Sunday, May 6, 2012

مَن يخدمُ الاستعمار

عبدالله خليفة
في الأوضاع المتأزمة الخطِرة المتصاعدة في الخليج قدمت الدكتاتوريةُ الإيرانيةُ خدماتٍ كبيرةً إلى الاستعمار، بجلبِ جيوشه وتمزيق لحمة الشعوب العربية والإسلامية، وتوسيع نهب الغرب لشعوب ودول الخليج.
عملية القمع الواسعة ضد الشعب الإيراني المترافقة مع خصخصة وإفقار للأغلبية السكانية والقبول بالحصار لإدامة مشاعر الفيتو الطائفي لدى جماهير البسطاء الإيرانيين، وأنهم مظلومون محاصرون من قبل الأعداء التاريخيين العرب والغرب، كلها مترابطة.
يقول أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الخارجية في الدوما الروسي: «إن إيران تستخف بمخاطر السيناريو العسكري لمواجهة مشاكلها وتكرر الخطأ الذي ارتكبهُ الرئيس الراحل صدام حسين من قبل».
لكنه في الواقع ليس استخفافاً ولكنه مأزق رأسمالية الدولة العسكرية ذات القومية الاستبدادية التي تساعدها روسيا الاتحادية والتي تعيشُ وضعاً مماثلاً بشكل أخف. إن ما فعله ستالين من تصعيد العامة المتخلفين وسلطنتهم على الأرض والعباد والدماء وضرب القوى الديمقراطية الماركسية والليبرالية وعسكرة الدولة هو ما فعله رجالُ الدينِ الشيعة الكبار والعسكر في إيران.
ولم تستطع روسيا أن تتخلصَ من ميراث ستالين بسهولة مثلها مثل صعوبة تخلص إيران من إرث الخميني، وقد احتاجت روسيا إلى عقود من تفكيك لم يصل حتى الآن إلى الجذور وإلى الهياكل العسكرية الاقتصادية الحاكمة الشمولية.
ومساعدتها لها وإمدادها بالقوى العسكرية هو الإرث المشترك لشموليتين خطِرتين على شعوبهما وعلى شعوب العالم.
إن فكرَ اليسار والليبراليين الديمقراطيين الذي سُحق في الشموليات القومية لكلٍ من روسيا وإيران هو الإرثُ الذي يجب أن يتصاعدَ في الجارين ويزدهر وأن ترحلَ جماعاتُ الاتجار بالسلاح والبشر عن مسرح التاريخ. منذ لينين إلى الآن في روسيا ومن الشاه الأب إلى ولاية الفقيه، إرثانِ شموليان خرّبا تطور بعضهما، وتتوجا بهاذين الشكلين العسكريين، أحدهما يبيعُ لأن صناعاته ضعيفة، والآخر يشتري لأنه لا يجد سوى المقامرة العسكرية سبيلاً للبقاء!
وإضافةً لمساعدةِ الشموليةِ الإيرانية للهيمنة الروسية العسكرية على الشعوب، فإنها قدمتْ الخدمات الكبيرةَ للاستعمار الغربي، فهي مرتكزةٌ على فكرة التقوقع القومي المذهبي المشكل باستبداد فهي تسددُ الأقساطَ لقوى الاستعمار من لحوم الشعوب في المنطقة.
لقد قادت الضغوطُ الإيرانيةُ وعملياتُ التسلح المكثفة فيها ونشر الصواريخ ونشر القوات المسلحة على السواحل وفي الجزر العربية، دولَ الخليج لقطعِ الكثير من أموال الشعوب للصرف على مشروعات عسكرية هائلة للجانب الأمريكي وخاصة والغربي عامة.
من أخطر المشروعات المكلفة مشروع الدرع الصاروخية غير المتفق على نشره لضخامة تكاليفه واختلاف الدول الخليجية على من يشرف عليه.
(روبرت جوردون السفير الامريكي السابق في الرياض قال لرويترز: إن مجلس التعاون الخليجي هو منظمة منقسمة على نفسها بشكل عام. لم يتمكنوا من الاتفاق على عملةٍ مشتركة ومن النادر أن يحصل بينهم توافق حقيقي، وقال دبلوماسي يعمل في منطقة الخليج أن الأمريكيين سيشرفون على أي درع دفاعية لدول الخليج وهذا يجعل بعض الدول وخاصة السعودية تعيدُ التفكيرَ بشأن المشاركة، وأضاف: يريد الأمريكيون النظام لأسبابهم وتقييماتهم الدفاعية الخاصة لكنهم يريدون أن تدفعَ دولُ الخليج ثمنه وأن تستضيفه.
وبدأت إقامة درع صاروخية في الخليج خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وتسارعت الخطى خلال عهد الرئيس باراك أوباما الذي أدخلتْ إدارتُهُ عقوبات أكثر صرامة على إيران
ويمكن أن يُعمل نظامٌ للإنذار المبكر مع السفن الحربية والمدمرات التابعة للبحرية الأمريكية المزودة بنظام أيجيس للصواريخ) جريدة الزمان العراقية، ٢ مايو ٢٠١٢
إنها ملياراتٌ غيرُ محسوبة عبر هذا النشاط الزاخر، أي هي نفقاتٌ هائلةٌ على حساب الناس، والدولُ الغربية التي تستطيع خلال أسبوع واحد لا غير أن تهرسَ المشروعَ النووي الإيراني والجيشَ والحرس معاً، لديها خططها هي الأخرى لحلب دول الخليج على مراحل طويلة. صواريخ وطائرات ودرع صاروخية، ومشروعات أخرى مكملة ونفقات فلكية، من أجل أن يوضع حد لمجموعات عسكرية لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تفعل شيئاً تجاه القدرات الغربية الهائلة.
الكثيرون يشتغلون على ابتزاز واستغلال الثروة البترولية في الخليج، وتقدمُ لهم الحكومةُ الإيرانيةُ كلَ المبررات، وتستغل شبكتها العنكبوتية الطائفية السياسية لشل المجتمعات العربية عن التطور الديمقراطي والتوحد وتوجيه الموارد نحو التنمية.
هي ليست مؤامرة مشتركة بل هي اختلافات في السير السياسي الاجتماعي للبلدان الشرقية الشمولية عن نظيراتها الغربية حيث دكتاتوريات الشركات العابرة للقارات وشركات النفط والسلاح، وكذلك مصالح الإدارات الحكومية في أمريكا والدول الغربية الأخرى تتضافر لاستنزاف الموارد العربية الخليجية، حيث يتنامى مشروعُ الدرع الصاروخية المكلف وبقية شبكة الرعب مع إدارة أمريكية تريد التجديد لنفسها، وتضرب من بعيد بعد حلب واسع للمليارات الخليجية.
لا يسع دول الخليج سوى الاعتماد على القدرات الغربية وقد وضعتهم المؤسساتُ الإيرانية في هذا الموضع الصعب الخطِر.