Thursday, June 23, 2011

دوار اللؤلؤ‮.. ‬دولة‮ ‬ تدار بـ‮ »‬60‮ ‬جدر عيش‮«

‬ يخطىء كل من‮ ‬يعتقد‮ -‬خصوصاً‮ ‬أبطال الفضائيات وثوار لندن‮- ‬أن ما‮ ‬يجري‮ ‬اليوم على دوار اللؤلؤ،‮ ‬سيؤدي‮ ‬إلى انهيار الدولة البحرينية،‮ ‬وأنها ستصبح تحت أيديهم بين عشية وضحاها،‮ ‬ليعيثوا بها فساداً‮ ‬كما خططوا‮.‬ ويتوهم كل من‮ ‬يشمر عن ساعديه ليعقد مقارنة بين من نصبوا خيمهم على دوار اللؤلؤ وسط المنامة بالمظاهرة المليونية التي‮ ‬استقرت في‮ ‬ميدان التحرير وسط القاهرة،‮ ‬والذي‮ ‬تروج له بعض وسائل الإعلام الأجنبية،‮ ‬وللأسف العربية والمحلية‮.‬ نقول لكل الشامتين والمستغلين عذابات الناس،‮ ‬وللراقصين على الجراح،‮ ‬اللؤلؤ ليس التحرير‮.. ‬والبحرين ليست مصر،‮ ‬ليس إنقاصاً‮ ‬من حجم مصر وعظمة تاريخها وشعبها،‮ ‬ولكن لأن الظروف الموضوعية التي‮ ‬خرج لأجلها أهل مصر‮ ‬غير متوفرة بالمرة في‮ ‬البحرين،‮ ‬بل على العكس من ذلك تماماً،‮ ‬فجل أهل البحرين وبمختلف طوائفهم تركيباتهم السياسية والاجتماعية والثقافية‮ ‬يتكاتفون اليوم حول قيادتهم الشرعية،‮ ‬ويعلنونها مدوية أن لا بديل عن السلطة الشرعية‮.‬ فقد ضمن المشروع الإصلاحي‮ ‬لجلالة الملك من خلال ميثاق العمل الوطني‮ ‬ودستور مملكة البحرين حق الرأي‮ ‬للجميع،‮ ‬ضمن قواعد وأسس لا‮ ‬يجب الحياد عنها أو تجاوزها أو تجاهلها،‮ ‬وما سكوت الدولة عن بضع مئات نصبوا خيامهم ورفعوا‮ ‬يافطاتهم إلا نوع من تقدير المشاعر،‮ ‬وعدم رغبة الدولة للانجرار لما‮ ‬يريده البعض من مواجهات قد تسقط لا سمح الله المزيد من الضحايا‮.‬ البحرين وبمختلف تركيباتها اليوم تنتظر من الجميع اتخاذ موقف وطني‮ ‬واحد‮ ‬يساهم في‮ ‬تعزيز اللحمة والوحدة الوطنية،‮ ‬موقف مبعثه المصلحة العليا للبلاد والعباد وأمن واستقرار الدولة،‮ ‬فلا‮ ‬يفيد اليوم صب المزيد من الزيت على النار،‮ ‬خصوصاً‮ ‬من ممثلي‮ ‬الشعب وقياديي‮ ‬الرأي‮ ‬العام رجال الدين بمختلف مذاهبهم،‮ ‬لأن النار إذا اشتعلت‮ -‬لا قدر الله‮- ‬لن تبقي‮ ‬ولن تذر،‮ ‬وسيكتوي‮ ‬بنارها الجميع،‮ ‬خصوصاً‮ ‬من عمدوا إلى تضخيم المواقف وشحن الناس إلى مزيد من الغضب والفوضى‮.‬ الدولة البحرينية لا تزال تدير الموقف بحكمة وبدبلوماسية عالية،‮ ‬وما موقف جلالة الملك بتشكيل لجنة تحقيق عالية المستوى،‮ ‬واعتذار وزير الداخلية عن سقوط القتلى إلا مؤشر على أن الباب لا‮ ‬يزال مشرعاً‮ ‬للجميع لينضووا تحت راية البحرين الواحدة الجامعة،‮ ‬وأن‮ ‬يساهموا كل من موقعه وبإمكانياته في‮ ‬عملية البناء والتنمية،‮ ‬وليكون الحوار الوطني‮ ‬حواراً‮ ‬حضارياً‮ ‬ضمن مؤسسات الدولة الرسمية،‮ ‬وعلى رأسها مجلس النواب الذي‮ ‬اختاره الشعب بمحض إرادته وبمنتهى الحرية والشفافية،‮ ‬أما الخروج على النظام والأمن فهذه فوضى لا‮ ‬يقبل بها عاقل ولا منتمٍ‮ ‬لهذا الوطن‮.‬ ؟ ورق أبيض‮..‬ خلال زيارتي‮ ‬ظهر أمس إلى موقع التجمع على دوار اللؤلؤ لفت انتباهي‮ ‬حجم الحرية التي‮ ‬يتحدث بها المتظاهرون،‮ ‬والتي‮ ‬وصلت إلى حد التطاول على رموز الدولة،‮ ‬ورغم ذلك لم تتدخل قوى الأمن التي‮ ‬لم تكن موجودة أصلاً،‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬أن هناك قراراً‮ ‬من مستوى عالٍ‮ ‬بإتاحة الفرصة للمتظاهرين للتعبير عن رأيهم،‮ ‬وهذه هي‮ ‬قمة الديمقراطية التي‮ ‬لا‮ ‬يزال كثيرون‮ ‬يجهلونها‮.‬ شعارات كثيرة لا رابط بينها رفعت على دوار اللؤلؤ،‮ ‬بما‮ ‬يعني‮ ‬أن المتجمعين ليس لهم أية مطالب محددة،‮ ‬وقد بدا واضحاً‮ ‬حجم التناقضات فيما بين المتجمهرين‮.‬ وكان أشد ما لفت انتباهي‮ ‬أن خطيب المظاهرة قد طمأن المشاركين أن هناك‮ ''‬60‮ ‬جدر عيش بانتظارهم‮''‬،‮ ‬وأنهم استطاعوا أن‮ ‬يؤمنوا‮ ''‬مولدات الكهرباء‮'' ‬في‮ ‬حال قررت الحكومة قطع الكهرباء عنهم،‮ ‬كما أنهم‮ ‬ينظمون عملية السير،‮ ‬ليهتف بعد ذلك بالمتجمهرين‮ ''‬أليس باستطاعتنا أن ندير دولة‮'' ‬ليردوا عليه بصوت واحد‮ '' ‬نعم‮.. ‬نعم‮.. ‬نعم‮''..‬ فإذا كان الدول تدار بـ‮ ‬60‮ ‬جدر عيش‮.. ‬فليصبح الطباخون سلاطين الدول‮..‬

موسـى عساف
صحيفة الوطن - العدد 1895 الخميس 17 فبراير 2011