Sunday, May 20, 2012

الأمن القومي البحريني ولحظة الحقيقة

فوزية رشيد
من دون أدنى شك، يتضح أن التصريحات الإيرانية المتناغمة مع تصريحات أدواتها في البحرين، وتلاقي الطرفين في نقطة التقاء زمنية واحدة هي الجمعة الماضية، استجابة للدعوة الإيرانية، إلى الخروج في مظاهرات «مضادة» للاتحاد الخليجي، تطرح الكثير من الأمور وخاصة بعد خروجها من طور المراوغة في تهديد الأمن القومي البحريني، إلى طور الإعلان المباشر سواء بتناغم اللغة السياسية والحراك الميداني بين طهران وأدواتها في البحرين، أو بإبراز الوجه الوقح في ذلك التناغم، وتنصل الأدوات والخلايا الإيرانية في البحرين من أي حس وطني أو انتماء خليجي عربي، وبما يفضح حجم التهديدين الإيراني والداخلي المتناغمين لكل مقومات السيادة والاستقلال، على الرغم من رفع «الوفاق وأتباعها» عنوانيهما بصفة الدفاع عنهما كذباً، بعد تعريضهما لأكبر انتهاك قانوني وسياسي في التاريخ البحريني.
كل العناوين التي تمرسوا على اختراقها وضربها عبر التدريبات الفكرية والمصطلحية التي تلقوها سواء في المدرسة الأمريكية أو المدرسة الإيرانية، هم رفعوها ويرفعونها فقط ليدرأوا عن أنفسهم تهمة القيام بها، في إطار لعبة حرب نفسية اعتادوها باستباق الهجوم فيما يشعرون بأنهم قد يتم اتهامهم به، فيوجهونه إلى الأطراف الأخرى وإلى الدولة.
هؤلاء الذين خرقوا بكل الطرائق سيادة البحرين واستقلالها من خلال عملهم كأدوات مدفوعة الثمن، لتحقيق أجندات خارجية، يرفعون اليوم شعار (الحفاظ على السيادة والاستقلال) في الوقت الذي لا يجرؤون فيه كأبسط مثال على إدانة التصريحات الإيرانية الوقحة، وإعلان نيتها ضم البحرين إلى ايران، يقلبون الحقيقة ويضعون التهمة على السعودية وعلى الاتحاد الخليجي العربي باعتبار أن الاتحاد الخليجي تهديد لسيادة واستقلال البحرين، أما التهديدات الإيرانية المباشرة، وأطماعها التاريخية المعلنة في البحرين، فلا تهددان السيادة والاستقلال.
من جانب آخر هم يرفعون شعار (هذا الوطن ما نبيعه) الذي كان شعاراً لمسيرتهم يوم الجمعة الماضية لرفض الاتحاد الخليجي، وعنونته بالاتحاد بين البحرين والسعودية والتنديد بذلك، فيما كل كوارث هذا الوطن تمت على أيديهم منذ أن قامت الحركة الخمينية الانقلابية في إيران، ومنذ أن ارتبطوا بها وبمرجعيتها وبأطماعها عقديا وسياسيا، ولأنهم يعرفون جيداً في دخيلة أنفسهم أنهم (تجار شنطة سياسية) لبيع الوطن ومحاولة إلحاقه بالجار الطامع، الذي لا يفوت فرصة لإعلان مطامعه في البحرين، ولأنهم يعرفون في دخيلة أنفسهم أيضا أنهم متماهون مع تلك الأطماع الإيرانية في وطنهم، ورغم ذلك فهم مستعدون لإتمام الصفقة التي لا عنوان لها سوى (الخيانة العظمى) قانونا ودستورا ووطنيا وشعبيا، فإنهم وحدهم من دون غيرهم يتبجحون برفع مثل هذا الشعار الكاذب (هذا الوطن ما نبيعه).
أما الشرفاء ومن كل المكونات الذين يريدون الاتحاد الخليجي بعد أن حلموا به طويلاً، فلا يرفعون شعارات كهذه لأنهم يعرفون في دخيلة أنفسهم أن الاتحاد الخليجي لا يمثل تهديداً لهم ولوطنهم بأي شكل، وإنما هو تقوية لوطنهم في وجه من يريد اختراق سيادته واستقلاله، مثلما هو تأكيد لانتمائه العروبي الخليجي وعمقه الاستراتيجي الطبيعي وبُعده التاريخي، وفي هذا تطرح المفارقة نفسها بقوة: الذين يوالون أصحاب الأطماع الإيرانية أو الأجنبية هم الذين يرفعون شعارات السيادة والاستقلال والادعاء بعدم بيع الوطن أي ادعاء الوطنية، ولا ينبسون في ذات الوقت بحرف واحد ضد التصريحات والنيات الإيرانية المعلنة، ثم يقولون إن الاتحاد الخليجي العربي يعتبر تعديا صارخا على سيادة واستقلال البحرين.
حين العودة إلى تصريحات مجلس الشورى الإيراني مؤخراً وتصريحات (محمد سند) من النجف، ومقتدى الصدر، وحسن نصرالله، وبقية الجوقة الطائفية في المنطقة، إلى جانب بيانات وخطابات ومسيرات الجوقة الداخلية: الوفاق وأتباعها، وحيث تصريح (وعد) يثبت التهمة ولا يلغيها، لأنه مجرد محاولة لإخراج «الوفاق» من مأزقها الوطني المحتوم، فإننا بكل تلك التصريحات الراهنة، والقائمة على خلفية تصريحات أقدم وأخرى تاريخية، إلى جانب الحراك الميداني الإرهابي المدعوم بكل الوسائل من إيران وعملائها في المنطقة، فإن الشيء الوحيد المؤكد أن هؤلاء قد وصلوا إلى «المرحلة النهائية» في مخططهم بتهديد الأمن القومي البحريني، فلم تكن مسألة إسقاط النظام الذي فشل حراكهم فيه وسقط في الدوار، إلا المرحلة الأولى وحيث الثانية محاولة إسقاط الحياة البحرينية الطبيعية وفي كل جوانبها وعلى النمط العراقي، أما المرحلة الثالثة فهي محاولة إلحاق البحرين بإيران أو ضمها كما جاء على لسان (لاريجاني)، ليأتي إعلان الاتحاد الخليجي، فيسرع في دمج المراحل الثلاث معاً، ولأن التسريع والكشف الكامل عن المخطط في غير أوانه هما مأزق بحد ذاته، فإن هؤلاء الذين يمثلون الأداة والجوقة الداخليتين، ارتبكت أوراقهم وخاصة مع الكشف الإيراني الصريح والمعلن لحقيقة استخدامهم، وسقوط الكثير من حججهم الداخلية، فلم يجدوا وسيلة للخروج من مأزقهم الوطني الفادح، وانكشاف كامل أوراقهم، إلا بزيادة العيار في رفع الشعارات الكاذبة التي هي بهتان عظيم، بالدفاع عن السيادة والاستقلال وعدم بيع الوطن، مع انتهاك تلك الشعارات بالطبع يوميا على أرض الواقع، متزامنا مع الهجوم الاستباقي على الاتحاد الخليجي الذي خلخل أدمغتهم ومخططاتهم.
وفي هذا نقول:
لقد وصلنا إلى مقدمات المرحلة الثالثة بما يخص إيران التي تسارع إلى حرق الأوراق فيها كالعادة، وهؤلاء يصرخون من الألم ويعرفون جيداً في دواخلهم حجم خيانتهم للوطن، وحجم تهديدهم للأمن القومي البحريني، ويعرفون أن لحظة الحقيقة قد أزفت، ولهذا على الدولة وعلى الشعب الوطني المخلص، ألا يكتفيان بالرد على شعاراتهم وادعاءاتهم السخيفة والمشفوعة بتصعيد الإرهاب في الشارع في الفترة القادمة، بل أن يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمنعهم من استمرار اللعبة القذرة التي يلعبونها على الوعي العالمي، فهم مكشوفون تماماً في الداخل، فهؤلاء لن يكتفوا بشعار إسقاط النظام ومحاولة الوصول إليه، ولن يكتفوا بتخريب الحياة البحرينية، وما أكثر تخريبهم فيها منذ ظهورهم بعد «انقلاب الخميني»! ولن يكتفوا بالإرهاب، بل إنهم اليوم وبكل وقاحة وإلى جانب ما سبق يهددون الأمن القومي البحريني مباشرة، ويتلقون أوامرهم وبشكل معلن من طهران، وعلى الفضائيات، وما مسيراتهم وآخرها الجمعة الماضية إلا إذعان مباشر للأوامر الطهرانية، وكشف لحجم الرعونة التي وصلوا إليها وحجم الكذب والتزوير، وعلى الدولة التصرف على هذا الأساس وليس غيره، أي على أساس حفظ الأمن القومي الذي زادت المخططات لضربه، وأصبح التصرف في تهديده بشكل معلن.