Monday, June 11, 2012

زهرة والظفيري

جمال زويد
في أواخر العام الماضي ٢٠١١م تم إعلان وفاة المواطنة البحرينية زهرة صالح محمد رحمها الله حينما كانت عائدة من عملها إلى منزلها وتصادف خروج عدد من الأشخاص بمنطقة الديه في مسيرة غير مرخص لها، حيث قاموا بارتكاب أعمال شغب وتخريب، وإلقاء الأسياخ الحديدية التي طاش أحدها ليصل إلى مقدمة رأس زهرة التي كانت تسير حينذاك متجهة إلى منزلها.
على الفور استلمت خبر الوفاة (الماكينة) الإعلامية التي تعرفونها، قنوات الكذب والفتنة و(الدكاكين) الحقوقية، أيضاً التي تعرفونها، أشاعت الخبر وحولته إلى عملية اغتيال وقمع قامت بها قوات الأمن، ونشرت شريط فيديو يُظهر الشرطة وهم يحملون أسياخ، فندته وزارة الداخلية فيما بعد، وبينت أنه شريط قديم لا علاقة له بالواقعة، لا زماناً ولا مكاناً.
كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق للمتاجرة باستشهاد زهرة واعتبارها من (قرابين) ثورتهم، وكان يمكن أن يكون تشييع جنازتها مظاهرة أخرى تُستغل في الضغوط المطلبية وتحدث فيها التجاوزات و(الاختراقات) والخروج عن أهداف المسيرة أو الاعتصام، بحسب ما اعتدنا عليه. ربما كانت هنالك تحضيرات لإضافة موتها إلى أوراق وقراطيس يجري تداولها في بعض العواصم الغربية كأدلة على ما يسمونه إجرام الدولة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وخاصة أن مشهد قطعة الحديد (السيخ) مغروساً في رأس زهرة تتفطّر له القلوب وينبئ عن فظاعة ووحشية تتيح فرصاً أكثر للنواح والاستقطاب.
غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وفجأة توقف الكلام عندهم عن زهرة، توقفت استعدادات وتحضيرات المتاجرة بجثمانها ووفاتها، حُذف كل شيء عنها في أدبياتهم ونشراتهم، وخلت قنواتهم الفضائية من أي إشارة إليها. لا لشيء سوى أن زهرة «طلعت سنية»!
اليوم سيحتضن الثرى جثمان الشاب الشهيد أحمد سالم الظفيري الذي قضى نحبه مغدوراً به إثر قيامه بمحاولة إماطة عدد من الإطارات التي يتم حرقها فانفجرت في جسده الطاهر قنبلة أحدثت به إصابات لم تمهله طويلاً حتى غاب عن دنيانا وهو لم يكمل العشرين من عمره وترتفع روحه إلى بارئها ويكون دمه بمثابة فضح لسلمية طالما زعموها.
ويكون كذلك صمتهم عن استنكار قتله، بل صمتهم حتى عن إعلان وتقديم تعازيهم فضيحة لطائفية حركتهم تُضاف إلى سجلهم في الاستنكار والتنديد بعدد من حوادث القتل في بلدان أوروبية بينما تنخرس أقلامهم وتتوقف ألسنتهم أمام مجازر ومذابح في سوريا يندى لها جبين الإنسانية، لا لشيء سوى ذات سبب صمتهم وسكوتهم هنا عن مقتل زهرة والظفيري عليهما رحمة الله.