Saturday, May 26, 2012

دروس لليسار من الثورة الإيرانية

فهد المضحكي
مهدي كيا كاتب ايراني كتب مقالاً سياسياً عنوانه «ثمانية دروس لليسار من الثورة الايرانية»، والمقال نشر باللغة الانجليزية قامت بترجمته مريم النقر، وفي مقدمة المقال قال الكاتب: ملأت الثورة الايرانية الطريق السياسي بالعديد من العقبات بهدف التخلص من جميع اشكال اليسار في ايران، ونجحت بالفعل في انهاء عدد كبير منها فلم تنبح إلا الفصائل القوية فقط. ففي أوائل السبعينات استطاعت اساليب القمع الوحشية لنظام الشاه ان تحطم اليسار الثوري بشكل تام تقريباً وحتى الذين نجوا من الاعدام واجهوا مصيرهم في غياهب السجون وحين فتحت الامواج الثورية بوابات السجن عام 1978 كان اليسار ضئيلاً مهمشاً ومعزولاً عن الاحداث الاجتماعية طوال الجزء الاكبر من العقد ولكن وفجأة وفي السنتين اللاحقتين وجد نفسه في بؤرة اهتمام جميع الذين استطاعوا التنبؤ بالفتح الذي يعده الملالي لجميع شعارات الديمقراطية الخاصة بالجماهير الثورية. فبين ليلة وضحاها انفتحت هذه المنظمات الصغيرة بمئات الألوف من المؤيدين الجدد. توافدت أعداد غفيرة من العمال والطلبة والفلاحين وموظفي الدولة الذين تمكنوا من السيطرة على مصانعهم او مكاتبهم او جامعاتهم على مقرات اليسار يريدون التوجهات الخاصة بالخطوة القادمة، كما اسس اليسار إدارات محلية لتولي شؤون المحافظات الكردية والتركمانية كذلك مثل اليسار قوة كبيرة يحسب حسابها في الجامعات وحصل مرشحوه على مئات الألوف من اصوات المدن الكبرى في انتخابات المجلس الاول وهيمن العمال ذوو الميول اليسارية على الكثير من مجالس الشورى بالمصانع (مجالس الشورى هي لجان في المصانع وأماكن العمل والجامعات ولها وظيفة ادارية في بعض الاماكن)، كان اليسار من منظمة مجاهدي خلق لاعباً اساسياً في المشهد السياسي الايراني خلال السنتين التاليتين لنجاح الثورة وتطلع لها الجميع من اراد الحفاظ على المكاسب الديمقراطية للثورة وزيادتها ممن اجل حمايتهم من سُحب الاسلام المتعصب المنذرة وبلطجية حزب الجمهورية الاسلامية. ومع ذلك تمت تصفية اليسار ومعه المجاهدين من الساحة السياسية بحلول منتصف عام 1981 بمعنى لعب القمع الوحشي دوراً اساسياً في ذلك، حيث تم اعدام عشرات الآلاف وسجن مئات الألوف ولكن القاء اللوم على القمع فقط ما هو الا تجنب لسؤال: لماذا تمت مفاجأة اليسار على هذا النحو في غفلة شديدة منه؟ وللاجابة على هذا السؤال يرى الكاتب ان اليسار اما انه لم يرَ العاصفة او انه جرد نفسه من وسائل مواجهتها. ويضيف سيكون من الحمق ان ننظر للماضي ونحاول التنبؤ بأثر رجعي بالتأثيرات النسبية التي سببها الارهاب من الخارج وعدم الفهم من الداخل في انهيار اليسار. لعبت الاخطاء الداخلية دوراً كبيراً بالفعل، لكن في حين انه لا يمكن فعل شيء محدد حيال ارهاب الدولة، فإن تجنب الاخطاء في ايدينا. ولهذه الاسباب يقول: ان الدروس التي تعلمها بعض اليساريين الايرانيين لها معانٍ ودلالات مهمة ليس فقط لانها تلقي ضوءاً على ما يتكشف من احداث على الساحة الايرانية اليوم ولكنها مهمة ايضاً لليسار في العالم كله، حيث لا يزال العديد من اطياف اليسار داخل وخارج ايران غافلاً عن هذه الدروس. في ضوء ما تقدم يسترسل الكاتب في استعراض هذه الدروس قائلاً: في العدد الاخير من النشرة الايرانية IRANIAN BULLCTIN يشير محمد رضا شلقوني لبعض اهم النقاط في هذا الصدد وهذه المقالة محاولة اضافية لتلخيص بعض الدروس الواضحة. حقيقة لا يمكن ان تستعرض في هذه المساحة كل الدروس الثمانية التي عالجت اخطاء اليسار الايراني وإنما سنتكفي بذكر بعضها، وذلك لما له اهمية قصوى في هذه المرحلة بالذات. ومن بين هذه الدروس أولاً قد يكون النظام ضد الامبريالية ورجعياً في نفس الوقت: اطاحت الثورة بواحد من أكثر حلفاء الامبريالية الموثوق بهم وأحد اهم شرطييها في منطقة الخليج والشرق الاوسط ومن هنا تمت تنحية اية شكوك متبقية جانباً عندما اتم حكام الجمهورية خطابهم ضد الامبريالية بتمثيلية احتلال السفارة الامريكية تلك الحادثة والغزو العراقي لايران قسما اليسار في المنتصف تماماً. ساعد في ذلك ان اليسار في العالم كله وبجميع اطيافه – ما عدا فصيل صغير – احتفى بالثورة الايرانية وانقسم فدائو خلق الى اغلبية تدعم توده والخميني وأقلية تتغذى عليها آلة القمع الخمينية. ومن هنا ركز الجدل حول طبيعة الجمهورية الاسلامية على الطبيعة الطبقية للنظام الحاكم، هل هو نظام ينتمي للبرجوازية الصغيرة ام للبرجوازية ام «لبرجوازية صغيرة ميسورة» معسكر توده ذهب للخيار الاول في حين ان النظام الجديد وبغض النظر عن مضمونه الطبقي رجعي في ممارساته وسياساته اليومية فهو يقمع الطبقة العاملة ويدمر مجالس الشورى المستقلة كما انه يسحب المكاسب الديمقراطية التي حققتها الثورة وكان واضحاً ان الطبقة الحاكمة الجديدة من رجال الدين تحمي نمو الانتاج الرأسمالي من الهجوم القادم من الاسفل. بدأ وكأن اليسار غافلاً عن النصف الثاني من الشعار الاساسي للثورة «الاستقلال، الحرية، الجمهورية الاسلامية»، وقد شارك جزء كبير ومهم من اليسار والجماهير الثورية في الوهم الكارثي القائل بأن الاستقلال يتدفق عبر الجمهورية الاسلامية بينما كانت الحريات في طريقها الى الإلغاء التام. وثانياً الحاجة للتعددية داخل الحزب ووجود ارادة مشتركة ووجود بنية تستطيع الدمج بين النشاط العلني والعمل السري تحت الارض الذي هو اساسي للبقاء على قيد الحياة في ظل الدولة القمعية. وثالثاً يجب على اليسار العالمي ان يخلق جذوراً شعبية لحركة حقوق انسان خاصة به بنيت الثورة الايرانية اهمية التضامن العالمي. وبعد عشرين عاماً فقد العالم احادي القطب بعضاً من وسائل الضغط العالمية التي سمحت للثورات بالتنفس، حيث يتم فرض الهيمنة الامريكية المطلقة بطرق عسكرية صارخة عن طرق استعمال مؤسسات عالمية مختلفة كالأمم المتحدة وحلف الناتو والمحاكم الدولية.. الخ في ظل استخدام منتقى بعناية لراية حقوق الانسان!! هذه دعوة لتنظيم حركة شعبية من الجذور على مستوى العالم لوقف جرائم الدول في حق مواطنيها حركة تماثل في طبيعتها الحركة الخضراء والحركة النسوية والحركة النقابية العالمية وتهدف الى تدمير شرعية الدول القمعية مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية كما تهدف الى انهاء شرعية استغلال حقوق الانسان بشكل انتقائي للغاية لخدمة النظام العالمي الجديد. ومن بين هذه الدروس تحدث الكاتب عن عداء الحكام الاسلاميين في ايران لحقوق المرأة ولحرية الرأي والتعبير وعن الكفاح المزيف ضد الإمبريالية وعن معاداة الجمهورية الاسلامية للمجتمع المدني والدولة المدنية وغيرها من الانتهاكات لحقوق الانسان.