Monday, May 21, 2012

الحاجة للاتحاد ليست خليجية فقط

عبدالله الكعبي
الرافضون لاتحاد دول الخليج العربي الذين تقودهم إيران، لا يعترضون على شكل الاتحاد الخليجي وإنما يرون أن هذا الاتحاد سيشكل نواة لعالم جديد ومختلف لا تتناسب أرضيته مع المخططات التي يجري تنفيذها على قدم وساق لابتلاع هذه الأرض وشعوبها من قبل أن يفيق أحد ويقف في وجه هذه العصابات التي استغلت الغفلة والسبات العميق الذي كانت تغط فيه دولنا العربية.
أثبت الحراك العربي الأخير أن جل الدول العربية غير الخليجية تعاني من مشاكل كبيرة ساهمت في تحويل هذه الدول إلى مجرد أشكال من المؤسسات القديمة غير المتناسب بنيانها مع ما وصل إليه العالم من تطور وتقدم ولا تمتلك اقتصاد قادر على المنافسة أو تلبية الحد الأدنى من متطلبات الشعوب العربية التي تحول معظمها إلى ما دون خط الفقر بالرغم من الثروات الكبيرة التي كان من المفترض أن تمتلكها هذه الدول.
أسباب هذا التخلف الذي سيطر على المشهد العربي طوال السنوات الأربعين الأخيرة يتنوع من بلد إلى آخر وإن كان هناك قواسم مشتركة بين هذه الدول يمثلها الحكم الشمولي الذي فرضته الأحزاب الحاكمة التي حولت الجمهوريات إلى مؤسسات خاصة تديرها بمعرفتها ومعرفة المقربين منها ومن ثم اللعب على قوانينها التي أصبحت تسمح بالتوريث مثل ما جرى في سوريا وكاد أن يحدث في مصر واليمن وليبيا. هذه السيطرة المطلقة التي مارستها الأحزاب الحاكمة كانت سبباً في إهدار ثروات بلادنا العربية التي لم تستفد من كل الخيرات التي وجدت في باطن أراضيها أو من الأنشطة الاقتصادية التي كان من المفترض تطويرها وتنميتها على غرار ما فعلت بقية دول العالم. كما أن الصراعات والنزاعات الحدودية التي ابتليت بها بلداننا العربية أجهزت على ما تبقى من ثروات ذهبت لتغذية هذه الصراعات التي عملت على إيقاف عجلة التنمية وتحطيم كل الأحلام الرامية إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في الزراعة والصناعة التي أصبحت مجرد خطط على الورق ولا مجال لتنفيذها.
دولنا العربية التي افتضح أمرها بعد تلك الثورات لم يعد أمامها خياراً آخر غير العمل على الخروج من أزماتها الكثيرة والتي تتطلب مجهودات جبارة نظراً للإرث الثقيل الذي تركه زعماء الحقبة الماضية. وعلى رأس تلك الأزمات تأتي أزمة التمدد الإيراني في دولنا العربية الذي كان في عهد الحكومات السابقة يعمل متخفياً وبسرية تامة وتحول الآن إلى العمل المكشوف الذي يحاول أصحابه كسب كل ما يمكن استمالته من هذه الشعوب التي أصبح المال محركاً رئيسياً لها بعد أن عانت طويلاً من الفقر والعوز نتيجة السياسات السابقة التي مارستها الأحزاب الحاكمة في تلك الدول.
الاتحاد الخليجي الذي ينوي أصحابه إعلانه في القريب العاجل لا اعتقد أنه مهم فقط لدول الخليج العربية وإنما هو أكثر أهمية لبقية الأقطار العربية التي إن ظلت على هذا الحال فسيسهل ابتلاعها الواحدة تلو الأخرى خصوصاً وأنها أصبحت الآن مشرعة الأبواب ومفتوحة على كل الاحتمالات التي من بينها العمل على تحويل اتجاهات تلك الدول لصالح رفض تحول الدول الخليجية من مجلس للتعاون إلى اتحاد كامل حتى وإن كانت نوايا ذلك الاتحاد أصدق من أي نوايا أخرى تحاول اللعب على الأرض العربية.
الصراع الإيراني الخليجي حول الاتحاد ليس صراعاً فردياً أو إقليمياً لعلم إيران الأكيد أنها لن تستطيع اختراق هذه المنظومة التي يعي أهلها خطر التوسع الإيراني وكل المخططات التي تعمل إيران على تسويقها، وهي بالتالي محصنة ضد الدعايات الإعلامية التي يمارسها الإعلام الإيراني للترويج لسلعته الكاسدة. الخوف الإيراني من هذا الاتحاد يكمن في قدرته على استمالة كل الدول العربية إليه ووضعها تحت جناحه وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تحطيم أحلام إيران الرامية إلى التغلغل السريع في هذه الدول من قبل أن تصبح كيانات حقيقية قادرة على ضبط أوضاعها وإعادة صياغة سياساتها بما يتناسب مع انتمائها القومي الذي لا يمكن أن يكون فارسي الطابع.