Tuesday, June 12, 2012

أقل من شهر على الخمسينية

أ‮.‬د‮ ‬فوزي اوصديق
العلاقة الجزائرية الفرنسية دائماً وأبداً ستكون علاقة عاطفية، مشحونة بالماضي، وأي تطلع للمستقبل يجب أن يبنى عليه بحكم "التركة" وليس "الإرث" الثقيل، وملفات منذ الثورة التحررية لم تغلق بعد، وهي عديدة ومتنوعة في مسار التحرر، بعضها تتقاطع بالمصطلحات القانونية الحديثة المقننة، والتي لا تتقادم مع مرور الزمن والمكان، قد تدخل في خانة جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.. ويكفينا أن نتساءل عن أحداث ومجازر من الثامن من ماي، وآلة الحرب الفرنسية التي استعملت أنذاك في الجزائر، من وسائل وأساليب سلاح غير تقليدية، ودون ان ننسى رڤان الشاهدة على التجارب النووية وما خلفته من آثار سلبية على البيئة والأشخاص. فالأحداث مازالت شاهدة على الانتهاكات الجسيمة.
هذان الحدثان وغيرهما تستحق الإعتذار والتعويض والإنصاف من فرنسا الرسمية، بدلاً من التمجيد والزجر لكل من يسيء لفرنسا الاستعمارية... وعليه ننتظر في كلا الضفتين قراءة عقلانية وقانونية لـ "أحداث الجزائر"، بالمفهوم الفرنسي، وللثورة المجيدة المخلدة بالمفهوم الجزائري...
فالكفة بلا شك ولا ريب ستكون للجزائريين، فمواثيق الأمم المتحدة وغيرها من الأدبيات أقرت بالاختيار الحر للشعب لطبيعة النظام السياسي، فالجزائريون اختاروا بالبندقية والمفاوضات في ايفيان أن يكونوا جزائريين أحرار، وليس جزائريين من الدرجة الأولى أو الثانية، أو اتباعا فرنسيين.
إلا أنه بعد خمسين سنة نتساءل مجددا، هل استقلينا فعلاً، واسترجعنا سيادتنا،؟!! أم حصلنا على الاستقلال دون السيادة الكاملة؟! يبدو أن الفرضية الثانية، أقرب إلى الواقع، فلم نستطع مثلاً ـ مع برلماننا السابق ـ إخراج قانون يجرم الاستعمار وأعماله، وفي المقابل استطاع الفرنسيون أن يخرجوا "قانونا" بمجد الاستعمار!
كما لم نستطع أن "نكتب" تاريخنا بعيداً عن الدوائر الرسمية، بمرارته وحلاوته، وهم استطاعوا أن يجعلوا "مراجعهم" وثائق في قراءة التاريخ وكتابته بالجزائر؟!
فالتساؤلات عديدة ومتنوعة، وبالأخص نحن على مشارف الاحتفالية بالخمسينية، فالبعض أراد أن يجعلها احتفالية بالأكاليل، وقراءات الفاتحة، وتدشين التسميات.. وإن كانت هذه الكميات ضرورة لتخليد الثورة وشهدائها، ولكن ليست هي الأساس والمحور، فالأساس هو استرجاع السيادة الكاملة، من خلال استرجاع الأرشيف "المصادر" و"الموقوف" في المتاحف، والأرشيف الفرنسي.. السيادة الكاملة هو استرجاع رفات العديد من أصحاب المقاومة، والتي لم تحترم ذاتيتهم، وحرمة أجسادهم، باستعراض جماجمهم.
السيادة الكاملة تكون من خلال الندية في التعامل مع ملف التعويض والاعتراف...
فالخمسينية مناسبة "ماسية" لاسترجاع السيادة الكاملة ـ ومناسبة للإعلان عن قرارات جريئة، تمجد الماضي، لبناء المستقبل، وبدونها كلها مسكنات وإطالة لعلاقات "عاطفية" مبنية على "النفاق" من طرف فرنسا الرسمية...
فهل نكون في مستوى الحدث، أو خارج الحدث، للإجابة ننتظر أقل من شهر يمكن إيجاد ملامح عن هذه التساؤلات؟! والمجد والخلود لشهدائنا.