Saturday, June 16, 2012

حوار الطرشان في الدولة الضعيفة

أحمد سند البنعلي
ليس من الطبيعي صدور التهديد من قبل رئيس تيار سياسي بحق الدولة وتلويحه بإخراج الآلاف من البشر استنادا لفتوى دينية لو لم تظهر الدولة ضعفا في مواجهة خرق القانون منذ عدة سنوات وحتى اليوم الحالي الذي نرى ما يحدث في الشارع ونرى القضايا تعرض على القضاء ثم تعاد مرة أخرى لينظر فيها من البداية مع أن ذلك قد يكون أمرا محمودا ولكن ارتباطه بأحداث الشارع المستمرة يوحي بغير ذلك للمتابع.
نقد الحكومة بل وحتى الدولة في ما تقوم به أو تشرعه يمكن قبوله ويمكن إدخاله في نطاق حرية الرأي والتعبير ونقد المؤسسة التنفيذية والعاملين فيها يمكن قبوله إن كان في العمل وليس في الأشخاص ووضعه في إطار حرية التعبير والرأي كذلك، ولكن من غير الطبيعي مهاجمة الدولة وإطلاق التهديدات بحقها لأن ذلك يضع من يطلق تلك التهديدات في مصاف أعداء الدولة ويضفي صفة الخيانة الوطنية على من يمارسها ولا نريد إطلاق تلك الصفة على أحد ولكننا نتحدث عن الفعل المجرد وليس عن الأشخاص.
وما صدر من الأخ أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية يقع في ذلك النطاق ويحمل المؤشرات على وجود دافع وراء تلك التهديدات ووجود شعور داخلي بعدم قدرة الدولة على الدفاع عن ذاتها ومؤسساتها أمام أي فرد يمارس الخطأ بحقها.
تتسرب يوميا وبصورة مستمرة أنباء عن وجود حوار من خلف الكواليس وربما خارج الحدود أحيانا ولكن ما بدر من أمين عام الوفاق يعني أو يوحي بعدم وجود تلك العملية إلا في حالة واحدة وهي أن الوفاق ومعها النظام “يستغبيان” باقي مكونات الشعب وهو ما نستبعده في ظل المعطيات المتوفرة.
في جميع المحافل الإعلامية نشاهد المتحدثين من أعضاء جمعية الوفاق وغيرهم ينادون بالحوار غير المشروط وهو ما نتفق معهم حوله كوننا نرى أن الحوار هو الوسيلة الطبيعية لحل أي قضية خلافية في المجتمعات المتحضرة ولكننا على الجانب الآخر نجدهم يتهكمون على دعوات الحوار التي تصدر من قبل ممثلي الحكومة كما حدث عندما تحدث وزير العدل عن ذلك الحوار بل وصل الأمر إلى توجيه تهمة الكذب للوزير على قناة العالم ثم اننا كذلك نجد الإخوة يعيقون الدخول في ذلك الحوار ويغلقون الأبواب أمام أي دعوة حوارية مستقبلية كما هو الحال الآن مع تهديد أمين عام الوفاق.
هو حوار الطرشان إذا حيث لا يسمع أي طرف للطرف الآخر ويتعامل بما في داخله فقط دون اعتبار لما في داخل الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى وقد يجلس الجميع على طاولة واحدة ويؤشر كل طرف دون أن يتحدث ولا يفهم الطرف الآخر تلك الإشارة فالكل في واد مختلف عن وادي الطرف الثاني أو الثالث.
هل استخفت الوفاق بالدولة والنظام إلى هذا الحد الذي تلقي إليها بالتهديد في كل مكان وفي أي مناسبة وهي تعرف أنها خارج المساءلة؟ وهل الضغط الخارجي الذي خلقه الإخوة وأقاموا له العلاقات منذ سنوات يعيق الدولة على هذه الدرجة ويضعفها إلى هذا المستوى؟.
ما نعرفه أن جميع الجمعيات السياسية خاضعة لقانون معين بغض النظر عن صحة أو خطأ القانون (مع أننا لنا ملاحظات عليه ولكننا نحترمه كما هو) لذلك من الواجب أن تلتزم جميع هذه الجمعيات بما هو وارد في نصوص ذلك القانون، وتهديد الدولة ولا نقول النظام لم يرد من ضمن الأمور المنصوص عليه في ذلك القانون ولا أي قانون آخر سواء في الدولة أو أية دولة أخرى أو من قبل أي حزب في أي مكان وحين يرد التناقض بين الدولة وأحد مكونات المجتمع المدني فإن الدولة تسمو فوق ذلك التناقض وتكون لها الكلمة العليا وإلا فإنها لا تكون دولة حسب القانون الدستوري.