Saturday, May 5, 2012

الدور الإيراني في الأزمات العربية

احمد المرشد
رغم كل الاحداث التي تمر بها مصر منذ ثورة 25 يناير، لم يكن المرء ليتخيل ولو لثوانٍ معدودة ان تمر العلاقات المصرية – السعودية بمثل هذه الازمة التي تسبب فيها مواطن لا نقول عليه «نكرة» ولكنه قد يكون العوبة في يد الاخرين، وهم الذين يحركونه يمنة ويسرة مثلما حركوا دولا من قبله. وانا هنا اشير الى ايران مباشرة في هذه الواقعة التي تألم لها كل عربي اصيل، وبالمناسبة فان ايران استضافت مؤخرا مجموعة من الصحفيين والاعلاميين المصريين لتجمل صورتها امام المصريين خاصة بعد الازمة الخليجية – الايرانية بعدما زار الرئيس الايراني احمدي نجاة جزيرة ابو موسى الاماراتية بالمخالفة الى الاعراف المرعية في هذا الصدد.. وحاول الايرانيون الذين التقوا بالوفد الاعلامي المصري تصوير الموقف على انه مجرد زيارة رئيس لمدينة ايرانية وليست مدينة اماراتية محتلة. اقول ايران وقلبي مطمئن تماما، فايران خربت لبنان بدعمها حزب الله، ودمرت اقتصاد اليمن بدعمها العسكري والمادي والمعنوي للحوثيين الذين حاولوا ايضا تخريب العلاقات بين اليمن والسعودية وتدمير مناطق الحدود والهجوم على منشآت سعودية. وقد جاء الدور على مصر الان، لان الايرانيين يخططون للسيطرة على شعبها خاصة في مرحلة الاهتزاز التي يمرون بها، ومن هنا جاءت حملة تحريض خفية لبعض المصريين من اجل بث الفتنة والوقيعة بين مصر والسعودية، على اعتبار ان الدولتين يمثلان قوة عربية ترهب الايرانيين وغيرهم، والقضاء على تلك العلاقات التاريخية ستمس بالتأكيد هذه القوة، بما يمثل لايران منفذا مهما وضروريا للسيطرة على المصريين عبر الايحاء لهم بانها ستدعم اقتصادهم وستكون لهم عوضا عن السعودية والخليج. ولا يجب ان ننسى الدور الايراني المحرض في العراق وكيف وقع العراقيون فريسة لمخططاتها وامامنا ازمة الحكم هناك بين نوري المالكي رئيس الحكومة وبقية الفرقاء ومعهم الاكراد الذين باتوا يمقتون تصرفاته وتشبثه بالسلطة مدعوما بايران. حتى سوريا صديقة ايران وحليفتها العربية الاستراتيجية لم تسلم من اطماع الفرس، فبات الشعب السوري فريسة سهلة للقيادة الايرانية التي تحالفت مع الحكم ضد الشعب. وطبعا هذا الدور الايراني الشيطاني ضد الشعب السوري يتناقض في مجمله مع مطلب السعودية بعدم السماح للنظام السوي بالمماطلة والتسويف في تطبيق القرارات الدولية لحقن الدماء ووقف المجازر اليومية بحق شعب اعزل كل همه هو ان يعيش في سلام وطمأنينة. واذا كنا نتحدث عن سوريا، فلا يخفى على احد الدور السعودي العظيم لانهاء مأساة الشعب السوري وانقاذه من براثن حرب يؤججها الجيش السوري بسلاحه وذخيرته وترسانته العسكرية الضخمة بما يوقع العشرات والمئات بصورة يومية: فالسعودية تحيطها الازمات الاقليمية، فالقاعدة تنتشر في جبال أبين في اليمن، وكما اسلفنا فالحوثيون ايضا يتحرشون بالامن السعودي بغية ابعاده عن دوره الوطني وتوريطه في ازمات جانبية، ومنطقة الخليج التي على رأسها السعودية دخلت في معترك سياسي ودبلوماسي مع ايران بعد تصاعد ازمة الجزر الإماراتية المحتلة، وكذلك محاولات ايران التى لا تنتهي باثارة النعرات الطائفية في عدد من دول الخليج. لقد اعجبني تعليق احد الشباب السعودي على الازمة العابرة بين مصر والسعودية بقوله ان السعوديين والمصريين شعب واحد يعيش في قطرين، وستستمر العلاقات المتميزة بمتانتها المعهودة عبر الزمان، ولن يوقفها حقد الحاقدين. إن العلاقات السعودية - المصرية علاقات وطيدة وتاريخية قوية لا يمكن أن تتأثر باي شائبة أو قضية من القضايا، ونحسب لقادة البلدين العزيزين على القلب الاسراع لوأد المناخات التأجيجية المحرضة على إثارة الأزمات بين بلدين تربطهما علاقات تربط بين شعبين قبل البلدين، وأن ما يجري في الوقت الحاضر من شحن لايمثل الواقع الحقيقي للمحبة السائدة بين شعبي المملكة ومصر. واذا كنا اسرفنا في الحديث السياسي، فلدينا تعليق مهم للعالم السعودي الشيخ عائض القرني عندما اكد ان ما بين السعودية ارض الحرمين ومهبط الوحي وبين مصر ام الأبطال لا يتأثر بموقف عابر. واذا كانت الازمة سياسية او هكذا تبدو على السطح، فكان من المهم الى حكمة داعية بحجم الشيخ عائض القرني خاصة عندما يدعو كلا الطرفين الى التخلي عن التعصب والاختلاف في الرؤى الذي يؤدي إلى الفرقة التي لا يريدها الشعبان. وعلينا ان نحتكم الى العقل كما قال في رسالته التي وجهها الى المصريين: «أبعث برسالة من أرض الحرمين ومهبط الوحي إلى مصر أم العظماء والمبدعين والعباقرة والأبطال .. سلام عليكم عدد القطر وتحية عدد الرمل لكل مصري ومصرية، أيها السعوديون والمصريون لا للفرقة أو التعصب أو الاختلاف، فالذي بيننا أكبر وأعظم من أن يتأثر بموقف عابر». واعتقد ان مملكة البحرين ليست بعيدة عما يجري في عموم منطقتنا، ولعل كلمات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء تفسر ما تمر به المملكة من مخاطر، فعندما يتهم سموه في مقابلة صحفية حصرية لمجلة دير شبيجل الالمانية اطراف المعارضة بالسعي لتحويل البحرين إلى إيران ثانية، فهو هنا يقول الصدق وينقل ما نشعر به نحن ابناء هذا الوطن. لان ما يسميه الغرب حراكا سياسيا تقوم به المعارضة ما هو سوى «حراك إرهابي» مدعوم من إيران وحزب الله، وان ما تتعرض له البحرين هو يماثل تماما ما تواجهه أمريكا مع الإرهابيين، وذلك حسب اقوال سمو الشيخ خليفة. فمن يدعو للعنف والدمار من حرق إطارات السيارات وإلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن من أجل ترويع البلد، هو ارهابي بالتأكيد.. ومن يرفض الدعوة للحوار الا بعد استشارة منظريهم من آيات الله في «قم»، فهو ارهابي .. وحسنا فعل سمو الأمير خليفة عندما توجه بنفسه بسؤال الى محاوره الصحفي الالماني قائلا : «ماذا سيكون رأي الولايات المتحدة الأمريكية لو طلبت منها الدخول في حوار مع المنظمات الإرهابية كالقاعدة مثلا؟!».. بالقطع، سترفض واشنطن الدخول في مثل هذا الحوار العبثي، ولكننا تجاوزنا تلك العبثية ووافقت الحكومة على اجراء الحوار الذي يرفضه الاخرون ايضا في البحرين من اجل فرض رؤيتهم ولتغيير مسار المملكة من مجتمع متعدد الثقافات والأعراق الى مجتمع انغلاقي ظلامي يدين بالولاء فقط الى ايران التى تشعل النار ووقود الفتنة في كل البلاد العربية تقريبا. فسمو الأمير خليفة تمسك بوضع القرائن امام محاوره، ليؤكد له زيف ما تدعيه المعارضة من انتهاك حقوق الانسان في البحرين والتعامل بعنف ضد المحتجين.. وبالتالي عاد سموه الى اسلوب التساؤل ليرد على محاوره سؤالا بسؤال: «كيف يمكن للشرطة الغربية التعامل مع احتجاجات عنيفة غير شرعية؟! هل يتركون المحتجين لرمي الحجارة وقنابل المولوتوف؟!.. هل فكر الأمريكيون وحلفاؤهم بحقوق الإنسان عندما خرج المتظاهرون في العراق وأفغانستان؟!». وكما فعلت قلة من المصريين لتخريب العلاقات بين بلادهم والسعودية ، لم تتوان قلة هنا بالقيام بنفس المحاولة ولتحقيق نفس الهدف وهو بث الفتنة والوقيعة بين الشعبين.