Sunday, May 20, 2012

كلام في الاتحاد الخليجي

نوف بوعلاي
لقد أثبتت الفرحة التي عمت الشعب الخليجي بتلقي الأنباء الاولى لاتحادٍ مرتقب بين دول الخليج مدى تطلع ذلك الشعب لتحقق مثل هذا الاتحاد وتطبيقه على ارض الواقع. وبالرغم من أن معظم الناس - على الأقل هنا في البحرين - توقعوا إعلان الاتحاد بعد انتهاء القمة التشاورية الأخيرة التي أقيمت في الرياض؛ إلا أنهم لا زالوا فرحين ومتحمسين بتأكيد المصادر الرسمية أن ذلك الاتحاد بات قريباً وأنه سيبصر النور قبل نهاية العام الحالي. وبالطبع هناك العديد من الإجراءات والامور التي يجب أخذها بعين الاعتبار؛ أهمها – من منظوري الشخصي – ثلاث.
أولها الاتحاد العسكري وتوحيد الجيوش الخليجية، فقد تعلمنا الدرس هنا في البحرين بأقسى الطرق،  واتضح لنا أن المطامع الخارجية فينا أكبر مما توقعنا، وأن النفوس التي تتربص بنا الشر والأذى أقذر مما خمنا؛ فوجب على الجهود الخليجية أن تتوحد في مجابهة تلك المطامع والأخطار المحدقة بها جميعهاً دون استثناء. لقد كشفت إيران عن وجهها الحقيقي مؤخراً وبشكلٍ سافر، وقد وصل الأمر فعلاً إلى حدٍ لا يمكن الصمت حياله؛ مما يجعل الاتحاد العسكري مطلباً ملحاً يتعين النظر فيه قبل أي أمرٍ آخر.
وثانيها العملة الموحدة، وهو مطلبٌ قديم تأخر تطبيقه كثيراً؛ وذلك أمرٌ مبرر نظراً لكون ارتباط كل عملة خليجية بالعملات العالمية وتأثرها بها مختلف عن العملات الخليجية الأخرى. إلا أنه حان الوقت لتحقيق ذلك المطلب في سبيل خلق اقتصادٍ خليجي قوي يتماشى مع الاتحاد المنتظر؛ فقوة الاقتصاد تضاهي القوة العسكرية في أي اتحاد، ولنا في الاتحاد الأوروبي خير مثال على ذلك. كما أن العملة الموحدة ستسهم في قيام سوقٍ خليجيةٍ مشتركة تصب مخرجاتها في مصلحة كل دولة من دول الخليج؛ ولا أعتقد أن أي دولة من تلك الدول ترفض مثل هذا الإسهام الجيد الذي سيعم بالخير على اقتصادها.
أما ثالثها فهو توحيد التمثيل الدبلوماسي لدول الخليج، بحيث يكون للاتحاد سفيرٌ واحد يمثله في الخارج، ويكون للدول الاخرى بالمثل سفيرٌ واحد يمثلها لدى الاتحاد. ومن متطلبات هذا التمثيل أن تتوحد جوازات الدول الخليجية أيضاً بحيث يكون لكل مواطن خليجي جواز خليجي يمثل انتمائه للاتحاد؛ وبذلك تُلغى جوازات السفر الخاصة بكل دولة خليجية وتسهل حركة النقل الشخصي والتجاري بين دول الاتحاد. كما يجب بالنتيجة أن يوحد نظام تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد، ولنا في الاتحاد الأوروبي أسوةٌ في ذلك أيضاً.
بالطبع هناك العديد من الأمور الاجتماعية والتعليمية والإعلامية والحياتية التي يجب أن يلتفت اليها الاتحاد المرتقب ويعمل على تحقيقها؛ ولكنني طرحت هنا ما أعتقد أنه أكثر أهمية من غيره في هذه المرحلة الدقيقة من عمر خليجنا الأبي وشعبه.
لنعمل على أن يكون الكيان الذي ستعلنه دول الخليج في الأيام القادمة أقرب للاتحاد من أي وقتٍ مضى ... وهذا هو ملح الكلام.