Friday, May 4, 2012

كيف نصدّقكم

في البحرين رغم كثرة الردح الحقوقي والإنساني الذي لا يكاد يهدأ من قبل الأمريكان والأوروبيين، سواء على مستوى قادتهم أو وزرائهم أو سفرائهم أو مبعوثيهم أو منظماتهم وهيئاتهم أو مجالسهم أو ما شابه ذلك مما نقرأ ونسمع فإن هنالك مشكلة عدم ثقة في نزاهة وصفاء وبراءة هذه (المعزوفات). والسبب الرئيس في ذلك هو سقوط غالب تلك الجهات في اختبار المصداقية وعدم قدرتها على حمْلنا لتفهمها والتعاطف معها باعتبارها دعوات وبيانات مخلصة هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات والامتناع عن قمع حرية التعبير وما إلى ذلك من شعارات تثبت الممارسة عندهم مدى زيفها، وأنها ليست سوى غطاء يتسترون من خلاله لنيل مآرب أخرى لا علاقة لها إطلاقاً بديمقراطية وحرية وسلامة الإنسان البحريني، ولا لسواد عيونه.
ودائما إذا أردنا اختبار مصداقية تلك الدول والمنظمات فما علينا إلا أن نختار مبدأ معيناً ونراقب مدى تطبيقهم له والتزامهم به والصمود عليه في عدة مواقف وقضايا متماثلة. ولذلك فإن ارتماء المعارضة في أحضان تلك الدول ودكاكينها الحقوقية والإعلامية على نحو ما نراه ونتابعه إنما هو أحد أهم أسباب اعتقادنا أن المعارضة وتلك الدول بدكاكينها فقدت الصدقية والنزاهة اللازمتين لاستقطاب المؤيدين وتطمين المناوئين أو المترددين.
في اعتقادي أن المعارضة قد ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا بخروجها عن نطاقها المحلي وحرصها على استعداء الخارج، ثم ارتكبت خطأ مضاعفاً حينما استعانت في استعدائها بالخارج على بلدان ودكاكين تكيل بمكيالين أو تمارس التطفيف في الموازين والازدواجية في المعايير، فتارة تأخذ أمام حدث معين دور الناصح الأمين في مكان ثم في مكان آخر تلعب بطولة الدعم والإسناد تجاه نفس الحدث ثم في مكان آخر تستحوذ على الدور الفاعل المنفذ إلى حدّ العربدة نحو الحدث ذاته. وهكذا...
لا نحتاج إلى كثير عناء للتدليل على ما سبق، لكن يكفينا أن نقارن بين فزعة تلك الدول ودكاكينها للسجين المضرب عن الطعام عندنا في البحرين، عبدالهادي الخواجة - وهي فزعة محيّرة ومثيرة للاستغراب والريبة عن دوافعها - وموقفها من آلاف السجناء الفلسطينيين الرازحين في سجون الاحتلال الصهيوني، بلا تهم، ولا محاكمات. ومن هؤلاء الآلاف عشرات من السجناء بدأوا أيضاً إضراباً عن الطعام منذ نحو أسبوعين لم تفزع لهم تلك الدول ودكاكينها، ولم تعطهم حتى ما نسبته (١%) من البيانات والمطالبات والزيارات والمناشدات التي خصّت بها الخواجة.
بل ان من بين هؤلاء المعتقلين والمضربين الفلسطينيين رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وجمْعا من نوابه، وأحدهم كبير في السن تجاوز عمره (٧٤) عاماً هو النائب أحمد الحاج علي، لم تتحرّك لأجلهم أو لأجله النخوة الإنسانية والحقوقية عند تلك الدول ودكاكينها مثلما تحرّكت للخواجة، وبالتالي أي مصداقية ونزاهة وبراءة وحيادية ونظافة يمكننا أن نعتمد أو نصدَقها.