Friday, May 4, 2012

جمعة لكل «معارضة» في سوريا

مع بداية مهمة المراقبين الدوليين في سوريا تطرق الأمين العالم للجامعة العربية إلى حق الدول في النظر بجنسيات المراقبين. وذكَّرَ في غير سياق الحديث بأن «عبدالناصر في زمانه رفض مراقبين باكستانيين لأن زيهم العسكري كان مشابها لزي جنود العدو». متناسيا الفارق بأن المهمة هنا أولا للمراقبة وليس للفصل وحفظ السلام، وثانيا أنها داخل البلد نفسه بين شعب ونظام فقد شرعيته باستهداف شعبه. لكن ليس هذا هو المهم.. المهم أن الرسالة وصلت والتقطت المستشارة بثينة شعبان الخيط ودارت رحى تصريحات ممثلي النظام في التأكيد على أحقية نظامهم في الموافقة على المراقبين أو رفضهم بناء على جنسياتهم. وهكذا أخذ النظام بالنصيحة وأوجد له عذرا جديدا للمماطلة. وبهذا امتدت فترة نشر المراقبين وامتد معهم نهر الدم السوري النازف. المؤسف ألا ينتبه إعلامنا كالعادة إلى مثل هذه الجزئيات المتناسقة في مشاهد المسلسل السوري الدامي.. بعدها أنهى الأمين العام العربي اجتماع وزراء الخارجية العرب أواخر أبريل المنصرم بتصريحات حملَّ فيها المعارضة السورية مسؤولية إصرارها على إسقاط النظام. وألقى عليها اللوم لانقسامها. واختتم بالإشارة إلى جهوده لتوحيدها لكن في اجتماع أواسط مايو.. أي مزيد من الوقت للهدر والاستنزاف. ذلك إذا ما أخذنا بحكم العقل والواقع أن وجود المعارضة أو عدمه، انقسامها أو توحدها ليس أصل المشكلة التي تتلخص في «حكم عائلي استبد بالسلطة على شعب يرفضه لأربعين عاما ويريد المزيد».
عليه بات ملزما على أهلنا في سوريا ومعارضتهم الحقة أن يفضحوا عمليا خلط الأوراق هذا. وأن ينهوا عمليا وللأبد أسطوانة «انقسام المعارضة» المشروخة التي باتت عذرا تافها أقبح من سببه. ويُعبر أكثر عن المتعذرين به. ويمكن بهذا تجاهله لولا أنه قد تحول إلى شماعة تعلق عليها القوى العربية والإقليمية والدولية قصورها المتعمد والفشل في إنهاء هذه المعاناة الإنسانية. وأصبح بذلك علميا وميدانيا وسيلة مميتة ودائمة لأهلنا العزل الأبرياء في سوريا.
وهذا ما يدعونا إلى دعوة أهلنا في سوريا وخارجها لتقديم إجابة عملية تقطع الشك باليقين وتنزع «كارت انقسام المعارضة» من أيدي اللاعبين الدبلوماسيين، عرب وروس وعالميين. وفضح واهية عذرهم هذا أمام العالم بوضعهم على المحك وفقا للاقتراح التالي:
أولاً: تخصيص جمعتين متتاليتين لتظاهر كل من قسمي المعارضة السورية على انفراد «كل في جمعته». كما فعل إخواننا المصريون، مدنيون وإسلاميون في ميدان التحرير، وليُبين كل من الفريقين شعبيته على الملأ. عندها ستتضح المعارضة ذات الشرعية الحقة وتلك المدعية. وسيبدو تكرار الادعاء بانقسام المعارضة «فلما محروقا». وبهذا لن يكون بعدها من السهل على المجتمع الدبلوماسي الدولي بما فيه «روسيا وإيران وأمين الجامعة العربية والرئيس التونسي» العودة إلى هذا الفيلم واللعب بسهولة على حبل معارضة الداخل والخارج.
أ‌- الجمعة يجب أن تكون حصرا لتظاهر مؤيدي هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة بزعامة هيثم المناع ونظرائه في التوجه. أي إنه يجب أن تُعطى لهم الأولوية نظرا لأنهم يعتبرون أنفسهم معارضة الداخل. ويجب أن تُترك لهم ولمؤيديهم الساحات والشوارع العامة. أولا وقبل كل شيء في المدن التي باتت معروفة للجميع بأنها معاقل المعارضة الفاعلة. وبالتحديد حمص الأبية وحماة ودرعا ودير الزور والقامشلي وريف دمشق.. هذا فيما يلزم مؤيدو المجلس الوطني السوري المعارض بيوتهم ولا يخرجوا للشوارع حتى للمشي الطبيعي. وهم حتى بهذا الإجراء لن يتوقفوا عمليا عن الاحتجاج بل إن مثل هذا السكون المؤقت يُعتبر بحد ذاته مظهر احتجاج فعال وعليهم أن يتعاملوا معه كذلك. خصوصا وأنهم بهذا التصرف سيقدمون إجابة عملية للعالم لا مجال لإنكارها عن مدى شعبية هيئة التنسيق السورية . وبالتالي تبيان مدى جدية هذا الفريق في التحدث باسم السوريين. وأيضا مدى جدية الموقف الروسي في الإصرار على هذا الفريق كمحاور. ومدى شرعية دعوات الأمين العام نبيل العربي والعرب الرسميين لضرورة توحد المعارضة مع هذا الفريق.
ب‌- يجب الاحتياط بالطبع لمداهمات قوى النظام وغدرها خلال جمعة إخلاء الشوارع هذه. ما إن ينجح هدف الإخلاء بإيضاح حقيقة شعبية الفريق الآخر للمعارضة يجب مواصلة الاحتجاج فورا لمنع النظام من استغلال الموقف.
ج- الأمر لا ينسحب على المدن التي تخضع لهيمنة النظام. لأن النظام بالتأكيد سيستخدم «شبيحته» في تعبئة تظاهرات مؤيدة للمعارضة الأقرب إلى أطروحاته. ذلك وأن النظام نفسه سيكون أمام خيار صعب لو أنه وُضِعَ أمام اختبار تنظيم تظاهرات مؤيدة له في عدة مدن في ذات الوقت.
د‌- الجمعة القادمة يجب أن تكون جمعة تجديد التأييد للمجلس الوطني السوري. والأحرار المدافعين عن المدنيين أهلهم. ثم ليُقرر بعدها الأمين العربي أن يوحد «مين مع مين». لكن بناء على ما يُظهره الواقع على الأرض. وألا يكرر بعدها «أسطوانة انقسام المعارضة» لأنه من غير المعقول أصلا طرح هذه القضية. وأن يُنتظر من شعب كامل وقواه المعارضة كيفما وأينما ومتى ما كانوا أن يكونوا شيئا واحدا. فهذا هو نقيض الديمقراطية. بل إنه الديكتاتورية بعينها.
ثانيا: إذا ما استمر التعذر بـ «انقسام المعارضة» يجب على المجلس الوطني السوري:
أ‌- إبلاغ الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية في بيان جاد وواضح بضرورة احترام إرادة الشعب السوري المتجسدة في الجمعتين أعلاه في تحديد المعارضة الشرعية الحقة. والتوقف فورا في خطاباتها الرسمية عن التعذر بعذر انقسام المعارضة للتغطية على عدم رغبتها في إنهاء معاناة الشعب السوري. ذلك في غضون مهلة محددة «عشرة أيام». مع التأكيد على أن المجلس الوطني سيجد نفسه مضطرا بعد هذه المهلة وفي حالة عدم التوقف عن هذا العذر لإعلان تجميد نشاطه. ما يعني أن على هذه الدول والمنظمات أن تتعامل مباشرة مع الوضع داخل سوريا بصوره المروعة التي تتواصل إعلاميا. ودون غطاء «علاقات عامة» كما هي الحال حتى الآن من المجلس الوطني وممثليه.
ب‌- التوقف فورا عن الزيارات الشكلية غير العملية لعواصم العالم لاسيَّما العربية والتي تُستغل من قبل حكومات هذه الدول لإقناع الرأي العام الداخلي والعالمي بأنها تساند الشعب السوري. علما أن كل ذلك لا يعدو كونه دعاية إعلامية لهذه الدول وحكوماتها. وليس له أي مردود فعلي على الشعب السوري في محنته. هذا الأسلوب الدعائي الفارغ الذي يبين «إنسانية وحكمة زعماء دول عربية وإسلامية» معهود ومجرب مع محن الشعوب في البوسنة والعراق وغيرهما.
ت‌- احترام إرادة الشعب السوري من قبل الجامعة العربية
هذا مع اعتبار كل ما تقدم جزءا عمليا معتبرا من التعبئة المعنوية للثوار. والضغط النفسي والفعلي على المجتمع الرسمي العربي والعالمي في إطار الحراك السياسي العام الفاعل والمتناغم مع ضرورات مسيرة ثورة شعبنا السوري وهدفها القادم لا محالة بالنصر والتحرر.