Sunday, May 20, 2012

إيران والاستفـاء على عروبـة الخليج

عبدالله الكعبي
لن أتطرق للمشاعر الجياشة التي عبر عنها البحرينيون أو الخليجيون على وجه العموم الداعمين لوحدة الخليج والتحول من التعاون إلى الاتحاد وإشادتهم بالخطوات العملية التي باركوها بقوة للشد من أزر قادتهم الذين خطوا الخطوة الصحيحة في الوقت المناسب لتجنيب الخليج العربي والأمة بكاملها ويلات التشرذم والشقاق والتشظي الذي عانت منه طوال تاريخها المعاصر، فمثل هذا التأييد أمر طبيعي لا يستغرب أن يصدر من أهل هذه الأرض الغيورين على وحدة أوطانهم والانتصار لها ضد أي مخطط يستهدفهم بشكل مباشر قبل أن يستهدف أنظمتهم السياسية.
ما يحتاج إلى وقفه هو ذلك الخروج عن المألوف الذي تبنته ثلة من الناس أخطأت سابقاً في حساباتها ولازالت تصر على ذلك الخطأ في الوقت الذي تدعي فيه الانتماء الكامل لهذا الوطن ولتلك المنظومة الخليجية المتفرعة من الوطن العربي الأم. فهذه المجموعة على ما يبدو فقدت كل ما لديها من حجج ولجأت في النهاية إلى التعبير عن ما تكنه دواخلها بمثل تلك الخطوات البائسة التي تعبر عن نفسها وعن النوايا الحقيقية التي غلفت تارة بالسلمية وتارة أخرى بوحدة الصف وعدم التفريق بين المذاهب.
لم يستغرب أحد ذلك التزامن بين مظاهرتي طهران وشارع البديع ولم يستطع المتابعين التفريق بين صور المظاهرتين اللتان حملتا نفس الشعارات والصور والدلالات الدالة على رفض الاتحاد الخليجي الذي يأتي في وقت غير مناسب بالنسبة لهم وهو الوقت الذي كانوا يعتزمون فيه إعلان اتحاد من نوع آخر يلحق البحرين بالجمهورية الإيرانية التي لم تسلم إلى الآن بإخفاق محاولاتها ولا تريد أن تظهر أمام جمهورها ومواليها بأن مخططاتها فشلت وذهبت أدراج الرياح.
الصراخ على قدر الألم هو أحسن توصيف للحالة الإيرانية الراهنة التي أصبحت تتخبط من دون أن تبصر أي نور أو ضوء في نهاية النفق المظلم الذي أدخلت نفسها فيه ولازالت تصر على أنه الطريق الأفضل بالنسبة لها لبلوغ أهدافها التي انكشفت أمام العالم أجمع ولم يعد هناك من يقف بجانبها سوى هذه المجموعات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك والتي إن لم تتنبه لموقع أقدامها فإنها ستجد نفسها عما قريب في نفس النفق الذي لا مخرج منه.
عروبة الخليج أو اتحاد دوله ليس شأناً إيرانياً ولا يمكن أن يكون كذلك. فإيران التي حاولت عبر سنواتها الماضية إرغام العالم على تسمية الخليج بالفارسي عادت اليوم لتقاضي محركات البحث وكل المقرين بعروبة الخليج في محاولة منها للضغط والترهيب والتخويف وهي السياسة التي ظنت إنها الأنسب لبلوغ المراد من وراء سياساتها الخاطئة. فالدعوات التي ترددت في طهران ووجدت لها صدى في شارع البديع كانت تنذر الدول العربية في الخليج من مغبة اتحادها وتلفت نظرها إلى ضرورة استشارة الشعوب وهو الأمر الذي تفتقده إيران التي حولت عبر سنوات حكمها الثلاثين الأخيرة الدولة بكاملها إلى زنزانة كبيرة حبست فيها الشعوب والمذاهب والقوميات والحريات والقوانين التي جيرت لصالح الثورة وأصحابها الذين كيفوا ما شاءوا أن يكيفوه لصالحهم حتى أضحت إيران أسوء بلد يمكن أن يعيش فيه إنسان لازال يمتلك ذرة من كرامة.
نصيحة للعقلاء في إيران إن وجدوا، أن يسعوا مخلصين لنصيحة قومهم لإعادة تلك الأحلام إلى قمقمها القديم ورميها من جديد في البحر، لأن خروجها إلى الملأ بهذه الصورة لم يعد مقبولاً ولا ينتظر منه نتائج تذكر وأن عليها الآن وليس بعد ذلك أن تحاول أن تتوسط لأتباعها ومريديها في كل دول العالم الإسلامي بأن يتم قبولهم في منظومات تلك الدول ويتناسوا إساءاتهم الكثيرة التي لم يوفروا منها شيئاً لليوم الأسود الذي يبدو أنه أصبح قريباً.
عروبة الخليج أو اتحاد دوله أو تحولها إلى ما يرون من منظومات هي شأن عربي لا شأن بالفرس وأعوانه فيه، وهو أمر يجب أن تفهمه إيران وكل القوى التي أرتنا في السنوات الماضية الكثير من سوء نواياها بنا وعملت على مسح وجودنا من الخريطة ولم تقدم في المقابل مبرراً لتلك الأعمال المشينة التي يجب أن تتوقف اليوم وتترك أهل الخليج ليحددوا مصائرهم بأنفسهم دون وصاية ولا مشورة تمليها تلك الأيادي الخبيثة.