Thursday, May 3, 2012

أكذوبة الحياد في الإعلام الغربي

بثينة خليفة قاسم

الإعلام الغربي الذي يسكت عن المذابح التي تنفذ ضد الفلسطينيين ويصف المقاومة الفلسطينية بالارهاب هو نفسه الذي يغض الطرف عن قضية مئات الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، رغم أنهم معتقلون إداريا دون محاكمة، ويضخم قضية مواطن بحريني يقضي عقوبة حكمت بها محكمة بحرينية.
قتل امرء في غابة جريمة لا تغتفر  وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر.
هذا هو شعار الإعلام الغربي الذي ينحاز ضدنا على الدوام.
نحن لا نقول كلاما مرسلا أو اتهامات بلا دليل ولكننا ننقل عن دراسة صدرت عن مركز بحثي معروف تكشف مدى الظلم الذي مارسته وسائل إعلام غربية لها اسمها في عالم الاعلام الغربي على البحرين.
الدراسة صدرت عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية تحت إشراف الدكتور عمر الحسن مدير المركز، وهي عبارة عن دراسة مقارنة تقوم بتحليل مضمون كمي وكيفي لما نشرته وسائل إعلام بريطانية حول شخصين عربيين مضربين عن الطعام، أحدهما عبدالهادي الخواجة المواطن البحريني الذي يقضي عقوبة السجن التي حكمت عليه بها محكمة بحرينية بتهمة الاشتراك في محاولة لإسقاط النظام الملكي في البحرين، والثانية هي الفلسطينية هناء شلبي المعتقلة دون محاكمة في سجون الاحتلال الاسرائيلي، والجميع يعرف بأي ذنب يحبس الفلسطينيون وبأي ذنب يقتلون.
ولا بأس أن نسلم جدلا أن قضية الخواجة وقضية هناء شلبي تندرجان ضمن قضايا حقوق الانسان كما زعمت الصحف البريطانية، رغم التباين المعلوم لكل من لديه حد أدنى من العلم والثقافة، لأن الأرقام سوف تنصرنا أيضا طبقا لما جاء في دراسة مركز الخليج، لأنها تكشف إلى أي مدى ظلمنا الإعلام البريطاني.
ولمن أراد أن يبحث الأمر بنفسه، فالدراسة تناولت ما ورد عن “الخواجة” في عدد (6) صحف هي: (التايمز، صنداي تايمز، فايننشيال تايمز، الجارديان، إندبندنت، وديلي تليجراف) خلال الفترة من 6-18/4/2012، وكذلك ما ورد في صحيفتين هما: (الإندبندنت، والجارديان) عن “هناء شلبي” خلال فترة أطول من 26/3/2012- 15/4/2012 (أي مدة أطول).
والأمر لا يتعلق فقط بعدد الصحف التي تناولت قضية هناء والخواجة ولا بالفترة الزمنية محل الدراسة، رغم الدلالة الواضحة لذلك، ولكن المواد المنشورة من حيث عددها وعدد الكلمات التي وردت ومن حيث نوع هذه المواد وعناوينها تفضح بشدة ذلك الانحياز الذي تمارسه صحف بريطانيا ضد البحرين.
فحالة “الخواجة” غطتها (35) مادة صحافية في مدة زمنية قدرها 13 يومًا من 6-18/ 4/ 2012 (وهذه المدة كانت هي الأكثر كثافة في تناول الصحف البريطانية لحالة إضرابه مقارنة بالفترة السابقة) بينما حالة “شلبي” غطتها (3) مواد صحافية فقط في 21 يوًما أي من 26/3-15/4/2012.
الدلالة واضحة ولا تحتاج إلى تعليق، وغدا نكمل التعليق على دلالات الأرقام، ونعرض للجانب الكيفي من تحليل المضمون لتلك الصحف لنبين مدى النفاق وعدم المهنية في تناول الصحف البريطانية كمثال أو عينة للاعلام الغربي بشكل عام فيما يتعلق بالبحرين.
حياد الاعلام الغربي كذبة انطلت على الكثيرين خاصة في عالمنا العربي، فالاعلام الغربي هو تعبير عن مواقف وأيدلوجيات وسياسات دول لها مصالح محددة، ولا يمكن لهذا الاعلام أن يخرج عما هو مرسوم له من خطوط حمراء، ولكننا كعرب دائما ننظر لما هو قادم من الغرب على أنه القدوة والمثل.
الصحف البريطانية اتخذت من قضية عبد الهادي الخواجة سببا لتشويه البحرين دون سند علمي واعتمدت على رسائل القراء والمعارضين ولم تشغل نفسها بالاصلاحات التي جرت في البحرين طوال عشر سنوات مضت، وافترت على قيادات البلاد دون سند سوى رسائل أبلغت إليها من بعض القراء.
وحتى لا نذهب بعيدا في  التعبير عن إحساسنا بالظلم بسبب ما اقترفته الصحف البريطانية المغرضة في حق بلادنا، نعود لما بدأناه بالأمس من تعليق على الدراسة الموثقة التي أصدرها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية حول موقف هذه الصحف من قضية عبد الهادي الخواجة البحريني وهناء شلبي الفلسطينية خلال تناول هذه الصحف لاضراب كل منهما عن الطعام.
وبعد الاشارة في عمود الأمس للنواحي الكمية ودلالاتها، نشير اليوم للنواحي الكيفية التي تبين أن كبريات الصحف البريطانية اتخذت من قضية الخواجة سببا لإدراج التظاهرات الطائفية في البحرين ضمن الربيع العربي، واعتبرت حالة الخواجة نموذجا قابل للتعميم فيما يتعلق بحقوق الإنسان في البحرين ،وأبت في الوقت ذاته أن تتخذ من قضية هناء شلبي سببا للحديث عن معاناة الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واعتبرت أن قضية هناء مجرد قضية فردية تخص هناء وحدها وليست صرخة شعب ضد الاحتلال الظالم.
إنني أدعو جميع المهتمين بالشأن السياسي والإعلامي وقادة الرأي وأساتذة الجامعات ورجال الإعلام أن يرجعوا لهذه الدراسة لمعرفة كيفية التناول الصحفي لقضية الخواجة وقضية هناء شلبي، ليروا كيف اختلفت العناوين وظلالها ومعانيها من قضية إلى أخرى وكيف كانت المساحة المخصصة ونوعية المواد الصحفية وحجم المغالطة التي وجدت في المواد التي أساءت للبحرين وقيادتها ولم تتعرض لممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين واكتفت بالإشارة العقيمة إلى القضية دون هجوم أو تنديد بهذه الممارسات، بينما استغلت كل مناسبة للنيل من البحرين وطمست إنجازاتها في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وخلطت بين الرياضة والسياسة، متخذة من فعالية الفورمولا سببا للتشهير وتضخيم ما يجري فيها بشكل عدائي.
إن المواقف التي يتخذها الرأي العام الغربي، بل التي تتخذها الدول وقادتها يعتمد بشكل أساسي على ما تعرضه وسائل الاعلام في هذه الدول ،وبالتالي تتخذ الكثير من المواقف الظالمة وتمارس الضغوط  وتمرر الأجندات استنادا لما تورده هذه الوسائل مهما كان الذي تقدمه مجاف للحقيقة.
كل الشكر والتقدير لمركز الخليج للدراسات الاسترتيجية ورئيسه الدكتور عمر الحسن على إمدادنا بهذه الدراسة العلمية القيمة.