Sunday, May 27, 2012

مجزرة الحولة

جمال زويد
ربما للمرة الأولى تتحفظ أو تمتنع بعض القنوات الفضائية من نشر لقطات ومقاطع لحدث إخباري معين لا لشيء سوى لهول وفظاعة هذا المشهد وعدم تحمّل أي إنسان مشاهدته. هذا بالضبط ماحصل مع المجزرة المروّعة في منطقة الحولة بمحافظة حمص، حينما استيقظ العالم على وقع صدمة تعيد إلى ذاكرة التاريخ أيام التتار ومذابحهم في المسلمين التي قال عنها المؤرخ الشهير ابن الاثير: «يا ليتني لم أعش حتى أكتب ما حدث للمسلمين في زمن التتار»، وأعتقد أن من شاهد «فيديوهات» مجزرة الحولة لا يمكنه أن يقول غير ذلك.
بلغ عدد الشهداء الذين قضوا في هذه المذبحة ممن يتوالى كشف جثثهم حتى الآن (١٢٦) شهيداً، منهم (٥٥) طفلاً ظهرت صور بعضهم مقيّدة أيديهم مضرّجين بدمائهم وأشلائهم ترتفع من حولهم أصوات التكبير وأسئلة «أين انتم يا عرب؟ أين أنتم يا مسلمون؟». وتقول الأخبار إن البحث يظهر بين حين وآخر جثث عوائل تم قتلها وتصفيتها بالكامل، رجالاً ونساء وأطفال.
ارتكبت مجزرة الحولة بينما المراقبين الدوليين موجودين في سوريا يؤدون مهمة التواطؤ الدولي ويشرّعون الصمت على القتل والذبح اليومي في بلاد الشام على أيدي الجلادين ومن يناصرهم. وارتكبت هذه المجزرة البشعة بينما مجلس حقوق الإنسان العالمي يعقد جلساته في جنيف ترتفع الصيحات والتقارير فيه عن البحرين، بينما يغض الطرف عن شلال الدم في سوريا.
شيء من الخجل هو أقصى ما يمكن أن نطلبه من الأنظمة العربية ومختلف دول العالم ومنظماتهم الحقوقية والإنسانية؛ وهم يرون قوافل الشهداء، تلطخت دماؤهم في الشوارع وتفيض أرواحهم على يد جزّار أُطلقت يداه يفعل ما يشاء من جرائم وحشية.
إن الدول العربية والإسلامية التي تبدو عاجزة عن عمل أي شيء تجاه إخواننا في سوريا، تستطيع - لو أرادت - أن تفعل الكثير، لكنها ؟ ربما - مشلولة الإرادة، ومشغولة بنفسها عن قضاياها الأساسية واكتفت بالتصريحات والبيانات، وهي بضاعة كاسدة في زماننا، والدليل أن هذه البيانات - على كثرتها - لم تردع إيران عن التدخل في شؤون دولنا ولم تخرجها عن جزرنا التي احتلتها ولم توقف تهديداتها رغم أن دول الخليج لو أعلنت، مجرّد الإعلان عن نية مقاطعتها اقتصادياً لأدى هذا الإعلان مفعول عشرات أو مئات البيانات التي صارت بدون أية قيمة ردعيّة لإيران وغيرها.