العاقل يدرك اليوم أن أية مواجهات يراد لها أن تدار، الأنسب أن تكون عبر الوسائط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعية قبل أن تكون على الأرض، وهي حقيقة ما يحصل. أمس تسألني مذيعة قناة ''سوا'' الأمريكية عما أسمته ''مظاهرات غضب ومواجهات بين الشرطة وبعض المتظاهرين'' فأجبتها بأن بعض وسائل الإعلام قبلت على نفسها بأن يتم ''تضليل مصداقيتها'' من قبل أشخاص عرفوا ''مفاتيح اللعبة''، إضافة لوسائل إعلام تتلاقى مع هؤلاء في أهدافهم التي تتمحور حول الإضرار بالبحرين. طلبت تفسيراً فقلت: المشكلة أن بعض القنوات تأخذ ما يقوله شخص مثل نبيل رجب على أنه واقع، ومهما لفق أو ضخم أو زاد ''من البهارات'' فإن الكلام يبنى عليه، مثلما حصل مع تلك القناة الفضائية ''الخطيرة'' المدعية للمصداقية حينما نشرت صوراً لتبين أنها صور لمواجهات الليلة قبل الماضية في كرزكان ليتضح الخطأ المضحك ''ببساطة'' عبر ملابس الأشخاص الموجودين في الصور، أعني الملابس الصيفية ونحن في ''عز الشتاء''، ليتضح حجم التلفيق في الصور، ويضاف عليه المسجات المضللة والكاذبة التي تبث على أجهزة البلاكبيري عبر خدمة الماسنجر ببث صور وفيديوهات من أحداث سابقة وكأنها حصلت للتو ''فرش يعني''. تدعي هذه القنوات المصداقية بينما هي عاجزة عن رؤية ''تحت أقدامها''، بل لا تملك الجرأة لإيصال أي صوت مخالف للدولة التي تمثلها، وهنا لو كانت قنوات رسمية فلن نملك أن نعيبها، لكن أن تقوم بادعاء الاستقلالية والمصداقية وتنشب أظافرها ''الملونة'' في أجساد الدول العربية وكأنها مشاركة في أي فتيل يراد له الاشتعال، وما أحداث مصر وتونس عنا ببعيد، فهنا نضع ألف علامة تعجب. بل أزيد على ذلك، تعاطي مثل هذه القنوات مع ما حصل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمس من قمع لمتظاهرين، قالوا مثلما قال البعض هنا بأنهم سيخرجون في تظاهرات سلمية تطالب بإصلاحات، حيث لم نر شيئاً إلا من خلال قنوات بتنا نعرف حياديتها ومصداقيتها، في وقت ''خرست'' فيه ألسن من يدينون بالولاء المذهبي ''المبطن بالولاء السياسي'' للشمال، رغم أننا نريد تعليقهم على ما يحصل لأهميته، كونهم يرفضون أي نوع من أنواع تطبيق القانون في البلد مع من يسعى للتخريب ويمارس الإرهاب، في وقت ''يخرسون'' عما يحصل في بقاع عديدة باعتبار أن المرجعية هناك، وأنها المثال الذي يريدون تطبيقه. في البحرين اليوم عدد من مراسلي وكالات الأنباء الأجانب حضروا أمس الاحتفال بذكرى الميثاق والتقوا فيه بكبار قادة البلد ومختلف المسؤولين وحتى النواب، لكن الغالبية فضلوا عدم إجراء مقابلات مع المسؤولين وأرادوا التوجه لمواقع ما أسموه ببؤر المظاهرات، لتتجلى ردة فعل بعضهم بالاستغراب حين وجدوا أعداداً متفرقة تبحث عن أي فرصة لافتعال مواجهة بأي شكل من الأشكال مع قوات الأمن الساعية لحفظ النظام. حتى أن مراسل شبكة مشهورة قال بخيبة أمل: ''هل هذا ما حضرت لرؤيته؟! أين ما يردد بشأن مسيرات حاشدة؟!''. عموماً البحرين لا تنشد ''كرم'' مثل هذه القنوات، بل ما نبحث عنه هي المصداقية ''الضائعة'' التي يدعيها البعض. بلادنا مفتوحة وشوارعنا معروفة، تفضلوا وابحثوا عن حقيقة ما يحصل، والأهم أن تقفوا على أسباب ما يحصل. البحرين ليست دولة تقمع شعبها، أو دولة تسرق لقمة العيش من أفواههم، لكن اسألوا ''شرذمة لندن'' واسألوا ''ماسحي جوخ الجمعيات الحقوقية الدولية'' عن حقيقة أهدافهم ومساعيهم، وماذا يريدون للبحرين أن تصل إليه؟! لترى وسائل الإعلام الأجنبية كيف يتم التغرير بالشباب، وليربطوا ما يحصل بتلك الدعوات الموتورة التي يتم تصديرها من على بعض المنابر من الداخل، مع دعوات ''مجنسي لندن''، ولا تذهبوا بعيداً إذ استمعوا لكلمة ''متهم الدعارة'' عبدالرؤوف الشايب الأخيرة التي يدعو فيها للانقلاب على النظام وتجييش الشباب الصغار وحرصه على انتقاء ألفاظ تقودهم للتصادم مع قوات الأمن، لتقوم بعدها الجهات المربوطة بجهات حقوقية خارجية بإرسال الصور والأخبار ''وتزيد البهارات'' لتشوه صورة البحرين في الخارج. طبعاً لا تنسوا بأن الشايب (وهو من أفشل مدعي ممارسي النضال السياسي) هو الداعي لإباحة القتل الصراح لأجل تحقيق أهداف فئة مازالت تحلم بأن يؤول أمر البحرين لها، وهي أحلام تمثل ''عشم إبليس في الجنة''. لعب مكشوف وواضح، وبأسلوب دنيء، وتلفيق صارخ، والهدف تشويه صورة البحرين والتقليل من شأن إنجازاتها، وإباحة ''الفلسفة الزائدة'' و''الهرطقة الحقوقية'' من الخارج، ومنح تلكم الجهات صك التدخل في شؤون البحرين ولو بالكلام. من لديه قضية عادلة لا يحتاج للكذب، سواء ببث صور يدعي فيها ممارسات تعذيب في سجون البحرين، وبعدها تتضح بأنها صورة فلسطيني مصاب في مصادمات فتح وحماس، أو بث فيديوهات سابقة. في المقابل، أتمنى من وزارة الداخلية أن تبث صور من يصاب من أجهزة الأمن، خاصة في الحادثة الأخيرة بكرزكان، إذ المتباكين على ما يدعونه بـ''قمع'' قوات الأمن، عليهم أن يعرفوا جانبي القصة وأن يتمثلوا بالمصداقية والحياد إن كانوا ''قادرين عليها''، ونحن نشك في ذلك. ليست البحرين التي تهتز بإعلام ''الهشك بشك''، بلدنا واضحة وما يحصل فيها ''على المكشوف''، ومن يلجأ للكذب والتزوير نقول له ''هارد لك''، تراها مفضوحة. اتجاه معاكس أحد نواب الوفاق قام بزيارة لمصاب نتيجة حادثة تصادم بين متظاهرين وقوات الأمن ليلة أمس الأول. فقط أريد السؤال: هل قام النائب الكريم أيضا بزيارة أفراد الشرطة الذين أصيبوا جراء مهاجمتهم بالحجارة وقنابل المولوتوف، أم أن استهداف أفراد الشرطة ''حلال'' وقتلهم ''أمر مباح''؟! عفوا، لست أنتظر منك إجابة، إذ لم ننسَ أن الوفاق وأمينها العام من ''استماتوا'' في إقناع عائلة القتيل شيخ رياض بقبول ''الدية'' حتى يخرج من قتلوهم من السجن ويتم تعطيل إجراء القانون بحقهم! طبعاً ''أرواح'' الناس لها ''تصنيف'' لديكم بين رخيص وغالٍ، والشواهد كثيرة
فيصل الشيخ
فيصل الشيخ