Sunday, May 6, 2012

جمال عبد الناصر ودرس الإخوان المسلمين

حمد الهرمي
منذ النصف الاول من القرن الماضي والاخوان المسلمين يخططون ويهندسون مستقبلهم كتيار مسيطر على انظمة الحكم في العالم العربي وقد اقتنعوا قناعة تامة انهم لن ينالوا اغلبية الشعب لذا كانت الاستراتيجية تقول بانهم سيأتون على خلفية ثورات تجتاح المنطقة باعتبارهم التيار الوحيد ذو الجاهزية القادر على ادارة مرحلة الغليان الشعبي والفوضى، وقد اعتقد الاخوان ان ثورة جمال عبدالناصر والضباط الاحرار في خمسينيات القرن الماضي هي اللحظة الموعودة فبادروا بدعم الضباط الاحرار عن طريق انور السادات، على امل ان يقوم بالثورة مجموعة من الضباط ثم ينقضوا على السلطة ما ان تأتي لحظة العمل السياسي.
كان جمال عبدالناصر واعيا تماما لتلك الطموحات وكان يعرف بحسه كقائد ان هذا التيار ليس له صديق ولا يمكن معرفة حدود تطلعاته، فلم يصدق تمثيل الإخوان  بالخنوع له بحيث يتوهم انه يسيطر عليهم ويحتويهم كما طرح بعض السياسيين لدينا حينما وجدوا الاخوان يتحركون بطاعة عمياء لهم ويوهموهم بانهم عبدة اموال وتسيطر عليهم الطموحات الشخصية في الجاه والمناصب، حينما عرف الاخوان ان لا فائدة مع جمال عبدالناصر وان خططهم معه فشلت فشلا ذريعا عادوا الى خندقهم للعمل على خلق فرصة جديدة تهيئ الى دفع الشارع للغليان وبدء ثورة جديدة تطرحهم خيارا وحيدا للسلطة.
ما اسرده احداث تاريخية لم يمض عليها اكثر من خمسين عام اي ان كل السياسيين في المنطقة يعرفون ان الاخوان هم ذاتهم الاخوان وحدة واحدة من المحيط الى الخليج من مصر الى آخر منطقة عربية، فلماذا توهم بعض السياسيين لدينا بانهم اذكى واكثر عبقرية سياسية من القائد جمال عبدالناصر وطرحوا فكرة لنحتوي الاخوان المسلمين ولنقربهم قبل ان يحتويهم غيرنا، وكأنه يتحدث عن مجموعة من الماعز او الجمال الشاردة؟ لماذا لم يهتم السياسيون العرب بقاعدة الاخوان الغاية  تبرر الوسيلة؟ كل من قال انه سيحتوي الاخوان انما هو جعل نفسه وسيلة سهلة في يد الاخوان وليس العكس.
شخصيا لست ضد ان يمارس الاخوان المسلمين نشاطهم السياسي فتلك هي الديمقراطية لكنني ما اود الاشارة له هو  ان تقريب الانظمة للإخوان المسلمين هو السبب الرئيسي في الكوارث العربية الاخيرة والتي اطلق عليها الاخوان تسميات عجيبة مثل الربيع العربي او الفوضى الخلاقة وغيرها من التسميات التي اشاعوها عن طريق تيارات واحزاب غير احزابهم لانهم لا ينظرون الى مكاسب على صعيد الوجدان العربي بل هم لا يريدون غير كراسي الحكم، وهذا ما حدث بالضبط في مصر وتونس وسبقهم الى ذلك فلسطين وفي الطريق سوريا والخطر محدق بالبحرين بعد سقوط الوزارات وزارة تلو الاخرى في ايديهم ناهيك عن مفاصل الادارة في السلطة التشريعية.
من يعتقد من القيادات المحلية او العربية بانه اذكى من تيار الاخوان المسلمين سواء محليا او عربيا فانه وقع في فخ الاخوان بجدارة وغرق حتى اذنيه في الوهم، وان كل تصرفاته ستكون جزء من رؤية وضعها الاخوان كطريق سريع وآمن لبلوغ الكراسي التي تجعلهم على مشارف حلم الاخوان المسلمين الاصلي وهو السيطرة على قرار العالم العربي والاسلامي بمقدراته وامكانياته، منطقيا هكذا تفكر التيارات العابرة للحدود، فعلى سبيل المثال لو وجدنا مجموعة من البحرينيين يؤسسون تيارا اسمه الوفد وهو على صلة وثيقة بحزب الوفد في مصر ماذا سنقول عن اهداف هذا التيار، كذلك شأننا مع  الوفاق كلنا اليوم بعد تصريحات القيادات الايرانية ومبالغات القنوات التلفزيونية الايرانية في زرع واشاعة الاكاذيب عن البحرين وتحويل قيادات الوفاق الى ابطال واصحاب ثورة، اصبحنا نقول بان الوفاق ما هي الا ممثل للأطماع الايرانية في السيطرة على الحكم في البحرين، ربما ليس صحيحا لكن المنطق السياسي يقول ذلك تفسيرا لسلوك ايران والوفاق في ذات الوقت.
ربما لا ابالغ حينما اقول بان الانظمة العربية بسبب تذاكيها وقعت في اخطاء غبية لا يمكن غفرانها حيث تركت للإخوان المسلمين الابواب كلها مفتوحة - تحت وهم احتواء قيادات الاخوان- لتعبأة الاجواء وتركها محتقنه تنتظر فرصة صغيرة لتنفجر، واحدى الجارات الشقيقات ضمنت لهذا التيار اداة اعلامية نافذة، كما هيأت للإخوان عن طريق كبيرهم الذي يقيم في هذا البلد الصغير خط مفتوح مع امريكا التي لا تهتم سوى بمصالحها وبمن سيضمنها لها باقل الاثمان والاخوان المسلمين لا احد يتقول عليهم بل مرشدهم من قال ان الغاية تبرر الوسيلة فاذا كانت الوسيلة التحالف مع امريكا لبلوغ غايتهم الكبرى فليكن ذلك.
لا شك في ان هذه الدولة الشقيقة الصغيرة ستكون لقمة سائغة للإخوان المسلمين بعد ان ينتهوا من مشروعهم الكبير في العالم العربي والاسلامي وبعد ان يقضوا وطرهم منها ويستفيدوا من الجانب الاعلامي والجانب المالي السخي الذي يتم توفيره لهم،  سيفترسون هذه الدولة ببساطة عبر دعوات شعبية بانها تقف خلف الكوارث والفوضى التي حلت بدولهم وقد بدأ هذا الكره في تونس ومصر يتضح يوما بعد يوم حينها لن تجد هذه الدولة ملاذا او نصيرا، وستجني نتيجة اوهام السياسيين باحتواء الاخوان المسلمين وكفاية شرهم عن دولتهم، هل يعقل ان يطمع الاخوان المسلمين في مصر وتونس ولا يكون لديهم ادنى اطماع في السعودية والكويت وقطر والبحرين والامارات؟
رصدت كل ما له علاقة بتحرك الاخوان خلال الفوضى الخلاقة والربيع العربي الذي يطلق عليه الاخوان مرحلة القطاف، وجدت اشياء عجيبة وبدعم صريح من الانظمة العربية وكأنه اصاب عيون سياسينا العمى عن ضلوع الاخوان في التخطيط لكل ما يدور فتنهال عليهم المكافآت المالية والناصب وكان آخرها في البحرين حيث خلقت وزارات خاصة لتقربهم من النظام، مع اعتقاد غير حصيف بان هذه المناصب عبارة عن وزير بلا وزارة فلا اثر سلبي على الدولة او النظام... هذا وهم انتبه له جمال عبدالناصر مبكرا فلماذا لا نستفيد من درس القائد؟.. للحديث صلة.