Monday, May 21, 2012

دخان «التواير» هو المذكور في القرآن

فريد أحمد حسن
بعد تكرار عمليات حرق الإطارات في الشوارع وإرباك وتعطيل حياة المواطنين والمقيمين والزائرين بطريقة مبالغ فيها، صار المرء يخشى ألا يكون إصرار أولئك على الاستمرار في تلك العمليات التي يعتبرونها “سلمية” قسراً ويطلقون عليها غالباً اسم (حداد السماء) انطلاقاً من تفسير مغلوط للآية الكريمة “فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم” (الآيات 10 – 11 من سورة الدخان)، لأن تورطهم في هكذا تفسير وتوظيف خاطئ وغير مقبول للآيات يسيء إلى القرآن والدين الإسلامي، وقد لا يتردد البعض بعد ذلك عن تفسير الآية التي يخاطب فيها رب العزة النبي عليه الصلاة والسلام بقوله “يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال” (الآية 8 من سورة الأنفال) باعتبارها خطاباً موجهاً إليهم ليحرضوا الشباب (المؤمن) على محاربة السلطة في البحرين! كانت إحدى “التغريدات” لشخص أو جهة ما تتخذ من اسم (أهل البيت) عنواناً في “التويتر” قد ذكرت الآية الكريمة بسورة الدخان بطريقة توحي للقارئ أن تفسير الآية هو ذلك التفسير الخطأ الذي يبشر البحرين، وتحديداً السلطة فيها ومن يواليها بالعذاب الأليم، حيث تركز تلك “التغريدات” باستمرار على أحداث البحرين. اللافت في كثير من “التغريدات” والتعليقات التي تتناول ما يجري في البحرين من أحداث أنها تنحو نحو التفسير الديني وإن لا يتطابق مع الحالة، ويصل البعض في تفسيره إلى الاعتقاد أنه هو ومن معه المخاطبون في القرآن الكريم بصفة (المؤمنون) وأنهم هم الموعودون بالنصر المبين. وبالتالي فإن الخطاب الموجه إلى السلطة ومن يواليها هو الموجه إلى الكفار! بل إن البعض ممن يصنفون أنفسهم على أنهم سياسيون يتحدثون في المقابلات التلفزيونية التي تجرى معهم بطريقة تحاول أن تقنع المتلقي أنهم موعودون بالنصر المؤزر، وأن المسألة لا علاقة لها لا بالسياسة ولا بالتوازنات الإقليمية والدولية ولا بالقوى والمصالح وإنما بحقائق لا يمكن أن تتغير، حيث المكتوب هو هكذا وأن الروايات تقول ذلك! لست أفهم في التفاصيل ولكنني على يقين أن حكومة البحرين ليست قوم عاد ولا ثمود أو فرعون ولا غيرهم من أقوام جاء القرآن الكريم على ذكرهم. كما إن عقلي لا يتقبل فكرة أن أحداث البحرين مروية وأنها تتم بنفس التسلسل الذي وردت فيه في تلك الروايات التي يتم إسنادها بالتفسير المغلوط لآيات القرآن الكريم. إن ما يجري في البحرين من أحداث لها مسببات ومعطيات ونتائج لها صلة بالواقع وبعلم وفكر الإنسان، وأن جزءاً من تلك الأحداث أسبابه التدخلات الخارجية ليست هذه البلاد وليست تلك بعيدة عنها، وبالتالي فلا علاقة لها بتفسيرات ما ورائية من شأنها أن تعطي الناس الشمس في يد والقمر في الأخرى وتعشمهم ثم ليكتشفوا متأخرين أن ما جرى له علاقة بفعل الإنسان وأطماعه وواقعه والقناعات التي تسيره ولا شأن له بروايات دينية. الخطاب الموجه من الله جل شأنه في القرآن الكريم إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليس موجهاً إلى السياسيين في البحرين، وما جرى على قوم عاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم فرعون لا يعني أنه سيجري على السلطة في البحرين. وبالتالي فإن القرآن الكريم لا يدعو “قادة ثوار البحرين” إلى التحريض على القتال، كما إن الدخان المذكور في الآيات المشار إليها ليس هو دخان “تواير” السيارات الذي يرتفع في كل حين ويعتبره الشباب الذي يقوم به شطارة وبطولة. وعليه فإن ما يرى من دخان وما يجري من أحداث على الأرض ليس من علامات الساعة. ترى كيف سيكون الحال لو تسلم المعنيون هنا جزءاً من سلطة؟ سؤال لا يصعب تخيل جوابه.