخرين، فالربيع الذي تحمّسوا له وتغنّوا باسمه يصادر حرياتهم ويقطف عنهم الثمار ويلاحقهم ويفرض عليهم وصاياته ويسرق منهم مكاسب التي كانت لهم ما قبل الربيع. ميدان التحرير الذي تحوّل ذات يوم الى «أيقونة» الثوار من كتاب ومثقفين سرقتهم الفوضى فتوهّموها ثورة.. ها هو يتحول ذلك الميدان الى سوق مفتوحة على الفوضى المدمرة ويفقد رمزيته بعد ان اعطاه ووهبه المثقف المهزوم «شرعية» سماها «شرعية الميدان» فضاعف بهذه الشرعية المغامرة من الفوضى العارمة التي اختلط فيها حابل الاصابع الاجنبية بنابل الأصابع الانتهازية من كل شكل ولون ليسقط «الربيع» صريع أوهام المثقف العربي الذي لم يفهم اللعبة. وهنا في البحرين ذهب المثقف القومي الى «الدوار» منفعلاً بحماس اللحظة وفاقداً لقدرة الفهم والوعي والتحليل ليصرخ فيهم «انتم تصنعون التاريخ» فتأخذه نشوة التصفيق والتهليل في فوضى الدوار ليكتشف في النهاية انها «صناعة ايرانية»، فلا يعترف حتى لا يعلن هزيمته النهائية ويواصل الوقوف في المنطقة الرمادية في لحظة بحرينية فرزت كل الالوان وليظل ذلك المثقف بلا لون وبلا هوية. في تونس تحوّل البوعزيزي الى «أيقونة» صنعها المثقف هناك ولم ينتبه ولم يلتفت ان «ربيعه» حطّ رحاله في جيب الغنوشي ووحده المرزوقي لعب على الحبال وتقافز بين الاشكال والالوان فأسكتوه بمنصب ساكت. وعندما تقدم الى المنصة ليقسم المرزوقي تذكرت مقولة لينين «المثقفون أقرب الى الخيانة»، وكذلك تذكرتها في انقلاب الدوار هنا في البحرين عندما رأيت مثقفاً يسارياً يستمع بإعجاب الى خطاب «هادي المدرسي» فتذكرت الشهيد سعيد العويناني الذي استشهد في نفس العام الذي كان فيه هادي المدرسي يحرّض جهاز اندرسون على اليساريين والوطنيين الديمقراطيين ليسقط شهيد آخر كان اسمه محمد بوجيري، «المدرسي يحرّض وأندرسون يستجيب والمثقف اليساري يكاد يصفق في الدوار للمدرسي. لا أملك امام اللحظة المفارقة للمعنى في عالمنا العربي سوى ان اشفق على هكذا مثقف فقد بوصلته وفقد رؤيته وما اصعب ان يفقد المثقف بوصلته، وهي المأساة يفقد رؤيته فيبيع هويته في اقرب ميدان أو اقرب دوار.

نعم الاتحاد قوة.. ياليت المعارضة تستوعب درس العراق

احمد المرشد
لم يكن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مضطرا لإعلان رفض السعودية للتهديد الإيراني الذي اعتبر انجاز الاتحاد بين السعودية والبحرين بمثابة «إعلان حرب»، فهذا التهديد كما يراه المسئول السعودي المخضرم «غير مقبول ومرفوضا لآنه ليس لإيران أي دخل بما يجري بين البلدين من إجراءات حتى وإن قررا الوحدة». الرد السعودي هو رد خليجي عام، وحتى تلميحات الفيصل بان السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي لن تعيق قيام اتحاد إيران مع من تشاء من الدول، لأنه من حقها تشكيل اتحاد مع من تشاء. ولكن حتى لا يؤخذ الكلام على عواهنه، فهناك تحذير خليجي شامل هنا وهو الا تضر إيران بمبادئ الجوار وان عليها أن تبادلنا حسن الجوار. يبدو ان فكرة قيام اتحاد سواء بين السعودية والبحرين او اتحاد اشمل يضم كل دول مجلس التعاون قد ازعجت جيراننا فى المنطقة، حتى وإن كان هذا الاتحاد في مراحل الدراسة والتقييم الان كما اعلنت القمة التشاورية الخليجية الاخيرة فى الرياض. ولكن الإيرانيين وكما هي عادتهم يستبقون الاحداث ليرهبونا باعتراضاتهم في الوقت الذي خرجت فيه القمة بضرورة تحقيق الاتحاد الاقليمي بكافة اضلعه الخارجية والسياسية والاقتصادية والدفاعية المشتركة. ومهما كانت الاعتراضات الإيرانية، فلدى مجتمعنا الخليجي الاسباب الكافية لتأسيس هذا الاتحاد المرتقب من اجل الاسراع بتطبيق العملة الموحدة وتذليل كافة العقبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية. واذا كان من الافضل الارتكان الى دراسات موثقة لتبيان اهمية هذا الاتحاد على كافة دول المجلس الخليجي، فقد نستعرض معا مضمون دراسة متخصصة للمعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، اكدت ان التحول الى «الاتحاد» بديلا عن «التعاون» ليس مجرد خيار مطروح، بل مسألة مصير ووجود، في ظل تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة. وتتحدث الدراسة عن التكامل الدفاعي الذي يمثل الضمانة الرئيسية لأمن دول الخليج بوصفه بديلا عن التحالفات الإقليمية والدولية التي تحقق توازنا ليست له صفة الديمومة. وتستند الدراسة الى تقديرات اشارت الى ان مجموع الجيوش الخليجية اذا اكتمل الاتحاد سيبلغ ما يقارب 360 ألف جندي. ولبلوغ هذه القوة، يتطلب من الدول الخليجية التكامل الدفاعي و إعادة هيكلة ودمج المؤسسات الأمنية الخليجية، في سبيل تحقيق صيغة للأمن بالخليج العربي، انطلاقا من مبدأ «توازن القوى» الذي يعد ضمانة رئيسية لتوازن المصالح ، وبما يعطي زخما أكبر للتعاون بينها ويمنحها القدرة على التحرك المشترك السريع لمساعدة دولة خليجية أخرى في المستقبل، قد تطلب مساندة تلك القوات. وننتقل الى النقطة الاخرى الاهم وهى التكامل الجغرافي، لان حجم مساحة الاتحاد الجديد سيقارب 2.8 مليون كم مربع مما يجعله قادرا على التحكم في ممرات وفضاءات إقليمية استراتيجية، ومنح دول المجلس الخليجي القدرة على التأثير على الصعيدين العربي والدولي. وهذا ينقلنا الى الدوافع الإقليمية للاتحاد الخليجي، وتتعلق بتنامي القوة الإيرانية، الامر الذي يعكس خللا في توازن القوى في العلاقات الخليجية – الإيرانية. واذا اردنا التوضيح اكثر، فان قوام قوات الجيش الإيراني العاملة تصل لنحو 545 ألفا، مقابل عدد قوات جيوش دول الخليج العربية العاملة مجتمعة الذي يقارب 360 ألف جندي، بالإضافة إلى سعي إيران لزيادة عتادها العسكري، وتطوير منظومتها الصاروخية، وسعيها لامتلاك السلاح النووي. ويضاف الى هذا العنصر غير المتوازن، الاطماع الإيرانية الاقليمية التي تدفع طهران الى تعزيز سيطرة إيران وهيمنتها المطلقة على منطقة الخليج العربي بتصدير الثورة الذي لم يتوقف. ويدخل العراق بقوة الى دائرة المخاطر الاقليمية على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وضع العراق خاصة ما بعد الانسحاب الأمريكي، وذلك بسبب بتنامي الخلافات السياسية التي اعقبت عملية الانسحاب الأمريكي في ديسمبر 2011. اما اليمن فهو ليس بعيدا عن دائرة المخاطر التي تهدد بقوة امن الخليج وذلك حسب دراسة المعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، في ظل عدم وجود توافق سياسي بين الأطراف الرئيسية في اليمن، ليظل سيناريو الحرب الأهلية قائما انطلاقا من وجود مؤشراتها بالفعل.. والاضطرابات وعمليات القتال مستمرة بين الأطراف المختلفة، فضلا عن المواجهات بين الحوثيين وقوى المعارضة، وسيطرة تنظيم القاعدة على عدد من المدن اليمنية، وبالتالي تتصاعد وتيرة المخاوف من حقيقة بقاء اليمن دولة موحدة، وترشيح احتمالات التقسيم، الذي يعد الخيار الأسوأ بالنسبة للأمن الإقليمي الخليجي، خاصة اذا علمنا ان اليمن يمثل الامتداد الجيوستراتيجي لأمن دول المجلس. وبعد كل هذا، لم تقف إيران على مسافة واحدة من دول المنطقة، فما ان افصح الخليجيون عن نيتهم بالانتقال الى الاتحاد بعد اكتمال الدراسات اللازمة، حتى كشر الإيرانيون عن انيابهم وشنوا هجوما غير مقبول بالمرة على مشروع الاتحاد ووصفوه بانه «مشروع فوضوي»، ثم يخرج علينا المعتوه علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني ليسمعنا كلاما لا قيمة له مثل «البحرين ليست لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة» فهو واسياده هنا يسترجعون اللهجة العنصرية الاستعلائية للشاه، ثم نراه مع نوابه يجاهرون بكلام متعجرف بضم البحرين إلى إيران. ثم من منح لاريجاني ونوابه التدخل في شئوننا الداخلية، اليس هناك مواثيق واعراف وقوانين دولية تمنع الدول من اقتحام سيادة الدول الاخرى، آلم يتعلم هؤلاء القانون الدولي وحق الدولة العضو فى الامم المتحدة، ام ان الإيرانيين يستقوون على الخليج بمشروعهم النووي وقدراتهم العسكرية والصاروخية والبحرية. والاهم لم يكن امام النائب الذي طلب من بلاده اتخاذ إجراء جاد لمواجهة ما اسماه بخطة السعودية لضم البحرين لصرف الأنظار عن مشاكل اخرى داخلية فى بلاده مثل ازمة الوقود وشح المواد التموينية وفتح وسائل التواصل الاجتماعي التى اصبحت حقا من حقوق الانسان في العالم المتحضر. حقا لقد قرأنا كلاما لا استطيع وصفه مثل ان البحرين من حق إيران وليس السعودية، ولكن لا يهم هذا الكلام فهو يخرج من حاقد وربما من شخص أبله يعيش خارج حدود العقل، ولكن ان تصل الامور ان يخرج البعض في بلادنا للتظاهر ضد فكرة الاتحاد، فهذا امر غير معقول بالمرة. ونحن لا نصدق من يقول ان حراك المعارضة هو امر محلي بحت وليس له صلة بأية دولة في حين أن كل الدلائل تشير إلى أن هؤلاء يتلقون تعليماتهم من أسيادهم في إيران متناسين أن الاتحاد سيضيف الى قوة البحرين مكونات اقتصادية وسياسية وعسكرية ودفاعية. والتساؤل .. ألم يعِ هؤلاء البحرينيون ما يتردد عن دعوات اطلقها مسؤولون بارزون في النظام الإيراني بشأن حتمية إقامة اتحاد بين إيران والعراق، لتأتي منسجمة مع تصريح أطلقه مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي العراقي، شبه فيه العراق والجمهورية الإسلامية بأنهما «روح في جسدين»، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط العراقية عن مغزاه وتوقيته. ثم لم يقرأ هؤلاء اتهام أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني لإيران بالتدخل في الشأن الداخلي اليمني ومطالبتها بالكف عن التدخلات وعدم إثارة الفتن أو الصراعات الطائفية لأن ذلك لا يهدد دولة بعينها وإنما المنطقة برمتها. إلى من يسمون أنفسهم معارضة سؤال ...... معارضة ماذا؟! وضد ماذا؟؟ معارضة من أجل الوطن معارضة؟ تودي بهذا الوطن إلى الضياع؟ ألم يروِ وهم الأعلم بالأوضاع بإيران من خلال زياراتهم المتكررة سواء للزيارات الدينية أو لأي سبب آخر، ألم يروا بأعينهم ويسمعوا بأذانهم ما يتعرض إليه الشعب الإيراني من ضيم العيش يا...... من تسمون أنفسكم معارضة اتعضوا .. اتعضوا .. وأعلموا أن الاتحاد قادم شاء من شاء وأبى من أبى.

قضية أبو موسى واختبار النوايا الإيرانـية العدوان

داود البصري
لم يعد ثمة شك بحقيقة النوايا الإيرانية العدوانية في الخليج العربي، كما أنه لا يستطيع أي طرف إنكار شكل و طبيعة العقلية العدوانية والعنصرية و الإستعلائية التي تميز قادة النظام الإيراني وهم يتسابقون بشكل مثير للرثاء في التخلي عن (التقية السياسية) وإظهار حقيقة المواقف المنهجية والفكرية والمبدأية المسيرة للمشروع الإيراني، وهي مواقف لا تنبع أساسا من مؤامرات (الشيطان الأكبر ) كما يقولون ولا للدسائس البريطانية والدولية كما يروجون ويشيعون على الدوام! بل أنها مواقف مبدأية راسخة في عمق تلافيف دماغ من يسير النظام الإيراني ويحدد مسار ملفاته على صعيد إثارة المشاكل والأزمات الدولية، ففي الوقت الذي يحاول فيه النظام الإيراني إبراز أفضل طاقاته التفاوضية، والتعبير عن أسهل الطرق والوسائل لنزع فتيل أزمتهم مع الغرب حول الملف النووي، ويتبادلون المصافحات والابتسامات مع قادة ( الغرب الكافر)، فإنهم في نفس الوقت لا يجدون من وسيلة للتعامل مع جيرانهم العرب سوى إطلاق رسائل التهديد السخيفة، بل والتمادي المفرط والمريض في شتم العرب وتاريخهم وحضارتهم وبما يصطدم بحكم الواقع والضرورة مع الشعارات الإسلامية التي يرفع يافطتها النظام ويلوح بها أمام العالمين ويحاول من خلالها التسلل للعالم العربي عبر دبلوماسية التجنيد والتعبئة والرشوة المقدسة و تأليف القلوب عبر الدعوات و إرسال الأموال وتوزيع المساعدات و إنشاء الخلايا السرية، ليس لدينا من شك بأن رئيس النظام الإيراني وهو يزور و يدنس أرض جزيرة أبو موسى العربية الإماراتية المحتلة إنما يمارس عملا إستفزازيا عرف به الإيرانيون و تميزوا عبر التاريخ، كما أن ذلك الفعل الموبوء يطلق رسائل تهديدية واضحة لعرب الخليج العربي ويصطف علنا لجانب النظام العدواني الإرهابي السوري الآيل للسقوط والذي لن تنقذه من مصيره المحتوم كل المناورات الخبيثة وأساليب التهديد الإستعراضية الفجة المعبرة عن سقم روحي و خواء عقلي لا مثيل له، محمود أحمدي نجاد وهو يسخر من حضارة العرب و ثقافتهم فهو إنما يعبر عن حقيقة الفكر الشعوبي والمشبوه الذي يحمله و من معه تجاه الثقافة التي تشرفت بحمل رسالة الإسلام المسالمة العالمية وهي الثقافة التي تشكل ما نسبته 70% من الثقافة الفارسية الحالية نفسها ؟ وهو بهذا الموقف لا يسجل مواقف عنصرية بغيضة فقط بل يعبر عن إزدراء حقيقي للإسلام الحنيف و الذي للعرب وثقافتهم فيه دور القائد و الرائد والموجه، فوالله الذي لا إله إلا هو ما أبغض العرب إلا منافق، وما ناصبهم العداء الأحمق إلا جاهل حقود أشر و مريض يتلفع بعباءة الشعوبية العنصرية السوداء، وأعتقد أن نجاد و رهطه يعلمون علم اليقين بأن أهل بيت النبوة الكرام الذين يلهجون بذكرهم نفاقا ورياء هم أصل العرب ومادة الإسلام ولا ينتمون لقومية ولا لثقافة خارج السياج العربي! ولكن العنصرية البغيضة تأبى إلا أن تفصح عن نفسها بعدوانية غريبة وبأسلوب فج دنيء، ليعلم نجاد بأن كل حركات الإرهاب والتهديد والوعيد لن تجدي نفعا وأساطيلهم وزوارق حرسهم المطاطي لن تغنيهم أبدا في يوم الحساب الأكبر وحق الأمة العربية في الجزر الإماراتية المحتلة لا يتوقف عند تلك الحدود أبدا بل أن هنالك الثورة العربية الأحوازية التي ستغير معادلاتها ونتائجها صورة المنطقة بأسرها وستجعل الفاشيين والعنصريين وبقايا الدهاقنة من أهل معابد النيران التي أطفأت سيوف العرب نيرانها يزحفون على بطونهم من الرهبة والخشية، سيتجرع أهل الفكر العنصري الحاقد الكريه سموم الهزيمة المرة، وسيعود سيف خالد والمثنى وسعد ليقوم المعوج منهم، وسيعلم من تطاول على العرب و حضارتهم أي منقلب سينقلب وأي هاوية سينحدر إليها، وفرسان العروبة في الأحواز سيلقنون المحتل العنصري دروسا بليغة في الأدب واحترام الجار بل وسيعلموهم كيفية الكلام.. والأيام بيننا...

طموحنا الوحدة الخليجية الشاملة

عبدالعزيز الجودر
اليوم أصبح كل شيء واضحا أمام المواطن الخليجي بعد أن سقطت الأقنعة واتضحت الحقائق بما يخص مستقبل دول وشعوب الخليج العربي وبات يعلم هذا المواطن يقينا أنه مستهدف في أمنه واستقراره ومن مصلحته العليا أن يرى على ارض الواقع تحقيق أعلى درجات التوحد بين دول الخليج العربي وشعوبها والذي يردد غير ذلك نعتقد انه ليس لديه انتماء عربي خليجي ولا يعنينا كشعب خليجي بشيء ولا حتى يمت للعروبة بصلة.
لذا فإن المصير المشترك يدعونا كشعب خليجي أن لا نقف بالمطالبة بالاتحاد الخليجي العربي فقط بل طموحنا كخليجيين أبعد من ذلك بكثير وهو تحقيق الوحدة الخليجية الشاملة وذلك لمواجهة التهديدات والاطماع الايرانية لكل دول الخليج العربي ومخططاتها تجاه المنطقة ولعل الوحدة الخليجية تنهي حالة الشعور بالتوجس الذي قد يراود المواطن الخليجي وتقضي بذلك على تلك الأهداف التوسعية الإيرانية وتزرع في نفوس الخليجيين الطمأنينة والسكينة.
هذا الحق المشروع الذي نطالب به هو اليوم الشغل الشاغل لدى كافة شعوبنا العربية الخليجية، عصرية السبت الماضي شهدت ساحة جامع الفاتح ملحمة وطنية خليجية تاريخية كبرى ردد من خلالها أجمل وأفضل العبارات في هذا الشأن المصيري الخليجي المشترك.
الذي أفرحنا كثيرا برقية سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء التي بعث بها الى ائتلاف الجمعيات والمشاركين في هذا التجمع المبارك اذ كانت بحق معبرة نأخذ منها العبارة المؤثرة التالية “إننا نشاطركم الرأي ونساندكم في مطالبكم في رؤية كيان خليجي موحد لديه من الآليات التي تمكنه من التعامل مع التحديات المصيرية التي تواجه المنطقة، وأن نعيش واقع حلم شعوب المنطقة في إذابة الحدود وفي تجسيد شعار خليجنا واحد وشعبنا واحد لينعم فيه الجميع بالاستظلال تحت مظلة الخليج الجامعة”.
رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود كانت له كلمة جميلة جدا في هذا التجمع التاريخي نقتطف منها الآتي “دعوتنا للاتحاد الخليجي مستمرة، وهي دعوة ترجع لآبائنا وأمهاتنا بخمسينيات القرن الماضي، إننا بائتلاف الجمعيات السياسية نؤكد أهمية سرعة إنجاز هذا الاتحاد بدءا من دولتين أو أكثر دفاعيا وسياسيا واقتصاديا واليوم نلتقي بوقت ظهرت فيه ملامح النجاة للمستقبل، ليس للبحرين فقط إنما للخليج العربي خاصة”.
عموما كلها فترة قصيرة من الزمن وسوف يعلن عن قيام الاتحاد الخليجي العربي وسنحتفل به جميعا كشعب خليجي واحد موحد وسوف نمضي قدما نحو ازدهار وتنمية دولنا وسوف نعمل يدا واحدة كشعوب كتب عليها أن تسير نحو التكامل والانصهار في كيان واحد يسعى للمحافظة على انجازاته ومكتسباته الحضارية.
هذا هو قدرنا المحتوم الذي لا مفر منه ولا محيد ولا مناص عنه فمستقبل خليجنا العربي في توحد شعوبه وغير ذلك فمصيرنا بكل درجات التأكيد “هدد” ومستقبله ومستقبل أبنائه مجهول.
الصورة الثانية
لعل بعضا منا يتذكر قصة الرجل الكبير في السن الذي جمع ذات يوما أبناءه فأعطاهم حزمة من العصي وقال لهم ليحاول كل منكم كسرها وحاولوا جميعا ولم يستطع أحد منهم ذلك، بعدها قال لواحد منهم فرق العصي وأعطي لكل واحد منكم عصا واحدة وقال لهم الآن أكسروها فكسروها بسهولة فقال لهم والدهم هكذا أريدكم مثل هذه العصي لأن في وحدتكم قوة وفي تفرقكم ضعف، نحن في دول الخليج العربي تنطبق علينا هذه “لحزاية” تماما ولنأخذ منها العبر والدروس قبل فوات الأوان.
وعساكم عالقوة