Saturday, May 5, 2012

الدور المشبوه لإيران في الخلاف المصري السعودي

حمد سالم المري
العلاقات الخليجية الايرانية لم تكن مستقرة منذ أيام الشاه وقد ساءت هذه العلاقات أكثر عندما أقدمت حكومة الشاه على احتلال جزر الامارات طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ورغم تفاؤل حكومات الدول الخليجية العربية بتحسن هذه العلاقات بعد ثورة الخميني التي رفعت شعار ثورة اسلامية أقامت حكما جمهوريا الا ان هذا التفاؤل اصطدم بالواقع الجديد المتمثل في محاولة الجمهورية الايرانية تصدير الثورة الخمينية لدول المنطقة متخذة العقيدة ذريعة لتؤجج التوتر الطائفي بين فترة وأخرى، بهدف اعادة أمجاد امبراطورية كسرى التي أخمد نارها وكسر عرشها العرب بقيادة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأشرق نور الاسلام على أرض فارس بعد ان كانت تغص في ظلام المجوسية وعبادة النار. فالكره الشديد للعرب عامة ولصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمح من قلوب ونفوس الحكومات الايرانية سواء في عهد الشاه أو في عهد ثورة الخميني الا ان حكومة الشاه كانت تتخذ الليبرالية غطاء لهذا الكره وحكومة الملالي اتخذت الدين غطاء لنفس الغرض. واستكمالا لهذا الكره سعت حكومات الملالي الى السيطرة السياسية على المنطقة من خلال إيهام العرب الشيعة في دول الخليج العربية ان حكم ثورة الخميني ستكون أفضل من حكم انظمتهم فوجدت من تعاون معها دون ان يكلف نفسه النظر في حال العرب في اقليم الأحواز الذين يعيشون في حالة اضطهاد، مما يكذب زعم القول ان ثورة الخميني لا تفرق بين عرب وعجم!. ومن ضمن المحاولات الدائبة للحكومات الايرانية المتعاقبة من بعد ثورة الخميني لزعزعة الأمن في دول الخليج العربية والتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولاتها تفجير مكة المكرمة لأكثر من مرة كان أخرها التغرير ببعض الشباب الكويتي للقيام بهذه التفجيرات في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي ولم تتوقف الحكومات الايرانية عن هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلدان العربية الخليجية حتى يومنا هذا حيث حاولت بشتى الطرق اثارة الفتنة الطائفية في البحرين من خلال اثارة الشغب فيها ثم محاولتها التجسس على الكويت وأخيرا قيامها بنشر قوات عسكرية واسلحة هجومية ودفاعية في الجزر الاماراتية المحتلة بعد ان قام رئيس جمهوريتها أحمدي نجاد بزيارة استفزازية لهذه الجزر. بل أنها استغلت الثورات العربية وتقاربها مع حزب الاخوان المفلسين خاصة في مصر الذي كانت تؤيده منذ محاولة اغتيال الرئيس المصري أنور السادات مطلقة اسم منفذ عملية الاغتيال خالد اسلامبولي على أحد أكبر شوارعها في العاصمة طهران فانتهزت فرصة الخلاف المصري السعودي الحالي حول القاء القبض على المحامي المصري أحمد الجيزاوي فنشرت وكالة أنبائها الرسمية «فارس» خبرا كاذبا وغير صحيح على لسان وزير الخارجية السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل جاء فيه «للجندي السعودي في السفارة السعودية الحق في اطلاق النار على كل من يحاول المساس بأمن السفارة ولن نتهاون في ذلك ولكن أنتم تعلمون ان عقوبة تهريب المخدرات للسعودية هي الاعدام، فان ثبتت العقوبة على الجيزاوي سوف نرسله للقاهرة في تابوت». ولم تكتف بذلك بل غذت المظاهرات المصرية المنددة بالسعودية من خلال قنواتها وأبواقها الاعلامية بزعم ان هناك حكماً صدر بحقه غيابيا بالجلد لسبه العاهل السعودي! ورغم ان هذا الادعاء كذبه السفير المصري في الرياض موضحا ان الجيزاوي لم يحاكم بعد وأنه مازال محتجزا على ذمة التحقيق بتهمة حيازة مواد مخدرة غير مصرح بها الا ان حزب الاخوان المفلسين المسيطر حاليا على مجلس الشعب لم يصدر أي بيان وكأن لسان حاله يؤيد هذه المظاهرات المنددة بالسعودية. ان الخلاف السعودي المصري الحالي هو محاولة من ايران لضرب أكبر دولتين سنيتين من أجل أضعاف قوتهما فيتحقق لها السيطرة السياسية على المنطقة بالكامل.
الخاسر الأكبر من هذا الخلاف هو الشعب المصري الذي سيتضرر اقتصاده في حالة قطع العلاقات مع السعودية لا سمح الله فالمملكة العربية السعودية تعتبر ثاني أكبر مستثمر في الجمهورية المصرية، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل عام، وتعتبر المستثمر الأول في بعض القطاعات الداعمة للاقتصاد المصري، وفي مقدمتها القطاع السياحي الذي تغطي السعودية ما نسبته 70 % من الاستثمارات فيه. كما سيؤثر هذا الخلاف بشكل كبير على أوضاع العمالة المصرية في المملكة، وعليه ستتأثر الحوالات الخارجية للعمالة المصرية في السعودية، المقدرة بنحو مليوني عامل، بالاضافة الى التأثير على معدلات التبادل التجاري. كما أنه قد يؤثر في تعهد المملكة أخيرا بدعم مالية مصر بـ2.7 مليار دولار. مما يتيح المجال لايران ان تتدخل بشكل سافر في مصر ومحاولتها سد مكان المملكة العربية السعودية فتحقق أهم أهدافها المتمثل في نشر الثورة الخمينية في مصر واعادة أمجاد الدولة الفاطمية العبيدية. فهل من عاقل يعي من المستفيد من هذا الخلاف؟