Thursday, May 3, 2012

مصر التي بين الديمقراطية والفوضى

إذا كان هناك من يرى أن الثورة المصرية ناقصة وغير مكتملة فإني أراها أيضا غير ناضجة، وإذا كان التغيير يستهدف بنية الدولة المصرية والقفز على السياسات الخاطئة للنظام السابق فالتالي لم يكن أقل سوءا من واقع الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها مصر التي كانت النموذج بالنسبة للشعوب العربية في مرحلة تاريخية سابقة، وقد اتفق مع كثيرين يرون أن مصر فقدت دورها الريادي في محيطها العربي بسبب جملة من الأخطاء التي ارتكبها النظام السابق وعمقتها الثورة الحالية التي وجد فيها البلطجية موطئ قدم تحت شعارات الديمقراطية للتعبير عن سلوكياتهم الرخيصة على نحو استهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية.
وفي الحقيقة ليس هناك ما يبرر التظاهر ومحاولة الإساءة للسعودية عبر سفارتها وقنصلياتها واستكتاب بعض ذوي الغرض للنيل من المملكة وقيادتها، وأيا كانت الدوافع للتفكير في عمل مسيء فإن ما يربط بين الشعبين أكبر من محاولات قلة أو شرذمة لا تعي طبيعة العلاقات القوية بين البلدين ودورهما المؤثر والفاعل في المنطقة، والتقليل من احترام المملكة يخدم أجندة خاصة وسلبية ينبغي أن يعيها غالب الشعب المصري ولا يسمح لهؤلاء بتخريب العلاقات في أي مستوى كان، وإذا عمد البلطجية للتصرف بهذا الشكل المسيء دون حساب وتحت غطاء الديمقراطية فذلك يعني أن هذه الديمقراطية تعبير عن الفوضى ومرادف حقيقي لها.
لنسلم جدلا بأن هناك من يرى، صائبا أو مخطئا، أن لديه نظرة سلبية تجاه المملكة، فهل يكون التعبير بالتهديد والتخريب؟ ثم انه إذا كان الدافع الرئيسي لذلك هو قضية المحامي الجيزاوي، وهو من يفترض أنه رجل قانون، فقد سب الرجل القيادة السعودية ونال من المملكة ودخل البلاد بشحنة حبوب مخدرة يعلم مسبقا عقوباتها وتجاوزها لأنظمة وقوانين بلادنا، وهي جريمة ينبغي ألا تصدر من رجل قانون، وبثبوتها عليه فهو مجرم ويخضع لقانون بلادنا وليس أي قانون، ولذلك فإن محاولة الانتصار الرخيص له على حساب بلادنا ونظامها يعتبر جريمة أخرى يقوم بها أولئك الذين استهدفوا السفارة والقنصليات، وليس في الأمر ما يوجب التظاهر إلا فقط لاستنكار فعل الرجل والذي يسيء للشعب المصري قبل النظام والقانون سواء في المملكة أو مصر.
جريمة الجيزاوي لا تخرج عن السياق الجنائي العادي ولا تحتاج الى كل تلك الفوضى التي حامت حول بعثاتنا الدبلوماسية، وما تسببت فيه من أزمة عابرة ستزول عندما يعود الفوضويون الى رشدهم وكف أذاهم عن المملكة، فالعلاقات أكبر من أن تخضع لتصرفاتهم وسلوكياتهم ولكن كان لابد من حزم يضع الأمور في نصابها ، والجيزاوي سيحاكم وفقا للقوانين السعودية فهو أساء التصرف وارتكب جرما بينا ولم يحترم النظام، ولن يوقف إجراءاته عائق من فوضى جماهيرية أو خلافها فهو ليس أكبر من النظام والقانون، وبالنسبة للعلاقات الدبلوماسية فهي تقدير كامل للقيادة السعودية، وبالنسبة للنظام فهو يسري على الجميع ولا يمكن أن يقفز عليه كائنا من كان.