Sunday, June 17, 2012

حتى لا نخطط للماضي

عبداللطيف الزبيدي
حتى بُعيد الحرب العالمية الثانية، كانت بلدان عربية عدة أفضل حالاً من الصين بكثير. وسنة تسع وأربعين من القرن الماضي، أدرك الغرب أهمية توصية نابليون بونابرت بترك التنين نائماً، لأنه متى استيقظ تغيّرت الموازين في العالم. أمس (16 يونيو) أطلقت الصين مركبة “شنجو 4” وعلى متنها رائدان ورائدة.
يجب أن يكون لاسم المركبة وقع خاص في السمع العربي: شنجو، الذي يوحي بأنه: شنّ جوّاً، حرباِ علميّة تقانية، لمنافسة السابقين إلى الفضاء، الأمريكيين والسوفييت. وهذا يذكرنا بحادثة بعيدة النظر عميقة. فعندما سبق الاتحاد السوفييتي الولايات المتحدة إلى غزو الفضاء، وجه الأمريكان أصابع الاتهام إلى نظام التربية والتعليم. قالوا: لو كان تعليمنا متفوقاً ومتوافقاً مع حاجة البلاد إلى التقدم العلمي والتنمية في هذا المجال الحيوي، ما كان السوفييت السابقين.
التقدم العلمي في العالم العربي يحتاج إلى تغيير العقلية كلياً. فهو ليس بحثاً علمياً منغلقاً في مواقع أكاديمية. وإنما يتحقق عندما يصبح حركة واسعة النطاق على الصعيد الاجتماعي ففي الصين الآن أكثر من أربعة آلاف وخمسمئة مجلة علمية، تضاف إلى ثلاثة عشر ألف جمعية تعمل على نشر العلوم وتشجيع المواهب والبحث عن النابغين، والأرقام لها دلالاتها، فلو قسّمنا ملايين الصينيين على ملايين العرب، لكان من واجب الأمة أن تكون لها تسعمئة مجلة علمية.
لا أحد يقدر على نفي أن العلوم هي التي تغيّر اليوم وغداً مصائر البشر. ولم يعرف الإنسان في تاريخه نظيراً لما نشهده اليوم من وقوف العلوم والتقانة كأعظم ركيزة للصناعات العسكرية والحروب، فحتى الشبكة العنكبوتية التي يتسلى بها البعض في الدردشة، أصبحت في قلب الحرب الحديثة.
الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم الوراثة والمعلوماتية، غدت روافد غير محدودة للصناعات العسكرية، إضافة إلى كونها عماداً للنمو الاقتصادي في الصناعة والزراعة.
لزوم ما يلزم: عندما لا تخطط الأمة للمستقبل البعيد، يصبح تخطيطها للماضي البعيد، أي إلى ما توصل إليه الغير قبل عشرات السنين.