Friday, May 25, 2012

حقوق الإنسان.. وداعاً

يوسف البنخليل
هل يؤمن البحرينيون بحقوق الإنسان الآن بعد أن شاهدوا كيف يتم التلاعب بهذا المفهوم من قبل الحكومات الأجنبية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية؟ لا أعتقد أنهم يؤمنون بذلك، فمصداقية حقوق الإنسان باتت مفقودة ولا معنى لها إذا كانت الحقيقة المرّة تعني أن حقوق الإنسان وما يتبعها من منظمات محلية وخارجية، وكذلك المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مثل مجلس حقوق الإنسان أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان مجرد وسائل لتحقيق أغراض سياسية لا أكثر، وفي النهاية ليس لحقوق الإنسان معنى حقيقي مادامت هذه الحقوق تعتمد على الاستماع لوجهة نظر واحدة، وهي التي يتم بناء المواقف عليها فقط. المناقشات تجري حالياً في جنيف داخل مجلس حقوق الإنسان للمراجعة الدورية لتقرير البحرين الثاني لحقوق الإنسان، ومن يتابع المناقشات وكذلك التغطيات الإعلامية في الصحافة المحلية أو الدولية، فإنه لن يرى أبعاد هذه المناقشات، ولن يتعرف على طبيعة الأوضاع الحقوقية السائدة في المنامة، وإنما سيرى صراعاً سياسياً بدأ من البحرين وامتد إلى المدينة السويسرية جنيف بين قوى سياسية تؤمن أن حقوق الإنسان هي تلك المبادئ والحقوق التي تتيح للمعارضة الراديكالية تحقيق أجندتها من تغيير النظام السياسي أو الارتباط بدولة أجنبية، أو حتى تنفيذ إصلاحات سياسية لا تحقق سوى مصالحها فقط. والطرف الثاني في الصراع هو الدولة التي تحاول بمختلف مؤسساتها إثبات مدى التزامها بحقوق الإنسان، وأن ما قامت به الدولة البحرينية على مدى عام ونصف العام هو تأكيد وتعزيز لالتزاماتها الحقوقية الدولية. تناول الصحافة المحلية فيه انقسام وتباين كبير، فجميع وسائل الإعلام المحلية تتابع مناقشات جنيف، ويبدو أن معظم هذه الوسائل مؤيدة لموقف الدولة الملتزم تجاه حقوق الإنسان، في حين أن إعلام المعارضة الراديكالية يختلف تماماً لأنه لا يؤيد فكرة التزام حكومة المنامة بتعهداتها الحقوقية الدولية تماماً. فالالتزام يعني هنا تنفيذ كافة مطالب المعارضة الراديكالية سياسياً، حتى وإن تطلبت تقديم تنازلات. أيضاً مسألة هامة تتعلق بمصداقية حقوق الإنسان في البحرين، وهي غياب الآليات المحلية والدولية التي تضمن فصل العمل السياسي عن نظيره الحقوقي، إذ ليس من المقبول أن يقوم السياسيون في تنظيمات المعارضة الراديكالية بالانضمام إلى المنظمات الحقوقية، لأن هناك خلطاً كبيراً بين العمل السياسي والعمل الحقوقي، وتكون النتيجة عدم استقلالية العمل الحقوقي. في ضوء هذه الحقيقة فإن العمل الحقوقي في البحرين لا يعتبر عملاً مستقبلاً لأن الكوادر التي تطلق على نفسها كوادر حقوقية، هي كوادر سياسية بالأساس، ومعظم التنظيمات الحقوقية البحرينية تعتبر امتداداً لتنظيمات سياسية. بعد هذه الحقائق لا أعتقد أن حقوق الإنسان باتت لها مصداقية في المجتمع البحريني على الأقل بعد الأزمة التي واجهها منذ مطلع العام الماضي، فحقوق الإنسان تنتهي عندما تدخل فيها السياسة.