Friday, May 4, 2012

من التعاون إلــى الاتحـــاد

في ظل الخطر الإيراني وتدخلاته في دول مجلس التعاون؛ أصبح الأمر ملحاً إلى الانتقال من مرحلة التعاون والتنسيق فقط إلى الاتحاد الكونفدرالي، وهو ما يتطلب إرادة صادقة وصلبة من قادة دول المجلس وإبعاد أية اختلافات، وليست خلافات، على هذا الاتحاد من أجل مستقبل وأمن شعوب المنطقة برمتها، وما المؤتمر الشبابي الذي عقد في الرياض مؤخراً إلا خير دليل على مدى تأثير الشباب ورأيهم في الاتحاد الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين في قمة الخليج الأخيرة، حين استشعر مدى الأخطار المحدقة على دول المجلس والمخططات التي تحاك ليل نهار من أعداء الأمة والعروبة. لقد كانت كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر الشباب مهمة، حيث نبه فيها إلى ضرورة الإسراع إلى الاتحاد بين دول مجلس التعاون مع تصعيد إيران وتحديها العالم فيما يتعلق ببرنامجها النووي واستفزازها المستمر لدول المجلس وتدخلاتها في الأمور الداخلية، وكان آخرها أحداث البحرين التي كانت طهران طرفاً ومحرضاً رئيسياً فيها مستغلة ما يسمى بـ«الربيع العربي» لتحقيق مآربها السياسية والتوسعية وإثارة النعرات الطائفية بين أبناء الوطن الواحد على أساس مذهبي. بعد كل تلك المؤامرات سواءً من إيران أو من يعاونها من دول ومنظمات وأفراد يجب على قادة دول مجلس التعاون أن يدركوا أن الأخطار والأعداء قد تكالبوا على دولهم وشعوبهم، الأمر الذي يتطلب عملاً جماعياً مشتركاً لمواجهة من يسعى إلى فرض هيمنته ونفوذه بالقوة والتهديد، وهو ما يجب حياله العمل بجد للتحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد بما يضمن أمن واستقرار دول الخليج الست مجتمعة وليست منفردة، فهو السبيل الوحيد لمواجهة أية أزمات على مختلف المجالات وعلى رأسها الصعيد العسكري والسياسة الخارجية الواحدة لدول المجلس وتمثيلها في المحافل الدولية. بلاشك إن التحول إلى الاتحاد الخليجي سيحقق مكاسب جمة حيث ستكون السياسة الخارجية موحدة ويكون القرار جماعياً في حال التفاوض على سبيل المثال في أي قضية كانت وهو ما سيؤدي إلى ضغط جماعي يحسب له ألف حساب على مستوى العالم وفي الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية، ويعطي زخماً أكبر لاسم ومكانة دول الخليج، كما إن الاتحاد أيضاً سيشكل ضمانة لردع أي تدخل أو عدوان خصوصاً إيران من التفكير في التعدي على أي من دول الخليج عسكرياً وهذا ما رأيناه واضحاً حين غزت العراق الكويت أمام مرأى العالم، فضلاً عن تجفيف منابع الإرهاب بكافة أشكاله بل والقضاء عليه من المنطقة. اقتصادياً فإن الانتقال إلى الصيغة الاتحادية سيعطي دول الخليج قوة اقتصادية هائلة في ظل ما تمتلكه من إمكانيات وثروات نفطية تصل إلى نحو 630 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، وتريليونين دولار من الاستثمارات الخارجية، حتى الإنتاج المحلي الخليجي بلغ العام الماضي أكثر من تريليون ونصف دولار أمريكي، وهو ما يضاهي أكثر من نصف الاقتصاد العربي مجتمعاً، وهذا يعني أن دولاً غنية لديها كل تلك المقومات يجب ألا يستهان بها وستشكل ثقلاً على خريطة العالم يوازي الدول العالمية الكبرى. في الحقيقة والواقع إن التحول إلى الاتحاد أصبح حلماً قديماً يراود كل مواطن خليجي بات قاب قوسين أو أدنى بأن يصبح واقعاً ملموساً، ولن يتحقق إلا من خلال سواعد الشباب الذين يمثلون 65% من إجمالي السكان، خصوصاً أن أبناء الخليج أثبتوا ومازالوا إمكانيتهم بناء الأوطان وتحمل المسؤولية فهم المستقبل المشرق للخليج والذين سيحملون الراية لتكون خفاقة والوقوف في وجه أعداء الأمة ومن يتربصون شراً بوطننا الخليجي الكبير، وهو ما يتطلب تضافر الجهود لتعزيز مسيرة التكامل والوصول إلى الاتحاد الذي حتماً سيكون صمام الأمان لاستقرار دول وشعوب الخليج ضد كل ما يهدد أمنها واستقرارها والحفاظ على المكتسبات التي تحققت على أيدي الآباء والأجداد.
همسة.. الاتحاد الخليجي حُلمٌ لطالما انتظرناه، فمتى سيرى النور ويكون واقعاً نلمسه بأيدينا؟