Thursday, May 3, 2012

لصوص الثورات العربية.. إيران وتركيا

ثلاث دول على رأس الدول الأجنبية التي حاولت وتحاول سرقة الثورات العربية هي ايران وتركيا وأمريكا.
بطبيعة الحال، هناك خلافات كثيرة بين مشاريع الدول الثلاث في المنطقة، وبين خططها وأهدافها الحالية والاستراتيجية، لكن يجمع بينها أمران:
الأول: انها حاولت وتحاول ان تنسب إلى نفسها دورا وفضلا في هذه الثورات العربية، ليس لها أبدا.
والثاني: انها تعمل على استغلال نتائج هذه الثورات والاوضاع التي افرزتها في الدول العرية المعنية وفي المنطقة بشكل عام، لحساب مشروعها الخاص في المنطقة. هذا مع الاختلاف في طرق هذا الاستغلال وأساليبه.
فيما يتعلق بإيران، معروف كيف حاول النظام الإيراني في البداية ان يروج لادعاء عجيب مؤداه ان الثورات في دول مثل تونس ومصر استلهمت الثورة الإيرانية والنموذج الإيراني.
وبالطبع، لم يكن هذا الادعاء ليلقى أي آذان صاغية لسبب بسيط، هو ان النموذج الإيراني ليس بالنموذج الذي يحب أي ثوار استلهامه أصلا. ومنذ البداية، رد الثوار في ميدان التحرير بمصر بحزم على هذا الادعاء الإيراني، وأعلنوا ان المجتمع الإيراني هو المدعو أصلا لأن يتعلم من الثورة المصرية.
في وقت لاحق وفي محاولة يائسة للترويج لمثل هذا الادعاء، وجه المرشد الإيراني خامنئي خطابا طويلا بالعربية أسمته وكالات الأنباء الإيرانية «الخطبة العربية لخامنئي». وفي خطابه، ردد نفس الادعاء، وحاول ان يقدم «نصائحه» الى الاحزاب والقوى الثورية العربية. وقد كان أمرا ملفتا وبالغ الدلالة ان احدا من المعنيين من الثوار والأحزاب لم يستمع الى خطابه أصلا او يلتفت إليه، وتجاهله الكل ولم يعلق عليه احد ولو بكلمة واحدة.
غير ان اخطر ما فعلته وتفعله إيران في محاولاتها سرقة الثورات العربية، أمران:
الأول: هو احتضانها ودعمها المعروف للقوى الطائفية المتطرفة في البحرين بوجه خاص، في محاولة لاستغلال مناخ الثورات العربية في المنطقة لتمرير مخطط طائفي انقلابي يستهدف نظام البحرين واستقلالها وعروبتها.
والثاني: محاولاتها اختراق الدول العربية التي اندلعت فيها ثورات، وبالأخص في مصر، وضمان ولاء قوى سياسية وشخصيات عامة، بالمال أساسا. وسوف يأتي يوم على أية حال، وتتكشف فيه تفاصيل محاولات الاختراق هذه.
أما عن تركيا، فهي حاولت ان تستغل الثورات العربية وتؤثر على نتائجها بطريقة مختلفة.
حاولت تركيا ان تقدم نفسها باعتبارها النموذج الرائد الذي يجب ان تحتذيه الدول العربية التي اندلعت بها الثورات. وفي التفكير التركي ان الأخذ بنموذجها سوف يعطي لدورها الاقليمي زخما ويجعلها في موقع ريادي في المنطقة.
غير ان هذه المحاولة كان مقدرا لها الفشل بالضرورة لسبب بسيط, انه أيا كان التقدير للتجربة التركية في الحكم والممارسة السياسية وبناء الدولة، فهي تجربة تخص تركيا بظروفها التاريخية وبأوضاعها السياسية والاجتماعية الخاصة. وهي، كأي تجربة اخرى في الحقيقة، غير قابلة للاستنساخ في أي بلد عربي، حيث لكل بلد ظروفه وأوضاعه الخاصة.
وقبل أيام، قال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو كلاما عجيبا أمام البرلمان التركي.
قال ان تركيا «مصممة على ان تقود موجة التغيير في الشرق الأوسط» وانه «يتشكل شرق أوسط جديد وسنواصل قيادته».
وزير الخارجية التركي يقول صراحة ان تركيا هي التي تقود التغيير في المنطقة. ولسنا نعرف في الحقيقة ماذا يعني بالضبط، ومتى قادت تركيا التغيير في المنطقة أصلا، وما هو دورها بهذا الشأن.
الأمر كما ذكرت ان تركيا من جانبها تحاول ان تنسب إلى نفسها فضلا ليس لها في التطورات التي تشهدها المنطقة.
أما إذا كان الوزير التركي يشير بهذا إلى موقف تركيا ودورها في الأزمة السورية على النحو المعروف، فإن هذا الموقف التركي من التطورات في سوريا، وبغض النظر عن موقفنا نحن من الأزمة، هو في حد ذاته يثير الشكوك والشبهات حول أطماع تركيا في سوريا وفي المنطقة عموما.
وبشكل عام، يمكن القول ان محاولات ايران وتركيا استغلال التطورات في المنطقة التي ارتبطت بالثورات العربية محكوم عليها في نهاية المطاف بالفشل. سبب ذلك انه مع الفوارق بالطبع، فان ايران وتركيا لدى كل منهما مشروعها الخاص في المنطقة، ومشروعهما هو بالضرورة على حساب المشروع العربي، ومن ثم لا يمكن ان يكون مقبولا. وهذا هو ما تدركه الأغلبية الساحقة من القوى السياسية العربية
والشعوب العربية لم تقم بثورات أو تتطلع الى التغيير من أجل ان تسلم مقاليد المنطقة العربية إلى إيران أو تركيا.
أما عن أمريكا ومحاولتها سرقة الثورات العربية، فهذا هو موضوع المقال القادم بإذن الله.