Thursday, May 31, 2012

احذروا الهوليغتر في المدارس

صلاح الجودر
في عام 2003 وبالتحديد في يوم 4 يناير عرض تلفزيون البحرين حلقة خاصة عن ظاهرة (الهوليغيز) التي بدأت ملامحها بأعمال الشغب والتخريب في الشوارع، حرق الإطارات ورمي الحجارة وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، فعرض تلفزيون البحرين حينها صور العنف والتخريب، واستطلع معها آراء الجمعيات الأهلية والسياسية والصناديق الخيرية والمواطنين الذين شجبوا الأعمال الإرهابية والتخريبية القادمة مع مشروع تغير هوية أبناء المنطقة. ظاهرة الهوليغنز والعنف المجتمعي لم تقف ولم تتلاش، ولكنها استمرت وتصاعدت حينما اختلطت بسموم وأدواء العصر حتى طالت المدارس الحكومية، في ظاهرة مجتمعية غريبة، فحسب آخر الإحصائيات التي نشرتها الصحف المحلية الأسبوع الماضي تبين أن عدد حالات الاعتداء على المدارس خلال العام الدراسي الحالي(2011-2012م) بلغ 83 مدرسة، وأغلبها جاءت من خارج الحقل التعليمي برمي القنابل الحارقة (المالتوف)، والسبب هو لنشر الثقافة العنفية بين الطلبة لتغير هويتهم. ظاهرة الهوليغنز والعنف المجتمعي انتشرت في بادئ الأمر في الدول الغربية بين الفئات الشبابية الممتلئة بالحيوية والنشاط، وتم تطعيمها بفيروسات العنف والتطرف في المدارس، وسرعان ما خرجت على المجتمع تدمر كل ما يعترض طريقها، ولكن تصدت لها المجتمعات الغربية بعلاجات مجتمعية قائمة على تعزيز العلاقة بين البيت والمدرسة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. عند دراسة هذه الظاهرة في المجتمعات نرى أن أبرز معاولها هم فئة الشباب والناشئة الذين تبنوا الفكر العنفي، واعتقدوا بأنها من البطولات التاريخية التي يجدونها في الأفلام الأمريكية، والحقيقة أنها متعة عبثية تسعى لتدمير المجتمع وتخريب مؤسساته، وأبرزها المؤسسات التعليمية. للبحث عن مخارج للسلوكيات الغريبة ومنها ظاهر الهوليغتر والعنف المجتمعي لا بد من أجراء الدراسات وعمل اللقاءات بين البيت والمدرسة، ودراسة كل حالة بمفردها، ومن ثم إعادة غرس مبادئ الدين وأسس الأخلاق والقيم من جديد، والتحذير من الثقافة المستوردة من بعض القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية. المتأمل في معتنقي الهوليغتر والعنف المجتمعي يرى أن أتباعها يعودون في الأصل إلى بيئات منغلقة على ذاتها، فيرفض أصحابها الحوار والجلوس مع الآخر المختلف، بل أن أصحابها يتملكهم الخوف عند مناقشة هذه الظاهرة، لذا يلجؤون إلى العنف لقطع الطريق على دعاة التسامح والتعايش. الحلول كثيرة ولكن يبقى الحل الأمني هو آخرها، لذا يثار تساؤل كبير لماذا لا يتم مواجهة هذا الفكر بطرحه على أعلى المستويات، والحديث عنها كداء ووباء تم نثره في المجتمع وداخل شرايينه، العنف ليس مقتصراً على فئة أو مذهب أو فكر، ولكن يمكن أن يصيب أي فرد، لذا هو ينتقل من فرد إلى آخر، فالحديث عن العنف ليس من أجل توجيه الاتهام لجماعة بعينها، ولكن لمن يحمل هذا الفكر، لذا العلاج الذي يقوم به الطبيب في بعض حالته يحتاج إلى فتح الجرح إلى العظم ليرى حجم الإصابة، ومن ثم يصف الدواء والعلاج. لزاما على أصحاب المواقع الحساسة والمسؤوليات الكبرى في المجتمع تلمس الجرح وبكل جرأة، والبحث عن الأسباب دون النظر إلى الآثار، فما حدث في المدارس الحكومية (83مدرسة) يعتبر عدوانا وإجراماً ليس في حق المدارس ووزارة التربية والتعليم فقط، وليس في حق الوطن ومكتساباته، ولكنه جريمة في حق الطلبة والطالبات الذين ينهلون العلم أسوة بطلبة العالم المتحضر. ما وقع في تلك المدارس يدعونا للتأمل في تلك الأحداث ومرتكبيها، ولنتساءل هل هناك فرد بحريني يرضى بأن يرى المؤسسة التعليمية وهي تتعرض للتخريب والتدمير؟!، ثم ما هدف المخربين والتدميريين من ذلك؟ لا يمكن أن يكون العنف قانوناً وعرفاً بين الناس، ولا يمكن أن يكون دينا او عقيدة بين البشر، ولكنه خلل أصاب مجموعة من الصبية بعد الترويج لهم بأنها أوامر إلهية وواجب شرعي وتكليف ديني! فإذا كان هذا هو التعدي على مراكز التعليم، وتلك أسبابها وآثارها فإن الواجب على أبناء هذا الوطن المخلصين السعي لتحصينها والدفاع عنها، والتصدي للعنف وتجفيف منابعه، فالمسؤولية ليست على وزارة التربية والتعليم من خلال تأمين المدارس والمعاهد والجامعات، وليست على وزارة الداخلية من خلال حراسة تلك المؤسسات ومنع المخربين من إلحاق الأذى بها، ولكن هناك مسؤولية تقع على أولياء أمور الطلبة من خلال مراقبة أبنائهم ومتابعتهم، فالجميع اليوم يعلم بأن دعاة العنف والتطرف يسعون لتخريب المؤسسات التعليمية وشل حركة التنمية في الوطن، وهذا هدفهم من رمي القنابل الحارقة على المدارس.