Friday, May 25, 2012

ازدواجية معايير الأمم المتحدة.. تقرير جولدستون مثالاً

نجاة المضحكي
لم تُحاسب أمريكا ولا إسرائيل ولا إيران ولا العراق على ما فعلوه في سجونهم وما أبادوا من بشر، حيث أبيد مليونا عراقي بتعاون جيوش دول الغرب والقسم الأكبر أبادته الحكومة العراقية وإيران، لم يسألوا عن حال السجناء وما يعانوه، ليس من تجويع وتعذيب فقط، إنما عمليات اغتصاب حيوانية همجية لم يقم بها حتى هولاكو ولا ستالين ولا نتنياهو، وغيرها من معاناة بالأخص الشعب العراقي الذي ليس له حقوق حتى أن يختار أي طريق يمشي فيه، ولم يحاسب كذلك بشار الأسد بما فعله قبل وبعد الثورة في الشعب السوري من تنكيل وتعذيب، كذلك تفعل إيران اليوم في شعب الأحواز، لم يسألوا أياً من هذه الدول. فقط اليوم البحرين توجه لها أسئلة من 9 دول أوروبية وزعت عليها الأدوار، ولم يبق سؤال لم يسأل حتى وصل الأمر أن يسألوا هل جنستم أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي، والمقصود هنا البحرينية التي تزوجت إيرانياً، وغيرها من أسئلة كلها لصالح فئة معينة، في الوقت الذي تجاهلت فيه هذه المنظمات حقوق شعب البحرين وما قام به المحرضون الذين تدافع وتسأل عنهم، فمن قطع طرق وتعطيل مصالح وتعطيل مؤسسات واحتلال المستشفى الرئيسي والاعتداء على حياة المواطنين ورجال الأمن وغيرها من جرائم، كما لم يسألوا عن رانيا وابنها وزهرة صالح التي غرس في رأسها السيخ، وذلك لأن المؤامرة الانقلابية الإيرانية لا تدرج إلا أسماء تخدم أهدافها، فلا تدرج ما تعرض له النقيب الشيعي من محاولة قتل، بل ذكروا اسم النائب الذي يؤكد اسمه فبركاتهم، لكن لا نعتقد هذه الدول لا تعلم حقيقة ما يجري في البحرين، بل تعلم أكثر مما نعلم ولكن كما تعلمون أنها خريطة الشرق الأوسط الجديد التي تعثرت في بداية طريقها عندما أفشتلها جماهير الفاتح ودرع الجزيرة وحكمة الدولة، مما جعلهم يذاكرون ويستذكرون ويجمعون أوراق ومستندات وأقوال وأقاويل وروايات وأفلام قام بها كبار المفبركون الذين تولوا مهمة فتح الطريق لخارطة الشرق الأوسط الجديد. إن الدول التي تحاسب دولة البحرين هي دول شريكة في الحرب على العراق، كما وقف بعضها ضد إدانة إسرائيل بعد تقرير “جولدستون” وليس هناك مجال للتفصيل لكل دولة على حدة، لكننا سنتطرق إلى سلوفينيا، وهي إحدى الدول التي عارضت إدانة إسرائيل وتحتفظ بعلاقات قوية مع ايران، وهناك جمعية تسمي جمعية الصداقة الإيرانية السلوفينية، أما هولندا فهي الأخرى شاركت في الحرب على العراق كما أعرب المشرف الميداني للبحث في حقوق الإنسان أن ثلث مسلمي هولندا يعيشون تحت خط الفقر، وأن أسباب الأوضاع الاجتماعية المتدنية يتفاوت فيها العيش بين مواطنيها لأسباب عرقية أو دينية، كما خاضت هولندا الحرب ضد النقاب واللباس الإسلامي، كذلك هي النرويج التي يعيش حوالي 85000 طفل تحت خط الفقر، وكذلك هي الولايات المتحدة وما فعلته في العراق من جرائم حرب، وقمعها الوحشي للمتظاهرين البريطانيين الذي لم يطالبوا ألا بتحسين أوضاعهم المعيشية، أي أن هذه الدولة سجلاتها الحقوقية تفقدها الأهلية في المحاسبة وحتى لا يكون لها أصلاً مكان في الأمم المتحدة ولا المتفرقة. إن البحرين لم تطلق صواريخ ولا قذائف مدفعية، بل قامت بتفريق المتظاهرين الذين يهددون حياة المواطنين والوافدين، وكان سلاحها الوحيد غازاً مسيلاً للدموع تواجه فيه عصابات مسلحة، وهي العصابات التي قدمت التقارير الكاذبة ولفقتها كي تغتصب الحكم، وهي عصابات يقودها حسن نصر الله ومقتدى الصدر وخامنئي، الذين اتفقوا مع هذه الدول في توزيع ثروات العراق وثروات دول الخليج في حال سقوطها، مما دفع هذه الدول إلى أن تثبت ولاءها ومشاركتها في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، على أمل أن ينولها شيء من الغنيمة، وتعلم الأمم المتحدة ومنظماتها حقيقة هذا التقرير كما علمت حقيقة تقرير جولدستون الذي أخفت ملفه حسب تعليمات كوندليزا رايس آنذاك، مع الفرق بأن تقرير جولدستون يتحدث عن إبادة بشرية في غزة استخدمت فيها إسرائيل القنابل والصواريخ، مقارنة بتقرير حقوق الإنسان عن البحرين الذي هو عبارة عن حبس على ذمة التحقيق، وناشط حقوقي امتنع عن تناول الطعام بإرادته، وعن حالات خاصة تطالب فيها الوفاق بتجنيس أبناء البحرينيات المتزوجات من أجانب، كلها تقارير لا ترقى لمناقشتها حتى في ندوة في ناد أو كوفي شوب، ولكن المؤامرة الدولية على دول الخليج والتي أصبحت الشغل الشاغل للغرب والحليف الإيراني، سوف تعتبر حتى رواية اختناق قطة في سترة هي جريمة يجب فيها محاسبة دولة البحرين وإدانتها دولياً. لكن هذا الأمر ليس غريباً ولا مدهشاً أن تتداعى الأمم على الدول الإسلامية من غزو واحتلال وتقسيم ومحاكمات، فهو طبقاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم (يُوشِكُ الأمم أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ, كَمَا تَدَاعَى اَلْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ, وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ اَلسَّيْلِ, وَلَيَنْزِعَنَّ اَللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ اَلْمَهَابَةَ مِنْكُمْ, وَلَيَقْذِفَنَّ اَللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ اَلْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، وَمَا اَلْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ اَلدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ اَلْمَوْتِ)، ولكن لله الحمد اليوم قد رجعت الأمة إلى أصلها واستيقظت شعوبها، وهاهي البحرين تنفض غبار الوهن، ويقذف الوهن في قلوب الانقلابيين الصفويين الذين ابتغوا العزة من ديار الصليبين، ولن يوفقهم الله أبداً فهم قد حملوا دماء الأبرياء في رقابهم وتاجروا بأرواح المواطنين من أجل وصول إلى سدة حكم، ولكن هذه السدة عصية عليهم وعلى مرجعيتهم.