Sunday, May 6, 2012

الثورات.. ومأزق الانتقال للديموقراطية

يوسف الكويليت
كثر الجدل حول الثورات العربية، البعض رآها مبادرات من شباب لا ينتمون لتنظيم أو حزب أو تحركهم جهات أجنبية، وأن الأحزاب والمنظمات الراسخة التنظيم هي التي جنت الفائدة، واستطاعت أن تهيمن على الانتخابات البرلمانية، أو الحكومية، وأن من قاموا بهذا الدور ظلوا خارجها تماماً، وقد تحولوا إلى صوت خافت في صخب القوى المحلية الأخرى..
الاستقرار، أم الفوضى؟ السؤال المطروح على دول الربيع، فكل هذه الدول تعاني اقتصادياً وأمنياً، والتدخلات الخارجية موجودة، سواء دولية أو إقليمية أو عربية، فدول المغرب ممن لم تتعرض لعواصف الثورات، تخشى انتقال العدوى إليها، لكن الحالة القائمة ربما لا تجعل الخطر قادماً، إذا عرفنا أن تونس لا تزال في حالة تجاذب وعدم استقرار، وليبيا تمرّ في وضع أكثر حرجاً قد يؤدي إلى التقسيم..
وفي المشرق تمرّ الظروف بنفس الإيقاع، وعدا سورية التي انتقلت القضية بها من وضع داخلي، إلى نزاع دولي، فالمستقبل ضبابي وسط قتال شرس بين جيش السلطة والجيش الحر، والميدان مفتوح لمفاجآت قادمة، وعموماً فالحالة الراهنة قلبت التوقعات، أي أن الاحتفال بإسقاط الأنظمة الدكتاتورية لم يعد غاية، لأنها بحكم المنتهية، لكن مخلفاتها بقيت تضغط على الحياة العامة، سواء من بقي من مناصري السلطات القديمة، أو من حاول جني مكاسب من حالة عدم التوازن، وهذا ما يخيف المحللين السياسيين أن المرور من الدكتاتورية إلى الديموقراطية وفي بلدان تعمها البطالة، والتدهور الاقتصادي ونضوب الموارد الخارجية، ستجعل الأولويات للأمن والخبز والوظيفة، بينما القوى المتصارعة على السلطة تطرح مشروعات على الورق دون تحليل الواقع من أوجهه المختلفة، مما سيحدث صدمة في الشارع العام إذا ما وجد أن الواقع بدأ يأخذ مساراً لا يلبي الاحتياجات الأساسية..
هناك دول على خط النار، فالسودان يعيش حالة حرب مع جنوبه الذي انفصل عنه وكل يتحدث عن ذرائعه، وحالة الاقتصاد في البلدين أسوأ مما كان، وربما يصعب إيجاد حلول تنهي الصراع، وتبدأ التجاور السلمي، لأن الاحتقان الذي تركته سنوات الحرب الطويلة لا يزال يخيم على العقل السياسي بكلا البلدين، وعدم تحديد الحدود وإنهاء إشكالاتها فالدروب وعرة إن لم تكن غير سالكة على المدى البعيد..
في العراق تدور لغات التخوين والحكم الدكتاتوري، والفساد وتمكن إيران من القبض على العصب السياسي والاقتصادي، وهذا يرشحه إلى خلق فوضى، ومع أن كلاً من العراق والسودان ليسا طرفين فيما حدث بدول الربيع، فإن حالتهما تدخل ذات النفق..
الديموقراطية تحتاج إلى مناخ وأدوات ووعي وإمكانات اجتماعية ومادية تُهيئ لدورة الانتقال من حال سابقة إلى ظرف جديد، ولا نقول هناك تشاؤم من النجاح، لكن هناك مخاوف بدأت تبرز تطرح أبعاداً لم تكن بذهن من احتفلوا بهذه الثورات، والخشية أن يحدث فراغ كبير يُلجئ العسكر أن يكونوا البديل، بدلاً من تردي الأوضاع وانفجارها.