Sunday, May 20, 2012

إيران فوق بركان

سعيد الحمد
نستعير هذا العنوان من عناوين أحد كتب الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل صدر في منتصف الخمسينات عن مرحلة مصدق وهي المرحلة التي انتهت بمحاكمة مصدق وعودة الشاه ومازالت فصولها غامضة ونحتاج لمزيد معرفة وبحث. وايران اليوم فوق بركان آخر فبعد ثلاثة عقود من حكم الملالي ونظام الفقيه نستطيع ان نلاحظ بأن النظام دخل مرحلة الشيخوخة فاتجه لإحاطة نفسه بالمقويات والمنشطات بشكل مبالغ فيه ومضر لصحته بعد أن تورط في تمويل وتخطيط أكثر من جهة وتدخل في أكثر من دائرة عربية وتم اكتشاف أصابعه في أكثر من منطقة عربية يعمل على تقويض استقرارها من جهة وعلى انشاء جماعات موالية له لإحاطة نظامه بما يشبه السور العازل لحمايته من بركانه الداخلي الذي يمور في جوفه. ولعل عبارة «فتش عن ايران» التي باتت على كل شفة ولسان في البلدان العربية التي تشهد اضطرابات مفتعلة بشكل واضح وفاضح مثلما شهدت مصر من اضطرابات وتظاهرات غوغائية بعد حادثة الجيزاوي وما جرى من تداعيات خطيرة نالت كرامة السعودية وقيادتها هو مؤشر على ان الاصابع الايرانية حركت اللعبة هناك باتجاهين، اتجاه يعزز وجودها في الشارع المصري واتجاه يضرب العلاقة المصرية السعودية على مستوى العلاقات الشعبية بين البلدين العربيين، وهي علاقات قوية كان لابد فيها من سياسة فرق تسد التي أجادت ايران الملالي اللعب على اوتارها المشدودة. وإيران الملالي تستمر في اللعب الخطير لتأجيل ثورة بركانها الداخلي على حساب إشغال وإلهاء شعبها بقضايا وملفات عربية عنوانها الاضطراب والفوضى بأصابع ايرانية حتى تحول وتؤجل اهتمامات ذلك الشعب «الايراني» بما يجري في داخله من أزمات بلغت الذروة في الآونة الاخيرة التي ضغطت فيها العقوبات الاقتصادية حد الاختناق داخل المشهد الايراني وهو اختناق استشعره أول ما استشعره المواطن الايراني البسيط والفقير والمعدم مع ارتفاع الاسعار هناك بشكل جنوني وظهور اسواق سوداء كانت وبالا على معيشة المواطنين. وعندما بدأ التململ الداخلي هناك مؤثرا على تحرك البركان سرعان ما استخدم «الديني» ليقمع «الاجتماعي» فخرج خطيب وإمام جمعة طهران كاظم صديقي ليهدد بـ «الدين»، قائلا «من لا ينصاع لأوامر الولي الفقيه لا تقبل صلاته». وهو مؤشر نقرأه على ان ثمة حراكا واحتجاجا خاف منه النظام فلجأ للديني كعادته لاستخدامه أداة قمع وأداة تطويع، مستفيدا ومستثمرا ما للفقيه من سلطة دينية ودنيوية عليا بلغت حد التقديس وربما أكثر، وإلاّ كيف نفسر وبماذا نفسر عبارة إمام جمعة طهران «من لا ينصاع لأوامر الولي الفقيه لا تقبل صلاته». وسوف نلاحظ انه كلما ازداد الاختناق داخل المشهد الايراني العام وعلى مستوى الجماهير من الفقراء والبسطاء والطبقة الوسطى كلما ضاعف نظام الملالي تدخلاته الفظة والسافرة في الشأن العربي الداخلي محاولا بشتى الطرق والسبل استفزاز النظام العربي وتوريطه معه في معركة مازال نظام الملالي يبحث عنها كشماعة، وربما ليلقي عليها بتبعات فشله وعجزه من إدارة أزماته الاقتصادية والمعيشية الطاحنة وربما يقنع المواطن الايراني البسيط الذي ضج بالشكوى من أوضاعه الاقتصادية بأن «المعركة مع العرب» هي السبب فينقل الغضب الشعبي الايراني من نظام الملالي الى النظام العربي بوصفه «شماعة» أو طوق إنقاذ له. ولذا يتوقع المراقبون ان يصعد نظام الملالي من تدخلاته في الشأن العربي وإثارة القلاقل والاضطرابات في البيت العربي بشكل أكثر استفزازاً في الاسابيع القادمة على امل ان يحدث «شيء» يطلبه نظام الملالي لانقاذه من بركانه الداخلي القادم بثورته لا محالة في ذلك. وسنظل عربيا ندفع ثمن المغامرة الايرانية الطائشة يخطط لها نظام الملالي وللأسف يقع في شراكها الكثيرون.