Friday, May 4, 2012

هذا ما يخططون له

بعد تفجر الثورات الشعبية في العديد من بلدان عالمنا العربي وما أدت إليه من سقوط الأنظمة الحاكمة فيها - فيما بات يعرف بالربيع العربي ــ وصعود قوى سياسية متضاربة المصالح والأهداف بما يهدد باندلاع حروب أهلية في تلك الدول نتيجة تلك الثورات الفوضوية وغير المنضبطة، فإن آخر معاقل القوة المتبقية لدى الدول العربية هي ارتباطاتها وعلاقاتها الشعبية، فعلى الرغم من أن الأنظمة العربية تتنافر سياسيا وتتقاطع مصالحها اقتصاديا، وكثيرا ما تنشأ الأزمات السياسية بينها من لا شيء، فإن ارتباطات الشعوب العربية بعضها ببعض هي الحصن الأقوى والأخير في الوجود العربي وبسقوطه تصبح الأمة العربية كلها في خبر كان، وهو الهدف الذي تسعى إليه الصهيونية العالمية التي تحرّك السياسة الأمريكية وتتلاعب بالإدارات الأمريكية المتعاقبة كالدمية تماما، وهو هدف تم التخطيط له بكل دقة وخبث طوال عقود مديدة من الزمان لتسقط ثروات ومقدرات الأمة العربية كلها بين أيدي العصابة الصهيونية الآخذة بتلابيب الاقتصاد العالمي اليوم والمتحكمة في معظم مراكز صنع القرار في دول العالم الكبرى، سواء بالتحكم المباشر كما هو الحال في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أو بالتحكم غير المباشر عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية كما هو الحال بالنسبة إلى بقية الدول الكبرى.
الخطة الصهيونية باتت واضحة المعالم تماما، إذ تعتمد على إسقاط الأنظمة العربية الحاكمة عبر إحداث ثورات شعبية عارمة باستغلال الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية في معظم تلك الدول تارة، أو باستغلال الطموحات الطائفية أو العرقية لفئات من الشعب تارة أخرى، أو باستغلال الكبت الفكري أو العقائدي تارة ثالثة، أو بإثارة الشغب والاضطرابات باستغلال العصابات الإجرامية والعمليات التخريبية تارة رابعة، وكلها في النهاية تصب في ذات الهدف الصهيوني التفتيتي لهذه الأمة التي تتهاوى بلدا تلو الآخر تحت تلك المطارق القاتلة.
ليس تفجير الأوضاع الداخلية في الدول العربية وحده ما يتم العمل عليه حثيثا الآن، بل وإثارة الخلافات والنزاعات والصراعات بين الشعوب العربية، وأصدق مثال على هذا الخلاف المتصاعد بين الشعبين المصري والسعودي على قضية مواطن مصري تم ضبطه في أحد مطارات المملكة العربية السعودية وبحوزته مواد مخدرة وما نجم عن ذلك من شن حملة مسعورة ضد المملكة على الإنترنت في مواقع مصرية مشبوهة الأهداف والنوايا، امتدت آثارها إلى فئات عريضة من الشعب المصري، مما أدى إلى احتشاد جماهير منها غاضبة أمام السفارة السعودية في القاهرة ومحاولاتها إحراق السفارة والاعتداء على العاملين فيها، مما اضطر الحكومة السعودية إلى استدعاء سفيرها وإغلاق مباني السفارة حتى إشعار آخر، على الرغم من احتمال قيام عملاء بدس تلك المواد لذلك المواطن المصري قبيل سفره إلى السعودية لإثارة هذه الأزمة والنفخ فيها لتدمير العلاقات السعودية المصرية وخصوصا بعد إعلان منح السعودية مساعدات اقتصادية واجتماعية لمصر بمليارات الدولارات لدعم الحكومة المصرية المنتخبة القادمة وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري.
إن الذي ينفخ في تلك القضية ليس الشعب المصري الطيب والمثقف، بل عصابات مأجورة تتخفى بين صفوف الشباب المصري لتستثير مشاعر المصريين وتوجّه فئات منهم نحو الاعتداء على السفارة السعودية وبعثتها الدبلوماسية في القاهرة لتتسع شقة الخلاف الرسمي والشعبي بين البلدين، وهو ما أكده اكتشاف السلطات المصرية مخططا منذ عدة أشهر لاغتيال السفير السعودي في القاهرة كان سيتم تنفيذه بأيدي عملاء تابعين لجهاز الاستخبارات الإيراني، ما يعطي دلالة واضحة لا شك فيها على أن الإيقاع بين الدول العربية شعوبا وحكومات هو الهدف الأكبر للصهيونية العالمية التي التقت أهدافها مع أهداف نظام ملالي إيران فتحالفا معا ضد أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج.
يجب على حكوماتنا العربية وبالذات منها الخليجية أن تضع حدا فوريا للتغلغل الإيراني في ديارنا، وخصوصا التغلغل الاقتصادي، وأن تسارع فورا إلى اتحاد خليجي كامل في جميع المجالات لحماية وجودنا، وأن تنأى بنفسها عن أي صدام مفتعل مع دول الجوار العربي وغير العربي والذي يستميت أعداء أمتنا في جرّنا إليه طوعا أو كرها.