Sunday, May 27, 2012

أبناء العلقمي واستنزاف الوطن.. إلى متى

فوزية رشيد
لنتفق أولاً على أنه لا توجد المدينة الفاضلة في العالم كله. كل بلدان العالم وشعوبها تعاني بما فيها البلدان المتقدمة التي يدفع مواطنوها ضرائب باهظة تصل إلى أكثر من نصف رواتبهم أحياناً ليتم لهم توفير احتياجاتهم حتى رصف الطرق لهم، ومع ذلك ففيها الفساد وفيها البطالة وفيها الانهيارات الاقتصادية وفيها الفقر وفيها التلاعب بالديمقراطية والحقوق.
البحرين في مسيرتها التطورية سواء السياسية أو الحقوقية أو المجتمعية أو الاصلاحية أو الخدماتية قطعت شوطاً كبيراً ليس مقارنة بالمنطقة العربية، وانما مقارنة بالكثير من بلدان العالم بما فيها المتطورة، ومسيرتها متواصلة ولن تتوقف. «ايران» التي يواليها أبناء العلقمي، ظهرت في استفتاء غربي أخير نشرته الـ «بي بي سي» باعتبارها (أسوأ دولة في العالم) من نواح مختلفة، سواء في الوضع الحقوقي للإنسان الايراني بشكل عام أو للأقليات الدينية والعرقية بشكل خاص التي تعاني أشد صنوف القمع والاضطهاد، حيث أشار النائب «عبدالحكيم الشمري» في بيان له قبل أيام إلى ان هناك (١٢٠) ألف عملية إعدام سياسي خلال ٣٠ سنة الأخيرة، ناهيك عن التعذيب الممنهج والعقوبات الوحشية التي تنتهك بصورة لا مثيل لها حقوق الانسان رغم ادعاء نظام الملالي فيها بمناصرة المظلومين في العالم، متجاهلة حجم المظلومية الكبيرة في داخلها، حيث ثلثا الدخل القومي يتم صرفهما على أوهام (المشروع التوسعي الايراني) فيما غالبية مواطنيها يعانون الفقر واستبداد «الولي الفقيه» وديكتاتوريته ووضع قادة المعارضة في الاقامة الجبرية والمعارضين في السجون من دون محاكمات.
ابناء العلقمي «في البحرين» يتجاهلون الفوارق الكبيرة بين حياة المواطن البحريني والتطورات والمنجزات الاصلاحية المختلفة التي هم أول من يستفيدون منها، وبين حياة المواطن الايراني الذي يرتبطون عقديا وسياسيا بالولاء لمرجعياته المتجسدة في نظام المرشد الأعلى، ويعملون معه على استنساخ ما يسميه هذا النظام «النجاح الايراني في العراق»، ولعل أسهل وسيلة لارضاء هؤلاء ان يرحلوا إلى أحد البلدين ويعيشوا هناك في هناءة النموذجين، اللذين يضعونهما اليوم في مرتبة النجاح ان لم يكن في مرتبة القدسية. فهناك أيضاً «السيستاني» وهناك «خامنئي» وغيرهما من المرجعيات التي يدينون لها بالولاء المطلق.
«ابن العلقمي» الأصلي وحسب التاريخ المسجل الذي وصف في سجنه وبرسالة منه، ما جناه من خيانته للعراق ومساعدة «التتار» على تدمير بلاده الدمار الساحق واحتلالها، قد يتواضع في أساليبه كثيراً، حسب الزمن الذي كان فيه أمام أساليب (أبناء العلقمي الجدد) المنتشرين اليوم في البحرين والخليج والعراق ولبنان وسوريا واليمن. في البحرين وهو ما يعنينا هناك عبر الممارسة عداء معلن من هؤلاء ضد الوطن والشعب رغم التحدث باسمهما.
«أبناء العلقمي» في البحرين يستنزفون الوطن بكل الاشكال والاساليب الحديثة وفي كل الجوانب، ويتلاعبون بالثوابت الوطنية وضربها بكل ما يملكون من قوة، ويطفحون في العالم كالبالونات المنتفخة على سطح المياه السياسية والحقوقية لتشويه صورة وطن من المفترض أنهم أبناؤه رغم أنهم هم من يمارس العنف والارهاب ويستدعي المعالجات الأمنية. لم يتركوا باباً إلا طرقوه، ولا بلداً إلا استجدوه، ولا سفارات إلا اجتمعوا بسفرائها، ولا دعما مهما يكن نوعه إلا باعوا أنفسهم من أجله، وكل ذلك استقواء على الوطن وعلى كامل شعبه، وجرا للتدخلات الخارجية بما يضرب استقلاله وسيادته، ولن نتحدث عن كل ما فعلوه منذ الأزمة حتى الآن.
وهم كالقطط السمان ـ حسب التعبير المصري ـ يقفزون من بلد إلى آخر، ومن فندق درجة خمس نجوم إلى فندق آخر، ومن منظمة إلى أخرى، وكل ذلك لتشويه صورة بلدهم في كل الميادين، ولعل جلسة مناقشة التقرير الوطني الثاني للبحرين في «جنيف» وحجم حضورهم وأسلوب أدائهم، وأماكن إقامتهم، مجرد احدى الصور المعبرة، عما يعتقدونه نجاحاً لهم على وطنهم، وحيث مواقعهم الالكترونية توضح أي منقلب هم منقلبون.
إن ممارسة (التضليل السياسي) والتخندق في خندقه، وجعل انفسهم عبر الممارسة أيضا مجرد صدى للصوت الايراني الذي يوالونه، ويتنكرون جزافاً لولائهم له في الفضائيات والخطابات، جعل منهم قروداً للنفاق السياسي والتلاعب بالمصطلحات والمفاهيم، وادعاء المظلومية، وغيرها يقفزون بها من فضائية طائفية إلى أخرى غربية ذات أجندة، والغاية تحقيق أكبر قدر من هذا التضليل السياسي في تصوير الأوضاع في البحرين.
لم يتركوا إرهابا فكريا أو سياسيا أو ميدانيا إلا ومارسوه، ولم يتركوا بابا يستدعون من خلاله التدخل الخارجي إلا وطرقوه، ولم يتركوا عبثا بحياة المواطنين والتعدي على حرياتهم إلا ولعبوه، ورغم ذلك فهم المظلومون وهم دعاة الحرية والاصلاح، وهم حماة السيادة والاستقلال، وهم المناضلون وهم الأبطال، حتى عروبة الوطن وامتداده التاريخي والحضاري وعمقه الاستراتيجي الخليجي، طعنوا فيها جميعا، وخرجوا استجابة للولي الفقيه الايراني في مظاهرة تنديدية متزامنة مع المظاهرات هناك تماهوا فيها مع الشعارات الايرانية وكانوا فيها مجرد صدى للصوت الايراني المعادي للخليج العربي ووحدته.
السؤال الآن: إلى متى ستترك الدولة هؤلاء يستنزفون البحرين وشعبها بعد أن نفد صبر الناس عليهم؟
إلى متى سيتم تركهم أحراراً في افتعال الازمات وممارسة التضليل السياسي الكبير على نهج معلمهم الكبير في ايران؟
إلى متى سيعوقون الاصلاح والديمقراطية بسبب أزماتهم المفتعلة ثم يملأون العالم صخبا انهم دعاة اصليون لهما وكمواطنين؟
إلى متى سيعبثون بمصير شعبنا ومستقبل أجيالنا ويمارسون عبر الارهاب تدمير الحياة البحرينية الطبيعية؟
إلى متى سيفلتون من القانون والمحاسبة والعقاب، ليمارسوا هواية التشويه والاضرار بصورة بلادنا قفزاً من بلد إلى بلد ومن فندق إلى فندق؟ إلى متى؟ إلى متى؟
ألم يعلن شعبنا في «الفاتح» موقفه من هؤلاء.