Friday, June 22, 2012

بين روسيا والولايات المتحدة

علي الخليلي
لا تُخفي روسيا أنها تزود النظام السوري بالسلاح، وبخاصة أن معظم سلاحه، إن لم يكن كله أصلاً، مصدره روسي، منذ سنوات طويلة . ولا تستطيع الولايات المتحدة في الوقت نفسه، أن تُخفي تزويدها الراهن للمعارضة السورية بالسلاح . كلتاهما على ذلك، روسيا والولايات المتحدة (بأسلحتهما في أيدي السوريين، وبدماء السوريين أجمعين) تتحاربان الآن، على الأرض السورية، لا من أجل حق الشعب السوري بالحرية والكرامة والديمقراطية، وإنما في سبيل مصالحهما المتناقضة . روسيا لها مصالحها المرتبطة بسوريا، من دون أن يعني ذلك حتمية دعمها لنظام معين فيها، بل الدعم من جهتها لأي نظام يثبت على أرضها، ولا يتعارض في ثباته مع هذه المصالح . والولايات المتحدة بالمقابل، لها مصالحها المعاكسة تماماً، إلا أنها تتفق في معنى دعمها لأي نظام قادم يتماهى معها .
هل يعني ذلك، أنه في محصلة الربيع العربي الذي يتفجر في سوريا، على مدار أكثر من سنة، لا حرية ولا كرامة ولا ديمقراطية في الثورة السورية، بل هو صراع الكبار على سوريا ذاتها، وما ينتج عنه من مذابح رهيبة بحق الشعب السوري كله، ومن دمار وخراب لثرواته وممتلكاته؟
من المرعب وصول التحليل للوضع السوري، إلى هذا المعنى، فكيف يعقل أن تنتهي ثورة شعب بأكمله، إلى هذا الاختطاف الرهيب لثورته؟ غير أن هذا التساؤل ذاته، يبدو خارجاً بتعسف قهري، عن السياق الواقعي لما يجري إلى حينه، فالثورة السورية لم تنته، وبالتالي، لا يمكن الحديث عن نهاية لها، مهما كانت الملامح المفترضة لمجرى أحداثها، طالما لم تصل إليها بعد .
وفي استباق متعجل لهذه النهاية، يؤكد كثير من المعنيين أن سوريا لا تختلف عن بقية الأقطار العربية التي عاشت تجربة الربيع العربي، وعلى وجه الخصوص، ليبيا واليمن . فالنهاية الحتمية لها، واقعة بين حلين، إما الحل اليمني، بخروج رأس النظام، وتسلم نائبه بدلاً منه، والترتيب لوضع جديد . وإما الحل الليبي، بتدخل أجنبي واكتساح النظام برأسه، وبكل أركانه .
النظام السوري من جهته، يراهن حتى الآن، على حل مغاير، هو ما يسمى بالحل الأمني، أي بالمزيد من البطش الدموي والتدميري، بالمعارضة، من دون اكتراث من جانبه، بالضحايا والدمار والخراب، وبالرأي العام العربي والعالمي، مطمئناً إلى وجود أكثر من ورقة بين يديه، منها على وجه الخصوص، علاقته الاستراتيجية مع إيران .
وفي هذا كله، هل يخاف النظام السوري من الحرب الأهلية، أو أنه على العكس، يسعى إليها بكامل قوته، ويؤجج نيرانها، حين يجد فيها الطريق إلى إنهاك المعارضة، وإلى إغراق الرأي العام العربي في أتون اليأس والإحباط، وصولاً به إلى النفور من كل ثورات الربيع؟
وفي المحصلة لهذا المسعى، ومن يقف معه علانية أو سراً، هل ثمة من يخطط، ومن ينفذ في آن، لإنهاء مسيرة هذه الثورات العربية، ما تم منها، وما تهجس الشعوب العربية بغيرها؟