Friday, May 4, 2012

العلاقات المصرية السعودية.. نحو اختبار قاس

تابعت بدقة أحداث العلاقات المصرية السعودية وما لحقها من هرج ومرج وتضارب بالأنباء. ولكن حالة الأســتاذ المحامي الجيزاوي تختلف عن كثير من الحالات. وبادئ ذي بدء أقول إنني من المناصرين لحقوق الإنسان المصري في أي مكان وخاصة في بلاد الغربة، كما إنني أشارك كثيرين الإعراب عن القلق لما حدث للمواطن المصري في أي دولة حول العالم، ولكن الأمر ليس بلا ظلال أو وجهات تنظر، ويهمني أن أشير إلى ملاحظات ثلاث بالغة الأهمية في هذا الصدد: الأولى؛ إذا كان صحيحاً أنه يحمل مواد مخدرات ولا أستطيع أن أجزم بشيء في هذا الصدد، ولكن هكذا هو الاتهام، وهذا المحامي ليس ملاكاً فإذا كان الاتهام صحيحاً فيجب معاقبته لخروجه على القواعد القانونية في أية دولة. ثانيا؛ إذا كان ناشطاً سياسياً وسافر لنشر فكره أو للدفاع عن المصريين في السعودية كما يروج البعض، فهذا في ذاته خروجاً على القانون، ولم يفوضه أحد أن يقوم بذلك ولا تقبل أية دولة عربية أو أجنبية مثل هذا السلوك من مواطن أجنبي، فهذه مهمة رسمية تتولاها السفارات المصرية والقنصليات في الخارج. ونحن تعرضنا هنا في البحرين عند قدوم أحد المصريين المقيمين في إيطاليا للبحرين أثناء زيارة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق ولقائه مع المصريين، إذ خرج عليه شخص يدعي انتهاك حقوق المصريين، وأنه جاء من روما خصيصاً للدفاع عنهم، لكن بمناقشته اتضح أنه شخص لا يعرف القانون ولا يفهم علاقات الدول، وتدخل البوليس وتم إبعاده من قاعة الاجتماعات مع رئيس الوزراء لاعتبارات أمنية، وفي اليوم الثاني ذهب للتظاهر ضد السفارة لأنها على حد قوله لم تدافع عنه وأنها لا تدافع عن المصريين، وبمناقشته أشار إلى عدم إمكانية استخدام رخصة قيادة سيارة أو استخراجها من السلطات المختصة وإصرارهم على إجراء اختبار قيادة له، هكذا يفكر بعض المصريين المتحمسين دون إدراك وجود قوانين أو لوائح في الدول الأخرى تحكم مثل هذه الأعمال، مثل الحصول على رخص القيادة للسيارات دون امتحان ونحو ذلك، وجاء البوليس مرة ثانية وأبعده عن السفارة، ولا أدري ماذا كانت النتيجة في النهاية، لأن سلوكه، وإن كان بحسن نية، فهو يتعارض مع الأعراف الدولية، ليس في البحرين أو الدول العربية بل في أوروبا وأمريكا، لأن الدفاع عن حق شخص يكون بوسائل قانونية معروفة، أما أن يأخذ كل شخص القانون بيده فهو وصفة ممتازة للفوضى ولتدمير علاقات الدول بعضها ببعض، فضلاً عن المساس بحقوق المصريين المشروعة التي يتصور الشخص أنه يدافع عنها. ولم نجد إلا قلة من الثوريين الحقيقيين من سلك مثل هذا المسلك سوى شي جيفارا، عندما ذهب إلى أدغال أمريكا الجنوبية متصوراً نفسه الثوري أو تروتسكي، وانتهي بهما المطاف للمجهول ولم يحقق أية ميزة لشعوبهم أو للشعوب التي تصوروا أنهم يدافعوا عنها. أنا من المؤمنين بالدفاع عن الحقوق بالطرق الشرعية والقانونية، وكذلك التظاهر والمطالبة يجب أن يكون إما من أصحاب الشأن أو من أنصارهم في أوطانهم، والادعاء بالذهاب للعمرة ثم العمل بغير ذلك يوقع الشخص في السعودية ودول أخرى كثيرة بتهمة الكذب في وثائق رسمية، تحت طائلة العقاب وها هو ساركوزي المرشح الفرنسي لإعادة انتخابه رئيساً يهدد بترحيل المسلمين والعرب القادمين لفرنسا بطرق غير شرعية. أنا من المؤمنين مثل كثير من الناشطين الحقوقيين ذوي المصداقية والبعيدين عن الهوى بقول الحق والرأي دون أن أهتم بشيء، لأنه ليست لدي مصلحة شخصية ولا طموح شخصي، ولا أرغب في تملق الجماهير، فوقف الظلم والضرب على يد الظالم حتى لو كان صديقاً أو شقيقاً أو من أبناء الوطن أو الحزب أو نحو ذلك، خير من تركه يتمادى ويؤدي بسلوكه أو جهله للإساءة لمن يرغب في خدمته، وهذا هو مغزى قول الرسول الكريم “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقيل عرفنا كيف ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال بكف يده عن الظلم”. وهذا أيضاً مغزى حديث الرسول الكريم عن قوم ركبوا سفينة بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها فقال الذين في أسفلها لو ثقبنا ثقباً في السفينة لشربنا من الماء بدلاً من الذهاب إلى أعلى السفينة وإيذاء من هم في أعلاها، فقال الرسول إنه إذا أمسكوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً وإذا تركوهم غرقوا وغرقوا جميعاً.