Saturday, May 19, 2012

عنز لو طار من الدوار

صلاح الجودر
يتساءل البعض لماذا نعيد ونكرر ونجتر وقائع ما جرى في دوار مجلس التعاون من آلام ومعاناة بالرغم من مرور عام كامل عليها، والجواب أن أبناء هذا الوطن لا يمكنهم نسيان الجريمة التي ارتكبت بحق وطنهم باسم السلمية والديمقراطية والحقوق، فقد اختار أبناء هذا الوطن نمط حياتهم منذ استقلالهم عن المملكة المتحدة وتقريرهم لمصيرهم أمام مبعوث الأمم المتحدة في عام 1970م، ولكن سموم وأدواء الفتنة كانت تريد عودتهم إلى عهد الاستعمار والاحتلال وسلب الإرادة. وللتاريخ فإن استقلال البحرين عن الحكومة البريطانية والتصدي للمطالب الإيرانية كانت قائمة حينها على رجلين لا يمكن تجاهلهما أو تجاوز دورهما الكبير في الاستقلال، الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان وسمو الأمير خليفة بن سلمان، فقد كان لهما الدور الأكبر في نيل الاستقلال والحرية وتحديد الهوية العربية لأبناء هذا الوطن، وها هي الأيام تدور فإذا بالمزاعم الإيرانية تعاود بأيدي الانقلابين الذين دشنوا مؤامرتهم في فبراير عام 2011م. دور الشيخ عيسى والامير خليفة لا يمكن تجاهله، فهو دور محفور في وجدان كل بحريني، سني أو شيعي، فقد أسسا الدولة الحديثة رغم التحديات الكبيرة التي واجهتهما في تلك الفترة العصيبة من تاريخ البحرين، حتى تسلمها جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى الذي أرسى دعائم الحرية والديمقراطية والتعددية حينما طرح مشروع ميثاق العمل الوطني في فبراير عام 2001م، وتم التصديق عليه بنسبة 98.4%، فأبناء هذا الوطن بإرادتهم الشعبية هم من قرر هويتهم العروبية، وهم من دافع عن ترابها حينما خرجوا للشوارع والطرقات معلنين، البحرين عربية حرة. المؤسف أن بعد تلك المكاسب والمنجزات يخرج علينا دعاة الفتنة والمحنة ليذيقوا أبناء هذا الوطن آلام المخطط ومعاناة المؤامرة لتسليم البحرين لإيران على طبق من ذهب، فماذا جرى في دوار مجلس التعاون وما رافقها من أحداث مؤسفة في مستشفى السلمانية والمرفأ المالي وجامعة البحرين لم تكن في خانة المطالبة بالحقوق والديمقراطية والحرية والإصلاح، ولكنها مؤامرة إقليمية بكل المقاييس، فقد كان دعاة الفتنة والمحنة على أتم الاستعداد للانقضاض والانقلاب وافتعال الصراع ومن ثم التباكي على فعلتهم من أجل تدخل إيران في شؤونهم الداخلية، وما ذاك الشاب الذي وقف في طهران يتباكى أمام المرشد الإيراني داعياً له بنصرته إلا أكبر دليل على الاستقواء بالخارج!. ما جرى في الدوار وما حيك في خيامه الليلية كانت مؤامرة من الخارج لتصوير المشهد وكأنه انتفاضة وثورة، ولكن أبناء هذا الوطن الشرفاء فضحوا المؤامرة الأمر الذي دفع بالانقلابين بالكشف عن وجههم الحقيقي، فمارسوا العنف والإرهاب والإجرام، فما أن تم تطهير الدوار، حتى خرج دعاة العنف لممارسة دورهم السابق من حرق الإطارات ورمي الحجارة وإغلاق الشوارع، ولم يكتفوا بذلك بل بدؤوا بتطوير إرهابهم واجرامهم برمي القنابل الحارقة وتفجير القنابل محلية الصنع، فهي لم تعد سلمية، ولم تعد إجراما، ولم تعد عنفية، ولكنها بلغت مستوى الإرهاب، حتى وصفها بعض المحللين بأنها إرهاب إقليمي قادم من محور الشر في المنطقة!. لقد اعتقد الإنقلابيون بأن البحرين الحلقة الأضعف من دول الخليج، لذا كانت المستهدف لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، فقد كان الهدف صرف الأنظار عن جرائم ترتكب في المنطقة من خلال الصراخ والعويل المفتعل في البحرين، والذي تنقله قناة العالم الإيرانية في مشاهد مفبركة، لذا يثار تساؤل كبير بعد عام كامل من الاحتقان هل نرضى بأن تتدخل إيران في شؤوننا الداخلية حينما تتجاوز حق الجوار والعلاقات الثنائية والقوانين الدولية؟ الواجب اليوم بعد عام كامل من التحريض الممنهج أن يعي أبناء هذا الوطن خطورة المؤامرة التي تستهدف هويتهم، لذا يتحتم على الفعاليات المجتمعية اليوم (الخطباء والساسة وأصحاب الأقلام) برفع صوتهم معلنين عن موقفهم من تلك الأعمال ومن يقف وراءها، ولا يكتفون بالأحاديث الجانبية في المجالس والمنتديات، فما تتعرض له البحرين اليوم لا يقف خطورة عما جرى لها في عام 1970م حينما ادعت إيران بتبعية البحرين لها، فالبحرين عربية حرة، وليس كما يدعي دعاة الفتنة والمحنة الذين مازالوا يعيشون المثل الشعبي: عنز ولو طار من الدوار!!.